المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب فيما لو ادعى الاستثناء وأنكرته الزوجة] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٣

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك]

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]

- ‌بَابُ الْوَلِيِّ

- ‌[فُرُوعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْكَفَاءَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمَهْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي السَّفَرِ بِالزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُرْسِلُهُ إلَى الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ

- ‌فُرُوعٌ] الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَهْرِ السِّرِّ وَمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ

- ‌[مَطْلَبُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات]

- ‌بَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاق]

- ‌[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

- ‌[مَحِلّ الطَّلَاق]

- ‌[أَهْل الطَّلَاق]

- ‌[رُكْن الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ السَّكْرَانِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]

- ‌بَابُ الْكِنَايَاتِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ

- ‌بَابُ التَّعْلِيقِ

- ‌[مطلب فِي أَلْفَاظ الشَّرْط]

- ‌[مَطْلَبٌ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُبَانَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حِيلَةُ إسْقَاطِ عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ إقْرَارٌ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ]

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَائِدَةٌ فِي شُرَطُ قَبُول الْخُلْعَ وألفاظه]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْمَرِيضَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] : قَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ قَالَهُ ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ:

- ‌[بَاب كَفَّارَة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ:

- ‌[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ:

- ‌[مطلب فِي عدة الْمَوْت]

- ‌[مَطْلَبٌ عِدَّةُ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا هَلْ تَعْتَدُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَ الْمُعْتَدَّة بِجِوَارِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌[فَرْعٌ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَشَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ شَرَاهَا]

- ‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَبِالْغَيْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُؤْنِسَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إرْضَاعِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كِنَايَاتِ الْإِعْتَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]

- ‌بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بِعْت مِنْك نَصِيبِي]

- ‌بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعَلٍ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحُلْف بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] .قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا غُلَامِي بَعْدَ مَوْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[فُرُوعٌ] أَرَادَ وَطْءَ أَمَتِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ]حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

- ‌[فُرُوعٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَالْآخَرُ بَصَلًا وَالْآخَرُ فِلْفِلًا فَطُبِخَ حَشْوٌ فِيهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَكَلُوا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ] قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا

الفصل: ‌[مطلب فيما لو ادعى الاستثناء وأنكرته الزوجة]

وَأَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ بِالطَّلَاقِ فَأَنْشَأَ لَهُ الْغَيْرُ ظَانًّا صِحَّتَهُ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ. اهـ.

قُلْت: وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ شَهِدَ بِهَا وَهُوَ لَا يَذْكُرُهَا، إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَدْرِي مَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ لِغَضَبٍ جَازَ لَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا لَا بَحْرٌ

(وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَاهُ) وَأَنْكَرَتْهُ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ حَلَفَ وَأَنْشَأَ لَهُ آخَرُ

(قَوْلُهُ وَأَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ، وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ مَا لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى إفْتَاءِ مُفْتٍ بِعَدَمِ حِنْثِهِ بِهِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْإِفْتَاءِ إذْ الْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَعَدَمِهَا لَا عَلَى الْأَهْلِيَّةِ. قَالُوا: وَمِنْهُ قَوْلُ غَيْرِ الْحَالِفِ لَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يُخْبِرُهُ بِأَنَّ مَشِيئَةَ غَيْرِهِ تَنْفَعُهُ فَيَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ اعْتِمَادًا عَلَى خَبَرِ الْمُخْبِرِ اهـ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَفَاءِ، لِأَنَّ قَوْلَهُ ظَانًّا صِحَّتَهُ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي لَهُ وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِالْإِخْبَارِ كَمَا عَلِمْته، وَقَوْلُهُ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَأَفْتَى (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُقَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ ذَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونًا، فَإِذَا كَانَ يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ مُكْرَهًا وَنَحْوَهُ فَكَيْفَ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ قَصْدًا مَعَ ظَنِّ عَدَمِ الْحِنْثِ؟ نَعَمْ صَرَّحُوا فِي الْأَيْمَانِ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى مَاضٍ أَوْ حَالٍّ يَظُنُّ نَفْسَهُ صَادِقًا لَا يُؤَاخَذُ فِيهَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ: طَلَاقٌ وَعَتَاقٌ وَنَذْرٌ، وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ إذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ خِلَافُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِحَالٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْحَالِ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ.

قُلْت: وَمُقْتَضَى هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ مَنْ وَصَلَ فِي الْغَضَبِ إلَى حَالَةٍ لَا يَدْرِي فِيهَا مَا يَقُولُ يَقَعُ طَلَاقُهُ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى اعْتِمَادِ قَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مَعَ أَنَّهُ مَرَّ أَوَّلَ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْمَدْهُوشِ.

وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِيمَنْ طَلَّقَ وَهُوَ مُغْتَاظٌ مَدْهُوشٌ لِأَنَّ الدَّهَشَ مِنْ أَقْسَامِ الْجُنُونِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ لَا يَدْرِي فِيهَا مَا يَقُولُ كَانَ فِي حُكْمِ الْمَجْنُونِ، وَقَدَّمْنَا الْجَوَابَ هُنَاكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا هُنَا أَنَّهُ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ بِأَنْ لَا يَقْصِدَهُ وَلَا يَفْهَمَ مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يَكُونُ كَالنَّائِمِ وَالسَّكْرَانِ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ قَدْ يَنْسَى مَا يَقُولُ لِاشْتِغَالِ فِكْرِهِ بِاسْتِيلَاءِ الْغَضَبِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

مَطْلَبٌ فِيمَنْ لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ. (قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَخْ) قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الْمِنَحِ: لَمْ يَذْكُرْ أَهُوَ بِيَمِينِهِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْكَمَالِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ، وَيَنْبَغِي عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنْ يَكُونَ بِيَمِينِهِ إذَا أَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُنْكِرْهُ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا اتَّهَمَهُ الْقَاضِي. اهـ. (قَوْلُهُ إنْ ادَّعَاهُ وَأَنْكَرَتْهُ) أَيْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ، وَمِثْلُهُ الشَّرْطُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ. وَقَيَّدَ بِإِنْكَارِهَا لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُنَازِعٌ فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ.

قُلْت: لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُلْتَقَطِ إذَا سَمِعَتْ الْمَرْأَةُ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَسْمَعْ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَسَعُهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ الْوَطْءِ اهـ أَيْ فَيَلْزَمُهَا مُنَازَعَتُهُ إذَا لَمْ تَسْمَعْ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ خَالَعَ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ أَوْ شَهِدُوا بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ تُقْبَلُ، وَهَذَا مِمَّا تُقْبَلُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى أَمْرٌ وُجُودِيٌّ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ الشَّفَتَيْنِ عَقِيبَ التَّكَلُّمِ بِالْمُوجِبِ، وَإِنْ قَالُوا طَلَّقَ

ص: 369

(فِي ظَاهِرِ الْمَرْوِيِّ) عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ (وَقِيلَ لَا) يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ) وَالْفَتْوَى احْتِيَاطًا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ خَانِيَّةٌ، وَقِيلَ إنْ عُرِفَ بِالصَّلَاحِ فَالْقَوْلُ لَهُ

(وَحُكْمُ مَا لَمْ يُوقَفْ عَلَى مَشِيئَتِهِ) فِيمَا ذُكِرَ (كَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ) وَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِدَارِ وَالْحِمَارِ (كَذَلِكَ) وَكَذَا إنْ شَرَكَ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ زَيْدٌ لَمْ يَقَعْ أَصْلًا؛ وَمِثْلُ إنْ إلَّا، وَإِنْ لَمْ، وَإِذَا،

ــ

[رد المحتار]

وَلَمْ نَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ كَلِمَةِ الْخُلْعِ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي الِاسْتِثْنَاءَ فَالْقَوْلُ لَهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ قَالَهُ وَلَمْ يَسْمَعُوهُ وَالشَّرْطُ سَمَاعُهُ لَا سَمَاعُهُمْ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ عَقِبَهُ: وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَفِي الْفُصُولِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

قُلْت: وَكَذَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا ظَهَرَ مِنْهُ دَلِيلُ صِحَّةِ الْخُلْعِ كَقَبْضِ الْبَدَلِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَالْمُرَادُ ذِكْرُ الْبَدَلِ لَا حَقِيقَةُ الْأَخْذِ، فَعَلَى هَذَا إذَا ذَكَرَ الْبَدَلَ وَقْتَ الطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً فِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إلَخْ) قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: حَيْثُمَا وَقَعَ خِلَافٌ وَتَرْجِيحٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ إلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ مَا عَدَاهَا لَيْسَ مَذْهَبًا لِأَصْحَابِنَا. وَأَيْضًا كَمَا غَلَبَ الْفَسَادُ فِي الرِّجَالِ غَلَبَ فِي النِّسَاءِ، فَقَدْ تَكُونُ كَارِهَةً لَهُ فَتَطْلُبُ الْخَلَاصَ مِنْهُ فَتَفْتَرِي عَلَيْهِ فَيُفْتِي الْمُفْتِي بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّذِي هُوَ الْمَذْهَبُ وَيُفَوِّضُ بَاطِنَ الْأَمْرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَتَأَمَّلْ وَأَنْصِفْ مِنْ نَفْسِكَ اهـ.

قُلْت: الْفَسَادُ وَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيقَيْنِ لَكِنْ أَكْثَرُ الْعَوَامّ لَا يَعْرِفُونَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُبْطِلٌ لِلْيَمِينِ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُهُ ذَلِكَ حِيلَةً بَعْضُ مَنْ لَا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى وَأَيْضًا فَإِنَّ دَعْوَى الزَّوْجِ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ بِدَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ يَدَّعِي إبْطَالَ الْمُوجِبِ بَعْدَ الِاعْتِرَافِ بِهِ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ كَدُخُولِهَا الدَّارَ مَثَلًا، فَإِنَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَنْعَقِدْ الْمُوجِبُ لِلطَّلَاقِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الدُّخُولِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ أَمَّا هُنَا فَالظَّاهِرُ خِلَافُ قَوْلِهِ وَإِذَا عَمَّ الْفَسَادُ يَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَى الظَّاهِرِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: نَقَلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ مَشَايِخَنَا أَجَابُوهُ فِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ فِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ الزَّوْجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَقَدْ فَسَدَ حَالُ النَّاسِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ عُرِفَ بِالصَّلَاحِ إلَخْ) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ عَقِبَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا، وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنْ يَنْظُرَ، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَالشُّهُودُ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى النَّفْيِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ تَصْدِيقًا لَهُ، وَإِنْ عُرِفَ بِالْفِسْقِ أَوْ جُهِلَ حَالُهُ فَلَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ فِي هَذَا الزَّمَانِ اهـ

قُلْت: وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَحْقِيقٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّ الْمَشَايِخَ عَلَّلُوهُ بِفَسَادِ الزَّمَانِ: أَيْ فَيَكُونُ الزَّوْجُ مُتَّهَمًا، وَإِذَا كَانَ صَالِحًا تَنْتَفِي التُّهْمَةُ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا قَوْلًا ثَالِثًا فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ وَحُكْمُ مَنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَى مَشِيئَتِهِ إلَخْ) تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ، فَإِنَّ الْبَارِيَ عز وجل مِمَّنْ لَا يُوقَفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ. وَأَفَادَ بِالتَّمْثِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ مَا يَعُمُّ مَنْ لَهُ مَشِيئَةٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا كَإِنْ شَاءَ الْإِنْسُ وَمَنْ لَا مَشِيئَةَ لَهُ أَصْلًا كَإِنْ شَاءَ الْجِدَارُ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ) مُتَعَلِّقٌ بِحُكْمٍ وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ ح (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَالْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ ح (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ شَرِكَ) بِأَنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى مَثَلًا وَمَشِيئَةِ مَنْ يُوقَفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ أَصْلًا) أَيْ وَإِنْ شَاءَ زَيْدٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إنْ إلَّا) أَيْ إذَا قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَهُوَ مِثْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ إلَّا الْمُرَكَّبَةُ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ} [الأنفال: 73]

[تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ إلَّا نَاسِيًا فَكَلَّمَهُ نَاسِيًا ثُمَّ كَلَّمَهُ ذَاكِرًا حَنِثَ، بِخِلَافِ إلَّا أَنْ أَنْسَى فَلَا يَحْنَثُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَطْلَقَ وَاسْتَثْنَى الْكَلَامَ نَاسِيًا فَقَطْ، وَفِي الثَّانِي وَقَّتَ الْيَمِينَ بِالنِّسْيَانِ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ بِمَعْنَى حَتَّى فَيَنْتَهِي الْيَمِينُ بِالنِّسْيَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ) أَيْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَقَعُ شَيْءٌ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِلِاسْتِثْنَاءِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّا

ص: 370

وَمَا، وَمَا لَمْ يَشَأْ وَمِنْ الِاسْتِثْنَاءِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا أَبُوك، أَوْ لَوْلَا حُسْنُك، أَوْ لَوْلَا أَنِّي أُحِبُّك لَمْ يَقَعْ خَانِيَّةٌ، وَمِنْهُ: سُبْحَانَ اللَّهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْوَاهُ

(قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا) إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَحُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَعَتَقَ الْعَبْدُ (عِنْدَ الْإِمَامِ) لِأَنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ لَغْوٌ، وَلَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ تَوْكِيدًا لِلْفَصْلِ بِالْوَاوِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ حُرٌّ حُرٌّ أَوْ حُرٌّ وَعَتِيقٌ لِأَنَّهُ تَوْكِيدٌ وَعَطْفُ تَفْسِيرٍ فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ (وَكَذَا) يَقَعُ الطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتَ طَالِقٌ) فَإِنَّهُ تَطْلِيقٌ عِنْدَهُمَا

ــ

[رد المحتار]

لَوْ أَوْقَعْنَاهُ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَهُ لِأَنَّ الْوُقُوعَ دَلِيلُ الْمَشِيئَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاقِعٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ عَلَّقَ بِعَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقَ لَا بِمَشِيئَتِهِ جَلَّ وَعَلَا فَيَبْطُلُ الْإِيقَاعُ ضَرُورَةً بَحْرٌ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّلْوِيحِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى فِي الظَّرْفِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمَا) أَيْ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَقَعُ، أَمَّا عَلَى كَوْنِهَا مَصْدَرِيَّةً ظَرْفِيَّةً فَظَاهِرٌ لِلشَّكِّ وَأَمَّا عَلَى كَوْنِهَا مَوْصُولًا اسْمِيًّا فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ الَّذِي شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمَشِيئَتُهُ لَا تُعْلَمُ فَلَا يَقَعُ، إذْ الْعِصْمَةُ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ، أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَشَأْ) وَمَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ مُدَّةَ عَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ طَلَاقَك، وَالْوَجْهُ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ مَا ذُكِرَ فِي إنْ لَمْ ط (قَوْلُهُ لَوْلَا أَبُوك إلَخْ) إنَّمَا كَانَ هَذَا اسْتِثْنَاءً لِأَنَّ لَوْلَا تَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ الْجَزَاءِ الَّذِي هُوَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ وُجُودُ الْأَبِ أَوْ حُسْنِهَا ط (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْوَاهُ) كَأَنَّ الشَّارِحَ رَأَى ذَلِكَ فِي فَتْوَى مَعْزُوَّةٍ إلَى ابْنِ الْهُمَامِ لِأَنَّا لَمْ نَسْمَعْ أَنَّ لَهُ كِتَابَ فَتَاوَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْهُ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، حَيْثُ قَالَ وَيَتَرَاءَى خِلَافٌ فِي الْفَصْلِ بِالذِّكْرِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ مُسْتَثْنًى دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَفِي الْفَتَاوَى: لَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَ رَجُلًا وَيَخَافَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي السِّرِّ يُحَلِّفُهُ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَذْكُرَ عَقِبَ الْحَلِفِ مَوْصُولًا سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْكَلَامِ وَالْأَوْجَهُ أَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْفَصْلِ بِالذِّكْرِ اهـ فَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّ نَحْوَ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَقِبَ الْيَمِينِ فَاصِلٌ مُبْطِلٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ، أَمَا إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَوْكِيدٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ حُرٌّ حُرٌّ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقِيَاسُهُ إذَا كَرَّرَ ثَلَاثًا بِلَا وَاوٍ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ اهـ وَقَوْلُهُ وَعَطْفُ تَفْسِيرٍ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ حُرٌّ وَعَتِيقٌ، فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ: حُرٌّ وَحُرٌّ مِنْ عَطْفِ التَّفْسِيرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ لَفْظُ إنْ شَاءَ اللَّهُ هَلْ هُوَ إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ تَطْلِيقٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إبْطَالٌ عِنْدَهُمَا: أَيْ رَفْعٌ لِحُكْمِ الْإِيجَابِ السَّابِقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَعْلِيقٌ، وَلِهَذَا شَرَطَ كَوْنَهُ مُتَّصِلًا كَسَائِرِ الشُّرُوطِ.

وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِلْوُصُولِ إلَى مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى فَكَانَ إبْطَالًا، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ، وَعَلَى كُلٍّ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي مِثْلِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، نَعَمْ تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي مَوَاضِعَ.

مِنْهَا مَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ، كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ. فَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ فَلَا يَخْتَلِفُ. وَعِنْدَهُ يَقَعُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْفَاءِ فِي مَوْضِعِ وُجُوبِهَا.

وَمِنْهَا مَا إذَا حَلَفَ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ وَقَالَهُ حَنِثَ عَلَى التَّعْلِيقِ لَا الْإِبْطَالِ كَمَا يَأْتِي، هَذَا مَا قَرَّرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ الْهُمَامِ وَغَيْرُهُمَا، وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ حَيْثُ قَالَ: وَيَجْعَلُ: أَيْ أَبُو يُوسُفَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِلتَّعْلِيقِ وَهُمَا لِلْإِبْطَالِ وَبِهِ يُفْتِي. فَلَوْ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ كَذَا بِلَا فَاءٍ يَقَعُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَلْغُو عَلَى الثَّانِي اهـ لَكِنْ ذَكَرَ فِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ عَكْسَ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ يَجْعَلُهُ تَعْلِيقًا وَهُمَا تَطْلِيقًا، وَحَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مُقَابَلَةَ التَّعْلِيقِ بِالتَّطْلِيقِ تَقْتَضِي عَدَمَ الْوُقُوعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْقَائِلِ بِالتَّعْلِيقِ وَالْوُقُوعِ عَلَى قَوْلِهِمَا،

ص: 371

تَعْلِيقٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِاتِّصَالِ الْمُبْطِلِ بِالْإِيجَابِ فَلَا يَقَعُ كَمَا لَوْ أَخَّرَ، وَقِيلَ الْخِلَافُ بِالْعَكْسِ، وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الْوُقُوعِ إذَا قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ، فَإِنْ أَتَى بِهَا لَمْ يَقَعْ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ والشُّرُنبُلالِيَّة وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ. وَثَمَرَتُهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَحْلِفُ

ــ

[رد المحتار]

عَلَى أَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ فِي شَرْحِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ أَدْرَى، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ حَيْثُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَجْعَلُهُ تَعْلِيقًا لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لَمَّا اتَّصَلَ بِالْإِيجَابِ أَبْطَلَ حُكْمَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَجَعَلَاهُ تَنْجِيزًا لَمَّا انْتَفَى رَابِطُ الْجُمْلَتَيْنِ وَهُوَ الْفَاءُ بَقِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مُنَجَّزًا. اهـ.

وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَإِنْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ بِدُونِ حَرْفِ الْفَاءِ فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَبِهِ نَأْخُذُ. وَفِي الْمُحِيطِ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ فِي الْقَضَاءِ وَيَدِينُ إنْ أَرَادَ بِهِ الِاسْتِثْنَاءَ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْقُدُورِيِّ. وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا تَطْلُقُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَتَطْلُقُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ اهـ وَمِثْلُهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ. وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ قَبْلَ هَذَا أَوَّلَ بَابِ التَّعْلِيقِ مِثْلَ مَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَائِلٌ بِأَنَّ الْمَشِيئَةَ تَعْلِيقٌ وَلَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي التَّخْرِيجِ عَلَى قَوْلِهِ، فَقِيلَ تَلْزَمُ الْفَاءُ فِي الْجَوَابِ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ فَيَقَعُ بِدُونِهَا، وَقِيلَ لَا فَلَا يَقَعُ وَإِنَّ مُحَمَّدًا قَائِلٌ بِأَنَّهَا إبْطَالٌ.

وَاخْتُلِفَ فِي التَّخْرِيجِ عَلَى قَوْلِهِ، فَقِيلَ إنَّمَا تَكُونُ إبْطَالًا وَإِنْ صَحَّ الرَّبْطُ بِوُجُودِ الْفَاءِ فِي الْجَوَابِ، فَلَوْ حُذِفَتْ فِي مَوْضِعِ وُجُوبِهَا وَقَعَ مُنَجَّزًا وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهَا حِينَئِذٍ لِلتَّطْلِيقِ، وَقِيلَ إنَّهَا عِنْدَهُ لِلْإِبْطَالِ مُطْلَقًا فَلَا يَقَعُ وَإِنْ سَقَطَتْ الْفَاءُ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقِيلَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ مَعَ مُحَمَّدٍ، وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعْلِيقِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ اخْتِلَافِ التَّخْرِيجِ وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَائِلٌ بِأَنَّهَا لِلْإِبْطَالِ وَأَنَّهُ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ بِذَلِكَ، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَمِعْته عَلَى أَنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْخَانِيَّةِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّهَا عِنْدَهُ لِلتَّعْلِيقِ، وَكَذَا مَا فِيهِ مِنْ أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ غَلَطٌ، وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ، فَهُوَ بَعِيدٌ لِمَا عَلِمْت مِنْ مُوَافَقَتِهِ لِعِدَّةِ كُتُبٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَلِتَصْرِيحِ الْقُدُورِيِّ بِهِ بَلْ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى صَاحِبِ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمْ، فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامُ الْأَفْهَامِ (قَوْلُهُ لِاتِّصَالِ الْمُبْطِلِ بِالْإِيجَابِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ تَعْلِيقٌ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُبْطِلِ لَفْظُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ وَإِنْ سَقَطَتْ الْفَاءُ مِنْ جَوَابِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة فَيَلْغُو الْإِيجَابُ وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ، فَلَا يَقَعُ.

وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيقِ الْوُقُوعُ عِنْدَ عَدَمِ الْفَاءِ لِعَدَمِ الرَّبْطِ. وَأَجَابَ الرَّمْلِيُّ بِمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إعْدَامُ الْحُكْمِ لَا التَّعْلِيقِ، وَفِي الْإِعْدَامِ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَرْفِ الْجَزَاءِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ فَافْتَرَقَا اهـ.

قُلْت: وَهَذَا عَلَى أَحَدِ التَّخْرِيجَيْنِ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ. أَمَّا عَلَى التَّخْرِيجِ الْآخَرِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ بِدُونِ الْفَاءِ وَهُوَ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَقَعُ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ الْخِلَافُ بِالْعَكْسِ) يَعْنِي الْخِلَافَ فِي أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ هَلْ هُوَ إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ: أَيْ فَقِيلَ إنَّهُ إبْطَالٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَعْلِيقٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَائِلُ أَبَا حَنِيفَةَ، وَيُحْتَمَلُ إرَادَةُ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ: أَيْ قِيلَ إنَّهُ يَقَعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَهُمَا كَمَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَعَلَى كُلٍّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قِيلَ إنَّ التَّعْلِيقَ أَوْ الْإِبْطَالَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوْ قَوْلُ غَيْرِهِ.

فَالْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الْوُقُوعِ، فَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمُفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ اتِّفَاقًا) إذْ لَا شَكَّ حِينَئِذٍ فِي صِحَّةِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَثَمَرَتُهُ إلَخْ) هَذَا الضَّمِيرُ لَا مَرْجِعَ لَهُ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ وَقَالَ

ص: 372

بِالطَّلَاقِ وَقَالَهُ حَنِثَ عَلَى التَّعْلِيقِ لَا الْإِبْطَالِ (وَبِأَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ بِإِرَادَتِهِ أَوْ بِمَحَبَّتِهِ أَوْ بِرِضَاهُ) لَا تَطْلُقُ، لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ فَكَانَتْ كَإِلْصَاقِ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ (وَإِنْ أَضَافَهُ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمَشِيئَةِ وَغَيْرِهَا (إلَى الْعَبْدِ كَانَ) ذَلِكَ (تَمْلِيكًا فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ) كَمَا مَرَّ

(وَإِنْ قَالَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحُكْمِهِ أَوْ بِقَضَائِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ بِعِلْمِهِ أَوْ بِقُدْرَتِهِ يَقَعُ فِي الْحَالِ أُضِيفَ إلَيْهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْعَبْدِ) إذْ يُرَادُ بِمِثْلِهِ التَّنْجِيزُ عُرْفًا (كَقَوْلِهِ) أَنْتِ طَالِقٌ (بِحُكْمِ الْقَاضِي، وَإِنْ) قَالَ ذَلِكَ (بِاللَّامِ يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا) لِأَنَّهُ لِلتَّعْلِيلِ (وَإِنْ) كَانَ ذَلِكَ (بِحَرْفِ فِي إنْ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا) لِأَنَّ فِي بِمَعْنَى الشَّرْطِ (إلَّا فِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ) وَكَذَا الْقُدْرَةُ إنْ نَوَى بِهَا ضِدَّ الْعَجْزِ لِوُجُودِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى قَطْعًا كَالْعِلْمِ

(وَإِنْ أَضَافَ إلَى الْعَبْدِ كَانَ تَمْلِيكًا فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ) وَمَا بِمَعْنَاهَا كَالْهَوَى وَالرُّؤْيَةِ (تَعْلِيقًا فِي غَيْرِهَا) وَهِيَ سِتَّةٌ، ثُمَّ الْعَشَرَةُ إمَّا أَنْ تُضَافَ لِلَّهِ أَوْ لِلْعَبْدِ، وَالْعِشْرُونَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِبَاءٍ أَوْ لَامٍ أَوْ فِي فَهِيَ سِتُّونَ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ كَتَبَ الطَّلَاقَ

ــ

[رد المحتار]

أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ قَدَّمَهُ، وَأَتَى بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ، فَهُوَ إبْطَالٌ عِنْدَهُمَا تَعْلِيقٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ، وَهِيَ مَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا وَمِنْهَا هَذِهِ، وَبَيَانُهَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَلَا تَطْلُقُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَمِينٌ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَيْسَ بِيَمِينٍ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لِلْإِبْطَالِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَقَالَهُ رَاجِعٌ إلَى مَا لَوْ أَخَّرَ الشَّرْطَ كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَدَّمَهُ وَأَتَى بِالْفَاءِ الرَّابِطَةِ كَإِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِرِضَاهُ) الرِّضَا تَرْكُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْفَاعِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَحَبَّةٌ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ) أَيْ هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لَهَا فَيَلْتَصِقُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ غَيْبٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا فَلَا تَطْلُقُ بِالشَّكِّ ط (قَوْلُهُ وَإِنْ أَضَافَهُ) أَيْ بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمَذْكُورَ) جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَمَرْجِعُهُ مُتَعَدِّدٌ ط (قَوْلُهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ عِلْمِهِ، فَإِنْ شَاءَ فِيهِ طَلُقَتْ وَإِلَّا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي فَصْلِ الْمَشِيئَةِ ح

(قَوْلُهُ إذْ يُرَادُ بِمِثْلِهِ التَّنْجِيزُ عُرْفًا) أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ التَّعْلِيقِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا) أَيْ سَوَاءٌ أُضِيفَتْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لِلتَّعْلِيلِ) أَيْ تَعْلِيلِ الْإِيقَاعِ كَقَوْلِهِ طَالِقٌ لِدُخُولِكَ الدَّارَ فَتْحٌ أَيْ وَالْإِيقَاعُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ عِلَّتِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمَشِيئَةَ وَنَحْوَهَا غَيْرُ مَعْلُومَةٍ؛ وَلَا كَوْنُ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِلطَّلَاقِ مَعْدُومَةً لِكَوْنِهِ أَبْغَضَ الْحَلَالِ إلَيْهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي بِمَعْنَى الشَّرْطِ) فَيَكُونُ تَعْلِيقًا بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَتْحٌ قِيلَ وَفِي قَوْلِهِ بِمَعْنَى الشَّرْطِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَرْطًا مَحْضًا حَتَّى يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ، بَلْ يَقَعُ مَعَهُ. وَتَظْهَرُ الثَّمَرَةُ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلْأَجْنَبِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي نِكَاحِك فَتَزَوَّجَهَا لَا تَطْلُقُ، كَمَا لَوْ قَالَ مَعَ نِكَاحِك، بِخِلَافِ إنْ تَزَوَّجْتُك تَلْوِيحٌ: أَيْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا مُتَأَخِّرًا عَنْ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِحَالٍ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا لَمْ يَكُنْ فَكَانَ تَعْلِيقًا بِأَمْرٍ مَوْجُودٍ فَيَكُونُ إيقَاعًا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ نَوَى بِهَا ضِدَّ الْعَجْزِ) أَيْ نَوَى حَقِيقَتَهَا لِأَنَّهَا صِفَةٌ مُنَافِيَةٌ لِلْعَجْزِ فَيَكُونُ تَعْلِيقًا بِأَمْرٍ مَوْجُودٍ، أَمَّا لَوْ نَوَى بِهَا التَّقْدِيرَ فَلَا يَقَعُ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَدْ يُقَدِّرُ شَيْئًا وَقَدْ لَا يُقَدِّرُهُ

(قَوْلُهُ وَالرُّؤْيَةِ) الْكَثِيرُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مَصْدَرَ رَأَى الْبَصَرِيَّةِ وَمَصْدَرُ الْقَلْبِيَّةِ الرَّأْيُ وَمَصْدَرُ الْحُلْمِيَّةِ الرُّؤْيَا وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ كُلٌّ فِي الْآخَرِ، وَهَذَا مِنْهُ لِأَنَّ رُؤْيَةَ طَلَاقِهَا بِالْقَلْبِ لَا بِالْبَصَرِ رَحْمَتِيٌّ

(قَوْلُهُ ثُمَّ الْعَشَرَةُ) الْأَظْهَرُ فِي التَّرْكِيبِ أَنْ يَقُولَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَشَرَةَ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى ح (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِبَاءٍ) تَرَكَ إنْ مِنْ التَّقْسِيمِ كَمَا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا.

ص: 373

وَاسْتَثْنَى بِالْكِتَابَةِ صَحَّ، وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ وَفِي كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ تَطْلُقُ رَجْعِيَّةً

(أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ، وَفِي الِاثْنَتَيْنِ وَاحِدَةٌ، وَفِي إلَّا ثَلَاثًا) يَقَعُ (ثَلَاثٌ) لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ بَاطِلٌ

ــ

[رد المحتار]

وَحَاصِلُ حُكْمِهَا أَنَّهَا إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ فِي الْعَشَرَةِ إنْ أُضِيفَتْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتَمْلِيكٌ فِيهَا إنْ أُضِيفَتْ إلَى الْعَبْدِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِإِنْ لَمْ يَقَعْ فِي الْكُلِّ اهـ يَعْنِي إذَا أُضِيفَتْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَالْأَقْسَامُ حِينَئِذٍ ثَمَانُونَ. اهـ. ح.

قُلْت: الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ لِلتَّمْلِيكِ، وَهَذَا وَإِنْ ذَكَرَهُ مَعَ الْبَاءِ وَفِي لَكِنَّهُمَا بِمَعْنَى الشَّرْطِ وَأَصْلُ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ هُوَ إنْ فَلَا تَكُونُ السِّتَّةُ الْبَاقِيَةُ لِلتَّمْلِيكِ أَصْلًا. ثُمَّ رَأَيْت الزَّيْلَعِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ عَشَرَةٌ: أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِلتَّمْلِيكِ، وَهِيَ الْمَشِيئَةُ وَأَخَوَاتُهَا. وَسِتَّةٌ لَيْسَتْ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ الْأَمْرُ وَأَخَوَاتُهُ إلَخْ. وَعَلَى هَذَا فَإِذَا أُضِيفَتْ إلَى الْعَبْدِ بِإِنْ الشَّرْطِيَّةِ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ لِلتَّمْلِيكِ فَتَتَوَقَّفُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَالسِّتَّةُ الْبَاقِيَةُ لِلتَّعْلِيقِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَقَعْ فِي الْكُلِّ: أَيْ لَمْ يَقَعْ أَصْلًا إنْ أُضِيفَتْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ إنْ أُضِيفَتْ إلَى الْعَبْدِ فَافْهَمْ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْبَحْرِ كَمَا قَالَ ط إنَّ هَذَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ إذَا أُضِيفَ إلَيْهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِأَمْرٍ مَوْجُودٍ فَيَكُونُ تَنْجِيزًا (قَوْلُهُ وَعَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: فَلَوْ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ وَكَتَبَ الِاسْتِثْنَاءَ مَوْصُولًا أَوْ عَكَسَ أَوْ أَزَالَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَقَعْ (قَوْلُهُ فَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ) صَوَابُهُ مِائَتَانِ وَأَرْبَعُونَ لِأَنَّ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ صُورَةٌ هِيَ كِتَابَةُ الطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ مَعًا، وَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ثَلَاثَةُ صُوَرٍ وَبِضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي سِتِّينَ تَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَقَدْ تَزِيدُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَشَرَةَ إمَّا أَنْ تُضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى مَنْ يُوقَفُ عَلَى مَشِيئَتِهِ مِنْ الْعِبَادِ أَوْ مَنْ لَا يُوقَفُ أَوْ إلَى الثَّلَاثَةِ أَوْ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا، فَهِيَ سَبْعَةٌ تُضْرَبُ فِي الْعَشَرَةِ تَبْلُغُ سَبْعِينَ، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا بِإِنْ أَوْ الْبَاءِ أَوْ اللَّامِ أَوْ فِي تَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَمَا بِمَعْنَاهُ أَوْ يَكْتُبَهُمَا أَوْ يَمْحُوَهُمَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَوْ يَمْحُوَ الطَّلَاقَ أَوْ الْإِنْشَاءَ أَوْ يَتَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ وَيَكْتُبَ الْآخَرَ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ يَمْحُوَ مَا كَتَبَ. فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ فِي مِائَتَيْنِ وَثَمَانِينَ تَبْلُغُ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ تَطْلُقُ رَجْعِيَّةً) لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَالَ الطَّلَاقِ وَكَيْفِيَّتُهُ مِنْ الْمُفْرَدِ وَالْمُتَعَدِّدِ وَالرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ لَا أَصْلُهُ فَيَقَعُ أَقَلُّهُ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ الرَّجْعِيَّةُ

(قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً) شُرُوعٌ فِي اسْتِثْنَاءِ التَّحْصِيلِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ التَّعْطِيلِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ.

مَطْلَبٌ أَحْكَامُ الِاسْتِثْنَاءِ الْوَضْعِيِّ

وَفِي الْبَحْرِ: الِاسْتِثْنَاءُ نَوْعَانِ: عُرْفِيٌّ وَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ، وَوَضْعِيٌّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَهُوَ بَيَانٌ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا أَنَّ مَا بَعْدَهَا لَمْ يُرَدْ بِحُكْمِ الصَّدْرِ. وَيَبْطُلُ بِخَمْسَةٍ: بِالسَّكْتَةِ اخْتِيَارًا وَبِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَبِالْمُسَاوَاةِ، وَبِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الطَّلْقَةِ، وَبِإِبْطَالِ الْبَعْضِ كَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثَلَاثًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ مُلَخَّصًا: أَيْ لِأَنَّ إخْرَاجَ الثَّلَاثِ مِنْ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ لَغْوٌ.

وَفِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُنْتَقَى أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إلَّا أَرْبَعًا فَهِيَ ثَلَاثٌ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ وَثَلَاثًا فَاصِلَا لَغْوًا. وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ ثِنْتَانِ كَأَنَّهُ قَالَ سِتًّا إلَّا أَرْبَعًا؛ وَلَوْ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ طُولِبَ بِالْبَيَانِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ طَلُقَتْ وَاحِدَةً هُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي رِوَايَةٍ ثِنْتَيْنِ (قَوْلُهُ وَفِي الِاثْنَتَيْنِ وَاحِدَةٌ) عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ بَاطِلٌ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ

ص: 374

إنْ كَانَ بِلَفْظِ الصَّدْرِ أَوْ مُسَاوِيهِ، وَإِنْ بِغَيْرِهِمَا كَنِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا هَؤُلَاءِ أَوْ إلَّا زَيْنَبَ وَعَمْرَةَ وَهِنْدَ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا هَؤُلَاءِ أَوْ إلَّا سَالِمًا وَغَانِمًا وَرَاشِدًا وَهُمْ الْكُلُّ صَحَّ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْإِقْرَارِ

(وَيُعْتَبَرُ) فِي (الْمُسْتَثْنَى كَوْنُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ إلَّا مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ الَّذِي يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ) وَهُوَ الثَّلَاثُ، فَفِي أَنْتِ طَالِقٌ عَشَرًا إلَّا تِسْعًا تَقَعُ وَاحِدَةٌ، وَإِلَّا ثَمَانِيَةً تَقَعُ ثِنْتَانِ، وَإِلَّا سَبْعًا تَقَعُ ثَلَاثٌ، وَمَتَى تَعَدَّدَ الِاسْتِثْنَاءُ بِلَا وَاوٍ كَانَ كُلٌّ إسْقَاطًا مِمَّا يَلِيهِ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ بِأَنْتِ طَالِقٌ عَشَرًا إلَّا تِسْعًا إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً، وَيَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ

ــ

[رد المحتار]

بَعْدَهُ اسْتِثْنَاءٌ يَكُونُ جَبْرًا لِلصَّدْرِ، فَإِنْ كَانَ صَحَّ، وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً حَيْثُ يَقَعُ وَاحِدَةٌ؛ وَلَوْ قَالَ إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً وَقَعَ ثِنْتَانِ نَهْرٌ، وَهَذَا مِنْ تَعَدُّدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَإِنَّمَا بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَيْءٌ يَصِيرُ مُتَكَلِّمًا بِهِ وَالِاسْتِثْنَاءُ لَمْ يُوضَعْ إلَّا لِلتَّكَلُّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا لَا لِأَنَّهُ رُجُوعٌ بَعْدَ التَّقَرُّرِ كَمَا قِيلَ، وَإِلَّا لَصَحَّ فِيمَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي إلَّا ثُلُثَ مَالِي أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الصَّدْرِ) أَيْ كَمَا مَثَّلَ بِهِ فِي الْمَتْنِ وَكَقَوْلِهِ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَاءٍ وَعَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا عَبِيدِي كَمَا فِي الْبَحْرِ ح

وَفِي الْفَتْحِ: وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ قَالَ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَكَذَا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً لِأَنَّهُ فِي الْأُولَيَيْنِ إخْرَاجُ الثِّنْتَيْنِ مِنْ الثِّنْتَيْنِ أَوْ مِنْ الْوَاحِدَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ وَاحِدَةٌ مِنْ وَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً حَيْثُ تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ لِصِحَّةِ إخْرَاجِ الْوَاحِدَةِ مِنْ الثِّنْتَيْنِ، وَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ، وَإِذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا فَهُوَ قَيْدٌ لِلْأَخِيرَةِ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ مُسَاوِيهِ) نَحْوُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً، وَنَحْوُ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَعَمْرَةَ وَهِنْدًا وَلَيْسَ لَهُ رَابِعَةٌ، وَأَنْتُمْ أَحْرَارٌ إلَّا سَالِمًا وَغَانِمًا وَرَاشِدًا وَلَيْسَ لَهُ رَابِعٌ. اهـ. ح، (قَوْلُهُ صَحَّ) أَيْ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا هَذِهِ وَلَيْسَ لَهُ سِوَاهَا لَا تَطْلُقُ، لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْوُجُودِ لَا تَمْنَعُ صِحَّتَهُ إنْ عَمَّ وَضْعًا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ صِيَغِيٌّ بَحْرٌ، يَعْنِي أَنَّهُ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى صِيغَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنْ عَمَّتْ الْمُسْتَثْنَى وَغَيْرَهُ وَضْعًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ فَإِنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ يَعُمُّ فِي الْوَضْعِ هَذِهِ وَغَيْرَهَا، وَكَذَا لَفْظُ نِسَائِي يَعُمُّ الْمُسَمَّيَاتِ وَغَيْرَهُنَّ، بِخِلَافِ أَنْتُنَّ فَإِنَّهُ لَا يَعُمُّ غَيْرَ الْمُسَمَّيَاتِ الْمُخَاطَبَاتِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُمُومٌ أَصْلًا، وَمِنْهُ مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا ثَلَاثًا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ تَعَدُّدٍ يَصِحُّ مَعَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ اهـ وَكَذَا مَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ الثَّلَاثُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً لِأَنَّهُ ذَكَرَ كَلِمَاتٍ مُتَفَرِّقَةً فَيُعْتَبَرُ كُلُّ كَلَامٍ فِي حَقِّ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَكَذَا هَذِهِ طَالِقٌ وَهَذِهِ وَهَذِهِ إلَّا هَذِهِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ إلَّا هَذِهِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ. اهـ.

(قَوْلُهُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ) وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ مَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مِنْ الْعَشَرَةِ وَهُوَ الثَّلَاثُ لَزِمَ اسْتِثْنَاءُ التِّسْعَةِ مِنْ الثَّلَاثِ فَيَلْغُو وَيَقَعُ الثَّلَاثُ.

مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ الِاسْتِثْنَاءُ

(قَوْلُهُ وَمَتَى تَعَدَّدَ الِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ وَأَمْكَنَ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِهِ مِنْ بَعْضٍ، بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ كَقَامُوا إلَّا زَيْدًا إلَّا بَكْرًا إلَّا عَمْرًا " فَإِنَّ حُكْمَ مَا بَعْدَ الْأَوَّلِ كَحُكْمِهِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَأَصْلُ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ قَوْله تَعَالَى {إِلا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 59]{إِلا امْرَأَتَهُ} [الحجر: 60](قَوْلُهُ بِلَا وَاوٍ) فَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ كَانَ الْكُلُّ إسْقَاطًا مِنْ الصَّدْرِ، نَحْوُ: أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا إلَّا خَمْسًا وَإِلَّا ثَلَاثًا وَإِلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ وَاحِدَةٌ ح (قَوْلُهُ كَانَ كُلُّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ إسْقَاطًا مِمَّا يَلِيهِ أَيْ مِمَّا قَبْلَهُ، فَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي يَلِيهِ عَائِدٌ عَلَى كُلٍّ وَالْبَارِزُ عَلَى مَا فَهُوَ صِلَةٌ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ، لَكِنْ اللُّبْسُ مَأْمُونٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ

ص: 375

بِلَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا (9) إلَّا (8) إلَّا (7) إلَّا (6) إلَّا (5) إلَّا (4) إلَّا (3) إلَّا (2) إلَّا وَاحِدَةً، وَتَقْرِيبُهُ أَنْ تَأْخُذَ الْعَدَدَ الْأَوَّلَ بِيَمِينِك وَالثَّانِيَ بِيَسَارِك وَالثَّالِثَ بِيَمِينِك وَالرَّابِعَ بِيَسَارِك وَهَكَذَا، ثُمَّ تُسْقِطَ مَا بِيَسَارِك مِمَّا بِيَمِينِك، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْوَاقِعُ

(إخْرَاجُ بَعْضِ التَّطْلِيقِ لَغْوٌ، بِخِلَافِ إيقَاعِهِ، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْمُخْتَارِ) وَعَنْ الثَّانِي ثِنْتَانِ فَتْحٌ،

وَفِي السِّرَاجِيَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ انْتَهَى فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ثَلَاثٍ مُقَدَّرٍ

(سَأَلَتْ امْرَأَةٌ الثَّلَاثَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ خَمْسِينَ طَلْقَةً فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثٌ تَكْفِينِي فَقَالَ ثَلَاثٌ لَك وَالْبَوَاقِي لِصَوَاحِبِك وَلَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ غَيْرِهَا تَطْلُقُ الْمُخَاطَبَةُ ثَلَاثًا لَا غَيْرُهَا أَصْلًا) هُوَ الْمُخْتَارُ لِصَيْرُورَةِ الْبَوَاقِي لَغْوًا، فَلَمْ يَقَعْ بِصَرْفِهِ لِصَوَاحِبِهَا شَيْءٌ.

[فُرُوعٌ] فِي أَيْمَانِ الْفَتْحِ مَا لَفْظُهُ، وَقَدْ عُرِفَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الثَّلَاثُ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ.

ــ

[رد المحتار]

إسْقَاطِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْأَقَلِّ فَلَا يَجِبُ إبْرَازُ الضَّمِيرِ اهـ ح. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ أَنْ تَسْقُطَ السَّبْعَةُ مِنْ الثَّمَانِيَةِ يَبْقَى وَاحِدٌ تُسْقِطُهُ مِنْ التِّسْعَةِ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ تُسْقِطُهَا مِنْ الْعَشَرَةِ يَبْقَى ثِنْتَانِ (قَوْلُهُ أَنْ تَأْخُذَ الْعَدَدَ الْأَوَّلَ إلَخْ) بَيَانُهُ أَنْ تَعُدَّ الْأَوْتَارَ بِيَمِينِك أَيْ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ وَالْخَامِسَ وَالسَّابِعَ وَالتَّاسِعَ، وَهِيَ تِسْعَةٌ وَسَبْعَةٌ وَخَمْسَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَوَاحِدَةٌ وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَتَعُدَّ الْأَشْفَاعَ بِيَسَارِك: أَيْ الثَّانِيَ وَالرَّابِعَ وَالسَّادِسَ وَالثَّامِنَ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ وَجُمْلَتُهَا عِشْرُونَ تُسْقِطُهَا مِمَّا بِالْيَمِينِ يَبْقَى خَمْسَةٌ.

قُلْت: وَلَهُ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ، وَهِيَ إخْرَاجُ الْأَوْتَارِ وَإِدْخَالُ الْأَشْفَاعِ، بِأَنْ تُخْرِجَ كُلَّ وَتْرٍ مِنْ شَفْعٍ قَبْلَهُ بَيَانُهُ أَنْ تُخْرِجَ التِّسْعَةَ مِنْ الْعَشَرَةِ يَبْقَى وَاحِدٌ تَضُمُّهُ إلَى الثَّمَانِيَةِ تَصِيرُ تِسْعَةً، أَخْرِجْ مِنْهَا سَبْعَةً يَبْقَى اثْنَانِ تَضُمُّهَا إلَى السِّتَّةِ تَصِيرُ ثَمَانِيَةً، أَخْرِجْ مِنْهَا خَمْسَةً يَبْقَى ثَلَاثَةٌ، تَضُمُّهَا إلَى الْأَرْبَعَةِ تَصِيرُ سَبْعَةً، أَخْرِجْ مِنْهَا ثَلَاثَةً يَبْقَى أَرْبَعَةٌ، تَضُمُّهَا إلَى الِاثْنَيْنِ تَصِيرُ سِتَّةً أَخْرِجْ مِنْهَا الْوَاحِدَ يَبْقَى خَمْسَةٌ.

وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ إسْقَاطُ كُلٍّ مِمَّا يَلِيهِ كَمَا مَرَّ، بِأَنْ تُسْقِطَ الْوَاحِدَ مِنْ الِاثْنَيْنِ يَبْقَى وَاحِدٌ أَسْقِطْهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ يَبْقَى اثْنَانِ أَسْقِطْهُمَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ يَبْقَى اثْنَانِ أَيْضًا أَسْقِطْهُمَا مِنْ الْخَمْسَةِ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ أَسْقِطْهَا مِنْ السِّتَّةِ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ أَيْضًا أَسْقِطْهَا مِنْ السَّبْعَةِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ، أَسْقِطْهَا مِنْ الثَّمَانِيَةِ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، أَسْقِطْهَا مِنْ التِّسْعَةِ يَبْقَى خَمْسَةٌ، أَسْقِطْهَا مِنْ الْعَشَرَةِ يَبْقَى خَمْسَةٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ الْوَاقِعُ) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ ط

(قَوْلُهُ وَعَنْ الثَّانِي ثِنْتَانِ) لِأَنَّ التَّطْلِيقَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فِي الْإِيقَاعِ فَكَذَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِيقَاعَ إنَّمَا لَا يَتَجَزَّأُ الْمَعْنَى فِي الْمُوقَعِ وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَيَتَجَزَّأُ فِيهِ، فَصَارَ كَلَامُهُ عِبَارَةً عَنْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَنِصْفٍ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا كَذَا فِي الْفَتْحِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ إيقَاعَ نِصْفِ الطَّلْقَةِ مَثَلًا غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ شَرْعًا، فَكَانَ إيقَاعًا لِلْكُلِّ، بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ لَكِنَّهُ يَلْغُو لِأَنَّ النِّصْفَ الْبَاقِيَ تَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ.

قُلْت: وَالْأَقْرَبُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ نِصْفًا لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ وَأَبْقَى نِصْفًا كَذَلِكَ أَوْقَعْنَا عَلَيْهِ طَلْقَةً بِمَا أَبْقَى وَلَمْ يَصِحَّ إخْرَاجُهُ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَزِمَ إخْرَاجُ طَلْقَةٍ حُكْمِيَّةٍ مِنْ طَلْقَةٍ حُكْمِيَّةٍ فَيَلْغُو (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ثَلَاثٍ مُقَدَّرٍ) قُلْت: وَجْهُهُ أَنَّ لَفْظَ طَالِقٍ لَا يَحْتَمِلُ الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهُمَا عَدَدٌ مَحْضٌ، بَلْ يَحْتَمِلُ الْفَرْدَ الْحَقِيقِيَّ أَوْ الْجِنْسَ أَعْنِي الثَّلَاثَ، وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ هُنَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إلْغَاءُ الِاسْتِثْنَاءِ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ فِي أَيْمَانِ الْفَتْحِ) خَبَرٌ عَنْ مَا وَلَيْسَ نَعْتًا لِفُرُوعٍ لِأَنَّ الْفَرْعَ الْأَوَّلَ فَقَطْ فِي أَيْمَانِ الْفَتْحِ ح (قَوْلُهُ وَقَعَ الثَّلَاثُ) يَعْنِي بِدُخُولِ وَاحِدٍ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ

ص: 376

إنْ سَكَنْت هَذِهِ الْبَلْدَةَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَخَرَجَ فَوْرًا وَخَلَعَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ سَكَنَهَا قَبْلَ الْعِدَّةِ لَمْ تَطْلُقْ، بِخِلَافِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلْيُحْفَظْ.

إنْ تَزَوَّجْتُك وَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ كَذَا لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ فَلْيَحْفَظْ. إنْ غِبْت عَنْك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ طَلَّقَهَا فَاعْتَدَّتْ فَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ عَادَتْ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ غَابَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا وَلَوْ اخْتَلَعَتْ لَا لِأَنَّهُ تَنْجِيزٌ وَالْأَوَّلُ تَعْلِيقٌ.

دَعَاهَا لِلْوِقَاعِ فَأَبَتْ فَقَالَ مَتَى يَكُونُ؟ فَقَالَتْ غَدًا، فَقَالَ: إنْ لَمْ تَفْعَلِي هَذَا فَالْمُرَادُ غَدًا فَأَنْتِ كَذَا ثُمَّ نَسِيَاهُ حَتَّى مَضَى الْغَدُ لَا يَقَعُ.

ــ

[رد المحتار]

أَيْمَانِ الْفَتْحِ، حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَقَرِبَهَا مَرَّةً لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ نَوَى التَّأْكِيدَ يَدِينُ ح.

قُلْت: وَتَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا ذَكَرَ لِكُلِّ شَرْطٍ جَزَاءً، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى جُزْءٍ وَاحِدٍ. فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَهُمَا وَاحِدٌ فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحِنْثِ حَتَّى تَدْخُلَ دَخِلَتَيْنِ فِيهَا، وَالِاسْتِحْسَانُ يَحْنَثُ بِدُخُولٍ وَاحِدٍ وَيُجْعَلُ الْبَاقِي تَكْرَارًا وَإِعَادَةً اهـ ثُمَّ ذَكَرَ إشْكَالًا وَجَوَابَهُ وَذَكَرَ عِبَارَتَهُ بِتَمَامِهَا فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْمِلْكُ يُشْتَرَطُ لِآخِرِ الشَّرْطَيْنِ، وَقَوْلُهُ وَهُمَا وَاحِدٌ: أَيْ الدَّارَانِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَشَارَ إلَى دَارَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ دُخُولَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ كَمَا حَقَّقْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ) هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْ الْجَزَاءَ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَأَمَّا مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَ الْجَزَاءَ فَقَالَ ح: صَوَابُهُ قَدَّمَ الْجَزَاءَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ تَرَكَ مَا إذَا وَسَّطَهُ.

قَالَ فِي النَّهْرِ وَفِي الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك وَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ الْجَزَاءَ أَوْ وَسَّطَهُ اهـ كَلَامُ النَّهْرِ، وَفَصَّلَهُ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ فَقَالَ: وَإِنْ كَرَّرَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ فَقَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك وَإِنْ تَزَوَّجْتُك، أَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك، فَإِنْ تَزَوَّجْتُك أَوْ إذَا تَزَوَّجْتُك أَوْ مَتَى تَزَوَّجْتُك لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا مَرَّتَيْنِ، وَلَوْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْتُك وَإِنْ تَزَوَّجْتُك فَهَذَا عَلَى تَزَوُّجٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ تَزَوَّجْتُك طَلُقَتْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التَّزْوِيجَيْنِ (قَوْلُهُ إنْ غِبْت عَنْك إلَخْ) أَقُولُ: الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَزَوَالُ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا.

وَنَصُّهُ فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ قَالَ لَهَا أَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَفِي بَقَاءِ الْأَمْرِ بِيَدِهَا رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى قَالَ: إنْ غِبْت عَنْك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ وَغَابَ عَنْهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا. اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ تَنْجِيزٌ لِلتَّخْيِيرِ فَيَبْطُلُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ، وَالثَّانِيَ تَعْلِيقُ التَّخْيِيرِ فَكَانَ يَمِينًا فَلَا يَبْطُلُ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِيجَازِ الْمُخِلِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْيِيرَ يَبْطُلُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ إذَا كَانَ التَّخْيِيرُ مُنَجَّزًا، بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ وَهَذَا مَا وُفِّقَ بِهِ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ بَيْنَ كَلَامِهِمْ كَمَا حَرَّرْنَاهُ قُبَيْلَ فَصْلِ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ) لِأَنَّ الْحِنْثَ شَرْطُهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهَا غَدًا وَتَمْتَنِعَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَحْرٌ، وَنَحْوُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُنْتَقَى.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ النِّسْيَانَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ هُنَا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ بِأَنَّ تَعْلِيلَهُ إمْكَانَ الْبِرِّ شَرْطٌ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ بَعْدَ انْعِقَادِهَا كَمَا هُوَ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ إمْكَانَ الْبِرِّ مُحَقَّقٌ بِالتَّذَكُّرِ،

ص: 377

حَلَفَ أَنْ لَا يَأْتِيَهَا فَاسْتَلْقَى فَجَاءَتْ فَجَامَعَتْ إنْ مُسْتَيْقِظًا حَنِثَ

إنْ لَمْ أُشْبِعْك مِنْ الْجِمَاعِ فَعَلَى إنْزَالِهَا.

إنْ لَمْ أُجَامِعْك أَلْفَ مَرَّةٍ فَكَذَا فَعَلَى الْمُبَالَغَةِ لَا الْعَدَدِ.

وَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَى جِمَاعِ الْفَرْجِ، وَإِنْ نَوَى الدَّوْسَ بِالْقَدَمِ حَنِثَ بِهِ أَيْضًا.

لَهُ امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ فَقَالَ أَخْبَثَكُنَّ طَالِقٌ طَلُقَتْ النُّفَسَاءُ، وَفِي أَفْحَشِكُنَّ طَالِقٌ فَعَلَى الْحَائِضِ.

قَالَ: لِي إلَيْك حَاجَةٌ فَقَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَقْضِهَا، فَقَالَ هِيَ أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَتَك فَلَهُ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ.

قَالَ لِأَصْحَابِهِ إنْ لَمْ أَذْهَبْ بِكُمْ اللَّيْلَةَ إلَى مَنْزِلِي فَامْرَأَتُهُ كَذَا فَذَهَبَ بِهِمْ بَعْضَ الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُمْ الْعَسَسُ فَحَبَسَهُمْ لَا يَحْنَثُ. إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَخَرَجَتْ لِحَرِيقِهَا لَا يَحْنَثُ.

ــ

[رد المحتار]

عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ النِّسْيَانُ عُذْرًا فِي عَدَمِ الْحِنْثِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا، وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إنْ مُسْتَيْقِظًا حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُسَمَّى إتْيَانًا مِنْهُ قَالَ تَعَالَى {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] (قَوْلُهُ فَعَلَى إنْزَالِهَا) أَيْ تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ عَلَى أَنْ يُجَامِعَهَا حَتَّى تُنْزِلَ لِأَنَّ شَبِعَهَا يُرَادُ بِهِ كَسْرُ شَهْوَتِهَا بِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُبَالَغَةِ لَا الْعَدَدِ) فَلَا تَقْدِيرَ لِذَلِكَ وَالسَّبْعُونَ كَثِيرٌ خَانِيَّةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَنْوِ الْعَدَدَ، فَإِنْ نَوَاهُ عَمِلَتْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ ط (قَوْلُهُ حَنِثَ بِهِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَحْنَثُ بِالْجِمَاعِ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ الْمَعْنَى الْمُتَبَادَرَ وَيُؤَاخَذُ بِمَا نَوَاهُ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ فَأَيُّهُمَا فَعَلَ حَنِثَ بِهِ.

بَقِيَ لَوْ فَعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا هَلْ يَحْنَثُ مَرَّتَيْنِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الدِّيَانَةِ إلَّا بِمَا نَوَى. قَالَ ط وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْت مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ امْرَأَةٍ وَلَا ضَمِيرِهَا فَهُوَ عَلَى الدَّوْسِ بِالْقَدَمِ هُوَ اللُّغَةُ وَالْعُرْفُ وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَنْوِ الْجِمَاعَ وَإِلَّا عَمِلَتْ نِيَّتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ لَهُ امْرَأَةٌ إلَخْ) لَا مُنَاسَبَةَ لَهَا فِي هَذَا الْبَابِ إذْ لَيْسَ فِيهَا تَعْلِيقٌ، وَقَوْلُهُ طَلُقَتْ النُّفَسَاءُ، لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْخَبِيثَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْمُسْتَكْرَهِ رِيحُهُ كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَدَمُ النُّفَسَاءِ مُنْتِنٌ لِطُولِ مُكْثِهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْحَائِضِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الْقُرْآنِ نَصًّا أَوْ كَثْرَتُهُ وَزِيَادَةُ أَوْقَاتِهِ وَمِنْهُ غَبْنٌ فَاحِشٌ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ عَلَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ نَصٌّ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَنْ لَا يُصَدِّقَهُ) وَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَلَا يُصَدَّقُ عَلَى غَيْرِهِ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْهُ، فَالْقَوْلُ لَهُ كَقَوْلِهِ لَهَا إنْ كُنْت تُحِبِّينَ فَقَالَتْ أُحِبُّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ لَا مِنْ جِهَةِ أَجْنَبِيٍّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ حَنِثَ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ) يُنَافِي مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إنْ كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ حَنِثَ. اهـ. ح وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ.

أَقُولُ: لَا إشْكَالَ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذَهَبَ فَعُدِمَ الْحِنْثُ لِوُجُودِ الْبِرِّ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا يَأْتِي مَتْنًا فِي الْأَيْمَانِ: لَا يَخْرُجُ أَوْ لَا يَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ يُرِيدُهَا ثُمَّ رَجَعَ حَنِثَ إذَا جَاوَزَ عُمْرَانَ مِصْرِهِ عَلَى قَصْدِهَا اهـ فَإِنَّ عَدَمَ الْحِنْثِ فِيهَا لِوُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ط.

قُلْت: وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ تَخْرِيجَ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَسَسِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ فَأَهْرَقَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ لِحَرِيقِهَا لَا يَحْنَثُ) وَكَذَا لَوْ خَرَجَتْ لِلْغَرَقِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِغَيْرِ الْغَرَقِ وَالْحَرْقِ بَحْرٌ أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ عُرْفًا يَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ، وَكَذَا يَتَقَيَّدُ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ

ص: 378

حَلَفَ لَا يَرْجِعُ الدَّارَ ثُمَّ رَجَعَ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ لَا يَحْنَثُ.

حَلَفَ لَيُخْرِجَنَّ سَاكِنَ دَارِهِ الْيَوْمَ وَالسَّاكِنُ ظَالِمٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُهُ فَالْيَمِينُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِاللِّسَانِ

ــ

[رد المحتار]

وَعَلَّلَهُ فِي الْفَتْحِ هُنَاكَ بِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ لِمَنْ لَهُ الْمَنْعُ، وَهُوَ مِثْلُ السُّلْطَانِ إذَا حَلَّفَ إنْسَانًا لَيَرْفَعَنَّ إلَيْهِ خَبَرَ كُلِّ دَاعِرٍ فِي الْمَدِينَةِ كَانَ عَلَى مُدَّةِ وِلَايَتِهِ، فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَخَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ اهـ وَمِثْلُهُ تَحْلِيفُ رَبِّ الدَّيْنِ الْغَرِيمَ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ إلَّا بِإِذْنِهِ تَقَيَّدَ بِقِيَامِ الدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ إلَخْ) فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ خَرَجَ مَعَ الْوَلِيِّ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَرْجِعَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي فَسَقَطَ مِنْ الْحَالِفِ شَيْءٌ فَرَجَعَ لِأَجْلِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ هَذَا الرُّجُوعَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْيَمِينِ عَادَةً اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ هُوَ الرُّجُوعُ بِمَعْنَى تَرْكِ الذَّهَابِ مَعَهُ، فَإِذَا رَجَعَ لِحَاجَةٍ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ.

مَطْلَبٌ الْيَمِينُ تَتَخَصَّصُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا تَخَصَّصَتْ الْيَمِينُ فِيهِمَا بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَالْعَادَةُ مُخَصِّصَةٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ. وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا: رَجُلٌ حَلَّفَ رَجُلًا أَنْ يُطِيعَهُ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ عَنْهُ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ جِمَاعِ امْرَأَتِهِ لَا يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَبَبٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يُرِيدُونَ بِهَذَا النَّهْيَ عَنْ جِمَاعِ امْرَأَتِهِ عَادَةً، كَمَا لَا يُرَادُ بِهِ النَّهْيُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. وَفِيهَا أَيْضًا: اتَّهَمَتْهُ امْرَأَتُهُ بِجَارِيَةٍ فَحَلَفَ لَا يَمَسُّهَا انْصَرَفَ إلَى الْمَسِّ الَّذِي تَكْرَهُ الْمَرْأَةُ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ وَضَعْت يَدِي عَلَى جَارِيَتِي فَهِيَ حُرَّةٌ فَضَرَبَهَا وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لَا يَحْنَثُ إنْ كَانَ يَمِينُهُ لِأَجْلِ الْمَرْأَةِ وَلِأَمْرٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُرِيدُ الْوَضْعَ لِغَيْرِ الضَّرْبِ. اهـ.

قُلْت: وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْحَنَابِلَةِ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ قُلْت لِي كَلَامًا وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ لَهَا مِثْلَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ كَلَامَ الزَّوْجِ مُخَصَّصٌ بِمَا كَانَ سَبًّا أَوْ دُعَاءً أَوْ نَحْوَهُ إذْ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا أَنْ يَقُولَ لَهَا مِثْلَهُ بَلْ أَرَادَ الْكَلَامَ الَّذِي كَانَ سَبَبَ حَلِفِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَالْيَمِينُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِاللِّسَانِ) كَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي لِلزَّاهِدِيِّ مَعْزِيًّا لِلْوَبَرِيِّ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ عَالِمًا وَقْتَ الْحَلِفِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ بِالْفِعْلِ، فَيَنْصَرِفُ إلَى التَّلَفُّظِ بِقَوْلِهِ اُخْرُجْ مِنْ دَارِي، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْيَمِينِ الْمُؤَقَّتَةِ كَمَا فِي لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ وَلَا مَاءَ فِيهِ لَكَانَ يَنْبَغِي عَدَمُ الْحِنْثِ بِمُضِيِّ الْيَوْمِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ اُخْرُجْ وَلَعَلَّهُ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهَا لِإِمْكَانِ صَرْفِ الْيَمِينِ إلَى التَّلَفُّظِ الْمَذْكُورِ بِقَرِينَةِ الْعَجْزِ عَنْ الْحَقِيقَةِ.

مَطْلَبٌ لَا يَدَعُ فُلَانًا يَسْكُنُ فِي هَذِهِ الدَّارِ

كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدَعُ فُلَانًا يَسْكُنُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، فَقَدْ قَالُوا: إنْ كَانَتْ الدَّارُ مِلْكًا لِلْحَالِفِ فَالْمَنْعُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَإِلَّا فَبِالْقَوْلِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنْعَهُ بِالْفِعْلِ؛ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ آجَرَهُ الدَّارَ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَبَرُّ بِقَوْلِهِ اُخْرُجْ مِنْ دَارِي. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مَلَكَ الْمَنَافِعَ فَصَارَ الْحَالِفُ كَالْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا مِلْكَ لَهُ فِي الدَّارِ. وَأَمَّا مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ حَيْثُ قَالَ لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ دَارِهِ فَيَمِينُهُ عَلَى النَّهْيِ إنْ لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهُ وَإِلَّا فَعَلَى النَّهْيِ وَالْمَنْعِ جَمِيعًا، فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا رَأَيْته فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ مِنْ ذِكْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي حَلِفِهِ لَا يَدَعُهُ أَوْ لَا يَتْرُكُهُ.

فَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَالَ؛ إنْ أَدْخَلْت فُلَانًا بَيْتِي أَوْ قَالَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ بَيْتِي أَوْ قَالَ إنْ تَرَكْت فُلَانًا يَدْخُلُ بَيْتِي فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ، فَالْيَمِينُ فِي الْأَوَّلِ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ بِأَمْرِهِ لِأَنَّهُ مَتَى دَخَلَ بِأَمْرِهِ فَقَدْ أَدْخَلَهُ، وَفِي الثَّانِي عَلَى الدُّخُولِ

ص: 379

إنْ لَمْ تَجِيئِي بِفُلَانٍ أَوْ إنْ لَمْ تَرُدِّي ثَوْبِي السَّاعَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجَاءَ فُلَانٌ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ بِنَفْسِهِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ قَبْلَ دَفْعِهَا لَا يَحْنَثُ، كَذَا إنْ لَمْ أَدْفَعْ إلَيْك الدِّينَارَ الَّذِي عَلَيَّ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَكَذَا فَأَبْرَأَتْهُ قَبْلَ رَأْسِ الشَّهْرِ بَطَلَ الْيَمِينُ.

بَقِيَ مَا يُكْتَبُ فِي التَّعَالِيقِ مَتَى نَقَلَهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ كَذَا أَوْ مِنْ بَاقِي صَدَاقِهَا، فَلَوْ دَفَعَ لَهَا الْكُلَّ هَلْ تَبْطُلُ؟ الظَّاهِرُ لَا لِتَصْرِيحِهِمْ بِصِحَّةِ بَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ وَالرُّجُوعِ بِمَا دَفَعَهُ

ــ

[رد المحتار]

أَمَرَ الْحَالِفُ أَوْ لَمْ يَأْمُرْ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِأَنَّهُ وُجِدَ الدُّخُولُ، وَفِي الثَّالِثِ عَلَى الدُّخُولِ بِعِلْمِ الْحَالِفِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ التَّرْكُ لِلدُّخُولِ، فَمَتَى عَلِمَ وَلَمْ يَمْنَعْ فَقَدْ تَرَكَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، فَتَعْلِيلُهُ لِلثَّانِي بِأَنَّهُ وُجِدَ الدُّخُولُ صَرِيحٌ فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ عَلَى نَفْسِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا فَهُوَ حَالِفٌ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمُخَاطَبُ حَنِثَ إلَخْ فَعُلِمَ أَنَّهُ فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ دَارِهِ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ وَإِنْ نَهَاهُ الْحَالِفُ لِأَنَّهُ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ بِخِلَافِ لَا يَتْرُكُهُ يَدْخُلُ فَإِنَّ فِيهِ التَّفْصِيلَ الْمَارَّ؛ وَلَوْ جَرَى هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْحَلِفِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ دَارِي فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ لَوْ نَهَاهُ عَنْ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا وَأَمَرَهُ بِالْفِعْلِ فَلَمْ يَفْعَلْ لَا يَحْنَثُ. وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ قَوْلِ الشَّاعِرِ فِي الْأَيْمَانِ فَيَمِينُهُ عَلَى النَّهْيِ إنْ لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ كَوْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ظَالِمًا بِقَرِينَةِ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَلِفِ عَلَى دَارِ الْحَالِفِ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِلْكَ الْحَالِفِ أَوْ مِلْكَ غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى زِيَادَةُ تَحْرِيرٍ لِهَذَا الْمَحَلِّ فِي الْأَيْمَانِ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضْنَا لِذِكْرِ ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ بَعْضَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ اغْتَرَّ بِعِبَارَةِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَيْمَانِ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْحِنْثِ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فِي قَوْلِهِ لَا يَدْخُلُ فُلَانٌ دَارِي، وَهُوَ مَا اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْحَلِفِ عَلَى مَا لَا يَمْلِكُهُ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَجِيئِي) بِفِعْلِ الْمُؤَنَّثَةِ الْمُخَاطَبَةِ لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ح (قَوْلُهُ السَّاعَةَ) رَاجِعٌ إلَيْهِمَا، وَقَيَّدَ بِهَا لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ لَا يَحْنَثُ فِيهَا إلَّا بِالْيَأْسِ بِنَحْوِ مَوْتِ الْحَالِفِ أَوْ ضَيَاعِ الثَّوْبِ ط (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ، وَقِيلَ يَحْنَثُ فِيهِمَا ط عَنْ الْبَحْرِ.

قُلْت: وَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تَجِيئِي بِمَتَاعِ كَذَا غَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَبَعَثَتْ الْمَرْأَةُ بِهِ عَلَى يَدِ إنْسَانٍ فَإِنْ كَانَ نَوَى وُصُولَ الْمَتَاعِ إلَيْهِ غَدًا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ لَفْظِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَى حَمْلَهَا بِنَفْسِهَا حَنِثَ وَلَا يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى الْوُصُولِ إلَّا بِالنِّيَّةِ اهـ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْيَمِينُ) لِأَنَّهُ بَعْدَ إبْرَائِهَا مِنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ (قَوْلُهُ مَا يُكْتَبُ فِي التَّعْلِيقِ) أَيْ مَا يَكْتُبُهُ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ خَوْفِ الْمَرْأَةِ مِنْ نَقْلِهَا أَوْ تَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ مَتَى نَقَلَهَا إلَخْ) جَوَابُ مَتَى مَحْذُوفٌ أَيْ فَهِيَ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ وَأَبْرَأَتْهُ بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ عَلَى قَوْلِهِ نَقَلَهَا أَوْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَلَوْ دَفَعَ لَهَا الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الدَّيْنِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِنْ كَذَا أَوْ كُلَّ بَاقِي الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ هَلْ تَبْطُلُ) أَيْ الْيَمِينُ الْمَذْكُورُ، وَوَجْهُ التَّوَقُّفِ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطَيْنِ وَهُمَا النَّقْلُ وَالْإِبْرَاءُ أَوْ التَّزَوُّجُ وَالْإِبْرَاءُ فَإِذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْآخَرِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ مَعَ أَنَّ الْمُبْرَأَ عَنْهُ قَدْ دَفَعَهُ لَهَا (قَوْلُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: الْإِبْرَاءُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ صَحِيحٌ لِأَنَّ السَّاقِطَ بِالْقَضَاءِ الْمُطَالَبَةُ لَا أَصْلُ الدَّيْنِ فَيَرْجِعُ الْمَدْيُونُ بِمَا أَدَّاهُ إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَإِذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ فَلَا رُجُوعَ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَطْلَقَهَا. وَعَلَى هَذَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِإِبْرَائِهَا عَنْ الْمَهْرِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لَا يَبْطُلُ التَّعْلِيقُ، فَإِذَا أَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ وَقَعَ وَرَجَعَ عَلَيْهَا. اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّيْنَ وَصْفٌ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ وَالدَّيْنُ يَقْضِي بِمِثْلِهِ أَيْ إذَا أَوْفَى مَا عَلَيْهِ لِغَرِيمِهِ ثَبَتَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَا لِغَرِيمِهِ عَلَيْهِ فَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ، فَإِذَا أَبْرَأَهُ غَرِيمُهُ بَرَاءَةَ إسْقَاطٍ سَقَطَ مَا بِذِمَّتِهِ لِغَرِيمِهِ فَتَثْبُتُ لَهُ مُطَالَبَةُ غَرِيمِهِ

ص: 380

حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ لَا كَفَّارَةَ وَلَا يُعْتَقُ عَبْدُهُ، إمَّا لِصِدْقِهِ أَوْ لِأَنَّهَا غَمُوسٌ، وَلَا مَدْخَلَ لِلْقَضَاءِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ الْأُولَى بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ لِدُخُولِهَا فِي الْقَضَاءِ.

أَخَذَتْ مِنْ مَالِهِ دِرْهَمًا فَاشْتَرَتْ بِهِ لَحْمًا وَخَلَطَهُ اللَّحَّامُ بِدَرَاهِمِهِ وَقَالَ زَوْجُهَا إنْ لَمْ تَرُدِّيهِ الْيَوْمَ فَأَنْتِ كَذَا فَحِيلَتُهُ أَنْ تَأْخُذَ كِيسَ اللَّحْمِ وَتُسَلِّمَهُ لِلزَّوْجِ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمِ وَلَا حِنْثَ، وَلَوْ ضَاعَ مِنْ اللَّحْمِ فَمَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أُذِيبَ أَوْ سَقَطَ فِي الْبَحْرِ لَا يَحْنَثُ.

حَلَفَ إنْ لَمْ أَكُنْ الْيَوْمَ فِي الْعَالَمِ أَوْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا فَكَذَا يُحْبَسُ وَلَوْ فِي بَيْتٍ حَتَّى يَمْضِيَ الْيَوْمُ، وَلَوْ حَلَفَ إنْ لَمْ يُخَرِّبْ بَيْتَ فُلَانٍ غَدًا فَقُيِّدَ وَمُنِعَ حَتَّى مَضَى الْغَدُ حَنِثَ وَكَذَا إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ فَكَذَا فَقُيِّدَ، أَوْ إنْ لَمْ أَذْهَبْ بِك إلَى مَنْزِلِي فَأَخَذَهَا فَهَرَبَتْ مِنْهُ، أَوْ إنْ لَمْ تَحْضُرِي اللَّيْلَةَ مَنْزِلِي فَكَذَا فَمَنَعَهَا أَبُوهَا حَنِثَ فِي الْمُخْتَارِ،

ــ

[رد المحتار]

بِمَا أَوْفَاهُ، فَقَدْ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ بَعْدَ الدَّفْعِ، فَلَا تَبْطُلُ الْيَمِينُ بَلْ يَتَوَقَّفُ الْوُقُوعُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَبْرَأَهُ بَرَاءَةَ اسْتِيفَاءٍ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ وَبِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَدْيُونُ لِعَدَمِ سُقُوطِ مَا بِذِمَّتِهِ بِذَلِكَ. وَأَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي فِي زَمَانِنَا حَمْلُهَا عَلَى الِاسْتِيفَاءِ لِعَدَمِ فَهْمِهِمْ غَيْرَهَا

(قَوْلُهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا لَا يَدْخُلُ. وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ عَلَى الثَّانِي تَكُونُ الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً لِكَوْنِهَا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ. وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ عَلَى الْمَاضِي لِتَنَاقُضِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ.

فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ الْأَيْمَانِ الَّتِي يُكَذِّبُ بَعْضُهَا بَعْضًا: حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ ثُمَّ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَهَا الْيَوْمَ لَا كَفَّارَةَ وَلَا يُعْتَقُ عَبْدُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَحْنَثْ وَلَا كَفَّارَةَ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَهِيَ يَمِينُ الْغَمُوسِ فَلَا تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ، وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْقَضَاءِ فَلَمْ يَصْرِفْهَا مُكَذِّبًا شَرْعًا، فَلَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِالْعِتْقِ وَهُوَ عَدَمُ الدُّخُولِ؛ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ لِأَنَّ لَهَا مَدْخَلًا فِي الْقَضَاءِ. اهـ. (قَوْلُهُ حَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ) لِأَنَّهُ بِكُلٍّ زَعَمَ الْحِنْثَ فِي الْأُخْرَى كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ عِتْقِ الْبَعْضِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَاعَ مِنْ اللَّحَّامِ إلَخْ) هَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي الْيَمِينِ الْمُطْلَقَةِ عَنْ ذِكْرِ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، فَعُلِمَ بِهِ أَنَّ قَوْلَهُمْ يُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ إمْكَانُ الْبِرِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُقَيَّدَةِ بِالْوَقْتِ فَعَدَمُهُ مُبْطِلٌ لَهَا أَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَعَدَمُهُ مُوجِبٌ لِلْحِنْثِ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُقَيَّدَةً بِالْوَقْتِ يَحْنَثُ بِمُضِيِّهِ إلَّا إذَا عَجَزَتْ عَنْ رَدِّهِ بِأَنْ ضَاعَ أَوْ أُذِيبَ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُطْلَقَةً فَلَا يَحْنَثُ وَإِنْ ضَاعَ مَا دَامَا حَيَّيْنِ لِإِمْكَانِ وُجْدَانِهِ أَمَّا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أُذِيبَ أَوْ سَقَطَ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ أَكُنْ إلَخْ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ، وَقَدْ رَاجَعْت عِبَارَةَ الصَّيْرَفِيَّةِ فَرَأَيْت فِيهَا إنْ أَكُنْ بِدُونِ لَمْ وَهُوَ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ يُحْبَسُ إلَخْ) سَوَاءٌ حَبَسَهُ الْقَاضِي أَوْ الْوَلِيُّ لِأَنَّ الْحَبْسَ يُسَمَّى نَفْيًا قَالَ تَعَالَى {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] بَحْرٌ عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ أَيْ فَإِنَّ الْآيَةَ مَحْمُولَةٌ عِنْدَنَا عَلَى الْحَبْسِ.

مَطْلَبٌ الْمَحْبُوسُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا

وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ الْوَزِيرَ ابْنَ مُقْلَةَ لَمَّا حَبَسَهُ الرَّاضِي بِاَللَّهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ أَنْشَدَ قَوْلَهُ:

خَرَجْنَا مِنْ الدُّنْيَا وَنَحْنُ مِنْ أَهْلِهَا

فَلَسْنَا مِنْ الْمَوْتَى نُعَدُّ وَلَا الْأَحْيَا

إذَا جَاءَنَا السَّجَّانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ

فَرِحْنَا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا مِنْ الدُّنْيَا

ص: 381

بِخِلَافِ لَا أَسْكُنُ فَأُغْلِقَ الْبَابُ أَوْ قُيِّدَ لَا يَحْنَثُ فِي الْمُخْتَارِ

قُلْت قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ شَرْطِ الْحِنْثِ حَنِثَ فِي الْعَدَمِيِّ لَا الْوُجُودِيِّ. قَالَ فِي النَّهْرِ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ فِي الْمُخْتَارِ) لِأَنَّهُ مُسْكَنٌ لَا سَاكِنٌ، وَشَرْطُ الْحِنْثِ هُوَ السُّكْنَى، وَإِنَّمَا تَكُونُ السُّكْنَى بِفِعْلِهِ إذَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ إنْ لَمْ أَخْرُجْ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمُ الْفِعْلِ وَالْعَدَمُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الِاخْتِيَارِ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَفَادَهُ أَيْضًا أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ لَا فِيمَا إذَا مُنِعَ بِقَيْدٍ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَنْعُ حِسِّيًّا لَا يَحْنَثُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِهِ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا فِي الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ.

مَطْلَبٌ الْأَصْلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إنْ كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ يَحْنَثُ

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَالْأَصْلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ إنْ كَانَ عَدَمِيًّا وَعَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ فَالْمُخْتَارُ الْحِنْثُ، وَإِنْ كَانَ وُجُودِيًّا وَعَجَزَ فَالْمُخْتَارُ عَدَمُ الْحِنْثِ. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ مُبَاشَرَتِهِ يَعُودُ إلَى شَرْطِ الْبِرِّ لَا شَرْطِ الْحِنْثِ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَطَلُّبِهِ وَالْحَالِفُ إنَّمَا يَطْلُبُ شَرْطَ الْبِرِّ فَيُحَصِّلُهُ أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ مَتَى عَجَزَ عَنْ شَرْطِ الْبِرِّ فَافْهَمْ.

هَذَا، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ فِي الْبَحْرِ فَرْعَيْنِ: أَحَدَهُمَا مَسْأَلَةُ الْعَسَسِ الْمَارَّةُ، وَالثَّانِيَ مَا فِي الْقُنْيَةِ إنْ لَمْ أَعْمَلْ هَذِهِ السَّنَةَ فِي الْمُزَارَعَةِ بِتَمَامِهَا فَمَرِضَ وَلَمْ يُتِمَّ حَنِثَ، وَلَوْ حَبَسَهُ السُّلْطَانُ لَا يَحْنَثُ اهـ قَالَ: فَإِنَّ الشَّرْطَ فِيهِمَا الْعَدَمُ وَقَدْ أَثَّرَ فِيهِ الْحَبْسُ. اهـ.

قُلْت: أَمَّا مَسْأَلَةُ الْعَسَسِ فَقَدْ مَرَّ الْجَوَابُ عَنْهَا، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْقُنْيَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَنْعُ غَيْرَ حِسِّيٍّ، فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْمَنْعِ بِالْمَرَضِ وَالْمَنْعِ بِحَبْسِ السُّلْطَانِ لِأَنَّ الْحَبْسَ إغْلَاقٌ لِبَابِ الْحَبْسِ فَهُوَ مَنْعٌ غَيْرُ حِسِّيٍّ، بِخِلَافِ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ كَالْقَيْدِ فَهُوَ مَنْعٌ حِسِّيٌّ، لَكِنْ فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْخَامِسَ عَشَرَ إنْ لَمْ تَحْضُرِينِي اللَّيْلَةَ فَكَذَا فَقُيِّدَتْ وَمُنِعَتْ مَنْعًا حِسِّيًّا، ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فَقَدْ صُحِّحَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْمَنْعِ الْحِسِّيِّ، لَكِنْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمُخْتَارَ الْحِنْثُ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهَا مُنِعَتْ مَنْعًا حِسِّيًّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَرْجِيحٌ لِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْأَصْلِ الْمَارِّ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا عَدَمِيٌّ وَيَكُونُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمَنْعِ الْحِسِّيِّ وَغَيْرِهِ خَاصًّا فِيمَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ وُجُودِيًّا، وَيَكُونُ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مَبْنِيًّا عَلَى إجْرَائِهِ فِي الْعَدَمِيِّ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ] اعْلَمْ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ فَوَاتَ الْمَحَلِّ يُبْطِلُ الْيَمِينَ، وَبِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ يُبْطِلُهَا أَيْضًا لَوْ مُؤَقَّتَةً لَا لَوْ مُطْلَقَةً، وَبِأَنَّ إمْكَانَ تَصَوُّرِ الْبِرِّ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهَا فِي الِابْتِدَاءِ مُطْلَقًا وَشَرْطٌ لِبَقَائِهَا لَوْ مُؤَقَّتَةً، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ فِي لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ الْيَوْمَ وَلَا مَاءَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ. وَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ ابْتِدَاءً، وَفِيمَا لَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَصُبَّ تَبْطُلُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْبِرِّ بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَالْعَجْزُ فِيهِ نَاشِئٌ عَنْ فَوَاتِ الْمَحَلِّ، وَفِي إنْ لَمْ أَخْرُجْ وَنَحْوِهِ فَقُيِّدَ وَمُنِعَ يَحْنَثُ لِأَنَّ الْعَجْزَ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ فَوَاتِ الْمَحَلِّ لِأَنَّ الْمَحَلَّ فِيهِ هُوَ الْحَالِفُ أَوْ الْمَرْأَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، بِخِلَافِ الْمَاءِ الَّذِي صُبَّ، فَإِذَا لَمْ يَخْرُجْ تَحَقَّقَ شَرْطُ الْحِنْثِ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّ، وَإِنْ عَجَزَ حَقِيقَةً لِإِمْكَانِ الْبِرِّ عَقْلًا، بِأَنْ يُطْلِقَهُ الْحَابِسُ لَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَمَسَّ السَّمَاءَ الْيَوْمَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمُضِيِّهِ لِأَنَّهُ وَإِنْ اسْتَحَالَ عَادَةً، لَكِنَّهُ فِي نَفْسِهِ مُمْكِنٌ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صُبَّ الْمَاءُ لِأَنَّ عَوْدَ الْمَاءِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ

ص: 382