الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ) نَفْسِهِ عَنْ ذِكْرِ الْعَدَدِ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ الْوُقُوعُ بِالصِّيغَةِ.
(فَلَوْ مَاتَتْ) يَعُمُّ الْمَوْطُوءَةَ وَغَيْرَهَا (بَعْدَ الْإِيقَاعِ قَبْلَ) تَمَامِ (الْعَدَدِ لَغَا) لِمَا تَقَرَّرَ.
(وَلَوْ مَاتَ) الزَّوْجُ أَوْ أَخَذَ أَحَدٌ فَمَهُ قَبْلَ ذِكْرِ الْعَدَدِ (وَقَعَ وَاحِدَةٌ)
ــ
[رد المحتار]
أَوْ وَاحِدَةً وَعِشْرِينَ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ فِي الْمُعْتَادِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ فِي الْعَادَةِ مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ وَأَلْفٌ وَوَاحِدَةٌ، فَلَمْ تُجْعَلْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ كَلَامًا وَاحِدًا، بَلْ اُعْتُبِرَ عَطْفًا. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاحِدَةٌ وَمِائَةٌ وَمِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ سَوَاءٌ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ غَيْرُ الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَجَزَمَ الزَّيْلَعِيُّ بِهِ فِي وَاحِدَةٍ وَعِشْرِينَ يُومِئُ إلَى تَرْجِيحِهِ.
[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]
(قَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ) أَيْ مَتَى قُرِنَ الطَّلَاقُ بِالْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْعَدَدِ بِدَلِيلِ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِطَالِقٍ لَبَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ فَلَغَا الْعَدَدُ، وَمِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِطَالِقٍ لَكَانَ الْعَدَدُ فَاصِلًا فَوَقَعَ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْوُقُوعَ أَيْضًا بِالْمَصْدَرِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَكَذَا بِالصِّفَةِ عِنْدَ ذِكْرِهَا كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا لَا يَقَعُ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ لَوَقَعَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسَّنَةِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ لِلسَّنَةِ أَوْ بَائِنٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلْإِيقَاعِ لَا لِلتَّطْلِيقَةِ فَيَتَوَقَّفُ الْإِيقَاعُ عَلَى ذِكْرِ الصِّفَةِ وَأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ وَكَذَا مَا فِي عِتْقِ الْخَانِيَّةِ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَلْبَتَّةَ فَمَاتَ الْعَبْدُ (قَبْلَ أَلْبَتَّةَ) يَمُوتُ عَبْدًا بَحْرٌ مِنْ الْبَابِ الْمَارِّ عِنْدَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوَّلًا، وَقَالَ هُنَا وَيَدْخُلُ فِي الْعَدَدِ أَصْلُهُ وَهُوَ الْوَاحِدَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِهِ بِالْإِيقَاعِ، وَلَا يَضُرُّ انْقِطَاعُ النَّفَسِ فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ، وَلَوْ انْقَطَعَ النَّفَسُ أَوْ أَخَذَ إنْسَانٌ فَمَهُ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا عَلَى الْفَوْرِ فَثَلَاثٌ، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا فَاطِمَةُ أَوْ يَا زَيْنَبُ ثَلَاثًا وَقَعْنَ؛ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ اشْهَدُوا ثَلَاثًا فَوَاحِدَةٌ، وَلَوْ قَالَ: فَاشْهَدُوا فَثَلَاثٌ، وَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةَ اهـ.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّ انْقِطَاعَ النَّفَسِ وَإِمْسَاكَ الْفَمِ لَا يَقْطَعُ الِاتِّصَالَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ، وَكَذَا النِّدَاءُ لِأَنَّهُ لِتَعْيِينِ الْمُخَاطَبَةِ، وَكَذَا عَطْفُ فَاشْهَدُوا بِالْفَاءِ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا فَصَارَ الْكُلُّ كَلَامًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَدَدِ) أَيْ عِنْدَ التَّصْرِيحِ بِهِ، فَلَا يَكْفِي قَصْدُهُ كَمَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ مَاتَ أَوْ أَخَذَ أَحَدٌ فَمَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْإِيقَاعِ) الْمُرَادُ بِهِ ذِكْرُ الصِّيغَةِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْإِيقَاعِ لَوْلَا الْعَدَدُ (قَوْلُهُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَدَدِ) قُدِّرَ لَفْظُ تَمَامٍ تَبَعًا لِلْبَحْرِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَحَدَ عَشَرَ فَمَاتَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ لَغَا) أَيْ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ نَهْرٌ، فَيَثْبُتُ الْمَهْرُ بِتَمَامِهِ وَيَرِثُ الزَّوْجُ مِنْهَا ط (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْوُقُوعَ بِالْعَدَدِ وَهِيَ لَمْ تَكُنْ مَحَلًّا عِنْدَ وُقُوعِ الْعَدَدِ ح أَوْ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ صَدْرَ الْكَلَامِ يَتَوَقَّفُ عَلَى آخِرِهِ لِوُجُودِ مَا يُغَيِّرُهُ كَالشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ وُجُودَهُمَا يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ إيقَاعًا، بِخِلَافِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا عَمْرَةُ فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ يَا عَمْرَةُ طَلُقَتْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُغَيِّرٍ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَتْ قَبْلَ الثَّانِي لِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ عَامِلٍ فِي الْوُقُوعِ إنَّمَا يَعْمَلُ إذَا صَادَفَهَا وَهِيَ حَيَّةٌ؛ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَمَاتَتْ عِنْدَ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي لَا يَقَعُ لِمَا مَرَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَ أَحَدٌ فَمَهُ) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَدَدَ عَلَى الْفَوْرِ
عَمَلًا بِالصِّيغَةِ لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِلَفْظِهِ لَا بِقَصْدِهِ.
(وَلَوْ قَالَ) لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ (أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً) بِالْعَطْفِ (أَوْ قَبْلَ وَاحِدَةٍ أَوْ بَعْدَهَا وَاحِدَةٌ يَقَعُ وَاحِدَةٌ) بَائِنَةٌ، وَلَا تَلْحَقُهَا الثَّانِيَةُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ.
(وَفِي) أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً (بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ أَوْ مَعَ وَاحِدَةٍ أَوْ مَعَهَا وَاحِدٌ ثِنْتَانِ) ، الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَوْقَعَ بِالْأَوَّلِ لَغَا الثَّانِي، أَوْ بِالثَّانِي اقْتَرَنَا، لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي الْمَاضِي إيقَاعٌ فِي الْحَالِ.
(وَ) يَقَعُ (بِأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ ثِنْتَانِ لَوْ دَخَلَتْ) لِتَعَلُّقِهِمَا بِالشَّرْطِ دُفْعَةً.
ــ
[رد المحتار]
عِنْدَ رَفْعِ الْيَدِ عَنْ فَمِهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ ثَلَاثًا مَثَلًا عَلَى الْفَوْرِ وَقَعْنَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالصِّيغَةِ) أَشَارَ إلَى وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَوْتِهَا وَمَوْتِهِ، وَهُوَ أَنَّ الزَّوْجَ وَصَلَ لَفْظَ الطَّلَاقِ بِذِكْرِ الْعَدَدِ فِي مَوْتِهَا وَلَمْ يَتَّصِلْ فِي مَوْتِهِ ذِكْرُ الْعَدَدِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ، فَبَقِيَ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ عَامِلٌ بِنَفْسِهِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوُقُوعَ بِلَفْظِهِ لَا بِقَصْدِهِ) الضَّمِيرُ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلْعَدَدِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ التَّعْلِيلُ لِمَنْطُوقِ الْعِلَّةِ الَّتِي قَبْلَهُ.
وَعَلَى الثَّانِي لِمَفْهُومِهَا وَهُوَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالْعَدَدِ الَّذِي قَصَدَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِالْعَطْفِ) أَيْ بِالْوَاوِ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ لِلْمَعِيَّةِ أَوْ لِلتَّقَدُّمِ أَوْ التَّأَخُّرِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ الْأَوَّلُ عَلَى الْآخِرِ إلَّا لَوْ كَانَتْ لِلْمَعِيَّةِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فَيَعْمَلُ كُلُّ لَفْظٍ بِالْأَوْلَى فَلَا يَقَعُ مَا بَعْدَهَا، وَمِثْلُ الْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ وَثُمَّ بِالْأَوْلَى لِاقْتِضَاءِ الْفَاءِ التَّعْقِيبَ وَثُمَّ التَّرَاخِي مَعَ التَّرْتِيبِ فِيهِمَا؛ وَأَمَّا بَلْ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثِنْتَيْنِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهَا بَاقٍ بِالْأُولَى، وَلَوْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا تَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ غَلِطَ فِي إيقَاعِ الْوَاحِدَةِ وَرَجَعَ عَنْهَا إلَى إيقَاعِ الثِّنْتَيْنِ بَدَلَهَا فَصَحَّ إيقَاعُهُمَا دُونَ رُجُوعِهِ.
نَعَمْ لَوْ قَالَ لَهَا: طَلَّقْتُكِ أَمْسِ وَاحِدَةً لَا بَلْ ثِنْتَيْنِ تَقَعُ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ يَقْبَلُ التَّدَارُكَ فِي الْغَلَطِ، بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ وَاحِدَةٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّ الظَّرْفَ حَيْثُ ذُكِرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ إنْ أُضِيفَ إلَى ظَاهِرٍ كَانَ صِفَةً لِلْأَوَّلِ كَجَاءَنِي زَيْدٌ قَبْلَ عَمْرٍو، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى ضَمِيرِ الْأَوَّلِ كَانَ صِفَةً لِلثَّانِي كَجَاءَنِي زَيْدٌ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَمْرٌو لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ خَبَرٌ عَنْ الثَّانِي وَالْخَبَرُ وَصْفٌ لِلْمُبْتَدَأِ، وَالْمُرَادُ بِالصِّفَةِ الْمَعْنَوِيَّةُ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِيَّةِ هُوَ الظَّرْفُ فَقَطْ، وَإِلَّا فَالْجُمْلَةُ فِي قَبْلَهُ عَمْرٌو حَالٌ مِنْ زَيْدٍ لِوُقُوعِهَا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ وَالْحَالُ وَصْفٌ لِصَاحِبِهَا؛ فَفِي وَاحِدَةً قَبْلَ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَ الْأُولَى قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَبَانَتْ بِهَا، فَلَا تَقَعُ الثَّانِيَةُ وَفِي بَعْدَهَا ثَانِيَةٌ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ وَصَفَ الثَّانِيَةَ بِالْبَعْدِيَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِهَا لَمْ تَقَعْ فَهَذَا أَوْلَى.
وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَفِي الْمَدْخُولِ بِهَا تَقَعُ ثِنْتَانِ لِوُجُودِ الْعِدَّةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ثِنْتَانِ) لِأَنَّهُ فِي وَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ جَعَلَ الْبَعْدِيَّةَ صِفَةً لِلْأُولَى فَاقْتَضَى إيقَاعَ الثَّانِيَةِ قَبْلَهَا لِأَنَّ الْإِيقَاعَ فِي الْمَاضِي إيقَاعٌ فِي الْحَالِ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِنَادِ إلَى الْمَاضِي فَيَقْتَرِنَانِ فَتَقَعُ ثِنْتَانِ، وَكَذَا فِي وَاحِدَةٍ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَبْلِيَّةَ صِفَةً لِلثَّانِيَةِ فَاقْتَضَى إيقَاعُهَا قَبْلَ الْأُولَى فَيَقْتَرِنَانِ، وَأَمَّا (مَعَ) فَلِلْقِرَانِ فَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِالضَّمِيرِ، وَإِلَّا فَاقْتَضَى وُقُوعُهُمَا مَعًا تَحْقِيقًا لِمَعْنَاهَا (قَوْلُهُ مَتَى وَقَعَ بِالْأَوَّلِ) كَمَا فِي قَبْلَ وَاحِدَةٍ وَبَعْدَهَا وَاحِدَةٌ فَإِنَّ الْأُولَى فِيهِمَا هِيَ الْوَاقِعَةُ لِوَصْفِهَا بِأَنَّهَا قَبْلَ الثَّانِيَةِ أَوْ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ بَعْدَهَا، وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهَا قَبْلَ الثَّانِيَةِ فَتَكُونُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةً فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَغَتْ (قَوْلُهُ أَوْ بِالثَّانِي اقْتَرَنَا) الْمُرَادُ بِالثَّانِي الْمُتَأَخِّرُ فِي إنْشَاءِ الْإِيقَاعِ لَا فِي اللَّفْظِ وَذَلِكَ كَمَا فِي بَعْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ قَبْلَهَا وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ أَوْقَعَ فِيهِمَا وَاحِدَةً وَهِيَ الْأُولَى الْمَوْصُوفَةُ بِأَنَّهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ، أَوْ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ قَبْلَهَا، وَهُوَ مَعْنَى كَوْنِهَا بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَيَقْتَرِنَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالثَّانِي اللَّفْظُ الْمُتَأَخِّرُ فَإِنَّهُ سَابِقٌ فِي الْإِيقَاعِ مِنْ حَيْثُ الْإِخْبَارُ لِتَضَمُّنِ الْكَلَامِ الْإِخْبَارَ عَنْ إيقَاعِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَيَقَعُ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِدُخُولِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِنْ فَرَّقَ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عَقِبَهُ (قَوْلُهُ ثِنْتَانِ) أَيْ إنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ زَادَ فَثَلَاثٌ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالشَّرْطِ دُفْعَةً) لِأَنَّ الشَّرْطَ مُغَيِّرٌ لِلْإِيقَاعِ، فَإِذَا اتَّصَلَ الْمُغَيِّرُ تَوَقَّفَ صَدْرُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ كُلٌّ مِنْ الطَّلْقَتَيْنِ
(وَ) تَقَعُ (وَاحِدَةٌ إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنَجَّزِ
(وَ) يَقَعُ (فِي الْمَوْطُوءَةِ ثِنْتَانِ) فِي كُلِّهَا لِوُجُودِ الْعِدَّةِ؛ وَمِنْ مَسَائِلِ قَبْلُ وَبَعْدُ مَا قِيلَ:
مَا يَقُولُ الْفَقِيهُ أَيَّدَهُ اللَّهُ
…
وَلَا زَالَ عِنْدَهُ الْإِحْسَانُ
فِي فَتًى عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِشَهْرٍ
…
قَبْلَ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ
وَيُنْشَدُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ، فَيَقَعُ بِمَحْضِ قَبْلُ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَبِمَحْضِ بَعْدُ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ وَبِقَبْلٍ أَوَّلًا أَوْ وَسَطًا أَوْ آخِرًا فِي شَوَّالٍ، وَيَبْعُدُ كَذَلِكَ فِي شَعْبَانَ لِإِلْغَاءِ الطَّرَفَيْنِ فَيَبْقَى قَبَله أَوْ بَعْدَهُ رَمَضَانُ.
ــ
[رد المحتار]
مَعًا فَيَقَعَانِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَدَّمَ الشَّرْطَ فَلَا يَتَوَقَّفُ لِعَدَمِ الْمُغَيِّرِ (قَوْلُهُ وَتَقَعُ وَاحِدَةٌ إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ) هَذَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا ثِنْتَانِ أَيْضًا وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنَجَّزِ: أَيْ يَصِيرُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ كَالْمُنَجَّزِ، وَلَوْ نَجَّزَهُ حَقِيقَةً لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَ الشَّرْطَ لِوُجُودِ الْمُغَيِّرِ زَيْلَعِيٌّ.
[تَنْبِيهٌ] الْعَطْفُ بِالْفَاءِ كَالْوَاوِ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ اتِّفَاقًا عَلَى الْأَصَحِّ وَتَلْغُو الثَّانِيَةُ، وَثِنْتَانِ إنْ أَخَّرَهُ وَفِي الْعَطْفِ بِثُمَّ إنْ أَخَّرَهُ تَنَجَّزَتْ وَاحِدَةٌ وَلَغَا مَا بَعْدَهَا وَلَوْ مَوْطُوءَةً تَعَلَّقَ الْأَخِيرُ وَتَنَجَّزَ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ لَغَا الثَّالِثُ وَتَنَجَّزَ الثَّانِي وَتَعَلَّقَ الْأَوَّلُ، فَيَقَعُ عِنْدَ الشَّرْطِ بَعْدَ التَّزَوُّجِ الثَّانِي، وَلَوْ مَوْطُوءَةً تَعَلَّقَ الْأَوَّلُ وَتَنَجَّزَ مَا بَعْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا تَعَلَّقَ الْكُلُّ بِالشَّرْطِ قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ إلَّا أَنَّ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ تَطْلُقُ الْمَوْطُوءَةُ ثَلَاثًا وَغَيْرُهَا وَاحِدَةً وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كُلِّهَا) أَيْ كُلِّ الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْعَطْفِ بِلَا تَعْلِيقٍ بِشَرْطٍ وَفِي قَبْلُ وَبَعْدُ وَفِي الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ الْمُتَأَخِّرِ.
مَطْلَبٌ فِي قَبْلِ مَا بَعْدَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ
(قَوْلُهُ وَمِنْ مَسَائِلِ قَبْلُ وَبَعْدُ مَا قِيلَ) أَيْ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ نَظْمًا مِنْ بَحْرِ الْخَفِيفِ. وَرَأَيْت فِي شَرْحِ الْمَجْمُوعِ لِلْأُشْمُونِيِّ شَارِحِ الْأَلْفِيَّةِ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَ رُفِعَ لِلْعَلَّامَةِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْحَاجِبِ بِأَرْضِ الشَّامِ وَأَفْتَى فِيهِ وَأَبْدَعَ وَقَالَ إنَّهُ مِنْ الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ فِي مِثْلِ هَذَا الزَّمَانِ وَأَنَّهُ يُنْشَدُ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّ مَا بَعْدُ " مَا قَدْ يَكُونُ قَبْلَيْنِ أَوْ بَعْدَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ قَبْلٌ أَوْ بَعْدٌ صَارَتْ ثَمَانِيَةً " وَالْقَاعِدَةُ فِي الْجَمِيعِ أَنَّهُ كُلَّمَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْهَا قَبْلُ وَبَعْدُ فَأَلْغِهِمَا لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ حَاصِلٌ بَعْدَ مَا هُوَ قَبْلَهُ وَحَاصِلُ قَبْلُ مَا هُوَ بَعْدَهُ، وَلَا يَبْقَى حِينَئِذٍ إلَّا بَعْدَهُ رَمَضَانُ، فَيَكُونُ شَعْبَانَ أَوْ قَبْلَهُ رَمَضَانُ فَيَكُونُ شَوَّالًا إلَخْ (قَوْلُهُ فِي ذِي الْحِجَّةِ) لِأَنَّ قَبْلَهُ ذَا الْقِعْدَةِ، وَقَبْلَ هَذَا الْقَبْلِ شَوَّالٌ، وَقَبْلَ قَبْلِ الْقَبْلِ رَمَضَانُ ط (قَوْلُهُ فِي جُمَادَى الْآخَرِ) لِأَنَّ بَعْدَهُ رَجَبًا؛ وَبَعْدَ ذَلِكَ شَعْبَانَ وَبَعْدَ بَعْدِ الْبَعْدِ رَمَضَانَ ط (قَوْلُهُ فِي شَوَّالٍ) صَوَابُهُ فِي شَعْبَانَ ح أَيْ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَبْلًا ذَكَرَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَتَكَرَّرَ بَعْدُ فَيَلْغَى لَفْظُ قَبْلُ وَلَفْظُ بَعْدُ مَرَّةً وَيَبْقَى لَفْظُ بَعْدُ الثَّانِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ؛ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ شَعْبَانُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَبْعُدُ كَذَلِكَ) أَيْ وَلَا وَسَطًا أَوْ وَاسِطًا أَوْ آخِرَ اح (قَوْلُهُ فِي شَعْبَانَ) صَوَابُهُ فِي شَوَّالٍ ح أَيْ لِنَظِيرِ مَا قُلْنَا (قَوْلُهُ لِإِلْغَاءِ الطَّرَفَيْنِ) الْمُرَادُ قَبْلُ وَبَعْدُ؛ كَأَنَّهُ إنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِمَا طَرَفَيْنِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّقَابُلِ. وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ: يُلْغَى قَبْلُ بِبَعْدُ، وَعِبَارَةُ النَّهْرِ: يُلْغَى قَبْلُ وَبَعْدُ لِأَنَّ كُلَّ شَهْرٍ بَعْدَ قَبْلِهِ وَقَبْلَ بَعْدِهِ؛ فَيَبْقَى قَبْلَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ شَوَّالُ أَوْ بَعْدَهُ رَمَضَانُ وَهُوَ شَعْبَانُ ح.
قُلْت: وَأَمَّا مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْمُلْغَى الطَّرَفَانِ الْأَوَّلَانِ يَعْنِي الْحَالِيَّيْنِ عَنْ الضَّمِيرِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا أَوْ اتَّفَقَا وَفَرَّعَ عَلَيْهِ لِلْأَخِيرِ الْمُضَافِ لِلضَّمِيرِ فَقَطْ فَهُوَ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرَهُ نَفْسُهُ أَوَّلًا وَلِمَا قَرَّرَهُ غَيْرُهُ.
(وَلَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَلَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ) اتِّفَاقًا. وَأَمَّا تَصْحِيحُ الزَّيْلَعِيِّ فَإِنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الصَّرِيحِ كَامْرَأَتِي حَرَامٌ كَمَا حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ وَسَيَجِيءُ فِي الْإِيلَاءِ
ــ
[رد المحتار]
[تَنْبِيهٌ] هَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا مُلْغَاةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً فَتَكُونَ فِي مَحَلِّ جَرٍّ بِإِضَافَةِ الظَّرْفِ الَّذِي قَبْلَهَا إلَيْهَا؛ وَفِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّمَانِيَةُ؛ لَكِنَّ أَحْكَامَهَا تَخْتَلِفُ فَفِي مَحْضِ قَبْلُ يَقَعُ فِي شَوَّالٍ، وَفِي مَحْضِ بَعْدُ فِي شَعْبَانَ، وَفِي قَبْلُ ثُمَّ بَعْدَيْنِ فِي جُمَادَى الْآخَرِ وَفِي بَعْدُ ثُمَّ قَبْلَيْنِ فِي ذِي الْحِجَّةِ وَفِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الْبَاقِيَةِ عَلَى عَكْسِ مَا مَرَّ فِي إلْغَاءِ مَا: أَيْ فَمَا وَقَعَ مِنْهَا فِي شَوَّالٍ أَوْ فِي شَعْبَانَ عَلَى تَقْدِيرِ الْإِلْغَاءِ يَقَعُ بِعَكْسِهِ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَوْصُولِيَّةِ أَوْ الْمَوْصُوفِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ بَدْرُ الدِّينِ الْغَزِّيِّ الشَّافِعِيُّ، وَرَأَيْتُهُ بِخَطِّهِ مَعْزِيًّا إلَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ إنَّ لِلسُّبْكِيِّ فِي ذَلِكَ مُؤَلِّفًا.
قُلْت: وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي رِسَالَةٍ كُنْت سَمَّيْتُهَا إتْحَافُ الذَّكِيِّ النَّبِيهِ بِجَوَابِ مَا يَقُولُ الْفَقِيهُ وَبَيَّنْتُ فِيهَا الْمَقَامَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَخُلَاصَةُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ: بِشَهْرٍ قَبْلَ مَا قَبْلَ قَبْلِهِ رَمَضَانُ عَلَى كَوْنِ مَا زَائِدَةً يَكُونُ رَمَضَانُ مُبْتَدَأً وَالظَّرْفُ الْأَوَّلُ خَبَرٌ عَنْهُ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى الثَّانِي لِأَنَّ مَا الزَّائِدَةَ لَا تَكُفُّ عَنْ الْعَمَلِ نَحْوُ - {فَبِمَا رَحْمَةٍ} [آل عمران: 159]- وَغَيْرُ مَا رَجُلٍ وَالثَّانِي مُضَافٌ إلَى الثَّالِثِ وَالْجُمْلَةُ مِنْ الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ صِفَةُ شَهْرٍ، وَالرَّابِطُ الضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ الظَّرْفُ الْأَخِيرُ؛ وَالْمَعْنَى بِشَهْرِ رَمَضَانَ كَائِنٍ قَبْلَ قَبْلِ قَبْلَهُ وَهُوَ ذُو الْحِجَّةِ، وَعَلَى كَوْنِ مَا مَوْصُولَةً يَكُونُ الظَّرْفُ الْأَوَّلُ صِفَةً لِشَهْرٍ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى الْمَوْصُولِ وَالظَّرْفُ الثَّانِي الْمُضَافُ إلَى الثَّالِثِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ عَنْ رَمَضَانَ وَالْجُمْلَةُ صِلَةُ مَا وَالْعَائِدُ الضَّمِيرُ الْأَخِيرُ؛ وَالْمَعْنَى بِشَهْرٍ كَائِنٍ قَبْلَ الشَّهْرِ الَّذِي رَمَضَانُ كَائِنٌ قَبْلَ قَبْلِهِ، فَالشَّهْرُ الَّذِي رَمَضَانُ قَبْلَ قَبْلِهِ هُوَ ذُو الْحِجَّةِ، فَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُوَ شَوَّالٌ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى تَقْدِيرِ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي بَاقِي الصُّوَرِ، وَقَدْ نَظَمْت جَمِيعَ مَا مَرَّ مِنْ الصُّوَرِ فَقُلْت:
خُذْ جَوَابًا عُقُودُهُ الْمَرْجَانُ
…
فِيهِ عَمَّا طَلَبْتَهُ تِبْيَانُ
فَجُمَادَى الْأَخِيرُ فِي مَحْضِ بَعْدُ
…
وَلِعَكْسٍ ذُو حِجَّةٍ إبَّانُ
ثُمَّ شَوَّالٌ لَوْ تَكَرَّرَ قَبْلُ
…
مَعَ بَعْدُ وَعَكْسُهُ شَعْبَانُ
أَلْغِ ضِدًّا بِضِدِّهِ وَهُوَ بَعْدُ
…
مَعَ قَبْلُ وَمَا بَقِيَ الْمِيزَانُ
ذَاكَ إنْ تُلْغِ مَا وَأَمَّا إذَا مَا
…
وَصَلْتَ أَوْ وَصَفْتَهَا فَالْبَيَانُ
جَاءَ شَوَّالٌ فِي تَمَحَّضَ قَبْلُ
…
وَلِعَكْسِ شَعْبَانَ جَاءَ الزَّمَانُ
وَجُمَادَى لِقَبْلِ مَا بَعْدَ بَعْدُ
…
فَهُوَ ثُمَّ ذُو حِجَّةٍ لِعَكْسٍ أَوَانُ
وَسِوَى ذَا بِعَكْسِ إلْغَائِهَا افْهَمْ
…
فَهُوَ تَحْقِيقُ مَنْ هُمْ الْفُرْسَانُ
وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا الْمَذْكُورَةِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
(قَوْلُهُ وَأَمَّا تَصْحِيحُ الزَّيْلَعِيِّ إلَخْ) رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ حَيْثُ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ هُوَ الصَّحِيحُ، احْتِرَازًا عَمَّا قِيلَ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلَاقٌ، وَعَزَاهُ إلَى إيلَاءِ الزَّيْلَعِيِّ.
وَاعْتِرَاضُهُ فِي الْمِنَحِ بِأَنَّ عِبَارَةَ الزَّيْلَعِيِّ هَكَذَا وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ طَلَاقٌ وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا تَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ، وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ.
وَفِي إيلَاءِ الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ أَنَّ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ تَقَعُ عَلَى كُلِّ تَطْلِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، بِخِلَافِ الصَّرِيحِ نَحْوَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ فَلَا تَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ. وَأَجَابَ الْأُوزَجَنْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَشْبَةُ، وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالذَّخِيرَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
وَفِي الْفَتْحِ: الْأَشْبَهُ عِنْدِي مَا فِي الْفَتَاوَى لِأَنَّ قَوْلَهُ حَلَالُ اللَّهِ أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ يَعُمُّ كُلَّ زَوْجَةٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ كَقَوْلِهِ هُنَّ طَوَالِقُ لَا الْبَدَلُ كَإِحْدَاكُنَّ طَالِقٌ، وَحَيْثُ وَقَعَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَقَعَ بَائِنًا.
مَطْلَبٌ فِيمَنْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ
وَفِي الْخَانِيَّةِ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ إلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فَظَهَرَ أَنَّ التَّصْحِيحَ فِي غَيْرِ الصَّرِيحِ كَحَلَالِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِ لِكَوْنِهِ يَعُمُّ كُلَّ زَوْجَةٍ لَا كَمَا زَعَمَ فِي الدُّرَرِ اهـ كَلَامُ الْمِنَحِ مُلَخَّصًا وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ عَنْ النَّهْرِ أَنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ هُنَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَعْنِي التَّحْرِيمَ، لَا بِقَيْدِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مُخَاطِبًا لِوَاحِدَةٍ، بَلْ يَجِبُ فِيهِ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ. اهـ.
أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَنَّ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ خِلَافًا لِمَا فِي الدُّرَرِ، وَلَا فِي: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَعُمُّ كُلَّ زَوْجَةٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ فَاخْتَارَ الْأُوزَجَنْدِيُّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ فَلَهُ صَرْفُهُ إلَى أَيَّتِهِمَا شَاءَ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ. وَاخْتَارَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ لِاسْتِغْرَاقِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا قُلْنَا إنَّهُ فِي الذَّخِيرَةِ حَكَاهُ فِي حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَهُوَ صَرِيحُ تَعْلِيلِ الْفَتْحِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كُلِّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّصْرِيحِ بِأَدَاةِ الْعُمُومِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى فَرْدٍ خَاصٍّ، بِخِلَافِ الْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْإِضَافَةِ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ عَدَمَ الْخِلَافِ فِي الصَّرِيحِ لَا لِخُصُوصِ صَرَاحَتِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ بِلَفْظِ امْرَأَتِي الَّذِي عُمُومُهُ بَدَلِيٌّ: أَيْ صَادِقٌ عَلَى وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا أَيِّ وَاحِدَةٍ كَانَتْ مِثْلُ قَوْلِهِ إحْدَاهُنَّ طَالِقٌ، حَتَّى لَوْ كَانَ الصَّرِيحُ بِلَفْظِ عُمُومِهِ اسْتِغْرَاقِيًّا مِثْلُ: حَلَالُ اللَّهِ طَالِقٌ أَوْ مَنْ يَحِلُّ لِي طَالِقٌ، أَوْ مَنْ فِي عَقْدِ نِكَاحِي طَالِقٌ، جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَكَانَ فِيهِ تَرْجِيحُ ابْنِ الْهُمَامِ أَظْهَرَ وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ امْرَأَتِي حَرَامٌ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ عُمُومَهُ بَدَلِيٌّ لَا اسْتِغْرَاقِيٌّ فَهُوَ مِثْلُ امْرَأَتِي طَالِقٌ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ حَمْلَ الشَّارِحِ تَصْحِيحَ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى امْرَأَتِي حَرَامٌ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِلْمَقَامِ، وَقَوْلُهُ كَمَا حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ فَظَهَرَ أَنَّ التَّصْحِيحَ فِي غَيْرِ الصَّرِيحِ كَحَلَالِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِ لِكَوْنِهِ يَعُمُّ كُلَّ زَوْجَةٍ فَاَلَّذِي حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْعَامِّ الِاسْتِغْرَاقِيِّ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فَافْهَمْ. وَيَظْهَرُ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا مِثْلُ قَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَمَا مَرَّ إنْ فَعَلْت كَذَا لَزِمَ الطَّلَاقُ وَوَقَعَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُحْتَمَلٌ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْمُرَادُ لَزِمَ الطَّلَاقُ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ مِنْ أَكْثَرَ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ صَرْفُهُ إلَى مَنْ شَاءَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ عَلَيَّ الْحَرَامُ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ إنْ فَعَلَ كَذَا فَامْرَأَتُهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ.
[تَنْبِيهٌ] لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُنَجَّزِ، وَكَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ مَرَّةً أَوْ أَكْثَرَ، فَلَهُ صَرْفُ الْأَكْثَرِ إلَى وَاحِدَةٍ. فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ فَوَائِدِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ قَالَ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَرَامٌ إنْ فَعَلَ كَذَا وَفَعَلَهُ وَحَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ إنْ فَعَلَ كَذَا وَفَعَلَهُ وَلَهُ امْرَأَتَانِ فَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ هَذَيْنِ الطَّلَاقَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَشَارَ فِي الزِّيَادَاتِ إلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ اهـ لَكِنْ إذَا بَانَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ وُقُوعِ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ صَرْفُهُ إلَيْهَا.
فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ، وَإِنْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَمَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ لَمْ تَنْتَقِضْ الْعِدَّةُ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ. اهـ.
(قَالَ لِنِسَائِهِ الْأَرْبَعِ بَيْنَكُنَّ تَطْلِيقَةٌ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ تَطْلِيقَةً، وَكَذَا لَوْ قَالَ بَيْنَكُنَّ تَطْلِيقَاتٌ أَوْ ثَلَاثٌ أَوْ أَرْبَعٌ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ قِسْمَةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ بَيْنَهُنَّ فَتَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا؛ وَلَوْ قَالَ بَيْنَكُنَّ خَمْسُ تَطْلِيقَاتٍ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلَاقَانِ هَكَذَا إلَى ثَمَانِ تَطْلِيقَاتٍ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا) وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ أَشْرَكْتُكُنَّ فِي تَطْلِيقَةٍ خَانِيَةٌ. وَفِيهَا (قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ مَدْخُولَتَيْنِ فَلَهُ إيقَاعُ الطَّلَاقِ عَلَى إحْدَاهُمَا) لِصِحَّةِ تَفْرِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَدْخُولَةِ لَا عَلَى غَيْرِهَا.
(قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَلَمْ يُسَمِّ وَلَهُ امْرَأَةٌ) مَعْرُوفَةٌ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ
ــ
[رد المحتار]
بَقِيَ شَيْءٌ، وَهُوَ مَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا فَهَلْ لَهُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً أَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْمَعَ الثَّلَاثَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ تَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ بَائِنَةً لِئَلَّا يَلْغُوَ وَصْفُ الْبَيْنُونَةِ وَهِيَ صِفَةُ الْأَصْلِ، أَوْ تَكُونُ رَجْعِيَّةً نَظَرًا لِلْوَاقِعِ.
وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ عَنْ الْمُنْيَةِ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ ثَلَاثُ نِسَاءٍ فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمْ طَلَاقًا بَائِنًا وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ لَهُ صَرْفَهُ إلَى مَنْ شَاءَ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ قَالَ لِنِسَائِهِ إلَخْ) وَجْهُ وُقُوعِ الْوَاحِدَةِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَنَّ بَعْضَ الطَّلْقَةِ طَلْقَةٌ كَمَا مَرَّ فَيُصِيبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي إيقَاعِ طَلْقَةٍ بَيْنَهُنَّ رُبُعُهَا، وَفِي طَلْقَتَيْنِ نِصْفُ طَلْقَةٍ، وَفِي ثَلَاثِ أَرْبَاعٍ طَلْقَةٌ، وَفِي أَرْبَعٍ طَلْقَةٌ كَامِلَةٌ (قَوْلُهُ فَتَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا) أَيْ فِي التَّطْلِيقَتَيْنِ، فَيَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَتَانِ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ طَلَاقَانِ إلَخْ) لِأَنَّهُ يُصِيبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي الْخَمْسِ طَلْقَةٌ وَرُبُعُ طَلْقَةٍ، وَفِي السِّتِّ طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ، وَفِي السَّبْعِ طَلْقَةٌ وَثَلَاثُ أَرْبَاعٍ، وَفِي الثَّمَانِ طَلْقَتَانِ، وَهَذَا حَيْثُ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا فِي الْكَافِي وَالْفَتْحِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا نَوَى قِسْمَةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ بَيْنَهُنَّ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ ثَلَاثًا) لِأَنَّهُ يُصِيبُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ طَلْقَتَانِ وَتُقَسَّمُ التَّاسِعَةُ مِنْهُنَّ، فَيَقَعُ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ بَيْنَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَلَفْظُ بَيْنَ وَلَفْظُ الْإِشْرَاكِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَيْنِ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لِثَالِثَةٍ أَشْرَكْتُكِ فِيمَا أَوْقَعْتُ عَلَيْهِمَا يَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ. اهـ. وَتَمَامُهُ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْبَابِ السَّابِقِ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ تَطْلِيقَةٍ (قَوْلُهُ امْرَأَتِي طَالِقٌ امْرَأَتِي طَالِقٌ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ وَامْرَأَتِي بِالْعَطْفِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ تَفْرِيقِ الطَّلَاقِ إلَخْ) كَذَا عَلَّلَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الذَّخِيرَةِ أَيْ لِأَنَّ الْمَدْخُولَةَ مَحَلٌّ لِإِيقَاعِ الثَّانِيَةِ بِسَبَبِ الْعِدَّةِ، فَلَهُ إيقَاعُ الطَّلَاقَيْنِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأَوَّلِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهِ لَهَا بِالثَّانِي كَمَا لَوْ كَانَ طَلَّقَ الْمَدْخُولَةَ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهَا بِالْأَوَّلِ وَلَا بِالثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا نَقَلَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
بَقِيَ، مَا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَدْخُولًا بِهَا فَقَطْ وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ، فَإِنْ أَرَادَهَا بِالطَّلَاقَيْنِ صَحَّ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا يُصَدَّقُ فِي الثَّانِي لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ امْرَأَتَهُ، بَلْ الثَّانِيَةُ امْرَأَتُهُ فَيَقَعُ عَلَيْهَا الثَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَمِّ) أَمَّا لَوْ سَمَّاهَا فَكَذَلِكَ بِالْأُولَى، وَيَقَعُ عَلَى الَّتِي عَنَاهَا أَيْضًا حَتَّى لَوْ كَانَتْ زَوْجَتَهُ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ امْرَأَةً أُخْرَى أَجْنَبِيَّةً بِذَلِكَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ لَا يُصَدَّقُ وَيَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِمَالٍ لِمُسَمًّى فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ هُوَ وَأَنْكَرَ يُصَدَّقُ بِالْحَلِفِ مَا لَهُ عَلَيَّ هَذَا الْمَالُ لَا مَا هُوَ فُلَانٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَهُوَ اسْمُ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ أَرَدْتُ بِهِ غَيْرَ امْرَأَتِي لَا يُصَدَّقُ وَيَقَعُ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَتَا زَوْجَةً لَهُ، وَكَذَا لَوْ نَسَبَهَا إلَى أُمِّهَا أَوْ أُخْتِهَا أَوْ وَلَدِهَا وَهِيَ كَذَلِكَ؛ وَلَوْ حَلَفَ إنْ خَرَجَ مِنْ الْمِصْرِ فَامْرَأَتُهُ عَائِشَةُ كَذَا وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ لَا تَطْلُقُ
اسْتِحْسَانًا، فَإِنْ قَالَ: لِي امْرَأَةٌ أُخْرَى إيَّاهَا عَنَيْتُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ كَانَ (لَهُ امْرَأَتَانِ كِلْتَاهُمَا مَعْرُوفَةٌ لَهُ صَرَفَ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ) خَانِيَّةٌ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا.
[فُرُوعٌ] كَرَّرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ وَقَعَ الْكُلُّ، وَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ دِينَ. كَانَ اسْمُهَا طَالِقًا أَوْ حَرَّةً فَنَادَاهَا إنْ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ وَقَعَا وَإِلَّا لَا.
قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَذِهِ الْكَلْبَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ، أَوْ لِعَبْدِهِ هَذَا الْحِمَارُ حُرٌّ عَتَقَ.
قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَعَنَى الْإِخْبَارَ كَذِبًا وَقَعَ قَضَاءً، إلَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَكَذَا الْمَظْلُومُ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ اسْتِحْلَافِ الظَّالِمِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا صُدِّقَ قَضَاءً وَدِيَانَةً شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ.
وَفِي النَّهْرِ قَالَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ وَاسْمُهَا كَذَلِكَ وَقَالَ عَنَيْتُ غَيْرَهَا دِينَ؛ وَلَوْ غَيْرَهُ صُدِّقَ قَضَاءً وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَدَائِنه بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ وَاسْمُهَا غَيْرُهُ لَا تَطْلُقُ.
ــ
[رد المحتار]
إذَا خَرَجَ. اهـ. (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقِيَاسَ خِلَافُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كِلْتَاهُمَا مَعْرُوفَةٌ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَمَّا الْمَجْهُولَتَانِ فَكَالْمَعْرُوفَتَيْنِ، ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَا قَالَ ح مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا) رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ الدُّرَرِ كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ
(قَوْلُهُ كَرَّرَ لَفْظَ الطَّلَاقِ) بِأَنْ قَالَ لِلْمَدْخُولَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَدْ طَلَّقْتُكِ قَدْ طَلَّقْتُكِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ قَدْ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قِيلَ لَهُ مَا قُلْتُ؟ فَقَالَ: قَدْ طَلَّقْتُهَا أَوْ قُلْتُ هِيَ طَالِقٌ فَهِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ جَوَابٌ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى التَّأْكِيدَ دِينَ) أَيْ وَوَقَعَ الْكُلُّ قَضَاءً، وَكَذَا إذَا طَلَّقَ أَشْبَاهَ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَنْوِ اسْتِئْنَافًا وَلَا تَأْكِيدًا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّأْكِيدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ النِّدَاءَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا يَقَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَشْبَاهُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ مَبَاحِثِ النِّيَّةِ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ فِي التَّاسِعِ أَنَّهُ فَرَّقَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي التَّلْقِيحِ بَيْنَ الطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ فَيَقَعُ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. اهـ.
قُلْت: وَفِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ قُلْتُ: لِأَنَّ الْمَحْبُوبِيَّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْحُرَّ اسْمٌ صَالِحٌ لِلتَّسْمِيَةِ وَهُوَ اسْمٌ لِبَعْضِ النَّاسِ، بِخِلَافِ طَالِقٍ أَوْ مُطَلَّقَةٍ فَالنِّدَاءُ بِهِ يَقَعُ عَلَى إثْبَاتِ الْمَعْنَى فَتَطْلُقُ، بِخِلَافِ الْحُرِّ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ: أَشْهَدُ أَنَّ اسْمَ عَبْدِهِ حُرٌّ ثُمَّ دَعَاهُ يَا حُرُّ لَا يُعْتَقُ، وَلَوْ سَمَّى امْرَأَتَهُ طَالِقًا ثُمَّ دَعَاهَا يَا طَالِقُ تَطْلُقُ (قَوْلُهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ الْكَلْبَةُ طَالِقٌ طَلُقَتْ إلَخْ) لِمَا قَالُوا: مِنْ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ وَالتَّسْمِيَةُ مَعَ الْإِشَارَةِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ بَصِيرَةٌ فَقَالَ امْرَأَتُهُ هَذِهِ الْعَمْيَاءُ طَالِقٌ وَأَشَارَ إلَى الْبَصِيرَةِ تَطْلُقُ، وَلَوْ رَأَى شَخْصًا ظَنَّ أَنَّهُ امْرَأَتُهُ عَمْرَةُ فَقَالَ يَا عَمْرَةُ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يُشِرْ إلَى شَخْصِهَا فَإِذَا الشَّخْصُ غَيْرُ امْرَأَتِهِ تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِشَارَةِ الِاسْمُ وَقَدْ وُجِدَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدَّمْنَا بَسْطَ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِشَارَةِ وَالتَّسْمِيَةِ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ (قَوْلُهُ وَعَنَى الْإِخْبَارَ كَذِبًا إلَخْ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ يُخْبِرُ كَذِبًا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَظْلُومُ إذَا أَشْهَدَ إلَخْ) أَقُولُ: التَّقْيِيدُ بِالْإِشْهَادِ إذَا كَانَ مَظْلُومًا غَيْرُ لَازِمٍ فَفِي الْأَشْبَاهِ: وَأَمَّا نِيَّةُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ فِي الْيَمِينِ فَمَقْبُولَةٌ دِيَانَةً اتِّفَاقًا، وَقَضَاءً عِنْدَ الْخَصَّافِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا، وَكَذَا اخْتَلَفُوا هَلْ الِاعْتِبَارُ لِنِيَّةِ الْحَالِفِ أَوْ الْمُسْتَحْلِفِ؟ وَالْفَتْوَى عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إذَا كَانَ مَظْلُومًا إلَّا إنْ كَانَ ظَالِمًا كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ اهـ.
وَفِي حَوَاشِيهِ عَنْ مَآلِ الْفَتَاوَى: التَّحْلِيفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ظُلْمٌ وَالنِّيَّةُ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ مُحِقًّا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ) مُتَعَلِّقٌ بِأَشْهَدَ ح (قَوْلُهُ قَالَ فُلَانَةُ) أَيْ زَيْنَبُ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ وَاسْمُهَا كَذَلِكَ أَيْ زَيْنَبُ وَضَمِيرُ غَيْرِهِ عَائِدٌ إلَيْهِ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الِاسْمُ عِنْدَ عَدَمِ الْإِشَارَةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، وَهَذَا الْفَرْعُ
وَقَدْ كَثُرَ فِي زَمَانِنَا قَوْلُ الرَّجُلِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ مَذَاهِبَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِوُقُوعِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً.
وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ أَوْ فُلَانٍ الْقَاضِي أَوْ الْمُفْتِي دِينَ.
قَالَ: نِسَاءُ الدُّنْيَا أَوْ نِسَاءُ الْعَالَمِ طَوَالِقُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ، بِخِلَافِ نِسَاءِ الْمَحَلَّةِ وَالدَّارِ وَالْبَيْتِ: وَفِي نِسَاءِ الْقَرْيَةِ وَالْبَلْدَةِ خِلَافُ الثَّانِي وَكَذَا الْعِتْقُ
قَالَتْ لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي فَقَالَ فَعَلْتُ طَلُقَتْ، فَإِنْ قَالَتْ زِدْنِي فَقَالَ فَعَلْتُ طَلُقَتْ أُخْرَى. وَلَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي طَلِّقْنِي، فَقَالَ طُلِّقْتِ فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ؛ وَلَوْ عَطَفَتْ بِالْوَاوِ فَثَلَاثٌ.
ــ
[رد المحتار]
مَنْقُولٌ ذَكَرْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِوُقُوعِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً) وَلَا شُبْهَةَ فِي كَوْنِهِ رَجْعِيًّا لَا بَائِنًا لِاتِّفَاقِ الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا عَلَى وُقُوعِ الرَّجْعِيِّ بِأَنْتِ طَالِقٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ؛ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى مَذْهَبِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا، وَكَذَا: أَنْتِ طَالِقٌ لَا يَرُدُّكِ قَاضٍ وَلَا عَالِمٌ، أَوْ أَنْتِ تَحِلِّي لِلْخَنَازِيرِ وَتَحْرُمِي عَلَيَّ فَيَقَعُ بِالْكُلِّ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ فِي قَوْلِ الْفُقَهَاءِ إلَخْ) وَكَذَا فِي قَوْلِ الْقُضَاةِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْقُرْآنِ فَتَطْلُقُ قَضَاءً وَلَا تَطْلُقُ دِيَانَةً إلَّا بِالنِّيَّةِ خَانِيَّةٌ: لَكِنْ فِي الْفَتْحِ أَوَّلَ الطَّلَاقَ: وَلَوْ قَالَ طَالِقٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ مَعَهُ، فَإِنْ نَوَى طَلَاقَ السُّنَّةِ وَقَعَ فِي أَوْقَاتِهَا وَإِلَّا وَقَعَ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْكِتَابَ يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ؛ وَلَوْ قَالَ: عَلَى الْكِتَابِ أَوْ بِهِ عَلَى قَوْلِ الْقُضَاةِ أَوْ الْفُقَهَاءِ أَوْ طَلَاقِ الْقُضَاةِ أَوْ الْفُقَهَاءِ فَإِنْ نَوَى السُّنَّةَ دِينَ، وَفِي الْقَضَاءِ يَقَعُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَ الْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ يَقْتَضِي الْأَمْرَيْنِ، فَإِذَا خَصَّصَ دِينَ وَلَا يُسْمَعُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَالَ نِسَاءُ الدُّنْيَا إلَخْ) فِي الْأَشْبَاهِ عَلَى عِتْقِ الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ قَالَ عَبِيدُ أَهْلِ بَغْدَادَ أَحْرَارٌ وَلَمْ يَنْوِ عَبْدَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ قَالَ كُلُّ عَبِيدِ أَهْلِ بَغْدَادَ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي الدُّنْيَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعْتَقُ عَبْدُهُ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُعْتَقُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الطَّلَاقُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ حُرٌّ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ؛ وَلَوْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَعَبِيدُهُ فِيهَا عَتَقُوا فِي قَوْلِهِمْ، لَا لَوْ قَالَ وَلَدُ آدَمَ كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ فِي قَوْلِهِمْ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الْمَحَلَّةِ كَالْبَلْدَةِ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى السِّكَّةِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَوَّلًا الْخِلَافَ فِي نِسَاءِ أَهْلِ بَغْدَادَ طَالِقٌ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَرِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا تَطْلُقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهَا لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ عَامٌّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَيْضًا تَطْلُقُ بِلَا نِيَّةٍ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ أَنَّ فِي الْقَرْيَةِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ، مِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهَا بِالْبَيْتِ وَالسِّكَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْحَقَهَا بِالْمِصْرِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْخِلَافِ فِي السِّكَّةِ، ثُمَّ عَلَّلَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي الْمِصْرِ وَأَهْلِ الدُّنْيَا، بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِهِ لَكَانَ إنْشَاءً فِي حَقِّهِ فَيَكُونُ إنْشَاءً أَيْضًا فِي حَقِّهِمْ، وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إجَازَتِهِمْ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ
(قَوْلُهُ فَقَالَ فَعَلْت) أَيْ طَلُقَتْ بِقَرِينَةِ الطَّلَبِ (قَوْلُهُ فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ) أَيْ بِأَنْ نَوَى الْوَاحِدَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لِأَنَّهُ بِدُونِ الْعَطْفِ يَحْتَمِلُ تَكْرِيرَ الْأَوَّلِ وَيَحْتَمِلُ الِابْتِدَاءَ، فَأَيَّ ذَلِكَ نَوَى الزَّوْجُ صَحَّتْ نِيَّتُهُ كَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَفِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ تَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ نِيَّةَ الزَّوْجِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَطَفَتْ بِالْوَاوِ فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ قَرِينَةُ التَّكْرَارِ فَيُطَابِقُهُ الْجَوَابُ وَفِي الْخَانِيَّةِ: قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ فَعَلْتُ، أَوْ قَالَ طَلَّقْتُ وَقَعْنَ؛ وَلَوْ قَالَ مُجِيبًا لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ تَقَعُ وَاحِدَةٌ اهـ أَيْ وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ طَلِّقْنِي أَمْرٌ بِالتَّطْلِيقِ، وَقَوْلُهُ طَلَّقْتُ تَطْلِيقٌ فَصَحَّ جَوَابًا وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ، بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ صِفَةٍ قَائِمَةٍ بِالْمَحَلِّ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ التَّطْلِيقُ اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِلْوَصْفِ، وَالثَّابِتُ اقْتِضَاءٌ ضَرُورِيٌّ فَيَثْبُتُ التَّطْلِيقُ فِي حَقِّ صِحَّةِ هَذَا الْوَصْفِ لَا فِي حَقِّ كَوْنِهِ جَوَابًا فَبَقِيَ أَنْتِ طَالِقٌ كَلَامًا مُبْتَدَأً وَأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ
وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي فَأَجَازَ طَلُقَتْ اعْتِبَارًا بِالْإِنْشَاءِ، كَذَا أَبَنْتُ نَفْسِي إذَا نَوَى وَلَوْ ثَلَاثًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. وَفِي اخْتَرْتُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ إلَّا جَوَابًا.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ: مَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عَلَيْهِ حَرَامًا فَلْيَفْعَلْ هَذَا الْأَمْرَ فَفَعَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا، وَقِيلَ لَا، انْتَهَى.
وَسُئِلَ أَبُو اللَّيْثِ عَمَّنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: كُلُّ مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ مُطَلَّقَةٌ فَلْيُصَفِّقْ بِيَدِهِ فَصَفَّقُوا فَقَالَ طُلِّقْنَ، وَقِيلَ لَيْسَ هُوَ بِإِقْرَارٍ.
جَمَاعَةٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي مَجْلِسٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: مَنْ تَكَلَّمَ بَعْدَ هَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَالِفُ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ كَلِمَةَ (مَنْ) لِلتَّعْمِيمِ
ــ
[رد المحتار]
الثَّلَاثَ، أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ
(قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِالْإِنْشَاءِ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَيَمْلِكُ الْإِجَازَةَ الَّتِي هِيَ أَضْعَفُ بِالْأَوْلَى شَرْحُ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْفَارِسِيِّ (قَوْلُهُ إذَا نَوَى) صَوَابُهُ إذَا نَوَيَا بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى كَمَا هُوَ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ قَالَ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَكَذَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَبَنْتُ نَفْسِي فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْتُ لِمَا قُلْنَا، لَكِنْ بِشَرْطِ نِيَّةِ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ وَتَصِحُّ هُنَا نِيَّةُ الثَّلَاثِ.
أَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الزَّوْجِ فَلِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْنُونَةِ مِنْ كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا نِيَّةُ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ وَقَالُوا يَجِبُ أَنْ يَشْتَرِطَ حَتَّى يَقَعَ التَّصَرُّفُ تَطْلِيقًا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَأَمَّا بِدُونِ نِيَّتِهَا يَقَعُ إخْبَارًا عَنْ بَيْنُونَةِ الشَّخْصِ أَوْ بَيْنُونَةِ شَيْءٍ آخَرَ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِجَازَةَ فَلَا يَتَوَقَّفُ. وَأَمَّا صِحَّةُ نِيَّةِ الثَّلَاثِ فَلِمَا عُرِفَ مِنْ احْتِمَالِ لَفْظِ هَذِهِ الْكِنَايَةِ الثَّلَاثَ اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ قَوْلَهُ أَجَزْتُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ طَلَّقْت فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ وَلَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ ح (قَوْلُهُ وَفِي اخْتَرْتُ لَا يَقَعُ إلَخْ) أَيْ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ اخْتَرْتُ نَفْسِي مِنْكَ فَقَالَ الزَّوْجُ أَجَزْتُ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ لِأَنَّ قَوْلَهَا اخْتَرْتُ لَمْ يُوضَعْ لِلطَّلَاقِ لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، وَلِهَذَا لَوْ أَنْشَأَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهَا اخْتَرْتُكِ أَوْ اخْتَرْتُ نَفْسَكِ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَلَا عُرِفَ فِي إيقَاعِ الطَّلَاقِ بِهِ إلَّا إذَا وَقَعَ جَوَابًا لِتَخْيِيرِ الزَّوْجِ إيَّاهَا فِي الطَّلَاقِ شَرْحُ التَّلْخِيصِ
(قَوْلُهُ مَنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ عَلَيْهِ حَرَامًا) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِرَفْعِ حَرَامٍ، وَالصَّوَابُ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ مِنْ النَّصْبِ لِأَنَّهُ خَبَرُ كَانَ (قَوْلُهُ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا) عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ فِي الْمُحِيطِ: فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ اهـ وَأَفَادَ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ أَيْ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ دِيَانَةً إذَا لَمْ يَكُنْ حَرَّمَهَا مِنْ قَبْلُ، كَمَا أَخْبَرَ بِطَلَاقِهَا كَاذِبًا.
لَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ لَا تَصِحُّ لُغْزًا لِأَنَّهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَا لَفْظٍ أَصْلًا لَا صَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ وَبِلَا رِدَّةٍ وَإِبَاءٍ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا إقْرَارٌ عَنْ تَحْرِيمٍ مِنْهُ سَابِقٍ طَلَاقٌ لَا إنْشَاءُ طَلَاقٍ فِي الْحَالِ بِغَيْرِ لَفْظٍ، نَعَمْ يُقَالُ هَذَا إقْرَارٌ بِغَيْرِ لَفْظٍ بَلْ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ بِالْإِشَارَةِ وَقَدْ يَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَلَا فِعْلٍ كَالسُّكُوتِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَسُئِلَ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ وَبَيَانٌ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِعْلِ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ وَبَيْنَ التَّحْرِيمِ الْمُفِيدِ الْبَائِنِ وَالتَّطْلِيقِ الْمُفِيدِ الرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ طُلِّقْنَ) أَيْ طُلِّقَ نِسَاءُ كُلٍّ مِنْ الْمُصَفِّقِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا التَّصْفِيقَ إقْرَارٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ الْحَالِفُ) سَكَتَ عَمَّا إذَا تَكَلَّمَ غَيْرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْمُتَكَلِّمِ لَا يَسْرِي حُكْمُهُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا قَالَ الْغَيْرُ وَأَنَا كَذَلِكَ مَثَلًا، وَأَمَّا الْفَرْعَانِ السَّابِقَانِ فَجُعِلَا مِنْ الْإِقْرَارِ لَا الْإِنْشَاءِ وَالتَّعْلِيقُ إنْشَاءٌ ط.
قُلْتُ: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي أَيْمَانِ الْبَزَّازِيَّةِ جَمَاعَةٌ كَأَنْ يَصْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَنْ صَفَعَ صَاحِبَهُ بَعْدَهُ فَامْرَأَتُهُ