المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب طلاق المريض - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٣

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك]

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]

- ‌بَابُ الْوَلِيِّ

- ‌[فُرُوعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْكَفَاءَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمَهْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي السَّفَرِ بِالزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُرْسِلُهُ إلَى الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ

- ‌فُرُوعٌ] الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَهْرِ السِّرِّ وَمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ

- ‌[مَطْلَبُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات]

- ‌بَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاق]

- ‌[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

- ‌[مَحِلّ الطَّلَاق]

- ‌[أَهْل الطَّلَاق]

- ‌[رُكْن الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ السَّكْرَانِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]

- ‌بَابُ الْكِنَايَاتِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ

- ‌بَابُ التَّعْلِيقِ

- ‌[مطلب فِي أَلْفَاظ الشَّرْط]

- ‌[مَطْلَبٌ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُبَانَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حِيلَةُ إسْقَاطِ عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ إقْرَارٌ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ]

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَائِدَةٌ فِي شُرَطُ قَبُول الْخُلْعَ وألفاظه]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْمَرِيضَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] : قَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ قَالَهُ ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ:

- ‌[بَاب كَفَّارَة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ:

- ‌[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ:

- ‌[مطلب فِي عدة الْمَوْت]

- ‌[مَطْلَبٌ عِدَّةُ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا هَلْ تَعْتَدُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَ الْمُعْتَدَّة بِجِوَارِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌[فَرْعٌ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَشَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ شَرَاهَا]

- ‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَبِالْغَيْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُؤْنِسَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إرْضَاعِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كِنَايَاتِ الْإِعْتَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]

- ‌بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بِعْت مِنْك نَصِيبِي]

- ‌بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعَلٍ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحُلْف بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] .قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا غُلَامِي بَعْدَ مَوْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[فُرُوعٌ] أَرَادَ وَطْءَ أَمَتِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ]حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

- ‌[فُرُوعٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَالْآخَرُ بَصَلًا وَالْآخَرُ فِلْفِلًا فَطُبِخَ حَشْوٌ فِيهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَكَلُوا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ] قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا

الفصل: ‌باب طلاق المريض

وَمُفَادُهُ الْحِنْثُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيُؤَدِّيَنَّ الْيَوْمَ دَيْنَهُ فَعَجَزَ لِفَقْرِهِ وَفَقْدِ مَنْ يُقْرِضُهُ، خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ

‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

عَنَوْنَ بِهِ لِأَصَالَتِهِ، وَيُقَالُ لَهُ الْفَارُّ لِفِرَارِهِ مِنْ إرْثِهَا، فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ

ــ

[رد المحتار]

أَصْلًا وَفِي لَا أَسْكُنُ فَقُيِّدَ وَمُنِعَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ وُجُودِيٌّ وَهُوَ سُكْنَاهُ بِنَفْسِهِ وَالْوُجُودِيُّ يُمْكِنُ إعْدَامُهُ بِالْإِكْرَاهِ وَالْمَنْعِ بِأَنْ يُنْسَبَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ.

بِخِلَافِ لَا يَخْرُجُ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ عَدَمِيٌّ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ إعْدَامُهُ بِالْإِكْرَاهِ لِتَحَقُّقِهِ مِنْ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْإِكْرَاهُ يُؤَثِّرُ فِي الْوُجُودِيِّ لَا فِي الْعَدَمِيِّ، فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ شَرْطُ الْحِنْثِ عَدَمِيًّا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَرْطِ الْبِرِّ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ مَعَ بَقَاءِ الْمَحَلِّ حَنِثَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَانِعُ حِسِّيًّا أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَانِعُ كَوْنَهُ مُسْتَحِيلًا عَادَةً، كَمَسِّ السَّمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ وُجُودِيًّا لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ غَيْرَ حِسِّيٍّ فِي الْمُخْتَارِ، وَهَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي مِنْ كَلَامِهِمْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ فِيهِ عَدَمِيٌّ وَهُوَ عَدَمُ الْأَدَاءِ وَالْمَحَلِّ وَهُوَ الْحَالِفُ بَاقٍ، وَإِذَا كَانَ يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ لَيَمَسَّ السَّمَاءَ الْيَوْمَ مَعَ كَوْنِ شَرْطِ الْبِرِّ مُسْتَحِيلًا عَادَةً فَحِنْثُهُ هُنَا بِالْأَوْلَى لِأَنَّ شَرْطَ الْبِرِّ مُمْكِنٌ، بِأَنْ يَغْصِبَ مَالًا أَوْ يَجِدَ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ يَرِثَ قَرِيبًا لَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ مَسِّ السَّمَاءِ.

وَلَا يَرِدُ مَا قِيلَ إنَّهُ يُسْتَفَادُ عَدَمُ الْحِنْثِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمِنَحِ: حَلَفَ لَيَقْضِيَن فُلَانًا دَيْنَهُ غَدًا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ أَوْ قَضَاهُ قَبْلَهُ أَوْ أَبْرَأَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ. اهـ. لِأَنَّ عَدَمَ الْحِنْثِ فِيهِ لَبُطْلَانِ الْيَمِينِ بِفَوَاتِ الْمَحَلِّ كَمَا لَوْ صُبَّ مَا فِي الْكُوزِ فَإِنَّ شَرْطَ الْبِرِّ صَارَ مُسْتَحِيلًا عَقْلًا وَعَادَةً بِخِلَافِ مَسِّ السَّمَاءِ فَإِنَّهُ مُمْكِنٌ عَقْلًا وَإِنْ اسْتَحَالَ عَادَةً، وَكَذَا لَا يَرِدُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إنْ لَمْ آكُلْ هَذَا الرَّغِيفَ الْيَوْمَ فَأَكَلَهُ غَيْرُهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَهُوَ الرَّغِيفُ، وَمَا اسْتَشْهَدَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ فِي الْقُنْيَةِ مَتَى عَجَزَ عَنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُؤَقَّتَةٌ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا فِي الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُرَادَ الْقُنْيَةِ الْعَجْزُ الْحَقِيقِيُّ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ وَإِلَّا نَاقَضَهُ مَا أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنْ عَدَمِ الْبُطْلَانِ فِي لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ. ثُمَّ رَأَيْت الرَّمْلِيَّ نَقَلَ عَنْ فَتَاوَى صَاحِبِ الْبَحْرِ أَنَّهُ أَفْتَى بِالْحِنْثِ فِي مَسْأَلَتِنَا مُسْتَنِدًا إلَى إمْكَانِ الْبِرِّ حَقِيقَةً وَعَادَةً مَعَ الْإِعْسَارِ بِهِبَةٍ أَوْ تَصَدُّقٍ أَوْ إرْثٍ اهـ وَهُوَ عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ

[بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ]

لَمَّا كَانَ الْمَرَضُ مِنْ الْعَوَارِضِ أَخَّرَهُ (قَوْلُهُ عَنْوَنَ بِهِ لِأَصَالَتِهِ) أَيْ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْمَرِيضِ فِي التَّرْجَمَةِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ مَنْ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكُ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي غَيْرِ الْمَرِيضِ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ الْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ الْمَرِيضُ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ كَانَ فِي حُكْمِهِ مُلْحَقٌ بِهِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْمَرِيضِ مَنْ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكُ مَجَازًا فَيَشْمَلُ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ لِفِرَارِهِ مِنْ إرْثِهَا) أَيْ ظَاهِرًا وَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْفِرَارَ (قَوْلُهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ) بَيَانٌ لِوَجْهِ تَوْرِيثِهَا مِنْهُ اعْتِبَارًا بِقَاتِلِ مُوَرِّثِهِ بِجَامِعِ كَوْنِهِ فِعْلًا مُحَرَّمًا لِغَرَضٍ فَاسِدٍ، وَتَمَامُ تَقْرِيرِهِ فِي الْفَتْحِ. وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْمَرِيضِ التَّطْلِيقُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ إذَا رَضِيَتْ بِهِ. اهـ.

قَالَ فِي النَّهْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الشَّارِعَ حَيْثُ رَدَّ عَلَيْهِ قَصْدَهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا إلَّا بِصُورَةِ الْإِبْطَالِ لَا بِحَقِيقَتِهِ فَتَدَبَّرْ. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْقَصْدُ مَحْظُورًا لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ كَقَتْلِ الْمُوَرِّثِ اسْتِعْجَالًا لِإِرْثِهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُلْتَقَطِ قَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ وَقَدْ دَخَلَ بِامْرَأَتِهِ أَكْرَهُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَلَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ

ص: 383

إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا، وَقَدْ يَكُونُ الْفِرَارُ مِنْهَا كَمَا سَيَجِيءُ (مِنْ غَالِبِ حَالَةِ الْهَلَاكِ بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ أَضْنَاهُ مَرَضٌ عَجَزَ بِهِ عَنْ إقَامَةِ مَصَالِحِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ) هُوَ الْأَصَحُّ كَعَجْزِ الْفَقِيهِ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْمَسْجِدِ وَعَجْزِ السُّوقِيِّ عَنْ الْإِتْيَانِ إلَى دُكَّانِهِ. وَفِي حَقِّهَا أَنْ تَعْجِزَ عَنْ مَصَالِحِهَا دَاخِلَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَى نَحْوِ الطَّبْخِ دُونَ صُعُودِ السَّطْحِ لَمْ تَكُنْ مَرِيضَةً.

ــ

[رد المحتار]

لَا يُكْرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا) لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَالْعِتْقُ وَالزَّوْجِيَّةُ تَنْقَطِعُ بِالْبَيْنُونَةِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى خِلَافِ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ بِإِرْثِهَا وَإِنْ مَاتَ تَزَوَّجَهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفُرْقَةِ وَهِيَ مَرِيضَةٌ إلَخْ ط (قَوْلُهُ بِأَنْ أَضْنَاهُ مَرَضٌ) أَيْ لَازَمَهُ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ عَجَزَ بِهِ إلَخْ) فَلَوْ قَدَرَ عَلَى إقَامَةِ مَصَالِحِهِ فِي الْبَيْتِ كَالْوُضُوءِ وَالْقِيَامِ إلَى الْخَلَاءِ لَا يَكُونُ فَارًّا وَفَسَّرَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبُ فِرَاشٍ وَهُوَ أَنْ لَا يَقُومَ بِحَوَائِجِهِ كَمَا يَعْتَادُ الْأَصِحَّاءُ وَهَذَا أَضْيَقُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ كَوْنَهُ ذَا فِرَاشٍ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَجْزِ عَنْ مَصَالِحِهِ فِي الْبَيْتِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهَا فِيهِ لَا يَكُونُ فَارًّا وَصَحَّحَهُ فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: فَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِهَا فِي الْبَيْتِ لَا فِي خَارِجِهِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ صَحِيحٌ. اهـ.

أَقُولُ: وَمُقْتَضَى هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضًا يَغْلِبُ مِنْهُ الْهَلَاكُ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْجِزْهُ مِنْ مَصَالِحِهِ كَمَا يَكُونُ فِي ابْتِدَاءِ الْمَرَضِ لَا يَكُونُ فَارًّا. وَفِي نُورِ الْعَيْنِ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ: كَوْنُهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِكَوْنِهِ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلْغَلَبَةِ لَوْ الْغَالِبُ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ الْمَوْتُ فَهُوَ مَرَضُ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْبَيْتِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ مَسَائِلَ تَدُلُّ عَنْ أَنَّ الشَّرْطَ خَوْفُ الْهَلَاكِ غَالِبًا لَا كَوْنُهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ اهـ وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) صَحَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَقِيلَ مَنْ لَا يُصَلِّي قَائِمًا، وَقِيلَ مَنْ لَا يَمْشِي، وَقِيلَ مَنْ يَزْدَادُ مَرَضُهُ ط عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ كَعَجْزِ الْفَقِيهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْعَجْزَ عَنْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْإِتْيَانِ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ الدُّكَّانِ لِإِقَامَةِ الْمَصَالِحِ الْقَرِيبَةِ فِي حَقِّ الْكُلِّ، إذْ لَوْ كَانَ مُحْتَرِفًا بِحِرْفَةٍ شَاقَّةٍ؛ كَمَا لَوْ كَانَ مُكَارِيًا أَوْ حَمَّالًا عَلَى ظَهْرِهِ أَوْ دَقَّاقًا أَوْ نَجَّارًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إقَامَتُهُ مَعَ أَدْنَى مَرَضٍ وَعَجَزَ عَنْهُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ لَا يَكُونُ مَرِيضًا وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ مَصَالِحَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى الدُّكَّانِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَثَلًا مَرَضًا وَغَيْرَ مَرَضٍ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ تَأَمَّلْ.

ثُمَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ أَيْضًا فِي حَقِّ مَنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْخُرُوجِ قَبْلَ الْمَرَضِ، أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَرَضِ لِكِبَرٍ أَوْ لِعِلَّةٍ فِي رِجْلَيْهِ فَلَا يَظْهَرُ، فَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ الْهَلَاكِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ مَا مَرَّ عَنْ أَبِي اللَّيْثِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهِ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَإِنَّ كَلَامَ مُحَمَّدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلِاطِّرَادِهِ فِيمَنْ كَانَ عَاجِزًا قَبْلَ الْمَرَضِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَنْ أُلْحِقَ بِالْمَرِيضِ كَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا وَنَحْوَهُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ غَلَبَةُ الْهَلَاكِ دُونَ الْعَجْزِ عَنْ الْخُرُوجِ وَلِأَنَّ بَعْضَ مَنْ يَكُونُ مَطْعُونًا أَوْ بِهِ اسْتِسْقَاءٌ قَبْلَ غَلَبَةِ الْمَرَضِ عَلَيْهِ قَدْ يَخْرُجُ لِقَضَاءِ مَصَالِحِهِ مَعَ كَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الْهَلَاكِ مِنْ مَرِيضٍ ضَعُفَ عَنْ الْخُرُوجِ لِصُدَاعٍ أَوْ هُزَالٍ مَثَلًا.

وَقَدْ يُوَفَّقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، بِأَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّ بِهِ مَرَضًا مُهْلِكًا غَالِبًا وَهُوَ يَزْدَادُ إلَى الْمَوْتِ فَهُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُهْلِكٌ يُعْتَبَرُ الْعَجْزُ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْمَصَالِحِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.

فَإِنْ قُلْت: إنَّ مَرَضَ الْمَوْتِ هُوَ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْمَوْتُ فَمَا فَائِدَةُ تَعْرِيفِهِ بِمَا ذُكِرَ.

ص: 384

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ

قُلْت: وَفِي آخِرِ وَصَايَا الْمُجْتَبَى: الْمَرَضُ الْمُعْتَبَرُ الْمُضْنِي الْمُبِيحُ لِصَلَاتِهِ قَاعِدًا وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَالْمَسْلُولُ إذَا تَطَاوَلَ وَلَمْ يُقْعِدْهُ فِي الْفِرَاشِ كَالصَّحِيحِ ثُمَّ رَمَزَ شح: حَدُّ التَّطَاوُلِ سَنَةً. انْتَهَى وَفِي الْقُنْيَةِ: الْمَفْلُوجُ وَالْمَسْلُولُ وَالْمُقْعَدُ مَا دَامَ يَزْدَادُ كَالْمَرِيضِ (أَوْ بَارَزَ رَجُلًا أَقْوَى) مِنْهُ (أَوْ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: فَائِدَتُهُ أَنَّهُ قَدْ يَطُولُ سَنَةً فَأَكْثَرَ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُسَمَّى مَرَضَ الْمَوْتِ وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ. وَأَيْضًا فَقَدْ يَمُوتُ الْمَرِيضُ بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْقَتْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَدٍّ فَاصِلٍ تُبْتَنَى عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ) رَدٌّ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْفَتْحِ: أَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا الصُّعُودُ إلَى السَّطْحِ فَهِيَ مَرِيضَةٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ عَجَزَتْ عَنْهُ لَا عَمَّا دُونَهُ كَالطَّبْخِ تَكُونُ مَرِيضَةً مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ مِنْ اعْتِبَارِ عَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ بَيْتِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْمَرَضُ) مُبْتَدَأٌ وَالْمُعْتَبَرُ صِفَتُهُ وَالْمُضْنِي خَبَرُهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَالْمُقْعَدُ) هُوَ الَّذِي لَا حَرَاكَ بِهِ مِنْ دَاءٍ فِي جَسَدِهِ كَأَنَّ الدَّاءَ أَقْعَدَهُ، وَعِنْدَ الْأَطِبَّاءِ هُوَ الزَّمِنُ. وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ وَقَالَ: الْمُقْعَدُ الْمُتَشَنِّجُ الْأَعْضَاءُ. وَالزَّمِنُ الَّذِي طَالَ مَرَضُهُ مُغْرِبٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُقْعِدْهُ فِي الْفِرَاشِ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا تَطَاوَلَ ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ ذَلِكَ التَّغَيُّرِ بِغَيْرِ تَصَرُّفِهِ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ رَمَزَ شح) أَيْ شِينٌ وَحَاءٌ وَهُوَ رَمْزٌ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ

وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ: وَفَسَّرَ أَصْحَابُنَا التَّطَاوُلَ بِالسَّنَةِ، فَإِذَا بَقِيَ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ سَنَةً فَتَصَرُّفُهُ بَعْدَهَا كَتَصَرُّفِهِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ اهـ أَيْ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) قَالَ ح: أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ ازْدِيَادَهُ إلَى السَّنَةِ فَقَطْ اهـ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ

وَفِي الْهِنْدِيَّةِ أَيْضًا: الْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ مَا دَامَ يَزْدَادُ مَا بِهِ كَالْمَرِيضِ فَإِنْ صَارَ قَدِيمًا وَلَمْ يَزِدْ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الْكَبِيرُ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ، وَفَسَّرَ أَصْحَابُنَا إلَى آخِرِ مَا مَرَّ

قُلْت: وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ صَارَ قَدِيمًا بِأَنْ تَطَاوَلَ سَنَةً وَلَمْ يَحْصُلْ فِيهِ ازْدِيَادٌ فَهُوَ صَحِيحٌ، أَمَّا لَوْ مَاتَ حَالَةَ الِازْدِيَادِ الْوَاقِعِ قَبْلَ التَّطَاوُلِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مَرِيضٌ (قَوْلُهُ أَوْ بَارَزَ رَجُلًا أَقْوَى مِنْهُ) بَيَانُ الْحُكْمِ الصَّحِيحِ الْمُلْحَقِ بِالْمَرِيضِ هُنَا، وَهُوَ مَنْ كَانَ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ غَالِبًا عَلَى أَنَّ غَالِبًا مُتَعَلِّقٌ بِالْخَوْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوَاقِعَ غَلَبَةِ الْهَلَاكِ، فَإِنَّ فِي الْمُبَارِزَةِ لَا يَكُونُ الْهَلَاكُ غَالِبًا إلَّا أَنْ يَبْرُزَ لِمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَقْرَانِهِ، بِخِلَافِ غَلَبَةِ خَوْفِ الْهَلَاكِ كَذَا فِي الْبَحْرِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ أَقْوَى مِنْهُ، وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ غَلَبَةُ خَوْفِ الْهَلَاكِ لَا غَلَبَةُ الْهَلَاكِ، فَإِنَّ مَنْ خَرَجَ عَنْ صَفِّ الْقِتَالِ وَبَارَزَ رَجُلًا يَغْلِبُ عَلَيْهِ خَوْفُ الْهَلَاكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ أَقْوَى مِنْهُ وَلَا يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ، فَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ غَلَبَةُ الْهَلَاكِ، وَعَلَيْهِ جَرَى فِي النَّهْرِ وَقَالَ: وَلِذَا قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُبَارِزَ لَيْسَ مِنْ أَقْرَانِهِ بَلْ أَقْوَى مِنْهُ. اهـ.

وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ مُخَالِفٌ لِمَا اخْتَارَهُ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْفَتْحِ فَافْهَمْ، وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الْفَتْحِ مَا ذَكَرَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: وَلَوْ اخْتَلَطَتْ الطَّائِفَتَانِ لِلْقِتَالِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُكَافِئَةٌ لِلْأُخْرَى أَوْ مَقْهُورَةٌ فَهُوَ فِي حُكْمِ مَرَضِ الْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِطُوا فَلَا اهـ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُكَافَأَةَ تَكْفِي (قَوْلُهُ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ) وَكَذَا لَوْ قَدَّمَهُ ظَالِمٌ

ص: 385

أَوْ بَقِيَ عَلَى لَوْحٍ مِنْ السَّفِينَةِ أَوْ افْتَرَسَهُ سَبْعٌ وَبَقِيَ فِي فِيهِ (فَارٌّ بِالطَّلَاقِ) خَبَرُ مِنْ، وَ (لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ أَبَانَهَا) وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ عَلِمَ بِأَهْلِيَّتِهَا أَمْ لَا، كَأَنْ أَسْلَمَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ (طَائِعًا) بِلَا رِضَاهَا، فَلَوْ أُكْرِهَ أَوْ رَضِيَتْ لَمْ تَرِثْ وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى رِضَاهَا

ــ

[رد المحتار]

لِيَقْتُلَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى لَوْحٍ مِنْ السَّفِينَةِ) يُوهِمُ أَنَّ انْكِسَارَ السَّفِينَةِ شَرْطٌ لِكَوْنِهِ فَارًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ فَقَدْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: فَإِنْ تَلَاطَمَتْ الْأَمْوَاجُ وَخِيفَ الْغَرَقُ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ، وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِأَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ، أَمَّا لَوْ سَكَنَ ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ. اهـ. بَحْرٌ.

قُلْت: وَهَذَا شَرْطٌ فِي الْمُبَارَزَةِ وَغَيْرِهَا أَيْضًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَبَقِيَ فِي فِيهِ) أَمَّا لَوْ تَرَكَهُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ مَا لَمْ يَجْرَحْهُ جُرْحًا يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ غَالِبًا كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ فَارٌّ بِالطَّلَاقِ) أَيْ هَارِبٌ مِنْ تَوْرِيثِهَا مِنْ مَالِهِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ خَبَرُ مَنْ) أَيْ خَبَرُ مَنْ الْمَوْصُولَةِ فِي قَوْلِهِ مَنْ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ كَوَقْفِهِ وَمُحَابَاتِهِ وَتَزَوُّجِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ.

وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرَضَ فِي حَقِّ الْوَصِيَّةِ وَالْفِرَارِ لَا يَخْتَلِفْ ط، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَبَرُّعُهُ: أَيْ الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ لِوَارِثٍ لَمْ يَصِحَّ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَلَوْ أَبَانَهَا) أَيْ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا كَمَا قَالَ فِي الْكَنْزِ لِمَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَعِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُ الرَّجْعِيِّ مِنْ هَذَا الْبَابِ لِأَنَّهَا فِيهِ تَرِثُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ مَا بَقِيَتْ الْعِدَّةُ، بِخِلَافِ الْبَائِنِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْمَرَضِ. وَقَدْ أَحْسَنَ الْقُدُورِيُّ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْبَائِنِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا اهـ قَالَ ط وَالطَّلَاقُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ كَذَلِكَ لَوْ أَبَانَهَا بِخِيَارِ بُلُوغِهِ أَوْ تَقْبِيلِهِ أُمَّهَا أَوْ بِنْتَهَا أَوْ رِدَّتِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَكَأَنَّهُ كَنَّى بِهِ عَنْ كُلِّ فِرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهِ حَمَوِيٌّ اهـ لَكِنْ هَذَا فِي قَوْلِ الْكَنْزِ طَلَّقَهَا أَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَبَانَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ) أَيْ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ كَمَا سَيُوَضِّحُهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ عَلِمَ بِأَهْلِيَّتِهَا أَمْ لَا إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ سَيَأْتِي مَتْنًا وَشَرْحًا، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ هُنَا (قَوْلُهُ فَلَوْ أُكْرِهَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ طَائِعًا: أَيْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِهَا الْبَائِنِ لَا تَرِثُ، وَهَذَا لَوْ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ، فَلَوْ كَانَ بِحَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ يَصِيرُ فَارًّا كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.

ثُمَّ إنَّهُ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْكُتُبِ. وَذَكَرَ فِيهَا عَنْ الْمَشَايِخِ قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلَ أَنَّهَا تَرِثُ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمُكْرَهِ. وَالثَّانِيَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَرِثَ لِلْجَبْرِ، إذْ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ مُوَرِّثِهِ يَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهُ الْمُكْرِهُ أَيْ بِالْكَسْرِ لَوْ وَارِثًا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْقَتْلُ. اهـ. وَاسْتَظْهَرَ الرَّحْمَتِيُّ الْأَوَّلَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا فِي إرْثِهِ بِمَرَضِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يُبْطِلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَكْرَهَتْهُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ جَامَعَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً وَرِثَتْ مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ لَيْسَتْ بِاخْتِيَارِهِمَا اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الثَّانِي، وَلِذَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ لِأَنَّ إرْثَ مَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ لِرَدِّ قَصْدِهِ عَلَيْهِ وَهُوَ فِرَارُهُ مِنْ إرْثِهَا، وَمَعَ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ فِرَارٌ فَيَعْمَلُ الطَّلَاقُ عَمَلَهُ فَلَا تَرِثُهُ كَمَا أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ إرْثِ الْقَاتِلِ لِمُوَرِّثِهِ قَصْدُهُ تَعْجِيلَ الْمِيرَاثِ فَيُرَدُّ قَصْدُهُ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ مُكْرَهًا لَمْ يَظْهَرْ هَذَا الْقَصْدُ فَيَرِثُهُ مَعَ أَنَّ الْقَتْلَ مَحْظُورٌ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ غَيْرُ مَحْظُورٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ جَامَعَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً وَرِثَتْ صَوَابُهُ لَمْ تَرِثْ كَمَا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ أَوْ رَضِيَتْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِلَا رِضَاهَا: أَيْ كَأَنْ خَالَعَتْ، وَفِي حُكْمِهِ كُلُّ فُرْقَةٍ وَقَعَتْ مِنْ قِبَلِهَا كَاخْتِيَارِ امْرَأَةِ الْعِنِّينِ نَفْسَهَا قُهُسْتَانِيٌّ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ أُكْرِهَتْ عَلَى رِضَاهَا) أَيْ عَلَى مُفِيدِ رِضَاهَا

ص: 386

أَوْ جَامَعَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً وَرِثَتْ (وَهُوَ كَذَلِكَ) بِذَلِكَ الْحَالِ (وَمَاتَ) فِيهِ، فَلَوْ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا لَمْ تَرِثْ (بِذَلِكَ السَّبَبِ) مَوْتُهُ (أَوْ بِغَيْرِهِ) كَأَنْ يُقْتَلَ الْمَرِيضُ أَوْ يَمُوتَ بِجِهَةٍ أُخْرَى فِي الْعِدَّةِ لِلْمَدْخُولَةِ (وَرِثَتْ هِيَ) مِنْهُ لَا هُوَ مِنْهَا لِرِضَاهُ بِإِسْقَاطِهِ حَقَّهُ.

ــ

[رد المحتار]

كَسُؤَالِهَا الطَّلَاقَ، وَلَوْ قَالَ عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ لَكَانَ أَوْلَى ط (قَوْلُهُ أَوْ جَامَعَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً) بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ وَأَقَرَّهُ الْحَمَوِيُّ عَلَيْهِ. وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ: الْفُرْقَةُ لَوْ وَقَعَتْ بِتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ لَا تَرِثُ مُطَاوِعَةً كَانَتْ أَوْ مُكْرَهَةً، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِرِضَاهَا بِإِبْطَالِ حَقِّهَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ إبْطَالُ حَقِّهَا الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِرْثِ لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ اهـ وَالْجِمَاعُ كَالتَّقْبِيلِ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ، وَلَيْسَ لَنَا إلَّا اتِّبَاعُ النَّصِّ ط.

قُلْت: وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا: جَامَعَهَا ابْنُ مَرِيضٍ مُكْرَهَةً لَمْ تَرِثْهُ إلَّا إنْ أَمَرَهُ الْأَبُ بِذَلِكَ فَيَنْتَقِلُ فِعْلُ الِابْنِ إلَى الْأَبِ فِي حَقِّ الْفُرْقَةِ فَيَصِيرُ فَارًّا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا لِلْأَصْلِ، وَكَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ وَلِلرَّحْمَتِيِّ هُنَا كَلَامٌ مُصَادِمٌ لِلْمَنْقُولِ فَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ الْحَالِ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِهِ حَالُ غَلَبَةِ الْهَلَاكِ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ. وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا طَلَّقَ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَا تَرِثُ مِنْهُ بَحْرٌ: أَيْ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهَا تَرِثُهُ، وَكَذَا يَرِثُهَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ.

وَفِيهِ: قَالَ فِي مَرَضِهِ: قَدْ كُنْت أَبْنَتُك فِي صِحَّتِي أَوْ تَزَوَّجْتُك بِلَا شُهُودٍ أَوْ بَيْنَنَا رَضَاعٌ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ تَزَوَّجْتُك فِي الْعِدَّةِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ وَتَرِثُهُ لَا لَوْ صَدَّقَتْهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ صَحَّ) الْأَوْلَى فَلَوْ زَالَ ذَلِكَ الْحَالُ. اهـ. ح أَيْ لِيَعُمَّ مَا لَوْ عَادَ الْمُبَارِزُ إلَى الصَّفِّ أَوْ أُعِيدَ الْمُخْرَجُ لِلْقَتْلِ إلَى الْحَبْسِ أَوْ سَكَنَ الْمَوْجُ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ إذَا بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَعَزَاهُ إلَيْهَا فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَوْ سَكَنَ الْمَوْجُ ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ قُرِّبَ لِلْقَتْلِ فَطَلَّقَ ثُمَّ خُلِّيَ سَبِيلُهُ أَوْ حُبِسَ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ تَرِثُهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ فِرَارُهُ بِذَلِكَ الطَّلَاقِ ثُمَّ تَرَتَّبَ مَوْتُهُ فَلَا يُبَالَى بِكَوْنِهِ بِغَيْرِهِ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِدُونِ تَعْلِيلٍ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ أَنْ تَرِثَهُ لِصِدْقِ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ مَوْتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ: أَيْ الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ حَالَةُ غَلَبَةِ الْهَلَاكِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ بَعْدَ مَا خُلِّيَ سَبِيلُهُ أَوْ أُعِيدَ لِلْحَبْسِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَمُتْ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ بَلْ مَاتَ فِي غَيْرِهِ فِي حَالَةٍ لَا يَغْلِبُ فِيهَا الْهَلَاكُ وَلِذَا لَوْ طَلَّقَ وَهُوَ فِي الْحَبْسِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لِلْقَتْلِ لَمْ يَكُنْ فَارًّا فَكَذَا بَعْدَ إعَادَتِهِ إلَيْهِ، نَعَمْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ إنَّمَا يَصِحُّ لِمَوْتِهِ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَمَوْتِ الْمَرِيضِ بِقَتْلٍ وَمَوْتِ مَنْ أُخْرِجَ لِلْقَتْلِ بِافْتِرَاسِ سَبْعٍ وَنَحْوِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ سَقْطًا مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ، وَالْأَصْلُ فِي الْعِبَارَةِ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ إذَا بَرِئَ بِخِلَافِ مَوْتِهِ بِسَبَبِ غَيْرِهِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ فِرَارُهُ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ السَّبَبِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَمَاتَ، لَكِنْ زِيَادَةُ الشَّارِحِ قَوْلَهُ: مَوْتُهُ اقْتَضَتْ إعْرَابَهُ خَبَرًا مُقَدَّمًا وَمَوْتَهُ مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ سَقَطَتْ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ (قَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ) وَالْقَوْلُ لَهَا فِي أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ الْيَمِينِ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا إرْثَ لَهَا، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ قَالَتْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً قَدْ عَتَقَتْ وَمَاتَ الزَّوْجُ فَادَّعَتْ الْعِتْقَ فِي حَيَاتِهِ وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْمَوْلَى، كَمَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا أَسْلَمَتْ فِي حَيَاتِهِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لَهُمْ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ لِلْمَدْخُولَةِ) أَيْ الْمَدْخُولِ بِهَا حَقِيقَةً أَعْنِي الْمَوْطُوءَةَ لِيَخْرُجَ الْمُخْتَلَى بِهَا فَإِنَّهَا وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لَكِنَّهَا لَا تَرِثُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَهْرِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْخَلْوَةِ وَالدُّخُولِ أَفَادَهُ ط فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَا هُوَ مِنْهَا) أَيْ لَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَمَاتَتْ هِيَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لَا يَرِثُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا كَمَا يَأْتِي

ص: 387

وَعِنْدَ أَحْمَدَ تَرِثُ بَعْدَ الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِآخَرَ. (وَكَذَا) تَرِثُ (طَالِبَةُ رَجْعِيَّةٍ) أَوْ طَلَاقٍ فَقَطْ (طَلُقَتْ) بَائِنًا (أَوْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ حَتَّى حَلَّ وَطْؤُهَا، وَيَتَوَارَثَانِ فِي الْعِدَّةِ مُطْلَقًا، وَتَكْفِي أَهْلِيَّتُهَا لِلْإِرْثِ وَقْتَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ الْبَائِنِ (وَكَذَا) تَرِثُ (مُبَانَةٌ قَبَّلَتْ) أَوْ طَاوَعَتْ (ابْنَ زَوْجِهَا) لِمَجِيءِ الْحُرْمَةِ بِبَيْنُونَتِهِ.

(وَمَنْ لَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ آلَى مِنْهُمَا مَرِيضًا كَذَلِكَ) أَيْ تَرِثُهُ لِمَا مَرَّ

(وَإِنْ آلَى فِي صِحَّتِهِ وَبَانَتْ بِهِ) بِالْإِيلَاءِ (فِي مَرَضِهِ أَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَصَحَّ فَمَاتَ أَوْ أَبَانَهَا فَارْتَدَّتْ فَأَسْلَمَتْ) فَمَاتَ (لَا) تَرِثُهُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَرَضُ الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ مَرَضَ الْمَوْتِ، فَإِذَا صَحَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَرَضَ الْمَوْتِ، وَلَا بُدَّ فِي الْبَائِنِ أَنْ تَسْتَمِرَّ أَهْلِيَّتُهَا لِلْإِرْثِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ، حَتَّى لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَمْلُوكَةً وَقْتَ الطَّلَاقِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ أَوْ عَتَقَتْ لَمْ تَرِثْ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَحْمَدَ إلَخْ) وَعَنْ مَالِكٍ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِأَزْوَاجٍ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَرِثُ الْمُخْتَلِعَةُ وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَغَيْرُهُمَا يَرِثُ لِأَنَّ الْكِنَايَاتِ عِنْدَهُ رَوَاجِعُ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَكَذَا تَرِثُ طَالِبَةُ رَجْعِيَّةٍ) أَيْ فِي مَرَضِهِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، وَاحْتَرَزَ بِالرَّجْعِيَّةِ عَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا كَمَا يَذْكُرُ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقٍ فَقَطْ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ فِي مَرَضِهِ طَلِّقْنِي فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُهُ إذَا صَارَ مُبْتَدِئًا فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهَا فِي الْإِرْثِ؛ كَقَوْلِهَا طَلِّقْنِي رَجْعِيَّةً فَأَبَانَهَا جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَيْ فَلَمْ تَكُنْ رَاضِيَةً بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَتْ الْبَائِنَ (قَوْلُهُ حَتَّى حَلَّ وَطْؤُهَا) أَيْ بِدُونِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ؛ لَكِنْ إذَا كَانَ الْوَطْءُ قَبْلَ الْمُرَاجَعَةِ بِالْقَوْلِ كَانَ هُوَ مُرَاجَعَةً مَكْرُوهَةً (قَوْلُهُ وَيَتَوَارَثَانِ فِي الْعِدَّةِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَلَاقُهُ لَهَا فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِرِضَاهَا أَوْ بِدُونِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ فَأَيُّهُمَا مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ يَرِثُهُ الْآخَرُ، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ زَالَ النِّكَاحُ وَقَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ الْقَوْلَ لَهَا فِي أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

بَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى سَأَلْت عَنْهَا وَلَمْ أَرَهَا صَرِيحَةً فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَرِيضَةَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَادَّعَى عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِيَرِثَ مِنْهَا وَادَّعَى وَرَثَتُهَا انْقِضَاءَهَا وَهِيَ لَمْ تُقِرَّ قَبْلَ مَوْتِهَا بِانْقِضَائِهَا وَلَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْيَأْسِ، فَهَلْ الْقَوْلُ لَهُ أَوْ لَهُمْ؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ لِأَنَّ السَّبَبَ الْإِرْثُ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ كَانَ مُتَحَقِّقًا لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُهُ فَلَا يَزُولُ بِالِاحْتِمَالِ؛ وَهِيَ لَوْ ادَّعَتْ قَبْلَ مَوْتِهَا انْقِضَاءَهَا فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا بِخِلَافِ وَرَثَتِهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَائِنِ) فَإِنَّ فِيهِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْأَهْلِيَّةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ كَمَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَكَذَا تَرِثُ مُبَانَةٌ إلَخْ) أَيْ مَنْ طَلَّقَهَا بَائِنًا قَيَّدَ، بِهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً لَا تَرِثُ كَمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ، وَكَذَا لَوْ بَانَتْ بِتَقْبِيلِ ابْنِ الزَّوْجِ وَلَوْ مُكْرَهَةً كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِمَجِيءِ الْحُرْمَةِ بِبَيْنُونَتِهِ) أَيْ فَكَانَ الْفِرَارُ مِنْهُ

(قَوْلُهُ وَمَنْ لَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْقَذْفُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الْقَذْفُ فِي الصِّحَّةِ وَاللِّعَانُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ آلَى مِنْهَا مَرِيضًا) أَرَادَ بِهِ أَنْ يَكُونَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ فِي الْمَرَضِ أَيْضًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ بِسَبَبٍ مِنْهُ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَهَذَا مُلْحَقٌ بِالتَّعْلِيقِ بِفِعْلٍ لَا بُدَّ مِنْهُ، إذْ هِيَ مُلْجَأَةٌ إلَى الْخُصُومَةِ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ آلَى فِي صِحَّتِهِ إلَخْ) وَجْهُ عَدَمِ الْإِرْثِ فِيهَا أَنَّ الْإِيلَاءَ فِي مَعْنَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ خَالِيَةٍ عَنْ الْوِقَاعِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ وَهُنَا وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إبْطَالِهِ بِالْفَيْءِ لَكِنْ بِضَرَرٍ يَلْزَمُهُ وَهُوَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَمَاتَ) أَيْ فِي عِدَّتِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ ط (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي الْبَائِنِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ أَيْ وَالرِّدَّةُ

ص: 388

كَمَا) لَا تَرِثُ (لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا) أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا (فَطَاوَعَتْ) أَوْ قَبَّلَتْ (ابْنَهُ) لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْهَا (أَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ أَبَانَتْ نَفْسَهَا فَأَجَازَ وَرِثَتْ عَمَلًا بِإِجَازَتِهِ قُنْيَةٌ (أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا) وَلَوْ بِبُلُوغٍ وَعِتْقٍ وَجَبَ وَعَنْهُ لَمْ تَرِثْ لِرِضَاهَا (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (مَحْصُورًا) بِحَبْسٍ (أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ)

ــ

[رد المحتار]

تَقْطَعُ أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ ط (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَعَدَمِ الطَّلَاقِ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَطَاوَعَتْ) الْمُطَاوَعَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ، إذْ لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً لَا تَرِثُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ إبْطَالُ حَقِّهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ لَكِنْ لَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِذَلِكَ وَرِثَتْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ لِمَجِيءِ الْفُرْقَةِ مِنْهَا) أَيْ فَكَانَتْ رَاضِيَةً بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا (قَوْلُهُ أَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا) يَصْدُقُ بِمَا إذَا سَأَلَتْهُ وَاحِدَةً بَائِنَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، فَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ لَمْ أَرَ حُكْمَهُ أَيْ صَرِيحًا، ثُمَّ قَالَ كَمَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا مِيرَاثَ لَهَا لِرِضَاهَا بِالْبَائِنِ. اهـ. (قَوْلُهُ عَمَلًا بِإِجَازَتِهِ) لِأَنَّهَا هِيَ الْمُبْطِلَةُ لِلْإِرْثِ.

وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ هَذَا لَا يُجْدِي نَفْعًا فِيمَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ فِي مَرَضِهِ، إذْ دَلِيلُ الرِّضَا فِيهِ قَائِمٌ اهـ.

قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِطَلَاقٍ مَوْقُوفٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِحَقِّهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ رِضَاهَا بِمَا يُبْطِلُهُ. وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَيْسَ هَذَا كَطَلَاقٍ بِسُؤَالِهَا إذْ لَمْ تَرْضَ بِعَمَلِ الْمُبْطِلِ، إذْ قَوْلُهَا طَلَّقْت نَفْسِي لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، فَإِذَا أَجَازَ فِي مَرَضِهِ فَكَأَنَّهُ أَنْشَأَ الطَّلَاقَ فَكَانَ فَارًّا اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ خَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ مِنْ زَوْجِهَا الْمَرِيضِ فَلَهَا الْإِرْثُ لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِهَذَا الطَّلَاقِ فَيَصِيرُ الزَّوْجُ فَارًّا بَحْرٌ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

قُلْت: وَمُفَادُ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ خَلَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَأَجَازَتْ فِعْلَهُ تَرِثُ أَيْضًا لِأَنَّ إجَازَتَهَا حَصَلَتْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِيهَا بَلْ أَثَّرَتْ فِي سُقُوطِ مَهْرِهَا، فَقَدْ ثَبَتَ الْفِرَارُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِهَا، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا لَا تَرِثُ، لِأَنَّ دَلِيلَ الرِّضَا قَائِمٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيَامُهُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ لَا بَعْدَهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِبُلُوغٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى اخْتِيَارٍ بِتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ.

لَا يُقَالُ: إنَّ الْفُرْقَةَ فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ تَتَوَقَّفُ عَلَى فَسْخِ الْقَاضِي فَلَمْ تَكُنْ بِفِعْلِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَبَانَتْ نَفْسَهَا فَأَجَازَهُ الزَّوْجُ لِأَنَّ فَسْخَ الْقَاضِي مَوْقُوفٌ عَلَى طَلَبِهَا ذَلِكَ مِنْهُ فَصَارَ كَطَلَبِهَا الْبَائِنَ مِنْ زَوْجِهَا وَذَلِكَ رِضًا، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لِرِضَاهَا) أَيْ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ وَقَعَتْ بِاخْتِيَارِهَا لِأَنَّهَا تَقْدِرُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَيْهِ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ مَحْصُورًا بِحَبْسٍ) عِبَارَتُهُ فِي الدُّرَرِ الْمُنْتَفِي فِي حِصْنٍ، وَكَذَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ، وَالْحَصْرُ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمَنْعِ وَيَشْمَلُ الْحَبْسَ وَالْحِصْنَ لَكِنْ مَسْأَلَةُ الْحَبْسِ ذَكَرَهَا بَعْدُ، وَقَوْلُهُ أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا خَرَجَ عَنْ الصَّفِّ لِلْمُبَارَزَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَارًّا كَمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ الْتَحَمَ الْقِتَالُ وَاخْتَلَطَ الصَّفَّانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِعْرَاجِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فَارًّا هُنَا لِمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْحِصْنَ لِدَفْعِ بَأْسِ الْعَدُوِّ وَكَذَا الْمَنَعَةُ أَيْ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُقَاتِلِينَ، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَإِطْلَاقُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِئَةً قَلِيلَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُخْرَى أَوْ لَا، وَلَمْ أَرَهُ لَهُمْ. اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا دَامَ فِي الصَّفِّ لَا فَرْقَ، أَمَّا لَوْ اخْتَلَطُوا فَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ إلَّا إذَا كَانَتْ إحْدَاهُمَا غَالِبَةً.

[تَنْبِيهٌ] مِثْلُ مَنْ فِي الصَّفِّ مَنْ كَانَ رَاكِبَ سَفِينَةٍ قَبْلَ خَوْفِ الْغَرَقِ أَوْ نَزَلَ بِمَسْبَعَةٍ أَوْ مُخِيفٍ مِنْ عَدُوٍّ بَحْرٌ.

ص: 389

وَمِثْلُهُ حَالُ فُشُوِّ الطَّاعُونِ أَشْبَاهٌ (أَوْ قَائِمًا بِمَصَالِحِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ مُشْتَكِيًا) مِنْ أَلَمٍ (أَوْ مَحْمُومًا أَوْ مَحْبُوسًا بِقِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ لَا) تَرِثُ لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ

(وَالْحَامِلُ لَا تَكُونُ فَارَّةً إلَّا بِتَلَبُّسِهَا بِالْمَخَاضِ) وَهُوَ الطَّلْقُ، لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْمَرِيضَةِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ إذَا تَمَّ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ (إذَا عَلَّقَ) الْمَرِيضُ (طَلَاقَهَا) الْبَائِنُ (بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ وَلَدَهَا مِنْهُ (أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ وَ) الْحَالُ أَنَّ (التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ فِي مَرَضِهِ أَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَهَا (بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطِ فَقَطْ) فِيهِ (أَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهَا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ)

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ حَالُ فُشُوِّ الطَّاعُونِ هَلْ لِلصَّحِيحِ حُكْمُ الْمَرِيضِ

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ حَالُ فُشُوِّ الطَّاعُونِ) نَقَلَ فِي الْفَتْحِ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ وَقَالَ وَلَمْ أَرَهُ لِمَشَايِخِنَا اهـ وَقَوَاعِدُ الْحَنَفِيَّةِ تَقْتَضِي أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ. قَالَ الْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ فِي كِتَابِهِ بَذْلِ الْمَاعُونِ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ لِي جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ: غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ كَمَنْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ فَلَا يَكُونُ فَارًّا اهـ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مَالِكٍ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَلَيْسَ مُسَلَّمًا إذْ لَا مُمَاثَلَةَ بَيْنَ مَنْ هُوَ مَعَ قَوْمٍ يَدْفَعُونَ عَنْهُ فِي الصَّفِّ وَبَيْنَ مَنْ هُوَ مَعَ قَوْمٍ هُمْ مِثْلُهُ لَيْسَ لَهُمْ قُوَّةُ الدَّفْعِ عَنْ أَحَدٍ حَالَ فُشُوِّ الطَّاعُونِ. اهـ.

قُلْت: إذَا دَخَلَ الطَّاعُونُ مَحَلَّةً أَوْ دَارًا يَغْلِبُ عَلَى أَهْلِهَا خَوْفُ الْهَلَاكِ كَمَا فِي حَالِ الْتِحَامِ الْقِتَالِ، بِخِلَافِ الْمَحَلَّةِ أَوْ الدَّارِ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْهَا فَيَنْبَغِي الْجَرْيُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِغَلَبَةِ خَوْفِ الْهَلَاكِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يُطْعَنْ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْمُومًا) عَطْفٌ عَلَى مُشْتَكِيًا، وَقَوْلُهُ أَوْ مَحْبُوسًا عَطْفٌ عَلَى قَائِمًا، وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ مَحْمُومًا عَلَى قَائِمًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا تَرِثَ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِمَصَالِحِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْمُومَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ لَا يَكُونُ مَرِيضًا وَإِلَّا فَهُوَ مَرِيضٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُلْتَقَى. وَأَمَّا مَا فِي الدِّرَايَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمَحْمُومَ مَرِيضٌ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمُلْتَقَى. وَأَمَّا مَا فِي النَّهْرِ مِنْ دَعْوَى الْمُخَالَفَةِ وَالتَّوْفِيقِ بِحَمْلِ مَا فِي الدِّرَايَةِ عَلَى مَا إذَا جَاءَتْ نَوْبَةُ الْحُمَّى فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا إذَا جَاءَتْ نَوْبَتُهَا وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ الَّتِي يَأْخُذُهَا الطَّلْقُ ثُمَّ يَسْكُنُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ لِغَلَبَةِ السَّلَامَةِ) لِأَنَّ الْحِصْنَ لِدَفْعِ الْعَدُوِّ، وَقَدْ يَتَخَلَّصُ مِنْ الْمَسْبَعَةِ وَالْحَبْسِ بِنَوْعٍ مِنْ الْحِيَلِ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ الطَّلْقُ) اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الطَّلْقِ، فَقِيلَ الْوَجَعُ الَّذِي لَا يَسْكُنُ حَتَّى تَمُوتَ أَوْ تَلِدَ، وَقِيلَ وَإِنْ سَكَنَ لِأَنَّ الْوَجَعَ يَسْكُنُ تَارَةً وَيَهِيجُ أُخْرَى، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ بَحْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ إذَا عَلَّقَ الْمَرِيضُ) أَيْ مَنْ كَانَ مَرِيضًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ أَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا عِنْدَ كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ، فَلَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ الْبَائِنَ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ حُكْمَ الْفِرَارِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِهِ بَحْرٌ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا فِرَارَ فِيهِ وَلَوْ نَجَّزَهُ فِي الْمَرَضِ بِدُونِ رِضَاهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ) سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَمْ لَا بَحْرٌ، وَالْمُرَادُ بِالْفِعْلِ مَا يَعُمُّ التَّرْكَ كَمَا فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ ط (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ) دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ إرَادَةِ حَقِيقَةِ الْأَجْنَبِيِّ: وَهُوَ مَنْ لَا قَرَابَةَ لَهُ ط (قَوْلُهُ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ) الْمُرَادُ بِهِ التَّعْلِيقُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ: أَيْ مَا لَا صُنْعَ فِيهِ لِلْعَبْدِ، وَجَعَلَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ الْمُضَافَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ الشَّرْطِ فَقَطْ) أَيْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَدُخُولِ الدَّارِ مَثَلًا فِي إنْ دَخَلْت الدَّارَ

ص: 390

طَبْعًا أَوْ شَرْعًا كَأَكْلٍ وَكَلَامِ أَبَوَيْنِ (وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطِ) فِيهِ فَقَطْ (وَرِثَتْ) لِفِرَارِهِ، وَمِنْهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ وَرَثَتُهُ وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يَرِثْهَا. (وَفِي غَيْرِهَا لَا يَرِثُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ التَّعْلِيقِ فَقَطْ أَوْ بِفِعْلِهَا وَلَهَا مِنْهُ بُدٌّ) وَحَاصِلُهَا سِتَّةَ عَشَرَ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إمَّا بِمَجِيءِ وَقْتٍ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِهَا، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى أَرْبَعَةٍ، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالشَّرْطَ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ كَأَكْلٍ وَكَلَامِ أَبَوَيْنِ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، وَكَالْأَبَوَيْنِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ كَمَا فِي الْحَمَوِيِّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ ط، وَمِثْلُهُ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَاؤُهُ نَهْرٌ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى الْخُرُوجِ إلَى مَنْزِلِ وَالِدَيْهَا فَخَرَجَتْ تَرِثُ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ اهـ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا خَرَجَتْ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ الشَّرْطِ فِيهِ فَقَطْ) فِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ؛ فَعِنْدَهُ إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَصَحَّحُوا قَوْلَ مُحَمَّدٍ، وَنُقِلَ فِي النَّهْرِ تَصْحِيحُهُ عَنْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَرِثَتْ لِفِرَارِهِ) أَمَّا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ وَوُجِدَا فِي الْمَرَضِ فَلِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى الْفِرَارِ قَدْ تَحَقَّقَ بِمُبَاشَرَةِ التَّعْلِيقِ فِي حَالِ حَقِّهَا بِمَالِهِ، وَلِذَا لَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ فِي الْمَرَضِ الشَّرْطَ فَقَطْ لَمْ تَرِثْ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَكَانَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطُ فِيهِ فَقَطْ فَلِأَنَّهُ قَصَدَ إبْطَالَ حَقِّهَا بِالتَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ أَوْ بِالشَّرْطِ وَحْدَهُ وَاضْطِرَارُهُ لَا يُبْطِلُ حَقَّ غَيْرِهِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ وَكَانَ الشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ فَلِأَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِخَوْفِ الْهَلَاكِ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْعُقْبَى نَهْرٌ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفِرَارِ وَهُوَ مِنْ قِسْمِ التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا وَرِثَتْهُ لِأَنَّهُ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ عَدَمُ التَّطْلِيقِ أَوْ عَدَمُ التَّزَوُّجِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ وَقْتُ مَرَضٍ فَكَانَ فَارًّا وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْهَا لِرِضَاهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ حَيْثُ أَخَّرَ الشَّرْطَ إلَى مَوْتِهَا. وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ آتِيَ الْبَصْرَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ وَرِثَتْهُ لِمَا قُلْنَا، وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ هِيَ يَرِثُهَا لِأَنَّهَا مَاتَتْ وَهِيَ زَوْجَتُهُ لِعَدَمِ شَرْطِ الْوُقُوعِ، لِجَوَازِ أَنْ يَأْتِيَ الْبَصْرَةَ بَعْدَ مَوْتِهَا اهـ أَيْ بِخِلَافِ تَطْلِيقِهَا وَتَزَوُّجِهِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ مَوْتِهَا.

[تَنْبِيهٌ] تَقْيِيدُ الشَّارِحِ الطَّلَاقَ بِكَوْنِهِ ثَلَاثًا غَيْرُ لَازِمٍ فِي مَسْأَلَةِ مَوْتِهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا وَحَكَمْنَا بِالْوُقُوعِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَهُوَ الْجُزْءُ الَّذِي يَعْقُبُهُ الْمَوْتُ يَكُونُ الْوَاقِعُ بِهِ بَائِنًا، لِعَدَمِ إمْكَانِ الْعِدَّةِ، كَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ فِي بَابِ الصَّرِيحِ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ (قَوْلُهُ أَوْ التَّعْلِيقِ فَقَطْ) أَيْ التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ، فَالتَّعْلِيقُ هُنَا لَا يُحْمَلُ عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى يَشْمَلَ فِعْلَ نَفْسِهِ، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ إذَا وُجِدَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ أَيْ وَوُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ مِنْهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَتْنُ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهُ فِي الْعُمُومِ كَذَا بِخَطِّ السَّائِحَانِيِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ بِفِعْلِهَا وَلَهَا مِنْهُ بُدٌّ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ لَا وَلَا قَالَ فِي التَّبْيِينِ: وَفِي غَيْرِهَا أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَا تَرِثُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الصِّحَّةِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا، أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ، أَوْ كَيْفَمَا كَانَ إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كُلِّهَا. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَحَاصِلُهَا سِتَّةَ عَشَرَ) يُمْكِنُ بَسْطُهَا إلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ إذَا عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِهَا أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَالْفِعْلُ إمَّا مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَا، فَهَذِهِ سِتَّةٌ تُضْرَبُ فِي أَوْجُهِ الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ الْأَرْبَعَةِ فَتَبْلُغُ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَفِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْوَقْتِ أَرْبَعُ صُوَرٍ فَتَبْلُغُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ، لَكِنْ فِي فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَا، بِخِلَافِ فِعْلِهَا كَمَا عَلِمْت. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ فِي الصِّحَّةِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي طَلَاقِ الْمَرِيضِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَحْرِ، فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ

ص: 391

إمَّا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا

(قَالَ لَهَا فِي صِحَّتِهِ إنْ شِئْت) أَنَا (وَفُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ مَرِضَ فَشَاءَ الزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ الطَّلَاقَ مَعًا أَوْ شَاءَ الزَّوْجُ ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ لَا تَرِثُ، وَإِنْ شَاءَ الْأَجْنَبِيُّ أَوَّلًا ثُمَّ الزَّوْجُ وَرِثَتْ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى إذْ بِمَشِيئَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوَّلًا صَارَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى فِعْلِهِ فَقَطْ.

(تَصَادَقَا) أَيْ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ وَالزَّوْجَةُ (عَلَى ثَلَاثٍ فِي الصِّحَّةِ وَ) عَلَى (مُضِيِّ الْعِدَّةِ ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ) أَوْ عَيْنٍ (أَوْ وَصَّى لَهَا بِشَيْءٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى (وَمِنْ الْمِيرَاثِ) لِلتُّهْمَةِ وَتَعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ إقْرَارِهِ بِهِ يُفْتَى

ــ

[رد المحتار]

وَتَكُونُ الصُّوَرُ إحْدَى وَعِشْرِينَ (قَوْلُهُ أَوْ أَحَدَهُمَا) بِالنَّصْبِ أَوْ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى اسْمِ إنَّ أَيْ أَوْ أَحَدَهُمَا فِي أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ أَوْ بِالْعَكْسِ

(قَوْلُهُ قَالَ لَهَا فِي صِحَّتِهِ) أَمَّا إذَا كَانَ هَذَا التَّعْلِيقُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِعْلِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ ط

(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ عَلَى مَشِيئَتِهِمَا فَإِذَا شَاءَا مَعًا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ تَمَامَ الْعِلَّةِ فَلَا يَكُونُ فَارًّا؛ بِخِلَافِ مَا إذَا تَأَخَّرَتْ مَشِيئَةُ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَمَّتْ الْعِلَّةُ بِهِ اهـ أَيْ فَيَكُونُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِفِعْلِهِ فَيَكْفِي فِيهِ كَوْنُ الشَّرْطِ فَقَطْ فِي الْمَرَضِ، بِخِلَافِ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَإِنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ، فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ فِي الْمَرَضِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الصِّحَّةِ

(قَوْلُهُ وَعَلَى مُضِيِّ الْعِدَّةِ) قَيَّدَ بِهِ لِيَظْهَرَ خِلَافُ الصَّاحِبَيْنِ حَيْثُ قَالَا بِجَوَازِ إقْرَارِهِ وَوَصِيَّتِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِانْتِفَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ تَصَادَقَا عَلَى الثَّلَاثِ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ يَكُونُ لَهَا الْأَقَلُّ اتِّفَاقًا. اهـ. ح (قَوْلُهُ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ الْمِيرَاثِ) مِنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بَيَانٌ لِلْأَقَلِّ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَصِلَةُ الْأَقَلِّ مَحْذُوفَةٌ تَقْدِيرُهَا مِنْ الْآخَرِ. وَالْمَعْنَى فَلَهَا الْمُوصَى بِهِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الْمِيرَاثِ أَوْ الْمِيرَاثُ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْ الْمُوصَى بِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْجَمْعِ، إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ فَلَهَا الْمِيرَاثُ وَالْمُوصَى بِهِ اللَّذَانِ هُمَا الْأَقَلُّ وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ صِلَةُ الْأَقَلِّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَاوُ لِلْجَمْعِ أَوْ بِمَعْنَى أَوْ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَعَلَى الثَّانِي فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِلَاهُمَا فَاسِدٌ. اهـ. ح أَيْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْأَقَلُّ شَيْئًا خَارِجًا عَنْ الْمِيرَاثِ وَالْمُوصَى بِهِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقَلِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هُوَ الْأَقَلُّ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لِلتُّهْمَةِ) أَيْ تُهْمَةِ مُوَاضَعَةِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْفُرْقَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِيُعْطِيَهَا الزَّوْجُ زِيَادَةً عَلَى مِيرَاثِهَا، وَهَذِهِ التُّهْمَةُ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ فَرَدَدْنَاهَا وَقَالَا بِجَوَازِ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً عَنْهُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ، بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا، وَدَفْعِ زَكَاتِهِ لَهَا وَتَزَوُّجِهَا بِآخَرَ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا مُوَاضَعَةَ عَادَةً فِي حَقِّ الزَّكَاةِ وَالشَّهَادَةِ وَالتَّزَوُّجِ فَلَا تُهْمَةَ بَحْرٌ مُلَخَّصًا عَنْ الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا (قَوْلُهُ وَتَعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ إقْرَارِهِ إلَخْ) كَذَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخَانِيَّةِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ آنِفًا وَلَا تَزَوُّجُهُ بِأُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا وَهُوَ خِلَافُ مَا صَرَّحُوا بِهِ هُنَا، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَحْكِيمُ الْحَالِ فَإِنْ كَانَ جَرَى بَيْنَهُمَا خُصُومَةٌ وَتَرَكَتْ خِدْمَتَهُ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ دَلِيلُ عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ فَلَا تُهْمَةَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ لِلتُّهْمَةِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا، وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَرَّرُوهُ هُنَا مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ يَقْتَضِي أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَمَا صَحَّحُوهُ فِي بَابِ الْعِدَّةِ مِنْ وُجُوبِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ.

أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَجِبُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَإِذَا أَقَرَّ الزَّوْجَانِ بِمُضِيِّهَا صُدِّقَا فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَلِذَا صَرَّحُوا

ص: 392

وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَلَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى عِمَادِيَّةٌ؛ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ وَوَصِيَّتُهُ، وَلَوْ كَذَّبَتْهُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ شَرْحُ الْمَجْمَعِ

وَفِي الْفُصُولِ: ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَرِيضًا أَنَّهُ أَبَانَهَا فَجَحَدَ وَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ ثُمَّ صَدَّقَتْهُ وَمَاتَ تَرِثُهُ لَوْ صَدَّقَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَا لَوْ بَعْدَهُ.

ــ

[رد المحتار]

بِأَنَّهُ لَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا سُكْنَى عَمَلًا بِتَصْدِيقِهَا لَهُ، وَالشَّهَادَةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا مَرَّ لَا تُهْمَةَ فِيهَا إذْ لَا مُوَاضَعَةَ عَادَةً فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ فَلَمْ يُصَدَّقَا فِي حَقِّهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدَّرَ أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ لِإِبْطَالِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ تُهْمَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ بَلْ فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ فَقَطْ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَالْقَوْلِ بِاعْتِبَارِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ، وَلِذَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ: إنَّ فَتْوَى الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْ بِوُجُوبِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ مُخَالِفَةٌ لِلْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَحَيْثُ كَانَتْ مُخَالَفَتُهُمْ لِلتُّهْمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى بِهِ مَحَالَّهَا وَالنَّاسَ الَّذِينَ هُمْ مَظَانُّهَا، وَلِهَذَا فَصَّلَ الْإِمَامُ السَّعْدِيُّ بِحَمْلِ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَسْنَدَ الطَّلَاقَ إلَيْهِ، أَمَّا إذَا كَانَا مُجْتَمَعَيْنِ فَالْكَذِبُ فِي كَلَامِهِمَا ظَاهِرٌ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي الْإِسْنَادِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ: وَهَذَا هُوَ التَّوْفِيقُ اهـ أَيْ بَيْنَ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، وَبِهِ ظَهَرَ صِحَّةُ مَا قَالَهُ السُّرُوجِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَحْكِيمُ الْحَالِ، لَكِنْ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْخُصُوصَةَ وَتَرْكَ الْخِدْمَةِ دَلِيلُ عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ رَدَّهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِيرَاثِ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ تِلْكَ الْخُصُوصَةَ حِيلَةٌ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا اهـ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّعْدِيُّ مِنْ التَّفَرُّقِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْمُوَاضَعَةِ لِتَصِحَّ وَصِيَّتُهُ لَهَا وَتَزَوُّجُهُ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[تَنْبِيهٌ] اعْلَمْ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ لَهُ شَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ، فَلَوْ تَوَى شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَانَ عَلَى الْكُلِّ، وَلَوْ طَلَبَتْ أَخْذَ الدِّرْهَمِ وَالتَّرِكَةُ عُرُوضٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ وَشُبِّهَ بِالدَّيْنِ، حَتَّى كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهَا مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِزَعْمِهَا أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ دَيْنٌ كَذَا أَفَادَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ بَعْدَ مُضِيِّهَا) أَيْ مُضِيِّ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ فَلَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى) لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا تَأْخُذُهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَبَهٌ بِالْمِيرَاثِ أَصْلًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا لِأَنَّهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ لَمْ تُعْطِ الزَّائِدَ عَلَى الْمِيرَاثِ لِلتُّهْمَةِ فَكَانَ مَا تَأْخُذُهُ إرْثًا نَظَرًا لِلْوَرَثَةِ وَوَصِيَّةً نَظَرًا لِزَعْمِهَا فَاعْتُبِرَ فِيهِ الشَّبَهَانِ، وَبَعْدَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ لَمْ تَبْقَ التُّهْمَةُ فَلِذَا اسْتَحَقَّتْ جَمِيعَ مَا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِهِ وَتَمَحَّضَ كَوْنُهُ دَيْنًا أَوْ وَصِيَّةً وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ الشَّبَهَيْنِ هُنَا تَبَعًا لِظَاهِرِ عِبَارَةِ النَّهْرِ لَمْ يُصِبْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَرَضِ مَوْتِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي: أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّصَادُقُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَنْ صَحَّ مِنْهُ أَوْ كَانَ غَيْرَ مَرِيضٍ أَصْلًا ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا صَحَّ إقْرَارُهُ وَوَصِيَّتُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ تَصَادَقَا ط (قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ) أَيْ وَلَا وَصِيَّتُهُ مُعَامَلَةً لَهَا بِزَعْمِهَا أَنَّهَا زَوْجَةٌ وَهِيَ وَارِثَةٌ، وَلَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ وَلَا إقْرَارَ لَهُ ط وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا مَاتَ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بَانَتْ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ وَصَارَ فَارًّا فَإِذَا صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ يَصِحَّ وَمَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْ مِنْهُ فَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ وَإِقْرَارُهُ لَهَا بِالْمَالِ، وَلَيْسَ تَكْذِيبُهَا لَهُ فِي الطَّلَاقِ السَّابِقِ رِضًا بِالطَّلَاقِ الْوَاقِعِ الْآنَ كَمَا لَا يَخْفَى هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ لَا لَوْ بَعْدَهُ) أَقُولُ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ الْإِبَانَةَ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا تَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهَا بِأَنَّهَا لَا تَرِثُ مَعَهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ فَارٍّ، أَمَّا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ الْإِبَانَةَ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَلَا، لِأَنَّهَا ادَّعَتْ

ص: 393

(كَمَنْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِأَمْرِهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهَا أَوْ أَقَرَّ) فَإِنَّ لَهَا الْأَقَلَّ.

(قَالَ صَحِيحٌ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ بَيَّنَ) الطَّلَاقَ (فِي مَرَضِهِ) الَّذِي مَاتَ فِيهِ (فِي إحْدَاهُمَا صَارَ فَارًّا بِالْبَيَانِ فَتَرِثُ مِنْهُ) كَافِيٌّ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ صَحِيحًا وَحَنِثَ مَرِيضًا فَبَيَّنَهُ فِي إحْدَاهُمَا صَارَ فَارًّا وَلَمْ أَرَهُ نَهْرٌ

(وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (بِأَهْلِيَّتِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ لِلْمِيرَاثِ

(فَلَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي مَرَضِهِ وَقَدْ كَانَ سَيِّدُهَا أَعْتَقَهَا قَبْلَهُ) أَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً فَأَسْلَمَتْ (وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَانَ فَارًّا) فَتَرِثُهُ ظَهِيرِيَّةٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا وَقَالَ الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ (وَإِنْ عَلِمَ بِكَلَامِ الْمَوْلَى كَانَ فَارًّا وَإِلَّا) يَعْلَمُ (لَا) تَرِثُ خَانِيَّةٌ.

ــ

[رد المحتار]

عَلَيْهِ طَلَاقًا تَرِثُ مِنْهُ غَيْرَ أَنَّهَا لَمَّا زَعَمَتْ أَنَّهَا بَانَتْ مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهَا مُفَارَقَتُهُ، فَإِذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْوَاجِبَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ رَاضِيَةً بِطَلَاقِهَا كَمَا لَا يَخْفَى، فَيَجِبُ أَنْ تَرِثَ سَوَاءٌ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهَا بِمَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ، وَكَأَنَّهُمْ سَكَتُوا عَنْهُ لِظُهُورِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَنْ طَلُقَتْ إلَخْ) جَعَلَ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُشَبَّهًا بِهَذِهِ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهَا، بِخِلَافِ الْأُولَى كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ بِأَمْرِهَا) الْأَوْلَى بِرِضَاهَا لِيَشْمَلَ اخْتِيَارَهَا نَفْسَهَا فِي التَّفْوِيضِ أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ ط (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهَا الْأَقَلَّ) أَيْ مِمَّا أَقَرَّ أَوْ أَوْصَى بِهِ وَمِنْ الْإِرْثِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِوَجْهِ الشَّبَهِ الْمُفَادِ بِالْكَافِ

(قَوْلُهُ قَالَ صَحِيحٌ) قَيَّدَ بِهِ لِيَكُونَ فِرَارُهُ بِالْبَيَانِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَرِيضًا يَكُونُ فَارًّا بِذَلِكَ الْقَوْلِ لَا بِنَفْسِ الْبَيَانِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ) أَيْ ثَلَاثًا كَمَا فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ عَنْ الْكَافِي وَهُوَ الْمُرَادُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَكُونُ بِهِ فَارًّا وَلَا فِرَارَ فِي الرَّجْعِيِّ (قَوْلُهُ فَتَرِثُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ بَيَّنَ الطَّلَاقَ بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ، كَمَا لَوْ أَنْشَأَ فَجُعِلَ إنْشَاءً فِي حَقِّ الْإِرْثِ لِلتُّهْمَةِ، وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى وَلَمْ تَرِثْ لِأَنَّهُ بَيَانٌ حُكْمِيٌّ فَانْتَفَتْ التُّهْمَةُ عَنْهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.

قُلْت: وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ فَارًّا بِهَذَا الْبَيَانِ مُؤَيِّدٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيَانَ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ إيقَاعٌ لِلطَّلَاقِ مُعَلَّقًا بِشَرْطِ الْبَيَانِ مَعْنًى: أَيْ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْبَيَانِ فَيَقَعُ عِنْدَ الْبَيَانِ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ إيقَاعٌ لِلْحَالِ فِي وَاحِدَةٍ غَيْرِ عَيْنٍ وَالْبَيَانُ تَعْيِينٌ لِمَنْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِيرَ فَارًّا لِأَنَّ الْوُقُوعَ يَكُونُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِيهِ (قَوْلُهُ لَوْ حَلَفَ صَحِيحًا) أَيْ بِأَنْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ كَأَنْ قَالَ: إنْ دَخَلَ زَيْدٌ دَارِهِ فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا. أَمَّا لَوْ عَلَّقَ عَلَى فِعْلِهِ صَارَ فَارًّا بِالْفِعْلِ فِي مَرَضِهِ لَا بِنَفْسِ الْبَيَانِ، فَافْهَمْ (قَوْلُهُ صَارَ فَارًّا) يَظْهَرُ لَك وَجْهُهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْبَدَائِعِ

(قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الزَّوْجِيَّةِ لِلْمِيرَاثِ شَرْطٌ فِي كَوْنِهِ فَارًّا فَإِذَا كَانَتْ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِذَلِكَ لَكِنْ لَوْ كَانَتْ أُعْتِقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ فَأَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ صَارَ فَارًّا وَتَرِثُهُ لِتَحْقِيقِ الشَّرْطِ وَقْتَ الْإِبَانَةِ (قَوْلُهُ بَعْدَ غَدٍ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا أَيْضًا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مَعًا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا، وَلَوْ قَالَ إذَا أُعْتِقْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا كَانَ فَارًّا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَيْ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ يَعْقُبُ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْفِرَارِ قَبْلَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الْمُضَافَيْنِ إلَى الْغَدِ وَقَعَا مَعًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَعْلَمُ لَا تَرِثُ) لِأَنَّهُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَقْصِدْ إبْطَالَ حَقِّهَا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَإِنْ صَارَتْ أَهْلًا قَبْلَ نُزُولِ الطَّلَاقِ وَلَمْ تَكُنْ حَرَّةً وَقْتَ التَّعْلِيقِ لِأَنَّ عِتْقَهَا مُضَافٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَقْتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ. وَالْأَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّهُ أَمْرٌ ثَابِتٌ تَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ] مُقْتَضَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَانَ فَارًّا أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ وَإِلَّا كَانَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً وَلَا فِرَارَ فِي الرَّجْعِيِّ فَافْهَمْ.

ص: 394

وَلَوْ عَلَّقَهُ بِعِتْقِهَا أَوْ بِمَرَضِهِ أَوْ وَكَّلَهُ بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ فَأَوْقَعَهُ حَالَ مَرَضِهِ قَادِرًا عَلَى عَزْلِهِ كَانَ فَارًّا

(وَلَوْ بَاشَرَتْ) الْمَرْأَةُ (سَبَبَ الْفُرْقَةِ وَهِيَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا (مَرِيضَةٌ وَمَاتَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَرِثَهَا) الزَّوْجُ (كَمَا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ) بَيْنَهُمَا (بِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا فِي خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ أَوْ بِتَقْبِيلِهَا) أَوْ مُطَاوَعَتِهَا (ابْنَ زَوْجِهَا) وَهِيَ مَرِيضَةٌ لِأَنَّهَا مِنْ قِبَلِهَا وَلِذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا (بِخِلَافِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ) بَيْنَهُمَا (بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَاللِّعَانِ) فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا (عَلَى) مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْفَتْحِ عَنْ الْجَامِعِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَكَانَ هُوَ (الْمَذْهَبَ)

ــ

[رد المحتار]

وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ قُبَيْلَ أَلْفَاظِ الشَّرْطِ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَعَتَقَتْ فَدَخَلَتْ لَهُ رَجْعَتُهَا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَقَعَ هُنَا طَلْقَتَانِ وَلَا يَكُونُ فَارًّا وَقَدْ يُجَابُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْإِضَافَةِ وَالتَّعْلِيقِ إنَّ الْمُضَافَ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ، بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ، حَتَّى لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا لَمْ يَمْلِكْ بَيْعُهُ الْيَوْمَ وَيَمْلِكُهُ إذَا قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ كَمَا فِي طَلَاقِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ

فَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمَّا قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا انْعَقَدَ سَبَبًا لِلْحَالِ، فَإِذَا قَالَ الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ انْعَقَدَ سَبَبًا لِلطَّلَاقِ بَعْدَ تَحَقُّقِ سَبَبِ الْحُرِّيَّةِ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ فَإِنَّهُ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لَا يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَتَيْنِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ الْحُرِّيَّةِ وَقْتَهُ فَلَا يَقَعُ أَكْثَرَ مِمَّا يَمْلِكُ، هَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ بِعِتْقِهَا وَكَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ ط (قَوْلُهُ أَوْ بِمَرَضِهِ) كَقَوْلِهِ إنْ مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَكُونُ فَارًّا لِأَنَّهُ جَعَلَ شَرْطَ الْحِنْثِ الْمَرَضَ مُطْلَقًا وَالْمَرَضُ الْمُطْلَقُ هُوَ صَاحِبُ الْفِرَاشِ الَّذِي كَانَ الْمَوْتُ غَالِبًا فِيهِ وَذَا مَرَضُ الْمَوْتِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ تَصْحِيحُهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ.

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ مَرِضَ قَبْلَهُ ثُمَّ صَحَّ مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ لِحَمْلِهِ الْمَرَضَ عَلَى الْمُطْلَقِ أَيْ الْكَامِلِ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْمَوْتُ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ مَرَضٍ بَلْ الْمُرَادُ مَرَضٌ مُطْلَقٌ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَاضِحٌ مِثْلُ مَاءٍ مُطْلَقٍ وَمُطْلَقِ مَاءٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ وَكَّلَ بِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَقَالُوا فِيمَنْ فَوَّضَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ إلَى أَجْنَبِيٍّ فِي الصِّحَّةِ وَطَلَّقَهَا فِي الْمَرَضِ إنَّ التَّفْوِيضَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ عَنْهُ بِأَنْ مَلَّكَهُ الطَّلَاقَ لَا تَرِثُ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَسْخِهِ بَعْدَ مَرَضِهِ صَارَ الْإِيقَاعُ فِي الْمَرَضِ كَالْإِيقَاعِ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ عَزْلُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ صَارَ كَإِنْشَاءِ التَّوْكِيلِ فِي الْمَرَضِ فَتَرِثُهُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَاشَرَتْ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي كَوْنِ الْمَرْأَةِ فَارَّةً بَعْدَ بَيَانِ كَوْنِ الرَّجُلِ فَارًّا، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَقَدْ يَكُونُ الْفِرَارُ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَرِثَهَا الزَّوْجُ) لِأَنَّهُ كَمَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِمَالِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ مُطَاوَعَتِهَا ابْنَ زَوْجِهَا) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ أَكْرَهَهَا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا سَبَبَ الْفُرْقَةِ، وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ أَمَرَ ابْنَهُ بِإِكْرَاهِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ هُوَ الْمَرِيضَ وَأَمَرَ ابْنَهُ بِإِكْرَاهِهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ فَارًّا وَتَرِثُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ فَلَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَهِيَ مَرِيضَةٌ) قَيْدٌ لِلْفُرُوعِ الْمَذْكُورَةِ صَرَّحَ بِهِ لِيَصِحَّ انْدِرَاجُهَا تَحْتَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ بَاشَرَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ فَلَا تَكْرَارَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ الْفُرْقَةَ بِالْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ وَمِثْلُهَا رِدَّةُ الْمَرْأَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِهَا جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا لَمْ تَكُنْ طَلَاقًا بَلْ هِيَ فَسْخٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ أَهْلًا لِلطَّلَاقِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُهَا) أَيْ وَلَا تَرِثُهُ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا: أَيْ إذَا

ص: 395

لِأَنَّهَا طَلَاقٌ فَكَانَتْ مُضَافَةً إلَيْهِ (وَقِيلَ) قَائِلُهُ الزَّيْلَعِيُّ (هُوَ كَالْأَوَّلِ) فَيَرِثُهَا

(وَلَوْ ارْتَدَّتْ ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَهَا زَوْجُهَا) اسْتِحْسَانًا (وَإِلَّا) بِأَنْ ارْتَدَّتْ فِي الصِّحَّةِ (لَا) يَرِثُهَا بِخِلَافِ رِدَّتِهِ فَإِنَّهَا فِي مَعْنَى مَرَضِ مَوْتِهِ فَتَرِثُهُ مُطْلَقًا.

وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا، فَإِنْ أَسْلَمَتْ هِيَ وَرِثَتْهُ وَإِلَّا لَا خَانِيَّةٌ

(قَالَ آخِرُ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ ثَلَاثًا فَنَكَحَ امْرَأَةً ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ) طَلُقَتْ الْأُخْرَى (عِنْدَ التَّزَوُّجِ) وَ (لَا يَصِيرُ فَارًّا) خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ الْمَوْتَ مَعْرُوفٌ وَاتِّصَافُهُ بِالْآخِرِيَّةِ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ فَيَثْبُتُ مُسْتَنِدًا دُرَرٌ.

ــ

[رد المحتار]

كَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ ط، لَكِنْ فِي اللِّعَانِ تَرِثُهُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا طَلَاقٌ) فَيُعْتَبَرُ إيقَاعًا مِنْ جِهَتِهِ، فَلَا تَكُونُ فَارَّةً لِاضْطِرَارِهَا إلَى ذَلِكَ.

أَمَّا فِي اللِّعَانِ فَلِدَفْعِ الْعَارِ عَنْهَا، وَأَمَّا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَلِعَدَمِ حُصُولِ الْإِعْفَافِ الْمَطْلُوبِ مِنْ النِّكَاحِ فَصَارَ مِثْلَ التَّعْلِيقِ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَأَلَتْ الطَّلَاقَ فِي مَرَضِهِ فَطَلَّقَهَا لِرِضَاهَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا بِلَا ضَرُورَةٍ فَلَا تَرِثُهُ وَإِنْ كَانَ إيقَاعًا مِنْ جِهَتِهِ فَافْهَمْ، نَعَمْ يَشْكُلُ عَدَمُ إرْثِهَا مِنْهُ بِاخْتِيَارِ نَفْسِهَا فِي مَرَضِهِ لِلْجَبِّ وَالْعُنَّةِ، فَإِنَّ عِلَّةَ عَدَمِ إرْثِهَا كَوْنُهَا رَاضِيَةً كَمَا مَرَّ، فَيُنَافِي دَعْوَى اضْطِرَارِهَا. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ إضْرَارًا حَقِيقِيًّا فَلَا مُنَافَاةَ، وَلَوْ سَلِمَ اضْطِرَارُهَا حَقِيقَةً لَا يَلْزَمُ مِنْهُ إرْثُهَا مِنْهُ لِأَنَّ إرْثَهَا مِنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا ثَبَتَ فِرَارُهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْطَرَّهَا إلَى ذَلِكَ فَهِيَ كَمَنْ وَطِئَهَا ابْنُهُ مُكْرَهَةً لَا تَرِثُ مِنْهُ إلَّا إذَا أَمَرَ ابْنَهُ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ مِنْ اضْطِرَارِهَا فِرَارُهُ لِعَدَمِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ اضْطِرَارَهَا عُذْرٌ فِي نَفْيِ فِرَارِهَا لِأَنَّهُ مِنْ جِهَتِهَا فَيُؤَثِّرُ فِيهِ، بِخِلَافِ فِرَارِهِ فَإِنَّهُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ اضْطِرَارُهَا فِيهِ كَالْمُكْرَهِ، فَإِنَّ اضْطِرَارَهُ إلَى قَتْلِ غَيْرِهِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي فِعْلِهِ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الْقَوَدِ عَنْهُ لَا فِي فِعْلِ غَيْرِهِ وَهُوَ مَنْ أَكْرَهَهُ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا قَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ لَوْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ فِي مَرَضِهِ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ لَا تَرِثُهُ لِرِضَاهَا بِالْمُبْطِلِ وَإِنْ كَانَتْ مُضْطَرَّةً لِأَنَّ سَبَبَ الِاضْطِرَارِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ جَانِيًا فِي الْفُرْقَةِ اهـ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَتَأَمَّلْهُ

(قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ لَحِقَتْ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ط (قَوْلُهُ وَرِثَهَا) لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ قَصْدَهَا الْفِرَارُ ط (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرِثَهَا لِعَدَمِ جَرَيَانِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ط (قَوْلُهُ لَا يَرِثُهَا) لِأَنَّهَا بَانَتْ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ مُشْرِفَةً عَلَى الْهَلَاكِ وَلَيْسَتْ بِالرِّدَّةِ مُشْرِفَةً عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ رِدَّتِهِ إلَخْ) لِأَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ اسْتَدَامَهَا ط (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا، إنْ مَاتَ الْمُسْلِمُ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدُّ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي مَاتَ هُوَ الزَّوْجُ وَرِثَتْهُ الْمُسْلِمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ قَدْ مَاتَتْ، فَإِنْ كَانَتْ رِدَّتُهَا فِي الْمَرَضِ وَرِثَهَا الزَّوْجُ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ لَمْ يَرِثْ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ طَلُقَتْ الْأُخْرَى) زَادَ الشَّارِحُ ذَلِكَ تَبَعًا لِلدُّرَرِ لِإِصْلَاحِ عِبَارَةِ الْمَتْنِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ التَّزَوُّجِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ طَلُقَتْ، وَعَلَى مَا فِي الْمَتْنِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَاتَ وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِيرُ فَارًّا الْوَاوُ فِيهِ مِنْ الشَّرْحِ لِلْعَطْفِ عَلَى طَلُقَتْ، وَإِذَا لَمْ يَصِرْ فَارًّا لَا تَرِثُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا مَهْرٌ وَنِصْفٌ، فَالْمَهْرُ بِالدُّخُولِ بِشُبْهَةٍ وَالنِّصْفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ بِلَا إحْدَادٍ زَيْلَعِيٌّ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي تَحَقَّقَتْ فِيهِ الْآخِرِيَّةُ، وَيَصِيرُ فَارًّا فَتَرِثُهُ، وَلَهَا مَهْرٌ وَاحِدٌ، وَتَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ.

وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْإِحْدَادُ أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَوْتَ مُعَرَّفٌ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَيْ يَعْرِفُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ آخَرُ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ وَاتِّصَافُهُ) أَيْ التَّزَوُّجِ مِنْ وَقْتِ الشَّرْطِ وَهُوَ التَّزَوُّجُ ط (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ مُسْتَنِدًا) أَيْ

ص: 396