الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَهَا أَخْذُ كَفِيلٍ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ فَأَكْثَرَ خَوْفًا مِنْ غَيْبَتِهِ عِنْدَ الثَّانِي وَبِهِ يُفْتَى وَقِسْ سَائِرَ الدُّيُونِ عَلَيْهِ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ كَفَالَةِ الْبَابِ الْأَوَّلِ.
وَلَوْ كَفَلَ لَهَا كُلَّ شَهْرٍ كَذَا أَبَدًا وَقَعَ عَلَى الْأَبَدِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَقُلْ أَبَدًا عِنْدَ الثَّانِي، -
ــ
[رد المحتار]
[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]
ِ (قَوْلُهُ وَلَهَا أَخْذُ كَفِيلٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ: إنَّ زَوْجِي يُطِيلُ الْغَيْبَةَ عَنِّي فَطَلَبْت كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَأْخُذُ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ وَاحِدٍ اسْتِحْسَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي السَّفَرِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ أَخَذَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْكَفِيلَ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ. اهـ فَظَهَرَ أَنَّ مَحَلَّ أَخْذِ الْكَفِيلِ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ هُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِقَدْرِ غَيْبَتِهِ، فَيَخَافُ أَنْ يَمْكُثَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْآجَالِ الْمُعْتَادَةِ كَمَا مَرَّ، وَمَحَلُّ الْأَكْثَرِ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَغِيبُ أَكْثَرَ كَمَا لَوْ خَرَجَ لِلْحَجِّ مَثَلًا فَيُؤْخَذُ بِقَدْرِهَا فَافْهَمْ، نَعَمْ فِي عِبَارَةِ الشَّرْحِ اخْتِصَارٌ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ، وَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمَحَلَّيْنِ لَا فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْفَتْحِ الْمَذْكُورَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقِسْ سَائِرَ الدُّيُونِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَيْنِ النَّفَقَةِ. قَالَ فِي [نُورِ الْعَيْنِ] وَفِي آخِرِ كَفَالَةِ الْمُحِيطِ: وَالْفَتْوَى فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. وَفِي سَائِرِ الدُّيُونِ: لَوْ أَفْتَى مُفْتٍ بِذَلِكَ كَانَ حَسَنًا رِفْقًا بِالنَّاسِ، وَفِي الْأَقْضِيَةِ أَجْمَعُوا أَنَّ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ إذَا قَرُبَ حُلُولُ الْأَجَلِ وَأَرَادَ الْمَدْيُونُ السَّفَرَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْطَاءُ الْكَفِيلِ، وَفِي الصُّغْرَى الْمَدْيُونُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَغِيبَ لَيْسَ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ قِيَاسًا عَلَى نَفَقَةِ شَهْرٍ لَا يَبْعُدُ. وَفِي الْمُنْتَقَى: رَبُّ الدَّيْنِ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي إنَّ مَدْيُونِي فُلَانًا يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ عَنِّي فَإِنَّهُ يُطَالِبُهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا. اهـ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى هُنَا التَّقْيِيدُ بِالشَّهْرِ، بَلْ الْمُرَادُ الْكَفَالَةُ بِكُلِّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهَا تَزْدَادُ بِزِيَادَةِ الْمُدَّةِ فَتَتَقَيَّدُ الْكَفَالَةُ بِقَدْرِ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُقَسَّطًا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ بِأَخْذِ الْكَفِيلِ بِأَقْسَاطِ مُدَّةِ الْغَيْبَةِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَفَلَ لَهَا كُلَّ شَهْرٍ كَذَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ إنَّمَا هُوَ فِي الْخِلَافِ فِي جَوَازِ أَخْذِهَا الْكَفِيلَ مِنْهُ جَبْرًا عِنْدَ خَوْفِ الْغَيْبَةِ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ الَّتِي تَصِحُّ بِهَا الْكَفَالَةُ، فَإِنْ كَفَلَ لَهَا كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَإِنْ قَالَ أَبَدًا أَوْ مَا دُمْتُمَا زَوْجَيْنِ وَقَعَ عَلَى الْأَبَدِ اتِّفَاقًا، وَإِلَّا وَقَعَ عَلَى شَهْرٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى الْأَبَدِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ أَرْفَقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَمُفَادُهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قَبْلَ الْفَرْضِ أَوْ التَّرَاضِي عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةٌ مَضَتْ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا، لَكِنْ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ الْوَاقِعَاتِ لَوْ قَالَتْ: إنَّهُ يُرِيدُ الْغَيْبَةَ وَطَلَبَتْ مِنْهُ كَفِيلًا لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَجِبْ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَسْتَحْسِنُ أَخْذَ كَفِيلٍ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَجِبْ لِلْحَالِ تَجِبْ بَعْدَهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ كَفَلَ بِمَا ذَابَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ فَيُجْبَرُ اسْتِحْسَانًا رِفْقًا بِالنَّاسِ. قَالَ: وَزَادَ فِي الذَّخِيرَةِ: إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مَفْرُوضَةً أَوْ لَا. اهـ. قُلْت: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قَبْلَ الْفَرْضِ أَوْ التَّرَاضِي، وَوَفَّقَ الرَّمْلِيُّ بِحَمْلِ مَا قَبْلَهُ عَلَى حَالِ الْحُضُورِ وَحَمْلِ هَذَا عَلَى حَالِ إرَادَةِ الْغَيْبَةِ فَيَصِحُّ فِي الْغِيبَةِ مُطْلَقًا اسْتِحْسَانًا، وَعَلَيْهِ فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأَبَ لَا يُطَالَبُ بِنَفَقَةِ زَوْجَةِ ابْنِهِ إلَّا إذَا ضَمِنَهَا مُقَيَّدٌ بِالْمَفْرُوضَةِ أَوْ الْمَقْضِيَّةِ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ قُلْت: وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ: إذَا ضَمِنَ النَّفَقَةَ وَالْمَهْرَ عَنْ زَوْجِهَا فَضَمَانُ النَّفَقَةِ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا بِأَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ لِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ يَضْمَنُهُ رَجُلٌ، فَيَجُوزُ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ بِهَذَا الِاصْطِلَاحِ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفَقَةِ شَهْرٍ. اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ، إذْ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ بِمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَجِبُ قَبْلَ الِاصْطِلَاحِ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَلِذَا تَسْقُطُ بِالْمُضِيِّ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ، لَكِنْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ
وَبِهِ يُفْتَى بَحْرٌ. وَفِيهِ عَلَيْهَا دَيْنٌ لِزَوْجِهَا لَمْ يَلْتَقِيَا قِصَاصًا إلَّا بِرِضَاهُ لِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ. وَفِيهِ آجَرَتْ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهُمَا يَسْكُنَانِ فِيهِ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ. وَلَوْ دَخَلَ بِهَا فِي مَنْزِلٍ كَانَتْ فِيهِ بِأَجْرٍ فَطُولِبَتْ بِهِ بَعْدَ سَنَةٍ فَقَالَتْ لَهُ: أَخْبَرْتُك بِأَنَّ الْمَنْزِلَ بِالْكِرَاءِ عَلَيْك الْأَجْرُ فَهُوَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدَةُ بَزَّازِيَّةٌ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ سَكَنَتْ بِغَيْرِ إجَارَةٍ فِي وَقْفٍ أَوْ مَالِ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ، فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ فَلْيُحْفَظْ (وَيُقَدِّرُهَا بِقَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ وَلَا تُقَدَّرُ بِدَرَاهِمَ) وَدَنَانِيرَ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَعَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِشَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمُجْتَبَى: إنْ شَاءَ الْقَاضِي فَرَضَهَا أَصْنَافًا أَوْ قَوَّمَهَا بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُقَدِّرُ بِالدَّرَاهِمِ. -
ــ
[رد المحتار]
الْجَوَازُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لِلْحَالِ وَأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ كَفَلَ لَهَا بِمَا ذَابَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ، أَيْ بِمَا ثَبَتَ لَهَا عَلَيْهِ بَعْدُ، وَالْكَفَالَةُ بِذَلِكَ جَائِزَةٌ فِي غَيْرِ النَّفَقَةِ فَكَذَا فِي النَّفَقَةِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ عِلَّةَ الِاسْتِحْسَانِ جَارِيَةٌ فِي مَسْأَلَتَيْ الْحَضْرَةِ وَالْغَيْبَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُمْ مَسْأَلَةَ ضَمَانِ الْأَبِ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الِابْنِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ ضَمِنَ لَهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ التَّوْفِيقِ، وَهُوَ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ فَاغْتَنِمْهُ.
[تَنْبِيهٌ] هَذِهِ الْكَفَالَةُ تَتَضَمَّنُ زَمَانَ الْعِدَّةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ كَفِيلٌ مَا دَامَ النِّكَاحُ، وَهُوَ فِي الْعِدَّةِ بَاقٍ مِنْ وَجْهٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَنَحْوُهُ فِي الْفَتْحِ. وَلَوْ كَفَلَ لَهَا بِنَفَقَةِ وَلَدِهَا أَبَدًا أَوْ بِنَفَقَةِ خَادِمِهَا مَا عَاشَ لَمْ يَصِحَّ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ عَنْهُ إذَا أَيْسَرَ الْوَلَدُ أَوْ بَلَغَ أَوْ اسْتَغْنَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ الْخَادِمِ فَكَانَ الْوَقْتُ مَجْهُولًا، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ لِوُجُوبِهَا مَا بَقِيَ النِّكَاحُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَالِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ دَيْنًا صَحِيحًا وَهُوَ مَا لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ، وَدَيْنُ النَّفَقَةِ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ فِيهِ الْكَفَالَةُ، وَكَأَنَّهُمْ أَخَذُوا بِالِاسْتِحْسَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِسُقُوطِهِ) أَيْ لِسُقُوطِ دَيْنِ النَّفَقَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا بِالطَّلَاقِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، فَكَانَ أَضْعَفَ مِنْ دَيْنِ الزَّوْجِ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ. اهـ ح.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ فِيهَا تَقَاصًّا أَوْ لَا بِشَرْطِ التَّسَاوِي، فَلَوْ اخْتَلَفَا كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا جَيِّدًا وَالْآخَرُ رَدِيئًا فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا صَاحِبِ الْجَيِّدِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالسُّكْنَى فِي بَيْتٍ خَالٍ إلَخْ، لَكِنَّ هَذَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لَا أَجْرَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ سُكْنَى الدَّارِ تَعُودُ إلَيْهَا، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ لِتَبَعِيَّتِهَا لَهُ فِي السُّكْنَى أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، وَهِيَ تَابِعَةٌ لِلزَّوْجِ فِي السُّكْنَى وَلَمْ يُوجَدْ الْعَقْدُ مِنْهَا. وَاعْتَرَضَهُ ط بِأَنَّ سُكْنَاهُ عَارِضَةٌ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْغَصْبِ مِنْهَا وَلَا اعْتِبَارَ لِنِسْبَةِ السُّكْنَى الْعَارِضَةِ إلَيْهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ مِنْهَا. اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً لَهُ فِي السُّكْنَى صَارَتْ الْيَدُ لَهُ فَصَارَ كَغَاصِبِ الْغَاصِبِ، لَكِنَّ مُقْتَضَى هَذَا جَوَازُ تَضْمِينِهَا وَتَضْمِينِهِ الْأُجْرَةَ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ) أَيْ يُرَاعَى كُلُّ وَقْتٍ أَوْ مَكَان بِمَا يُنَاسِبُهُ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إذَا فَرَضَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ ثُمَّ رَخُصَ تَسْقُطُ الزِّيَادَةُ وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَبِالْعَكْسِ لَهَا طَلَبُ الزِّيَادَةِ اهـ وَكَذَا لَوْ صَالَحَتْهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ غَلَا السِّعْرُ أَوْ رَخُصَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا تُقَدَّرُ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ) أَيْ لَا تُقَدَّرُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِحَيْثُ لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ فِي كُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ تَقْدِيرِهَا عَلَى الْمُعْسِرِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا شَاهَدَ فِي زَمَانِهِ، وَإِنَّمَا عَلَى الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِالْمَعْرُوفِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي
وَفِيهِ: لَوْ قَتَّرَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا لِلْقَاضِي لِتَأْكُلَ مِمَّا فَرَضَ لَهَا خَوْفًا عَلَيْهَا مِنْ الْهُزَالِ فَإِنَّهُ يَضُرُّهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا لِلْقَاضِي لِلُبْسِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الزِّينَةَ حَقُّهُ.
(وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً) وَسِرْوَالًا وَمَا يُدْفَعُ بِهِ أَذَى حَرٍّ وَبَرْدٍ (وَلِحَافًا وَفِرَاشًا) وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تَعْتَزِلُ عَنْهُ أَيَّامَ حَيْضِهَا وَمَرَضِهَا (إنْ طَلَبَتْهُ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ يَسَارًا وَإِعْسَارًا وَحَالًا وَبَلَدًا) اخْتِيَارٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ خُفُّهَا بَلْ خُفُّ أَمَتِهَا مُجْتَبًى. وَفِي الْبَحْرِ: قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا أَمْتِعَةٌ مِنْ فُرُشٍ وَنَحْوِهَا لَا يَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ يَأْمُرُهَا بِفَرْشِ أَمْتِعَتِهَا لَهُ وَلِأَضْيَافِهِ جَبْرًا عَلَيْهَا وَذَلِكَ حَرَامٌ كَمَنْعِ كُسْوَتِهَا. اهـ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي الْمَهْرِ عَنْهُ
ــ
[رد المحتار]
إذَا أَرَادَ فَرْضَ النَّفَقَةِ أَنْ يَنْظُرَ فِي سِعْرِ الْبَلَدِ وَيَنْظُرَ مَا يَكْفِيهَا بِحَسَبِ عُرْفِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَيُقَوِّمَ الْأَصْنَافَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُقَدِّرَ بِالدَّرَاهِمِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، إمَّا بِاعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ حَالِهِمَا كَمَا مَرَّ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْمُجْتَبَى إنْ شَاءَ فَرَضَ لَهَا أَصْنَافًا وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَفَرَضَ لَهَا بِالْقِيمَةِ. اهـ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي مَا عَزَاهُ إلَى الِاخْتِيَارِ وَالْمَجْمَعِ مِنْ عَدَمِ تَقْدِيرِهَا بِدَرَاهِمَ: أَيْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ بَلْ هُوَ مُؤَكِّدٌ لَهُ وَمُفَسِّرٌ، فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ؛ فَالْأَوْلَى جَعْلُ قَوْلِهِ لَكِنْ إلَخْ اسْتِدْرَاكًا عَلَى قَوْلِهِ وَيُقَدِّرُهَا بِقَدْرِ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ، فَإِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ يُفِيدُ أَنَّ الْقَاضِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ فَرْضِهَا أَصْنَافًا: أَيْ مِنْ خُبْزٍ وَإِدَامٍ وَدُهْنٍ وَصَابُونٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَدَمُ إنْفَاقِهِ بِنَفْسِهِ يَأْمُرُهُ بِدَفْعِ ذَلِكَ أَوْ بِقِيمَتِهِ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِدْرَاكُ صَحِيحٌ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ وَفِيهِ) أَيْ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا (قَوْلُهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهَا إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّهُ بَحْثٌ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْخُلَاصَةِ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَتُزَادُ فِي الشِّتَاءِ إلَخْ) أَيْ تُزَادُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْكُسْوَةِ بِدِرْعَيْنِ وَخِمَارَيْنِ وَمِلْحَفَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ. قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: إنَّ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَيَجِبُ السَّرَاوِيلُ وَالْجُبَّةُ وَالْفِرَاشُ وَاللِّحَافُ وَمَا تَدْفَعُ بِهِ أَذَى الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَفِي الشِّتَاءِ دِرْعُ خَزْرَجِيَّةِ قَزٍّ وَخِمَارُ إبْرَيْسَمَ. اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ عَلَى عَادَتِهِمْ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ حَرًّا وَبَرْدًا وَالْعَادَاتِ، فَعَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارُ الْكِفَايَةِ بِالْمَعْرُوفِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَمَكَانٍ، وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي النَّفَقَةِ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ حَالِهِمَا فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْكُسْوَةِ.
(قَوْلُهُ وَمَا يَدْفَعُ إلَخْ) مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ، إذْ عَطْفُهُ عَلَى جُبَّةٍ لَا يُنَاسِبُهُ تَقْيِيدُ الْفِعْلِ بِالشِّتَاءِ، وَمَا يَدْفَعُ أَذَى الْحَرِّ يُنَاسِبُ الصَّيْفَ (قَوْلُهُ إنْ طَلَبَتْهُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَيُقَدِّرُهَا وَقَوْلِهِ وَتُزَادُ (قَوْلُهُ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ إلَخْ) هُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَعَنْ الذَّخِيرَةِ، وَقَوْلُهُ وَحَالًا: أَيْ حَالَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، فَهُوَ عَطْفٌ مُرَادِفٌ تَأَمَّلْ، وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَوَقْتًا لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ خُفُّهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْخُفَّ وَالْإِزَارَ فِي كُسْوَةِ الْمَرْأَةِ وَذَكَرَهُمَا فِي كُسْوَةِ الْخَادِمِ وَذَلِكَ فِي دِيَارِهِمْ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَفِي دِيَارِنَا يُفْرَضُ الْإِزَارُ وَالْمُكَعَّبُ وَمَا تَنَامُ عَلَيْهِ. اهـ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَلَمْ يُوجِبْ مُحَمَّدٌ الْإِزَارَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُحْتَاجُ لِلْخُرُوجِ وَالْمَرْأَةُ مَنْهِيَّةٌ عَنْهُ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: هَذَا التَّعْلِيلُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُفْرَضُ لِلْمَرْأَةِ الْإِزَارُ فِي دِيَارِنَا أَيْضًا. اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ التَّعْلِيلُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْإِزَارِ، فَقِيلَ لِلْعُرْفِ وَلِذَا أَوْجَبَهُ الْخَصَّافُ لِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ فِي زَمَانِهِ وَقِيلَ لِحُرْمَةِ الْخُرُوجِ، وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا يَحِلُّ لَهَا الْخُرُوجُ فِي مَوَاضِعَ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ سَاتِرٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَدَاسُ رِجْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مَا تَلْبَسُهُ فِي الْبَيْتِ، وَكَذَا الْخُفُّ أَوْ الْجَوْرَبُ فِي الشِّتَاءِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ الشَّدِيدِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا تَسْلِيمُ نَفْسِهَا فِي بَيْتِهِ، وَعَلَيْهِ لَهَا جَمِيعُ مَا يَكْفِيهَا بِحَسَبِ حَالِهَا مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلُبْسٍ وَفُرُشٍ، وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَمَتَّعَ بِمَا هُوَ مِلْكُهَا وَلَا أَنْ تَفْرِشَ لَهُ شَيْئًا مِنْ فُرُشِهَا إلَخْ.