الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْجَوْهَرَةِ طَلَّقَ الْمَنْكُوحَةَ فَاسِدًا ثَلَاثًا لَهُ تَزَوُّجُهَا بِلَا مُحَلِّلٍ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا
بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا
(قَالَ لِزَوْجَتِهِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ) يَا زَانِيَةُ (ثَلَاثًا) فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا وَهِيَ زَوْجَتُهُ ثُمَّ بَانَتْ بَعْدَهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَعَلَّقَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْوَصْفِ بَزَّازِيَّةٌ
ــ
[رد المحتار]
إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا وَلَمْ يُدْرَ الْأَوَّلُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَضَاءً وَثِنْتَيْنِ تَنَزُّهًا أَيْ دِيَانَةً. هَذَا وَفِي الْأَشْبَاهِ أَيْضًا: وَإِنْ قَالَ عَزَمْت عَلَى أَنَّهُ ثَلَاثٌ يَتْرُكُهَا وَإِنْ أَخْبَرَهُ عُدُولٌ حَضَرُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ بِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ وَصَدَّقَهُمْ أَخَذَ بِقَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ لَهُ تَزَوُّجُهَا بِلَا مُحَلِّلٍ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَلْحَقُ الْمَنْكُوحَةَ نِكَاحًا صَحِيحًا، أَوْ الْمُعْتَدَّةَ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ، أَوْ الْفَسْخَ بِالرِّدَّةِ، أَوْ الْإِبَاءَ عَنْ الْإِسْلَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ ح أَيْ الْمَنْكُوحَةُ فَاسِدًا لَيْسَتْ وَاحِدَةً مِمَّنْ ذَكَرَ ط: أَيْ فَلَا يَتَحَقَّقُ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَا يَنْقُصُ عَدَدًا لِأَنَّهُ مُتَارَكَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فِي بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، فَحَيْثُ كَانَ مُتَارَكَةً لَا طَلَاقًا حَقِيقَةً كَانَ لَهُ تَزَوُّجُهَا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ بِلَا مُحَلِّلٍ وَيَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
[بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا]
(قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّ قَوْلَهُ يَا زَانِيَةُ لَيْسَ بِفَاصِلٍ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَدَدِ وَلَا بَيْنَ الْجَزَاءِ وَالشَّرْطِ وَفِي مِثْلِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ وَيَقَعُ الثَّلَاثُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِوُقُوعِ الْقَذْفِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ الْعَدَدَ كَانَ الْوُقُوعُ بِهِ وَلَا لِعَانَ أَيْضًا لِأَنَّ أَثَرَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ أَثَرِهِ، وَمِثْلُهُ يَا زَانِيَةُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ حَيْثُ يُحَدُّ كَمَا فِي لِعَانِ الْبَحْرِ لِوُقُوعِ الْقَذْفِ بَعْدَ الْإِبَانَةِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَاحِدَةٌ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَذْفَ فَاصِلًا فَيَلْغُو، قَوْلُهُ ثَلَاثًا، كَانَ الْوُقُوعُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَكَانَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا فَوَجَبَ الْحَدُّ. اهـ. ح مُلَخَّصًا مَعَ الزِّيَادَةِ.
(قَوْلُهُ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ إلَخْ) كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَصَوَابُهُ لِوُقُوعِ الْقَذْفِ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي (بَعْدِهِ) لِلْقَذْفِ كَمَا ظَهَرَ لَك مِمَّا قَرَرْنَاهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَيْ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَصْفِ مَا وَصَفَهَا بِهِ فِي قَوْلِهِ يَا زَانِيَةُ وَهُوَ الْقَذْفُ، فَإِذَا انْصَرَفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِ يَنْتَفِي الْحَدُّ وَاللِّعَانُ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَذْفًا مُنَجَّزًا وَتَقَعُ الثَّلَاثُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى، وَلِعِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ وَنَصُّهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، يَقَعُ، وَصُرِفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْوَصْفِ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ يَا خَبِيثَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ يُصْرَفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْكُلِّ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، كَأَنَّهُ قَالَ يَا فُلَانَةُ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ إذَا كَانَ يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ أَوْ يَلْزَمُ بِهِ حَدٌّ كَقَوْلِهِ يَا طَالِقُ يَا زَانِيَةُ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْوَصْفِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجِبُ بِهِ حَدٌّ وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ كَقَوْلِهِ يَا خَبِيثَةُ فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْكُلِّ اهـ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ يَا خَبِيثَةُ صَوَابُهُ: وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا خَبِيثَةُ كَمَا عَبَّرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّهُ تَسَاهَلَ لِظُهُورِ الْمُرَادِ بِذِكْرِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ يَقَعُ: أَيْ الطَّلَاقُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَصْفِ الْقَذْفُ لَا الطَّلَاقُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ وَصُرِفَ الِاسْتِثْنَاءُ
(وَقَعْنَ) لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ الْعَدَدَ كَانَ الْوُقُوعُ بِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِنُزُولِ الْآيَةِ فِي الْمَوْطُوءَةِ بَاطِلٌ مَحْضٌ مُنْشَؤُهُ الْغَفْلَةُ عَمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ وَحَمَلَهُ فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ عَلَى كَوْنِهَا مُتَفَرِّقَةً فَلَا يَقَعُ إلَّا الْأُولَى فَقَطْ.
ــ
[رد المحتار]
إلَى الْوَصْفِ، وَكَذَا مَا قَرَّرَهُ مِنْ الْأَصْلِ. وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا فَالِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ الْقَذْفُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فَافْهَمْ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى النَّوَادِرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ أَنَّ قَوْلَهُ يَا زَانِيَةُ إنْ تَخَلَّلَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالِاسْتِثْنَاءِ كَأَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمَا أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمَا كَانَ قَذْفًا فِي الْحَالِ وَعَنْ أَبِي يُوسُف أَنَّ الْمُتَخَلِّلَ لَا يَفْصِلُ فَلَا يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بَلْ يَقَعُ لِلْحَالِ وَيَجِبُ اللِّعَانُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ وَيَجِبُ اللَّعَّانُ.
وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ يَا زَانِيَةُ بَدَاءٌ لِلْإِعْلَامِ بِمَا يُرَادُ بِهِ فَلَا يَفْصِلُ. وَيَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالشَّرْطِ فَيَتَعَلَّقُ الْقَذْفُ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الشَّرْطِ اهـ مُلَخَّصًا، فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ انْصِرَافَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْكُلِّ هُوَ الْأَصَحُّ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ وَقَعْنَ) جَوَابُ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ ذِكْرُهُ عَقِبَ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) لِأَنَّ الْوَاقِعَ عِنْدَ ذِكْرِ الْعَدَدِ مَصْدَرٌ مَوْصُوفٌ بِالْعَدَدِ: أَيْ تَطْلِيقًا ثَلَاثًا فَتَصِيرُ الصِّيغَةُ الْمَوْضُوعَةُ لِإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ مُتَوَقِّفًا حُكْمًا عِنْدَ ذِكْرِ الْعَدَدِ عَلَيْهِ بَحْرٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ لِبَيْنُونَتِهَا بِطَالِقٍ، وَلَا يُؤَثِّرُ الْعَدَدُ شَيْئًا.
وَنَصَّ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا جَمِيعًا فَقَدْ خَالَفَ السُّنَّةَ وَأَثِمَ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ سَوَاءٌ، بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ وَمَا قِيلَ إلَخْ) عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ كِتَابِ الْمُشْكِلَاتِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْمُشْكِلَاتِ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْغَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ثَلَاثًا فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِلَا تَحْلِيلٍ، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] فَفِي حَقِّ الْمَدْخُولِ بِهَا. اهـ.
وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُرِيدَ عَدَمَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا بَلْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ عَلِمْتَ رَدَّهُ أَوْ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ أَصْلًا وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ، لَكِنَّ كَلَامَ الدُّرَرِ يُعَيِّنُ الْأَوَّلَ، أَوْ يُرِيدُ وُقُوعَ الثَّلَاثَةِ مَعَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُحَلِّلِ
وَقَدْ بَالَغَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ هَمَّامٍ فِي رَدِّهِ قَالَ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ أَيْ اشْتِرَاطِ الْمُحَلِّلِ بَيْنَ كَوْنِ الْمُطَلَّقَةِ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا لِصَرِيحِ إطْلَاقِ النَّصِّ، وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا تَحِلُّ بِلَا زَوْجٍ، وَهُوَ زَلَّةٌ عَظِيمَةٌ مُصَادِمَةٌ لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ رَآهُ أَنْ يَنْقُلَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَعْتَبِرَهُ لِأَنَّ فِي نَقْلِهِ إشَاعَتَهُ. وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفَتِحُ بَابُ الشَّيْطَانِ فِي تَخْفِيفِ الْأَمْرِ فِيهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ مِنْ عَدَمِ مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ وَالْإِجْمَاعِ، نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ، وَالْأَمْرُ فِيهِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الدِّينِ لَا يَبْعُدُ إكْفَارُ مُخَالِفِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ) أَيْ لَفْظِ النَّصِّ فَإِنَّهُ يَعُمُّ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا. وَفِيهِ أَنَّ الْآيَةَ صَرِيحَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ ذُكِرَ فِيهَا مُفَرَّقًا وَتَفْرِيقُهُ يَخُصُّهَا وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ، فَالْأَوْلَى الِاسْتِنَادُ إلَى السُّنَّةِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ ط.
(قَوْلُهُ وَحَمَلَهُ فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ) حَيْثُ قَالَ:
(وَإِنْ فَرَّقَ) بِوَصْفٍ أَوْ خَبَرٍ أَوْ جُمَلٍ بِعَطْفٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَانَتْ بِالْأُولَى) لَا إلَى عِدَّةٍ (وَ) لِذَا (لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ) بِخِلَافِ الْمَوْطُوءَةِ حَيْثُ يَقَعُ الْكُلُّ وَعَمَّ التَّفْرِيقُ، قَوْلُهُ (وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مُتَفَرِّقَاتٍ) أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعَ طَلَاقِ إيَّاكِ (فَ) طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَقَعَ (وَاحِدَةٌ) كَمَا لَوْ قَالَ نِصْفًا وَوَاحِدَةً عَلَى الصَّحِيحِ جَوْهَرَةٌ وَلَوْ قَالَ: وَاحِدَةً وَنِصْفًا فَثِنْتَانِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ: وَاحِدَةً وَعِشْرِينَ أَوْ وَثَلَاثِينَ فَثَلَاثٌ لِمَا مَرَّ.
ــ
[رد المحتار]
وَلَا يُشْكِلُ مَا فِي الْمُشْكِلَاتِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثُ طَلَقَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِيُوَافِقَ مَا فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ اهـ فَافْهَمْ قُلْت: يُؤَيِّدُ هَذَا الْحِلَّ قَوْلُهُ فِي الْمُشْكِلَاتِ: وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] إلَخْ فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ مُفَرَّقًا، فَلِذَا أَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ الْمُشْكِلَاتِ بِأَنَّ مَا فِي الْآيَةِ وَارِدٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ فَرَّقَ بِوَصْفٍ) نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، أَوْ خَبَرٍ نَحْوِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ، أَوْ أَجْمَلَ نَحْوُ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ ح، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى.
(قَوْلُهُ بِعَطْفٍ) أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْوَاوِ أَوْ الْفَاءِ أَوْ ثُمَّ أَوْ بَلْ ح وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ الْعَطْفِ مُنَجَّزَةً وَمُعَلَّقَةً مَعَ تَفْصِيلٍ فِي الْمُعَلَّقَةِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) الْأَوْلَى أَوْ دُونَهُ ط (قَوْلُهُ بَانَتْ بِالْأُولَى) أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكَلَامِ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بَعْدَهُ لِجَوَازِ أَنْ يُلْحِقَ بِكَلَامِهِ شَرْطًا أَوْ اسْتِثْنَاءً وَرَجَّحَ السَّرَخْسِيُّ الْأَوَّلَ وَالْخِلَافُ عِنْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثَمَرَتُهُ فِيمَنْ مَاتَتْ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الثَّانِي وَقَعَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِهَا بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ح (قَوْلُهُ لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ) الْمُرَادُ بِهَا مَا بَعْدَ الْأُولَى، فَيَشْمَلُ الثَّالِثَةَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَوْطُوءَةِ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُخْتَلَى بِهَا فَإِنَّهَا كَالْمَوْطُوءَةِ فِي لُزُومِ الْعِدَّةِ، وَكَذَا فِي وُقُوعِ طَلَاقٍ بَائِنٍ آخَرَ فِي عِدَّتِهَا، وَقِيلَ لَا يَقَعُ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَهْرِ نَظْمًا وَأَوْضَحْنَاهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَقَعُ الْكُلُّ) أَيْ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً أَنَّهُ عَنَى الْأُولَى كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ إلَّا إذَا قِيلَ لَهُ مَاذَا فَعَلْتَ فَقَالَ طَلَّقْتُهَا أَوْ قَدْ قُلْتُ هِيَ طَالِقٌ لِأَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ الْأَوَّلِ فَانْصَرَفَ الْجَوَابُ إلَيْهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعَ طَلَاقِ إيَّاكِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَعَ هُنَا بِمَعْنَى بَعْدَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ مَعَ عِتْقِ مَوْلَاك إيَّاكِ. اهـ. ح أَيْ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ شَرْطًا فَإِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَا تَقَعُ الثِّنْتَانِ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْلَ الْمَشْرُوطِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ نِصْفًا وَوَاحِدَةً) أَيْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَمْ يَجْعَلْهُ كُلَّهُ كَلَامًا وَاحِدًا، وَعَزَاهُ فِي الْمُحِيطِ إلَى مُحَمَّدٍ بَحْرٌ أَيْ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ عَطْفُ الْكَسْرِ عَلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْإِيقَاعَ بِهِمَا لَيْسَ لَهُمَا عِبَارَةٌ يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهَا أَخْصَرَ مِنْهُمَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَأُخْرَى وَقَعَ ثِنْتَانِ لِعَدَمِ اسْتِعْمَالِ أُخْرَى ابْتِدَاءً نَهْرٌ.
لَا يُقَالُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ أَخْصَرُ مِنْهُمَا، لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِيقَاعِ بِالصَّحِيحِ وَالْكَسْرِ وَبِلَفْظِ أُخْرَى فَقَدْ يَكُونُ فِيهِ غَرَضٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ فَالْعِبْرَةُ لِلَّفْظِ، وَلَفْظُ ثِنْتَيْنِ لَا يُؤَدِّي مَعْنَى النِّصْفِ؛ وَمَعْنَى أُخْرَى لُغَةً وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِمَا طَلْقَةً، وَبِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يُغْنِي عَنْ طَالِقٍ ثِنْتَيْنِ، فَعُدُولُهُ عَنْ ثِنْتَيْنِ إلَيْهِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ التَّفْرِيقِ، وَكَذَا نِصْفًا وَوَاحِدَةً لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَةِ فِي حُكْمِ الطَّلْقَةِ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً، وَهُوَ مِنْ الْمُفْتَرِقِ بِقَرِينَةِ الْعُدُولِ عَنْ الْأَصْلِ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّحِيحِ عَلَى الْكَسْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ. اهـ. ح أَيْ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ مَا يَتَلَفَّظُ بِهِ إذَا أَرَادَ الْإِيقَاعَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَهُوَ مُخْتَارٌ فِي التَّعْبِيرِ لُغَةً. اهـ. بَحْرٌ لَكِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي إحْدَى وَعِشْرِينَ لَا فِي وَاحِدَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَعَشْرًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، بِخِلَافِ أَحَدَ عَشَرَ فَثَلَاثٌ لِعَدَمِ الْعَطْفِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَاحِدَةً وَمِائَةً أَوْ وَاحِدَةً وَأَلْفًا