الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ دَلَالَةً بِأَنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ عَنْ مَالٍ فَادَّعَى نَسَبَهُ (حُدَّ) لِلْقَذْفِ (وَلَهُ) بَعْدَمَا كَذَّبَ نَفْسَهُ (أَنْ يَنْكِحَهَا) حُدَّ، أَوْ لَا (وَكَذَا إذَا قَذَفَ غَيْرَهَا فَحُدَّ، أَوْ) صَدَّقَتْهُ، أَوْ (زَنَتْ) وَإِنْ لَمْ تُحَدَّ لِزَوَالِ الْعِفَّةِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ تَزَوُّجَهَا إذَا خَرَجَا، أَوْ أَحَدُهُمَا عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ. .
(وَلَا لِعَانَ لَوْ كَانَا أَخْرَسَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَكَذَا لَوْ طَرَأَ ذَلِكَ) الْخَرَسُ (بَعْدَهُ) أَيْ اللِّعَانِ (قَبْلَ التَّفْرِيقِ، فَلَا تَفْرِيقَ وَلَا حَدَّ) لِدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ مَعَ فَقْدِ الرُّكْنِ وَهُوَ لَفْظُ أَشْهَدُ وَلِذَا لَا تَلَاعُنَ بِالْكِتَابَةِ.
(كَمَا لَا لِعَانَ بِنَفْيِ الْحَمْلِ) لِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ عِنْدَ الْقَذْفِ،
ــ
[رد المحتار]
فَلَمْ يُحَوَّلْ إلَى الْحَدِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ: حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ، أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فَيُحَدَّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا قَبْلَ اللِّعَانِ وَهَذَا فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ دَلَالَةً) أَيْ سَوَاءً كَانَ الْإِكْذَابُ بِاعْتِرَافِهِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ دَلَالَةٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى نَسَبَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ عَلَى النَّسَبِ وَلَا الْمِيرَاثِ وَيُضْرَبُ الْحَدَّ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ تَرَكَ وَلَدًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُدَّعِي، وَوَرِثَ الْأَبُ مِنْهُ كَافِي الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ: لِلْقَذْفِ) أَيْ لِقَذْفِ الثَّانِي الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ كَلِمَاتُ اللِّعَانِ كَشُهُودِ الزِّنَا إذَا رَجَعُوا فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ لَا لِلْقَذْفِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِمُوجَبِهِ وَهُوَ اللِّعَانُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَأَفَادَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّهُ لَمَّا أَكْذَبَ نَفْسَهُ تَبَيَّنَ أَنَّ اللِّعَانَ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَهُ مِنْ قِيَامِهِ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ فَرَجَعْنَا إلَى الْأَصْلِ مِنْ لُزُومِ الْحَدِّ بِالْقَذْفِ الْأَوَّلِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: حُدَّ أَوْ لَا) أَشَارَ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ تَقْيِيدَ الزَّيْلَعِيِّ بِالْحَدِّ اتِّفَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ زَنَتْ وَإِنْ لَمْ تُحَدَّ) أَرَادَ الزِّنَا الْوَطْءَ الْحَرَامَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زِنًا شَرْعًا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بَحْرٌ. ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ: أَوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: قِيلَ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّهَا إذَا حُدَّتْ كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ فَلَا يُتَصَوَّرُ حِلُّهَا لِلزَّوْجِ بَلْ بِمُجَرَّدِ أَنْ تَزْنِيَ تَخْرُجُ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ بِمَعْنَى نَسَبَتْ غَيْرَهَا لِلزِّنَا وَهُوَ مَعْنَى الْقَذْفِ، فَيَسْتَقِيمُ حِينَئِذٍ تَوَقُّفُ حِلِّهَا لِلْأَوَّلِ عَلَى حَدِّهَا لِأَنَّهُ حَدُّ الْقَذْفِ. وَتَوْجِيهُ تَخْفِيفِهَا أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ زَنَتْ فَحُدَّتْ فَإِنَّ حَدَّهَا حِينَئِذٍ الْجَلْدُ لَا الرَّجْمُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُحْصَنَةٍ. اهـ. وَذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ الزِّنَا فِي الْمَدْخُولَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ بِأَنْ تَرْتَدَّ وَتَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ تُسْبَى وَتَقَعَ فِي مِلْكِ رَجُلٍ فَيَزْنِيَ رَجُلٌ بِهَا. اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْأَهْلِيَّةَ زَالَتْ بِالرِّدَّةِ لَا بِالزِّنَا. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالتَّخْفِيفِ، فَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْحَدَّ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تُحَدَّ إلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْحَدِّ غَيْرُ مُعْتَبَرِ الْمَفْهُومِ عَلَى رِوَايَةِ التَّخْفِيفِ، بِخِلَافِهِ عَلَى التَّشْدِيدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْعِفَّةِ) عِلَّةٌ لِحِلِّ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا صَدَّقَتْهُ، أَوْ زَنَتْ، أَمَّا إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلَمْ يُحَدَّ أَوْ حُدَّ بَعْدَ الْقَذْفِ فَلِظُهُورِ أَنَّ اللِّعَانَ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: عَنْ أَهْلِيَّةِ اللِّعَانِ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يَبْقَيَا مُتَلَاعِنَيْنِ لَا حَقِيقَةً لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ التَّلَاعُنُ حِينَ وُقُوعِهِ، وَلَا حُكْمًا لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ الَّتِي كَانَ التَّلَاعُنُ بَاقِيًا بِهَا حُكْمًا بَعْدَ وُقُوعِهِ، فَلَا يُنَافِي الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: لِدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ) وَهِيَ احْتِمَالُ تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَوْ كَانَ نَاطِقًا (قَوْلُهُ: مَعَ فَقْدِ الرُّكْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخَرَسُ قَبْلَ اللِّعَانِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِفَقْدِ الرُّكْنِ أَوْ لِلشُّبْهَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَائِمَةٌ مَقَامَ النُّطْقِ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، لَكِنَّ فِيهَا شُبْهَةً كَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ فَيَنْدَرِئُ الْحَدُّ بِهَا.
[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]
وَفِيهِ حِكَايَةٌ
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَيَقُّنِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: إذْ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا أَوْ مَاءً. وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِي عَنْ بَعْضِ خَوَاصِّهَا أَنَّهُ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَاسْتَمَرَّ إلَى تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَشْكُكْنَ فِيهِ حَتَّى تَهَيَّأَتْ لَهُ بِتَهْيِئَةِ ثِيَابِ الْمَوْلُودِ ثُمَّ أَصَابَهَا طَلْقٌ وَجَلَسَتْ الدَّايَةُ تَحْتَهَا فَلَمْ تَزَلْ تَعْصِرُ الْعَصْرَةَ بَعْدَ الْعَصْرَةِ وَفِي كُلِّ عَصْرَةٍ تَصُبُّ الْمَاءَ حَتَّى قَامَتْ فَارِغَةً مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ. وَأَمَّا تَوْرِيثُهُ
وَلَوْ تَيَقَّنَاهُ بِوِلَادَتِهَا لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَكَذَا، وَالْقَذْفُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ.
(وَتَلَاعَنَا) بِقَوْلِهِ (زَنَيْتِ وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْهُ) لِلْقَذْفِ الصَّرِيحِ (وَلَمْ يَنْفِ) الْحَاكِمُ (الْحَمْلَ) لِعَدَمِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ، وَنَفْيُهُ عليه الصلاة والسلام وَلَدَ هِلَالٍ لِعِلْمِهِ بِالْوَحْيِ (نَفْيُ الْوَلَدِ) الْحَيِّ (عِنْدَ التَّهْنِئَةِ) وَمُدَّتُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ عَادَةً (وَ) عِنْدَ (ابْتِيَاعِ آلَةِ الْوِلَادِ صَحَّ وَبَعْدَهُ لَا) لِإِقْرَارِهِ بِهِ دَلَالَةً، وَلَوْ غَائِبًا فَحَالَةُ عِلْمِهِ كَحَالَةِ وِلَادَتِهَا (وَلَاعَنَ فِيهِمَا) فِيمَا إذَا صَحَّ أَوَّلًا لِوُجُودِ الْقَذْفِ، فَقَدْ تَحَقَّقَ اللِّعَانُ بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَنْتَفِ النَّسَبُ، فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ " وَنَفَى نَسَبَهُ " لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ. .
(نَفَى أَوَّلَ التَّوْأَمَيْنِ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي حُدَّ) إنْ لَمْ يَرْجِعْ لِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَلَهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ، فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ. وَأَمَّا الْعِتْقُ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ فَعِتْقُهُ مُعَلَّقٌ مَعْنًى، وَأَمَّا رَدُّ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بِالْحَمْلِ فَلِأَنَّ الْحَمْلَ ظَاهِرٌ، وَاحْتِمَالَ الرِّيحِ شُبْهَةٌ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ لَا يَمْتَنِعُ بِالشُّبْهَةِ، وَيَمْتَنِعُ اللِّعَانُ بِهَا لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْحُدُودِ، وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ بِالشُّبَهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَى الْعَيْبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَيَقَّنَاهُ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ يُجْرِيَانِ اللِّعَانَ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِلتَّيَقُّنِ بِقِيَامِهِ.
(قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ بِالْوَحْيِ) أَيْ لِعِلْمِهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحَمْلِ وَحْيًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّا بِهِ لِقَوْلِهِمَا إنَّهُ يُلَاعِنُ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ. وَعَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ يُلَاعِنُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، وَهَذَا بَعْدَ تَسْلِيمِ كَوْنِ هِلَالٍ قَذَفَهَا بِنَفْيِ الْحَمْلِ، فَقَدْ أَنْكَرَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ بَلْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَقَالَ: وَجَدْتُ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ عَلَى بَطْنِهَا يَزْنِي بِهَا عَلَى أَنَّ كَوْنَ لِعَانِهِمَا قَبْلَ الْوَضْعِ مُعَارَضٌ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَهُ، فَلَا يُسْتَدَلُّ بِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِلتَّعَارُضِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ، وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَفَاهُ قَبْلَ الْوَضْعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلنَّهْرِ، وَإِنَّمَا فِيهِ قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «اُنْظُرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِهِلَالٍ، أَوْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا فَهُوَ لِشَرِيكٍ وَأَنَّهَا وَلَدَتْ فَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالْمَرْأَةِ وَجَاءَتْ بِهِ أَشْبَهَ النَّاسِ بِشَرِيكٍ» (قَوْلُهُ: عِنْدَ التَّهْنِئَةِ) بِالْهَمْزِ مِنْ هَنَّأْته بِالْوَلَدِ بِالتَّثْقِيلِ وَالْهَمْزِ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ: وَمُدَّتُهَا سَبْعَةُ أَيَّامٍ عَادَةً) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُقَدَّرْ زَمَنُهَا بِشَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ الْإِمَامِ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ سَبْعَةٌ وَضَعَّفَهُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ بِالرَّأْيِ لَا يَجُوزُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. وَعِنْدَهُمَا تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةِ النِّفَاسِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ ابْتِيَاعِ آلَةِ الْوِلَادَةِ) أَيْ عِنْدَ شِرَائِهَا كَالْمَهْدِ وَنَحْوِهِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ وَكَلَامُ الْفَتْحِ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ لَا) أَيْ بَعْدَ قَبُولِهِ التَّهْنِئَةَ أَوْ سُكُوتِهِ عِنْدَهَا، أَوْ شِرَاءِ آلَةِ الْوِلَادَةِ، وَسُكُوتِهِ عَنْ النَّفْيِ، وَمُضِيُّ ذَلِكَ الْوَقْتِ إقْرَارٌ مِنْهُ مِنَحٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي اُعْتُبِرَ فِيهَا السُّكُوتُ رِضًا إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ إذَا هُنِّئَ بِهِ فَسَكَتَ لَا يَكُونُ قَبُولًا لِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ إلَّا بِالدَّعْوَةِ، وَالسُّكُوتُ لَيْسَ دَعْوَةً، وَنَسَبُ وَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ ثَابِتٌ مِنْهُ فَسُكُوتُهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي النَّفْيِ اهـ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ كَوَلَدِ الْمَنْكُوحَةِ لِأَنَّ لَهَا فِرَاشًا، بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِأَنَّهَا لَا فِرَاشَ لَهَا جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ: فَحَالَةُ عِلْمِهِ كَحَالَةِ وِلَادَتِهَا) فَتُجْعَلُ كَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ الْآنَ، فَلَهُ النَّفْيُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مِقْدَارِ مَا يَقْبَلُ فِيهِ التَّهْنِئَةَ. وَعِنْدَهُمَا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ النِّفَاسِ بَعْدَ الْقُدُومِ كَمَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ) بَلْ هُوَ مَشْرُوطٌ بِالشُّرُوطِ السِّتَّةِ الْمَارَّةِ.
(قَوْلُهُ: نَفَى أَوَّلَ التَّوْأَمَيْنِ) تَثْنِيَةُ تَوْأَمٍ فَوْعَلٍ، وَالْأُنْثَى تَوْأَمَةٌ، وَالْجَمْعُ تَوَائِمُ وَتُؤَامٌ كَدُخَانٍ مِصْبَاحٌ. وَهُمَا وَلَدَانِ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَرْجِعْ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالثَّانِي يُلَاعِنُ. اهـ. ح. وَذَكَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالدُّرَرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا وَلَا هُوَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى، وَكَأَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ بِالثَّانِي كَذَّبَ نَفْسَهُ بِنَفْيِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَصَارَ قَاذِفًا، وَرُجُوعُهُ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ بِالثَّانِي، وَهَذَا عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ
(وَإِنْ عَكَسَ لَاعَنَ) إنْ لَمْ يَرْجِعْ لِقَذْفِهَا بِنَفْيِهِ (وَالنَّسَبُ ثَابِتٌ فِيهِمَا) لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ. .
(وَلَوْ جَاءَتْ بِثَلَاثَةٍ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَنَفَى) الثَّانِيَ وَأَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لَاعَنَ وَهُمْ بَنُوهُ، وَلَوْ نَفَى الْأَوَّلَ وَ (الثَّالِثَ وَأَقَرَّ بِالثَّانِي يُحَدُّ وَهُمْ بَنُوهُ) كَمَوْتِ أَحَدِهِمْ شُمُنِّيٌّ. .
(مَاتَ وَلَدُ اللِّعَانِ وَلَهُ وَلَدٌ فَادَّعَاهُ الْمُلَاعِنُ، إنْ وَلَدُ اللِّعَانِ ذَكَرًا يَثْبُتُ نَسَبُهُ) إجْمَاعًا (وَإِنْ) كَانَ (أُنْثَى لَا) لِاسْتِغْنَائِهِ بِنَسَبِ أَبِيهِ خِلَافًا لَهُمَا ابْنُ مَلِكٍ.
ــ
[رد المحتار]
حُدَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَكَسَ) بِأَنْ أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ وَنَفَى الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَرْجِعْ) لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَا يُلَاعِنُ بَلْ يُحَدُّ. اهـ. ح لِأَنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَهَذَا صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ وَلِمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: لِقَذْفِهَا بِنَفْيِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَاعَنَ. اهـ. ح. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَا يُقَالُ ثُبُوتُ نَسَبِ الْأَوَّلِ مُعْتَبَرٌ بَاقٍ بَعْدَ نَفْيِ الثَّانِي؛ فَبِاعْتِبَارِ بَقَائِهِ شَرْعًا يَكُونُ مُكَذِّبًا نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِ الثَّانِي وَذَلِكَ يُوجِبُ الْحَدَّ. لِأَنَّا نَقُولُ الْحَقِيقَةُ انْقِطَاعُهُ وَثُبُوتُهُ أَمْرٌ حُكْمِيٌّ وَالْحَدُّ لَا يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ، فَكَانَ اعْتِبَارُ الْحَقِيقَةِ هُنَا مُتَعَيَّنًا لَا الْحُكْمِيِّ اهـ وَقَوْلُهُ: وَذَلِكَ يُوجِبُ الْحَدَّ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ ح مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ يُحَدُّ.
وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَعْدَ نَفْيِ الثَّانِي هُمَا ابْنَايَ، أَوْ لَيْسَا بِابْنَيَّ فَلَا حَدَّ فِيهِمَا اهـ لِعَدَمِ الرُّجُوعِ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِ الْقَذْفِ فِي الثَّانِي.
فَفِي الْفَتْحِ: وَلَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: هُمَا وَلَدَايَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَادِقٌ لِثُبُوتِ نَسَبِهِمَا، وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا لِعَدَمِ إكْذَابِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا لِلتَّصْرِيحِ بِالرُّجُوعِ. وَلَوْ قَالَ: لَيْسَا ابْنَيَّ كَانَا ابْنَيْهِ، وَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَفَى أَحَدَهُمَا وَذَلِكَ نَفْيٌ لِلتَّوْأَمَيْنِ فَلَيْسَا وَلَدَيْهِ مِنْ وَجْهٍ وَلَمْ يَكُنْ قَاذِفًا لَهَا مُطْلَقًا بَلْ مِنْ وَجْهٍ اهـ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: لَاعَنَ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ، وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْوَجِيزِ، وَمُقْتَضَى مَا فِي النَّهْرِ أَنَّهُ يُحَدُّ، وَعَزَاهُ إلَى الْفَتْحِ، وَهُوَ خِلَافُ الْوَاقِعِ فَافْهَمْ، نَعَمْ قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: إنَّ مَا هُنَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ بِإِقْرَارِهِ بِالثَّالِثِ صَارَ مُكَذِّبًا نَفْسَهُ فِي نَفْيِ الثَّانِي فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْإِكْذَابِ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلتَّلَاعُنِ. اهـ. قُلْت: وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْأَوَّلِ كَانَ إقْرَارًا بِالْكُلِّ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ بِالثَّالِثِ تَأْكِيدًا لِإِقْرَارِهِ أَوَّلًا، فَلَمْ يَكُنْ رُجُوعًا لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِيهِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَلِذَا عَلَّلَ فِي الْفَتْحِ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِثُبُوتِ نَسَبِ بَعْضِ الْحَمْلِ إقْرَارٌ بِالْكُلِّ، كَمَنْ قَالَ: يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ مِنِّي. وَقَالَ: وَكَذَا فِي وَلَدٍ وَاحِدٍ إذَا أَقَرَّ بِهِ وَنَفَاهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ يُلَاعِنُ وَيَلْزَمُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُحَدُّ) لِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى الْأَوَّلَ لَزِمَهُ اللِّعَانُ فَلَمَّا أَقَرَّ بِالثَّانِي صَارَ مُكَذِّبًا نَفْسَهُ فَلَزِمَهُ الْحَدُّ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: كَمَوْتِ أَحَدِهِمْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: لَوْ نَفَاهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ قُتِلَ قَبْلَ اللِّعَانِ لَزِمَاهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ نَفْيُ الْمَيِّتِ لِانْتِهَائِهِ بِالْمَوْتِ وَاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ فَلَا يَنْتَفِي الْحَيُّ لِأَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ، وَيُلَاعَنُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِوُجُودِ الْقَذْفِ، وَاللِّعَانُ يَنْفَكُّ عَنْ نَفْيِ الْوَلَدِ، وَلَا يُلَاعَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَذْفَ أَوْجَبَ لِعَانًا يَقْطَعُ النَّسَبَ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَاقْتَصَرَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي عَلَى ذِكْرِ الْأَوَّلِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْكُلِّ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ ذِكْرُ قَوْلِهِ كَمَوْتِ أَحَدِهِمْ عَقِبَ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَاعَنَ وَهُمْ بَنُوهُ لِيَكُونَ التَّشْبِيهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ وَاللِّعَانِ، أَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ اللِّعَانِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَقْتَضِي وُجُوبَ الْحَدِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللِّعَانِ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْحَدِّ أَيْضًا لِأَنَّ اللِّعَانَ سَقَطَ لِمَعْنًى لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ.
(قَوْلُهُ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ) أَيْ نَسَبُ وَلَدِ وَلَدِ اللِّعَانِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَوَرِثَ الْأَبُ مِنْهُ اتِّفَاقًا لِحَاجَةِ الْوَلَدِ الثَّانِي إلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ فَبَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: لِاسْتِغْنَائِهِ) أَيْ اسْتِغْنَاءِ وَلَدِ الْأُنْثَى بِنَسَبِ أَبِيهِ، فَإِنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِمَوْتِهَا أَيْ مَوْتِ الْأُنْثَى الْمَنْفِيَّةِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً ثَبَتَ نَسَبُهَا بِدَعْوَةِ وَلَدِهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ
فُرُوعٌ] الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ الَّذِي لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ كَالسُّكُوتِ لِاسْتِلْحَاقِ نَسَبِ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ بَحْرٌ. وَفِيهِ مَتَى سَقَطَ اللِّعَانُ بِوَجْهٍ مَا، أَوْ ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ لَمْ يَنْتَفِ نَسَبُهُ أَبَدًا، فَلَوْ نَفَاهُ وَلَمْ يُلَاعِنْ حَتَّى قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ بِالْوَلَدِ فَحُدَّ فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَلَا يَنْتَفِي بَعْدَ ذَلِكَ. .
نَفَى نَسَبَ التَّوْأَمَيْنِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ تَوْأَمِهِ وَأُمِّهِ وَأَخٍ لِأُمٍّ فَالْإِرْثُ أَثْلَاثًا فَرْضًا وَرَدًّا لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْأَخَوَيْنِ الثُّلُثُ وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمْ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ نَفْيَهُ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عَصَبَةً، قَالُوا وَصَرَّحُوا بِبَقَاءِ نَسَبِهِ بَعْدَ الْقَطْعِ فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ لِقِيَامِ فِرَاشِهَا إلَّا فِي حُكْمَيْنِ: الْإِرْثِ وَالنَّفَقَةِ فَقَطْ، حَتَّى لَا تَصِحَّ دَعْوَةُ غَيْرِ النَّافِي وَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ انْتَهَى قُلْت: قَالَ الْبَهْنَسِيُّ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، أَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُلَاعِنِ فَلْيُحْفَظْ.
ــ
[رد المحتار]
نَسَبُهُ مِنْهُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: الْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ إلَخْ) قَالَ عليه الصلاة والسلام حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: بِوَجْهٍ مَا) كَعَدَمِ صُلُوحِ أَحَدِهِمَا لِلشَّهَادَةِ، أَوْ عَدَمِ الْإِحْصَانِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ) أَيْ ضِمْنًا لِأَنَّ حَدَّ قَاذِفِهَا يَتَضَمَّنُ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَالْإِرْثُ أَثْلَاثًا إلَخْ) الْإِرْثُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " يَكُونُ "، أَوْ " يَثْبُتُ ". وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ: حُكْمُك مُسَمَّطًا، وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ قَبْلَ هَذَا إلَى شَهَادَاتِ الْجَامِعِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ أَنَّهُ يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ مَعْزِيًّا إلَى الِاخْتِيَارِ، لَكِنْ نَسَبَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَوَّلَ إلَى عُلَمَائِنَا وَنَسَبَ الثَّانِيَ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْفَرَائِضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: يُرَدُّ عَلَيْهِمْ) أَيْ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ، فَيَخُصُّ كُلًّا ثُلُثٌ، فَالْمَسْأَلَةُ الْفَرْضِيَّةُ مِنْ سِتَّةٍ وَالرَّدِّيَّةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ ط (قَوْلُهُ: وَبِهِ عُلِمَ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ قَطْعَ النَّسَبِ جَرَى فِي التَّوْأَمِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْطَعْ نَسَبَهُ عَنْ أَخِيهِ التَّوْأَمِ لَكَانَ عَصَبَةً يَأْخُذُ الثُّلُثَيْنِ وَقَطْعُ النَّسَبِ عَنْ أَخِيهِ التَّوْأَمِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِأَبِيهِمَا، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ الْأَحْكَامِ) فَيَبْقَى النَّسَبُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْمَلَاعِنِ فِي حَقِّ الشَّهَادَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْقِصَاصِ وَالنِّكَاحِ وَعَدَمِ اللُّحُوقِ بِالْغَيْرِ، حَتَّى لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَلَا صَرْفُ زَكَاةِ مَالِهِ إلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ بِقَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ لِابْنِ الْمُلَاعِنَةِ ابْنٌ وَلِلزَّوْجِ بِنْتٌ مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِتِلْكَ الْبِنْتِ، وَلَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ هَذَا الْوَلَدَ لَا يَصِحُّ إنْ صَدَّقَهُ الْوَلَدُ فِي ذَلِكَ فَتْحٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ: لِقِيَامِ فِرَاشِهَا) أَيْ لِثُبُوتِ كَوْنِهَا فِرَاشًا: أَيْ زَوْجَةً وَقْتَ الْوِلَادَةِ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يُسَمَّى فِرَاشًا لِلْآخَرِ كَمَا يُسَمَّى لِبَاسًا.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ النَّفْيَ بِاللِّعَانِ ثَبَتَ شَرْعًا، بِخِلَافِ الْأَصْلِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِ وَظَنِّهِ مَعَ كَوْنِهِ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشِهِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ: حَتَّى لَا تَصِحَّ دَعْوَةُ غَيْرِ النَّافِي) أَمَّا دَعْوَةُ النَّافِي فَتَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمَنْفِيُّ كَبِيرًا جَاحِدًا لِلنَّسَبِ مِنْ النَّافِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَهْنَسِيُّ إلَخْ) كَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ الْبَهْنَسِيِّ عَلَى الْمُلْتَقَى غَيْرَ مَعْزِيٍّ لِأَحَدٍ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ بَحْثًا فَإِنَّهُ قَالَ - بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الذَّخِيرَةِ -: وَهُوَ مُشْكِلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى مِمَّنْ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ وَادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَلَاعِنِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ وَهُوَ مَقْطُوعُ النَّسَبِ مِنْ غَيْرِهِ وَوَقَعَ الْإِيَاسُ مِنْ ثُبُوتِهِ مِنْ الْمُلَاعِنِ وَثُبُوتُهُ مِنْ أُمِّهِ لَا يُنَافِيهِ،. اهـ. أَيْ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.