المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَكِنْ فِي النَّهْرِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّرْفِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِرِضَا - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٣

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك]

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]

- ‌بَابُ الْوَلِيِّ

- ‌[فُرُوعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْكَفَاءَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمَهْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي السَّفَرِ بِالزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُرْسِلُهُ إلَى الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ

- ‌فُرُوعٌ] الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَهْرِ السِّرِّ وَمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ

- ‌[مَطْلَبُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات]

- ‌بَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاق]

- ‌[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

- ‌[مَحِلّ الطَّلَاق]

- ‌[أَهْل الطَّلَاق]

- ‌[رُكْن الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ السَّكْرَانِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]

- ‌بَابُ الْكِنَايَاتِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ

- ‌بَابُ التَّعْلِيقِ

- ‌[مطلب فِي أَلْفَاظ الشَّرْط]

- ‌[مَطْلَبٌ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُبَانَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حِيلَةُ إسْقَاطِ عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ إقْرَارٌ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ]

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَائِدَةٌ فِي شُرَطُ قَبُول الْخُلْعَ وألفاظه]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْمَرِيضَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] : قَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ قَالَهُ ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ:

- ‌[بَاب كَفَّارَة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ:

- ‌[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ:

- ‌[مطلب فِي عدة الْمَوْت]

- ‌[مَطْلَبٌ عِدَّةُ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا هَلْ تَعْتَدُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَ الْمُعْتَدَّة بِجِوَارِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌[فَرْعٌ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَشَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ شَرَاهَا]

- ‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَبِالْغَيْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُؤْنِسَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إرْضَاعِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كِنَايَاتِ الْإِعْتَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]

- ‌بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بِعْت مِنْك نَصِيبِي]

- ‌بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعَلٍ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحُلْف بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] .قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا غُلَامِي بَعْدَ مَوْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[فُرُوعٌ] أَرَادَ وَطْءَ أَمَتِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ]حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

- ‌[فُرُوعٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَالْآخَرُ بَصَلًا وَالْآخَرُ فِلْفِلًا فَطُبِخَ حَشْوٌ فِيهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَكَلُوا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ] قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا

الفصل: لَكِنْ فِي النَّهْرِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّرْفِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِرِضَا

لَكِنْ فِي النَّهْرِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّرْفِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِرِضَا الْأَبِ وَالْحَقُّ الْإِطْلَاقُ فَلْيَتَأَمَّلْ الْمُفْتِي.

‌بَابُ الْوَلِيِّ

(هُوَ) لُغَةً: خِلَافُ الْعَدُوِّ. وَعُرْفًا: الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَشَرْعًا: (الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْوَارِثُ) وَلَوْ فَاسِقًا عَلَى الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَهَتِّكًا، وَخَرَجَ نَحْوُ صَبِيٍّ وَوَصِيٍّ

ــ

[رد المحتار]

فِي الْجُمْلَةِ، وَلَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ لَوْ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَلَهُ كَمَالُ الشَّفَقَةِ فَيَخْتَارُ لَهَا الْمُنَاسِبَ فَكَيْفَ يُقَالُ بِالْجَوَازِ فِي الْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْأَبِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَبِ أَيْضًا فِي الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: لَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَقَبِلَ جَازَ فَمَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي النَّهْرِ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ. وَعِبَارَةُ النَّهْرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ الظَّهِيرِيَّةِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَالْحَقُّ فِي مَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.

وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ هُوَ قَوْلُهُ: تَزَوَّجْتُك إنْ أَجَازَ أَبِي أَوْ رَضِيَ فَقَالَتْ قَبِلْت لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالنِّكَاحُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ. اهـ.

قُلْت: الظَّاهِرُ حَمْلُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَبُ غَيْرَ حَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْخَانِيَّةِ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ بِرِضَا فُلَانٍ فَقَالَ إنْ كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ وَرَضِيَ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ رَضِيَ. اهـ. وَبِمَا قُلْنَا يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ عِبَارَةِ الظَّهِيرِيَّةِ عَدَمَهُ وَأَنَّ الْجَوَازَ فِي الْأَبِ ثَابِتٌ بِالْأَوْلَى وَلَمْ نَرَ أَحَدًا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِ خِلَافِ هَذَا حَتَّى يُتْبَعَ فَافْهَمْ.

[بَابُ الْوَلِيِّ]

لَمَّا ذَكَرَ النِّكَاحَ وَأَلْفَاظَهُ وَمَحَلَّهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ عَاقِدِهِ وَأَخَّرَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّتِهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَالْوَلِيُّ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ط (قَوْلُهُ وَعُرْفًا) أَيْ فِي عُرْفِ أَهْلِ أُصُولِ الدِّينِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي أُصُولِ الدِّينِ هُوَ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ حَسْبَمَا يُمْكِنُ الْمُوَاظِبُ عَلَى الطَّاعَاتِ الْمُجْتَنِبُ عَنْ الْمَعَاصِي الْغَيْرُ الْمُنْهَمِكِ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ ح (قَوْلُهُ الْوَارِثُ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَذَكَرَهُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي إذْ الْحَاكِمُ وَلِيٌّ وَلَيْسَ بِوَارِثٍ. اهـ.

قُلْت: وَكَذَا سَيِّدُ الْعَبْدِ فَالتَّعْرِيفُ خَاصٌّ بِالْوَلِيِّ مِنْ جِهَةِ الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْجَدَّ إذَا كَانَ فَاسِقًا، فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ الْكُفْءِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَهَتِّكًا) فِي الْقَامُوسِ: رَجُلٌ مُنْهَتِكٌ وَمُتَهَتِّكٌ وَمُسْتَهْتِكٌ لَا يُبَالِي أَنْ يَتَهَتَّكَ سِتْرُهُ اهـ قَالَ فِي الْفَتْحِ عَقِبَ مَا نَقَلْنَا عَنْهُ آنِفًا، نَعَمْ إذَا كَانَ مُتَهَتِّكًا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إيَّاهَا بِنَقْصٍ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَسَيَأْتِي هَذَا. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفِسْقَ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْلَبَ الْأَهْلِيَّةَ عِنْدَنَا، لَكِنْ إذَا كَانَ الْأَبُ مُتَهَتِّكًا لَا يَنْفُذُ تَزْوِيجُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ وَمِثْلُهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ جَدًّا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُمَا سُوءُ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ عُرِفَ لَا اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْفَاسِقَ الْمُتَهَتِّكَ وَهُوَ بِمَعْنَى سَيِّئِ الِاخْتِيَارِ لَا تَسْقُطُ وِلَايَتُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَهَذَا خِلَافُ مَا مَرَّ عَلَى الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِحَمْلِ مَا مَرَّ عَلَى هَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَ مِنْ الْكُفْءِ يَقْتَضِي سُقُوطَ وِلَايَةِ الْأَبِ أَصْلًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ نَحْوُ صَبِيٍّ) أَيْ كَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ غَيْرَ أَنَّ الصَّبِيَّ خَرَجَ بِقَوْلِهِ الْبَالِغُ وَالْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ بِالْعَاقِلِ ط.

(قَوْلُهُ وَوَصِيٌّ) أَيْ وَنَحْوُ وَصِيٍّ مِمَّنْ لَيْسَ بِوَارِثٍ كَعَبْدٍ وَكَكَافِرٍ لَهُ بِنْتٌ مُسْلِمَةٌ وَمُسْلِمٌ لَهُ بِنْتٌ كَافِرَةٌ كَمَا سَيَأْتِي، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ قَرِيبًا أَوْ حَاكِمًا يَمْلِكُ

ص: 54

مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ (وَالْوَلَايَةُ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ) تَثْبُتُ بِأَرْبَعٍ: قَرَابَةٌ، وَمِلْكٌ، وَوَلَاءٌ، وَإِمَامَةٌ (شَاءَ أَوْ أَبَى) وَهِيَ هُنَا نَوْعَانِ: وِلَايَةُ نَدْبٍ عَلَى الْمُكَلَّفَةِ وَلَوْ بِكْرًا وَوِلَايَةُ إجْبَارٍ عَلَى الصَّغِيرَةِ وَلَوْ ثَيِّبًا وَمَعْتُوهَةٍ وَمَرْقُوقَةٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ (شَرْطُ) صِحَّةِ (نِكَاحِ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَرَقِيقٍ) لَا مُكَلَّفَةٍ (فَنَفَذَ نِكَاحُ حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ

ــ

[رد المحتار]

التَّزْوِيجَ بِالْوِلَايَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عِنْدَ بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ سَوَاءٌ أَوْصَى إلَيْهِ الْأَبُ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَكَذَا سَوَاءٌ عَيَّنَ لَهُ الْمُوصَى رَجُلًا فِي حَيَاتِهِ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَالْوَلَايَةُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَمَا ذَكَرَهُ تَعْرِيفُهَا الْفِقْهِيُّ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَإِلَّا فَمَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ الْمَحَبَّةُ وَالنُّصْرَةُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ تَعْرِيفٌ لِأَحَدِ نَوْعَيْهَا وَهُوَ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ بِقَرِينَةٍ قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا نَوْعَانِ. وَأَفَادَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْمَتْنِ غَيْرُ خَاصٍّ بِهَذَا الْبَابِ بَلْ مِنْهُ وَلَايَةُ الْوَصِيِّ وَقَيِّمُ الْوَقْفِ وَوَلَايَةُ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَنْفِيذِ الْقَوْلِ مَا يَكُونُ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الْمَالِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا، وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَشْمَلُ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثُ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ تَثْبُتُ) أَيْ الْوَلَايَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْمُرَادُ هُنَا وَلَايَةُ الْإِجْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَطْ فَفِيهِ شَبَهُ الِاسْتِخْدَامِ، وَإِلَّا فَالْوَلَايَةُ الْمُعَرَّفَةُ أَعَمُّ كَمَا عَلِمْت، وَحَيْثُ كَانَتْ أَعَمَّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الثَّابِتَةَ لِخُصُوصِ الْوَلِيِّ الْمَعْرُوفِ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْوَارِثِ حَتَّى يُرَدُّ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمِلْكِ وَالْإِمَامَةِ إرْثٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّكَلُّفِ فِي الْجَوَابِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِرْثِ الْمَأْخُوذِ فِي تَعْرِيفِ الْوَلِيِّ هُوَ أَخْذُ الْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ؛ فَالْإِمَامُ يَأْخُذُ مَالَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لِيَضَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَالْوَلِيُّ يَأْخُذُ كَسْبَ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إرْثًا حَقِيقَةً فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ ط لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الْمَجَازِ وَالتَّعْرِيفُ يُصَانُ عَنْ مِثْلِ هَذَا فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ قَرَابَةٍ) دَخَلَ فِيهَا الْعَصَبَاتُ وَالْأَرْحَامُ (قَوْلُهُ وَمِلْكٍ) أَيْ مِلْكِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ (قَوْلُهُ وَوَلَاءٍ) أَيْ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ وَالْمُوَالَاةِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِمَامَةٍ) دَخَلَ فِيهَا الْقَاضِي الْمَأْذُونُ بِالتَّزْوِيجِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ شَاءَ أَوْ أَبَى) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ وَلَايَةِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَهِيَ هُنَا) فِيهِ شَبَهُ الِاسْتِخْدَامِ لِأَنَّ الْوَلَايَةَ الْمُعَرَّفَةَ خَاصَّةٌ بِوَلَايَةِ الْإِجْبَارِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ هُنَا احْتِرَازًا عَنْ الْوَلَايَةِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وِلَايَةُ نَدْبٍ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ تَفْوِيضُ أَمْرِهَا إلَى وَلِيِّهَا كَيْ لَا تُنْسَبَ إلَى الْوَقَاحَةِ بَحْرٌ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فِي الْبِكْرِ، وَهَذِهِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَايَةُ وَكَالَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفَةِ) أَيْ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِكْرًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ ثَيِّبًا لِيُفِيدَ أَنَّ تَفْوِيضَ الْبِكْرِ إلَى وَلِيِّهَا يَنْدُبُ بِالْأَوْلَى لِمَا عَلِمْته مِنْ عِلَّةِ النَّدْبِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ أَيْ أَنَّهَا تَنْدُبُ لَا تَجِبُ وَلَوْ بِكْرًا عِنْدَنَا خِلَافًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَيِّبًا) أَشَارَ إلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ: إنَّ وَلَايَةَ الْإِجْبَارِ مَنُوطَةٌ بِالْبَكَارَةِ فَيُزَوِّجُهَا بِلَا إذْنِهَا وَلَوْ بَالِغَةً لَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَلَوْ صَغِيرَةً، فَالثَّيِّبُ الصَّغِيرَةُ لَا تُزَوَّجُ عِنْدَهُ مَا لَمْ تَبْلُغْ لِسُقُوطِ وَلَايَةِ الْأَبِ (قَوْلُهُ وَمَعْتُوهَةٍ وَمَرْقُوقَةٍ) بِالْجَرِّ فِيهِمَا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ الصَّغِيرَةِ لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِمَا بِالصِّغَرِ، وَالْأَوْلَى تَعْرِيفُهُمَا بِأَلْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُهُمَا عَلَى ثَيِّبًا (قَوْلُهُ صَغِيرٍ إلَخْ) الْمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ شَخْصٍ صَغِيرٍ إلَخْ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ لَا مُكَلَّفَةً) الْأَوْلَى زِيَادَةُ حُرَّةٍ لِيُقَابِلَ الرَّقِيقَ ط.

وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الْمَتْنِ ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ فَنَفَذَ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَنَفَذَ إلَخْ) أَرَادَ بِالنَّفَاذِ الصِّحَّةَ وَتَرَتُّبَ الْأَحْكَامِ مِنْ طَلَاقٍ وَتَوَارُثٍ وَغَيْرِهِمَا لَا اللُّزُومَ، إذْ هُوَ أَخَصُّ مِنْهَا لِأَنَّهُ مَا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَهَذَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، فَقَوْلُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْ يَنْعَقِدُ لَازِمًا فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٍ. وَاحْتُرِزَ بِالْحُرَّةِ عَنْ الْمَرْقُوقَةِ وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ أُمَّ وَلَدٍ وَبِالْمُكَلَّفَةِ عَنْ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِوَلِيٍّ كَمَا قَدَّمَهُ، وَأَمَّا حَدِيثُ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَدِيثُ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، فَمُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ،

ص: 55

بِلَا) رِضَا (وَلِيٍّ) وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ تَصَرَّفَ فِي نَفْسِهِ وَمَا لَا فَلَا

(وَلَهُ) أَيْ لِلْوَلِيِّ (إذَا كَانَ عَصَبَةً) وَلَوْ غَيْرَ مُحَرَّمٍ كَابْنِ عَمٍّ فِي الْأَصَحِّ خَانِيَّةٌ، وَخَرَجَ ذَوُو الْأَرْحَامِ وَالْأُمُّ وَالْقَاضِي (الِاعْتِرَاضُ فِي غَيْرِ الْكُفْءِ) فَيَفْسَخُهُ الْقَاضِي وَيَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ النِّكَاحِ (مَا لَمْ) يَسْكُتْ حَتَّى (تَلِدَ مِنْهُ) لِئَلَّا يَضِيعَ الْوَلَدُ وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْحَبَلِ الظَّاهِرِ بِهِ (وَيُفْتَى) فِي غَيْرِ الْكُفْءِ

ــ

[رد المحتار]

وَالْأَيِّمُ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا أَوْ لَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ إلَّا مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ إذَا رَضِيَتْ وَقَدْ جَعَلَهَا أَحَقَّ مِنْهُ بِهِ.

وَيَتَرَجَّحُ هَذَا بِقُوَّةِ السَّنَدِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ، بِخِلَافِ الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَإِنَّهُمَا ضَعِيفَانِ أَوْ حَسَنَانِ، أَوْ يَجْمَعُ بِالتَّخْصِيصِ، أَوْ بِأَنَّ النَّفْيَ لِلْكَمَالِ، أَوْ بِأَنْ يُرَادَ بِالْوَلِيِّ مَنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ أَيْ لَا نِكَاحَ إلَّا بِمَنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِيَنْفِيَ نِكَاحَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ وَالْمَعْتُوهَةِ وَالْعَبْدِ وَالْأَمَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْبَاطِلِ حَقِيقَتُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ مَا بَاشَرَتْهُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، أَوْ حُكْمُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُصَحِّحُهُ أَيْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُبْطِلَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ سَائِغٌ فِي إطْلَاقَاتِ النُّصُوصِ وَيَجِبُ ارْتِكَابُهُ لِدَفْعِ الْمُعَارَضَةِ؛ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَالْأَصْلُ هُنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ بِوَلَايَةِ نَفْسِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ، فَإِنَّهُ وَإِنْ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ لَكِنْ لَا بِوَلَايَةِ نَفْسِهِ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى الْعَكْسِ الْمَحْجُورَةُ فَإِنَّهَا تَمْلِكُ النِّكَاحَ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهَا عَلَى قَوْلِهِمَا بِالْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ فَالْأَصْلُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ عَصَبَةً) أَيْ بِنَفْسِهِ، فَلَا يَرُدُّ الْعَصَبَةَ بِالْغَيْرِ كَالْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ، وَلَا الْعُصَبَةَ مَعَ الْغَيْرِ كَالْأُخْتِ مَعَ الْبِنْتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْكُفْءِ) أَيْ فِي تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَكَذَا لَهُ الِاعْتِرَاضُ فِي تَزْوِيجِهَا نَفْسَهَا بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا، حَتَّى يَتِمَّ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ فَيَفْسَخُهُ الْقَاضِي) فَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ إلَّا بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَكُلٌّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ يَتَشَبَّثُ بِدَلِيلٍ، فَلَا يَنْقَطِعُ النِّكَاحُ إلَّا بِفِعْلِ الْقَاضِي وَالنِّكَاحُ قَبْلَهُ صَحِيحٌ يَتَوَارَثَانِ بِهِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ فَسْخٌ لَا تُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ، وَلَا يَجِبُ عِنْدَهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ إنْ وَقَعَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لَهَا الْمُسَمَّى وَهَذَا بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً فَتْحٌ، وَلَهَا أَنْ لَا تُمَكِّنُهُ مِنْ الْوَطْءِ حَتَّى يَرْضَى الْوَلِيُّ كَمَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ عَسَى أَنْ يُفَرِّقَ فَيَصِيرَ وَطْءَ شُبْهَةٍ، وَأَمَّا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ الْآتِي فَهُوَ حَرَامٌ لِعَدَمِ الِانْعِقَادِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَيَتَجَدَّدُ) أَيْ اعْتِرَاضُ الْوَلِيِّ بِتَجَدُّدِ النِّكَاحِ، كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِإِذْنِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ ثَانِيًا كَانَ لِذَلِكَ الْوَلِيِّ التَّفْرِيقُ، وَلَا يَكُونُ الرِّضَا بِالْأَوَّلِ رِضًا بِالثَّانِي فَتْحٌ، وَقَيَّدَ بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْكُتْ حَتَّى تَلِدَ) زَادَ لَفْظَ يَسْكُتُ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ سُكُوتَهُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لَا يَكُونُ رِضًا، وَأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا السُّكُوتُ مَنْزِلَةَ الْقَوْلِ كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهَا، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْكُتْ بَلْ خَاصَمَ حِينَ عَلِمَ فَكَذَلِكَ بِالْأَوْلَى فَافْهَمْ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْلًا حَتَّى وَلَدَتْ فَهَلْ لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ ظَاهِرُ الْمَتْنِ لَا وَظَاهِرُ الشَّرْحِ نَعَمْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَضِيعَ الْوَلَدُ) أَيْ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، فَإِنَّ بَقَاءَهُمَا مُجْتَمَعَيْنِ عَلَى تَرْبِيَتِهِ أَحْفَظُ لَهُ بِلَا شُبْهَةٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ ح (قَوْلُهُ وَيُفْتِي فِي غَيْرِ الْكُفْءِ إلَخْ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُهُ إلَى قَوْلِهِ: فَنَفَذَ نِكَاحٌ إلَخْ وَلِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْوَلِيِّ الِاعْتِرَاضَ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الْمُفْتَى بِهِ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْكُفْءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ لِلشَّارِحِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَجْرَى هَذَا الْقَوْلَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَالْفَرْقُ إمْكَانُ الِاسْتِدْرَاكِ بِإِتْمَامِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلِذَا قَالُوا لَهُ الِاعْتِرَاضُ حَتَّى يَتِمَّ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي فَإِذَا أَتَمَّ الْمَهْرَ زَالَ سَبَبُ الِاعْتِرَاضِ بِخِلَافِ عَدَمِ الْكَفَاءَةِ، هَذَا

ص: 56

(بِعَدَمِ جَوَازِهِ أَصْلًا) وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى (لِفَسَادِ الزَّمَانِ) فَلَا تَحِلُّ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا نَكَحَتْ غَيْرَ كُفْءٍ بِلَا رِضَا وَلِيٍّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهُ فَلْيُحْفَظْ (وَ) بِنَاءً (عَلَى الْأَوَّلِ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (فَرِضَا الْبَعْضِ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ (كَالْكُلِّ) لِثُبُوتِهِ لِكُلٍّ كَمُلَا كَوِلَايَةِ أَمَانٍ وَقَوَدٍ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْوَقْفِ (لَوْ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ وَإِلَّا فَلِلْأَقْرَبِ) مِنْهُمْ

ــ

[رد المحتار]

مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ أَصْلًا) هَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهَذَا إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ لَمْ يَرْضَ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَلَا يُفِيدُ الرِّضَا بَعْدَهُ بَحْرٌ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَهُوَ صَحِيحٌ نَافِذٌ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ وَجْهَ عَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ، أَمَّا هِيَ فَقَدْ رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا فَتْحٌ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ: لَمْ يَرْضَ بِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَصْلًا فَلَا يَلْزَمُ التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الرِّضَا بَلْ السُّكُوتُ مِنْهُ لَا يَكُونُ رِضًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ رِضَاهُ صَرِيحًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَكَتَ قَبْلَهُ ثُمَّ رَضِيَ بَعْدَهُ لَا يُفِيدُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى) وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ وَلِيٍّ يُحْسِنُ الْمُرَافَعَةَ وَالْخُصُومَةَ وَلَا كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ، وَلَوْ أَحْسَنَ الْوَلِيُّ وَعَدَلَ الْقَاضِي فَقَدْ يَتْرُكُ أَنَفَةً لِلتَّرَدُّدِ عَلَى أَبْوَابِ الْحُكَّامِ، وَاسْتِثْقَالًا لِنَفْسِ الْخُصُومَاتِ فَيَتَقَرَّرُ الضَّرَرُ فَكَانَ مَنْعُهُ دَفْعًا لَهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ نَكَحَتْ) نَعْتٌ لِمُطَلَّقَةِ وَقَوْلُهُ بِلَا رِضَا مُتَعَلِّقٌ بِنَكَحْت وَقَوْلُهُ بَعْدَ ظَرْفٌ لِلرِّضَا، وَالضَّمِيرُ فِي مَعْرِفَتِهِ لِلْوَلِيِّ وَفِي إيَّاهُ لِغَيْرِ الْكُفْءِ، وَقَوْلُهُ بِلَا رِضًا نَفْيٌ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمُقَيَّدِ الَّذِي هُوَ رِضَا الْوَلِيِّ وَالْقَيْدِ الَّذِي هُوَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ إيَّاهُ فَيَصْدُقُ بِنَفْيِ الرِّضَا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ وَبِعَدَمِهَا وَبِوُجُودِ الرِّضَا مَعَ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ لَا تَحِلُّ وَإِنَّمَا تَحِلُّ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ رِضَا الْوَلِيِّ بِغَيْرِ الْكُفْءِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ كَذَلِكَ اهـ ح.

قُلْت: وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ عَيْنًا لِمَا فِي الْبَحْرِ: لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ رَضِيت بِتَزَوُّجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالزَّوْجِ عَيْنًا هَلْ يَكْفِي صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى. وَيَنْبَغِي لَا يَكْفِي لِأَنَّ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ لَا يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِيمَا إذَا اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ وَلَمْ يُسَمِّ الزَّوْجَ فَقَالَ لِأَنَّ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ لَا يَتَحَقَّقُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهَا لَوْ فَوَّضَتْ الْأَمْرَ إلَيْهِ يَصِحُّ كَقَوْلِهَا زَوِّجْنِي مِمَّنْ تَخْتَارُهُ وَنَحْوُهُ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ قَالَ لَهَا أَنَا رَاضٍ بِمَا تَفْعَلِينَ أَوْ زَوِّجِي نَفْسَك مِمَّنْ تَخْتَارِينَ وَنَحْوُهُ أَنَّهُ يَكْفِي وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَيْهَا وَلِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلْيُحْفَظْ) قَالَ فِي الْحَقَائِقِ شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ النَّسَفِيَّةِ وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ. اهـ. وَقَالَ الْكَمَالُ: لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ فِي الْغَالِبِ يَكُونُ غَيْرَ كُفْءٍ، وَأَمَّا لَوْ بَاشَرَ الْوَلِيُّ عَقْدَ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ. اهـ.

وَفِي الْبَحْرِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) وَبِهِ أَفْتَى كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ بَحْرٌ لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ) فِيهِ أَنَّ الرِّضَا قَبْلَ الْعَقْدِ يَصِحُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَأَمَّا الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ فَهُوَ الرِّضَا بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَيْهِ لَا عَلَى الثَّانِي الْمُفْتَى بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ وَكَلَامِ الْمَتْنِ يُوهِمُ أَنَّهُ عَلَى الثَّانِي لَا يَكُونُ رِضَا الْبَعْضِ كَالْكُلِّ وَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَعَلَّ الشَّارِحَ قَصَدَ بِمَا ذَكَرَهُ دَفْعَ هَذَا الْإِيهَامَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِهِ لِكُلٍّ كَمُلَا) لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ لَا يَتَجَزَّأُ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِسَبَبٍ لَا يَتَجَزَّأُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَوِلَايَةِ أَمَانٍ وَقَوَدٍ) فَإِذَا أَمَّنَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا لَيْسَ لِمُسْلِمٍ آخَرَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلْحَرْبِيِّ أَوْ لِمَالِهِ، وَإِذَا عَفَا أَحَدُ أَوْلِيَاءِ الْقِصَاصِ لَيْسَ لِوَلِيٍّ آخَرَ طَلَبُهُ ح (قَوْلُهُ وَسَنُحَقِّقُهُ فِي الْوَقْفِ) حَيْثُ زَادَ عَلَى مَا هُنَا مِمَّا يَقُومُ فِيهِ الْبَعْضُ مُقَامَ الْكُلِّ بَعْضَ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ، وَكَذَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَكَذَا إثْبَاتُ الْإِعْسَارِ فِي وَجْهٍ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ وَوِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) أَيْ

ص: 57

(حَقُّ الْفَسْخِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَهُوَ) أَيْ الْعَقْدُ (صَحِيحٌ) نَافِذٌ (مُطْلَقًا) اتِّفَاقًا (وَقَبَضَهُ) أَيْ وَلِيٌّ لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ (الْمَهْرَ وَنَحْوُهُ) مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (رِضَا) دَلَالَةً إنْ كَانَ عَدَمُ الْكَفَاءَةِ ثَابِتًا عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ مُخَاصَمَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ رِضًا كَمَا (لَا) يَكُونُ (سُكُوتُهُ) رِضًا مَا لَمْ تَلِدْ، وَأَمَّا تَصْدِيقُهُ بِأَنَّهُ كُفْءٌ، فَلَا يُسْقِطُ حَقَّ الْبَاقِينَ مَبْسُوطٌ

(وَلَا تُجْبَرُ الْبَالِغَةُ الْبِكْرُ عَلَى النِّكَاحِ) لِانْقِطَاعِ الْوِلَايَةِ بِالْبُلُوغِ (فَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا هُوَ) أَيْ الْوَلِيُّ وَهُوَ السُّنَّةُ

ــ

[رد المحتار]

وَإِنْ لَمْ يَسْتَوُوا فِي الدَّرَجَةِ، وَقَدْ رَضِيَ الْأَبْعَدُ فَلِلْأَقْرَبِ الِاعْتِرَاضُ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ إلَخْ) أَيْ عَصَبَةٌ كَمَا مَرَّ، وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحُكْمِ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ بَحْثًا بِصِيغَةٍ يَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ صَغِيرٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا كَمَا سَيُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ الْعَصَبَةُ إلَخْ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ هُنَاكَ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ لَا يَتَجَدَّدُ لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ غَائِبٌ فَهُوَ كَالْحَاضِرِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَا تَنْقَطِعُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ حَيْثُ هُوَ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ آخَرُ حَاضِرٌ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا سَيَأْتِي وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ هَذَا فِي الْبَالِغَةِ أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهَا؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ فَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَصَبَةٌ هَذَا كُلُّهُ مَا ظَهَرَ لِي تَفَقُّهًا مِنْ كَلَامِهِمْ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا.

(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَكَحَتْ كُفُؤًا أَوْ غَيْرُهُ ح (قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) أَيْ مِنْ الْقَائِلِينَ بِرِوَايَةِ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَالْقَائِلِينَ بِرِوَايَةِ الْحَسَنِ الْمُفْتَى بِهَا (قَوْلُهُ أَيْ وَلِيٌّ لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ) يُوهِمُ أَنَّ الْوَلِيَّ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأَرْحَامَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذَا التَّفْسِيرِ هُنَاكَ لِيُعْلَمَ الْمُرَادُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَيَرْتَفِعُ الْإِيهَامُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى قَبْضِهِ أَيْ وَنَحْوِ قَبْضِ الْمَهْرِ كَقَبْضِ النَّفَقَةِ أَوْ الْمُخَاصَمَةِ فِي أَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ وَكَالتَّجْهِيزِ وَنَحْوِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالشُّرْنُبَلاليّ وَشَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي الرِّضَا دَلَالَةً فَقَطْ، وَأَنَّ مُجَرَّدَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ لَا يَكْفِي هُنَا بِخِلَافِ الرِّضَا الصَّرِيحِ حَيْثُ يَكْفِي فِيهِ الْعِلْمُ فَقَطْ لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْفَتْحِ، وَلَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الَّذِي جَمَعَ كُتُبَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَيْضًا فَوَجْهُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ انْحِطَاطَ رُتْبَةِ الدَّلَالَةِ عَنْ الصَّرِيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجَتْ غَيْرَ كُفْءٍ فَخَاصَمَ الْوَلِيَّ، وَأَثْبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي عَدَمَ الْكَفَاءَةِ فَقَبَضَ الْوَلِيُّ الْمَهْرَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ أَوْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْهُ ثَانِيًا بِلَا إذْنِ الْوَلِيِّ فَقَبَضَ الْمَهْرَ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَكُونُ إلَخْ) مُكَرَّرٌ بِقَوْلِهِ الْمَارِّ مَا لَمْ يَسْكُتْ حَتَّى تَلِدَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا تَصْدِيقُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِالرِّضَا لِأَنَّ التَّصْدِيقَ بِأَنَّهُ كُفْءٌ مِنْ الْبَعْضِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مَنْ أَنْكَرَهَا. قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ أَنَّ الزَّوْجَ كُفْءٌ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْءٍ يَكُونُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّفْرِيقِ لِأَنَّ الْمُصَدِّقُ يُنْكِرَ سَبَبَ الْوُجُوبِ، وَإِنْكَارُ سَبَبِ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إسْقَاطًا لَهُ. اهـ.

وَفِي الْفَوَائِدِ التَّاجِيَّةِ: أَقَامَ وَلِيُّهَا شَاهِدَيْنِ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَأَقَامَ زَوْجُهَا بِالْكَفَاءَةِ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ اهـ

(قَوْلُهُ وَلَا تُجْبَرُ الْبَالِغَةِ) وَلَا الْحُرُّ الْبَالِغُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَلَوْ صَغِيرَيْنِ ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ الْبِكْرُ) أَطْلَقَهَا فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَطَلُقَتْ قَبْلَ زَوَالِ الْبَكَارَةِ فَتُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الْأَبْكَارُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ السُّنَّةُ) بِأَنْ يَقُولَ لَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ فُلَانٌ يَخْطُبُك أَوْ يَذْكُرُك فَسَكَتَتْ، وَإِنْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ اسْتِئْمَارٍ فَقَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ وَتَوَقَّفَ عَلَى رِضَاهَا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ. وَاسْتَحْسَنَ الرَّحْمَتِيُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الِاسْتِئْذَانِ أَنْ

ص: 58

(أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولُهُ أَوْ زَوَّجَهَا) وَلِيُّهَا وَأَخْبَرَهَا رَسُولُهُ أَوْ الْفُضُولِيٌّ عَدْلٌ (فَسَكَتَتْ) عَنْ رَدِّهِ مُخْتَارَةً (أَوْ ضَحِكَتْ غَيْرَ مُسْتَهْزِئَةٍ أَوْ تَبَسَّمَتْ أَوْ بَكَتْ بِلَا صَوْتٍ) فَلَوْ بِصَوْتٍ لَمْ يَكُنْ إذْنًا وَلَا رَدًّا حَتَّى لَوْ رَضِيَتْ بَعْدَهُ انْعَقَدَ سِرَاجٌ وَغَيْرُهُ، فَمَا فِي الْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى فِيهِ نَظَرٌ (فَهُوَ إذْنٌ) أَيْ تَوْكِيلٌ فِي الْأَوَّلِ إنْ اتَّحَدَ الْوَلِيُّ، فَلَوْ تَعَدَّدَ الزَّوْجُ

ــ

[رد المحتار]

يُرْسِلَ إلَيْهَا نِسْوَةً ثِقَاتٍ يَنْظُرْنَ مَا فِي نَفْسِهَا وَالْأُمُّ بِذَلِكَ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَطَّلِعُ عَلَى مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولُهُ) الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك تَسْتَأْذِنُ لِي فُلَانَةَ فِي كَذَا، وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ: اذْهَبْ إلَى فُلَانَةَ وَقُلْ لَهَا إنَّ أَخَاك فُلَانًا يَسْتَأْذِنُك فِي كَذَا (قَوْلُهُ وَأَخْبَرَهَا رَسُولُهُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: أَوْ زَوَّجَهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا زَوَّجَهَا فِي غَيْبَتِهَا، وَهَذَا إنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادِرِ مِنْهُ، لَكِنْ يُرَجِّحُهُ دَفْعُ التَّكْرَارِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَكَذَا إذَا زَوَّجَهَا عِنْدَهَا فَسَكَتَتْ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَاخْتَلَفَ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ فَبَلَّغَهَا فَسَكَتَتْ، فَقَالَا لَا يَكُونُ رِضًا، وَقِيلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَكُونُ رِضًا إنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ أَبًا أَوْ جَدًّا وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الصَّغِيرَةِ الْمُزَوَّجَةِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَجَزَمَ فِي الدِّرَايَةِ بِالْأَوَّلِ بِلَفْظِ قَالُوا (قَوْلُهُ أَوْ فُضُولِيٌّ عَدْلٌ) الشَّرْطُ فِي الْفُضُولِيِّ الْعَدَالَةُ أَوْ الْعَدَدُ، فَيَكْفِي إخْبَارُ وَاحِدٍ عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورِينَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ وَاحِدٍ غَيْرِ عَدْلٍ وَلَهَا نَظَائِرُ سَتَأْتِي فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ فَسَكَتَتْ) أَيْ الْبِكْرُ الْبَالِغَةُ بِخِلَافِ الِابْنِ الْكَبِيرِ فَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًا حَتَّى يَرْضَى بِالْكَلَامِ كَافِي الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ عَنْ رَدِّهِ) قَيَّدَ بِهِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ السُّكُوتِ لِأَنَّهَا لَوْ بَلَغَهَا الْخَبَرُ فَتَكَلَّمَتْ بِأَجْنَبِيٍّ فَهُوَ سُكُوتٌ هُنَا فَيَكُونُ إجَازَةً، فَلَوْ قَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ اخْتَرْت نَفْسِي أَوْ قَالَتْ هُوَ دَبَّاغٌ لَا أُرِيدُهُ فَهَذَا كَلَامٌ وَاحِدٌ فَهُوَ رَدٌّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مُخْتَارَةً) أَمَّا لَوْ أَخَذَهَا عُطَاسٌ أَوْ سُعَالٌ، حِينَ أُخْبِرَتْ فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَتْ لَا أَرْضَى أَوْ أَخَذَ فَمَهَا ثُمَّ تَرَكَ فَقَالَتْ ذَلِكَ صَحَّ رَدُّهَا لِأَنَّ سُكُوتَهَا كَانَ عَنْ اضْطِرَارٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ غَيْرَ مُسْتَهْزِئَةٍ) وَضَحِكُ الِاسْتِهْزَاءِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَحْضُرُهُ لِأَنَّ الضَّحِكَ إنَّمَا جُعِلَ إذْنًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا، فَإِذَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الرِّضَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا بَحْرٌ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَكَتْ بِلَا صَوْتٍ) هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى لِأَنَّهُ حَزِنَ عَلَى مُفَارَقَةِ أَهْلِهَا بَحْرٌ: أَيْ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ فَمَا فِي الْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى) أَيْ مِنْ أَنَّهُ هُوَ وَالْبُكَاءُ بِلَا صَوْتٍ إذْنٌ وَمَعَهُ رَدٌّ (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مَا فِي الْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي النُّقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْمُتُونُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الشُّرُوحِ.

وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِير لِقَاضِي خَانْ: وَإِنْ بَكَتْ كَانَ رَدًّا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْهُ فِي رِوَايَةٍ يَكُونُ رِضًا. قَالُوا: إنْ كَانَ الْبُكَاءُ عَنْ صَوْتٍ وَوَيْلٍ لَا يَكُونُ رِضًا وَإِنْ كَانَ عَنْ سُكُوتٍ فَهُوَ رِضًا اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ أَصْلَ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْبُكَاءَ هَلْ هُوَ رَدٌّ أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ قَالُوا إلَخْ تَوْفِيقٌ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَمَعْنَى لَا يَكُونُ رِضًا أَنَّهُ يَكُونُ رَدًّا كَمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ الْوِقَايَةِ وَغَيْرُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ قَالُوا إنْ كَانَ مَعَ الصِّيَاحِ وَالصَّوْتِ فَهُوَ رَدٌّ وَإِلَّا فَهُوَ رِضًا وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ كَيْفَ وَالْبُكَاءُ بِالصَّوْتِ وَالْوَيْلِ قَرِينَةٌ عَلَى الرَّدِّ وَعَدَمِ الرِّضَا، وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ حِكَايَةِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُعَوَّلُ اعْتِبَارُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فِي الْبُكَاءِ وَالضَّحِكِ فَإِنْ تَعَارَضَتْ أَوْ أَشْكَلَ اُحْتِيطَ اهـ فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا فِي الْمِعْرَاجِ ضَعِيفٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ إذْنٌ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ إذْنٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَيْ تَوْكِيلٌ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِيمَا إذَا اسْتَأْذَنَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا أَرْضَى وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَلِيُّ فَزَوَّجَهَا صَحَّ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَعْلَمَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُزَوِّجُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبَحْر، وَلَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مُتَسَاوِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ رَجُلٍ فَأَجَازَتْهُمَا مَعًا بَطَلَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَإِنْ سَكَتَتْ بَقِيَا مَوْقُوفَيْنِ حَتَّى تُجِيزَ أَحَدَهُمَا بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَوَابِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ.

ص: 59

لَمْ يَكُنْ سُكُوتُهَا إذْنًا، وَإِجَازَةٌ فِي الثَّانِي إنْ بَقِيَ النِّكَاحُ لَا لَوْ بَطَلَ بِمَوْتِهِ وَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ: زَوَّجَنِي أَبِي بِأَمْرِي وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ فَالْقَوْلُ لَهَا فَتَرِثُ وَتَعْتَدُّ، وَلَوْ قَالَتْ: بِغَيْرِ أَمْرِي لَكِنَّهُ بَلَّغَنِي فَرَضِيت فَالْقَوْلُ لَهُمْ وَقَوْلُهَا غَيْرُهُ أَوْلَى مِنْهُ رُدَّ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ. وَلَوْ زَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ فَسُكُوتُهَا رُدَّ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا قَبْلَهُ، وَلَوْ اسْتَأْذَنَهَا فِي مُعَيَّنٍ فَرَدَّتْ ثُمَّ زَوَّجَهَا مِنْهُ فَسَكَتَتْ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَّغَهَا فَرَدَّتْ ثُمَّ قَالَتْ: رَضِيت لَمْ يَجُزْ لِبُطْلَانِهِ بِالرَّدِّ، وَلِذَا اسْتَحْسَنُوا التَّجْدِيدَ عِنْدَ الزِّفَافِ لِأَنَّ الْغَالِبَ إظْهَارُ النُّفْرَةِ عِنْدَ فَجْأَةِ السَّمَاعِ وَلَوْ اسْتَأْذَنَهَا فَسَكَتَتْ فَوَكَّلَ مَنْ يُزَوِّجُهَا

ــ

[رد المحتار]

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْإِجَازَةِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي التَّوْكِيلِ: أَيْ الْإِذْنُ قَبْلَ الْعَقْدِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ إنْ زَوَّجَاهَا مَعًا بَعْدَ الِاسْتِئْذَانِ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْذَنَاهَا فَسَكَتَتْ فَزَوَّجَاهَا مُتَعَاقِبًا مِنْ رَجُلَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ السَّابِقُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِجَازَةٌ) عَطْفٌ عَلَى تَوْكِيلٍ، وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي أَيْ فَبِمَا اسْتَأْذَنَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَكُونُ السُّكُوتُ بَعْدَ الْعَقْدِ رِضًا كَمَا بَسَطَهُ فِي الْفَتْحِ، وَقَدَّمْنَا الْخِلَافَ أَيْضًا فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا غَيْرَ كُفْءٍ فَبَلَّغَهَا فَسَكَتَتْ (قَوْلُهُ لَا لَوْ بَطَلَ بِمَوْتِهِ) لِأَنَّ الْإِجَازَةَ شَرْطُهَا قِيَامُ الْعَقْدِ بَحْرٌ (وَقَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهَا) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُكَلَّفَ لَا يَعْقِدُ إلَّا الْعَقْدَ الصَّحِيحَ النَّافِذَ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَهُمْ) لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ غَيْرَ تَامٍّ، ثُمَّ ادَّعَتْ النَّفَاذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا لِمَكَانِ التُّهْمَةِ بَحْرٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا تَرِثُ وَهَلْ تَعْتَدُّ؟ فَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا دِيَانَةً وَإِلَّا فَلَا. نَعَمْ لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ تُمْنَعُ مُؤَاخَذَةً لَهَا بِقَوْلِهَا، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّجَتْ فَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ ثُمَّ ادَّعَتْ الْعِدَّةَ فَقَالَ الزَّوْجُ تَزَوَّجْتُك بَعْدَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الصِّحَّةَ. اهـ.

فَلَعَلَّهُ يُقَالُ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ إقْرَارَهَا السَّابِقَ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي (قَوْلُهُ وَقَوْلُهَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ هَذَا الزَّوْجِ (قَوْلُهُ رُدَّ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ) فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِذْنُ وَعَدَمُهُ فَقَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحَ، فَلَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ وَبَعْدَهُ كَانَ فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ نِكَاحًا إلَّا بَعْدَ الصِّحَّةِ، وَهِيَ بَعْدَ الْإِذْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ فِيهِمَا بَحْرٌ. وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ. وَأَجَابَ عَنْهُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ ثُمَّ وَرَدَ بَعْدَهُ مَا يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ تَقْرِيرًا لَهُ وَكَوْنُهُ رَدًّا تَرَجَّحَ بِوُقُوعِهِ احْتِمَالُ التَّقْرِيرِ، وَإِذَا وَرَدَ قَبْلَهُ مَا يَحْتَمِلُ الْإِذْنَ وَعَدَمَهُ تَرَجَّحَ الرَّدُّ لِعَدَمِ وُقُوعِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ إيقَاعِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِذْنِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَوَّجَهَا لِنَفْسِهِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ زَوَّجَهَا أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ تَزَوَّجَهَا كَابْنِ الْعَمِّ إذَا تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ الْبِكْرَ الْبَالِغَ بِغَيْرِ إذْنِهَا فَبَلَّغَهَا فَسَكَتَتْ لَا يَكُونُ رِضًا لِأَنَّهُ كَانَ أَصِيلًا فِي نَفْسِهِ فُضُولِيًّا فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَتِمَّ الْعَقْدُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَلَا يَعْمَلُ الرِّضَا، وَلَوْ اسْتَأْمَرَهَا فِي التَّزْوِيجِ مِنْ نَفْسِهِ فَسَكَتَتْ، جَازَ إجْمَاعًا بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْفُضُولِيَّ وَلَوْ مِنْ جَانِبٍ إذَا تَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَقْدُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَهُمَا بَلْ يَقَعُ بَاطِلًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاشَرَ الْعَقْدَ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ أَصِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ فُضُولِيٍّ آخَرَ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ اتِّفَاقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ فَسَكَتَتْ) أَمَّا لَوْ قَالَتْ حِينَ بَلَّغَهَا قَدْ كُنْت قُلْت إنِّي لَا أُرِيدُ فُلَانًا وَلَمْ تَزِدْ عَلَى هَذَا لَمْ يَجُزْ النِّكَاحُ لِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ أَنَّهَا عَلَى إبَائِهَا الْأَوَّلِ ذَخِيرَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَلَّغَهَا إلَخْ) لِأَنَّ نَفَاذَ التَّزْوِيجِ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَقَدْ بَطَلَ بِالرَّدِّ وَالرَّدُّ فِي الْأَوَّلِ كَانَ لِلِاسْتِئْذَانِ لَا لِلتَّزَوُّجِ الْعَارِضِ بَعْدَهُ، لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: الْأَوْجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّدَّ الصَّرِيحَ يُضْعِفُ كَوْنَ ذَلِكَ السُّكُوتِ دَلَالَةَ الرِّضَا اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ تَكُونُ عَلِمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِحُسْنِ حَالِهِ، وَقَدْ يَكُونُ رَدُّهَا الْأَوَّلُ حَيَاءً لِمَا عَلِمَتْهُ مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ إظْهَارُ النُّفْرَةِ عِنْدَ فَجْأَةِ السَّمَاعِ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى امْتِنَاعِهَا الْأَوَّلِ لَصَرَّحَتْ بِالرَّدِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَوَّلًا وَلَمْ تَسْتَحِ مِنْهُ

ص: 60

مِمَّنْ سَمَّاهُ جَازَ إنْ عُرِفَ الزَّوْجُ وَالْمَهْرُ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ بِلَا إذْنٍ، فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْجَوَازِ أَوْ أَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ (إنْ عَلِمْت بِالزَّوْجِ) أَنَّهُ مَنْ هُوَ لِتُظْهِرَ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَوْ عَنْهُ، وَلَوْ فِي ضِمْنِ الْعَامِّ كَجِيرَانِي أَوْ بَنِي عَمِّي لَوْ يُحْصَوْنَ وَإِلَّا لَا مَا لَمْ تُفَوِّضْ لَهُ الْأَمْرَ (لَا) الْعِلْمُ (بِالْمَهْرِ) وَقِيلَ يُشْتَرَطُ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَمَا صَحَّحَهُ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْكَافِي رَدَّهُ الْكَمَالُ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ إنْ عُرِفَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرُ الْمَرْأَةِ وَاَلَّذِي فِي الْبَحْرِ: إنْ عَرَفْت (قَوْلُهُ وَالْمَهْرُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الْآتِيَةِ ح (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْبَحْرِ إلَخْ) يُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ النِّكَاحِ فِي أَنَّ قَوْلَهُ: زَوِّجْنِي تَوْكِيلٌ أَوْ إيجَابٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: هَبْ ابْنَتَك لِفُلَانٍ فَقَالَ وَهَبْت لَا يَنْعَقِدُ مَا لَمْ يَقُلْ الْوَكِيلُ بَعْدَهُ قَبِلْت لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَمْلِكُ التَّوْكِيلَ ا. هـ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ فِي النِّكَاحِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي اسْتَثْنَوْهَا مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. وَقَالَ الرَّحْمَتِيُّ هُنَاكَ وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ عَنْ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ: إنَّ مُبَاشَرَةَ وَكِيلِ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ الْوَكِيلِ فِي النِّكَاحِ لَا تَكُونُ كَمُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْبَيْعِ، وَفِي مُخْتَصَرِ عِصَامٍ أَنَّهُ جَعَلَهُ كَالْبَيْعِ فَمُبَاشَرَتُهُ بِحَضْرَتِهِ كَمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ اهـ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْقُنْيَةِ مُفَرَّعًا عَلَى رِوَايَةِ عِصَامٍ لَكِنَّ الْأَصْلَ وَهُوَ الْمَبْسُوطُ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي ضِمْنِ الْعَامّ) وَكَذَا لَوْ سَمَّى لَهَا فُلَانًا أَوْ فُلَانًا فَسَكَتَتْ فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَوْ يُحْصَوْنَ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ وَهُمْ مَحْصُورُونَ مُعَرَّفُونَ لَهَا. اهـ. وَمُقْتَضَاهَا أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَعْرِفْهُمْ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) كَقَوْلِهِ أُزَوِّجُك مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تُفَوِّضْ لَهُ الْأَمْرَ) أَمَّا إذَا قَالَتْ أَنَا رَاضِيَةٌ بِمَا تَفْعَلُهُ أَنْتَ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ أَقْوَامًا يَخْطُبُونَك أَوْ زَوِّجْنِي مِمَّنْ تَخْتَارُهُ وَنَحْوَهُ، فَهُوَ اسْتِئْذَانٌ صَحِيحٌ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَيْسَ لَهُ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ رَدَّتْ نِكَاحَهُ أَوَّلًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا الْعُمُومِ غَيْرُهُ كَالتَّوْكِيلِ بِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُزَوِّجَهُ مُطَلَّقَتَهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ قَدْ شَكَا مِنْهَا لِلْوَكِيلِ وَأَعْلَمَهُ بِطَلَاقِهَا كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَا الْعِلْمِ بِالْمَهْرِ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ رَاعَى الْمَعْنَى فِي عَطْفِهِ الْمَهْرَ عَلَى التَّزَوُّجِ، وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ بِشَرْطِ الْعِلْمِ بِالزَّوْجِ لَا الْمَهْرِ ح (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) أَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ وَإِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ الْأَوْجَهُ، لِأَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ صَحَّحَ الْأَوَّلَ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ لِقَوْلِ الذَّخِيرَةِ إنَّ إشَارَاتِ كُتُبِ مُحَمَّدٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ. اهـ.

قُلْت: وَعَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ تَسْمِيَتِهِ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَهْرَ الْمِثْلِ فَلَا يَكُونُ السُّكُوتُ رِضًا بِدُونِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَبَقِيَ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الِاشْتِرَاطِ. فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ؟ حَتَّى لَوْ نَقَصَ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ إلَّا بِرِضَاهَا صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى.

وَرَأَيْت فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ فَزَوَّجَ الْوَكِيلُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ صَحَّ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، لَكِنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقَّ الِاعْتِرَاضِ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ دَفْعًا لِلْعَارِ عَنْهُمْ اهـ أَيْ إذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ هُوَ الْوَلِيَّ كَمَا فِي حَادِثَتِنَا وَرَضِيَتْ بِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَا صَحَّحَهُ فِي الدُّرَرِ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ أَنَّ الْوَلِيَّ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا فَذِكْرُ الزَّوْجِ يَكْفِي لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ تَزِيدُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الزَّوْجِ وَالْمَهْرِ (قَوْلُهُ عَنْ الْكَافِي) أَيْ نَاقِلًا تَصْحِيحَهُ عَنْ الْكَافِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ رَدَّهُ الْكَمَالُ) بِقَوْلِهِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْصِيلِ لَيْسَ بِشَيْءٍ

ص: 61

(وَكَذَا إذَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ عِنْدَهَا) أَيْ بِحَضْرَتِهَا (فَسَكَتَتْ) صَحَّ (فِي الْأَصَحِّ) إنْ عَلِمَتْهُ كَمَا مَرَّ وَالسُّكُوتُ كَالنُّطْقِ فِي سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً مَذْكُورَةً فِي الْأَشْبَاهِ (فَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْأَقْرَبِ) كَأَجْنَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ بَعِيدٍ (فَلَا) عِبْرَةَ لِسُكُوتِهَا (بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ كَالثَّيِّبِ) الْبَالِغَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي السُّكُوتِ لِأَنَّ رِضَاهُمَا يَكُونُ بِالدَّلَالَةِ

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّ ذَلِكَ فِي تَزْوِيجِهِ الصَّغِيرَةَ بِحُكْمِ الْجَبْرِ، وَالْكَلَامُ فِي الْكَبِيرَةِ الَّتِي وَجَبَتْ مُشَاوَرَتُهُ لَهَا وَالْأَبُ فِي ذَلِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ

(قَوْلُهُ إنْ عَلِمَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَفِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فِي سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً مَذْكُورَةً فِي الْأَشْبَاهِ) أَيْ فِي قَاعِدَةٍ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ. وَذَكَرَ الْمُحَشِّي عِبَارَتَهُ بِتَمَامِهَا وَزَادَ عَلَيْهَا ط عَنْ الْحَمَوِيِّ مَسَائِلَ أُخَرَ سَيَذْكُرُهَا الشَّارِحُ فِي الْفَوَائِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا بَيْنَ كِتَابِ الْوَقْفِ وَكِتَابِ الْبُيُوعِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا كُلِّهَا هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ كَأَجْنَبِيٍّ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ فَشَمِلَ الْأَبَ إذَا كَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا لَكِنَّ رَسُولَ الْوَلِيِّ قَائِمٌ مُقَامَهُ فَيَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا عِنْدَ اسْتِئْذَانِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْوَكِيلُ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيٍّ بَعِيدٍ) كَالْأَخِ مَعَ الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ غَائِبًا غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ لِسُكُوتِهَا) وَعَنْ الْكَرْخِيِّ يَكْفِي سُكُوتُهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ كَالثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ) أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا اسْتِئْذَانَ فِي حَقِّهَا كَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ إلَّا فِي السُّكُوتِ) حَيْثُ يَكُونُ سُكُوتُ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ إذْنًا فِي حَقِّ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ، وَلَا يَكُونُ إذْنًا فِي الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ مُطْلَقًا، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَالثَّيِّبِ تَشْبِيهٌ بِالْبِكْرِ الَّتِي اسْتَأْذَنَهَا غَيْرُ الْأَقْرَبِ، وَهَذِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّيِّبِ الْبَالِغَةِ فِي السُّكُوتِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ رِضَاهُمَا يَكُونُ بِالدَّلَالَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى مَا أَوْرَدَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ، مِنْ أَنَّ رِضَاهُمَا لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْقَوْلِ، فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي اشْتِرَاطِ الِاسْتِئْذَانِ وَالرِّضَا وَفِي أَنَّ رِضَاهُمَا قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا وَقَدْ يَكُونُ دَلَالَةً، غَيْرَ أَنَّ سُكُوتَ الْبِكْرِ رِضًا دَلَالَةً لِحَيَائِهَا دُونَ الثَّيِّبِ، لِأَنَّ حَيَاءَهَا قَدْ قَلَّ بِالْمُمَارَسَةِ فَتَخَلَّصَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ذَلِكَ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ: أَوْ مَا هُوَ مَعْنَاهُ إلَخْ لَكِنْ أَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ إلَّا التَّمْكِينُ فَيَثْبُتُ دَلَالَةً لِأَنَّهُ فَوْقَ الْقَوْلِ: أَيْ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الرِّضَا بِالْقَوْلِ يَثْبُتُ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَدَلُّ عَلَى الرِّضَا وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ قَوْلَ التَّهْنِئَةِ لَيْسَ بِقَوْلٍ بَلْ سُكُوتٍ، زَادَ فِي النَّهْرِ وَلِهَذَا عَدُّوهُ فِي مَسَائِلِ السُّكُوتِ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْفَتْحِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَبُولِ التَّهْنِئَةِ مَا يَكُونُ قَوْلًا بِاللِّسَانِ لَا مُجَرَّدُ السُّكُوتِ. لِأَنَّ مُرَادَهُ إدْخَالُ الْجَمْعِ تَحْتَ الْقَوْلِ، وَلِذَا لَمْ يَسْتَثْنِ إلَّا التَّمْكِينَ. وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ الصَّرِيحِ بِالرِّضَا مِثْلُ قَوْلِهَا رَضِيَتْ وَنَحْوِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ إنَّهُ يَكُونُ إمَّا بِالْقَوْلِ كَنَعَمْ وَرَضِيت وَبَارَكَ اللَّهُ لَنَا وَأَحْسَنْت، أَوْ بِالدَّلَالَةِ كَطَلَبِ الْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ أَيْ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي النَّهْرِ: وَلِهَذَا إلَخْ فَفِيهِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي مَسَائِلِ السُّكُوتِ قَوْلُهُمْ إذَا سَكَتَ الْأَبُ وَلَمْ يَنْفِ الْوَلَدُ مُدَّةَ التَّهْنِئَةِ لَزِمَهُ وَمَعْنَاهُ سَكَتَ عَنْ نَفْيِ الْوَلَدِ لَا عَنْ جَوَابِ التَّهْنِئَةِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ اعْتِرَاضِ الْبَحْرِ بِأَنَّ قَوْلَ الْفَتْحِ إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ أَيْ لَا مِنْ الْقَوْلِ حَقِيقَةً بَلْ هُوَ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ فَلَا يُرَدُّ السُّكُوتُ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ، فَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِثْنَاءِ التَّمْكِينِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَفْعٌ لِمَا أَوْرَدَهُ الزَّيْلَعِيُّ، لِأَنَّ الزَّيْلَعِيَّ يَقُولُ إنَّ الدَّلَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْلِ فِي الْإِلْزَامِ فَافْهَمْ، نَعَمْ الَّذِي يَظْهَرُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ طَلَبَ الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِالْقَوْلِ وَلِذَا عَبَّرَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: مَنْ فَعَلَ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قَبْضَ الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ رِضًا كَمَا مَرَّ مِنْ جَعْلِهِ رِضًا دَلَالَةً فِي حَقِّ الْوَلِيِّ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ الْوَلِيُّ إذَا زَوَّجَ الثَّيِّبَ فَرَضِيَتْ بِقَلْبِهَا وَلَمْ تُظْهِرْ الرِّضَا بِلِسَانِهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَرُدَّ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الرِّضَا بِاللِّسَانِ أَوْ الْفِعْلُ الَّذِي يَدُلُّ

ص: 62

كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ) مِنْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (كَطَلَبِ مَهْرِهَا) وَنَفَقَتِهَا (وَتَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ) وَدُخُولِهِ بِهَا بِرِضَاهَا ظَهِيرِيَّةٌ (وَقَبُولِ التَّهْنِئَةِ) وَالضَّحِكِ سُرُورًا وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ خِدْمَتِهِ أَوْ قَبُولِ هَدِيَّتِهِ

(مَنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ) أَيْ نَطَّةٍ (أَوْ) دُرُورِ (حَيْضٍ أَوْ) حُصُولِ (جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ) أَيْ كِبَرِ بِكْرٌ حَقِيقَةً كَتَفْرِيقٍ بِجَبٍّ، أَوْ عُنَّةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ بَعْدَ خَلْوَةٍ قَبْلَ وَطْءٍ (أَوْ زِنًا) وَهَذِهِ فَقَطْ (بِكْرٌ حُكْمًا) إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَمْ تُحَدَّ بِهِ وَإِلَّا فَثَيِّبٌ كَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ

(قَالَ) الزَّوْجُ لِلْبِكْرِ الْبَالِغَةِ (بَلَغَك النِّكَاحُ فَسَكَتَ

ــ

[رد المحتار]

عَلَى الرِّضَا نَحْوَ التَّمْكِينِ. مِنْ الْوَطْءِ وَطَلَبِ الْمَهْرِ وَقَبُولِ الْمَهْرِ دُونَ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَكَذَا فِي حَقِّ الْغُلَامِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَدُخُولِهِ بِهَا إلَخْ) هَذَا مُكَرَّرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحْرِيفٌ وَالْأَصْلُ وَخَلْوَتِهِ بِهَا، فَإِنَّ الَّذِي فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ خَلَا بِهَا بِرِضَاهَا هَلْ يَكُونُ إجَارَةً لَا رِوَايَةً لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا إجَازَةٌ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الظَّاهِرَةِ أَنَّهُ إجَازَةٌ (قَوْلُهُ وَالضَّحِكِ سُرُورًا) احْتِرَازٌ عَنْ الضَّحِكِ اسْتِهْزَاءً قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَمَّا الضَّحِكُ فَذُكِرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَوَّلًا أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ لَا يَكْفِي وَسَلَّمَ هُنَا أَنَّهُ يَكْفِي وَجَعَلَهُ مِنْ قَبِيلِ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ حُرُوفٌ. اهـ.

قُلْت: وَمَا هُنَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ) كَقَبُولِ الْمَهْرِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ قَبُولُ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خِدْمَتِهِ) أَيْ إنْ كَانَتْ تَخْدُمُهُ مِنْ قَبْلُ فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ أَكَلْت مِنْ طَعَامِهِ أَوْ خِدْمَتِهِ كَمَا كَانَتْ فَلَيْسَ بِرِضًا دَلَالَةٌ

(قَوْلُهُ أَيْ نَطَّةٍ) هِيَ مِنْ فَوْقُ إلَى أَسْفَلَ وَالطَّفْرَةُ عَكْسُهَا (قَوْلُهُ أَيْ كِبَرِ) أَيْ بِلَا تَزْوِيجٍ فِي النَّهْرِ عَنْ الصِّحَاحِ يُقَالُ: عَنَسَتْ الْجَارِيَةُ تَعْنُسُ بِضَمِّ النُّونِ عُنُوسًا وَعِنَاسًا فَهِيَ عَانِسٌ إذَا طَالَ مُكْثُهَا بَعْدَ إدْرَاكِهَا فِي مَنْزِلِ أَهْلِهَا حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ عِدَادِ الْأَبْكَارِ (قَوْلُهُ بِكْرٌ حَقِيقَةً) خَبَرُ مَنْ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْبِكْرُ اسْمٌ لِامْرَأَةٍ لَمْ تُجَامَعْ: بِنِكَاحٍ وَلَا غَيْرِهِ. اهـ. لِأَنَّ مُصِيبَهَا أَوَّلُ مُصِيبٍ لَهَا وَمِنْهُ الْبَاكُورَةُ لِأَوَّلِ الثِّمَارِ وَالْبُكْرَةُ بِضَمِّ الْبَاءِ لِأَوَّلِ النَّهَارِ وَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الزَّائِلَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْعُذْرَةُ أَيْ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْمَحَلِّ لَا الْبَكَارَةُ فَكَانَتْ بِكْرًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَلِذَا تَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَبْكَارِ بَنِي فُلَانٍ وَلَا يَرُدُّ الْجَارِيَةَ لَوْ شُرِيَتْ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ، فَوُجِدَتْ زَائِلَةَ الْعُذْرَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَهُ رَدُّهَا لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْبَكَارَةِ صِفَةُ الْعُذْرَةِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ كَتَفْرِيقٍ بِجَبٍّ) أَيْ كَذَاتِ تَفْرِيقٍ إلَخْ ط، وَهُوَ تَنْظِيرٌ فِي كَوْنِهَا بِكْرًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا لَا تَمْثِيلَ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ هَذِهِ مَا زَالَتْ عُذْرَتُهَا، فَكَيْفَ يُشَبِّهُهَا بِمَنْ زَالَتْ عُذْرَتُهَا (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقٍ) عَطْفٌ عَلَى تَفْرِيقٍ لَا عَلَى جَبٍّ ح.

(قَوْلُهُ بَعْدَ خَلْوَةٍ) يَصْلُحُ ظَرْفًا لِلتَّفْرِيقِ وَالطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ ظَرْفًا لِلْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوَطْءِ فِي الْأَوَّلِ: أَمَّا فِي الْجَبِّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْعُنَّةِ فَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَمْنَعُ التَّفْرِيقَ كَانَ الْأَنْسَبُ تَعَلُّقَهُ بِالْأَخِيرَيْنِ فَقَطْ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: بَعْدَ خَلْوَةٍ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ أَوْ الْمَوْتُ قَبْلَ الْخَلْوَةِ كَانَتْ بِكْرًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا بِالْأَوْلَى وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ وَطْءٍ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْوَطْءِ ثَيِّبٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَهَذِهِ فَقَطْ بِكْرٌ حُكْمًا) أَرَادَ بِالْحُكْمِيِّ مَا لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ بِدَلَالَةِ الْمُقَابَلَةِ، كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ وَلِذَا حَاوَلَ الشَّارِحُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَقَدَّرَ خَبَرًا لِمَنْ وَمُبْتَدَأً لِبِكْرٍ، وَإِلَّا فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي نَفْسِهَا صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْحَقِيقِيَّ حُكْمًا أَيْضًا وَالْحُكْمِيُّ أَعَمُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ حَقِيقِيٍّ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ إطْلَاقِ الْحُكْمِيِّ إرَادَةَ مَا لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ أَوَّلَ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَقُلْ بِكْرٌ حُكْمًا فَقَطْ لِمَا قُلْنَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَلَمْ تُحَدَّ بِهِ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنْ لَمْ يَشْتَهِرْ زِنَاهَا يَكْتَفِي بِسُكُوتِهَا لِأَنَّ النَّاسَ عَرَفُوهَا بِكْرًا، فَيَعِيبُونَهَا بِالنُّطْقِ، فَيَكْتَفِي بِسُكُوتِهَا كَيْ لَا تَتَعَطَّلَ عَلَيْهَا مَصَالِحُهَا، وَقَدْ نَدَبَ الشَّارِعُ إلَى سَتْرِ الزِّنَا فَكَانَتْ بِكْرًا شَرْعًا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَهَرَ زِنَاهَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا تَكَرَّرَ مِنْهَا الزِّنَا وَلَمْ تُحَدَّ أَوْ حُدَّتْ، وَلَمْ يَتَكَرَّرْ أَوْ تَكَرَّرَ وَحُدَّتْ ح (قَوْلُهُ كَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ) أَيْ فَإِنَّهَا ثَيِّبٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا ح (قَوْلُهُ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) عَطْفٌ عَلَى بِشُبْهَةٍ أَيْ وَكَمَوْطُوءَةٍ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَافْهَمْ أَمَّا إذَا لَمْ تُوطَأْ فِيهِ فَهِيَ بِكْرٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا

ص: 63

وَقَالَتْ رَدَدْت) النِّكَاحَ (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا) عَلَى ذَلِكَ (وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا طَوْعًا) فِي الْأَصَحِّ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) بِيَمِينِهَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى سُكُوتِهَا لِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ بِضَمِّ الشَّفَتَيْنِ وَلَوْ بَرَّ هُنَا

ــ

[رد المحتار]

كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ط

(قَوْلُهُ وَقَالَتْ رَدَدْت) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ ط (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ أَيَّهمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ بَحْرٌ وَإِنْ أَقَامَاهَا فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَرْهَنَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا طَوْعًا) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ أَوْ دَخَلَ كُرْهًا وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا دَخَلَ بِهَا طَوْعًا حَيْثُ لَا تُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْ الْوَطْءِ كَالْإِقْرَارِ، وَعَنْ هَذَا صَحَّحَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّدِّ لَمْ تُقْبَلْ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْغَزِّيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ وَقَعَ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ فِي قَبُولِ بَيِّنَتِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ رَدَّتْ النِّكَاحَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ، فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْكُتُبِ أَنَّهَا تُقْبَلُ وَصَحَّحَ فِي الْوَاقِعَاتِ عَدَمَهُ لِتَنَاقُضِهَا فِي الدَّعْوَى وَالصَّحِيحُ الْقَبُولُ لِأَنَّهُ وَإِنْ بَطَلَتْ الدَّعْوَى، فَالْبَيِّنَةُ لَا تَبْطُلُ لِقِيَامِهَا عَلَى تَحْرِيمِ الْفَرْجِ وَالْبُرْهَانُ عَلَيْهِ مَقْبُولٌ بِلَا دَعْوَى قَالَ الْغَزِّيِّ: وَقَدْ أَلَّفَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ عَلِيُّ الْمَقْدِسِيَّ فِيهَا رِسَالَةً اعْتَمَدَ فِيهَا تَصْحِيحَ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا) لِأَنَّهُ يَدَّعِي لُزُومَ الْعَقْدِ وَمِلْكَ الْبُضْعِ وَالْمَرْأَةُ تَدْفَعُهُ، فَكَانَتْ مُنْكِرَةً، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَلِيِّهَا عَلَيْهَا بِالرِّضَا لِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَيْهَا بِثُبُوتِ الْمِلْكِ، وَإِقْرَارُهُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ بُلُوغِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ لَوْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِالرِّضَا لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي إتْمَامِ مَا صَدَرَ مِنْهُ فَهُوَ مُتَّهَمٌ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا بَحْرٌ.

قُلْت: وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ فَأَنْكَرَتْ الرِّضَا فَشَهِدَ عَلَيْهَا أَبُوهَا وَأَخُوهَا لَمْ يَجُزْ اهـ فَتَأَمَّلْ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى النِّكَاحِ الْفَاسِدِ مَا نَصُّهُ: وَإِذَا ادَّعَتْ فَسَادَهُ، وَهُوَ صِحَّتُهُ فَالْقَوْلُ لَهُ وَعَلَى عَكْسِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ، وَالْكُلُّ إنْ دَخَلَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي صِغَرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ.

قُلْت: وَقَدْ عَلَّلَ الْأَخِيرَةَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ بِقَوْلِهِ: لِاخْتِلَافِهِمَا فِي وُجُودِ الْعَقْدِ وَعَلَّلَهَا فِي الذَّخِيرَةِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي حَالَهِ الصِّغَر قَبْلَ إجَازَةِ الْوَلِيِّ لَيْسَ بِنِكَاحٍ مَعْنًى إلَخْ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ لَوْ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ، وَلَوْ فِي أَصْلِ وُجُودِ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْوُجُودِ.

قُلْت: وَعَلَى هَذَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ لِأَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَمَا فِي الْكَافِي مِنْ الثَّانِي وَلَعَلَّ وَجْهَ قَوْلِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَى عَكْسِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إلَخْ كَوْنُهُ مُؤَاخَذًا بِإِقْرَارِهِ فَيَسْرِي عَلَيْهِ وَلِذَا كَانَ لَهَا الْمَهْرُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ قَبِيلِ الِاخْتِلَافِ فِي أَصْلِ وُجُودِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الرَّدَّ صَيَّرَ الْإِيجَابَ بِلَا قَبُولٍ، وَكَذَا الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ) وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعْوَى فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وُجُودِيٌّ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ بَيِّنَتَهُ عَلَى سُكُوتِهَا بَيِّنَةٌ عَلَى النَّفْيِ، وَهِيَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَأَجَابَ: بِأَنَّ السُّكُوتَ وُجُودِيٌّ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمِّ الشَّفَتَيْنِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْكَلَامِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ زَادَ فِي الْبَحْرِ أَوْ هُوَ نَفْيٌ: يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ، فَيُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا تَكَلَّمَ مِمَّا هُوَ رِدَّةٌ فِي مَجْلِسٍ، فَبَرْهَنَ عَلَى عَدَمِ التَّكَلُّمِ فِيهِ تُقْبَلُ، وَكَذَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ كُنَّا عِنْدَهَا وَلَمْ نَسْمَعْهَا تَتَكَلَّمُ ثَبَتَ سُكُوتُهَا كَمَا فِي الْجَوَامِعِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَنْعِ وَالثَّانِي عَلَى التَّسْلِيمِ وَبَحَثَ فِي الْأَوَّلِ فِي السَّعْدِيَّةِ بِمَا فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ، مِنْ أَنَّ السُّكُوتَ تَرْكُ الْكَلَامِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ.

ص: 64

فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى رِضَاهَا أَوْ إجَازَتِهَا (كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا) مَثَلًا زَاعِمًا عَدَمَ بُلُوغِهَا (فَقَالَتْ أَنَا بَالِغَةٌ وَالنِّكَاحُ لَمْ يَصِحَّ وَهِيَ مُرَاهِقَةٌ وَقَالَ الْأَبُ) أَوْ الزَّوْجُ (بَلْ هِيَ صَغِيرَةٌ) فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا إنْ ثَبَتَ أَنَّ سِنَّهَا تِسْعٌ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُرَاهِقُ بُلُوغَهُ وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْبُلُوغِ أَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ قَوْلِ الصَّغِيرَةِ رَدَدْتُ حِينَ بَلَغْت وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهُ لِإِنْكَارِهِ زَوَالَ مِلْكِهِ هَذَا لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ زَمَانِ الْبُلُوغِ وَلَوْ حَالَةَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ لَهَا شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ فَلْيُحْفَظْ

(وَلِلْوَلِيِّ) الْآتِي بَيَانُهُ (إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ بِاللَّازِمِ، وَبَحْثٌ فِي الثَّانِي أَيْضًا بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي أَيْمَانِ الْهِدَايَةِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ. مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ مُطْلَقًا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا اهـ وَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ.

الْحَاصِلُ: أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ الْمَقْصُودِ لَا تُقْبَلُ، سَوَاءٌ كَانَ نَفْيًا صُورَةً أَوْ مَعْنًى وَسَوَاءٌ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ أَوْ لَا اهـ

قُلْت: وَهَذَا فِي غَيْرِ الشُّرُوطِ، فَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَكَذَا فَشَهِدَا أَنَّهُ دَخَلَهَا تُقْبَلُ (قَوْلُهُ فَبَيِّنَتُهَا أَوْلَى) لِإِثْبَاتِ الزِّيَادَةِ أَعْنِي الرَّدَّ فَإِنَّهُ زَائِدٌ عَلَى السُّكُوتِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى رِضَاهَا أَوْ إجَازَتِهَا) أَيْ فَتَرْجَحُ بِبَيِّنَتِهِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْإِثْبَاتِ وَزِيَادَةُ بَيِّنَتِهِ بِإِثْبَاتِ اللُّزُومِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ وَعَزَاهُ فِي النِّهَايَةِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَكَذَا هُوَ فِي غَيْرِ كِتَابٍ مِنْ الْفِقْهِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ أَنَّ بَيِّنَتَهَا أَوْلَى فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَلَعَلَّ وِجْهَةُ أَنَّ السُّكُوتَ لَمَّا كَانَ مِمَّا يَتَحَقَّقُ الْإِجَازَةُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْإِجَازَةِ كَوْنُهَا بِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى السُّكُوتِ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِذَلِكَ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ الشُّهُودُ بِأَنَّهَا قَالَتْ: أَجَزْت أَوْ رَضِيت، وَحَمَلَ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا شَهِدُوا بِأَنَّهَا أَجَازَتْ أَوْ رَضِيَتْ لِاحْتِمَالِ إجَازَتِهَا بِالسُّكُوتِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْبُلُوغِ كَالِاخْتِلَافِ فِي السُّكُوتِ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ مَثَلًا) فَالْمُرَادُ الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا) لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً كَانَ الْمُخْبِرُ بِهِ يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فَيَقْبَلُ خَبَرَهَا لِأَنَّهَا مُنْكِرَةٌ وُقُوعَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّ سِنَّهَا تِسْعٌ) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَاهِقَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمِنَحِ ح (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُرَاهِقُ بُلُوغَهُ) بِأَنْ بَاعَ أَبُوهُ مَا لَهُ فَقَالَ الِابْنُ أَنَا بَالِغٌ وَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَقَالَ الْمُشْتَرِي وَالْأَبُ إنَّهُ صَغِيرٌ فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زَوَالَ مِلْكِهِ وَقَدْ قِيلَ بِخِلَافِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَرْهَنَا إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَقِبَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ أَخَّرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَافْهَمْ. اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ تَصَوُّرَ الْبُرْهَانِ عَلَى الْبُلُوغِ.

قُلْت: وَهُوَ مُمْكِنٌ بِالْحَبَلِ أَوْ الْإِحْبَالِ أَوْ سِنِّ الْبُلُوغِ أَوْ رُؤْيَةِ الدَّمِ أَوْ الْمَنِيِّ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُرَاهِقَةِ وَالْمُرَاهِقِ، فَقَدْ نُقِلَ التَّصْحِيحُ فِيهِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِ الصَّغِيرَةِ) أَيْ الَّتِي زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَمَّا مَنْ زَوَّجَاهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا ط (قَوْلُهُ رُدَّتْ حِينَ بَلَغْت إلَخْ) أَيْ قَالَتْ بَعْدَ مَا بَلَغْت: رَدَدْت النِّكَاحَ وَاخْتَرْت نَفْسِي، حِينَ أَدْرَكْت لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ عَلَيْهَا وَتُرِيدُ بِذَلِكَ إبْطَالَ الثَّابِتِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ فَافْهَمْ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهَا ذَلِكَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَأَنَّهُ سَمَّاهَا صَغِيرَةً بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ زَمَنَ الْعَقْدِ أَيْ الْمُتَحَقِّقِ صِغَرُهَا وَقْتَهُ بِخِلَافِ الْمُرَاهِقَةِ الْمُحْتَمَلِ بُلُوغُهَا وَقْتَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَالَةَ الْبُلُوغِ) بِأَنْ قَالَتْ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الشُّهُودِ: أَدْرَكْت الْآنَ وَفَسَخْت فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ

(قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ الْآتِي بَيَانُهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ إلَخْ، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْوَلِيِّ الَّذِي لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ فَإِنَّهُ يَخُصُّ الْعَصَبَةَ كَمَا مَرَّ وَعَنْ الْوَصِيِّ غَيْرُ الْقَرِيبِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي أَيْضًا (قَوْلُهُ إنْكَاحُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ) قَيَّدَ بِالْإِنْكَاحِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ عَلَيْهِمَا لَا يَصِحُّ إلَّا بِشُهُودٍ

ص: 65

جَبْرًا (وَلَوْ ثَيِّبًا) كَمَعْتُوهٍ وَمَجْنُونٍ شَهْرًا (وَلَزِمَ النِّكَاحُ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) بِنَقْصِ مَهْرِهَا وَزِيَادَةِ مَهْرِهِ (أَوْ) زَوَّجَهَا (بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ) الْمُزَوِّجُ بِنَفْسِهِ بِغَبْنٍ (أَبًا أَوْ جَدًّا) وَكَذَا الْمَوْلَى وَابْنُ الْمَجْنُونَةِ (لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُمَا سُوءُ الِاخْتِيَارِ) مَجَانَةً وَفِسْقًا

ــ

[رد المحتار]

أَوْ بِتَصْدِيقِهِمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ، وَلَوْ قَالَ وَلِلْوَلِيِّ إنْكَاحُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَالرَّقِيقِ لَشَمِلَ الْمَعْتُوهَ وَنَحْوَهُ.

[تَتِمَّةٌ] : لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يُسَلِّمَ الصَّغِيرَةَ قَبْلَ قَبْضِ مَا تُعُورِفَ قَبْضُهُ مِنْ الْمَهْرِ وَلَوْ سَلَّمَهَا الْأَبُ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا أَفَادَهُ ط وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

قُلْت: وَلَيْسَ لَهُ تَسْلِيمُهَا لِلدُّخُولِ بِهَا قَبْلَ إطَاقَةِ الْوَطْءِ وَلَا عِبْرَةَ لِلسِّنِّ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ ثَيِّبًا) صَرَّحَ بِهِ لِخِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِلَّةَ الْإِجْبَارِ عِنْدَهُ الْبَكَارَةُ وَعِنْدَنَا الْعَجْزُ بِعَدَمِ الْعَقْلِ أَوْ نُقْصَانِهِ وَتَوْضِيحُهُ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ كَمَعْتُوهٍ وَمَجْنُونٍ) أَيْ وَلَوْ كَبِيرَيْنِ وَالْمُرَادُ كَشَخْصٍ مَعْتُوهٍ إلَخْ، فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. قَالَ فِي النَّهْرِ: فَلِلْوَلِيِّ إنْكَاحُهُمَا إذَا كَانَ الْجُنُونُ مُطْبَقًا، وَهُوَ شُهِرَ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي بَلَغَ مَجْنُونًا أَوْ مَعْتُوهًا تَبْقَى وِلَايَةُ الْأَبِ كَمَا كَانَتْ فَلَوْ جُنَّ أَوْ عَتِهَ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَعُودُ فِي الْأَصَحِّ. وَفِي الْخَانِيَّةِ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ بِلَا إذْنِهِ فَجُنَّ قَالُوا يَنْبَغِي لِلْأَبِ أَنْ يَقُولَ أَجَزْت النِّكَاحَ عَلَى ابْنِي لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ بَعْدَ الْجُنُونِ.

(قَوْلُهُ وَلَزِمَ النِّكَاحُ) أَيْ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةِ أَحَدٍ وَبِلَا ثُبُوتِ خِيَارٍ فِي تَزْوِيجِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْمَوْلَى وَكَذَا الِابْنُ عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) هُوَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ أَيْ لَا يَتَحَمَّلُونَ الْغَبْنُ فِيهِ احْتِرَازًا عَنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ مَا يَتَغَابَنُونَ فِيهِ أَيْ يَتَحَمَّلُونَهُ. قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَاَلَّذِي يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ مَا دُونَ نِصْفِ الْمَهْرِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا مُوَفَّقُ الدِّينِ، وَقِيلَ مَا دُونَ الْعُشْرِ اهـ فَعَلَى الْأَوَّلِ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ النِّصْفُ فَمَا فَوْقَهُ، وَعَلَى الثَّانِي الْعُشْرُ فَمَا فَوْقَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِنَقْصٍ) الْبَاءُ لِتَصْوِيرِ الْغَبْنِ أَيْ أَنَّ الْغَبْنَ يُتَصَوَّرُ فِي جَانِبِ الصَّغِيرَةِ بِالنَّقْصِ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَفِي جَانِبِ الصَّغِيرِ بِالزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ) بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ أَمَةً أَوْ عَبْدًا، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرُ كُفْءٍ وَلَا يَجُوزُ الْحَطُّ وَلَا الزِّيَادَةُ إلَّا بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ ح عَنْ الْمِنَحِ. وَلَا يَنْبَغِي ذِكْرُ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ أَفَادَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَنَحْوِهِ فِي ط.

قُلْت وَعَنْ هَذَا قَالَ الشَّارِحُ أَوْ زَوَّجَهَا مُضَافًا إلَى ضَمِيرِ الْمُؤَنَّثَةِ مَعَ تَعْمِيمِهِ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بِقَوْلِهِ بِنَقْصِ مَهْرِهَا وَزِيَادَةِ مَهْرِهِ فَلِلَّهِ دَرُّهُ مَا أَمْهَرَهُ فَافْهَمْ لَكِنْ هَذَا كَلَامٌ نَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ الْمُزَوِّجُ بِنَفْسِهِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا بِتَزْوِيجِهَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا ح (قَوْلُهُ بِغَبْنٍ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ أَوْ بِغَيْرِ كُفْءٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُزَوِّجُ بِنَفْسِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَمَا قَالَ فِي الْمِنَحِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا ح (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَوْلَى) أَيْ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ الْمَرْقُوقَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا ثُمَّ بَلَغَا، فَإِنَّ نِكَاحَهُمَا لَازِمٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَثْبُتُ لَهُمَا خِيَارُ الْبُلُوغِ لِكَمَالِ وِلَايَةِ الْمَوْلَى فَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلِأَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يُغْنِي عَنْهُ ط، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي التَّصْوِيرِ. وَأَمَّا تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَ الْإِعْتَاقُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ، فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَثْبُتُ لَهُمَا خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَالْكَلَامُ فِي اللُّزُومِ بِلَا خِيَارٍ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَابْنُ الْمَجْنُونَةِ) وَمِثْلُهَا الْمَجْنُونُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: الْمَجْنُونُ وَالْمَجْنُونَةُ إذَا زَوَّجَهُمَا الِابْنُ ثُمَّ أَفَاقَا لَا خِيَارَ لَهُمَا (قَوْلُهُ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِابْنُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ، فَيَنْبَغِي نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ مُطْلَقًا كَتَصَرُّفِهِ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ رَحْمَتِيٌّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَجَانَةً وَفِسْقًا) نُصِبَ عَلَى التَّمْيِيزِ وَفِي الْمُغْرِبِ الْمَاجِنُ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا يَصْنَعُ وَمَا قِيلَ لَهُ وَمَصْدَرُهُ الْمُجُونُ وَالْمَجَانَةُ اسْمٌ مِنْهُ وَالْفِعْلُ مِنْ بَابِ طَلَبَ. اهـ. .

وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ حَتَّى لَوْ عُرِفَ مِنْ الْأَبِ سُوءُ

ص: 66

(وَإِنْ عُرِفَ لَا) يَصِحُّ النِّكَاحُ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ كَانَ سَكْرَانَ فَزَوَّجَهَا مِنْ فَاسِقٍ، أَوْ شِرِّيرٍ، أَوْ فَقِيرٍ، أَوْ ذِي حِرْفَةٍ دَنِيَّةٍ لِظُهُورِ سُوءِ اخْتِيَارِهِ فَلَا تُعَارِضُهُ شَفَقَتُهُ الْمَظْنُونَةُ بَحْرٌ (وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ الْأَبِ وَأَبِيهِ وَلَوْ الْأُمَّ أَوْ الْقَاضِي

ــ

[رد المحتار]

الِاخْتِيَارِ لِسَفَهِهِ أَوْ لِطَمَعِهِ لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ إجْمَاعًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ عُرِفَ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ) اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِمَا فِي النَّوَازِلِ: لَوْ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ مِمَّنْ يُنْكِرُ أَنَّهُ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ، فَإِذَا هُوَ مُدْمِنٌ لَهُ وَقَالَتْ لَا أَرْضَى بِالنِّكَاحِ أَيْ مَا بَعْدَ مَا كَبِرَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ الْأَبُ بِشُرْبِهِ وَكَانَ غَلَبَةُ أَهْلِ بَيْتِهِ صَالِحِينَ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا زَوَّجَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كُفْءٌ اهـ قَالَ إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ الْأَبُ بِشُرْبِهِ فَالنِّكَاحُ نَافِذٌ مَعَ أَنَّ مَنْ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ الْقَابِلَةَ لِلتَّخَلُّقِ بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ شِرِّيبٌ فَاسِقٌ فَسُوءُ اخْتِيَارِهِ ظَاهِرٌ. ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحَقُّقِ سُوءِ اخْتِيَارِهِ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِهِ فَلَا يَلْزَمُ بُطْلَانُ النِّكَاحِ عَنْهُ تَحَقُّقَ سُوءِ الِاخْتِيَارِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ لِلنَّاسِ كَوْنُهُ مَعْرُوفًا بِمِثْلِ ذَلِكَ. اهـ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَانِعَ هُوَ كَوْنُ الْأَبِ مَشْهُورًا بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِذَلِكَ ثُمَّ زَوَّجَ بِنْتَه مِنْ فَاسِقٍ صَحَّ وَإِنْ تَحَقَّقَ بِذَلِكَ أَنَّهُ سَيِّئُ الِاخْتِيَارِ وَاشْتُهِرَ بِهِ عِنْدَ النَّاسِ، فَلَوْ زَوَّجَ بِنْتًا أُخْرَى مِنْ فَاسِقٍ لَمْ يَصِحَّ الثَّانِي لِأَنَّهُ كَانَ مَشْهُورًا بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ قَبْلَهُ، بِخِلَافِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَانِعِ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ مُجَرَّدَ تَحَقُّقِ سُوءِ الِاخْتِيَارِ بِدُونِ الِاشْتِهَارِ لَزِمَ إحَالَةُ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي قَوْلَهُمْ وَلَزِمَ النِّكَاحُ وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ جَدًّا.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ النَّوَازِلِ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَيَبْطُلُ كَمَا فِي الذَّخِيرَة، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا لَمْ تَرْضَ الْبِنْتُ بَعْدَمَا كَبِرَتْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْقُنْيَةِ: زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ مِنْ رَجُلٍ ظَنَّهُ حُرَّ الْأَصْلِ وَكَانَ مُعْتَقًا فَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ.

وَعُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْكَفَاءَةِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِسَبَبِ الْفِسْقِ أَوْ غَيْرِهِ، حَتَّى لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ فَقِيرٍ أَوْ ذِي حِرْفَةٍ دَنِيَّةٍ وَلَمْ يَكُنْ كُفُؤًا لَهَا لَمْ يَصِحَّ فَقَصَرَ ابْنُ الْهُمَامِ كَلَامَهُمْ عَلَى الْفَاسِقِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْبَيْتِ إذَا بَلَغْت إنَّمَا هُوَ فِي الصَّغِيرَةِ، أَمَّا لَوْ زَوَّجَ الْأَوْلِيَاءُ الْكَبِيرَةَ بِإِذْنِهَا وَلَمْ يَعْلَمُوا عَدَمَ الْكَفَاءَةِ ثُمَّ ظَهَرَ عَدَمُهَا فَلَا خِيَارَ لِأَحَدٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ أَوَّلَ الْبَابِ الْآتِي وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ فَزَوَّجَهَا مِنْ فَاسِقٍ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمَهْرِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَالصَّاحِي يَجُوزُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ السَّكْرَانِ أَنَّهُ لَا يَتَأَمَّلُ إذْ لَيْسَ لَهُ رَأْيٌ كَامِلٌ، فَبَقِيَ النُّقْصَانُ ضَرَرًا مَحْضًا وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الصَّاحِي أَنَّهُ يَتَأَمَّلُ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ: وَكَذَا السَّكْرَانُ لَوْ زُوِّجَ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبِ مَنْ لَيْسَ بِسَكْرَانَ وَلَا عُرِفَ بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ. اهـ.

قُلْت: وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّ السَّكْرَانَ أَوْ الْمَعْرُوفَ بِسُوءِ الِاخْتِيَارِ لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ لِعَدَمِ الضَّرَرِ الْمَحْضِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الصَّاحِي أَنَّهُ يَتَأَمَّلُ أَيْ أَنَّهُ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ بِالْأُبُوَّةِ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَه مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ تَزِيدُ عَلَى هَذَا الضَّرَرِ كَعِلْمِهِ بِحُسْنِ الْعِشْرَةِ مَعَهَا وَقِلَّةِ الْأَذَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا مَقْصُودٌ فِي السَّكْرَانِ وَسَيِّئِ الِاخْتِيَارِ إذَا خَالَفَ لِظُهُورِ عَدَمِ رَأْيِهِ وَسُوءِ اخْتِيَارِهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرَ الْأَبِ وَأَبِيهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَالِابْنِ وَالْمَوْلَى لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ الْأُمَّ أَوْ الْقَاضِيَ) هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ وِلَايَتَهُمَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ وِلَايَةِ الْأَخِ وَالْعَمِّ، فَإِذَا ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي الْحَاجِبِ فَفِي الْمَحْجُوبِ أَوْلَى بَحْرٌ. وَلِقُصُورِ الرَّأْيِ فِي الْأُمِّ وَنُقْصَانِ

ص: 67

أَوْ وَكِيلَ الْأَبِ، لَكِنَّ فِي النَّهْرِ بَحْثًا لَوْ عَيَّنَ لِوَكِيلِهِ الْقَدْرَ صَحَّ.

(لَا يَصِحُّ) النِّكَاحُ (مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَصْلًا) وَمَا فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ صَحَّ وَلَهُمَا فَسْخُهُ

ــ

[رد المحتار]

الشَّفَقَةِ فِي الْقَاضِي ذَخِيرَةٌ لَكِنْ سَنَذْكُرُ فِي مَسْأَلَةِ عَضْلِ الْأَقْرَبِ أَنَّ تَزْوِيجَ الْقَاضِي نِيَابَةً عَنْهُ فَلَيْسَ لَهَا الْخِيَارُ وَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ لَوْ عَيَّنَ لِوَكِيلِهِ الْقَدْرَ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَبْنٌ فَاحِشٌ نَهْرٌ وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ رَجُلًا غَيْرَ كُفْءٍ كَمَا بَحَثَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ.

مَطْلَبٌ مُهِمٌّ: هَلْ لِلْعَصَبَةِ تَزْوِيجُ امْرَأَةٍ صَغِيرَةٍ غَيْرَ كُفْءٍ لَهُ

[تَنْبِيهٌ] : ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّ تَزْوِيجَ الْأَبِ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ جَائِزٌ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْمُحِيطِ الْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ إذَا زَادَ أَوْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ اهـ وَهَذَا خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَكِيلَ الْأَبِ، بَلْ وَكِيلَ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ الْبَالِغَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا فِي الْبَدَائِعِ حَيْثُ ذَكَرَ الْخِلَافَ السَّابِقَ، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ التَّوْكِيلُ بِأَنْ وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا مِقْدَارَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا بِدُونِ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ اهـ وَقَدَّمْنَاهُ أَيْضًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا مُنَافَاةَ فَتَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ) مِثْلُهُ قَوْلُ الْكَنْزِ: وَلَوْ زَوَّجَ طِفْلَهُ غَيْرَ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ صَحَّ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَخَ لَوْ زَوَّجَ أَخَاهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً أَدْنَى مِنْهُ لَا يَصِحُّ وَفِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْكَفَاءَةَ لَا تُعْتَبَرُ لِلزَّوْجِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَيْضًا.

وَقَدَّمْنَا أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ رَاجَعْت كَثِيرًا فَلَمْ أَرَ شَيْئًا صَرِيحًا فِي ذَلِكَ؛ نَعَمْ رَأَيْت فِي الْبَدَائِعِ مِثْلُ مَا فِي الْكَنْزِ حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا إنْكَاحُ الْأَبِ وَالْجَدِّ الصَّغِيرَ الصَّغِيرَةَ فَالْكَفَاءَةُ فِيهِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِصُدُورِهِ مِمَّنْ لَهُ كَمَالُ النَّظَرِ لِكَمَالِ الشَّفَقَةِ، بِخِلَافِ إنْكَاحِ الْأَخِ وَالْعَمِّ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ مَحْضٌ اهـ فَقَوْلُهُ بِخِلَافٍ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي رُجُوعِهِ إلَى كُلٍّ مِنْ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَفَاءَةِ لِلزَّوْجِ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ زَوَّجَ نَفْسَهُ مِنْ امْرَأَةٍ أَدْنَى مِنْهُ لَيْسَ لِعَصَبَاتِهِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَبِخِلَافِ الصَّغِيرَيْنِ إذَا زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَسَنَذْكُرُ فِي أَوَّلِ بَابِ الْكَفَاءَةِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ أَصْلًا أَيْ لَا لَازِمًا وَلَا مَوْقُوفًا عَلَى الرِّضَا بَعْدَ الْبُلُوغِ، قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَعَلَى هَذَا ابْتَنَى الْفَرْعُ الْمَعْرُوفُ: لَوْ زَوَّجَ الْعَمُّ الصَّغِيرَةَ حُرَّةَ الْجَدِّ مِنْ مُعْتَقِ الْجَدِّ فَكَبِرَتْ وَأَجَازَتْ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَقْدًا مَوْقُوفًا إذْ لَا مُجِيزَ لَهُ فَإِنَّ الْعَمَّ وَنَحْوَهُ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُمْ التَّزْوِيجُ بِغَيْرِ الْكُفْءِ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلِذَا ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَةَ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَهْرٍ مُسَمًّى وَمَرَّةٍ بِغَيْرِ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي التَّسْمِيَةِ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ وَلَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ الْأَوَّلُ يَصِحُّ الثَّانِي. اهـ. وَلَيْسَ لِلتَّزْوِيجِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ حِيلَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ (قَوْلُهُ صَحَّ وَلَهُمَا فَسْخُهُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِمَا، وَالْجُمْلَةُ قَصَدَ بِهَا لَفْظَهُمَا مَرْفُوعَةُ الْمَحَلِّ عَلَى أَنَّهَا بَدَلٌ مِنْ مَا أَوْ مَحْكِيَّةٌ بِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ قَائِلًا.

وَقَوْلُهُ: وَهُمْ خَبَرٌ عَنْ مَا، وَعِبَارَةُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فِي مَتْنِهِ: وَصَحَّ إنْكَاحُ الْأَبِ وَالْجَدِّ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَمِنْ غَيْرِ كُفْءٍ لَا غَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: أَيْ لَوْ فَعَلَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ لَا يَكُونُ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ حَقُّ الْفَسْخِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ فَعَلَ غَيْرَهُمَا فَلَهُمَا أَنْ يَفْسَخَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَهْمَ فِي عِبَارَةِ الشَّرْحِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى وَهْمِهِ ابْنُ الْكَمَالِ، وَكَذَا الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي التَّلْوِيحِ فِي بَحْثِ الْعَوَارِضِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ

ص: 68

وَهْمٌ (وَإِنْ كَانَ مِنْ كُفْءٍ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ وَ) لَكِنْ (لَهُمَا) أَيْ لِصَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ وَمُلْحَقٍ بِهِمَا (خِيَارُ الْفَسْخِ) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ (بِالْبُلُوغِ أَوْ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَهُ) لِقُصُورِ الشَّفَقَةِ وَيُغْنِي عَنْهُ خِيَارُ الْعِتْقِ، وَلَوْ بَلَغْت وَهُوَ صَغِيرٌ فَرَّقَ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ

ــ

[رد المحتار]

لَا يُوجَدُ لَهُ رِوَايَةٌ أَصْلًا، وَأَجَابَ الْقُهُسْتَانِيُّ بِأَنَّ صِحَّتَهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ نَقَلَهَا فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَبِغَيْرِ كُفْءٍ نَقَلَهَا فِي الْجَامِعِ عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الرِّوَايَةِ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَا كَانَ قَوْلًا لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَوْلًا ضَعِيفًا مُخَالِفًا لِمَا فِي مَشَاهِيرِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَهُمَا خِيَارُ الْبُلُوغِ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ اللُّزُومِ الْمُتَبَادِرِ مِنْ الصِّحَّةِ ط وَأَطْلَقَ فَشَمِلَ الذِّمِّيِّينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَمَا إذَا زَوَّجَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا فَأَجَازَ الْوَلِيُّ لِأَنَّ الْجَوَازَ ثَبَتَ بِإِجَازَةِ الْوَلِيِّ فَالْتَحَقَ بِنِكَاحٍ بَاشَرَهُ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ وَمُلْحَقٍ بِهِمَا) كَالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ لَهُمَا غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالِابْنِ بِأَنْ كَانَ أَخًا أَوْ عَمًّا مَثَلًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْعَصَبَاتِ: وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَثْبُتُ لَهُمْ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ عَلَى الْبِنْتِ وَالذَّكَرِ فِي حَالِ صِغَرِهِمَا أَوْ كِبَرِهِمَا إذَا جُنَّا مَثَلًا غُلَامٌ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ وَهُوَ رَجُلٌ جَازَ إذَا كَانَ مُطْبَقًا فَإِذَا أَفَاقَ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ زَوَّجَهُ أَخُوهُ فَأَفَاقَ فَلَهُ الْخِيَارُ. اهـ. (قَوْلُهُ بِالْبُلُوغِ) أَيْ إذَا عَلِمَا قَبْلَهُ أَوْ عِنْدَهُ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ الْعِلْمِ بِالنِّكَاحِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِأَنْ بَلَغَا وَلَمْ يَعْلَمَا بِهِ ثُمَّ عَلِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لِقُصُورِ الشَّفَقَةِ) أَيْ وَلِقُصُورِ الرَّأْيِ فِي الْأُمِّ، وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُمَا اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ زَوَّجَهُمَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ.

(قَوْلُهُ وَيُغْنِي عَنْهُ خِيَارُ الْعِتْقِ) اعْلَمْ أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَثْبُتُ لِلذَّكَرِ بَلْ لِلْأُنْثَى فَقَطْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، فَإِذَا زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَهُمَا الْخِيَارُ لِأَنَّهُ كَانَ يَزُولُ مِلْكُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِطَلْقَتَيْنِ فَصَارَ لَا يَزُولُ إلَّا بِثَلَاثٍ، لَكِنْ لَوْ صَغِيرَةً لَا تُخَبَّرُ مَا لَمْ تَبْلُغْ فَإِذَا بَلَغْت خَيَّرَهَا الْقَاضِي خِيَارَ الْعِتْقِ لَا خِيَارَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ ثَبَتَ لَهَا أَيْضًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعَمُّ فَيُنَظِّمُ الثَّانِيَ تَحْتَهُ، وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمَوْلَى وِلَايَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهَا بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَلَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ حُرَّةً ثُمَّ أَعْتَقَهُ ثُمَّ بَلَغَ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارُ بُلُوغٍ وَلَا خِيَارُ عِتْقٍ لِأَنَّ إنْكَاحَ الْمَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ لَا بِطَرِيقِ النَّظَرِ لَهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا زَوَّجَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَهُوَ صَغِيرٌ لِأَنَّهُ بِطَرِيقِ النَّظَرِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعَ عَشَرَ وَنَحْوِهِ فِي جَامِعِ الصَّفَّارِ لِلْإِمَامِ الْأُسْرُوشَنِيِّ؛ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ: لَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوَّلًا ثُمَّ زَوَّجَهَا ثُمَّ بَلَغْت فَإِنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ اهـ: أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ وِلَايَتَهُ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ النَّظَرِ، وَلِأَنَّهَا وِلَايَةُ إعْتَاقٍ وَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ جَمِيعِ الْعَصَبَاتِ فَلَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا فِي وِلَايَةِ الْأَخِ وَالْعَمِّ بَلْ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَهَا قَبْلَ الْإِعْتَاقِ، ثُمَّ بَلَغْت فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خِيَارُ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْمِلْكِ أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ لَا يَثْبُتُ لِلذَّكَرِ الرَّقِيقِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَيَثْبُتُ لِلْأُنْثَى مُطْلَقًا إذَا زَوَّجَهَا حَالَةَ الرِّقِّ، وَأَنَّ خِيَارَ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ إذَا زَوَّجَهُمَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمَا إذَا زَوَّجَهُمَا قَبْلَهُ لَا اسْتِقْلَالًا وَلَا تَبَعًا لِخِيَارِ الْعِتْقِ لِلصَّغِيرَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَقَوْلُهُ وَيُغْنِي عَنْهُ خِيَارُ الْعِتْقِ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ بِحَضْرَةِ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا يُنَصِّبُ الْقَاضِي وَصِيًّا يُخَاصِمُ فَيَحْضُرُهُ وَيَطْلُبُ مِنْهُ حُجَّةً لِلصَّغِيرِ تَبْطُلُ دَعْوَى الْفُرْقَةِ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى رِضَاهَا بِالنِّكَاحِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ تَأْخِيرَهَا طَلَبَ الْفُرْقَةِ وَإِلَّا يُحَلِّفُهَا الْخَصْمُ، فَإِنْ حَلَفَتْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ بِلَا انْتِظَارٍ إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ دَأْبَ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.

ص: 69

(بِشَرْطِ الْقَضَاءِ) لِلْفَسْخِ (فَيَتَوَارَثَانِ فِيهِ) وَيَلْزَمُ كُلُّ الْمَهْرِ ثُمَّ الْفُرْقَةُ إنْ مِنْ قِبَلِهَا فَفَسْخٌ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ طَلَاقٍ وَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ إلَّا فِي الرِّدَّةِ وَإِنْ مِنْ قِبَلِهِ فَطَلَاقٌ

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَصِيَّ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْجَدِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِهِ، ثُمَّ رَأَيْته هُنَا فِي جَامِعِ الصَّفَّارِ قَالَ فِي امْرَأَةِ الصَّبِيِّ لَوْ وَجَدْته مَجْبُوبًا فَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِخُصُومَتِهَا وَلَوْ وَجَدْته عِنِّينًا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ فَالْجَدُّ أَوْ وَصِيُّهُ خَصْمٌ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَصَبَ الْقَاضِي عَنْهُ خَصْمًا إلَخْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ) أَيْ لِأَنَّ فِي أَصْلِهِ ضَعْفًا، فَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَحْضُرْ لِلُزُومِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ نَهْرٌ. قُلْت: وَبِهِ صَرَّحَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي جَامِعِهِ (قَوْلُهُ لِلْفَسْخِ) أَيْ هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ لِفَسْخِ لَا لِثُبُوتِ الِاخْتِيَارِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُزَوِّجُ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ، فَلَهُمَا الْخِيَارُ بِالْبُلُوغِ أَوْ الْعِلْمِ بِهِ فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ لَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَضَاءِ. فَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيَتَوَارَثَانِ فِيهِ أَيْ فِي هَذَا النِّكَاحِ قَبْلَ ثُبُوتِ فَسْخِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ كُلُّ الْمَهْرِ) لِأَنَّ الْمَهْرَ كَمَا يَلْزَمُ جَمِيعُهُ بِالدُّخُولِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، كَذَلِكَ يَلْزَمُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، أَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ وَلَوْ الْخِيَارُ مِنْهُ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِالْخِيَارِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ وَالْعَقْدُ إذَا انْفَسَخَ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ إنْ مِنْ قِبَلِهَا) أَيْ وَلَيْسَتْ بِسَبَبٍ مِنْ الزَّوْجِ كَذَا فِي النَّهْرِ. وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ التَّخْيِيرِ وَالْأَمْرِ بِالْيَدِ، فَإِنَّ الْفُرْقَةَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِهَا لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ بِسَبَبٍ مِنْ الزَّوْجِ كَانَتْ طَلَاقًا ح (قَوْلُهُ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ طَلَاقٍ) فَلَوْ جَدَّدَ الْعَقْدَ بَعْدَهُ مَلَكَ الثَّلَاثِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ) أَيْ لَا يَلْحَقُ الْمُعْتَدَّةَ بَعْدَ الْفَسْخُ فِي الْعِدَّةِ طَلَاقٌ وَلَوْ صَرِيحًا ح. وَإِنَّمَا تَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ إذَا كَانَ الْفَسْخُ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ عَلَى خِلَافِ مَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ، وَقَيَّدَ بَعْدَهُ الْفَسْخُ لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ كُلَّ فِرْقَةٍ بِطَلَاقٍ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا فِي اللِّعَانِ لِأَنَّهُ يُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً اهـ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قُبَيْلَ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الرِّدَّةِ) يَعْنِي أَنَّ الطَّلَاقَ الصَّرِيحَ يَلْحَقُ الْمُرْتَدَّةَ فِي عِدَّتِهَا وَإِنْ كَانَتْ فُرْقَتُهَا فَسْخًا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ بِالرِّدَّةِ غَيْرُ مُتَأَبِّدَةٍ لِارْتِفَاعِهَا بِالْإِسْلَامِ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ مُسْتَتْبِعًا فَائِدَتَهُ مِنْ حُرْمَتِهَا عَلَيْهَا بَعْدَ الثَّلَاثِ حُرْمَةً مُغَيَّاةً بِوَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ كَذَا فِي الْفَتْحِ.

وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي قَصْرُ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِمَا يُوجِبُ حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً كَالتَّقْبِيلِ، وَالْإِرْضَاعِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَةٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ تَصَفُّحِهِ اهـ أَيْ لِتَصْرِيحِهِمْ بِعَدَمِ اللَّحَاقِ فِي عِدَّةِ خِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ، وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَنُقْصَانِ الْمَهْرِ وَالسَّبْيِ، وَالْمُهَاجَرَةِ وَالْإِبَاءِ وَالِارْتِدَادِ.

وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْفَتْحِ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّأْبِيدِ مَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الْفَسْخِ. وَذُكِرَ فِي أَوَّلِ طَلَاقِ الْبَحْرِ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فِي عِدَّةِ الْفَسْخِ إلَّا فِي ارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا وَتَفْرِيقِ الْقَاضِي بِإِبَاءِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْإِسْلَامِ، لَكِنَّ الشَّارِحَ قَبْلَ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ قَالَ تَبَعًا لِلْمِنَحِ لَا يَلْحَقُ الطَّلَاقُ وَعِدَّةُ الرِّدَّةِ مَعَ اللِّحَاقِ، فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْبَحْرِ هُنَا بِعَدَمِ اللِّحَاقِ كَمَا لَا يَخْفَى وَقَدْ نَظَمَتْ ذَلِكَ بِقَوْلِي:

وَيَلْحَقُ الطَّلَاقَ فُرْقَةُ الطَّلَاقِ

أَوْ الْإِبَا أَوْ رِدَّةٌ بِلَا لَحَاقِ

قَالَ ح: وَسَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا أَنَّ الْفُرْقَةَ بِالْإِسْلَامِ لَا يَلْحَقُ الطَّلَاقُ عِدَّتَهَا فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. اهـ. .

قُلْت: مَا ذَكَرَهُ آخِرًا قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إنَّهُ فِي طَلَاقِ أَهْلِ الْحَرْبِ: أَيْ فِيمَا لَوْ هَاجَرَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ وَفِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَإِنْ مِنْ قِبَلِهِ فَطَلَاقٌ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ

ص: 70

إلَّا بِمِلْكٍ أَوْ رِدَّةٍ أَوْ خِيَارِ عِتْقٍ وَلَيْسَ لَنَا فُرْقَةٌ مِنْهُ وَلَا مَهْرٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا اخْتَارَ نَفْسَهُ بِخِيَارِ عِتْقٍ وَشَرَطَ لِلْكُلِّ الْقَضَاءَ إلَّا ثَمَانِيَةً

ــ

[رد المحتار]

يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ التَّبَايُنُ وَالتَّقْبِيلُ، وَالسَّبْيُ وَالْإِسْلَامُ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ وَالرِّدَّةِ وَالْمِلْكِ طَلَاقًا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قِبَلِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَتَرَاهُ وَاسْتِثْنَاؤُهُ الْمِلْكَ وَالرِّدَّةَ وَخِيَارَ الْعِتْقِ لَا يُجْدِي نَفْعًا لِبَقَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأُخَرِ. فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ قِبَلِهَا فَطَلَاقٌ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا طَيَّبَ اللَّهُ تَعَالَى ثَرَاهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْفَسْخِ لِيُفِيدَ أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ، فَلَا تَنْقُصُ عَدَدَهُ لِأَنَّهُ يَصِحُّ مِنْ الْأُنْثَى وَلَا طَلَاقَ إلَيْهَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَعِبَارَتُهُ: ثُمَّ الْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ يَشْتَرِكُ فِي سَبَبِهَا الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ، وَحِينَئِذٍ يُقَالُ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ قِبَلِهَا لَا بِسَبَبٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ قِبَلِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْهَا فَفُسِخَ فَاشْدُدْ يَدَيْك عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أَجْدَى مِنْ تَفَارِيقِ الْعَصَا. اهـ. ح.

قُلْت: لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ إبَاءُ الزَّوْجِ عَنْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا، وَكَذَا اللِّعَانُ فَإِنَّهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ طَلَاقٌ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّ الْإِبَاءَ فَسْخٌ وَلَوْ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ اللِّعَانَ لَمَّا كَانَ ابْتِدَاؤُهُ مِنْهُ صَارَ كَأَنَّهُ مِنْ قِبَلِهِ وَحْدَهُ فَيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ خِيَارِ عِتْقٍ) يَقْتَضِي أَنَّ لِلْعَبْدِ خِيَارَ عِتْقٍ، وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ فَإِنَّا قَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ يَخْتَصُّ بِالْأُنْثَى وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ حَيْثُ يَقُولُ: وَلَا يَثْبُتُ لِغُلَامٍ ح (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَنَا فُرْقَةٌ مِنْهُ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ ح (قَوْلُهُ إلَّا إذَا اخْتَارَ نَفْسَهُ بِخِيَارِ عِتْقٍ) صَوَابُهُ بِخِيَارِ بُلُوغٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْبَحْرِ: وَلَيْسَ لَنَا فُرْقَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ إلَّا هَذِهِ، فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى خِيَارِ الْبُلُوغِ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِيهِ لَا فِي خِيَارِ الْعِتْقِ كَمَا تَعْلَمُهُ بِمُرَاجَعَةٍ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْحَصْرُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا فِي الذَّخِيرَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ النَّفَقَاتِ: حُرٌّ تَزَوَّجَ مُكَاتَبَةً بِإِذْنِ سَيِّدِهَا عَلَى جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْ الْمُكَاتَبَةُ الْجَارِيَةَ، حَتَّى زَوَّجَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ النِّكَاحَانِ، فَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ الْمُكَاتَبَةَ أَوَّلًا ثُمَّ طَلَّقَ الْأَمَةَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأَمَةِ لِأَنَّ بِطَلَاقِ الْمُكَاتَبَةِ تَتَنَصَّفُ الْأَمَةُ وَعَادَ نِصْفُهَا إلَى الزَّوْجِ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ فَيَفْسُدُ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَبْلَ وُرُودِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَعْمَلْ طَلَاقُهَا، وَيَبْطُلُ جَمِيعُ مَهْرِ الْأَمَةِ عَنْ الزَّوْجِ مَعَ أَنَّهَا فُرْقَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ إنَّمَا لَا تُسْقِطُ كُلَّ الْمَهْرِ إذَا كَانَتْ طَلَاقًا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِ الدُّخُولِ وَكَانَتْ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تُوجِبُ سُقُوطَ كُلِّ الصَّدَاقِ كَالصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ. وَأَيْضًا لَوْ اشْتَرَى مَنْكُوحَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَإِنَّهُ يُسْقِطُ كُلَّ الصَّدَاقِ مَعَ أَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهِ لِأَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ حُكْمٌ مُعَلَّقٌ بِالْمِلْكِ، وَكُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ بِحَالٍ عَلَى قَبُولِ الْمُشْتَرِي لَا عَلَى إيجَابِ الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ كُلُّ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ اهـ بِلَفْظِهِ.

وَيُرَدُّ عَلَى صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهَا فُرْقَةٌ هِيَ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ كُلَّ الْمَهْرِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ، فَالْحَقُّ أَنْ لَا يُجْعَلَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَابِطٌ بَلْ يُحْكَمُ فِي كُلِّ فَرْدٍ بِمَا أَفَادَهُ الدَّلِيلُ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ.

قَالَ فِي النَّهْرِ: أَقُولُ: فِي دَعْوَى كَوْنِ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهِ فِيمَا إذَا مَلَكَهَا أَوْ بَعْضَهَا نَظَرٌ. فَفِي الْبَدَائِعِ: الْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بِمِلْكِهِ إيَّاهَا أَوْ شِقْصًا مِنْهَا فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ حَصَلَتْ بِسَبَبٍ لَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ طَلَاقًا فَتُجْعَلُ فَسْخًا اهـ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي مَحَلِّهِ اهـ كَلَامُ النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ إلَّا ثَمَانِيَةً) لِأَنَّهَا تُبْتَنَى عَلَى سَبَبٍ جَلِيٍّ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ: يُبْتَنَى عَلَى سَبَبٍ خَفِيٍّ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ شَيْءٌ لَا يُعْرَفُ بِالْحِسِّ وَأَسْبَابُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَا بِنُقْصَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَخِيَارُ الْبُلُوغِ مَبْنِيٌّ عَلَى قُصُورِ الشَّفَقَةِ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ وَالْإِبَاءُ رُبَّمَا يُوجَدُ وَرُبَّمَا لَا يُوجَدُ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ ح.

ص: 71

وَنَظَمَ صَاحِبُ النَّهْرِ فَقَالَ:

فِرَقُ النِّكَاحِ أَتَتْك جَمْعًا نَافِعًا

فَسْخُ طَلَاقٍ وَهَذَا الدُّرُّ يَحْكِيهَا

تَبَايُنُ الدَّارِ مَعْ نُقْصَانِ مَهْرِ كَذَا

فَسَادُ عَقْدٍ وَفَقْدُ الْكُفْءِ يَنْعِيهَا

تَقْبِيلُ سَبْيٍ وَإِسْلَامُ الْمُحَارِبِ أَوْ

إرْضَاعُ ضَرَّتِهَا قَدْ عُدَّ ذَا فِيهَا

خِيَارُ عِتْقٍ بُلُوغٍ رِدَّةٌ وَكَذَا

مِلْكٌ لِبَعْضٍ وَتِلْكَ الْفَسْخُ يُحْصِيهَا

أَمَّا الطَّلَاقُ فَجَبٌّ عُنَّةٌ وَكَذَا

إيلَاؤُهُ وَلِعَانٌ ذَاكَ يَتْلُوهَا

قَضَاءُ قَاضٍ أَتَى شَرْطُ الْجَمِيعِ خَلَا

مِلْكٍ وَعِتْقٍ وَإِسْلَامٍ أَتَى فِيهَا

تَقْبِيلُ سَبْيٍ مَعَ الْإِيلَاءِ يَا أَمَلِي

تَبَايُنٌ مَعْ فَسَادِ الْعَقْدِ يُدْنِيهَا

رني

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي فِرَقِ النِّكَاحِ

(قَوْلُهُ فِرَقُ النِّكَاحِ) هَذَا الشَّطْرُ الْأَوَّلُ مِنْ بَحْرِ الْكَامِلِ وَمَا عَدَاهُ مِنْ الْبَسِيطِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَقَدْ غَيَّرْته إلَى قَوْلِي إنَّ النِّكَاحَ لَهُ فِي قَوْلِهِمْ فِرَقٌ ح (قَوْلُهُ فَسْخُ الطَّلَاقِ) بَدَلٌ مِنْ " فِرَقٌ " بَدَلٌ مُفَصِّلٌ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ أَتَتْك أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ ط (قَوْلُهُ وَهَذَا الدُّرُّ) اسْمُ الْإِشَارَةِ مُبْتَدَأٌ وَالدُّرُّ بَدَلٌ مِنْهُ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ النَّظْمُ الْمَذْكُورُ شَبَّهَهُ بِالدُّرِّ لِنَفَاسَتِهِ وَجُمْلَةُ يَحْكِيهَا أَيْ يَذْكُرُهَا خَبَرٌ (قَوْلُهُ تَبَايُنُ الدَّارِ) حَقِيقَةً وَحُكْمًا، كَمَا إذَا خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْحَرْبِيَّيْنِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ غَيْرَ مُسْتَأْمَنٍ بِأَنْ خَرَجَ إلَيْنَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ أَسْلَمَ، أَوْ صَارَ ذِمَّةً فِي دَارِنَا بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ مُسْتَأْمَنًا لِتَبَايُنِ الدَّارِ حَقِيقَةً فَقَطْ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ حَرْبِيَّةً ثَمَّةَ لِتَبَايُنِ الدَّارِ حُكْمًا فَقَطْ ح بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ مَعْ نُقْصَانِ مَهْرِ) بِتَسْكِينِ عَيْنِ مَعْ وَهُوَ لُغَةٌ وَكَسْرِ رَاءِ مَهْرِ بِلَا تَنْوِينٍ لِلضَّرُورَةِ يَعْنِي إذَا نُكِحَتْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِهَا وَفَرَّقَ الْوَلِيُّ بَيْنَهُمَا فَهِيَ فَسْخٌ، لَكِنْ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَهَا الْمُسَمَّى كَمَا يَأْتِي ط (قَوْلُهُ كَذَا فَسَادُ عَقْدٍ) كَأَنْ نَكَحَ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ ط أَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ شُهُودٍ (قَوْلُهُ وَفَقْدُ الْكُفْءِ) أَيْ إذَا نَكَحَتْ غَيْرَ الْكُفْءِ فَلِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الْفَسْخِ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ ط وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا الْمُفْتَى بِهَا (قَوْلُهُ يَنْعِيهَا) النَّعْيُ هُوَ الْإِخْبَارُ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ تَكْمِلَةٌ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَنْ نَكَحَتْ غَيْرَ كُفْءٍ فَكَأَنَّهَا مَاتَتْ ط.

(قَوْلُهُ تَقْبِيلُ) بِالرَّفْعِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ لِلضَّرُورَةِ: أَيْ فِعَلُهُ مَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ بِفُرُوعِهَا الْإِنَاثِ وَأُصُولِهَا أَوْ فَعَلَهَا ذَلِكَ بِفُرُوعِهِ الذُّكُورِ وَأُصُولِهِ ط (قَوْلُهُ سَبْيٍ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ وَالْمَرْأَةِ تَبَيَّنَ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ لَا بِالسَّبْيِ وَلَئِنْ كَانَ الْمُرَادُ السَّبْيَ مَعَ التَّبَايُنِ فَالتَّبَايُنُ مُغْنٍ عَنْهُ ح (قَوْلُهُ وَإِسْلَامُ الْمُحَارِبِ) أَيْ لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الْمَحْبُوسَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَانَتْ مِنْهُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ إقَامَةً لِشَرْطِ الْفُرْقَةِ، وَهُوَ مُضِيُّ الْحَيْضِ أَوْ الْأَشْهُرِ مَقَامَ السَّبَبِ، وَهُوَ الْإِبَاءُ لِتَعَذُّرِ الْعَرْضِ بِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ، فَيَصِيرُ مُضِيُّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ تَفْرِيقِ الْقَاضِي وَهَذِهِ الْفُرْقَةُ طَلَاقٌ عِنْدَهُمَا فَسْخٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهَا طَلَاقٌ فِي إسْلَامِهَا لِأَنَّهُ هُوَ الْآبِي حُكْمًا فَسْخٌ فِي إسْلَامِهِ (قَوْلُهُ أَوْ إرْضَاعُ ضَرَّتِهَا) أَيْ إذَا أَرْضَعَتْ الْكَبِيرَةُ ضَرَّتَهَا الصَّغِيرَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلَيْنِ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الرَّضَاعِ لِكَوْنِهِ يَصِيرُ جَامِعًا بَيْنَ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا ط وَالضَّرَّةُ غَيْرُ قَيْدٍ فَإِنَّ مِنْهُ مَا مَثَّلَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَةَ أُمُّ زَوْجِهَا أَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَتَيْهِ الصَّغِيرَتَيْنِ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ خِيَارُ عِتْقٍ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ ح (قَوْلُهُ بُلُوغٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى عِتْقٍ بِإِسْقَاطِ الْعَاطِفِ ط.

(قَوْلُهُ رِدَّةٌ) ط بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى تَبَايُنٍ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ ط وَالْمُرَادُ رِدَّةُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَإِنَّهُمَا لَوْ أَسْلَمَا مَعًا يَبْقَى النِّكَاحُ (قَوْلُهُ مِلْكٌ لِبَعْضٍ) أَفَادَ أَنَّ مِلْكَ الْكُلِّ كَذَلِكَ بِدَلَالَةِ الْأَوْلَى ح (قَوْلُهُ وَتِلْكَ الْفَسْخُ يُحْصِيهَا) أَيْ يَجْمَعُهَا وَيَتَحَقَّقُ فِي كُلٍّ مِنْهَا، وَالْإِشَارَةُ إلَى الِاثْنَا عَشَرَ الْمُتَقَدِّمَةَ وَقَدْ عَلِمْت سُقُوطَ السَّبْيِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ بَدَلُهُ مَا فِي الْبَدَائِعِ: تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ كِتَابِيَّةً يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً فَتَمَجَّسَتْ تَثْبُتُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّةَ لَا تَصْلُحُ لِنِكَاحِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ لَوْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ

ص: 72

(وَبَطَلَ خِيَارُ الْبِكْرِ بِالسُّكُوتِ) لَوْ مُخْتَارَةً (عَالِمَةً بِ) أَصْلِ (النِّكَاحِ) فَلَوْ سَأَلَتْ عَنْ قَدْرِ الْمَهْرِ قَبْلَ الْخَلْوَةِ أَوْ عَنْ الزَّوْجِ أَوْ سَلَّمَتْ عَلَى الشُّهُودِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهَا نَهْرٌ بَحْثًا

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فَكَانَتْ فَسْخًا وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْمَهْرُ دُونَ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا اهـ وَقَدْ غَيَّرْتُ الْبَيْتَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَأَسْقَطْتُ مِنْهُ السَّبْيَ وَزِدْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقُلْت:

إرْضَاعُ إسْلَامٍ حَرْبِيٌّ تَمَجَّسَ

نَصْرَانِيَّةٌ قَبْلَهُ قَدْ عُدَّ ذَا فِيهَا

وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ كَوْنَ إسْلَامِ الْحَرْبِيِّ فَسْخًا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي أَوْ عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَمَّا الطَّلَاقُ إلَخْ) أَيْ أَمَّا الْفُرْقَةُ الَّتِي هِيَ طَلَاقُ فَهِيَ الْفُرْقَةُ بِالْجَبِّ، وَالْعُنَّة. وَالْإِيلَاءِ، وَاللِّعَانِ، وَبَقِيَ خَامِسٌ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ إبَاءُ الزَّوْجِ عَنْ الْإِسْلَامِ: أَيْ لَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ الذِّمِّيِّ وَأَبَى عَنْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ طَلَاقٌ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، فَإِنَّهَا لَوْ أَبَتْ يَبْقَى النِّكَاحُ وَقَدْ غَيَّرْتُ الْبَيْتَ إلَى قَوْلِي:

أَمَّا الطَّلَاقُ فَجَبٌّ عُنَّةٌ

وَإِبَاءُ الزَّوْجِ إيلَاؤُهُ وَاللَّعْنُ يَتْلُوهَا

وَكَذَا إسْلَامُ أَحَدِ الْحَرْبِيَّيْنِ فُرْقَةً بِطَلَاقٍ عَلَى قَوْلِهِمَا لَكِنْ لَمَّا مَشَى عَلَى كَوْنِهِ فَسْخًا لَمْ تَذْكُرْهُ.

[تَتِمَّةٌ] : قَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ كُلَّ فُرْقَةٍ بِطَلَاقٍ يَلْحَقُ الطَّلَاقُ عِدَّتَهَا إلَّا اللِّعَانَ لِأَنَّهُ حُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ (قَوْلُهُ خَلَا مِلْكٍ إلَخْ) أَرَادَ بِالْمِلْكِ مِلْكَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ أَوْ لِبَعْضِهِ وَبِالْعِتْقِ خِيَارَ الْأَمَةِ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا بَعْدَمَا زَوَّجَهَا، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَبِالْإِسْلَامِ إسْلَامُ أَحَدِ الْحَرْبِيَّيْنِ، وَبِالتَّقْبِيلِ فِعْلَ مَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، بَلْ بَعْدَ الْمُتَارَكَةِ أَوْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ فِي الْمُحَرَّمَاتِ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ التَّفْرِيقُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ ذِكْرَ السَّبْيِ لَا مَحَلَّ لَهُ

وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ ثَمَانِيَةٌ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ فَسَيَأْتِي أَنَّ ارْتِدَادَ أَحَدِهِمَا فَسْخٌ فِي الْحَالِ وَقَدْ غَيَّرْتُ الْبَيْتَ الْأَخِيرَ إلَى قَوْلِي:

إيلَاؤُهُ رِدَّةٌ أَيْضًا مُصَاهَرَةٌ

تَبَايُنٌ مَعْ فَسَادِ الْعَقْدِ يُدْنِيهَا

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ خِيَارُ الْبِكْرِ) أَيْ مَنْ بَلَغَتْ وَهِيَ بِكْرٌ (قَوْلُهُ لَوْ مُخْتَارَةً) أَمَّا لَوْ بَلَغَهَا الْخَبَرُ فَأَخَذَهَا الْعُطَاسُ أَوْ السُّعَالُ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهَا قَالَتْ لَا أَرْضَى جَازَ الرَّدُّ إذَا قَالَتْهُ مُتَّصِلًا وَكَذَا إذَا أَخَذَ فَمَهَا فَتَرَكَ فَقَالَتْ لَا أَرْضَى جَازَ الرَّدُّ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ (قَوْلُهُ عَالِمَةً بِأَصْلِ النِّكَاحِ) فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا أَوْ أَنَّهُ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى؛ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ بَلَغْت وَقَالَتْ الْحَمْدُ لِلَّهِ اخْتَرْت نَفْسِي، فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَقُولَ فِي فَوْرِ الْبُلُوغِ اخْتَرْت نَفْسِي وَنَقَضْت النِّكَاحَ فَبَعْدَهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهَا بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى يُوجَدَ التَّمْكِينُ اهـ (قَوْلُهُ فَلَوْ سَأَلْت إلَخْ) لَا مَحَلَّ لِهَذَا التَّفْرِيعِ بَلْ الْمَقَامُ مَقَامُ الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْخِيَارِ بِعِلْمِهَا بِأَصْلِ النِّكَاحِ يَقْتَضِي بُطْلَانَهُ بِالْأُولَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ لَا عَدَمَ بُطْلَانِهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَصْلِ النِّكَاحِ. وَلَوْ فَرَضَ وُجُودَهَا قِبَلَهُ لَمْ يَحْصُلْ نِزَاعٌ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الْخِيَارِ بِهَا مَعَ أَنَّ النِّزَاعَ قَائِمٌ كَمَا تَرَاهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ نَهْرٌ بَحْثًا) أَيْ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ، وَأَصْلُ الْبَحْثِ لِلْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ حَيْثُ قَالَ: وَمَا قِيلَ لَوْ سَأَلَتْ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ أَوْ عَنْ الْمَهْرِ أَوْ سَلَّمَتْ عَلَى الشُّهُودِ بَطَلَ خِيَارُهَا تَعَسُّفٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَغَايَةُ الْأَمْرِ كَوْنُ هَذِهِ الْحَالَةِ كَحَالَةِ

ص: 73

(وَلَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) لِأَنَّهُ كَالشُّفْعَةِ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَهُ تَقُولُ أَطْلُبُ الْحَقَّيْنِ ثُمَّ تَبْدَأُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ دِينِيٌّ وَتَشْهَدُ قَائِلَةً بَلَغْت الْآنَ ضَرُورَةَ إحْيَاءِ

ــ

[رد المحتار]

ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَلَوْ سَأَلْت الْبِكْرُ عَنْ اسْمِ الزَّوْجِ لَا يَنْفُذُ عَلَيْهَا وَكَذَا عَنْ الْمَهْرِ وَكَذَا السَّلَامُ عَلَى الْقَادِمِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَيْفَ وَإِنَّمَا سَأَلَتْ لِغَرَضِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْفَسْخِ اهـ مُلَخَّصًا. وَنَازَعَهُ فِي الْبَحْرِ فِي السَّلَامِ بِأَنَّ خِيَارَ الْبِكْرِ يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ السُّكُوتِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالسَّلَامِ فَوْقَ السُّكُوتِ.

قَالَ فِي النَّهْرِ وَأَقُولُ: مَمْنُوعٌ فَقَدْ نَقَلُوا فِي الشُّفْعَةِ أَنَّ سَلَامَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُبْطِلُهَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «السَّلَامُ قَبْلَ الْكَلَامِ» ، وَلَا شَكَّ أَنَّ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ يَبْطُلُ بِالسُّكُوتِ كَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَلَوْ كَانَ السَّلَامُ فَوْقَهُ لَبَطَلَتْ، وَقَالُوا لَوْ قَالَ مَنْ اشْتَرَاهَا وَبِكَمْ اشْتَرَاهَا لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَعَمْ مَا وَجَّهَ بِهِ فِي الْمَهْرِ إنَّمَا يُتِمُّ إذَا لَمْ يَخْلُ بِهَا أَمَّا إذَا خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً فَالْوُقُوفُ عَلَى كَمِّيَّتِهِ اشْتِغَالٌ بِمَا لَا يُفِيدُ لِوُجُوبِهِ بِهَا فَإِطْلَاقُ عَدَمِ سُقُوطِهِ مِمَّا يَنْبَغِي اهـ كَلَامُ النَّهْرِ وَعَنْ هَذَا الْأَخِيرِ قَالَ الشَّارِحُ قَبْلَ الْخَلْوَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بُطْلَانُ الْخِيَارِ، وَبَحَثَ فِي الْفَتْحِ عَدَمَهُ فِيهَا وَنَازَعَهُ فِي الْبَحْرِ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَامِ فَقَطْ، وَانْتَصَرَ فِي النَّهْرِ لِلْفَتْحِ فِي الْكُلِّ، وَكَذَا الْمُحَقِّقُ الْمَقْدِسِيَّ وَالشُّرُنْبُلالي وَكَأَنَّ أَصْلَ الْحُكْمِ مَذْكُورٌ بِطَرِيقِ التَّخْرِيجِ وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنْ بَعْضِ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ، فَنَازَعَهُمْ فِي الْفَتْحِ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّخْرِيجِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَضَاءِ الْبَحْرِ بَلْ بَلَغَ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ كَمَا ذَكَرَ الْمَقْدِسِيَّ فِي بَابِ نِكَاحِ الْعَبْدِ، لَكِنَّهُ لَا يُتَابِعُ فِيمَا يُخَالِفُ الْمَذْهَبَ، فَلَوْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ مَنْقُولًا عَنْ أَحَدِ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ لَمَا سَاغَ لِهَؤُلَاءِ اتِّبَاعُ بَحْثِهِ الْمُخَالِفِ لِمَنْقُولِ الْمَذْهَبِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ قَوْلٌ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ لَا نَصٌّ مَذْهَبِيٌّ قَوْلُ الْمُحَقِّقِ وَمَا قِيلَ إلَخْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ بُلُوغِهَا أَوْ عِلْمِهَا بِالنِّكَاحِ كَمَا فِي الْفَتْحِ: أَيْ إذَا بَلَغَتْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِالنِّكَاحِ أَوْ عَلِمَتْ بِهِ بَعْدَ بُلُوغِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ فِي حَالِ الْبُلُوغِ أَوْ الْعِلْمِ فَلَوْ سَكَتَتْ وَلَوْ قَلِيلًا بَطَلَ خِيَارُهَا وَلَوْ قَبْلَ تَبَدُّلِ الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَالشُّفْعَةِ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِهَا أَنْ يَطْلُبَهَا الشَّفِيعُ فَوْرَ عِلْمِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ لَحْظَةً أَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَغْوٍ بَطَلَتْ، وَمَا صَحَّحَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِهَا مِنْ أَنَّهَا تَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ ضَعِيفٌ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَتْ مَعَهُ) أَيْ الشُّفْعَةُ مَعَ خِيَارِ الْبُلُوغِ ح (قَوْلُهُ ثُمَّ تَبْدَأُ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ) هَذَا قَوْلٌ وَقِيلَ بِالشُّفْعَةِ وَفِي شُفْعَةِ الْبَزَّازِيَّةِ لَهُ حَقُّ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالشُّفْعَةِ فَقَالَ: طَلَبْتهَا وَاخْتَرْت نَفْسِي يَبْطُلُ الْمُؤَخَّرُ وَيَثْبُتُ الْمُقَدَّمُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ طَلَبْتهمَا، أَوْ أَجَزْتهمَا أَوْ اخْتَرْتهمَا جَمِيعًا نَفْسِي وَالشُّفْعَةُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو جَعْفَرٍ: يُقَدِّمُ خِيَارَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ فِي خِيَارِ الشُّفْعَةِ ضَرْبَ سَعَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَنْ اشْتَرَى وَبِكَمْ اشْتَرَى لَا تَبْطُلُ وَقِيلَ يَقُولُ طَلَبْت الْحَقَّيْنِ اللَّذَيْنِ ثَبَتَا لِي شُفْعَةً وَرُدَّ النِّكَاحُ اهـ وَتَوَقَّفَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي وَجْهِ التَّعْيِينِ، وَاسْتَبْعَدَ الْخِلَافَ فِيهِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ طَلَبْتهمَا نَفْسِي وَالشُّفْعَةَ، وَبَعْضُهُ قَالَ الشُّفْعَةَ وَنَفْسِي فَظَنَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ ذَلِكَ حَتْمٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ طَلَبَ الْحَقَّيْنِ جُمْلَةً هُوَ الْمَانِعُ مِنْ السُّقُوطِ فَحَيْثُ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالْإِجْمَالِ الْمُتَقَدِّمِ لَا يَضُرُّ فِي الْبَيَانِ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، بَلْ لَوْ قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى التَّفْسِيرِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ اهـ مُلَخَّصًا فَتَأَمَّلْ

قُلْت: وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَتَبْدَأُ بِالشُّفْعَةِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ خِيَارَهَا يَمْتَدُّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَتَشْهَدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ أَدْرَكَتْ بِالْحَيْضِ تَخْتَارُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ، وَلَوْ فِي اللَّيْلِ تَخْتَارُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، ثُمَّ تَشْهَدُ فِي الصُّبْحِ وَتَقُولُ رَأَيْت الدَّمَ الْآنَ لِأَنَّهَا لَوْ أَسْنَدَتْ أَفْسَدَتْ وَلَيْسَ هَذَا بِكَذِبٍ مَحْضٍ بَلْ مِنْ قَبِيلِ الْمَعَارِيضِ الْمُسَوِّغَةِ لِإِحْيَاءِ الْحَقِّ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُمْتَدَّ لِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَالضَّرُورَةُ دَاعِيَةٌ إلَى هَذَا لَا إلَى غَيْرِهِ. اهـ.

ص: 74

الْحَقِّ (وَإِنْ جَهِلَتْ بِهِ) لِتَفَرُّغِهَا لِلْعِلْمِ (بِخِلَافِ) خِيَارِ (الْمُعْتَقَةِ) فَإِنَّهُ يَمْتَدُّ لِشُغْلِهَا بِالْمَوْلَى

(وَخِيَارُ الصَّغِيرَةِ وَالثَّيِّبِ إذَا بَلَغَا لَا يَبْطُلُ) بِالسُّكُوتِ (بِلَا صَرِيحِ) رِضًا (أَوْ دَلَالَةٍ) عَلَيْهِ (كَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ) وَدَفْعِ مَهْرٍ (لَا) يَبْطُلُ (بِقِيَامِهَا عَنْ الْمَجْلِسِ) لِأَنَّ وَقْتَهُ لِلْعُمْرِ فَيَبْقَى حَتَّى يُوجَدَ الرِّضَا، وَلَوْ ادَّعَتْ التَّمْكِينَ كُرْهًا صُدِّقَتْ، وَمَفَادُهُ

ــ

[رد المحتار]

وَحَاصِلُهُ: أَنَّهَا تَعْنِي بِقَوْلِهَا بَلَغْت الْآنَ إنِّي الْآنَ بَالِغَةٌ، لِئَلَّا يَكُونَ كَذِبًا صَرِيحًا لِأَنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ إحْيَاءُ الْحَقِّ بِالتَّعْرِيضِ، وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ الْمُتَكَلِّمُ مَا هُوَ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ مِنْ كَلَامِهِ كَانَ أَوْلَى مِنْ الْكَذِبِ الصَّرِيحِ فَافْهَمْ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَإِنْ قَالُوا مَتَى بَلَغْت تَقُولُ كَمَا بَلَغْت نَقَضْته، لَا تَزِيدُ عَلَى هَذَا فَإِنَّهَا لَوْ قَالَتْ بَلَغْت قَبْلَ هَذَا وَنَقَضْته حِينَ بَلَغْت لَا تُصَدَّقُ وَالْإِشْهَادُ لَا يُشْتَرَطُ لِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا. لَكِنْ شَرَطَ لِإِثْبَاتِهِ بَيِّنَةً لِيَسْقُطَ الْيَمِينُ عَنْهَا وَتَحْلِيفُهَا عَلَى اخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا كَتَحْلِيفِ الشَّفِيعِ عَلَى الشُّفْعَةِ فَإِنْ قَالَتْ لِلْقَاضِي: اخْتَرْت نَفْسِي حِينَ بَلَغْت صَدَقَتْ مَعَ الْيَمِينِ وَلَوْ قَالَتْ: بَلَغْت أَمْسِ وَطَلَبْتُ الْفُرْقَةَ لَا يَقُلْ وَتَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ. وَكَذَا الشَّفِيعُ لَوْ قَالَ طَلَبَتْ حِينَ عَلِمْت فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: عَلِمْت أَمْسِ وَطَلَبْت، لَا يُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ. اهـ.

قُلْت: وَتَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ: بَلَغْت الْآنَ وَفَسَخْت تَصْدُقُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ، وَلَوْ قَالَتْ فَسَخْت حِينَ بَلَغْت تَصْدُقُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْيَمِينِ، وَلَوْ قَالَتْ بَلَغْت أَمْسِ وَفَسَخْت، فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إنْشَاءَ الْفَسْخِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، حَيْثُ لَمْ تُسْنِدْهُ إلَى الْمَاضِي فَقَدْ حَكَتْ مَا تَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ خَفِيَ عَلَى صَاحِبِ الْفُصُولَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَهِلَتْ بِهِ) أَيْ بِأَنَّ لَهَا خِيَارَ الْبُلُوغِ أَوْ بِأَنَّهُ لَا يَمْتَدُّ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَهَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّ خِيَارَهَا لَا يَمْتَدُّ إلَى أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ لَهَا خِيَارًا كَمَا فِي النَّتْفِ (قَوْلُهُ لِتَفَرُّغِهَا لِلْعِلْمِ) أَيْ لِأَنَّهَا تَتَفَرَّغُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَالدَّارُ دَارُ الْعِلْمِ فَلَمْ تُعْذَرْ بِالْجَهْلِ بَحْرٌ أَيْ أَنَّهَا يُمْكِنُهَا التَّفَرُّغُ لِلتَّعَلُّمِ لِفَقْدِ مَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تُكَلَّفْ بِهِ قَبْلَ بُلُوغِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ فَإِنَّهُ يَمْتَدُّ) أَيْ يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ وَيَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ فَافْهَمْ، وَكَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْبِكْرِ عَلَى مَا مَرَّ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي النَّهْرِ: أَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ خَالَفَ خِيَارَ الْبُلُوغِ فِي خَمْسَةٍ ثُبُوتِهِ لِلْأُنْثَى فَقَطْ. وَعَدَمِ بُطْلَانِهِ بِالسُّكُوتِ فِي الْمَجْلِسِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَضَاءِ فِيهِ، وَكَوْنِ الْجَاهِلِ عُذْرًا وَفِي بُطْلَانِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ. وَهَذَا الْأَخِيرُ بِخِلَافِ خِيَارِ الثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ عَلَى مَا يَأْتِي اهـ وَأَرَادَ بِالْمُعْتَقَةِ الَّتِي زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا قَبْلَ الْعِتْقِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، فَيَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْعِتْقِ لَا خِيَارُ الْبُلُوغِ لَوْ صَغِيرَةً إلَّا إذَا زَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ، فَيَثْبُتُ لَهَا وَلِلْعَبْدِ الصَّغِيرِ أَيْضًا بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ لَوْ زَوَّجَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَمَا حَرَّرْنَاهُ سَابِقًا

(قَوْلُهُ وَالثَّيِّبِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا فِي الْأَصْلِ أَوْ كَانَتْ بِكْرًا ثُمَّ دَخَلَ بِهَا ثُمَّ بَلَغْت كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ دَلَالَةٍ) عَطْفٌ عَلَى الصَّرِيحِ وَضَمِيرُ عَلَيْهِ لِلرِّضَا ط (قَوْلُهُ وَدَفْعُ مَهْرٍ) حَمَلَهُ فِي الْفَتْحِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ دَفْعُ الْمَهْرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ رِضًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَقَامَ أَوْ فَسَخَ اهـ بَحْرٌ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَبُولِهَا الْمَهْرَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ الْخَلْوَةِ أَفَادَهُ ط وَمِنْ الرِّضَا دَلَالَةٌ فِي جَانِبِهَا تَمْكِينُهُ مِنْ الْوَطْءِ وَطَلَبِ الْوَاجِبِ مِنْ النَّفَقَةِ، بِخِلَافِ الْأَكْلِ مِنْ طَعَامِهِ وَخِدْمَتِهِ نَهْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَتَقَدَّمَ فِي اسْتِئْذَانِ الْبَالِغَةِ تَقْيِيدُ الْخِدْمَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ تَخْدُمُهُ مِنْ قَبْلُ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُهُ هُنَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ وَقْتَهُ الْعُمْرُ إلَخْ) عَلَى هَذَا تَظَافَرَتْ كَلِمَتُهُمْ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، فَمَا نُقِلَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِصَرِيحِ الْإِبْطَالِ، أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا إذَا اشْتَغَلَتْ بِشَيْءٍ آخَرَ مُشْكِلٌ إذْ يَقْتَضِي تَقَيُّدَهُ بِالْمَجْلِسِ فَتْحٌ.

وَالْجَوَابُ: أَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّيْءِ الْآخَرِ عَمَلٌ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَالتَّمْكِينِ وَنَحْوِهِ لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ صَدَّقَتْ) أَيْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُصَدِّقُهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَهَذَا الْفَرْعُ يَدُلُّ عَلَى

ص: 75

أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الْإِكْرَاهِ لَوْ فِي حَبْسِ الْوَالِي فَلْيُحْفَظْ

(الْوَالِي فِي النِّكَاحِ) لَا الْمَالُ (الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ) وَهُوَ مَنْ يَتَّصِلُ بِالْمَيِّتِ حَتَّى الْمُعْتَقَةِ (بِلَا تَوْسِطَةِ أُنْثَى) بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ (عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ وَالْحَجْبِ) فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْمَجْنُونَةِ عَلَى أَبِيهَا

ــ

[رد المحتار]

مَا نَقَلَهُ الْبَزَّازِيُّ وَأَفْتَى بِهِ مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ إذَا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَالِي ح

(قَوْلُهُ لَا الْمَالِ) فَإِنَّهُ الْوَلِيُّ فِيهِ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَالْجَدُّ وَوَصِيُّهُ وَالْقَاضِي وَنَائِبُهُ فَقَطْ ح ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا الْمَالِ عَلَى مَعْنَى فَقَطْ أَيْ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ هُنَا الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ فِي الْمَالِ أَيْضًا كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي أَوْ كَالْأَخِ لَا الْوَلِيُّ فِي الْمَالِ فَقَطْ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ أَنَّ فِيهِ تَدَافُعًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ لِأَنَّ لَهُمَا وِلَايَةً فِي الْمَالِ أَيْضًا (قَوْلُهُ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ) خَرَجَ بِهِ الْعَصَبَةُ بِالْغَيْرِ كَالْبِنْتِ تَصِيرُ عَصَبَةً بِالِابْنِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى أُمِّهَا الْمَجْنُونَةِ وَكَذَا الْعَصَبَةُ مَعَ الْغَيْرِ كَالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ، وَلَا وِلَايَةَ لِلْأُخْتِ عَلَى أُخْتِهَا الْمَجْنُونَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَالْبَحْرِ. وَالْمُرَادُ خُرُوجُهُمَا مِنْ رُتْبَةِ التَّقْدِيمِ وَإِلَّا فَلَهُمَا وِلَايَةٌ فِي الْجُمْلَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ وِلَايَةَ مَنْ ذُكِرَ بِالرَّحِمِ لَا بِالتَّعَصُّبِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي حَالِ عُصُوبَتِهَا كَالْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهَا تُزَوِّجُ أُمَّهَا الْمَجْنُونَةَ بِالرَّحِمِ لَا بِكَوْنِهَا عَصَبَةً مَعَ الِابْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ يَتَّصِلُ بِالْمَيِّتِ) الضَّمِيرُ لِلْعَصَبَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُرَادُ بِهِ الْمَعْهُودُ فِي بَابِ الْإِرْثِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ وَالْحَجْبِ، فَيَكُونُ تَعْرِيفُهُ مَا عَرَّفُوهُ بِهِ فِي بَابِ الْإِرْثِ. فَلَا يُرَدُّ مَا قِيلَ إنَّهُ لَا مَيِّتَ هُنَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ وَهُوَ مَنْ يَتَّصِلُ بِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ فَافْهَمْ. هَذَا وَفِي النَّهْرِ هُوَ مَنْ يَأْخُذُ كُلَّ الْمَالِ إذَا انْفَرَدَ وَالْبَاقِي مَعَ ذِي سَهْمٍ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْرِيفِهِ بِذَكَرٍ يَتَّصِلُ بِلَا وَاسِطَةِ أُنْثَى إذْ الْمُعْتَقَةُ لَهَا وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ عَلَى مُعْتِقِهَا الصَّغِيرِ حَيْثُ لَا أَقْرَبُ مِنْهَا. اهـ. فَعَبَّرَ الشَّارِحُ بِمِنْ بَدَلِ ذَكَرٍ لِإِدْخَالِ الْمُعْتَقَةِ فَيَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ النَّهْرِ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ الرَّحْمَتِيُّ عَصَبَاتُ الْمُعْتَقَةِ فَإِنَّ لَهُمْ وِلَايَةً بَعْدَهَا مَعَ أَنَّهُمْ مُتَّصِلُونَ بِوَاسِطَةِ أُنْثَى. اهـ.

فَالْأَوْلَى تَعْرِيفُ النَّهْرِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَصَبَةَ هُنَا لَا يَأْخُذُ كُلَّ الْمَالِ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ لِمَا قَلَّنَا آنِفًا، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُمْ فِي نَفَقَةِ الْأَرْحَامِ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْوَارِثِ بِقَدْرِ إرْثِهِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْحَيِّ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ مَنْ يُسَمَّى عَصَبَةً لَوْ فَرَضَ الْمَقْصُودُ تَزْوِيجَهُ مَيِّتًا، وَعَلَى كُلٍّ فَتَكَلُّفُ التَّأْوِيلِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَعْنَى غَيْرُ لَازِمٍ، وَالِاعْتِرَاضُ بِمَا لَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ غَيْرُ وَارِدٍ بَلْ رُبَّمَا يُعَابُ عَلَى فَاعِلِهِ كَمَا عِيبَ عَلَى مَنْ أَوْرَدَ عَلَى تَعْرِيفِهِمْ الْمَاءَ الْجَارِيَ بِأَنَّهُ مَا يَذْهَبُ بِتِبْنَةٍ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَى الْحِمَارِ مَثَلًا أَنَّهُ يَذْهَبُ بِهَا (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ لِقَوْلِهِ الْعَصَبَةُ بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِلَا تَوَسُّطِ أُنْثَى يَعْنِي إذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ، أَمَّا مِنْ السَّبَبِ فَقَدْ يَكُونُ كَعَصَبَةِ الْمُعْتَقَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَيَانٌ بِالنِّسْبَةِ لِكَلَامِ الْمَتْنِ أَمَّا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فَهُوَ جَزْءٌ مِنْ التَّعْرِيفِ لِأَنَّهُ أَفَادَ إخْرَاجَ مَنْ يَتَّصِلَ بِالْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أُنْثَى كَالْجَدِّ لِأُمٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَيُقَدَّمُ ابْنُ الْمَجْنُونَةِ عَلَى أَبِيهَا) هَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، حَيْثُ قَدَّمَ الْأَبُ، وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَأْمُرَ الْأَبُ الِابْنَ بِالنِّكَاحِ حَتَّى يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ. اهـ.

وَابْنُ الِابْنِ كَالِابْنِ، ثُمَّ يُقَدَّمُ الْأَبُ، ثُمَّ أَبُوهُ، ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِأَبٍ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ تَقْدِيمَ الْجَدِّ عَلَى الْأَخِ قَوْلُ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يَشْتَرِكَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ كَذَلِكَ ثُمَّ ابْنُهُ كَذَلِكَ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ كَذَلِكَ ثُمَّ ابْنُهُ كَذَلِكَ كُلُّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ إجْبَارُ الصَّغِيرَيْنِ، وَكَذَا الْكَبِيرَيْنِ إذَا جُنَّا ثُمَّ الْمُعْتِقُ وَلَوْ أُنْثَى ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ عَصَبَتُهُ مِنْ النَّسَبِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ

[تَنْبِيهٌ] يُشْتَرَطُ فِي الْمُعْتَقِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ لِيَخْرُجَ مَنْ كَانَتْ أُمُّهَا حُرَّةَ الْأَصْلِ وَأَبُوهَا مُعْتَقٌ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِمُعْتَقِ الْأَبِ عَلَيْهَا، وَلَا يَرِثُهَا فَلَا يَلِي إنْكَاحُهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدُّرَرِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ. فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهَا سِوَى الْأُمِّ وَمُعْتِقِ

ص: 76

لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُ حَجْبَ نُقْصَانٍ (بِشَرْطِ حُرِّيَّةٍ وَتَكْلِيفٍ وَإِسْلَامٍ فِي حَقِّ مُسْلِمَةٍ) تُرِيدُ التَّزَوُّجَ (وَوَلَدِ مُسْلِمٍ) لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ

(وَكَذَا لَا وِلَايَةَ) فِي نِكَاحٍ وَلَا فِي مَالٍ (لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرَةٍ إلَّا) بِالسَّبَبِ الْعَامِّ

ــ

[رد المحتار]

الْأَبِ، فَالْوِلَايَةُ لِلْأُمِّ دُونَهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ هُنَا أَفَادَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُ حَجْبَ نُقْصَانٍ) فِيهِ أَنَّ الْأَبَ لَا يَرِثُ بِالْفَرِيضَةِ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ، وَذَلِكَ مَعَ الِابْنِ وَابْنِهِ وَمَعَ الْبِنْتِ يَرِثُهُ بِالْفَرْضِ، وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ بِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ، وَلَيْسَ مَا يَرِثُهُ بِالتَّعْصِيبِ مُقَدَّرًا حَتَّى يَنْقُصَ مِنْهُ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَصَبَةً مَعَ الِابْنِ تَأْوِيلٌ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ حُرِّيَّةٍ إلَخْ) قُلْت: وَبِشَرْطِ عَدَمِ ظُهُورِ رُكُونِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ سَيِّئِ الِاخْتِيَارِ مَجَانَةً وَفِسْقًا إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ أَوْ الصَّغِيرَةَ بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَكَوْنُهُ غَيْرَ سَكْرَانَ أَيْضًا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ، وَاحْتُرِزَ بِالْحُرِّيَّةِ عَنْ الْعَبْدِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى وَلَدِهِ وَلَوْ مَكَانِيًّا إلَّا عَلَى أَمَتِهِ دُونَ عَبْدِهِ لِنَقْصِهِ بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَبِالتَّكْلِيفِ عَنْ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، فَلَا يُزَوِّجُ فِي حَالِ جُنُونِهِ مُطْبَقًا أَوْ غَيْرَ مُطْبَقٍ، وَيُزَوِّجُ حَالَ إفَاقَتِهِ عَنْ الْمَجْنُونِ بِقِسْمَيْهِ، لَكِنْ إنْ كَانَ مُطْبَقًا تُسْلَبُ وِلَايَتُهُ فَلَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَغَيْرُ الْمُطْبَقِ الْوِلَايَةُ ثَابِتَةٌ لَهُ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ كَالنَّائِمِ، وَمُقْتَضَى النَّظَرِ أَنَّ الْكُفْءَ الْخَاطِبَ إذَا فَاتَ بِانْتِظَارِ إفَاقَتِهِ تَزَوَّجَ مُوَلِّيَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبَقًا وَإِلَّا انْتَظَرَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فَتْحٌ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمُطْبَقُ شَهْرٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَحْرٌ.

مَطْلَبٌ لَا يَصِحُّ تَوْلِيَةُ الصَّغِيرِ شَيْخًا عَلَى خَيْرَاتٍ

[تَنْبِيهٌ] عَلَّلَ الزَّيْلَعِيُّ عَدَمَ الْوِلَايَةِ لِمَنْ ذَكَرَ بِأَنَّهُمْ لَا وِلَايَةَ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ وِلَايَةٌ عَلَى غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ عَلَى الْغَيْرِ فَرْعُ الْوِلَايَةِ عَلَى النَّفْسِ. وَذَكَرَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ عَنْ شَيْخِهِ أَنَّ هَذَا نَصٌّ فِي جَوَابِ حَادِثَةٍ سُئِلَ عَنْهَا هِيَ: أَنَّ الْحَاكِمَ قَرَّرَ طِفْلًا فِي مَشْيَخَةٍ عَلَى خَيْرَاتٍ يَقْبِضُ غَلَّاتِهِمْ وَتَوْزِيعِ الْخُبْزِ عَلَيْهِمْ وَالنَّظَرِ فِي مَصَالِحِهِمْ فَأَجَابَ بِبُطْلَانِ التَّوْلِيَةِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ (قَوْلُهُ فِي حَقِّ مُسْلِمَةٍ) قَيَّدَ فِي قَوْلِهِ وَإِسْلَامٍ (قَوْلُهُ تُرِيدُ التَّزَوُّجَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسْلِمَةِ الْبَالِغَةُ، حَيْثُ أَسْنَدَ التَّزَوُّجَ إلَيْهَا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ، وَوَلَدٍ مُسْلِمٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ لِلْكَافِرِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ الْمُسْلِمَةِ فَافْهَمْ، وَعَلَى مَا قُلْنَا فَإِذَا زَوَّجَتْ الْمُسْلِمَةُ نَفْسَهَا وَكَانَ لَهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ كَافِرٌ، فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ وَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا فَنِكَاحُهَا صَحِيحٌ نَافِذٌ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِذَا سَقَطَتْ وِلَايَةُ الْأَبِ الْكَافِرِ عَلَى وَلَدِهِ الْمُسْلِمِ فَبِالْأَوْلَى سُقُوطُ حَقِّ الِاعْتِرَاضِ عَلَى أُخْتِهِ الْمُسْلِمَةِ أَوْ بِنْتِ أَخِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ رَقِيقٌ أَوْ صَغِيرٌ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهَا لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهَا كَمَا عَلِمْته وَقَدَّمْنَا ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ) تَعْلِيلٌ لِلْمَفْهُومِ يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَلِي عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَوَلَدِهِ الْمُسْلِم لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] ح

(قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْمَفْهُومِ الَّذِي قُلْنَاهُ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِمُسْلِمٍ عَلَى كَافِرَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73](قَوْلُهُ إلَّا بِالسَّبَبِ الْعَامِّ إلَخْ) قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ سَيِّدَ أَمَةٍ كَافِرَةٍ أَوْ سُلْطَانًا قَالَ السُّرُوجِيُّ: لَمْ أَرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا هُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ مَعْزُوًّا إلَى الْمَبْسُوطِ الْوِلَايَةُ بِالسَّبَبِ الْعَامِّ تَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ كَوِلَايَةِ السَّلْطَنَةِ وَالشَّهَادَةِ فَقَدْ ذَكَرَ مَعْنَى ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءِ اهـ بَحْرٌ وَفَتْحٌ وَمَقْدِسِيٌّ. وَذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْضًا بِصِيغَةِ وَيَنْبَغِي وَتَبِعَهُ فِي الدُّرَرِ وَالْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ. فَحَيْثُ عَبَّرُوا كُلُّهُمْ عَنْهُ بِصِيغَةِ يَنْبَغِي كَانَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُتَابِعَهُمْ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ مَنْقُولٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ صَرِيحًا وَقَوْلُ الْمِعْرَاجِ: وَرَأَيْت

ص: 77

(بِأَنْ يَكُونَ) الْمُسْلِمُ (سَيِّدَ أَمَةٍ كَافِرَةٍ أَوْ سُلْطَانًا) أَوْ نَائِبَهُ أَوْ شَاهِدًا (وَلِلْكَافِرِ وِلَايَةٌ عَلَى) كَافِرٍ (مِثْلِهِ) اتِّفَاقًا

(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً فَالْوِلَايَةُ لِلْأُمِّ) ثُمَّ لِأُمِّ الْأَبِ وَفِي الْقُنْيَةِ عَكْسُهُ، ثُمَّ لِلْبِنْتِ، ثُمَّ لِبِنْتِ الِابْنِ، ثُمَّ لِبِنْتِ الْبِنْتِ، ثُمَّ لِبِنْتِ ابْنِ الِابْنِ، ثُمَّ لِبِنْتِ بِنْتِ الْبِنْتِ، وَهَكَذَا، ثُمَّ لِلْجَدِّ الْفَاسِدِ (ثُمَّ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، ثُمَّ لِلْأُخْتِ

ــ

[رد المحتار]

فِي مَوْضِعٍ إلَخْ لَا يَكْفِي فِي النَّقْلِ لِجَهَالَتِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَنَائِبَهُ) أَيْ كَالْقَاضِي، فَلَهُ تَزْوِيجُ الْيَتِيمَةِ الْكَافِرَةِ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهَا وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَنْشُورِهِ نَهْرٌ

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ) أَيْ لَا نَسَبِيَّةٌ وَلَا سَبَبِيَّةٌ كَالْعِتْقِ وَلَوْ أُنْثَى وَعَصَبَاتُهُ كَمَا مَرَّ فَيُقَدَّمَانِ عَلَى الْأُمِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَالْوِلَايَةُ لِلْأُمِّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمَعَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَصَحِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَيْسَ لِغَيْرِ الْعَصَبَاتِ وِلَايَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْحَاكِمِ وَالْأَوَّلُ الِاسْتِحْسَانُ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الثَّانِي غَرِيبٌ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُتُونَ الْمَوْضُوعَةَ لِبَيَانِ الْفَتْوَى مِنْ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ عَكْسُهُ) أَيْ حَيْثُ قَالَ فِيهَا أُمُّ الْأَبِ أَوْلَى فِي التَّرْجِيحِ مِنْ الْأُمِّ قَالَ فِي النَّهْرِ وَحُكِيَ عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَعُمَرَ النَّسَفِيِّ تَقْدِيمَ الْأُخْتِ عَلَى الْأُمِّ لِأَنَّهَا مِنْ قَوْمِ الْأَبِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخَرَّجَ مَا فِي الْقُنْيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ أَيْ فَيَكُونُ مَنْ اعْتَبَرَ تَرْجِيحَ الْجَدَّةِ قَوْمَ الْأَبِ يُرَجَّحُ لِأَبٍ وَالْأُخْتُ عَلَى الْأُمِّ لَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى ذِكْرِ الْأُمِّ عَقِبَ الْعَصَبَاتِ. وَعَلَى تَرْجِيحِهَا عَلَى الْأُخْتِ وَصَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِتَقْدِيمِ الْجَدَّةِ عَلَى الْأُخْتِ فَقَالَ وَأُولَاهُمْ الْأُمُّ، ثُمَّ الْجَدَّةُ، ثُمَّ الْأُخْتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ. وَنَقَلَ ذَلِكَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ عَنْ شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَقَالَ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْجَدَّةَ بِكَوْنِهَا لِأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، غَيْرَ أَنَّ السِّيَاقَ يَقْتَضِي أَنَّهَا الْجَدَّةُ لِأُمٍّ، وَهَلْ تُقَدَّمُ أُمُّ الْأَبِ عَلَيْهَا أَوْ تَتَأَخَّرُ عَنْهَا أَوْ تُزَاحِمُهَا؟ كَلَامُ الْقُنْيَةِ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَسِيَاقُ كَلَامِ الشَّيْخِ قَاسِمٍ يَدُلُّ عَلَى الثَّانِي، وَقَدْ يُقَالُ بِالْمُزَاحَمَةِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ وَقَدْ يُقَالُ قَرَابَةُ الْأَبِ لَهَا حُكْمُ الْعَصَبَةِ فَتُقَدَّمُ أُمُّ الْأَبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ مُلَخَّصًا

قُلْت: وَجَزَمَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِهَذَا الْأَخِيرِ فَقَالَ قَيَّدَ فِي الْقُنْيَةِ بِالْأُمِّ لِأَنَّ الْجَدَّةَ لِأَبٍ أَوْلَى مِنْ الْجَدَّةِ لِأُمٍّ قَوْلًا وَاحِدًا فَتَحْصُلُ بَعْدَ الْأُمِّ أُمُّ الْأَبِ ثُمَّ أُمُّ الْأُمِّ ثُمَّ الْجَدُّ الْفَاسِدُ تَأَمَّلْ اهـ وَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّمْلِيُّ أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ، ثُمَّ هَذَا فِي الْجَدَّةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَهِيَ كَالْجَدِّ الْفَاسِدِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْبِنْتِ) إلَى قَوْلِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ عَقِبَ الْأُمِّ وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْبَحْرِ. وَقَوْلِ الْكَنْزِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَصَبَةً فَالْوِلَايَةُ لِلْأُمِّ، ثُمَّ لِلْأُخْتِ إلَخْ يُخَالِفُهُ، لَكِنْ اعْتَذَرَ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْكَنْزِ بَعْدَ الْأُمِّ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ إلَى آخِرِ الْفُرُوعِ وَإِنْ سَفَلُوا ط (قَوْلُهُ ثُمَّ لِلْجَدِّ الْفَاسِدِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجَدَّ الْفَاسِدَ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْأُخْتِ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْوِلَايَةُ لَهُمَا كَمَا فِي الْمِيرَاثِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقِيَاسُ مَا صَحَّحَ فِي الْجَدِّ وَالْأَخِ مِنْ تَقَدُّمِ الْجَدِّ تَقَدُّمُ الْجَدِّ الْفَاسِدِ عَلَى الْأُخْتِ اهـ فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الْجَدَّ الْفَاسِدَ بَعْدَ الْأُمِّ قَبْلَ الْأُخْتِ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ: أَيْ بَعْدَ الْأُمِّ فِي غَيْرِ الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَإِلَّا فَالْبِنْتُ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ كَمَا عَلِمْت

قُلْت: وَوَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْجَدَّ أَبَ الْأَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ اشْتَرَكَ مَعَ الْأَخِ فِي الْمِيرَاثِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ الْوِلَايَةَ تُبْتَنَيْ عَلَى الشَّفَقَةِ وَشَفَقَةُ الْجَدِّ فَوْقَ شَفَقَةِ الْأَخِ، وَحِينَئِذٍ يُقَاسُ عَلَيْهِ الْجَدُّ الْفَاسِدُ مَعَ الْأُخْتِ فَإِنَّ شَفَقَتَهُ أَقْوَى مِنْهَا. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْجَدَّةَ الْفَاسِدَةَ كَذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ مَنْ أَخَّرَ الْجَدَّ الْفَاسِدَ عَنْ الْأُخْتِ ذَكَرَ مَعَهُ الْجَدَّةَ الْفَاسِدَةَ. وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ حَيْثُ قَالَ: وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْأُمُّ ثُمَّ الْجَدَّةُ الصَّحِيحَةُ. ثُمَّ الْأُخْتُ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ لِأَخٍ، أَوْ الْأُخْتُ لِأُمٍّ وَبَعْدَ هَؤُلَاءِ ذَوُو الْأَرْحَامِ كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ فَاسِدَيْنِ، ثُمَّ وَلَدُ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ. ثُمَّ وَلَدُ أَخٍ لِأُمٍّ. ثُمَّ الْعَمَّةُ، ثُمَّ الْخَالُ، ثُمَّ الْخَالَةُ، ثُمَّ بِنْتُ الْعَمِّ،

ص: 78

لِأَبٍ ثُمَّ لِوَلَدِ الْأُمِّ) الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ، ثُمَّ لِأَوْلَادِهِمْ (ثُمَّ لِذَوِي الْأَرْحَامِ) الْعَمَّاتِ، ثُمَّ الْأَخْوَالِ، ثُمَّ الْخَالَاتِ، ثُمَّ بَنَاتِ الْأَعْمَامِ. وَبِهَذَا التَّرْتِيبِ أَوْلَادُهُمْ شُمُنِّيٌّ ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ (ثُمَّ لِلسُّلْطَانِ ثُمَّ لِقَاضٍ نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ) ثُمَّ لِنُوَّابِهِ إنْ فَوَّضَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَا

(وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ) مِنْ حَيْثُ هُوَ وَصِيٌّ (أَنْ يُزَوِّجَ) الْيَتِيمَ (مُطْلَقًا) وَإِنْ أَوْصَى إلَيْهِ الْأَبُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ.

ــ

[رد المحتار]

وَهَكَذَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. اهـ. (قَوْلُهُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ) لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُهُمَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُمَا فِي رُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمُقْتَضَى تَقْدِيمِ الْأَخْوَالِ عَلَى الْخَالَاتِ كَمَا يَأْتِي أَنْ يُقَدِّمَ الذَّكَرَ هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ لِأَوْلَادِهِمْ) أَيْ أَوْلَادِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَمَا عَلِمْته مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا التَّرْتِيبِ أَوْلَادُهُمْ) فَيُقَدَّمُ أَوْلَادُ الْعَمَّاتِ، ثُمَّ أَوْلَادُ الْأَخْوَالِ ثُمَّ أَوْلَادُ الْخَالَاتِ، ثُمَّ أَوْلَادُ بَنَاتِ الْأَعْمَامِ ط (قَوْلُهُ ثُمَّ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ) هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ أَبُو الصَّغِيرَةِ وَوَالَاهُ لِأَنَّهُ يَرِثُ فَتَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ فَتْحٌ أَيْ إذَا كَانَ الْأَبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ وَوَالَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَنَى يَعْقِلُ عَنْهُ، وَإِنْ مَاتَ يَرِثُهُ وَقَدْ تَكُونُ الْمُوَالَاةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَشَمِلَ الْمَوْلَى الْأُنْثَى كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى (قَوْلُهُ ثُمَّ أَفَاضَ) نَقَلَ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ النَّظْمِ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأُمِّ.

قُلْت: وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُتُونِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ) أَيْ عَلَى تَزْوِيجِ الصِّغَارِ وَالْمَنْشُورُ مَا كَتَبَ فِيهِ السُّلْطَانُ، إنِّي جَعَلْت فُلَانًا قَاضِيًا بِبَلْدَةِ كَذَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَنْشُرُهُ وَقْتَ قِرَاءَتِهِ عَلَى النَّاسِ قُهُسْتَانِيٌّ وَسَنَذْكُرُ فِي مَسْأَلَةِ عَضْلِ الْأَقْرَبِ أَنَّهُ تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ فِيهَا لِلْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَنْشُورِهِ أَيْ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوِلَايَةِ لَهُ فِيهَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ الْفَاضِلِ دَفْعًا لِظُلْمِهِ، فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا ثَبَتَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ لَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ فَوَّضَ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّضْ لِلْقَاضِي التَّزْوِيجَ فَلَيْسَ لِنَائِبِهِ ذَلِكَ لِمَا فِي الْمُجْتَبَى، ثُمَّ لِلْقَاضِي وَنُوَّابِهِ إذَا شَرَطَ فِي عُهْدَةِ تَزْوِيجِ الصِّغَارِ وَالصَّغَائِرِ وَإِلَّا فَلَا اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْقَاضِي دُونَ نُوَّابِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِيهِمَا، فَإِذَا كَتَبَ فِي مَنْشُورِ قَاضِي الْقُضَاةِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَهْدِ نَائِبِهِ مِنْهُ مَلَكَهُ النَّائِبُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَنْقُولًا صَرِيحًا اهـ.

وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا كَانَ مَأْذُونًا بِالتَّزْوِيجِ، فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ لِنَائِبِهِ أَمْ لَا بُدَّ أَنْ يَنُصَّ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ عَلَى الْإِذْنِ؟ وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى مُحْتَمِلَةٌ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهَا الْأَوَّلُ، وَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ مَا فِي الْمُجْتَبَى لَا يُفِيدُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَفْوِيضِ الْأَصِيلِ لِلنَّائِبِ كَمَا تَوَهَّمَهُ فِي الْبَحْرِ رَدَّهُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ لَا يُفِيدُ مَعَ إطْلَاقِهِ فِي نُوَّابِهِ وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ لَهُمْ مَالهُ وِلَايَتُهُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا التَّزْوِيجُ صَارَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ مَا فَوَّضَ إلَيْهِمْ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُمْ نُوَّابُ السُّلْطَانِ حَيْثُ أَذِنَ لَهُ بِالِاسْتِنَابَةِ عَنْهُ فِيمَا فَرَضَهُ إلَيْهِ اهـ فَافْهَمْ.

قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ الظَّاهِرُ أَنَّ النَّائِبَ الَّذِي لَمْ يَنُصَّ لَهُ الْقَاضِي عَلَى تَزْوِيجِ الصَّغَائِرِ لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فَوَّضَ إلَيْهِ الْحُكْمَ بَيْنَ النَّاسِ فَهَذَا مَخْصُوصٌ بِالرَّافِعَاتِ، فَلَا يَتَعَدَّى إلَى التَّزْوِيجِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ اسْتَنَبْتُكَ فِي الْحُكْمِ أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ اسْتَنَبْتُكَ فِي جَمِيعِ مَا فَوَّضَ إلَيَّ السُّلْطَانُ فَيَمْلِكُهُ حَيْثُ عَمَّمَ لَهُ. اهـ. ثُمَّ اسْتَظْهَرَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّهُ إذَا مَلَكَ التَّزْوِيجَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ بِهِ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ عَنْ الْقَاضِي، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا بِإِذْنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ) أَيْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ بَحْرٌ، وَالْيَتِيمُ بِوَزْنِ فَعِيلٍ يَشْمَلُهُمَا (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَصِيٌّ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ لَوْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ حَاكِمًا يَمْلِكُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كَافِي الْحَاكِمِ مُطْلَقًا، حَيْثُ قَالَ وَالْوَصِيُّ لَيْسَ بِوَلِيٍّ وَزَادَ فِي الذَّخِيرَةِ، سَوَاءٌ أَوْصَى إلَيْهِ الْأَبُ بِالنِّكَاحِ

ص: 79