الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْبَحْرِ: كَتَبَ لِامْرَأَتِهِ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَغَيْرَ فُلَانَةَ طَالِقٌ ثُمَّ مَحَا اسْمَ الْأَخِيرَةِ وَبَعَثَهُ لَمْ تَطْلُقْ، هَذِهِ حِيلَةٌ عَجِيبَةٌ وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ اسْتَثْنَى بِالْكِتَابَةِ.
بَابُ الصَّرِيحِ (صَرِيحُهُ مَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا فِيهِ) وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ (كَطَلَّقْتُك وَأَنْتِ طَالِقٌ وَمُطَلَّقَةٌ)
ــ
[رد المحتار]
آخَرَ كِتَابًا بِطَلَاقِهَا وَقَرَأَهُ عَلَى الزَّوْجِ فَأَخَذَهُ الزَّوْجُ وَخَتَمَهُ وَعَنْوَنَهُ وَبَعَثَ بِهِ إلَيْهَا فَأَتَاهَا وَقَعَ إنْ أَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّهُ كِتَابَةٌ أَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ: ابْعَثْ بِهِ إلَيْهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: اُكْتُبْ نُسْخَةً وَابْعَثْ بِهَا إلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ كِتَابُهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَكِنَّهُ وَصَفَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ لَا تَطْلُقُ قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً، وَكَذَا كُلُّ كِتَابٍ لَمْ يَكْتُبْهُ بِخَطِّهِ وَلَمْ يُمْلِهِ بِنَفْسِهِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ كِتَابُهُ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ كَتَبَ لِامْرَأَتِهِ) إلَخْ، صُورَتُهُ: لَهُ امْرَأَةٌ تُدْعَى زَيْنَبَ ثُمَّ تَزَوَّجَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى امْرَأَةً تُدْعَى عَائِشَةَ فَبَلَغَ زَيْنَبَ فَخَافَ مِنْهَا، فَكَتَبَ إلَيْهَا كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَك وَغَيْرَ عَائِشَةَ طَالِقٌ، ثُمَّ مَحَا قَوْلَهُ وَغَيْرَ عَائِشَةَ. اهـ. ح. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَ عَلَى كِتَابَةِ مَا مَحَاهُ لِئَلَّا يَظْهَرَ الْحَالُ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِطَلَاقِ عَائِشَةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ عَجِيبَةٌ) وَجْهُ الْعَجَبِ نَفْعُ الْكِتَابَةِ بَعْدَ مَحْوِهَا ط (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ مَا لَوْ اسْتَثْنَى بِالْكِتَابَةِ) أَيْ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ قَوْلِهِ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا. اهـ. ح. وَفِي الْهِنْدِيَّةِ: وَإِذَا كَتَبَ الطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى بِلِسَانِهِ أَوْ طَلَّقَ بِلِسَانِهِ وَاسْتَثْنَى بِالْكِتَابَةِ هَلْ يَصِحُّ؟ لَا رِوَايَةَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ ط، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ. بَابُ الصَّرِيحِ لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ الطَّلَاقِ نَفْسِهِ وَأَقْسَامِهِ الْأَوَّلِيَّةِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ وَبَعْضِ أَحْكَامِ تِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ ذَكَرَ أَحْكَامَ بَعْضِ جُزْئِيَّاتِهَا مُضَافَةً إلَى الْمَرْأَةِ أَوْ إلَى بَعْضِهَا وَمَا هُوَ صَرِيحٌ مِنْهَا أَوْ كِنَايَةٌ، فَصَارَ كَتَفْصِيلٍ يَعْقُبُ إجْمَالًا.
[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]
(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُسْتَعْمَلْ إلَّا فِيهِ) أَيْ غَالِبًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَحْرِ. وَعَرَّفَهُ فِي التَّحْرِيرِ بِمَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ الشَّرْعِيُّ بِلَا نِيَّةٍ، وَأَرَادَ بِمَا اللَّفْظَ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ الْمُسْتَبِينَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ الْمَفْهُومَةِ فَلَا يَقَعُ بِإِلْقَاءِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ إلَيْهَا أَوْ بِأَمْرِهَا بِحَلْقِ شَعْرِهَا وَإِنْ اعْتَقَدَ الْإِلْقَاءَ وَالْحَلْقَ طَلَاقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّ رُكْنَ الطَّلَاقِ اللَّفْظُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّا ذُكِرَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ) فَمَا لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهَا إلَّا فِي الطَّلَاقِ فَهُوَ صَرِيحٌ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِيهَا اسْتِعْمَالَ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ كِنَايَاتِ الْعَرَبِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ بَحْرٌ. وَفِي حَاشِيَةٍ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ ذَكَرَ كَلَامًا بِالْفَارِسِيَّةِ مَعْنَاهُ إنْ فَعَلَ كَذَا تَجْرِي كَلِمَةُ الشَّرْعِ بَيْنِي وَبَيْنَك يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْيَمِينُ عَلَى الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ فِيهِ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي [نُورِ الْعَيْنِ] الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْيَمِينُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ أَلْفَاظِ الْكُفْرِ: إنَّهُ قَدْ اشْتَهَرَ فِي رَسَاتِيقِ شروان أَنَّ مَنْ قَالَ جَعَلْت كُلَّمَا أَوْ عَلَيَّ كُلَّمَا أَنَّهُ طَلَاقٌ ثَلَاثٌ مُعَلَّقٌ، وَهَذَا بَاطِلٌ وَمِنْ هَذَيَانَاتِ الْعَوَامّ اهـ فَتَأَمَّلْ.
بِالتَّشْدِيدِ قَيَّدَ بِخِطَابِهَا، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ لَا تَخْرُجِي إلَّا بِإِذْنِي فَإِنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ فَخَرَجَتْ لَمْ يَقَعْ لِتَرْكِهِ الْإِضَافَةَ إلَيْهَا (وَيَقَعُ بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَمَا بِمَعْنَاهَا مِنْ الصَّرِيحِ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ " سن بوش " يَقَعُ بِهِ الرَّجْعِيُّ [تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ التَّطْلِيقِ بِلُغَةِ التُّرْكِ هَلْ هُوَ رَجْعِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْقَصْدِ أَوْ بَائِنٌ بِاعْتِبَارِ مَدْلُولِ " سن بوش " أَوْ " بوش أَوَّلَ " لِأَنَّ مَعْنَاهُ خَالِيَةٌ أَوْ خَلِيَّةٌ فَيَنْظُرُ. اهـ. قُلْت: وَأَفْتَى الرَّحِيمِيُّ تِلْمِيذُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ بِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ وَقَالَ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ. وَنَقَلَ مِثْلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا التُّرْكُمَانِيُّ عَنْ فَتَاوَى عَلِيِّ أَفَنْدِي مُفْتِي دَارِ السَّلْطَنَةِ وَعَنْ الْحَامِدِيَّةِ (قَوْلُهُ بِالتَّشْدِيدِ) أَيْ تَشْدِيدِ اللَّامِ فِي مُطَلَّقَةٍ، أَمَّا بِالتَّخْفِيفِ فَيُلْحَقُ بِالْكِنَايَةِ بَحْرٌ وَسَيَذْكُرُهُ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ لِتَرْكِهِ الْإِضَافَةَ) أَيْ الْمَعْنَوِيَّةَ فَإِنَّهَا الشَّرْطُ وَالْخِطَابُ مِنْ الْإِضَافَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ، وَكَذَا الْإِشَارَةُ نَحْوُ هَذِهِ طَالِقٌ، وَكَذَا نَحْوُ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَزَيْنَبُ طَالِقٌ. اهـ. أَقُولُ: وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ قَالَ لَهَا: لَا تَخْرُجِي مِنْ الدَّارِ إلَّا بِإِذْنِي فَإِنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ فَخَرَجَتْ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ حَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا، وَيَحْتَمِلُ الْحَلِفَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لَهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي هَذَا الْأَخْذِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْحَلِفَ بِطَلَاقِهَا يَقَعُ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَوْلَ لَهُ فِي صَرْفِهِ إلَى طَلَاقِ غَيْرِهَا، وَالْمَفْهُومُ مِنْ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَصْلًا لِفَقْدِ شَرْطِ الْإِضَافَةِ، مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ طَلَاقَهَا تَكُونُ الْإِضَافَةُ مَوْجُودَةً وَيَكُونُ الْمَعْنَى فَإِنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ مِنْك أَوْ بِطَلَاقِك، وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الْإِضَافَةِ صَرِيحَةً فِي كَلَامِهِ؛ لِمَا فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ: طَالِقٌ فَقِيلَ لَهُ مَنْ عَنَيْت؟ فَقَالَ امْرَأَتِي طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ. اهـ. عَلَى أَنَّهُ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ عَازِيًا إلَى الْبُرْهَانِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ: رَجُلٌ دَعَتْهُ جَمَاعَةٌ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ فَقَالَ: إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَشْرَبُ وَكَانَ كَاذِبًا فِيهِ ثُمَّ شَرِبَ طَلُقَتْ. وَقَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ: لَا تَطْلُقُ دِيَانَةً اهـ وَمَا فِي التُّحْفَةِ لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ طَلُقَتْ قَضَاءً فَقَطْ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا لَا يَقَعُ دِيَانَةً بِخِلَافِ الْهَازِلِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى الْمَرْأَةِ صَرِيحًا، نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُلْ إنِّي أَرَدْت الْحَلِفَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ: امْرَأَةٌ طَالِقٌ أَوْ قَالَ طَلَّقْت امْرَأَةً ثَلَاثًا وَقَالَ لَمْ أَعْنِ امْرَأَتِي يُصَدَّقُ اهـ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ لَهُ امْرَأَةٌ إنَّمَا يَحْلِفُ بِطَلَاقِهَا لَا بِطَلَاقِ غَيْرِهَا، فَقَوْلُهُ إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا مَا لَمْ يُرِدْ غَيْرَهَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ ذَكَرَ اسْمَهَا أَوْ اسْمَ أَبِيهَا أَوْ أُمَّهَا أَوْ وَلَدَهَا فَقَالَ: عَمْرَةُ طَالِقٌ أَوْ بِنْتُ فُلَانٍ أَوْ بِنْتُ فُلَانَةَ أَوْ أُمُّ فُلَانٍ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا تَطْلُقُ، وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَمْ أَعْنِ امْرَأَتِي لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً إذَا كَانَتْ امْرَأَتُهُ كَمَا وَصَفَ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الْكِنَايَاتِ وَسَيَذْكُرُ قَرِيبًا أَنَّ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ، وَعَلَيَّ الْحَرَامُ، فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ إلَخْ. فَأَوْقَعُوا بِهِ الطَّلَاقَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا صَرِيحًا، فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ امْرَأَتَهُ لِلْعُرْفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَمَا بِمَعْنَاهَا مِنْ الصَّرِيحِ) أَيْ مِثْلُ مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ نَحْوِ: كُونِي طَالِقًا وَاطَّلَّقِي وَيَا مُطَلَّقَةُ بِالتَّشْدِيدِ، وَكَذَا الْمُضَارِعُ إذَا غَلَبَ فِي الْحَالِ مِثْلُ أُطَلِّقُك كَمَا فِي الْبَحْرِ. قُلْت: وَمِنْهُ فِي عُرْفِ زَمَانِنَا: تَكُونِي طَالِقًا، وَمِنْهُ: خُذِي طَلَاقَك فَقَالَتْ أَخَذْت، فَقَدْ صَرَّحَ الْوُقُوعَ بِهِ بِلَا اشْتِرَاطِ نِيَّةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهَا أَخَذْت كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا مَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ مِنْهُ: شِئْت طَلَاقَك،
وَيَدْخُلُ نَحْوُ طَلَاغٍ وَتَلَاغٍ وَطَلَاكٍ وَتَلَاكٍ أَوْ " طَ لَ قَ " أَوْ " طَلَاقٍ بَاشٍ " بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ عَالِمٍ وَجَاهِلٍ، وَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْته تَخْوِيفًا لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً إلَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَبِهِ يُفْتَى؛
وَلَوْ قِيلَ لَهُ: طَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ بَلَى بِالْهِجَاءِ طَلُقَتْ بَحْرٌ (وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً،
ــ
[رد المحتار]
وَرَضِيت طَلَاقَك، فَفِيهِ خِلَافٌ. وَجَزَمَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ النِّيَّة كَمَا ذَكَرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: أَيْ فَيَكُونُ كِنَايَةً لِأَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ. وَأَمَّا مَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ مِنْهُ: وَهَبْت لَك طَلَاقَك وَأَوْدَعْتُك طَلَاقَك وَرَهَنْتُك طَلَاقَك فَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ تَصْحِيحَ الْوُقُوعِ بِهِ، وَأَمَّا أَنْتِ الطَّلَاقُ فَلَيْسَ بِمَعْنَى الْمَذْكُورَاتِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَإِنْ نَوَى خِلَافَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ. وَأَنْتِ الطَّلَاقُ تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ كَمَا ذَكَرَهُ عَقِبَهُ. وَأَمَّا أَنْتِ أَطْلَقُ مِنْ فُلَانَةَ، فَفِي النَّهْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ قَالَ: فَإِنْ كَانَ جَوَابًا لِقَوْلِهَا إنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَقَعَ وَلَا يَدِينُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْحَالِ قَائِمَةٌ مَقَامَ النِّيَّةِ، حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ قَائِمَةً لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالنِّيَّةِ اهـ فَافْهَمْ. مَطْلَبٌ مِنْ الصَّرِيحِ الْأَلْفَاظُ الْمُصَحَّفَةُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ نَحْوُ طَلَاغٍ وَتَلَاغٍ إلَخْ) أَيْ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمِنْهُ الْأَلْفَاظُ الْمُصَحَّفَةُ وَهِيَ خَمْسَةٌ فَزَادَ عَلَى مَا هُنَا ثَلَاثًا. وَزَادَ فِي النَّهْرِ إبْدَالَ الْقَافِ لَامًا. قَالَ ط: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ فَاءَ الْكَلِمَةِ إمَّا طَاءٌ أَوْ تَاءٌ وَاللَّامُ إمَّا قَافٌ أَوْ عَيْنٌ أَوْ غَيْنٌ أَوْ كَافٌ أَوْ لَامٌ وَاثْنَانِ فِي خَمْسَةٍ بِعَشْرَةٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا مُصَحَّفَةٌ، وَهِيَ مَا عَدَا الطَّاءِ مَعَ الْقَافِ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ ط ل ق) ظَاهِرُ مَا هُنَا وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ أَنْ يَأْتِيَ بِمُسَمَّى أَحْرُفِ الْهِجَاءِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَسْمَائِهَا. فَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَلْفٌ نُونٌ تَاءٌ حَاءٌ رَاءٌ هَاءٌ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَلْفٌ نُونٌ تَاءٌ طَاءٌ أَلْفٌ لَامٌ قَافٌ أَنَّهُ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ وَتَعْتِقُ الْأَمَةُ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكِنَايَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْحُرُوفَ يُفْهَمُ مِنْهَا مَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ صَرِيحِ الْكَلَامِ، إلَّا أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ كَذَلِكَ فَصَارَتْ كَالْكِنَايَةِ فِي الِافْتِقَارِ إلَى النِّيَّةِ. اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا افْتَقَرَ إلَى النِّيَّةِ لَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الرَّجْعِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَسَيُصَرِّحُ الشَّارِحُ أَيْضًا بَعْدَ صَفْحَةٍ بِافْتِقَارِهِ إلَى النِّيَّةِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي بَابِ الْكِنَايَةِ، وَقَدَّمْنَاهُ أَيْضًا أَوَّلَ الطَّلَاقِ عَنْ الْفَتْحِ. وَفِي الْبَحْرِ: يَقَعُ بِالتَّهَجِّي كَأَنْتِ ط ل ق، وَكَذَا لَوْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْتهَا فَقَالَ ن عِ م أَوْ ب ل ى بِالْهِجَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ أَطْلَقَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ النِّيَّةَ، وَشَرَطَهَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ قُلْت: عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِالِاشْتِرَاطِ لَا يُنَافِي الِاشْتِرَاطَ، عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ هُوَ مَسْأَلَةُ الْجَوَابِ بِالتَّهَجِّي وَالسُّؤَالُ بِقَوْلِ الْقَائِلِ طَلَّقْتهَا قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ جَوَابِهِ فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ ابْتِدَاءً أَنْتِ طَالِقٌ بِالتَّهَجِّي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقٌ باش) كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ قَالَ لَهَا سه طَلَاقٌ بَاشٍ أَوْ قَالَ بِطَلَاقٍ باش تُحَكَّمُ النِّيَّةُ، وَكَانَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ يُفْتِي بِالْوُقُوعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِلَا نِيَّةٍ (قَوْلُهُ بِلَا فَرْقٍ إلَخْ) هَذَا ذِكْرُهُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُصَحَّفَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ ذِكْرُهُ عَقِبَهَا بِلَا فَاصِلٍ (قَوْلُهُ تَعَمَّدْته) أَيْ التَّصْحِيفَ تَخْوِيفًا لَهَا بِلَا قَصْدِ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ طَلَّقْت امْرَأَتَك) وَكَذَا تَطْلُقُ لَوْ قِيلَ لَهُ أَلَسْت طَلَّقْت امْرَأَتَك عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ فِي الْعُرْفِ بَيْنَ الْجَوَابِ بِنَعَمْ أَوْ بَلَى كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ آخِرَ هَذَا الْبَابِ. (قَوْلُهُ طَلُقَتْ) أَيْ بِلَا نِيَّةٍ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا (قَوْلُهُ وَاحِدَةٌ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ قَوْلِهِ وَيَقَعُ وَهُوَ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ (قَوْلُهُ رَجْعِيَّةٌ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ مَا يُجْعَلُ بَائِنًا.
وَإِنْ نَوَى خِلَافَهَا) مِنْ الْبَائِنِ أَوْ أَكْثَرَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) وَلَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ الصَّرِيحُ نَوْعَانِ رَجْعِيٌّ وَبَائِنٌ فَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الصَّرِيحَ نَوْعَانِ: صَرِيحٌ رَجْعِيٌّ، وَصَرِيحٌ بَائِنٌ. فَالْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ بِحُرُوفِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ حَقِيقَةً غَيْرَ مَقْرُونٍ بِعِوَضٍ وَلَا بِعَدَدِ الثَّلَاثِ لَا نَصًّا وَلَا إشَارَةً وَلَا مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ تُنْبِئُ عَنْ الْبَيْنُونَةِ أَوْ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَلَا مُشَبَّهٍ بِعَدَدٍ أَوْ صِفَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا. وَأَمَّا الثَّانِي فَبِخِلَافِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بِحُرُوفِ الْإِبَانَةِ بِحُرُوفِ الطَّلَاقِ، لَكِنْ قَبْلَ الدُّخُولِ حَقِيقَةً أَوْ بَعْدَهُ، لَكِنْ مَقْرُونًا بِعَدَدِ الثَّلَاثِ نَصًّا أَوْ إشَارَةً أَوْ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ تُنْبِئُ عَنْ الْبَيْنُونَةِ أَوْ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ، أَوْ مُشَبَّهًا بِعَدَدٍ أَوْ صِفَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهَا. اهـ. وَيُعْلَمُ مُحْتَرَزُ الْقُيُودِ مِمَّا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ هَكَذَا مُشِيرًا بِأَصَابِعِهِ. وَوُقُوعُ الْبَائِنِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ بِخِلَافٍ وَبَائِنٌ وَبِأَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ أَوْ تَطْلِيقَةً طَوِيلَةً وَاخْتَارَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ لَيْسَ مِنْ الصَّرِيحِ، فَلَا حَاجَةَ لِاحْتِرَازٍ عَنْهُ. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْبَحْرِ مَا فِي الْبَدَائِعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ حَدَّ الصَّرِيحِ يَشْمَلُ الْكُلَّ. قَالَ فِي النَّهْرِ: لِلْقَطْعِ بِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ عَلَى مَالٍ وَنَحْوِهِ ذَلِكَ لَيْسَ كِنَايَةً، وَإِلَّا لَاحْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ أَوْ دَلَالَةِ الْحَالِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا إذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا. اهـ. وَفِيهِ عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ: لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَرَجْعِيَّةٌ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لِي عَلَيْك فَبَائِنٌ. اهـ. وَسَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى الْفَرْعِ الْأَخِيرِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى خِلَافًا) قَيَّدَ بِنِيَّتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ جَعَلْتهَا بَائِنَةً أَوْ ثَلَاثًا كَانَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَمَعْنَى جَعْلِ الْوَاحِدَةِ ثَلَاثًا عَلَى قَوْلِهِ أَنَّهُ أَلْحَقَ بِهَا اثْنَتَيْنِ لَا أَنَّهُ جَعَلَ الْوَاحِدَةَ ثَلَاثًا، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. وَوَافَقَهُ الثَّانِي فِي الْبَيْنُونَةِ دُونَ الثَّلَاثِ وَنَفَاهُمَا الثَّالِثُ نَهْرٌ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَفِي الْبَحْرِ: وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ قَرَنَهُ بِالْعَدَدِ ابْتِدَاءً فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ، أَوْ قَالَ ثَلَاثًا يَقَعُ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْآتِي أَنَّهُ مَتَى قَرَنَ بِالْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِهِ وَسَنَذْكُرُ فِي الْكِنَايَاتِ مَا لَوْ أَلْحَقَ الْعَدَدَ بَعْدَمَا سَكَتَ (قَوْلُهُ مِنْ الْبَائِنِ أَوْ أَكْثَرَ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ خِلَافَهَا فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ لِلْوَاحِدَةِ الرَّجْعِيَّةِ فَخِلَافَ الْوَاحِدَةِ الْأَكْثَرِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، وَخِلَافَ الرَّجْعِيَّةِ الْبَائِنِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوَّشٌ. وَفِيهِ أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ نِيَّةُ الْمُكْرَهِ الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ، فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ قَضَاءً كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَقَطْ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَمَا يُفَادُ مِنْ الْبَحْرِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ لَفْظِهِ ط. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِ الْبَحْرِ: إنَّ الصَّرِيحَ يُحْتَاجُ فِي وُقُوعِهِ دِيَانَةً إلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) لِمَا مَرَّ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي وُقُوعِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً مِنْ قَصْدِ إضَافَةِ لَفْظِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا عَالِمًا بِمَعْنَاهُ وَلَمْ يَصْرِفْهُ إلَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ، وَحَقَّقَهُ فِي النَّهْرِ، احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَرَّرَ مَسَائِلَ الطَّلَاقِ بِحَضْرَتِهَا، أَوْ كَتَبَ نَاقِلًا مِنْ كِتَابِ امْرَأَتِي طَالِقٌ مَعَ التَّلَفُّظِ، أَوْ حَكَى يَمِينَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ أَصْلًا مَا لَمْ يَقْصِدْ زَوْجَتَهُ، وَعَمَّا لَوْ لَقَّنَتْهُ لَفْظَ الطَّلَاقِ فَتَلَفَّظَ بِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَعْنَاهُ فَلَا يَقَعُ أَصْلًا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ مَشَايِخُ أُوزْجَنْدَ صِيَانَةً عَنْ التَّلْبِيسِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْوُقُوعِ قَضَاءً فَقَطْ. وَعَمَّا لَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ مِنْ قَوْلِ أَنْتِ حَائِضٌ مَثَلًا إلَى أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ قَضَاءً فَقَطْ، وَعَمَّا لَوْ نَوَى بِأَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ فَإِنَّهُ قَضَاءٌ فَقَطْ أَيْضًا. وَأَمَّا الْهَازِلُ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ قَضَاءً وَدِيَانَةً لِأَنَّهُ قَصَدَ السَّبَبَ عَالِمًا بِأَنَّهُ سَبَبٌ فَرَتَّبَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ عَلَيْهِ أَرَادَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْهُ
عَنْ وَثَاقٍ دِينَ إنْ لَمْ يَقْرِنْهُ بِعَدَدٍ؛ وَلَوْ مُكْرَهًا صُدِّقَ قَضَاءً أَيْضًا كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْوَثَاقِ أَوْ الْقَيْدِ، وَكَذَا لَوْ نَوَى طَلَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ خَانِيَّةٌ؛ وَلَوْ نَوَى عَنْ الْعَمَلِ لَمْ يُصَدَّقْ أَصْلًا؛ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ دِينَ، فَقَطْ.
(وَفِي أَنْتِ الطَّلَاقُ) أَوْ طَلَاقٌ (أَوْ أَنْتِ طَالِقُ الطَّلَاقِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا يَقَعُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا
ــ
[رد المحتار]
كَمَا مَرَّ، وَبِهَذَا ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ مَا فِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الصَّرِيحَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ الْقَضَاءُ. أَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَمُحْتَاجٌ إلَيْهَا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: وَلَوْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ أَوْ سَبْقِ لِسَانِهِ إلَى لَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ قَضَاءً فَقَطْ أَيْ لَا دِيَانَةً لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ وُقُوعِهِ دِيَانَةً فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ صَرْفُ اللَّفْظِ إلَى مَا يَحْتَمِلُهُ، وَفِي الثَّانِي لِعَدَمِ قَصْدِ اللَّفْظِ، وَاللَّازِمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي وُقُوعِهِ دِيَانَةً قَصْدُ اللَّفْظِ وَعَدَمُ التَّأْوِيلِ الصَّحِيحِ. أَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الطَّلَاقِ فَلَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ الْعَمَلِ لَا يُصَدَّقُ وَيَقَعُ دِيَانَةً أَيْضًا كَمَا يَأْتِي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ مَعْنَى الطَّلَاقِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ هَازِلًا. (قَوْلُهُ عَنْ وَثَاقٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا الْقَيْدُ وَجَمْعُهُ وُثُقٌ كَرِبَاطٍ وَرُبُطٌ مِصْبَاحٌ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ قَيْدٍ دِينَ أَيْضًا (قَوْلُهُ دِينَ) أَيْ تَصِحُّ نِيَّتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ فَيُفْتِيهِ الْمُفْتِي بِعَدَمِ الْوُقُوعِ. أَمَّا الْقَاضِي فَلَا يُصَدِّقُهُ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِالْوُقُوعِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِلَا قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُقْرِنْهُ بِعَدَدٍ) هَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ فِيمَا لَوْ صَرَّحَ بِالْوَثَاقِ أَوْ الْقَيْدِ، بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ هَذَا الْقَيْدِ فَيَقَعُ قَضَاءً وَدِيَانَةً كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ رَفْعُ الْقَيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَانْصَرَفَ إلَى قَيْدِ النِّكَاحِ كَيْ لَا يَلْغُوَ. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ اتِّحَادَ الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ قَالَ مَرَّتَيْنِ اهـ وَلِذَا أَطْلَقَ الشَّارِحُ الْعَدَدَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا انْصَرَفَ إلَى قَيْدِ النِّكَاحِ بِسَبَبِ الْعَدَدِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْقَيْدِ فَمَعَ عَدَمِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ صُدِّقَ قَضَاءً أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْإِيقَاعِ، وَهِيَ الْإِكْرَاهُ ط. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ صَرَّحَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً إلَّا إذَا قَرَنَهُ بِالْعَدَدِ فَلَا يُصَدَّقُ أَصْلًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ نَوَى إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمِنْهُ أَيْ مِنْ الصَّرِيحِ: يَا طَالِقُ أَوْ يَا مُطَلَّقَةُ بِالتَّشْدِيدِ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت الشَّتْمَ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً وَدِينَ خُلَاصَةٌ، وَلَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ طَلَّقَهَا قَبْلُ فَقَالَ: أَرَدْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ دِيَانَةً بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَقَضَاءً فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَهُوَ حَسَنٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ لَا يُصَدَّقُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ قَدْ مَاتَ. اهـ. قُلْت: وَقَدْ ذَكَرُوا هَذَا التَّفْصِيلَ فِي صُورَةِ النِّدَاءِ كَمَا سَمِعْت، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ فِي الْإِخْبَارِ كَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ أَصْلًا) أَيْ لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ لِرَفْعِ الْقَيْدِ وَهِيَ لَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِالْعَمَلِ فَلَا يَكُونُ مُحْتَمَلَ اللَّفْظِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَدِينُ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلتَّخَلُّصِ (قَوْلُهُ دِينَ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً لِأَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ طَلَّقَ ثُمَّ وَصَلَ لَفْظُ الْعَمَلِ اسْتِدْرَاكًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَلَ لَفْظُ الْوَثَاقِ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ قَلِيلًا فَتْحٌ. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَثَاقِ وَالْقَيْدِ وَالْعَمَلِ إمَّا أَنْ يُذْكَرَ أَوْ يُنْوَى؛ فَإِنْ ذُكِرَ فَإِمَّا أَنْ يُقْرَنَ بِالْعَدَدِ أَوْ لَا، فَإِنْ قُرِنَ بِهِ بِلَا نِيَّةٍ وَإِلَّا فَفِي ذِكْرِ الْعَمَلِ وَقَعَ قَضَاءً فَقَطْ، وَفِي لَفْظَيْ الْوَثَاقِ وَالْقَيْدِ لَا يَقَعُ أَصْلًا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ بَلْ نَوَى لَا يَدِينُ فِي لَفْظِ الْعَمَلِ وَدِينَ فِي الْوَثَاقِ وَالْقَيْدِ، وَيَقَعُ قَضَاءً إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكْرَهًا وَالْمَرْأَةُ كَالْقَاضِي إذَا سَمِعْته أَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ لَا يَحِلُّ لَهُ تَمْكِينُهُ. وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا قَتْلُهُ، وَلَا تَقْتُلُ نَفْسَهَا بَلْ تَفْدِي نَفْسَهَا بِمَالٍ أَوْ تَهَرُّبٍ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَتْلُهَا إذَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَكُلَّمَا هَرَبَ رَدَّتْهُ بِالسِّحْرِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْأُوزْجَنْدِيِّ أَنَّهَا تَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي، فَإِنَّهُ حَلَفَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا فَالْإِثْمُ عَلَيْهِ. اهـ. قُلْت: أَيْ إذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الْفِدَاءِ أَوْ الْهَرَبِ وَلَا عَلَى مَنْعِهِ عَنْهَا فَلَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ وَفِي أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ طَلَاقٌ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا إذَا أَخْبَرَ عَنْهَا بِمَصْدَرٍ مُعَرَّفٍ أَوْ مُنَكَّرٍ أَوْ اسْمِ فَاعِلٍ
أَوْ نَوَى) يَعْنِي بِالصَّدْرِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِطَالِقٍ وَاحِدَةً وَبِالطَّلَاقِ أُخْرَى وَقَعَتَا رَجْعَتَيْنِ لَوْ مَدْخُولًا بِهَا كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ زَيْلَعِيٌّ (وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ) لِأَنَّهُ صَرِيحُ مَصْدَرٍ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ (فَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ فَرْدٌ حُكْمِيٌّ (وَلِذَا) كَانَ (الثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ) وَكَذَا فِي حَرَّةٍ تَقَدَّمَهَا وَاحِدَةٌ جَوْهَرَةٌ، لَكِنْ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ سَهْوٌ (بِمَنْزِلَةِ الثَّلَاثِ فِي الْحَرَّةِ) .
وَمِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي، وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَعَلَيَّ الطَّلَاقُ، وَعَلَيَّ الْحَرَامُ فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ،
ــ
[رد المحتار]
بَعْدَهُ مَصْدَرٌ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي بِالْمَصْدَرِ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ ثِنْتَيْنِ. (قَوْلُهُ وَقَعَتَا رَجْعِيَّتَيْنِ) هَذَا مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ وَيُرْوَى عَنْ الثَّانِي، وَبِهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ. وَمُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَبِهِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، وَأَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ. وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ أَنَّهُ الْمُرَجَّحُ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ لَوْ مَدْخُولًا بِهَا) وَإِلَّا بِأَنْتِ بِالْأَوَّلِ فَيَلْغُو الثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ ثِنْتَيْنِ) أَيْ فِي الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ مَصْدَرٌ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ ثِنْتَيْنِ، يَعْنِي أَنَّ الْمَصْدَرَ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَاحِدَانِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْعَدَدُ الْمَحْضُ بَلْ التَّوْحِيدُ وَهُوَ بِالْفَرْدِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَوْ الْجِنْسِيَّةِ وَالْمُثَنَّى بِمَعْزِلٍ عَنْهُمَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَرْدٌ حُكْمِيٌّ) لِأَنَّ الثَّلَاثَ كُلُّ الطَّلَاقِ فَهِيَ الْفَرْدُ الْكَامِلُ مِنْهُ، فَإِرَادَتُهَا لَا تَكُونُ إرَادَةَ الْعَدَدِ ط (قَوْلُهُ وَلِذَا كَانَ) أَيْ لِلْفَرْدِيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ سَهْوٌ) حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا مَا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ عَلَى الْحُرَّةِ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ إذَا نَوَاهُمَا يَعْنِي مَعَ الْأُولَى فَسَهْوٌ ظَاهِرٌ. اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ صَاحِبُ النَّهْرِ، بِأَنَّهُ إذَا نَوَى الثِّنْتَيْنِ مَعَ الْأُولَى فَقَدْ نَوَى الثَّلَاثَ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ فِي مِلْكِهِ الِاثْنَتَانِ وَقَعَتَا. اهـ. ح أَقُولُ: إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى الثِّنْتَيْنِ مَضْمُومَتَيْنِ إلَى الْأُولَى لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ نِيَّةِ الثِّنْتَيْنِ وَذَلِكَ عَدَدٌ مَحْضٌ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ نَوَى الثَّلَاثَ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْأُولَى فَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ الثَّلَاثَ فَرْدٌ اعْتِبَارِيٌّ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ طَلَّقَ الْحُرَّةَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ يَنْوِي ثِنْتَيْنِ لَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ، وَلَوْ نَوَى الثَّلَاثَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَتَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ أُخْرَيَانِ اهـ فَافْهَمْ. [فَرْعٌ] فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الثَّلَاثَ فِي إحْدَاهُمَا وَالْوَاحِدَةَ فِي الْأُخْرَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
(قَوْلُهُ فَيَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ) أَيْ فَيَكُونُ صَرِيحًا لَا كِنَايَةً، بِدَلِيلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ فِي لَفْظِ الْحَرَامِ الْبَائِنَ لِأَنَّ الصَّرِيحَ قَدْ يَقَعُ بِهِ الْبَائِنُ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ فِي وُقُوعِ الْبَائِنِ بِهِ بَحْثٌ سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَا ذَكَرَهُ صَرِيحًا لِأَنَّهُ صَارَ فَاشِيًا فِي الْعُرْفِ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ وَلَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الصَّرِيحَ مَا غَلَبَ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الطَّلَاقِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ عُرْفًا إلَّا فِيهِ مِنْ أَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ، وَهَذَا فِي عُرْفِ زَمَانِنَا كَذَلِكَ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ صَرِيحًا كَمَا أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ لِلْعُرْفِ بِلَا نِيَّةٍ مَعَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ تَوَقُّفُهُ عَلَى النِّيَّةِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ عَدَمِ غَلَبَةِ الْعُرْفِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ، وَمِنْ أَنَّ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي الطَّلَاقُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ: أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ فِي زَمَنِهِ. وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ: أَنَّهُ فِي دِيَارِنَا صَارَ الْعُرْفُ فَاشِيًا فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ صِيَغِ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ فَيَجِبُ الْإِفْتَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْحَرَامِ يَلْزَمُنِي وَعَلَيَّ الْحَرَامُ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ لِلتَّعَارُفِ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ، وَإِفْتَاءُ أَبِي السُّعُودِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ فِي دِيَارِهِمْ فِي الطَّلَاقِ أَصْلًا كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ قَاسِمُ ذَكَرَهُ قَبْلَهُ شَيْخُهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَلِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا [رَفْعُ الِانْغِلَاقِ فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ] وَنَقَلَ فِيهَا الْوُقُوعَ عَنْ بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ الثَّلَاثَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: وَقَدْ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً عِنْدَنَا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. فَفِي الذَّخِيرَةِ وَعَنْ ابْنِ سَلَّامٍ فِيمَنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ عَلَيَّ أَوْ قَالَ عَلَيَّ وَاجِبَاتٌ يُعْتَبَرُ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ هَلْ غَلَبَ ذَلِكَ فِي أَيْمَانِهِمْ اهـ وَكَذَا ذَكَرَهَا السُّرُوجِيُّ فِي الْغَايَةِ كَمَا يَأْتِي وَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ تَبَعًا لِأَبِي السُّعُودِ أَفَنْدِي فَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ وَأَفْتَى عَقِبَهُ بِخِلَافِهِ؛ وَقَالَ: أَقُولُ الْحَقَّ. الْوُقُوعُ بِهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِاشْتِهَارِهِ فِي مَعْنَى التَّطْلِيقِ، فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ وَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي أَمْرِ الْفُرُوجِ. اهـ. [تَنْبِيهٌ] عِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْهُمَامِ فِي الْفَتْحِ هَكَذَا: وَقَدْ تُعُورِفَ فِي عُرْفِنَا فِي الْحَلِفِ: الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أَفْعَلُ كَذَا يُرِيدُ إنْ فَعَلْته لَزِمَ الطَّلَاقُ وَوَقَعَ فَيَجِبُ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَذَا تَعَارَفَ أَهْلُ الْأَرْيَافِ الْحَلِفُ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ اهـ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ تَعْلِيقٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِغَلَبَةِ الْعُرْفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ صَرِيحًا. وَرَأَيْت التَّصْرِيحَ بِأَنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرٌ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْحَاوِي عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ فِيمَنْ اُتُّهِمَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْغَدَاةَ فَقَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ أَنَّهُ قَدْ صَلَّاهَا وَقَدْ تَعَارَفُوهُ شَرْطًا فِي لِسَانِهِمْ، قَالَ: أَجْرَى أَمْرَهُمْ عَلَى الشَّرْطِ عَلَى تَعَارُفِهِمْ، كَقَوْلِهِ: عَبْدِي حُرٌّ إنْ لَمْ أَكُنْ صَلَّيْت الْغَدَاةَ وَصَلَّاهَا لَمْ يَعْتِقْ كَذَا هُنَا. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت الدَّارَ لَطَلَّقْتُك فَهَذَا رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ لَيُطَلِّقَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ لَأَضْرِبَنَّكَ، فَهَذَا رَجُلٌ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَيَضْرِبَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ، فَإِنْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَزِمَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَإِنْ مَاتَ أَوْ مَاتَتْ فَقَدْ فَاتَ الشَّرْطُ فِي آخِرِ الْحَيَاةِ اهـ أَيْ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي. قُلْت: فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَلَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ وَلَمْ أَضْرِبْك فَعَبْدِي حُرٌّ وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ فِي كُتُبِهِمْ أَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى الْقَسَمِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ فَعَلْت كَذَا. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ عَلَيَّ الطَّلَاقُ عَلَيَّ الْحَرَامُ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ الْحَرَامُ وَلَمْ يَقُلْ لَا أَفْعَلُ كَذَا لَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِهِمْ اهـ وَفِي حَوَاشِي مِسْكِينٍ: وَقَدْ ظَفِرَ فِيهِ شَيْخُنَا مُصَرِّحًا بِهِ فِي كَلَامِ الْغَايَةِ لِلسُّرُوجِيِّ مَعْزِيًّا إلَى الْمُغْنِي. وَنَصُّهُ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي أَوْ لَازِمٌ لِي صَرِيحٌ لِأَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ وَقَعَ طَلَاقُهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ اهـ. وَنَقَلَ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْجَوَاهِرِ: الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ يَقَعُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْغَايَةِ مَا إذَا ذَكَرَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ التَّعْلِيقُ وَأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ لَا أَفْعَلُ كَذَا بَقِيَ قَوْلُهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ بِدُونِ تَعْلِيقٍ وَالْمُتَعَارَفُ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيقِ بِدُونِ الْإِنْشَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُتَعَارَفْ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِنْشَاءِ مُنَجَّزًا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِيمَا لَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ ثُمَّ رَأَيْت سَيِّدِي عَبْدَ الْغَنِيِّ ذَكَرَ نَحْوَهُ فِي رِسَالَتِهِ. [تَتِمَّةٌ] يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ نَوَى الثَّلَاثَ تَصِحُّ نِيَّتُهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَذْكُورٌ بِلَفْظِ الْمَصْدَرِ، وَقَدْ عَلِمْت صِحَّتَهَا فِيهِ، وَكَذَا
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ يَكُونُ يَمِينًا فَيُكَفَّرُ بِالْحِنْثِ تَصْحِيحُ الْقُدُورِيِّ، وَكَذَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي بَحْرٌ.
وَلَوْ قَالَ: طَلَاقُك عَلَيَّ لَمْ يَقَعْ.
وَلَوْ زَادَ وَاجِبٌ أَوْ لَازِمٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ فَرْضٌ هَلْ يَقَعُ؟ قَالَ الْبَزَّازِيُّ: الْمُخْتَارُ لَا. وَقَالَ الْقَاضِي الْخَاصِّيُّ: الْمُخْتَارُ نَعَمْ وَلَوْ قَالَ: طَلَّقَك اللَّهُ هَلْ يَفْتَقِرُ لِنِيَّةٍ؟
ــ
[رد المحتار]
فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ (قَوْلُهُ يَكُونُ يَمِينًا إلَخْ) يَعْنِي فِي صُورَةِ الْحَلِفِ بِالْحَرَامِ فَإِنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ إنْ حَنِثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالنَّسَفِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي (قَوْلُهُ وَكَذَا عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي) هَذَا بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ أَخَذَهُ مِمَّا مَرَّ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ وَلَمْ يَقْرِنْهُ بِالْعَدَدِ وَقَعَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً، قَالَ: فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ قَضَاءً هُنَا بِالْأَوْلَى وَرَدَّهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ: بِأَنَّهُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ خَاطَبَ الْمَرْأَةَ الَّتِي هِيَ مَحَلٌّ لِلطَّلَاقِ ثُمَّ ذَكَرَ الْعَمَلَ الَّذِي لَمْ تَكُنْ مُقَيَّدَةً بِهِ حِسًّا وَلَا شَرْعًا فَلَمْ يَصِحَّ صَرْفُ اللَّفْظِ فِي الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ الْمُتَعَارَفِ إلَى غَيْرِهِ بِلَا دَلِيلٍ، بِخِلَافِ الْمَقِيسِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ وَهُوَ ذِرَاعُهُ مَعَ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ يَلْغُو اهـ مُلَخَّصًا، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ: لَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَفْعَلُ كَذَا بِمَنْزِلَةِ إنْ فَعَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ فِي الْعُرْفِ مُضَافٌ إلَى الْمَرْأَةِ مَعْنًى، وَلَوْلَا اعْتِبَارُ الْإِضَافَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَقَعْ، فَكَذَلِكَ صَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ مِنْ ذِرَاعِي فَسَاوَى الْمَقِيسَ عَلَيْهِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى الْمَرْأَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَهُ أَنَا مِنْك طَالِقٌ فِيهِ وَصْفُ الرَّجُلِ بِالطَّلَاقِ صَرِيحًا فَلَا يَقَعُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ صِفَةٌ لِلْمَرْأَةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ فَإِنَّ مَعْنَاهُ وُقُوعُ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَلَيْسَ فِيهِ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَى غَيْرِ مَحَلِّهِ بَلْ إلَى مَحَلِّهِ مَعَ إضَافَةِ الْوُقُوعِ إلَى مَحَلِّهِ أَيْضًا، فَإِنَّهُ شَاعَ فِي كَلَامِهِمْ قَوْلُهُمْ إذَا قَالَ كَذَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ، نَعَمْ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: إنَّ الْحَالِفَ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مِنْ ذِرَاعِي لَا يُرِيدُ بِهِ الزَّوْجَةَ قَطْعًا إذْ عَادَةُ الْعَوَامّ الْإِعْرَاضُ بِهِ عَنْهَا خَشْيَةَ الْوُقُوعِ، فَيَقُولُونَ تَارَةً مِنْ ذِرَاعِي وَتَارَةً مِنْ كُشْتَوَانِيٍّ وَتَارَةً مِنْ مَرْوَتِيٍّ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا خَيْرَ فِي ذِكْرِهِنَّ. اهـ. قُلْت: إنْ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى ذِرَاعِهِ وَنَحْوِهِ لَا عَلَى الْمَرْأَةِ ثُمَّ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا مِنْ ذِرَاعِي فَلِلْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ وَجْهٌ، لِأَنَّ ذِكْرَ الثَّلَاثِ يُعَيِّنُهُ فَتَأَمَّلْ. اهـ. .
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ وَطَلَاقُك عَلَيَّ لَمْ يَقَعْ) قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِشْهَادِ فَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ طَلَاقُ امْرَأَتِي لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي طَلَاقِك عَلَيَّ أَنَّهُ صِيغَةُ نَذْرٍ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ فَكَأَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّذْرُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي عِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ، وَالطَّلَاقُ أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ عِبَادَةً فَلِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ طَلَاقُك عَلَيَّ بِدُونِ زِيَادَةٍ لَيْسَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ أَيْضًا، لَكِنْ نَقَلَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلسَّرَخْسِيِّ: رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلَاقُك عَلَيَّ فَرْضٌ وَلَازِمٌ أَوْ قَالَ طَلَاقُك عَلَيَّ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْكُلِّ بِخِلَافِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَجِبُ فَجُعِلَ إخْبَارًا، وَنَقَلَ مِثْلَهُ عَنْ مُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ الْخَاصِّيُّ الْمُخْتَارُ نَعَمْ) عِبَارَةُ فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ قَالَ لَهَا: طَلَاقُك عَلَيَّ وَاجِبٌ،
قَالَ الْكَمَالُ: الْحَقُّ نَعَمْ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: كُونِي طَالِقًا أَوْ اُطْلُقِي أَوْ يَا مُطَلَّقَةُ بِالتَّشْدِيدِ وَقَعَ، وَكَذَا يَا طَالِ بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّهَا لِأَنَّهُ تَرْخِيمٌ أَوْ أَنْتِ طَالِ بِالْكَسْرِ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ،
ــ
[رد المحتار]
أَوْ قَالَ وَطَلَاقُك لَازِمٌ لِي يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ. وَنَقَلَ فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَقَعُ فِي قَوْلِهِ وَاجِبٌ لِتَعَارُفِ النَّاسِ لَا فِي قَوْلِهِ ثَابِتٌ أَوْ فَرْضٌ أَوْ لَازِمٌ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ، وَمُقْتَضَاهُ الْوُقُوعُ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ فِي زَمَانِنَا كَمَا عَلِمْت. وَعَلَّلَ الْخَاصِّيُّ الْوُقُوعَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ وَاجِبًا أَوْ ثَابِتًا بَلْ حُكْمَهُ، وَحُكْمُهُ لَا يَجِبُ وَلَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ ثُبُوتَهُ اقْتِضَاءً، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّتِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهِ عُرْفٌ فَاشٍ فَيَصِيرَ صَرِيحًا فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً فِي صَرْفِهِ عَنْهُ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ قَصَدَهُ وَقَعَ وَإِلَّا لَا، فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: هَذَا الْأَمْرُ عَلَيَّ وَاجِبٌ، بِمَعْنَى يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَهُ لَا أَنِّي فَعَلْته فَكَأَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي أَنْ أُطَلِّقَك. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الْكَمَالُ الْحَقُّ نَعَمْ) نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَأَقَرَّاهُ عَلَيْهِ بَعْدَ حِكَايَتِهِمَا الْخِلَافَ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الدُّعَاءَ فَتَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ: الْمُخْتَارُ عَدَمُ تَوَقُّفِهِ عَلَيْهَا وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ. قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: وَيَقَعُ فِي عَصْرِنَا نَظِيرُ هَذَا، يَطْلُبُ الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ فَتَقُولُ أَبْرَأَك اللَّهُ وَكَانَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى وَكَتَبَتْ بِصِحَّتِهَا لِتَعَارُفِهِمْ بِذَلِكَ. اهـ. قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْخُلْعِ (قَوْلُهُ كُونِي طَالِقًا أَوْ اطَّلَّقِي) قَالَ فِي الْفَتْحِ عَنْ مُحَمَّدٍ: إنَّهُ يَقَعُ لِأَنَّ كُونِي لَيْسَ أَمْرًا حَقِيقَةً لِعَدَمِ تَصَوُّرِ كَوْنِهَا طَالِقًا مِنْهَا بَلْ عِبَارَةٌ عَنْ إثْبَاتِ كَوْنِهَا طَالِقًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] لَيْسَ أَمْرًا بَلْ كِنَايَةٌ عَنْ التَّكْوِينِ وَكَوْنُهَا طَالِقًا يَقْتَضِي إيقَاعًا قَبْلُ فَيَتَضَمَّنُ إيقَاعًا سَابِقًا، وَكَذَا قَوْلُهُ اطَّلَّقِي وَمِثْلُهُ لِلْأَمَةِ كُونِي حُرَّةً. (قَوْلُهُ أَوْ يَا مُطَلَّقَةُ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ طَلَّقَهَا قَبْلُ فَقَالَ أَرَدْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ دِيَانَةً وَكَذَا قَضَاءً فِي الصَّحِيحِ وَفِي. التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ يَا مُطَلَّقَةُ لَا تَقَعُ أُخْرَى (قَوْلُهُ بِالتَّشْدِيدِ) أَيْ تَشْدِيدِ اللَّامِ؛ أَمَّا بِتَخْفِيفِهَا فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْكِنَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَقَعَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّهَا) ذِكْرُ الضَّمِّ بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الضَّمُّ كَذَلِكَ، إذْ هُوَ لُغَةُ مَنْ لَا يَنْتَظِرُ، بِخِلَافِ الْفَتْحِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ. اهـ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي تَوَقُّفُ الضَّمِّ أَيْضًا عَلَى النِّيَّةِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَظِرْ الْآخَرَ لَمْ تَكُنْ مَادَّةُ ط ل ق مَوْجُودَةً وَلَا مُلَاحَظَةً فَلَمْ يَكُنْ صَرِيحًا، بِخِلَافِ الْكَسْرِ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَنْتَظِرُ. اهـ. قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الضَّمَّ فِي نِدَاءِ التَّرْخِيمِ لَمَّا كَانَ لُغَةً ثَابِتَةً لَمْ يَخْرُجْ بِهِ اللَّفْظُ عَنْ إرَادَةِ مَعْنَاهُ الْمُرَادِ بِهِ قَبْلَ النِّدَاءِ فَإِنْ كَانَ كُلُّ مَنْ سَمِعَ اللَّفْظَ الْمُرَخَّمَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ نِدَاءَ تِلْكَ الْمَادَّةِ وَأَنَّ انْتِظَارَ الْمَحْذُوفِ وَعَدَمَهُ أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ بِدَوْرِهِ لِيَبْنُوا عَلَيْهِ الضَّمَّ وَالْكَسْرَ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُنَادَى اسْمًا آخَرَ غَيْرَ الْمَقْصُودِ نِدَاؤُهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِ بِالْكَسْرِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ، بِخِلَافِ أَنْتِ طَاقُ بِحَذْفِ اللَّامِ فَلَا يَقَعُ وَإِنْ نَوَى لِأَنَّ حَذْفَ آخِرِ الْكَلَامِ مُعْتَادٌ عُرْفًا تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْسِرْ اللَّامَ فِي غَيْرِ الْمُنَادَى تَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ: أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا كَالْمُذَاكَرَةِ وَالْغَضَبِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَفِي كِنَايَاتِ الْفَتْحِ أَنَّ الْوَجْهَ إطْلَاقُ التَّوَقُّفِ عَلَى النِّيَّةِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ بِلَا قَافٍ لَيْسَ صَرِيحًا بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا التَّرْخِيمُ لُغَةً جَائِزٌ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ، فَانْتَفَى لُغَةً وَعُرْفًا فَيُصَدَّقُ قَضَاءً مَعَ الْيَمِينِ إلَّا عِنْدَ الْغَضَبِ أَوْ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَيَقَعُ قَضَاءً أَسْكَنَهَا أَوْ لَا، وَتَمَامُهُ فِيهِ.
كَمَا لَوْ تَهَجَّى بِهِ أَوْ بِالْعِتْقِ. وَفِي النَّهْرِ عَنْ التَّصْحِيحِ: الصَّحِيحُ عَدَمُ الْوُقُوعِ بِرَهَنْتُكِ طَلَاقَك وَنَحْوَهُ.
(وَإِذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا) كَأَنْتِ طَالِقٌ (أَوْ) إلَى (مَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْهَا كَالرَّقَبَةِ وَالْعُنُقِ وَالرُّوحِ وَالْبَدَنِ وَالْجَسَدِ) الْأَطْرَافُ دَاخِلَةٌ فِي الْجَسَدِ دُونَ الْبَدَنِ.
(وَالْفَرْجُ وَالْوَجْهُ وَالرَّأْسُ) وَكَذَا الِاسْتُ، بِخِلَافِ الْبُضْعِ وَالدُّبُرِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّ حَذْفَ آخِرِ الْكَلَامِ مُعْتَادٌ عُرْفًا يُفِيدُ الْجَوَابَ، فَإِنَّ لَفْظَ طَالِقٍ صَرِيحٌ قَطْعًا، فَإِذَا كَانَ حَذْفُ الْآخِرِ مُعْتَادًا عُرْفًا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ صَرَاحَتِهِ، وَقَدْ عُدَّ حَذْفُ آخِرِ الْكَلِمَةِ مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْكَلَامِ وَعَدَّهُ أَهْلُ الْبَدِيعِ مِنْ قِسْمِ الِاكْتِفَاءِ، وَنَظَمَ فِيهِ الْمُوَلِّدُونَ كَثِيرًا، وَمِنْهُ أَيْنَ النَّجَاةُ لِعَاشِقٍ أَيْنَ النَّجَا وَأَيْضًا فَإِنَّ إبْدَالَ الْآخِرِ بِحَرْفٍ غَيْرَهُ كَالْأَلْفَاظِ الْمُصَحَّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ صَرَاحَتِهِ مَعَ عَدَمِ غَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهَا، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِهَا أُرِيدَ بِهَا اللَّفْظُ الصَّرِيحُ وَأَنَّ التَّصْحِيفَ عَارِضٌ لِجَرَيَانِهِ عَلَى اللِّسَانِ خَطَأً أَوْ قَصْدًا لِكَوْنِهِ لُغَةَ الْمُتَكَلِّمِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ تَهَجَّى بِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى النِّيَّةِ، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَفِي النَّهْرِ عَنْ التَّصْحِيحِ إلَخْ) أَيْ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمِ وَقَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَا فَهِمَهُ بِهِ فِي الْبَحْرِ، مِنْ أَنَّ وَهَبْتُك طَلَاقَك مِنْ الصَّرِيحِ، وَكَذَا أَوْدَعْتُك وَرَهَنْتُك. قَالَ فِي النَّهْرِ: نَقَلَ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ عَنْ قَاضِي خَانْ: وَهَبْتُك طَلَاقَك الصَّحِيحُ فِيهِ عَدَمُ الْوُقُوعِ اهـ فَفِي أَوْدَعْتُك وَرَهَنْتُك بِالْأَوْلَى وَسَيَأْتِي أَنَّ رَهَنْتُك كِنَايَةٌ. وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُك طَلَاقَك قَالُوا: لَا يَقَعُ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُفِيدُ زَوَالَ الْمِلْكِ. اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَى كَوْنِهِ كِنَايَةً أَنَّهُ يَقَعُ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَقَدْ عَدَّهُ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ الْكِنَايَاتِ مِنْهَا، وَكَذَا عَدَّ مِنْهَا: وَهَبْتُك طَلَاقَك، وَأَوْدَعْتُك طَلَاقَك، وَأَقْرَضْتُك طَلَاقَك سَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ كَأَنْتِ طَالِقٌ) وَكَذَا لَوْ أَتَى بِالضَّمِيرِ الْغَائِبِ أَوْ اسْمِ الْإِشَارَةِ الْعَائِدِ إلَيْهَا أَوْ بِاسْمِهَا الْعِلْمِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جُمْلَتِهَا وَضْعًا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ كَرَقَبَتِك، وَإِلَّا فَالْكُلُّ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِمَّا فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ الرُّوحَ وَالْبَدَنَ وَالْجَسَدَ مِثْلُ أَنْتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّ الرُّوحَ بَعْضُ الْجَسَدِ وَكَذَا الْجَسَدُ بِاعْتِبَارِ الرُّوحِ وَالْبَدَنِ لَا تَدْخُلُ فِيهِ الْأَطْرَافُ، أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ كَالرَّقَبَةِ إلَخْ) فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِهَا عَنْ الْكُلِّ فِي قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وَالْعُنُقِ فِي {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] لِوَصْفِهَا بِجَمْعِ الْمُذَكَّرِ الْمَوْضُوعِ لِلْعَاقِلِ وَالْعَقْلُ لِلذَّوَاتِ لَا لِلْأَعْضَاءِ، وَالرُّوحِ فِي قَوْلِهِمْ: هَلَكَتْ رُوحُهُ أَيْ نَفْسُهُ، وَمِثْلُهَا النَّفْسُ كَمَا فِي {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] (قَوْلُهُ الْأَطْرَافُ إلَخْ) أَيْ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالرَّأْسُ، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجَسَدِ وَالْبَدَنِ عَزَاهَا فِي النَّهْرِ إلَى ابْنِ كَمَالٍ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ، وَعَزَاهَا الرَّحْمَتِيُّ إلَى الْفَائِقِ لِلزَّمَخْشَرِيِ وَالْمِصْبَاحِ، وَرَأَيْت فِي فَصْلِ الْعِدَّةِ مِنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَالْبَدَنُ هُوَ مِنْ أَلْيَتَيْهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ. (قَوْلُهُ وَالْفَرْجُ) عَبَّرَ عَنْ الْكُلِّ فِي حَدِيثِ «لَعَنْ اللَّهُ الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ» قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ وَالرَّأْسُ) فِي قَوْله تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88]{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] أَيْ ذَاتُهُ الْكَرِيمَةُ، وَأَعْتَقَ رَأْسًا وَرَأْسَيْنِ مِنْ الرَّقِيقِ، وَأَنَا بِخَيْرٍ مَا دَامَ رَأْسُك سَالِمًا، يُقَالُ مُرَادُهُ بِهِ الذَّاتُ أَيْضًا فَتْحٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْفَتْحِ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ مَا إذَا كَفَلَ بِعَيْنِهِ قَالَ الْبَلْخِيّ: لَا يَصِحُّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْبَدَنَ وَاَلَّذِي يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ فِي الْكَفَالَةِ وَالطَّلَاقِ إذْ الْعَيْنُ مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، يُقَالُ: عَيْنُ الْقَوْمِ، وَهُوَ عَيْنٌ فِي النَّاسِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا زَمَانُنَا فَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الِاسْتُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالِاسْتُ وَإِنْ كَانَ مُرَادِفًا لِلدُّبُرِ لَا يَلْزَمُ
وَالدَّمِ عَلَى الْمُخْتَارِ خُلَاصَةٌ (أَوْ) أَضَافَهُ (إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا) كَنِصْفِهَا وَثُلُثِهَا إلَى عُشْرِهَا (وَقَعَ) لِعَدَمِ تَجَزُّئِهِ.
وَلَوْ قَالَ نِصْفُك الْأَعْلَى طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنِصْفُك الْأَسْفَلِ ثِنْتَيْنِ وَقَعَتْ بِبُخَارَى فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِطَلْقَةٍ، وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثٍ عَمَلًا بِالْإِضَافَتَيْنِ خُلَاصَةٌ.
ــ
[رد المحتار]
مُسَاوَاتُهُمَا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا لِكَوْنِ اللَّفْظِ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبُضْعَ مُرَادِفٌ لِلْفَرْجِ وَلَيْسَ حُكْمُهُ هُنَا كَحُكْمِهِ فِي التَّعْبِيرِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاسْتَ وَالْفَرْجَ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْكُلِّ فَيَقَعُ إذَا أُضِيفَ إلَيْهِمَا، بِخِلَافِ مُرَادِفِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الدُّبُرُ وَمُرَادِفِ الثَّانِي وَهُوَ الْبُضْعُ فَلَا يَقَعُ لِعَدَمِ التَّعْبِيرِ بِهِمَا عَنْ الْكُلِّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ التَّرَادُفِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحُكْمِ لَكِنْ أُورِدَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ اشْتِهَارَ التَّعْبِيرِ يَجِبُ أَنْ لَا يَقَعَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْفَرْجِ: أَيْ لِعَدَمِ اشْتِهَارِ التَّعْبِيرِ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ وُقُوعَ الِاسْتِعْمَالِ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ اللِّسَانِ يَجِبُ أَنْ يَقَعَ فِي الْيَدِ بِلَا خِلَافٍ لِثُبُوتِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْكُلِّ فِي قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} [الحج: 10] أَيْ قَدَّمَتْ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» اهـ. قُلْت: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَوَّلُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ اشْتِهَارُ التَّعْبِيرِ بِهِ عَنْ الْكُلِّ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ فِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ فِي بَلَدِهِ مَثَلًا، فَيَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْيَدِ إذَا اشْتَهَرَ عِنْدَهُ التَّعْبِيرُ بِهَا عَنْ الْكُلِّ، وَلَا يَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْفَرْجِ إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الْفَتْحِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَوُقُوعُهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الرَّأْسِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الْكُلِّ لَا بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ مُقْتَصِرًا، وَلِذَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ عَنَيْت الرَّأْسَ مُقْتَصِرًا. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَقَعُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دِيَانَةً. وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ عُرْفًا مُشْتَهِرًا لَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ قَالَ عَنَيْت بِالْيَدِ صَاحِبَتَهَا كَمَا أُرِيدَ ذَلِكَ فِي الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ وَتَعَارَفَ قَوْمٌ التَّعْبِيرَ بِهَا عَنْ الْكُلِّ وَقَعَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ، وَلِذَا لَوْ طَلَّقَ النَّبَطِيُّ بِالْفَارِسِيَّةِ يَقَعُ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِهِ الْعَرَبِيُّ وَلَا يَدْرِيهِ لَا يَقَعُ اهـ فَقَدْ قَيَّدَ الْوُقُوعَ قَضَاءً فِي الْإِضَافَةِ إلَى الرَّأْسِ أَوْ الْيَدِ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ مُتَعَارَفًا، وَصَرَّحَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ وَتَعَارَفَ قَوْمٌ التَّعْبِيرَ بِهَا أَيْ بِالْيَدِ، فَأَفَادَ عِنْدَ عَدَمِ تَعَارُفِ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لَا يَقَعُ مَعَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالرَّأْسِ وَالْيَدِ عَنْ الْكُلِّ ثَابِتٌ لُغَةً وَشَرْعًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَالدَّمِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ إسْقَاطَهُ حَيْثُ ذُكِرَ فِي مَحَلِّهِ فِيمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا ذِكْرُ الْبُضْعِ وَالدُّبُرِ هُنَا فَلِذِكْرِ مُرَادِفِهِمَا ح (قَوْلُهُ كَنِصْفِهَا وَثُلُثِهَا إلَى عُشْرِهَا) وَكَذَا لَوْ أَضَافَهُ إلَى جُزْءٍ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّ الْجُزْءَ الشَّائِعَ مَحَلٌّ لِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ هِدَايَةٌ قَالَ ط (إلَّا أَنَّهُ يَتَجَزَّأُ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ) . وَقَالَ شَيْخِي زَادَهُ: أَنَّهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى الْكُلِّ لِشُيُوعِهِ فَيَقَعُ فِي الْكُلِّ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَجَزُّئِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا ط، وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْأُصْبُعِ مَثَلًا، فَالْمُنَاسِبُ التَّعْلِيلُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْهِدَايَةِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ تَقْيِيدَ الْجُزْءِ بِالشَّائِعِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُعَيَّنِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْعِ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ بِبُخَارَى) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا نَصٌّ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ عَمَلًا بِالْإِضَافَتَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّأْسَ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى وَالْفَرْجَ فِي الْأَسْفَلِ فَيَصِيرُ مُضِيفًا الطَّلَاقَ إلَى رَأْسِهَا وَإِلَى فَرْجِهَا ط عَنْ الْمُحِيطِ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ عُلِمَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا. اهـ. وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الثَّانِي كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ نَهْرٌ: أَيْ لِأَنَّ مَنْ أَوْقَعَ وَاحِدَةً بِالْإِضَافَتَيْنِ لَمْ يَعْتَبِرْ كَوْنَ الْفَرَجِ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْإِضَافَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ كَيْفَ يَقَعُ بِهَا اتِّفَاقًا، نَعَمْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِضَافَةِ الْأُولَى يَقَعُ اتِّفَاقًا. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلَ لَيْسَ جُزْءًا شَائِعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا مِمَّا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ
(وَإِذَا قَالَ الرَّقَبَةُ مِنْك أَوْ الْوَجْهُ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعُنُقِ) أَوْ الْوَجْهِ (قَالَ هَذَا الْعُضْوُ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ عِبَارَةً عَنْ الْكُلِّ بَلْ عَنْ الْبَعْضِ؛ حَتَّى لَوْ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ بَلْ قَالَ: هَذَا الرَّأْسُ طَالِقٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهَا وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَوَى تَخْصِيصَ الْعُضْوِ يَنْبَغِي أَنْ يَدِينَ فَتْحٌ.
(كَمَا) لَا يَقَعُ (لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْيَدِ) إلَّا بِنِيَّةِ الْمَجَازِ (وَالرِّجْلِ وَالدُّبُرِ وَالشَّعْرِ وَالْأَنْفِ وَالسَّاقِ وَالْفَخْذِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَاللِّسَانِ وَالْأُذُنِ وَالْفَمِ وَالصَّدْرِ وَالذَّقَنِ وَالسِّنِّ وَالرِّيقِ وَالْعِرْقِ) وَكَذَا فِي الثَّدْيِ وَالدَّمِ جَوْهَرَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ، فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ قَوْمٌ عَنْهَا وَقَعَ،
ــ
[رد المحتار]
الْكُلِّ، وَوُجُودُ الرَّأْسِ فِي الْأَوَّلِ وَالْفَرْجِ فِي الثَّانِي لَا يُصَيِّرُهُ مُعَبَّرًا بِهِ مِنْ الْكُلِّ، لِأَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ بِالْإِضَافَةِ إلَى جُزْءٍ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ اسْمِ جُزْءٍ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فَاتَ نَفْسُ الْجُزْءِ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَالْمَوْجُودُ فِي النِّصْفِ الْأَعْلَى نَفْسُ الرَّأْسِ، وَفِي الْأَسْفَلِ نَفْسُ الْفَرْجِ لَا اسْمُهَا الَّذِي يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، وَلِهَذَا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهَا وَقَالَ: هَذَا الرَّأْسُ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ نَفْسِ الرَّأْسِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَضَعْهَا عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي لِأَنَّهُ يَكُونُ بِمَعْنَى هَذِهِ الذَّاتِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَوْ الْوَجْهُ) أَيْ مِنْك ط (قَوْلُهُ بَلْ عَنْ الْبَعْضِ) بِقَرِينَةِ ذِكْرِ مِنْك فِي الْأَوَّلِ وَوَضْعِ الْيَدِ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ بَلْ قَالَ هَذَا الرَّأْسُ) وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ هَذَا الْوَجْهُ أَوْ هَذِهِ الرَّقَبَةُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ، وَأَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ هَذَا الْعُضْوُ لَمْ يَقَعْ لِأَنَّ الْمُعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْكُلِّ هُوَ اسْمُ الرَّأْسِ وَنَحْوِهِ لَا اسْمُ الْعُضْوِ، نَظِيرُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقَعَ فِي الْأَصَحِّ) وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: بِعْت مِنْك هَذَا الرَّأْسَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِ عَبْدِهِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت جَازَ الْبَيْعُ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فَتْحٌ) قَدَّمْنَا عِبَارَتَهُ قَبْلَ صَفْحَةٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَقَعُ لَوْ أَضَافَهُ إلَى الْيَدِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَهِرْ بَيْنَ النَّاسِ التَّعْبِيرُ بِهَا عَنْ الْكُلِّ، حَتَّى لَوْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ قَوْمٍ وَقَعَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ إلَّا بِنِيَّةِ الْمَجَازِ) أَيْ بِإِطْلَاقِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُشْتَهِرًا فَلَوْ اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةِ الْمَجَازِ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَقَعُ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا حَقِيقَةً. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّلَاقَ مَحَلُّهُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النِّكَاحِ وَمَحَلِّيَّةُ أَجْزَائِهَا لِلنِّكَاحِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِالْإِضَافَةِ إلَى ذَاتِهَا أَوْ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْهَا هُوَ مَحَلٌّ لِلتَّصَرُّفَاتِ أَوْ إلَى مُعَيَّنٍ عَبَّرَ بِهِ عَنْ الْكُلِّ، حَتَّى لَوْ أُرِيدَ نَفْسُهُ لَمْ يَقَعْ فَالْخِلَافُ فِي أَنَّ مَا يُمْلَكُ تَبَعًا هَلْ يَكُونُ مَحَلًّا لِإِضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَيْهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ دُونَ صَيْرُورَتِهِ عِبَارَةً عَنْ الْكُلِّ، فَعِنْدَهُ نَعَمْ، وَعِنْدَنَا لَا وَأَمَّا عَلَى كَوْنِهِ مَجَازًا عَنْ الْكُلِّ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَقَعُ يَدًا كَانَ أَوْ رَجِلًا بَعْدَ كَوْنِهِ مُسْتَقِيمًا لُغَةً اهـ أَيْ بِخِلَافِ نَحْوِ الرِّيقِ وَالظُّفْرِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إرَادَةُ الْكُلِّ بِهِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ ثَلَاثَةٌ: صَرِيحٌ يَقَعُ قَضَاءً بِلَا نِيَّةٍ كَالرَّقَبَةِ وَكِنَايَةٌ لَا يَقَعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَالْيَدِ، وَمَا لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً لَا يَقَعُ بِهِ إنْ نَوَى كَالرِّيقِ وَالسِّنِّ وَالشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالْكَبِدِ وَالْعِرْقِ وَالْقَلْبِ (قَوْلُهُ وَالذَّقَنِ) قُلْت: إطْلَاقُ الذَّقَنِ مُرَادًا بِهَا الْكُلُّ عُرْفٌ مُشْتَهِرٌ الْآنَ، فَإِنَّهُ يُقَالُ: لَا أَزَالُ بِخَيْرٍ مَا دَامَتْ هَذِهِ الذَّقَنُ سَالِمَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ كَالرَّأْسِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الثَّدْيُ وَالدَّمُ جَوْهَرَةٌ) أَقُولُ: الَّذِي فِي الْجَوْهَرَةِ: إذَا قَالَ دَمُك فِيهِ رِوَايَتَانِ، الصَّحِيحَةُ مِنْهُمَا يَقَعُ لِأَنَّ الدَّمَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ، يُقَال ذَهَبَ دَمُهُ هَدَرًا اهـ وَهَكَذَا نُقِلَ عَنْ الْجَوْهَرَةِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَنُقِلَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ تَصْحِيحُ عَدَمِ الْوُقُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ بِهِ) أَيْ بِالْمَذْكُورِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ اهـ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ قَوْمٌ) أَيْ بِمَا ذَكَرَ وَلَا خُصُوصَ لَهُ، بَلْ لَوْ عَبَّرُوا بِأَيِّ عُضْوٍ كَانَ فَهُوَ كَذَلِكَ، ذَكَرَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الدُّرَرِ، وَنَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْمُحَاكِمَاتِ لِجَلَالِ زَادَهْ مَا نَصُّهُ: يَجِبُ أَنْ يُحْتَاطَ فِي أَمْرِ الطَّلَاقِ إذَا أُضِيفَ إلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ بِاللِّسَانِ التُّرْكِيِّ فَإِنَّهُمَا فِيهِ يُعَبَّرُ بِهِمَا عَنْ الْجُمْلَةِ وَالذَّاتِ. اهـ. ط
وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ مِنْ أَسْبَابِ الْحُرْمَةِ لَا الْحِلِّ اتِّفَاقًا
(وَجُزْءُ الطَّلْقَةِ) وَلَوْ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ (تَطْلِيقَةٌ) لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ، فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ، وَقَعَ أُخْرَى وَهَكَذَا مَا لَمْ يَقُلْ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ، وَلَوْ بِلَا وَاوٍ فَوَاحِدَةً. وَلَوْ قَالَ طَلْقَةً وَنِصْفَهَا فَثِنْتَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ جَوْهَرَةٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانُ السُّدُسِ رُبُعًا فَثِنْتَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَصْلُ هَذَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ مَا يُعَبَّرَ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْإِصْبَعِ وَالدُّبُرِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ. وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَالرِّيقِ وَالْعِرْقِ لَا يَقَعُ. ثُمَّ قَالَ: وَالْعَتَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَكُلُّ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْحُرْمَةِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ؛ فَلَوْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى أَوْ أَعْتَقَ أُصْبُعَهَا لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا وَيَصِحُّ عِنْدَهُمْ، وَكَذَا الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَسْبَابِ الْحِلِّ كَالنِّكَاحِ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ الْكُلِّ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. قُلْتُ: وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ حُكْمُ الْإِضَافَةِ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ فِي النِّكَاحِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَقِدُ بِتَزَوَّجْت نِصْفَك فِي الْأَصَحِّ احْتِيَاطًا خَانِيَّةٌ، بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُضِيفَهُ إلَى كُلِّهَا أَوْ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْكُلِّ وَمِنْهُ الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ عَلَى الْأَشْبَهِ ذَخِيرَةٌ وَرَجَّحُوا فِي الطَّلَاقِ خِلَافَهُ فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ. اهـ. وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ اخْتَارَ صِحَّةَ النِّكَاحِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ اخْتَارَ الْوُقُوعَ فِي الطَّلَاقِ، وَمَنْ اخْتَارَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي النِّكَاحِ اخْتَارَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ) بِأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ طَلْقَةٍ ط (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ، فَذِكْرُ جُزْئِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ صَوْنًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَلِذَا جَعَلَ الشَّارِعُ الْعَفْوَ عَنْ بَعْضِ الْقِصَاصِ عَفْوًا عَنْ كُلِّهِ نَهْرٌ. وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَرُبُعًا أَوْ نِصْفًا طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ) أَيْ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الضَّمِيرِ كَأَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَهَا وَرُبُعَهَا فَقَدْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ عَلَى الْوَاحِدَةِ بِنِصْفِ السُّدُسِ فَتَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى ط (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) يَعْنِي لَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ عَلَى الطَّلْقَتَيْنِ وَقَعَ ثَلَاثٌ، نَحْوُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُلُثَيْ طَلْقَةٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا ح. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَّا أَنَّ الْأَصَحَّ فِي اتِّحَادِ الْمَرْجِعِ وَإِنْ زَادَتْ أَجْزَاءُ وَاحِدَةٍ أَنْ تَقَعَ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْأَجْزَاءَ إلَى وَاحِدَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَبْسُوطِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْمَشَايِخِ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَنِصْفَهَا تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ، بِخِلَافِ وَاحِدَةً وَنِصْفًا. اهـ. وَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَزَاهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ إلَى الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ، لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته فِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ تَجَاوَزَ الْعَدَدَ عَنْ وَاحِدَةٍ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: تَقَعُ تَطْلِيقَتَانِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَاحِدَةٌ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ) لِأَنَّ الْمُنْكَرَ إذَا أُعِيدَ مُنْكَرًا كَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ فَيَتَكَامَلُ كُلُّ جُزْءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ نِصْفُ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثُهَا وَسُدُسُهَا حَيْثُ تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ عَيْنُ الْأَوَّلِ؛ وَهَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا وَاوٍ فَوَاحِدَةٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ: نِصْفَ طَلْقَةٍ، ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ لِدَلَالَةِ حَذْفِ الْعَاطِفِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ مِنْ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنَّ الثَّانِيَ بَدَلٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثَ بَدَلٌ مِنْ الثَّانِي وَالْبَدَلُ هُوَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَقَدْ عَلِمْت عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَرْجِعِ وَأَنَّهُ جَرَى عَلَيْهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ. (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانُ السُّدُسِ رُبُعًا إلَخْ) نَصُّ عِبَارَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ: فَلَوْ قَالَ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَرُبُعَ تَطْلِيقَةٍ فَثِنْتَانِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الرُّبُعِ سُدُسًا فَثَلَاثٌ، وَقِيلَ وَاحِدَةٌ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ، فَإِنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ
وَاحِدَةً قُهُسْتَانِيٌّ، وَسَيَجِيءُ أَنَّ اسْتِينَاءَ بَعْضِ التَّطْلِيقِ لَغْوٌ بِخِلَافِ إيقَاعِهِ
(وَ) يَقَعُ بِقَوْلِهِ (مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ، وَاحِدَةٌ) بِقَوْلِهِ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ (إلَى ثَلَاثٍ ثِنْتَانِ) الْأَصْلُ فِيمَا أَصْلُهُ الْحَظْرُ دُخُولُ الْغَايَةِ الْأُولَى فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَفِيمَا مَرْجِعُهُ الْإِبَاحَةُ كَخُذْ مِنْ مَالِي مِنْ مِائَةٍ إلَى أَلْفٍ الْغَايَتَيْنِ اتِّفَاقًا
(وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثَةِ أَنْصَافِ طَلْقَتَيْنِ ثَلَاثَةٌ) وَقِيلَ ثِنْتَانِ (وَبِثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ طَلْقَةٌ
ــ
[رد المحتار]
لَمْ تَزِدْ الْأَجْزَاءُ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَجَعَلَ الْوَاقِعَ فِيهَا، ثَلَاثًا، وَفِي الْأُولَى زَادَتْ وَجَعَلَ الْوَاقِعَ ثِنْتَيْنِ مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ ثَلَاثًا فِي الصُّورَتَيْنِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْأَجْزَاءِ إنَّمَا هُوَ اتِّحَادُ الْمَرْجِعِ؛ أَمَّا عِنْدَ الْإِتْيَانِ بِالِاسْمِ النَّكِرَةِ فَيُعْتَبَرُ كُلُّ جُزْءٍ بِطَلْقَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ. عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْمُحِيطِ كَمَا نَقَلَهُ ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ. هَكَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَسُدُسَ تَطْلِيقَةٍ يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى تَطْلِيقَةٍ مُنَكَّرَةٍ وَالنَّكِرَةُ إذَا كُرِّرَتْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ غَيْرَ الْأُولَى؛ وَلَوْ قَالَ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَهَا وَسُدُسَهَا يَقَعُ وَاحِدَةٌ، فَإِنْ جَاوَزَ مَجْمُوعُ الْأَجْزَاءِ تَطْلِيقَةً بِأَنْ قَالَ: نِصْفَ تَطْلِيقَةً وَثُلُثَهَا وَرُبُعَهَا، قِيلَ: تَقَعُ وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. اهـ. وَقَدَّمْنَا عَنْ الْفَتْحِ أَنَّهُ فِي الْمَبْسُوطِ صَحَّحَ وُقُوعَ الْوَاحِدَةِ، وَعَلَى كُلٍّ فَمَوْضُوعُ الْخِلَافِ هُوَ الْإِضَافَةُ إلَى الضَّمِيرِ لَا إلَى الِاسْمِ الْمُنَكَّرِ، لَكِنْ رَأَيْت فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ مَا نَصُّهُ: وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ: إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَرُبُعَ تَطْلِيقَةٍ تَقَعُ ثِنْتَانِ هُوَ الْمُخْتَارُ. فَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَنْبَغِي فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَثُلُثَ تَطْلِيقَةٍ وَسُدُسَ تَطْلِيقَةٍ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ وَهَذَا أَقَلُّ إشْكَالًا وَكَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى الِاسْمِ النَّكِرَةِ أَيْضًا كَالْإِضَافَةِ إلَى الضَّمِيرِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا حَرُمَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَتْحِ وَالنَّهْرِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ مُتَنَافِي آخِرَ التَّعْلِيقِ حَيْثُ قَالَ إخْرَاجُ بَعْضِ التَّطْلِيقِ لَغْوٌ، بِخِلَافِ إيقَاعِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ فِي الْمُخْتَارِ اهـ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثِنْتَانِ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ لَا يَتَجَزَّأُ فِي الْإِيقَاعِ فَكَذَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إيقَاعِهِ) أَيْ إيقَاعِ الْبَعْضِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا.
(قَوْلُهُ وَيَقَعُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى بِالْمُصَنَّفِ تَأْخِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَمَّا بَعْدَهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ لِيَقَعَ الْكَلَامُ عَلَى الْأَجْزَاءِ مُتَّصِلًا (قَوْلُهُ فِيمَا أَصْلُهُ الْحَظْرُ) أَيْ بِأَنْ لَا يُبَاحَ إلَّا لِدَفْعِ الْحَاجَةِ كَالطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ) وَقَالَا بِدُخُولِ الْغَايَتَيْنِ، فَيَقَعُ فِي الْأُولَى ثِنْتَانِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ. وَقَالَ زُفَرُ لَا يَقَعُ فِي الْأُولَى شَيْءٌ، وَيَقَعُ فِي الثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِعَدَمِ دُخُولِ الْغَايَتَيْنِ فِي الْمَحْدُودِ كَبِعْتُك مِنْ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ، وَقَوْلُ الثَّلَاثَةِ اسْتِحْسَانٌ بِالْعُرْفِ، وَهُوَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَتَى ذُكِرَ فِي الْعُرْفِ وَكَانَ بَيْنَ الْغَايَتَيْنِ عَدَدٌ يُرَادُ بِهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْأَقَلِّ وَالْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ كَقَوْلِك سِنِّي مِنْ سِتِّينَ إلَى سَبْعِينَ أَيْ أَكْثَرُ مِنْ سِتِّينَ وَأَقَلُّ مِنْ سَبْعِينَ؛ فَفِي نَحْوِ: طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى اثْنَتَيْنِ انْتَفَى ذَلِكَ الْعُرْفُ عِنْدَ الْإِمَامِ فَوَجَبَ إعْمَالُ طَالِقٍ فَوَقَعَ بِهِ وَاحِدَةٌ، وَيَدْخُلُ الْكُلُّ فِيمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَخُذْ مِنْ مَالِي مِنْ دِرْهَمٍ إلَى دِرْهَمَيْنِ، أَمَّا مَا أَصْلُهُ الْحَظْرُ فَلَا، فَإِنَّ حَظْرَهُ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْكُلِّ إلَّا أَنَّ الْغَايَةَ الْأُولَى دَخَلَتْ ضَرُورَةً إذْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ، إذْ لَا ثَانِيَةَ بِلَا أُولَى بِخِلَافِ الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ ثَلَاثٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وُقُوعُ الثَّانِيَةِ بِلَا ثَالِثَةٍ؛ أَمَّا فِي صُورَةٍ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إدْخَالِهَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَتَمَامُ تَقْرِيرِهِ فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ الْغَايَتَيْنِ) أَيْ دُخُولِ الْغَايَتَيْنِ، فَلَهُ أَخْذُ الْكُلِّ أَيْ الْأَلِفِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ ثَلَاثَةٌ إلَخْ) لِأَنَّ نِصْفَ التَّطْلِيقَتَيْنِ وَاحِدَةٌ، فَثَلَاثَةُ أَنْصَافِ تَطْلِيقَتَيْنِ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ ضَرُورَةً نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ ثِنْتَانِ) لِأَنَّ التَّطْلِيقَتَيْنِ إذَا نُصِّفَتَا كَانَتْ أَرْبَعَةَ أَنْصَافٍ، فَثَلَاثَةٌ مِنْهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَتَكْمُلُ تَطْلِيقَتَيْنِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا التَّوَهُّمَ مُنْشَؤُهُ اشْتِبَاهٌ
أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَانِ، وَقِيلَ يَقَعُ ثَلَاثٌ) وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (وَبِوَاحِدَةٍ فِي ثِنْتَيْنِ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ أَوْ نَوَى الضَّرْبَ) لِأَنَّهُ يُكْثِرُ الْأَجْزَاءَ لَا الْأَفْرَادَ (وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثَنَيْنَ فَثَلَاثٌ) لَوْ مَدْخُولًا بِهَا. (وَفِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ وَاحِدَةٌ كَ) قَوْلِهِ لَهَا (وَاحِدَةٍ وَثِنْتَيْنِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلثِّنْتَيْنِ مَحَلٌّ (وَإِنْ نَوَى مَعَ الثِّنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ) مُطْلَقًا
(وَ) يَقَعُ (بِثِنْتَيْنِ) فِي ثِنْتَيْنِ وَلَوْ (بِنِيَّةِ الضَّرْبِ ثِنْتَانِ) لِمَا مَرَّ، وَلَوْ نَوَى مَعْنَى الْوَاوِ أَوْ مَعَ فَكَمَا مَرَّ
(وَ) بِقَوْلِهِ (مِنْ هُنَا إلَى الشَّامِ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً) مَا لَمْ يَصِفْهَا بِطُولٍ أَوْ كِبَرٍ فَبَائِنَةٌ
(وَ) أَنْتِ طَالِقٌ (بِمَكَّةَ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُنَا نِصْفَا تَطْلِيقَتَيْنِ وَنَصَّفْنَا كُلًّا مِنْ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَالثَّانِي هُوَ الْمُوجِبُ لِلْأَرْبَعَةِ أَنْصَافٍ، وَاللَّفْظُ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُهُ وَلِذَا لَوْ نَوَاهُ دِينَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ نَهْرٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ أَنَّ نِصْفَ التَّطْلِيقَتَيْنِ تَطْلِيقَةٌ لَا نِصْفَا تَطْلِيقَتَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ) وَكَذَا نِصْفُ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، وَلَوْ قَالَ: نِصْفَ تَطْلِيقَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ، أَوْ نِصْفَيْ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ فَثَلَاثٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ طَلْقَتَانِ) لِأَنَّهَا طَلْقَةٌ وَنِصْفٌ فَيَتَكَامَلُ النِّصْفُ؛ وَفِي نِصْفَيْ طَلْقَتَيْنِ يَتَكَامَلُ كُلُّ نِصْفٍ فَيَحْصُلُ طَلْقَتَانِ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَةُ أَثْلَاثِ طَلْقَةٍ وَخَمْسَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ مِثْلَ ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَقَعُ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ كُلَّ نِصْفٍ يَتَكَامَلُ فِي نَفْسِهِ فَتَصِيرُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَاخْتَارَهُ النَّاطِفِيُّ وَصَحَّحَهُ الْعَتَّابِيُّ. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ لِلتَّنْصِيفِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً وَذَكَرَ أَحْكَامَهَا فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُكْثِرُ الْأَجْزَاءَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الضَّرْبَ يُؤَثِّرُ فِي تَكْثِيرِ أَجْزَاءِ الْمَضْرُوبِ لَا فِي زِيَادَةِ الْعَدَدِ، وَالطَّلْقَةُ الَّتِي جُعِلَ لَهَا أَجْزَاءٌ كَثِيرَةً لَا تَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ، وَلَوْ زَادَ فِي الْعَدَدِ لَمْ يَبْقَ فِي الدُّنْيَا فَقِيرٌ لِأَنَّهُ يَضْرِبُ دِرْهَمَهُ فِي مِائَةٍ فَيَصِيرُ مِائَةً ثُمَّ الْمِائَةُ فِي أَلْفٍ فَتَصِيرُ مِائَةَ أَلْفٍ. وَقَالَ زُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، يَقَعُ ثِنْتَانِ، لِأَنَّ عُرْفَ أَهْلِ الْحِسَابِ فِيهِ تَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِعَدَدِ الْآخَرِ وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَمْنَعُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِعُرْفِهِمْ وَأَرَادَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْقَعَ بِلُغَةٍ أُخْرَى فَارِسِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ يَدْرِيهَا. وَالْإِلْزَامُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ فِي الدُّنْيَا فَقِيرٌ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ دِرْهَمِهِ فِي مِائَةٍ، إنْ كَانَ إخْبَارًا كَقَوْلِهِ عِنْدِي دِرْهَمٌ فِي مِائَةٍ فَهُوَ كَذِبٌ، وَإِنْ كَانَ إنْشَاءً كَجَعَلْتُهُ فِي مِائَةٍ لَا يُمْكِنُ لِأَنَّهُ لَا يُجْعَلُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمَا أَجَابَ بِهِ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي ثِنْتَيْنِ ظَرْفٌ حَقِيقَةً وَهُوَ لَا يَصْلُحُ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ صَالِحًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الْعُرْفُ وَلَا النِّيَّةُ، كَمَا لَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ اسْقِنِي الْمَاءَ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ، رَدَّهُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ: أَيْ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ لِأَهْلِ الْحِسَابِ صَرِيحٌ فِي مَعْنَاهُ الْعُرْفِيِّ، كَذَا رَدَّهُ فِي النَّهْرِ وَالْمِنَحِ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: فَتُزَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْمَسَائِلِ الْمُفْتَى بِهَا بِقَوْلِ زُفَرَ اهـ أَيْ لِأَنَّ الْمُحَقِّقَ ابْنَ هَمَّامٍ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ. (قَوْلُهُ فَثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ، فَإِنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَالظَّرْفُ يَجْمَعُ الْمَظْرُوفَ، فَصَحَّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنَى الْوَاوِ بَحْرٌ، وَفِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَوْ مَدْخُولًا بِهَا) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا لِيَشْمَلَ الْمُخْتَلَى بِهَا، فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِي الْعِدَّةِ يَلْحَقُهَا احْتِيَاطًا وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِلصَّوَابِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَحْكَامِ الْخَلْوَةِ مِنْ بَابِ الْمَهْرِ، وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ لَهَا) أَيْ لِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ فَإِنَّهَا تَبِينُ بِقَوْلِهِ وَاحِدَةً لَا إلَى عِدَّةٍ فَلَا يَلْحَقُهَا مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ فَثَلَاثٌ) لِأَنَّ إرَادَةَ مَعْنَى مَعَ بِفِي ثَابِتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} [الأحقاف: 16] فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً مَعَ ثِنْتَيْنِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مَدْخُولًا بِهَا أَوْ لَا ح
(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ يُكْثِرُ الْأَجْزَاءَ لَا الْأَفْرَادَ ح (قَوْلُهُ فَكَمَا مَرَّ) أَيْ فَيَقَعُ فِي صُورَةِ مَعْنَى الْوَاو ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَثِنْتَانِ فِي غَيْرِهَا وَفِي صُورَةِ مَعْنَى مَعَ ثَلَاثٌ مُطْلَقًا ح.
(قَوْلُهُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً) لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِالْقَصْرِ لِأَنَّهُ مَتَى وَقَعَ فِي مَكَان وَقَعَ فِي كُلِّ الْأَمَاكِنِ،
الدَّارِ أَوْ الظِّلِّ أَوْ الشَّمْسِ أَوْ ثَوْبِ كَذَا تَنْجِيزٌ) يَقَعُ لِلْحَالِ (كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً أَوْ مُصَلِّيَةٌ) أَوْ أَنْتِ مَرِيضَةٌ أَوْ أَنْتِ تُصَلِّينَ (وَيُصَدَّقُ) فِي الْكُلِّ (دِيَانَةً) لَا قَضَاءً (وَلَوْ قَالَ عَنَيْت إذَا) دَخَلْت أَوْ إذَا (لَبِسْت أَوْ إذَا مَرِضْت) وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ كَقَوْلِهِ: إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ أَوْ الشِّتَاءِ. (وَإِذَا دَخَلْت مَكَّةَ تَعْلِيقٌ) وَكَذَا فِي دُخُولِك الدَّارَ أَوْ فِي لُبْسِك ثَوْبَ كَذَا أَوْ فِي صَلَاتِك وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّرْفَ يُشْبِهُ الشَّرْطَ، وَلَوْ قَالَ لِدُخُولِك أَوْ لِحَيْضِك تَنْجِيزٌ؛ وَلَوْ بِالْبَاءِ تَعَلَّقَ، وَفِي حَيْضِك وَهِيَ حَائِضٌ فَحَتَّى
ــ
[رد المحتار]
فَتَخْصِيصُهُ بِالشَّامِ تَقْصِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا وَرَاءَهُ ثُمَّ لَا يَحْتَمِلُ الْقَصْرَ حَقِيقَةً، فَكَانَ قَصْرٌ حُكْمُهُ وَهُوَ بِالرَّجْعِيِّ وَطُولُهُ بِالْبَائِنِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَصِفْهَا بِعِظَمٍ وَلَا كِبَرٍ بَلْ مَدَّهَا إلَى مَكَان وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُهُ، فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ زِيَادَةُ شِدَّةٍ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ ثَوْبٍ كَذَا) أَيْ وَعَلَيْهَا ثَوْبٌ غَيْرُهُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ يَقَعُ لِلْحَالِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ تَنْجِيزٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ الْقَيْدِ الشَّرْعِيِّ مَعْدُومٌ فِي الْحَالِ، وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ لِمَنْ أَرَادَهُ أَنْ يُعَلِّقَ وُجُودَهُ بِوُجُودِ أَمْرٍ مَعْدُومٍ يُوجَدُ الطَّلَاقُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَالْأَفْعَالُ وَالزَّمَانُ هُمَا الصَّالِحَانِ لِذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْدُومٌ فِي الْحَالِ ثُمَّ يُوجَدُ، بِخِلَافِ الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ عَيْنٌ ثَابِتَةٌ فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِنَاطَةُ بِهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا قَضَاءً) لِمَا فِيهِ مِنْ التَّخْفِيفِ عَلَى نَفْسِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَيَتَعَلَّقُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُصَدَّقُ، وَقَوْلُهُ بِهِ: أَيْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الصُّوَرِ ط (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إلَى سَنَةٍ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى اللَّيْلِ أَوْ إلَى شَهْرٍ أَوْ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى الصَّيْفِ أَوْ إلَى الشِّتَاءِ أَوْ إلَى الرَّبِيعِ أَوْ إلَى الْخَرِيفِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَنْوِيَ الْوُقُوعَ بَعْدَ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَعْدَ مُضِيِّهِ، أَوْ يَنْوِيَ الْوُقُوعَ وَيَجْعَلَ الْوَقْتَ لِلِامْتِدَادِ فَيَقَعُ لِلْحَالِ، أَوْ لَا تَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ أَصْلًا فَيَقَعُ بَعْدَ الْوَقْتِ عِنْدَنَا، وَلِلْحَالِ عِنْدَ زُفَرَ قَاسَهُ عَلَى مَا إذَا جَعَلَ الْغَايَةَ مَكَانًا كَإِلَى مَكَّةَ أَوْ إلَى بَغْدَادَ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ الْغَايَةُ وَيَقَعُ لِلْحَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ تَعْلِيقٌ) لِوُجُودِ حَقِيقَتِهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) أَيْ فَيَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَفْعَلَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ فِي صَلَاتِك) وَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تَرْكَعَ وَتَسْجُدَ، وَقِيلَ حَتَّى تَرْفَعَ رَأْسَهَا مِنْ السَّجْدَةِ، وَقِيلَ: حَتَّى تُوجَدَ الْقَعْدَةُ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَقَوْلِهِ فِي مَرَضِك أَوْ وَجَعِك فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّرْفَ يُشْبِهُ الشَّرْطَ) مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَظْرُوفَ لَا يُوجَدُ بِدُونِ الظَّرْفِ كَالْمَشْرُوطِ لَا يُوجَدُ بِدُونِ الشَّرْطِ، فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ مَعْنَاهُ أَعْنِي الظَّرْفَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ تَنْجِيزٌ) الْأَوْلَى تَنَجَّزَ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ جَوَابُ لَوْ كَمَا قَالَ بَعْدَهُ تَعَلَّقَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ، وَإِنَّمَا تَنَجَّزَ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ لِلْحَالِ، وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرَ فَيَقَعُ سَوَاءٌ وَجَدَ الدُّخُولَ أَوْ الْحَيْضَ أَوْ لَا رَحْمَتِيٌّ. قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ لَوْ نَوَى بِاللَّامِ التَّوْقِيتَ كَمَا فِي {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78](قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْبَاءِ تَعَلَّقَ) لِأَنَّهَا لِلْإِلْصَاقِ، وَقَدْ أَوْقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقًا مُلْصَقًا بِمَا ذَكَرَ فَلَا يَقَعُ إلَّا بِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَفِي حَيْضِك إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي حَيْضِك أَوْ مَعَ حَيْضِك فَحَيْثُمَا رَأَتْ الدَّمَ تَطْلُقُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَمِرَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي لِلظَّرْفِ وَالْحَيْضُ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا فَيُجْعَلُ شَرْطًا وَكَلِمَةُ مَعَ لِلْمُقَارَنَةِ، فَإِذَا اسْتَمَرَّ ثَلَاثًا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ حَيْضًا مِنْ حِينِ وُجُودِهِ فَيَقَعُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَلَوْ قَالَ: فِي حَيْضَتِك فَمَا لَمْ تَحِضْ وَتَطْهُرُ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ اسْمٌ لِلْكَامِلِ وَذَلِكَ بِاتِّصَالِ الطُّهْرِ بِهَا، وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا فِي هَذِهِ الْفُصُولِ كُلِّهَا لَا يَقَعُ مَا لَمْ تَطْهُرْ وَتَحِيضُ أُخْرَى لِأَنَّهُ جَعَلَ الْحَيْضَ شَرْطًا لِلْوُقُوعِ وَالشَّرْطُ مَا يَكُونُ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَهُوَ الْحَيْضُ الْمُسْتَقْبَلُ لَا الْمَوْجُودُ فِي الْحَالِ اهـ. قُلْت: وَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ لَوْ نَوَى فِي مُدَّةِ حَيْضِك الْمَوْجُودِ تَأَمَّلْ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ حَائِضٌ إذَا حِضْت فَهُوَ عَلَى حَيْضٍ مُسْتَقْبَلٍ فَإِنْ عَنَى مَا يَحْدُثُ مِنْ هَذَا الْحَيْضِ فَكَمَا نَوَى لِأَنَّهُ يَحْدُثُ حَالًا فَحَالًا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلْحُبْلَى إذَا حَبِلَتْ وَنَوَى هَذَا الْحَبَلَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْزَاءً مُتَعَدِّدَةً. اهـ.
تَحِيضَ أُخْرَى، وَفِي حَيْضَتِك فَحَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، وَفِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَنْجِيزٌ، وَفِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَعْلِيقٌ بِمَجِيءِ الثَّالِثِ سِوَى يَوْمِ حَلِفِهِ لِأَنَّ الشُّرُوطَ تُعْتَبَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَغْوٌ، وَقَبْلَهُ تَنْجِيزٌ.
وَفِي طَالِقٍ تَطْلِيقَةً حَسَنَةً فِي دُخُولِك الدَّارَ إنْ رَفَعَ حَسَنَةً تَنَجَّزَ وَإِنْ نَصَبَهَا تَعَلَّقَ. وَسَأَلَ الْكِسَائِيُّ مُحَمَّدًا عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ:
فَإِنْ تَرْفُقِي يَا هِنْدُ فَالرِّفْقُ أَيْمَنُ
…
وَإِنْ تَخْرِقِي يَا هِنْدُ فَالْخِرْقُ أَشْأَمُ
ــ
[رد المحتار]
وَفِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ لِحَائِضٍ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ عَلَى حَيْضٍ مُسْتَقْبَلٍ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إذَا حِضْت غَدًا فَهُوَ عَلَى دَوَامِ ذَلِكَ الْحَيْضِ إلَى فَجْرِ الْغَدِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُ حَيْضَةٍ فِي الْغَدِ فَيُحْتَمَلُ الدَّوَامُ، وَكَذَا إذَا مَرِضَتْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلصَّحِيحَةِ إذَا صَحَّحْت فَيَقَعُ كَمَا سَكَتَ لِأَنَّ الصِّحَّةَ أَمْرٌ يَمْتَدُّ فَلِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ؛ كَقَوْلِهِ لِلْقَائِمِ إذَا قُمْت، وَلِلْقَاعِدِ إذَا قَعَدْت، وَلِلْمَمْلُوكِ إذَا مَلَكْتُك، وَالْحَيْضُ وَالْمَرَضُ وَإِنْ كَانَ يَمْتَدُّ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا عَلَّقَ بِالْجُمْلَةِ أَحْكَامًا لَا تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ فَقَدْ جَعَلَ الْكُلَّ شَيْئًا وَاحِدًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَنْجِيزٌ) لِأَنَّ الْوَقْتَ يَصْلُحُ ظَرْفًا لِكَوْنِهَا طَالِقًا، وَمَتَى طَلُقَتْ فِي وَقْتٍ طَلُقَتْ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِمَجِيءِ الثَّالِثِ) لِأَنَّ الْمَجِيءَ فِعْلٌ فَلَمْ يَصِحَّ ظَرْفًا فَصَارَ شَرْطًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ تُعْتَبَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ سِوَى يَوْمِ حَلِفِهِ، فَإِنَّ مَجِيءَ الْيَوْمِ عِبَارَةٌ عَنْ مَجِيءِ أَوَّلِ جُزْئِهِ، يُقَالُ جَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ قَدْ مَضَى أَوَّلُ جُزْئِهِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَمُفَادُهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا لَوْ حَلَفَ نَهَارًا. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ قَالَ فِي اللَّيْلِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ طَلُقَتْ كَمَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَلَوْ قَالَ فِي مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ قَالَ ذَلِكَ لَيْلًا طَلُقَتْ بِغُرُوبِ شَمْسِ الثَّالِثِ، هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْجَامِعِ، وَفِي بَعْضِهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَجِيءَ سَاعَةُ حَلِفِهِ مِنْ اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ لَغْوٌ) لِأَنَّ التَّكَالِيفَ رُفِعَتْ فِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَنَجَّزْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْوُقُوعَ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ وَالزَّمَانُ يَصْلُحُ لِلْإِيقَاعِ إلَّا أَنَّهُ مَنَعَ مَانِعٌ مِنْ إيقَاعِهِ فِيهِ ط (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ تَنْجِيزٌ) لِأَنَّ الْقَبْلِيَّةَ ظَرْفٌ مُتَّسَعٌ فَيَصْدُقُ بِحِينِ التَّكَلُّمِ ط.
(قَوْلُهُ إنْ رَفَعَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّهُ عَلَى الرَّفْعِ يَكُونُ نَعْتًا لِلْمَرْأَةِ فَاصِلًا، وَعَلَى النَّصْبِ يَكُونُ نَعْتًا لِلتَّطْلِيقَةِ، فَلَمْ يَكُنْ فَاصِلًا نَهْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ: أَيْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فَاصِلٌ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ فِي دُخُولِك مُسْتَأْنَفًا بَلْ يَتَعَلَّقُ بِطَالِقٍ فَيَتَقَيَّدُ بِهِ (قَوْلُهُ وَسَأَلَ الْكِسَائِيُّ مُحَمَّدًا إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي مِنْ بَابِ الْأَوَّلِ مِنْ بَحْثِ اللَّامِ: أَنَّهُ كَتَبَ الرَّشِيدُ إلَى أَبِي يُوسُفَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَحْوِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ وَلَا آمَنُ مِنْ الْخَطَأِ إنْ قُلْت فِيهَا، فَسَأَلْت الْكِسَائِيَّ فَقَالَ: إنْ رَفَعَ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً لِأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَلَاقٌ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ الطَّلَاقَ التَّامَّ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَصَبَهَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَمَا بَيْنَهُمَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ اهـ مُلَخَّصًا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ بَعْدَ كَوْنِهِ غَلَطًا بَعِيدٌ عَنْ مَعْرِفَةِ مَقَامِ الِاجْتِهَادِ، فَإِنَّ مِنْ شَرْطِهِ مَعْرِفَةَ الْعَرَبِيَّةِ وَأَسَالِيبِهَا " لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ يَقَعُ فِي الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ. وَاَلَّذِي نَقَلَهُ أَهْلُ الثَّبْتِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَمَّنْ قَرَأَ الْفَتْوَى حِينَ وَصَلَتْ خِلَافُهُ، وَأَنَّ الْمُرْسِلَ الْكِسَائِيُّ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَلَا دَخْلَ لِأَبِي يُوسُفَ أَصْلًا وَلَا الرَّشِيدِ وَلَمَقَامُ أَبِي يُوسُفَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ فِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ مَعَ إمَامَتِهِ وَاجْتِهَادِهِ وَبَرَاعَتِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْأَلْفَاظِ. فَفِي الْمَبْسُوطِ: ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ الْكِسَائِيَّ بَعَثَ إلَى مُحَمَّدٍ بِفَتْوَى فَدَفَعَهَا إلَيَّ فَقَرَأْتهَا عَلَيْهِ، فَكَتَبَ فِي جَوَابِهِ مَا مَرَّ، فَاسْتَحْسَنَ الْكِسَائِيُّ جَوَابَهُ. اهـ. وَذَكَرَ ح عَنْ حَاشِيَةِ الْمُغْنِي لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَرْوِيُّ فِي تَارِيخِ الْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَرْفُقِي إلَخْ) بَعْدَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ بَيْتٌ ثَالِثٌ وَهُوَ قَوْلُهُ: