المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَلَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا وَلِنِصْفِهِ فَفِي عِدَّةِ الْبَحْرِ بَحْثًا أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ، - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٣

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ النِّكَاحِ

- ‌[فُرُوعٌ قَالَ زَوِّجْنِي ابْنَتَك عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِك]

- ‌فَصْلٌ فِي الْمُحَرَّمَاتِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]

- ‌بَابُ الْوَلِيِّ

- ‌[فُرُوعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ

- ‌[فَرْعٌ] هَلْ لِوَلِيِّ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ تَزْوِيجُهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ

- ‌بَابُ الْكَفَاءَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَكِيلِ وَالْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ]

- ‌[فُرُوعٌ] الْفُضُولِيُّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ النِّكَاحِ

- ‌بَابُ الْمَهْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حَطِّ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ مَهْرِ الْمِثْلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَنْعِ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لِقَبْضِ الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي السَّفَرِ بِالزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبُ مَسَائِلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَهْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُرْسِلُهُ إلَى الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ

- ‌فُرُوعٌ] الْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَهْرِ السِّرِّ وَمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْعَزْلِ]

- ‌بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ

- ‌[مَطْلَبُ الْوَلَدِ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا]

- ‌[بَابُ الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات]

- ‌بَابُ الرَّضَاعِ

- ‌كِتَابُ الطَّلَاقِ

- ‌[أَقْسَام الطَّلَاق]

- ‌[أَلْفَاظ الطَّلَاق]

- ‌[مَحِلّ الطَّلَاق]

- ‌[أَهْل الطَّلَاق]

- ‌[رُكْن الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَعْرِيفِ السَّكْرَانِ وَحُكْمِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اعْتِبَارُ عَدَدِ الطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ]

- ‌[بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاق]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إضَافَةِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّمَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الِانْقِلَابُ وَالِاقْتِصَارُ وَالِاسْتِنَادُ وَالتَّبْيِينُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ الطَّلَاقُ يَقَعُ بِعَدَدٍ قُرِنَ بِهِ لَا بِهِ]

- ‌بَابُ الْكِنَايَاتِ

- ‌بَابُ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْمَشِيئَةِ

- ‌بَابُ التَّعْلِيقِ

- ‌[مطلب فِي أَلْفَاظ الشَّرْط]

- ‌[مَطْلَبٌ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وُجُودِ الشَّرْطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ تَكَرَّرَ الشَّرْطُ بِعَطْفٍ أَوْ بِدُونِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَسَائِلُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَشِيئَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ]

- ‌بَابُ طَلَاقِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ الرَّجْعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمُبَانَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي حِيلَةُ إسْقَاطِ عِدَّةِ الْمُحَلِّلِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ إقْرَارٌ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ]

- ‌بَابُ الْإِيلَاءِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]

- ‌بَابُ الْخُلْعِ

- ‌[فَائِدَةٌ فِي شُرَطُ قَبُول الْخُلْعَ وألفاظه]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْخُلْعِ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الصَّغِيرَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلْعِ الْمَرِيضَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ] : قَالَ خَالِعَتك عَلَى أَلْفٍ قَالَهُ ثَلَاثًا فَقَبِلَتْ

- ‌بَابُ الظِّهَارِ:

- ‌[بَاب كَفَّارَة الظِّهَار]

- ‌بَابُ اللِّعَانِ:

- ‌[مَطْلَبٌ الْحَمْلُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ نَفْخًا]

- ‌بَابُ الْعِنِّينِ

- ‌بَابُ الْعِدَّةِ:

- ‌[مطلب فِي عدة الْمَوْت]

- ‌[مَطْلَبٌ عِدَّةُ الْمَنْكُوحَةِ فَاسِدًا وَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ فِي فَرْجِهَا هَلْ تَعْتَدُّ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمَنْعِيِّ إلَيْهَا زَوْجُهَا]

- ‌فَصْلٌ فِي الْحِدَادِ

- ‌[فُرُوعٌ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُسْكِنَ الْمُعْتَدَّة بِجِوَارِهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ

- ‌[فَرْعٌ نَكَحَ أَمَةً فَطَلَّقَهَا فَشَرَاهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ شَرَاهَا]

- ‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

- ‌بَابُ النَّفَقَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الْمَرْأَةِ كَفِيلًا بِالنَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ خَادِمِ الْمَرْأَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ وَبِالْغَيْبَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الصُّلْحِ عَنْ النَّفَقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا تَصِيرُ النَّفَقَةُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْعَبْدِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْكَنِ الزَّوْجَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُؤْنِسَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الْغَائِبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الصَّغِيرُ وَالْمُكْتَسِبُ نَفَقَةً فِي كَسْبِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إرْضَاعِ الصَّغِيرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ الْمَمْلُوكِ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌[فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكْتُبَ لِلْعِتْقِ كِتَابًا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ شُهُودًا]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كِنَايَاتِ الْإِعْتَاقِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مِلْكِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ]

- ‌بَابُ عِتْقِ الْبَعْضِ

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ بِعْت مِنْك نَصِيبِي]

- ‌بَابُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ

- ‌بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعَلٍ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْحُلْف بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا وَأَنْتَ حُرٌّ فَأَعْتَقَ عَبْدًا لَا يَعْتِقُ]

- ‌بَابُ التَّدْبِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] .قَالَ مَرِيضٌ أَعْتِقُوا غُلَامِي بَعْدَ مَوْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ

- ‌بَابُ الِاسْتِيلَادِ

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِهَا فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ]

- ‌[فُرُوعٌ] أَرَادَ وَطْءَ أَمَتِهِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالسُّكْنَى وَالْإِتْيَانِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ]حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فَسَاكَنَهُ فِي عَرْصَةِ دَارٍ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالْكَلَامِ

- ‌[فُرُوعٌ] حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا وَالْآخَرُ بَصَلًا وَالْآخَرُ فِلْفِلًا فَطُبِخَ حَشْوٌ فِيهِ كُلُّ ذَلِكَ فَأَكَلُوا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الْيَمِينِ فِي الضَّرْبِ وَالْقَتْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

- ‌[فُرُوعٌ] قَالَ لِغَيْرِهِ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا

الفصل: وَلَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا وَلِنِصْفِهِ فَفِي عِدَّةِ الْبَحْرِ بَحْثًا أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ،

وَلَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا وَلِنِصْفِهِ فَفِي عِدَّةِ الْبَحْرِ بَحْثًا أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ، لَكِنَّهُ نَقَلَ هُنَا عَنْ الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لِلثَّانِي مُعَلِّلًا بِأَنَّ إقْدَامَهَا عَلَى التَّزَوُّجِ دَلِيلُ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ حَتَّى لَوْ عَلِمَ بِالْعِدَّةِ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ وَوَلَدُهَا لِلْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْهُ بِأَنْ تَلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُذْ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ.

وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً فَجَاءَتْ بِسِقْطٍ مُسْتَبِينِ الْخَلْقِ، فَإِنْ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَنَسَبُهُ لِلثَّانِي، وَإِنْ لِأَرْبَعَةٍ إلَّا يَوْمًا فَنَسَبُهُ لِلْأَوَّلِ وَفَسَدَ النِّكَاحُ الْكُلُّ مِنْ الْبَحْرِ.

قُلْت: وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: نَكَحَ كَافِرٌ مُسْلِمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ.

‌بَابُ الْحَضَانَةِ:

بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا: تَرْبِيَةُ الْوَلَدِ.

(تَثْبُتُ لِلْأُمِّ) .

ــ

[رد المحتار]

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ الثَّانِي كَانَ مِنْ الزِّنَا، وَنِكَاحُ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الزِّنَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ بِشُبْهَةٍ، وَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ زِنًا.

فَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ: لَوْ وَلَدَتْ الْمَنْكُوحَةُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لِأَنَّ الْعُلُوقَ سَابِقٌ عَلَى النِّكَاحِ، وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، أَوْ بِشُبْهَةٍ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا) أَيْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَلِنِصْفِهِ أَيْ لِنِصْفِ حَوْلٍ مِنْ وَقْتِ تَزَوُّجِ الثَّانِي فَقَدْ أَمْكَنَ هُنَا جَعْلُهُ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ مِنْ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ نَقَلَ هُنَا) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ أَيْ وَالنَّصُّ هُوَ الْمُتَّبَعُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى الْبَحْثِ مَعَهُ ط. (قَوْلُهُ: دَلِيلُ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا) فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَائِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْهُ) أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مُذْ بَانَتْ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ تَزَوَّجَتْ فَهُوَ لِلثَّانِي كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً) الْأَوْلَى نَكَحَهَا لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ أَعَمَّ لَكِنْ لِيُوَافِقَ آخِرَ الْكَلَامِ. (قَوْلُهُ: فَنَسَبُهُ لِلثَّانِي) أَيْ وَجَازَ النِّكَاحُ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: فَنَسَبُهُ لِلْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْخَلْقَ لَا يَسْتَبِينُ إلَّا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَيَكُونُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً وَأَرْبَعِينَ عَلَقَةً وَأَرْبَعِينَ مُضْغَةً بَحْرٌ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَدَّمْنَا فِي الْعِدَّةِ كَلَامًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ) أَيْ فَالْوَطْءُ فِيهِ زِنًا لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ، بِخِلَافِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ وَطْءٌ بِشُبْهَةٍ فَيَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ وَلِذَا تَكُونُ بِالْفَاسِدِ فِرَاشًا لَا بِالْبَاطِلِ رَحْمَتِيٌّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْحَضَانَةِ]

ِ لَمَّا ذَكَرَ ثُبُوتَ نَسَبِ الْوَلَدِ عَقِيبَ أَحْوَالِ الْمُعْتَدَّةِ ذَكَرَ مَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ الْوَلَدُ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا) كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْبَحْرِ عَنْ الْمُغْرِبِ، لَكِنْ فِي الْقَامُوسِ: حَضَنَ الصَّبِيَّ حَضْنًا وَحِضَانَةً بِالْكَسْرِ جَعَلَهُ فِي حِضْنِهِ، أَوْ رَبَّاهُ كَاحْتَضَنَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَحَضَنَ فُلَانًا حَضْنًا وَحَضَانَةً بِفَتْحِهِمَا نَحَّاهُ عَنْهُ. (قَوْلُهُ: تَرْبِيَةُ الْوَلَدِ) هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ، أَمَّا الشَّرْعِيُّ فَهُوَ تَرْبِيَةُ الْوَلَدِ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ كَمَا أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ. (قَوْلُهُ: تَثْبُتُ لِلْأُمِّ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَقِيلَ: لِلْوَلَدِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ. مَطْلَبٌ: شُرُوطُ الْحَضَانَةِ.

قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَاضِنَةِ أَنْ تَكُونَ حُرَّةً بَالِغَةً عَاقِلَةً أَمِينَةً قَادِرَةً، وَأَنْ تَخْلُوَ مِنْ زَوْجٍ أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا فِي الْحَاضِنِ الذَّكَرِ سِوَى الشَّرْطِ الْأَخِيرِ، هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ. اهـ.

ص: 555

النِّسْبِيَّةِ (وَلَوْ) كِتَابِيَّةً، أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ (بَعْدَ الْفُرْقَةِ)(إلَّا أَنْ تَكُونَ مُرْتَدَّةً) فَحَتَّى تُسْلِمَ لِأَنَّهَا تُحْبَسُ (أَوْ فَاجِرَةً) فُجُورًا يَضِيعُ الْوَلَدُ بِهِ كَزِنًا وَغِنَاءٍ وَسَرِقَةٍ وَنِيَاحَةٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ بَحْثًا.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْعَمَلُ بِإِطْلَاقِهِمْ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْفَاسِقَةَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا حَضَانَةَ لَهَا. وَفِي الْقُنْيَةِ: الْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ وَلَوْ سَيِّئَةَ السِّيرَةِ مَعْرُوفَةً بِالْفُجُورِ مَا لَمْ يَعْقِلْ ذَلِكَ (أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ) .

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ قَوْلِهِ " حُرَّةً ": أَوْ مُكَاتَبَةً وَلَدَتْ فِي الْكِتَابَةِ وَأَنْ يَزِيدَ أَنْ تَكُونَ رَحِمًا مَحْرَمًا وَلَمْ تَكُنْ مُرْتَدَّةً وَلَمْ تُمْسِكْهُ فِي بَيْتِ الْمُبْغِضِ لِلْوَلَدِ وَلَمْ تَمْتَنِعْ عَنْ تَرْبِيَتِهِ مَجَّانًا عِنْدَ إعْسَارِ الْأَبِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا أَمِينَةً أَنْ لَا يَضِيعَ الْوَلَدُ عِنْدَهَا بِاشْتِغَالِهَا عَنْهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهَا كُلَّ وَقْتٍ وَأَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ لَهَا حَقُّ الْحَضَانَةِ، لِقَوْلِ الْعَيْنِيِّ: أَحْكَامُ الْمُرَاهِقِينَ أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ.

قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا عِنْدَ ادِّعَاءِ الْبُلُوغِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي حُكْمِ الْقَاصِرِ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا بَصِيرَةً؟ فَفِي الْأَشْبَاهِ فِي أَحْكَامِ الْأَعْمَى: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ ذَبْحِهِ وَصَيْدِهِ وَحَضَانَتِهِ وَرُؤْيَتِهِ لِمَا اشْتَرَاهُ بِالْوَصْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ ذَبْحُهُ. وَأَمَّا حَضَانَتُهُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ حِفْظُ الْمَحْضُونِ كَانَ أَهْلًا وَإِلَّا فَلَا اهـ وَهُوَ بَحْثٌ وَجِيهٌ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الرَّمْلِيِّ " قَادِرَةً " كَمَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ كَبِيرَةً عَاجِزَةً. (قَوْلُهُ: النَّسَبِيَّةِ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْأُمِّ الرَّضَاعِيَّةِ فَلَا تَثْبُتُ لَهَا. اهـ. ح. وَكَذَا الْأُخْتُ رَضَاعًا وَنَحْوَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كِتَابِيَّةً، أَوْ مَجُوسِيَّةً) لِأَنَّ الشَّفَقَةَ لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ. وَصُورَةُ الثَّانِيَةِ أَنْ يَكُونَا مَجُوسِيَّيْنِ تَرَافَعَا إلَيْنَا، أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَحْدَهُ، وَسَيَأْتِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَعْقِلْ الْوَلَدُ دِينًا. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ) عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ " لَوْ " إشَارَةً إلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْحَضَانَةِ بِمَا بَعْدَهَا، فَتَرْبِيَةُ الْوَلَدِ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ تُسَمَّى حَضَانَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تُحْبَسُ) أَيْ وَتُضْرَبُ فَلَا تَتَفَرَّغُ لِلْحَضَانَةِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ بَحْثًا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْفِسْقِ فِي كَلَامِهِمْ هُنَا الزِّنَا الْمُقْتَضِيَ لِاشْتِغَالِ الْأُمِّ عَنْ الْوَلَدِ - بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ وَنَحْوِهِ - لَا مُطْلَقَهُ الصَّادِقَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الذِّمِّيَّةَ أَحَقُّ بِوَلَدِهَا الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْأَدْيَانَ، فَالْفَاسِقَةُ الْمُسْلِمَةُ أَوْلَى.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَقُولُ فِي قَصْرِهِ عَلَى الزِّنَا قُصُورٌ، إذْ لَوْ كَانَتْ سَارِقَةً، أَوْ مُغَنِّيَةً، أَوْ نَائِحَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ فِسْقٌ يَضِيعُ الْوَلَدُ بِهِ. اهـ.

وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا فِي الْبَحْرِ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ " وَنَحْوِهِ " مَرْفُوعًا عَطْفًا عَلَى الزِّنَا. ثُمَّ رَأَيْت الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ أَجَابَ كَذَلِكَ. قَالَ ح: وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ صَالِحَةً كَثِيرَةَ الصَّلَاةِ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا مَحَبَّةُ اللَّهِ تَعَالَى وَخَوْفُهُ حَتَّى شَغَلَاهَا عَنْ الْوَلَدِ وَلَزِمَ ضَيَاعُهُ اُنْتُزِعَ مِنْهَا وَلَمْ أَرَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عِبَارَةَ الْبَحْرِ: لَكِنْ عِنْدِي فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ لِأَنَّ الذِّمِّيَّةَ إنَّمَا تَفْعَلُ مَا تَفْعَلُ مِمَّا يُوجِبُ الْفِسْقَ عَلَى جِهَةِ اعْتِقَادِهِ دِينًا لَهَا فَكَيْفَ يُلْحَقُ بِهَا الْفَاسِقَةُ الْمُسْلِمَةُ، فَاَلَّذِي يَظْهَرُ إجْرَاءُ كَلَامِ الْكَمَالِ وَغَيْرِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِنْ أَنَّ الْفَاسِقَةَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَا حَضَانَةَ لَهُ. اهـ. وَبَعْد مَا عَلِمْت أَنَّ الْمَنَاطَ هُوَ الضِّيَاعُ حَقَّقْت أَنَّ بَحْثَ الْمُصَنِّفِ لَا حَاصِلَ لَهَا. اهـ. ح.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْقُنْيَةِ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ عَقِبَ عِبَارَتِهِ السَّابِقَةِ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْقِلْ ذَلِكَ) أَيْ مَا لَمْ يَعْقِلْ الْوَلَدُ حَالَهَا، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ تَقْيِيدُ الْفُجُورِ بِأَنْ لَا يَلْزَمَ مِنْهُ ضَيَاعُ الْوَلَدِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَفِي النَّهْرِ: مَا لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ أَيْ مَا لَمْ يَثْبُتْ فِعْلُهُ عَنْهَا وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا اهـ ح. وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْقُنْيَةِ " مَعْرُوفَةً بِالْفُجُورِ " يَقْتَضِي فِعْلَهَا لَهُ ط فَالْمُنَاسِبُ الْأَوَّلُ وَتَكُونُ الْفَاجِرَةُ بِمَنْزِلَةِ الْكِتَابِيَّةِ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَبْقَى عِنْدَهَا إلَى أَنْ يَعْقِلَ الْأَدْيَانَ كَمَا سَيَأْتِي خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ تَعَلُّمِهِ مِنْهَا مَا تَفْعَلُهُ فَكَذَا الْفَاجِرَةُ. وَقَدْ جَزَمَ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ مَا فِي النَّهْرِ تَصْحِيفٌ.

ص: 556

ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنْ تَخْرُجَ كُلَّ وَقْتٍ وَتَتْرُكَ الْوَلَدَ ضَائِعًا (أَوْ) تَكُونَ (أَمَةً، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُدَبَّرَةً أَوْ مُكَاتَبَةً وَلَدَتْ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ) لِاشْتِغَالِهِنَّ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى، لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا كُنَّ أَحَقَّ بِهِ لِأَنَّهُ لِلْمَوْلَى مُجْتَبًى (أَوْ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ مَحْرَمِ) الصَّغِيرِ (أَوْ أَبَتْ أَنْ تُرَبِّيَهُ مَجَّانًا وَ) الْحَالُ أَنَّ (الْأَبَ مُعْسِرٌ، وَالْعَمَّةَ تَقْبَلُ ذَلِكَ) أَيْ تَرْبِيَتَهُ مَجَّانًا وَلَا تَمْنَعُهُ عَنْ الْأُمِّ قِيلَ لِلْأُمِّ: إمَّا أَنْ تُمْسِكِيهِ مَجَّانًا أَوْ تَدْفَعِيهِ لِلْعَمَّةِ.

ــ

[رد المحتار]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَاضِنَةَ إنْ كَانَتْ فَاسِقَةً فِسْقًا يَلْزَمُ مِنْهُ ضَيَاعُ الْوَلَدِ عِنْدَهَا سَقَطَ حَقُّهَا وَإِلَّا فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ إلَى أَنْ يَعْقِلَ فَيُنْزَعَ مِنْهَا كَالْكِتَابِيَّةِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَخْرُجَ كُلَّ وَقْتٍ إلَخْ) الْمُرَادُ كَثْرَةُ الْخُرُوجِ، لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَرْكِ الْوَلَدِ ضَائِعًا وَالْوَلَدُ فِي حُكْمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَهَا، وَمُضَيِّعُ الْأَمَانَةِ لَا يُسْتَأْمَنُ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا لِمَعْصِيَةٍ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهَا؛ كَمَا لَوْ كَانَتْ قَابِلَةً، أَوْ غَاسِلَةً، أَوْ بَلَّانَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ: إنْ كَانَتْ فَاسِقَةً أَوْ تَخْرُجُ كُلَّ وَقْتٍ إلَخْ فَعَطْفُهُ عَلَى الْفَاسِقَةِ يُفِيدُ مَا قُلْنَا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَمَّا إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُطَلَّقَةِ الْحُرَّةِ كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَلَدَتْ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ) أَمَّا لَوْ بَعْدَهَا فَهِيَ أَحَقُّ بِهِ لِدُخُولِهِ تَحْتَ الْكِتَابَةِ فَتْحٌ عَنْ التُّحْفَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهَا بَعْدَ الْكِتَابَةِ لَا يَثْبُتُ لَهَا حَقٌّ فِي الْمَوْلُودِ قَبْلَهَا وَإِنْ لَمْ تَبْقَ مَشْغُولَةً بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي كِتَابَتِهَا، فَبَقِيَ قِنًّا مَمْلُوكًا لِلْمَوْلَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَصَارَ كَوَلَدِ الْقِنَّةِ لَوْ أُعْتِقَتْ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ الْكَنْزِ: وَلَا حَقَّ لِلْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَعْتِقَا. قَالَ فِي الدُّرَرِ: فَإِذَا عَتَقَا كَانَ لَهُمَا حَقُّ الْحَضَانَةِ فِي أَوْلَادِهِمَا الْأَحْرَارِ لِأَنَّهُمَا وَأَوْلَادَهُمَا أَحْرَارٌ حَالَ ثُبُوتِ الْحَقِّ اهـ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْحَقَّ فِي حَضَانَةِ وَلَدِ الْأَمَةِ لِلْمَوْلَى، أَوْ لِغَيْرِهِ.

وَالْحَقُّ التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ رَقِيقًا فَمَوْلَاهُ أَحَقُّ بِهِ حُرًّا كَانَ أَبُوهُ، أَوْ عَبْدًا، وَكَذَا لَوْ عَتَقَتْ أُمُّهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي حَضَانَتِهِ إنَّمَا الْحَقُّ لِلْمَوْلَى سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْكُوحَةَ أَبِيهِ أَوْ فَارَقَهَا لِأَنَّهُ مَمْلُوكُهُ. وَأَمَّا إذَا كَانَ - أَيْ الصَّغِيرُ - حُرًّا فَالْحَضَانَةُ لِأَقْرِبَائِهِ الْأَحْرَارِ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ أَمَةً، لَا لِمَوْلَاهَا وَلَا لِمَوْلَاهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ، وَإِنْ أُعْتِقَتْ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لَهَا اهـ. (قَوْلُهُ: كَانَ أَحَقَّ بِهِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ إنْ كَانَا فِي مِلْكِهِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ، فَالْمُرَادُ بِالْأَحَقِّيَّةِ عَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ الْحَقِّ لِلْمَوْلَى تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الرَّحِمِ فَلَوْ كَانَ مَحْرَمًا غَيْرَ رَحِمٍ كَالْعَمِّ رَضَاعًا، أَوْ رَحِمًا مِنْ النَّسَبِ مَحْرَمًا مِنْ الرَّضَاعِ كَابْنِ عَمِّهِ نَسَبًا هُوَ عَمُّهُ رَضَاعًا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّ الْأَبَ مُعْسِرٌ) كَذَا قَيَّدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. وَظَاهِرُهُ تَخَلُّفُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مَعَ يَسَارِهِ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِي التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ رَمْلِيٌّ.

وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ: تَقْيِيدُ الدَّفْعِ لِلْعَمَّةِ بِيَسَارِهَا وَإِعْسَارِ الْأَبِ يُفِيدُ أَنَّ الْأَبَ الْمُوسِرَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ اهـ.

قُلْت: وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ سِيَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلْفَتْحِ وَالدُّرَرِ وَالْبَحْرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعَزْمِيَّةِ عَلَى الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهَا أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَالْمُرَادُ بِيَسَارِ الْعَمَّةِ قُدْرَتُهَا عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا وَجْهَ لِتَقْدِيرِهِ بِنِصَابٍ. (قَوْلُهُ: وَالْعَمَّةَ تَقْبَلُ ذَلِكَ) أَيْ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِمَّنْ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمَّةِ مُتَبَرِّعًا بِمِثْلِ الْعَمَّةِ، وَمَعَ ذَلِكَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَكُونَ مُتَزَوِّجَةً بِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلصَّغِيرِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَمْنَعُهُ عَنْ الْأُمِّ) أَيْ عَنْ رُؤْيَتِهَا لَهُ وَتَعَهُّدِهَا إيَّاهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَدْفَعِيهِ لِلْعَمَّةِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يُنْزَعُ مِنْ الْأُمِّ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ لَوْ طَلَبَتْ أَجْرًا عَلَى الْإِرْضَاعِ وَوُجِدَتْ مُتَبَرِّعَةٌ بِهِ قُدِّمَتْ وَتُرْضِعُهُ عِنْدَ الْأُمِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَلَكِنَّ هَذَا إذَا بَقِيَتْ مُسْتَحِقَّةً لِلْحَضَانَةِ. وَفِي مَسْأَلَتِنَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْهَا فَلِذَا يُنْزَعُ مِنْهَا. وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَصَارَتْ الْحَضَانَةُ لِغَيْرِهَا كَالْأُخْتِ.

ص: 557

(عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهَلْ يَرْجِعُ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ، قِيلَ: نَعَمْ مُجْتَبًى، وَالْعَمَّةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ.

وَفِي الْمُنْيَةِ: تَزَوَّجَتْ أُمُّ صَغِيرٍ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَأَرَادَتْ تَرْبِيَتَهُ بِلَا نَفَقَةٍ مُقَدَّرَةٍ وَأَرَادَ وَصِيُّهُ تَرْبِيَتَهُ بِهَا دُفِعَ إلَيْهَا لَا إلَيْهِ إبْقَاءً لِمَالِهِ.

ــ

[رد المحتار]

فَإِنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُرَبِّيَهُ، أَوْ تُرْضِعَهُ عِنْدَ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) لَمْ أَرَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِغَيْرِهِ، وَإِنَّمَا قَالُوا عَلَى الصَّحِيحِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَصِّ الْمَذْهَبِ بَلْ يَحْتَمِلُ التَّخْرِيجَ تَأَمَّلْ، وَمُقَابِلُهُ مَا قِيلَ أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: مُجْتَبًى) هُوَ شَرْحُ الزَّاهِدِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ، وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي النَّفَقَاتِ وَهَلْ يَرْجِعُ الْعَمُّ، أَوْ الْعَمَّةُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الصَّغِيرِ؟ ثُمَّ رَمَزَ لِبَعْضِ الْكُتُبِ: لَا يَرْجِعُ مَنْ يُؤَدِّي النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ وَلَا عَلَى الِابْنِ، بِخِلَافِ الْأُمِّ إذَا أَيْسَرَ زَوْجُهَا ثُمَّ رَمَزَ يَرْجِعُ، ثُمَّ رَمَزَ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ وَهَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَوَجَبَتْ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى عَمِّهِ، أَوْ عَمَّتِهِ، أَوْ أُمِّهِ، فَالْأُمُّ تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ؛ وَفِي الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، فَلَا مَحَلَّ لِذِكْرِ هَذَا هُنَا وَلَا لِذِكْرِ الْعَمِّ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَمَّةِ إذَا أَخَذَتْهُ لِتَحْضُنَهُ مَجَّانًا، إذَا كَانَ لَهَا الرُّجُوعُ فَلَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهِ مِنْ الْأُمِّ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنْ لَا تَرْجِعَ بِأُجْرَةِ الْحَضَانَةِ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ إذَا لَمْ تَتَبَرَّعْ بِهَا فَهَلْ لَهَا الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْعَمَّةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ إلَخْ) هُوَ بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ الْآتِي. قَالَ: بَلْ كُلُّ حَاضِنَةٍ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ. وَقَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ إذَا كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً. وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَنَّهَا حَاضِنَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهَا فِي زَمَانِنَا. وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ الْأُمَّ تَأْخُذُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا تَكُونُ الْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى. بِخِلَافِ الْعَمَّةِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ. اهـ.

قُلْت: وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا - أَيْ الْأُمَّ - أَوْلَى مِنْ الْمَحْرَمِ وَإِنْ طَلَبَتْ أَجْرًا وَالْمَحْرَمُ لَمْ يَطْلُبْهُ. وَالْأَصَحُّ أَنْ يُقَالَ لَهَا: أَمْسِكِيهِ، أَوْ ادْفَعِيهِ إلَى الْمَحْرَمِ كَمَا فِي النَّظْمِ. اهـ. فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْعَمَّةَ غَيْرُ قَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا بَقِيَّةُ الْمَحَارِمِ، وَفِي أَنَّ غَيْرَ الْمَحْرَمِ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ هَذَا تَفَقُّهٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ: وَقَدْ سُئِلْت عَنْ صَغِيرَةٍ لَهَا أُمٌّ تَطْلُبُ زِيَادَةً عَلَى أَجْرِ الْمِثْلِ وَبِنْتُ ابْنِ عَمٍّ تُرِيدُ حَضَانَتَهَا مَجَّانًا، فَأَجَبْتُ بِأَنَّهَا تَدْفَعُ لِلْأُمِّ لَكِنْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَقَطْ. لِأَنَّ تِلْكَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْحَضَانَةِ أَصْلًا فَلَا يُعْتَبَرُ تَبَرُّعُهَا، لِأَنَّ فِي دَفْعِ الصَّغِيرِ إلَيْهَا ضَرَرًا بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ الضَّرَرُ فِي الْمَالِ، لِأَنَّ حُرْمَتَهُ دُونَ حُرْمَتِهِ، وَلِذَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي نَحْوِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ عِنْدَ الْيَسَارِ فَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِمَا. إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُوسِرِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ، وَبِهِ تَتَحَرَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَاغْتَنِمْهُ، فَقَدْ قَلَّ مَنْ تَفَطَّنَ لَهُ اهـ.

قُلْت: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا وَطَلَبَتْ الْأُمُّ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ وَأَرَادَ الْأَبُ تَرْبِيَتَهُ عِنْدَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْأُمِّ مَعَ أَنَّ الْأَبَ أَشْفَقُ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ. نَعَمْ لَوْ كَانَ لِلْأَبِ أُمٌّ أَوْ أُخْتٌ عِنْدَهُ تَحْضُنُ الْوَلَدَ مَجَّانًا وَلَا يَرْضَى مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ فَلَهَا أَنْ تُرَبِّيَهُ عِنْدَ الْأَبِ وَهَذِهِ تَقَعُ كَثِيرًا لَكِنَّ هَذَا إذَا طَلَبَتْ الْأُمُّ أُجْرَةً عَلَى الْحَضَانَةِ فَلَوْ تَبَرَّعَتْ بِالْحَضَانَةِ وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ عَلَى الْإِرْضَاعِ وَقَالَ الْأَبُ: إنَّ أُمِّي أَوْ أُخْتِي تُرْضِعُهُ مَجَّانًا تَكُونُ أَوْلَى، وَلَكِنْ يُقَالُ لَهَا: أَرْضِعِيهِ فِي بَيْتِ الْأُمِّ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَضَانَتَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بِلَا نَفَقَةٍ) أَيْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ الْمَوْرُوثِ لَهُ مِنْ أَبِيهِ فَتْحٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفَقَةُ الصَّبِيِّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إبْقَاءً لِمَالِهِ) هَذَا تَعْلِيلٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ فِي الْمَنْحِ كَلَامَ الْمُنْيَةِ قَالَ: وَلَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ لِأَنَّ رِعَايَةَ الْمَصْلَحَةِ فِي إبْقَاءِ مَالِهِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ عَدَمِ لُحُوقِ الضَّرَرِ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ لِكَوْنِهِ عِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ زَوْجُ الْأُمِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْوَصِيَّ أَجْنَبِيٌّ كَزَوْجِ الْأُمِّ إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ رَحِمٌ مَحْرَمٌ مِنْهُ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّ

ص: 558

وَفِي الْحَاوِي: تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَطَلَبَتْ تَرْبِيَتَهُ بِنَفَقَةٍ وَالْتَزَمَهُ ابْنُ عَمِّهِ مَجَّانًا وَلَا حَاضِنَةَ لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ.

(وَلَا تُجْبَرُ) مَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ (عَلَيْهَا إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ لَهَا) بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَدْيَ غَيْرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلصَّغِيرِ مَالٌ بِهِ يُفْتَى خَانِيَّةٌ وَسَيَجِيءُ فِي النَّفَقَةِ.

وَإِذَا أَسْقَطَتْ الْأُمُّ حَقَّهَا صَارَتْ كَمَيِّتَةٍ، أَوْ مُتَزَوِّجَةٍ فَتَنْتَقِلُ لِلْجَدَّةِ بَحْرٌ.

(وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الصَّغِيرِ فِيهَا) حَتَّى لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ تَتْرُكَ وَلَدَهَا عِنْدَ التَّزَوُّجِ صَحَّ الْخُلْعُ.

ــ

[رد المحتار]

فِي دَفْعِهِ لِلْأُمِّ مَصْلَحَةً زَائِدَةً وَهِيَ إبْقَاءُ مَالِهِ فَكَانَتْ أَوْلَى، بَلْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى وَهِيَ كَوْنُ الْأُمِّ أَشْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصِيِّ وَهِيَ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ.

وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الرَّمْلِيِّ حَيْثُ لَمْ يَعْتَبِرْ الضَّرَرَ فِي الْمَالِ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ لُزُومِ دَفْعِهِ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي لَا حَقَّ لَهَا فِي الْحَضَانَةِ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا هُنَا، حَتَّى لَوْ طَلَبَتْ الْأُمُّ الْمُتَزَوِّجَةُ بِالْأَجْنَبِيِّ تَرْبِيَتَهُ بِنَفَقَةٍ مُقَدَّرَةٍ وَتَبَرَّعَ الْوَصِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهَا أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَبَرُّعُ الْوَصِيِّ تَأَمَّلْ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ مُتَبَرِّعٍ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ كَالْعَمَّةِ، أَوْ الْخَالَةِ وَإِلَّا فَهِيَ أَحَقُّ مِنْ الْأُمِّ وَالْأَجْنَبِيِّ. [تَنْبِيهٌ] :

وَقَعَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى سُئِلْتُ عَنْهَا قَدِيمًا، وَهِيَ: صَغِيرٌ مَاتَتْ أُمُّهُ وَتَرَكَتْ لَهُ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ، وَجَدَّةٌ أُمُّ أُمٍّ، وَجَدَّةٌ أُمُّ أَبٍ مُتَزَوِّجَةٌ بِجَدِّهِ أَرَادَتْ أُمُّ أُمِّهِ تَرْبِيَتَهُ بِأَجْرٍ، وَأُمُّ أَبِيهِ تَرْضَى بِذَلِكَ مَجَّانًا. فَأَجَبْتُ بِأَنَّهُ يُدْفَعُ لِلْمُتَبَرِّعَةِ أَخْذًا مِمَّا هُنَا، فَإِنَّهُ إذَا دُفِعَ لِلْأُمِّ السَّاقِطَةِ الْحَضَانَةِ إبْقَاءً لِمَالِهِ مَعَ كَوْنِهَا تُرَبِّيهِ فِي حِجْرِ زَوْجِهَا الْأَجْنَبِيِّ فَبِالْأَوْلَى دَفْعُهُ لِأُمِّ أَبِيهِ الْمُتَبَرِّعَةِ إبْقَاءً لِمَالِهِ مَعَ كَوْنِهِ فِي حِجْرِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ الشَّفُوقَيْنِ عَلَيْهِ، وَكُنْت جَمَعْت فِيهَا رِسَالَةً سَمَّيْتُهَا [الْإِبَانَةَ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحَضَانَةِ] وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَالْتَزَمَهُ ابْنُ عَمِّهِ مَجَّانًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَالْتَزَمَ ابْنُ الْعَمِّ أَنْ يُرَبِّيَهُ مَجَّانًا وَهِيَ أَظْهَرُ. (قَوْلُهُ: وَلَا حَاضِنَةَ لَهُ) أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ حَاضِنَةٌ كَالْعَمَّةِ، أَوْ الْخَالَةِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ أُمِّهِ لِسُقُوطِ حَقِّهَا بِالتَّزَوُّجِ بِأَجْنَبِيٍّ وَمِنْ ابْنِ الْعَمِّ لِتَقَدُّمِهَا عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أَوْلَى وَإِنْ طَلَبَتْ النَّفَقَةَ لِأَنَّهَا الْحَاضِنَةُ حَقِيقَةً. (قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ الِالْتِزَامُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْتَزَمَهُ. وَوَجْهُهُ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَهُ حَقُّ حَضَانَةِ الْغُلَامِ حَيْثُ لَا حَاضِنَةَ غَيْرُهُ، وَالْأُمَّ سَاقِطَةُ الْحَضَانَةِ هُنَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَ النَّفَقَةَ أَيْضًا لِأَنَّهُ هُوَ الْحَاضِنُ حَقِيقَةً، ثُمَّ رَأَيْت السَّائِحَانِيَّ كَتَبَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْحَضَانَةِ. وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَى الْإِرْضَاعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النَّفَقَةِ، حَيْثُ قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى أُمِّهِ إرْضَاعُهُ إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ، وَبِهَذَا تَنْدَفِعُ الْمُنَافَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ إلَخْ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُجْبَرُ عَلَى الْحَضَانَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَوْلَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي مَقَامِ تَعَيُّنِهَا لِلْإِرْضَاعِ، فَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا صَوَّبْنَاهُ، وَقَوْلُهُ " وَسَيَجِيءُ فِي النَّفَقَةِ " مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا أَيْضًا فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي سَيَجِيءُ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: فَتَنْتَقِلُ لِلْجَدَّةِ) أَيْ تَنْتَقِلُ الْحَضَانَةُ لِمَنْ يَلِي الْأُمَّ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَالْجَدَّةِ إنْ كَانَتْ، وَإِلَّا فَلِمَنْ يَلِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَاسْتَظْهَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ هَذَا الْإِسْقَاطَ لَا يَدُومُ فَلَهَا الرُّجُوعُ لِأَنَّ حَقَّهَا يَثْبُتُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَسْقُطُ الْكَائِنُ لَا الْمُسْتَقْبَلُ اهـ أَيْ فَهُوَ كَإِسْقَاطِهَا الْقَسْمَ لِضَرَّتِهَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ لِأَنَّ الْعَائِدَ غَيْرُ السَّاقِطِ، بِخِلَافِ إسْقَاطِ حَقِّ الشُّفْعَةِ.

ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: وَعَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ: مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ مِنْهُ وَأَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَهَلْ لَهَا الرُّجُوعُ بِأَخْذِ الْوَلَدِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ لَهَا ذَلِكَ فَإِنَّ أَقْوَى الْحَقَّيْنِ فِي الْحَضَانَةِ لِلصَّغِيرِ، وَلَئِنْ أَسْقَطَتْ الزَّوْجَةُ حَقَّهَا فَلَا تَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ أَبَدًا. اهـ. .

(قَوْلُهُ: وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ إلَخْ) اُخْتُلِفَ فِي الْحَضَانَةِ، هَلْ هِيَ حَقُّ الْحَاضِنَةِ، أَوْ حَقُّ الْوَلَدِ؟ فَقِيلَ بِالْأَوَّلِ فَلَا تُجْبَرُ إذَا امْتَنَعَتْ وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.

ص: 559

وَبَطَلَ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُبْطِلَهُ بِالشَّرْطِ؛ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أُجْبِرَتْ بِلَا خِلَافٍ فَتْحٌ، وَهَذَا يَعُمُّ مَا لَوْ وُجِدَ وَامْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ بَحْرٌ، وَحِينَئِذٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا جَوْهَرَةٌ.

(تَسْتَحِقُّ) الْحَاضِنَةُ

ــ

[رد المحتار]

وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقِيلَ بِالثَّانِي فَتُجْبَرُ، وَاخْتَارَهُ الْفُقَهَاءُ الثَّلَاثَةُ أَبُو اللَّيْثِ وَالْهِنْدُوَانِي وَخُوَاهَرْ زَادَهْ، وَأَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ الْمَذْكُورَةِ. قَالَ: فَأَفَادَ: أَيْ كَلَامُ الْحَاكِمِ أَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَالتَّرْجِيحُ قَدْ اخْتَلَفَ، وَالْأَوْلَى الْإِفْتَاءُ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ، لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ لِلصَّغِيرِ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، حِينَئِذٍ تُجْبَرُ الْأُمُّ كَيْ لَا يَضِيعَ الْوَلَدُ؛ أَمَّا لَوْ امْتَنَعَتْ الْأُمُّ وَكَانَ لَهُ جَدَّةٌ رَضِيَتْ بِإِمْسَاكِهِ دُفِعَ إلَيْهَا لِأَنَّ الْحَضَانَةَ كَانَتْ حَقًّا لِلْأُمِّ فَصَحَّ إسْقَاطُهَا حَقَّهَا، وَعُزِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ لِلْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهَا لَمَّا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بَقِيَ حَقُّ الْوَلَدِ، فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتَةِ، أَوْ الْمُتَزَوِّجَةِ فَتَكُونُ الْجَدَّةُ أَوْلَى اهـ مَا فِي الْبَحْرِ مُلَخَّصًا

قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْحَاضِنَةِ وَالْمَحْضُونِ حَقًّا فِي الْحَضَانَةِ، وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ؛ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ " إنَّهَا حَقُّ الْحَاضِنَةِ فَلَا تُجْبَرُ " مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ لَهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهَا حَقُّهَا لِأَنَّ الْمَحْضُونَ حِينَئِذٍ لَا يَضِيعُ حَقُّهُ لِوُجُودِ مَنْ يَحْضُنُهُ غَيْرُهَا، وَمَنْ قَالَ " إنَّهَا حَقُّ الْمَحْضُونِ فَتُجْبَرُ " مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَتْ وَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهَا حَقُّهُ لِعَدَمِ مَنْ يَحْضُنُهُ غَيْرُهَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا مَرَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ عُزِيَ إلَى الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ الْقَائِلِينَ بِالْجَبْرِ أَنَّهَا تُجْبَرُ عِنْدَهُمْ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا لَا إذَا وُجِدَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي النَّهْرِ إنَّ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا أُجْبِرَتْ بِلَا خِلَافٍ، فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ عَلَى مَا عَلِمْت مِنْ التَّوْفِيقِ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ حِكَايَةُ الْقَوْلَيْنِ تُفِيدُ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا وُجِدَ غَيْرُهَا، وَلَكِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ التَّوْفِيقُ كَانَ أَوْلَى وَيَكُونُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا، وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْحَضَانَةَ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِلْخَبَرِ ط. (قَوْلُهُ: أُجْبِرَتْ بِلَا خِلَافٍ) وَلَوْ وُجِدَ غَيْرُهَا لَمْ تُجْبَرْ بِلَا خِلَافٍ أَيْضًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّوْفِيقِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَعُمُّ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ " وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا " يَشْمَلُ عَدَمَ الْوُجُودِ حَقِيقَةً وَعَدَمَهُ حُكْمًا، بِأَنْ وُجِدَ غَيْرُهَا وَامْتَنَعَ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ هَكَذَا: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأُمَّ إذَا امْتَنَعَتْ وَعُرِضَ عَلَى مَنْ دُونَهَا مِنْ الْحَاضِنَاتِ فَامْتَنَعَتْ أُجْبِرَتْ الْأُمُّ لَا مَنْ دُونَهَا. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا فَلَا أُجْرَةَ لَهَا لِأَنَّهَا قَامَتْ بِأَمْرٍ وَاجِبٍ عَلَيْهَا شَرْعًا ط. وَعِبَارَةُ الْجَوْهَرَةِ: إذَا كَانَ لَا يُوجَدُ سِوَاهَا تُجْبَرُ عَلَى إرْضَاعِهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الْهَلَاكِ وَعَلَيْهِ لَا أُجْرَةَ لَهَا. اهـ. فَكَلَامُ الْجَوْهَرَةِ فِي الرَّضَاعِ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ قَاسَ الْحَضَانَةَ عَلَيْهِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ بَحْثٌ مِنْهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَا أُجْرَةَ لَهَا.

وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْهِنْدِيَّةِ وَغَيْرِهَا: لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَنْ تَرْضِعُهُ شَهْرًا ثُمَّ مَضَى وَلَمْ يَأْخُذْ ثَدْيَ غَيْرِهَا تُجْبَرُ عَلَى إبْقَاءِ الْإِجَارَةِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا لَقِيلَ تُجْبَرُ عَلَى الْإِرْضَاعِ مَجَّانًا. وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ: تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْحَضَانَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ.

وَفِي الْمَنْصُورِيَّةِ أَنَّ أُمَّ الصَّغِيرَةِ إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ إمْسَاكِهَا وَلَا زَوْجَ لِلْأُمِّ تُجْبَرُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ. تُجْبَرُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرَةِ، وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ، فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْأُجْرَةَ تُؤْخَذُ مَعَ

ص: 560

(أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً وَلَا مُعْتَدَّةً لِأَبِيهِ) وَهِيَ غَيْرُ أُجْرَةِ إرْضَاعِهِ وَنَفَقَتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ، خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.

وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبَاقَانِيِّ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ: سُئِلَ أَبُو حَفْصٍ عَمَّنْ لَهَا إمْسَاكُ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهَا مَسْكَنٌ مَعَ الْوَلَدِ؟ فَقَالَ: عَلَى الْأَبِ سُكْنَاهُمَا جَمِيعًا.

ــ

[رد المحتار]

الْجَبْرِ اهـ وَيَأْتِي بَيَانُ وَجْهِهِ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً وَلَا مُعْتَدَّةً لِأَبِيهِ) هَذَا قَيْدٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ أُمًّا فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَهَا فَالظَّاهِرُ اسْتِحْقَاقُهَا أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ بِالْأَوْلَى، وَقَوْلُهُ: لِأَبِيهِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَوْ عِدَّةِ رَجُلٍ غَيْرِ الْأَبِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهَا، لَكِنْ إذَا كَانَ النَّاكِحُ مَحْرَمًا لِلصَّغِيرِ وَإِلَّا فَلَا حَضَانَةَ لَهَا كَمَا مَرَّ هَذَا.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً وَلَا مُعْتَدَّةً لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُوبُ أُجْرَةِ الْحَضَانَةِ لَهَا إذَا كَانَتْ أَهْلًا، وَمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِ أَجْرِ الرَّضَاعِ لَهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَأْجَرُ لَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً. اهـ. وَنَازَعَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ بِأَنَّ امْتِنَاعَ وُجُوبِ أَجْرِ الرَّضَاعِ لِلْمَنْكُوحَةِ وَمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيِّ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا دِيَانَةً وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الْحَضَانَةِ، بَلْ دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّةِ فِيهَا غَيْرُ بَعِيدٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ.

قُلْت: عَلَى أَنَّك قَدْ عَلِمْتَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا أَنَّ الْأُجْرَةَ تُسْتَحَقُّ مَعَ وُجُودِ الْجَبْرِ فَلَا تُنَافِي الْوُجُوبَ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ نَفَقَةَ الصَّغِيرِ لَهَا وَجَبَتْ عَلَى أَبِيهِ لَوْ غَنِيًّا وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ الصَّغِيرِ كَانَ مِنْ جُمْلَتِهَا الْإِنْفَاقُ عَلَى حَاضِنَتِهِ الَّتِي حَبَسَتْ نَفْسَهَا لِأَجْلِهِ عَنْ التَّزَوُّجِ، وَمِثْلُهَا أُجْرَةُ إرْضَاعِهِ، فَلَمْ تَكُنْ أُجْرَةً خَالِصَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى يُنَافِيَهَا الْوُجُوبُ بَلْ لَهَا شَبَهُ الْأُجْرَةِ وَشَبَهُ النَّفَقَةِ، فَإِذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً لِأَبِيهِ لَمْ تَسْتَحِقَّ أُجْرَةً لَا عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا عَلَى الْإِرْضَاعِ لِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهَا دِيَانَةً، النَّفَقَةُ ثَابِتَةٌ لَهَا بِدُونِهِمَا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا عَمَلًا بِشَبَهِ الْأُجْرَةِ، وَعَنْ هَذَا كَانَ الْأَوْجَهُ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ مُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْكَنْزِ. وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ تَرْجِيحُهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي الرَّضَاعِ أَنَّ فِي مُعْتَدَّةِ الْبَائِنِ رِوَايَتَيْنِ، وَآخَرُ دَلِيلَ عَدَمِ الْجَوَازِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا تَصْحِيحَ الْجَوَازِ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ أُجْرَةِ إرْضَاعِهِ وَنَفَقَتِهِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ ثَلَاثَةٌ: أُجْرَةُ الرَّضَاعِ، وَأُجْرَةُ الْحَضَانَةِ، وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ. (قَوْلُهُ: عَنْ السِّرَاجِيَّةِ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا فَتَاوَى سِرَاجِ الدِّينِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ فَإِنَّهُ فِي الْبَابِ الْآتِي عَزَا ذَلِكَ إلَيْهَا صَرِيحًا، فَلَا مَحَلَّ لِتَرْدِيدِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةَ الْمَشْهُورَةَ مَعَ قَوْلِهِ لَكِنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِيهَا فَافْهَمْ، لَكِنَّ قَوْلَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَنْكُوحَةً وَلَا مُعْتَدَّةً لِأَبِيهِ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا، فَإِنَّ عِبَارَةَ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ: سُئِلَ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُطَلَّقَةُ أُجْرَةً بِسَبَبِ حَضَانَةِ وَلَدِهَا خَاصَّةً مِنْ غَيْرِ إرْضَاعٍ لَهُ؟ فَأَجَابَ: نَعَمْ تَسْتَحِقُّ أُجْرَةً عَلَى الْحَضَانَةِ، وَكَذَا إذَا احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ يُلْزَمُ بِهِ اهـ وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ، وَكَذَا فِي الْخَيْرِيَّةِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ. وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَمَّةِ وَالْخَالِ إنَّ الْأَبَ مُعْسِرٌ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ مَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى قَالَ: سُئِلَ قَاضِي الْقُضَاةِ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ عَنْ الْمَبْتُوتَةِ هَلْ لَهَا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ بَعْدَ فِطَامِ الْوَلَدِ؟ فَقَالَ لَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.

قُلْت: يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَبْتُوتَةِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ بَاتٍّ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْبَائِنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا، لَكِنَّ التَّقْيِيدَ بِمَا بَعْدَ فِطَامِ الْوَلَدِ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ، وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ الْوَاقِعَ فِي حَادِثَةِ الْفَتْوَى.

ص: 561

وَقَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السُّكْنَى فِي الْحَضَانَةِ، وَكَذَا إنْ احْتَاجَ الصَّغِيرُ إلَى خَادِمٍ يُلْزَمُ الْأَبُ بِهِ. وَفِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ: مُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ فِي مَالِ الْمَحْضُونِ لَوْ لَهُ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ فَيُفْتَى بِهِ ثُمَّ حَرَّرَ أَنَّ الْحَضَانَةَ كَالرَّضَاعِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ الْأُمِّ بِأَنْ مَاتَتْ، أَوْ لَمْ تَقْبَلْ أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ فِي لُزُوم أُجْرَةِ مَسْكَنِ الْحَضَانَةِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ: الْمُخْتَارُ أَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى) فِي نَفَقَاتِ الْبَحْرِ عَنْ التَّفَارِيقِ: لَا تَجِبُ فِي الْحَضَانَةِ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ. وَقَالَ آخَرُونَ: تَجِبُ إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ. اهـ. وَفِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ عَدَمِ الْوُجُوبِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْمَسْكَنِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ. اهـ.

قُلْت: صَاحِبُ النَّهْرِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ، فَلَا يُعَارِضُ تَرْجِيحُهُ تَرْجِيحَ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ ضَعْفِ تَعْلِيلِهِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ أُجْرَةِ الْمَسْكَنِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى وُجُوبِ الْأَجْرِ عَلَى الْحَضَانَةِ بَلْ عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَلَدِ؛ فَقَدْ تَكُونُ الْحَاضِنَةُ لَا مَسْكَنَ لَهَا أَصْلًا بَلْ تَسْكُنُ عِنْدَ غَيْرِهَا فَكَيْفَ يَلْزَمُهَا أُجْرَةُ مَسْكَنٍ لِتَحْضُنَ فِيهِ الْوَلَدَ، بَلْ الْوَجْهُ لُزُومُهُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، فَإِنَّ الْمَسْكَنَ مِنْ النَّفَقَةِ. وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِهِ وَالْأَظْهَرُ اللُّزُومُ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إذَا احْتَاجَ الصَّغِيرُ لِخَادِمٍ يَلْزَمُ الْأَبَ، فَإِنَّ احْتِيَاجَهُ إلَى الْمَسْكَنِ مُقَرَّرٌ اهـ.

قُلْت: وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ مُخَالِفًا لِمَا اخْتَارَهُ ابْنُ وَهْبَانَ وَشَيْخُهُ الطَّرَسُوسِيُّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ لُزُومُهُ لِمَا قُلْنَا، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَسْكَنٌ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا مَسْكَنٌ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْضُنَ فِيهِ الْوَلَدَ وَيَسْكُنَ تَبَعًا لَهَا فَلَا لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ أَبِي حَفْصٍ وَلَيْسَ لَهَا مَسْكَنٌ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَرْفَقُ لِلْجَانِبَيْنِ فَلْيَكُنْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إلَخْ) قَدَّمْنَاهُ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: قَالَ شَيْخُنَا) يَعْنِي الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْبَحْرِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَقَوَاعِدُنَا تَقْتَضِيهِ) .

قُلْت: مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، فَقَدْ وَافَقَ بَحْثُهُ الْمَنْقُولَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ حَرَّرَ) أَيْ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْحَضَانَةَ كَالرَّضَاعِ أَيْ فِي أَنَّهَا لَا أَجْرَ لِلْأُمِّ فِيهَا لَوْ مَنْكُوحَةً، أَوْ مُعْتَدَّةً، وَإِلَّا فَلَهَا الْأُجْرَةُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ أَبِيهِ، أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَطَّ عَلَيْهِ رَأْيُهُ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ، وَقَدْ عَلِمْت تَأْيِيدَهُ بِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ خَطِّ السَّائِحَانِيِّ.

قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ بِالْحَضَانَةِ، فَإِنْ وُجِدَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ، أَوْ لَا. وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ مُعْسِرًا أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا يُدْفَعُ لِلْأَهْلِ لِلْحَضَانَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَوْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ؛ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ غَيْرَ أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَالصَّغِيرُ لَهُ مَالٌ، أَوْ لَا يُقَالُ لِلْأُمِّ: إمَّا أَنْ تُمْسِكِيهِ مَجَّانًا، أَوْ تَدْفَعِيهِ لِلْعَمَّةِ - مَثَلًا - الْمُتَبَرِّعَةِ صَوْنًا لِمَالِهِ لَوْ لَهُ مَالٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا وَالصَّغِيرُ لَهُ مَالٌ فَكَذَلِكَ، لِأَنَّ الْأُجْرَةَ حِينَئِذٍ عَلَى الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ فَالْأُمُّ مُقَدَّمَةٌ وَإِنْ طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ بِلَا ضَرَرٍ لَهُ فِي مَالِهِ، هَذَا حَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَضَانَةَ كَالرَّضَاعِ، وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا " الْإِبَانَةُ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحَضَانَةِ ".

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَقْبَلْ، أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا) مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْجَبْرِ

ص: 562

أَوْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ (أُمِّ الْأُمِّ) وَإِنْ عَلَتْ عِنْدَ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْقُرْبَى (ثُمَّ أُمِّ الْأَبِ وَإِنْ عَلَتْ) بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا أُمُّ أَبِي الْأُمِّ فَتُؤَخَّرُ عَنْ أُمِّ الْأَبِ بَلْ عَنْ الْخَالَةِ أَيْضًا بَحْرٌ (ثُمَّ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ لِأُمٍّ) لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ (ثُمَّ) الْأُخْتِ (لِأَبٍ) ثُمَّ بِنْتِ الْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ (ثُمَّ الْخَالَاتِ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ بِنْتِ الْأُخْتِ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتِ الْأَخِ (ثُمَّ الْعَمَّاتِ كَذَلِكَ) ثُمَّ خَالَةِ الْأُمِّ كَذَلِكَ، ثُمَّ خَالَةِ الْأَبِ كَذَلِكَ ثُمَّ عَمَّاتِ الْأُمَّهَاتِ وَالْآبَاءِ بِهَذَا التَّرْتِيبِ؛ ثُمَّ الْعَصَبَاتِ بِتَرْتِيبِ الْإِرْثِ، فَيُقَدَّمُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ، ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ بَنُوهُ. وَإِذَا اجْتَمَعُوا فَالْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَسَنُّ، اخْتِيَارٌ،

ــ

[رد المحتار]

كَمَا لَا يَخْفَى ح وَمَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ) أَشْمَلُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْبَحْرِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلْحَضَانَةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَا لَوْ كَانَتْ فَاجِرَةً، أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْقُرْبَى) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ عَلَتْ لِأَنَّ الْبَعِيدَةَ لَا حَقَّ لَهَا عِنْدَ أَهْلِيَّةِ الْقُرْبَى. (قَوْلُهُ: بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) هُوَ عَدَمُ أَهْلِيَّةِ الْقُرْبَى. (قَوْلُهُ: بَحْرٌ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْخَصَّافِ إنَّ أُمَّ أَبِي الْأُمِّ لَا تَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَرَابَةِ الْأُمِّ مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا، وَكَذَا كُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ أَبِي الْأُمِّ. اهـ. زَادَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُهُ تَأْخِيرُ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ عَنْ أُمِّ الْأَبِ بَلْ عَنْ الْخَالَةِ أَيْضًا، وَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى. اهـ. قَالَ ط: وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأُخْتَ لِأُمٍّ وَالْخَالَاتِ مُتَأَخِّرَاتٌ عَنْ أُمِّ الْأَبِ فَإِذَا كُنَّ أَوْلَى مِنْ أُمِّ أَبِي الْأُمِّ لِكَوْنِهِنَّ مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ فَمَنْ كَانَتْ مُقَدَّمَةً عَلَيْهِنَّ - وَهِيَ أُمُّ الْأَبِ - أَوْلَى بِالتَّقَدُّمِ اهـ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ) أَيْ أُخْتِ الصَّغِيرِ لِأَنَّ قَرَابَةَ الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِيمَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ الْإِدْلَاءُ بِالْأُمِّ لَكِنَّهَا تَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ خِلَافًا لِقَوْلِ زُفَرَ بِاشْتِرَاكِهَا مَعَ الْأُخْتِ لِأُمٍّ، أَفَادَهُ الزَّيْلَعِيُّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا الْحَقَّ) أَيْ الْحَضَانَةَ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْأُخْتِ لِأُمٍّ تَلِي الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأُخْتِ لِأَبٍ) تَقْدِيمُهَا عَلَى الْخَالَةِ هُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ اعْتِبَارًا لِقُرْبِ الْقَرَابَةِ، وَتَقْدِيمُ الْمُدْلِي بِالْأُمِّ عَلَى الْمُدْلِي بِالْأَبِ عِنْدَ اتِّحَادِ مَرْتَبَتِهِمَا قُرْبًا قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذِهِ رِوَايَةُ كِتَابِ النِّكَاحِ. وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ: الْخَالَةُ أَوْلَى لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ وَتِلْكَ بِالْأَبِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِنْتِ الْأُخْتِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ) كَوْنُهُمَا أَحَقَّ مِنْ الْخَالَةِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ. وَأَمَّا بِنْتُ الْأُخْتِ لِأَبٍ فَفِي رِوَايَةٍ أَحَقُّ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَالَةَ أَحَقُّ مِنْهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِأَبٍ) هَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْخَالَاتِ) أَيْ خَالَاتِ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِنْتِ الْأُخْتِ لِأَبٍ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا عَلِمْت وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَنَاتِ الْأَخِ) أَيْ لِأَبٍ وَأُمٍّ، أَوْ لِأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ فِيمَا يَظْهَرُ ح أَيْ عَلَى التَّرْتِيبِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَبَنَاتُ الْأُخْتِ أَوْلَى مِنْ بَنَاتِ الْأَخِ لِأَنَّ الْأُخْتَ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ دُونَ الْأَخِ فَكَانَ الْمُدْلِي بِهَا أَوْلَى. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمَّاتِ كَذَلِكَ) أَيْ تُقَدَّمُ الْعَمَّةُ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَنَاتَ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُنَّ لِأَنَّهُنَّ غَيْرُ مَحْرَمٍ بَحْرٌ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَمَّاتِ الْأُمَّهَاتِ وَالْآبَاءِ) قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَالَاتِ تَقْدِيمُ عَمَّاتِ الْأُمِّ عَلَى عَمَّاتِ الْأَبِ، وَيُفِيدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ هَذَا الْحَقَّ لِقَرَابَةِ الْأُمِّ، وَكَذَا مَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ قَوْلِهِ وَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ هُوَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: بِهَذَا التَّرْتِيبِ) أَيْ الْعَمَّةِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَصَبَاتِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَحَدٌ مِنْ مَحَارِمِهِ النِّسَاءِ بَحْرٌ،، أَوْ كَانَ إلَّا أَنَّهُ سَاقِطُ الْحَضَانَةِ لِأَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ رَمْلِيٌّ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَدُّ) أَيْ أَبُو الْأَبِ وَإِنْ عَلَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ) أَيْ بَنُو الْأَخِ الشَّقِيقِ ثُمَّ بَنُو الْأَخِ لِأَبٍ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ سَفَلَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمُّ ثُمَّ بَنُوهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ: ثُمَّ الْعَمُّ شَقِيقُ الْأَبِ ثُمَّ لِأَبٍ؛ وَأَمَّا أَوْلَادُهُ فَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ الْغُلَامُ لَا الصَّغِيرَةُ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَحَارِمَ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا اجْتَمَعُوا إلَخْ) أَيْ كَعَمَّيْنِ ط وَيَنْبَغِي إسْقَاطُهُ وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ ح.

ص: 563

سِوَى فَاسِقٍ وَمَعْتُوهٍ وَابْنِ عَمٍّ لِمُشْتَهَاةٍ وَهُوَ غَيْرُ مَأْمُونٍ، ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ فَلِذَوِي الْأَرْحَامِ، فَتُدْفَعُ لِأَخٍ لِأُمٍّ ثُمَّ لِابْنِهِ ثُمَّ لِلْعَمِّ لِلْأُمِّ ثُمَّ لِلْخَالِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ بُرْهَانٌ وَعَيْنِيٌّ بَحْرٌ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فَأَصْلَحُهُمْ ثُمَّ أَوْرَعُهُمْ ثُمَّ أَكْبَرُهُمْ، وَلَا حَقَّ لِوَلَدِ عَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ لِعَدَمِ الْمَحْرَمِيَّةِ.

(وَ) الْحَاضِنَةُ (الذِّمِّيَّةُ) .

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: سِوَى فَاسِقٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ " ثُمَّ الْعَصَبَاتِ ". قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا لِلْعَصَبَةِ الْفَاسِقِ وَلَا إلَى مَوْلَى الْعَتَاقَةِ تَحَرُّزًا عَنْ الْفِتْنَةِ. اهـ. مَطْلَبٌ: لَوْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ أَوْ الْأَعْمَامُ غَيْرَ مَأْمُونِينَ لَا تُسَلَّمُ الْمَحْضُونَةُ إلَيْهِمْ

وَفِي الْبَدَائِعِ: حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ وَالْأَعْمَامُ غَيْرَ مَأْمُونِينَ عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ مَالِهَا لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِمْ، وَيَنْظُرُ الْقَاضِي امْرَأَةً ثِقَةً عَدْلَةٌ أَمِينَةً فَيُسَلِّمُهَا إلَيْهَا إلَى أَنْ تَبْلُغَ. (قَوْلُهُ: وَمَعْتُوهٍ) فِي نُسْخَةٍ وَمُعْتِقٍ: أَيْ بِكَسْرِ التَّاءِ لِقَوْلِ الْبَحْرِ الْمَارِّ وَلَا إلَى مَوْلَى الْعَتَاقَةِ. وَفِي الْفَتْحِ وَيُدْفَعُ الذَّكَرُ إلَى مَوْلَى الْعَتَاقَةِ لِأَنَّهُ آخِرُ الْعَصَبَاتِ وَلَا تُدْفَعُ الْأُنْثَى إلَيْهِ. اهـ. قُلْت: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ امْرَأَةً أَنْ تُدْفَعَ الْأُنْثَى إلَيْهَا دُونَ الذَّكَرِ. [تَنْبِيهٌ] :

اشْتَرَطَ فِي الْبَدَائِعِ فِي الْعَصَبَةِ اتِّحَادَ الدِّينِ، حَتَّى لَوْ كَانَ لِلصَّبِيِّ الْيَهُودِيِّ أَخَوَانِ أَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ يُدْفَعُ لِلْيَهُودِيِّ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهُ لَا لِلْمُسْلِمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَابْنِ عَمٍّ لِمُشْتَهَاةٍ إلَخْ) أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تُشْتَهَى كَبِنْتِ سَنَةٍ مَثَلًا فَلَا مَنْعَ لِأَنَّهُ لَا فِتْنَةَ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ تُشْتَهَى وَكَانَ مَأْمُونًا بَحْرٌ بَحْثًا، وَأَيَّدَهُ بِمَا فِي التُّحْفَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَارِيَةِ غَيْرُ ابْنِ الْعَمِّ فَالِاخْتِيَارُ لِلْقَاضِي، إنْ رَآهُ أَصْلَحَ ضَمَّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا تُوضَعُ عَلَى يَدٍ أَمِينَةٍ. اهـ.

قُلْت: مَا فِي التُّحْفَةِ عَلَّلَهُ فِي شَرْحِهَا الْبَدَائِعُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَيْهِ فَيُرَاعَى الْأَصْلَحُ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لِابْنِ الْعَمِّ فِي الْجَارِيَةِ مُطْلَقًا وَأَنَّ لِلْقَاضِي دَفْعَهَا لِأَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ مَأْمُونًا حَيْثُ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ لَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الِاخْتِيَارُ. وَقَدْ رَدَّ الرَّمْلِيُّ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا، وَبِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ ابْنَ الْعَمِّ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لِغَيْرِ الْمَحْرَمِ. قَالَ: وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَهُ حَضَانَتُهَا كَانَتْ عِنْدَهُ إلَى أَنْ تُشْتَهَى فَتَقَعَ الْفِتْنَةُ فَحُسِمَ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْعَصَبَاتِ مُقَدَّمُونَ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ الذُّكُورِ، وَالْمُرَادُ الْعَصَبَةُ الْمُسْتَحِقُّ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ كَابْنِ عَمٍّ لِجَارِيَةٍ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ مِثْلُ الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْخَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَالْمُرَادُ بِذَوِي الْأَرْحَامِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَحْرَمًا احْتِرَازًا عَنْ ابْنِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: فَتُدْفَعُ لِأَخٍ لِأُمٍّ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ أَوَّلًا الْجَدَّ لِأُمٍّ. فَفِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْخَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ لِأُمٍّ) الَّذِي فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ، وَكَذَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ لِأُمٍّ. (قَوْلُهُ: بُرْهَانٌ وَعَيْنِيٌّ بَحْرٌ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِهَا لَفْظُ بَحْرٍ وَهُوَ الْأَوْلَى، لِأَنَّهُ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَعْزُهُ إلَى الْبُرْهَانِ وَالْعَيْنِيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَسَاوَوْا) كَإِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَلَا حَقَّ لِوَلَدِ عَمٍّ إلَخْ) كَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْبَنَاتِ بَدَلَ الْوَلَدِ، لِأَنَّ الْوَلَدَ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَهُ حَقٌّ فِي الْغُلَامِ دُونَ الْجَارِيَةِ. وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَهَاةِ وَغَيْرِهَا فَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ فَافْهَمْ. وَفِي الْبَحْرِ لَا حَقَّ لِبَنَاتِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ لِأَنَّهُنَّ غَيْرُ مَحْرَمٍ، وَكَذَلِكَ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ بِالْأَوْلَى، كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. اهـ.

وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْعَمَّةَ وَالْخَالَةَ مُقَدَّمَتَانِ عَلَى الْعَمِّ وَالْخَالِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِبَنَاتِهِمَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِبِنْتِ الْعَمَّةِ وَنَحْوِهَا فِي حَضَانَةِ الْجَارِيَةِ، وَلَا لِابْنِ الْعَمَّةِ فِي حَضَانَةِ الْغُلَامِ، وَيَنْبَغِي إجْرَاءُ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي ابْنِ الْعَمِّ هُنَا، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ تَأَمَّلْ. وَسُئِلْتُ عَنْ صَغِيرٍ لَهُ جَدٌّ أَبُو أُمٍّ، وَبِنْتُ عَمَّةٍ وَلَا شُبْهَةَ أَنَّ الْحَضَانَةَ لِلْجَدِّ كَمَا عَلِمْته مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الصَّغِيرُ أُنْثَى، فَإِنْ قُلْنَا إنَّ لِبِنْتِ الْعَمَّةِ حَقًّا فِي الْأُنْثَى يَنْبَغِي تَقْدِيمُهَا عَلَى الْجَدِّ لِأُمٍّ لِأَنَّ النِّسَاءَ أَقْدَرُ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا مَرَّ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاضِنَةُ الذِّمِّيَّةُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مَا فِي الْكَنْزِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْأُمِّ اتِّفَاقِيٌّ

ص: 564

وَلَوْ مَجُوسِيَّةً (كَمُسْلِمَةٍ مَا لَمْ يَعْقِلْ دِينًا) يَنْبَغِي تَقْدِيرُهُ بِسَبْعِ سِنِينَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ حِينَئِذٍ نَهْرٌ (أَوْ) إلَى أَنْ (يُخَافَ أَنْ يَأْلَفَ الْكُفْرَ) فَيُنْزَعَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ دِينًا بَحْرٌ.

(وَ) الْحَاضِنَةُ (يَسْقُطُ حَقُّهَا بِنِكَاحِ غَيْرِ مَحْرَمِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ، وَكَذَا بِسُكْنَاهَا عِنْدَ الْمُبْغِضِينَ لَهُ؛ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ بِآخَرَ فَأَمْسَكَتْهُ أُمُّ الْأُمِّ فِي بَيْتِ الرَّابِّ فَلِلْأَبِ أَخْذُهُ.

وَفِي الْبَحْرِ: قَدْ تَرَدَّدْتُ فِيمَا لَوْ أَمْسَكَتْهُ الْخَالَةُ وَنَحْوُهَا فِي بَيْتِ أَجْنَبِيٍّ عَازِبَةٍ وَالظَّاهِرُ السُّقُوطُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ: وَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ لِلْفَرْقِ الْبَيِّنِ بَيْنَ زَوْجِ الْأُمِّ وَالْأَجْنَبِيِّ. قَالَ: وَالرَّحِمُ فَقَطْ - كَابْنِ الْعَمِّ كَالْأَجْنَبِيِّ.

ــ

[رد المحتار]

بَلْ كُلُّ حَاضِنَةٍ ذِمِّيَّةٍ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجُوسِيَّةً) بِأَنْ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَأَبَتْ. (قَوْلُهُ: بِسَبْعِ سِنِينَ) فَائِدَةُ هَذَا تَظْهَرُ فِي الْأُنْثَى لِأَنَّ الذَّكَرَ تَنْتَهِي حَضَانَتُهُ بِالسَّبْعِ حَمَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى أَنْ يُخَافَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " أَوْ يُخَافَ " مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ بَعْدَ " أَوْ " الَّتِي بِمَعْنَى " إلَى " كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهَذَا زَادَهُ فِي الْهِدَايَةِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ أَنْ يَأْلَفَ الْكُفْرَ نُزِعَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ دِينًا بَحْرٌ. قَالَ ط: وَلَمْ يُمَثِّلُوا لِأَلْفِ الْكُفْرِ. وَالظَّاهِرُ أَنْ يُفَسَّرَ سَبَبُهُ بِنَحْوِ أَخْذِهِ لِمَعَابِدِهِمْ. وَفِي الْفَتْحِ: وَتُمْنَعُ أَنْ تُغَذِّيَهُ الْخَمْرَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَإِنْ خِيفَ ضُمَّ إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُ الْبَحْرِ: لَمْ يُنْزَعْ مِنْهَا بَلْ يُضَمُّ إلَى أُنَاسٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ تَحْرِيفٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ " لَمْ " زَائِدَةٌ، وَإِلَّا تَنَاقَضَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِنِكَاحِ غَيْرِ مَحْرَمِهِ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا، أَوْ لَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: غَيْرِ مَحْرَمِهِ النَّسَبِيِّ، لِأَنَّ الرَّضَاعَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي سُقُوطِ حَضَانَتِهَا بِهِ رَمْلِيٌّ.

قُلْت: يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْغُلَامِ سِوَى ابْنَيْ عَمٍّ تَزَوَّجَتْ أُمُّهُ أَحَدَهُمَا أَنْ لَا يَسْقُطَ حَقُّهَا لِأَنَّ الْآخَرَ أَجْنَبِيٌّ مِثْلُهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي دَفْعِهِ إلَيْهِ بَلْ إبْقَاؤُهُ عِنْدَهَا أَوْلَى. وَاحْتَرَزَ عَمَّا كَانَ زَوْجُ الْجَدَّةِ الْجَدَّ أَوْ زَوْجُ الْأُمِّ، أَوْ الْخَالَةِ الْعَمَّ وَنَحْوَهُ. (قَوْلُهُ: فِي بَيْتِ الرَّابِّ) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ اسْمُ فَاعِلٍ، مِنْ التَّرْبِيَةِ: وَهُوَ زَوْجُ الْأُمِّ، وَالْوَلَدُ رَبِيبٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلِلْأَبِ أَخْذُهُ) أَيْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا مَسْكَنٌ وَطَلَبَتْ مِنْ الْأَبِ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَسْكَنٍ فَإِنَّ السُّكْنَى فِي الْحَضَانَةِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لِلْفَرْقِ الْبَيِّنِ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ هَذَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا بِقَوْلِهِمْ: إنَّ زَوْجَ الْأُمِّ الْأَجْنَبِيَّ يُطْعِمُهُ نَزْرًا: أَيْ قَلِيلًا، وَيَنْظُرُ إلَيْهِ شَزْرًا: أَيْ نَظَرَ الْبُغْضِ، وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي الْأَجْنَبِيِّ عَنْ الْحَاضِنَةِ. قَالَ ح: وَفِي النَّفْسِ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ شَيْءٌ فَإِنَّ الرَّابَّ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ. اهـ.

قُلْت: الْأَصْوَبُ التَّفْصِيلُ، وَهُوَ أَنَّ الْحَاضِنَةَ إذَا كَانَتْ تَأْكُلُ وَحْدَهَا وَابْنُهَا مَعَهَا فَلَهَا حَقٌّ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى وَلَدِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فِي عِيَالِ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ، أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ، وَأَنْتَ عَلِمْت أَنَّ سُقُوطَ الْحَضَانَةِ بِذَلِكَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الصَّغِيرِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يَكُونَ ذَا بَصِيرَةٍ لِيُرَاعِيَ الْأَصْلَحَ لِلْوَلَدِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ قَرِيبٌ مُبْغِضٌ لَهُ يَتَمَنَّى مَوْتَهُ وَيَكُونُ زَوْجُ أُمِّهِ مُشْفِقًا عَلَيْهِ يَعِزُّ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ فَيُرِيدُ قَرِيبُهُ أَخْذَهُ مِنْهَا لِيُؤْذِيَهُ وَيُؤْذِيَهَا، أَوْ لِيَأْكُلَ مِنْ نَفَقَتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ زَوْجَةٌ تُؤْذِيهِ أَضْعَافَ مَا يُؤْذِيهِ زَوْجُ أُمِّهِ الْأَجْنَبِيُّ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ أَوْلَادٌ يَخْشَى عَلَى الْبِنْتِ مِنْهُمْ الْفِتْنَةَ لِسُكْنَاهَا مَعَهُمْ، فَإِذَا عَلِمَ الْمُفْتِي، أَوْ الْقَاضِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ نَزْعُهُ مِنْ أُمِّهِ لِأَنَّ مَدَارَ أَمْرِ الْحَضَانَةِ عَلَى نَفْعِ الْوَلَدِ، وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ: لَوْ كَانَتْ الْإِخْوَةُ وَالْأَعْمَامُ غَيْرَ مَأْمُونِينَ عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ مَالِهَا لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِمْ.

وَقَدَّمْنَا فِي الْعِدَّةِ عَنْ الْفَتْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا فِي الْأَصَحِّ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَنْظُرَ فِي خُصُوصِ الْوَقَائِعِ، فَإِنْ عَلِمَ عَجْزَهَا عَنْ الْمَعِيشَةِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ أَفْتَاهَا بِالْحِلِّ لَا إنْ عَلِمَ قُدْرَتَهَا. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ فِي النَّهْرِ، وَأَصْلُهُ لِلْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ: وَدَخَلَ تَحْتَ غَيْرِ الْمَحْرَمِ الرَّحِمُ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْرَمٍ كَابْنِ الْعَمِّ فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ هُنَا اهـ أَيْ فَإِذَا تَزَوَّجَتْهُ سَقَطَ حَقُّهَا، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَضَانَةِ أَقْرَبُ مِنْهُ.

ص: 565

(وَتَعُودُ) الْحَضَانَةُ (بِالْفُرْقَةِ) الْبَائِنَةِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَالْقَوْلُ لَهَا فِي نَفْيِ الزَّوْجِ وَكَذَا فِي تَطْلِيقِهِ إنْ أَبْهَمَتْهُ لَا إنْ عَيَّنَتْهُ.

(وَالْحَاضِنَةُ) أُمًّا، أَوْ غَيْرَهَا (أَحَقُّ بِهِ) أَيْ بِالْغُلَامِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ النِّسَاءِ وَقُدِّرَ بِسَبْعٍ وَبِهِ يُفْتَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي سِنِّهِ، فَإِنْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَلَبِسَ وَاسْتَنْجَى وَحْدَهُ دُفِعَ إلَيْهِ وَلَوْ جَبْرًا وَإِلَّا لَا (وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ) لِأُمٍّ، أَوْ لِأَبٍ (أَحَقُّ بِهَا) بِالصَّغِيرَةِ (حَتَّى تَحِيضَ) أَيْ تَبْلُغَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي حَيْضِهَا فَالْقَوْلُ لِلْأُمِّ بَحْرٌ بَحْثًا.

وَأَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَكَّمَ سِنُّهَا وَيُعْمَلَ بِالْغَالِبِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ، حَتَّى يَحْتَلِمَ الْغُلَامُ، وَتَتَزَوَّجَ الصَّغِيرَةُ وَيَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ عَيْنِيٌّ (وَغَيْرُهُمَا أَحَقُّ بِهَا حَتَّى تُشْتَهَى) وَقُدِّرَ بِتِسْعٍ وَبِهِ يُفْتَى.

ــ

[رد المحتار]

فَلَوْ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ وَكَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا يَبْقَى عِنْدَ أُمِّهِ؛ وَكَذَا لَوْ كَانَ أُنْثَى لَا تُشْتَهَى، أَوْ كَانَ مَأْمُونًا عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: الْبَائِنَةِ) أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِيهَا نَهْرٌ، وَمُقْتَضَاهُ الْعَوْدُ فِي الْبَائِنَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ ارْتِفَاعُ وِلَايَتِهِ عَلَيْهَا فَلَا ضَرَرَ لِلْوَلَدِ عِنْدَهُ، وَفِي ذَلِكَ تَأْيِيدٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ تَأَمَّلْ. قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى: وَكَذَا: أَيْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لَوْ زَالَتْ بِجُنُونٍ وَرِدَّةٍ، ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ فَالْأَحْسَنُ: وَيَعُودُ الْحَقُّ بِزَوَالِ مَانِعِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمَانِعِ) أَيْ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ عَوْدِ السَّاقِطِ حَتَّى يُقَالَ إنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ، فَقَوْلُهُمْ يَسْقُطُ حَقُّهَا مَعْنَاهُ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ كَقَوْلِهِمْ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ بِالنُّشُوزِ، وَالْوِلَايَةُ بِالْجُنُونِ ثُمَّ تَعُودُ بِزَوَالِ ذَلِكَ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ السَّاقِطَ لَمْ يَعُدْ بَلْ عَادَ حَقٌّ جَدِيدٌ لِقِيَامِ سَبَبِهِ، بِخِلَافِ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لَهَا إلَخْ) أَيْ لَوْ ادَّعَى تَزَوُّجَهَا وَأَنْكَرَتْ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَلَوْ أَقَرَّتْ بِهِ لَكِنَّهَا ادَّعَتْ الطَّلَاقَ، فَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ الزَّوْجَ فَالْقَوْلُ لَهَا لَا إنْ عَيَّنَتْهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْفَصْلَيْنِ نَهْرٌ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ دَعْوَاهَا طَلَاقَ الْمُعَيَّنِ لَمَّا أَبْطَلَهَا الشَّرْعُ بِدُونِ تَصْدِيقِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا أَصْلًا.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ النِّسَاءِ) بِأَنْ يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ، وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِنْجَاءِ تَمَامُ الطَّهَارَةِ بِأَنْ يَتَطَهَّرَ بِالْمَاءِ بِلَا مُعِينٍ، وَقِيلَ مُجَرَّدُ الِاسْتِنْجَاءِ وَهُوَ التَّطْهِيرُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمَامِ الطَّهَارَةِ زَيْلَعِيٌّ أَيْ الطَّهَارَةِ الشَّامِلَةِ لِلْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ بِسَبْعٍ) هُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ بَلْ عَيْنُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَسْتَنْجِي وَحْدَهُ، أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مُرُوا صِبْيَانَكُمْ إذَا بَلَغُوا سَبْعًا» وَالْأَمْرُ بِمَا لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ زَيْلَعِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) وَقِيلَ بِتِسْعِ سِنِينَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) أَيْ الِاسْتِغْنَاءَ هُوَ الْغَالِبُ فِي هَذَا السِّنِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكَلَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُحَلِّفُ أَحَدَهُمَا بَلْ يَنْظُرُ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْيَمِينَ لِلنُّكُولِ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا إبْطَالَ حَقِّ الْوَلَدِ مِنْ كَوْنِهِ عِنْدَ أُمِّهِ قَبْلَ السَّبْعِ وَعِنْدَ أَبِيهِ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَبْرًا) أَيْ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى.

وَفِي الْفَتْحِ: وَيُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى أَخْذِ الْوَلَدِ بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْأُمِّ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَصِيَانَتَهُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ: وَإِذَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ عَنْ الْخِدْمَةِ أُجْبِرَ الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَلِيُّ عَلَى أَخْذِهِ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ. اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا: وَإِذَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ وَبَلَغَتْ الْجَارِيَةُ فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى، يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا حَقَّ لِابْنِ الْعَمِّ فِي حَضَانَةِ الْجَارِيَةِ. اهـ.

قُلْت: بَقِيَ مَا إذَا انْتَهَتْ الْحَضَانَةُ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ عَصَبَةٌ وَلَا وَصِيٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُتْرَكُ عِنْدَ الْحَاضِنَةِ، إلَّا أَنْ يَرَى الْقَاضِي غَيْرَهَا أَوْلَى لَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ فُقِدَتْ الْأَرْبَعَةُ، أَوْ بَعْضُهَا لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ ط. (قَوْلُهُ: وَالْجَدَّةُ) أَيْ وَإِنْ عَلَتْ ط. (قَوْلُهُ: أَيْ تَبْلُغَ) وَبُلُوغُهَا إمَّا بِالْحَيْضِ، أَوْ الْإِنْزَالِ، أَوْ السِّنِّ ط. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ تَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ آدَابِ النِّسَاءِ وَالْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ أَقْدَرُ، وَبَعْدَ الْبُلُوغِ تَحْتَاجُ إلَى التَّحْصِينِ وَالْحِفْظِ، وَالْأَبُ فِيهِ أَقْوَى وَأَهْدَى. (قَوْلُهُ: فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) مُقَابِلُهُ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ الْآتِيَةُ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِلْأُمِّ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي سُقُوطَ حَقِّهَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَأَقُولُ إلَخْ) هُوَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ: وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى سِنِّهَا، فَإِنْ بَلَغَتْ سِنًّا تَحِيضُ فِيهِ الْأُنْثَى غَالِبًا فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِلَّا لَهَا. اهـ.

ص: 566

وَبِنْتُ إحْدَى عَشْرَةَ مُشْتَهَاةٌ اتِّفَاقًا زَيْلَعِيٌّ.

(وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ كَذَلِكَ) وَبِهِ يُفْتَى لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ زَيْلَعِيٌّ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ بِتَزَوُّجِهَا مَا دَامَتْ لَا تَصْلُحُ لِلرِّجَالِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الثَّانِي إذَا كَانَ يَسْتَأْنِسُ. كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: امْرَأَةٌ قَالَتْ: هَذَا ابْنُك مِنْ بِنْتِي وَقَدْ مَاتَتْ أُمُّهُ فَأَعْطِنِي نَفَقَتَهُ، فَقَالَ: صَدَقْتِ لَكِنَّ أُمَّهُ لَمْ تَمُتْ وَهِيَ فِي مَنْزِلِي وَأَرَادَ أَخْذَ الصَّبِيِّ.، يُمْنَعُ حَتَّى يُعْلِمَ الْقَاضِي أُمَّهُ وَتَحْضُرَ عِنْدَهُ فَتَأْخُذَهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهَا جَدَّتُهُ وَحَاضِنَتُهُ ثُمَّ ادَّعَى أَحَقِّيَّةَ غَيْرِهَا وَذَا مُحْتَمَلٌ، فَإِنْ (أَحْضَرَ الْأَبُ امْرَأَةً فَقَالَ: هَذِهِ ابْنَتُكِ وَهَذَا) ابْنِي (مِنْهَا، وَقَالَتْ الْجَدَّةُ: لَا) مَا هَذِهِ ابْنَتِي (وَقَدْ مَاتَتْ ابْنَتِي أُمُّ هَذَا الْوَلَدِ فَالْقَوْلُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ: الَّتِي مَعَهُ وَيُدْفَعُ الصَّبِيُّ إلَيْهِمَا) لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهُمَا فَيَكُونُ الْوَلَدُ لَهُمَا (كَزَوْجَيْنِ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَادَّعَى) الزَّوْجُ (أَنَّهُ ابْنُهُ لَا مِنْهَا) بَلْ مِنْ غَيْرِهَا (وَعَكَسَتْ) فَقَالَتْ: هُوَ ابْنِي لَا مِنْهُ (حُكِمَ بِكَوْنِهِ ابْنًا لَهُمَا) لِمَا قُلْنَا؛ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ الْجَدَّةُ: هَذَا ابْنُك مِنْ بِنْتِي الْمَيِّتَةِ فَقَالَ: بَلْ مِنْ غَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لَهُ وَيَأْخُذُ الصَّبِيَّ مِنْهَا، وَكَذَا لَوْ أَحْضَرَ امْرَأَةً وَقَالَ: ابْنِي مِنْ هَذِهِ لَا مِنْ بِنْتِكِ وَكَذَّبَتْهُ الْجَدَّةُ وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ فَالْأَبُ أَوْلَى بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ هَذَا ابْنِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَدْ أَنْكَرَ كَوْنَهَا جَدَّتَهُ فَيَكُونُ مُنْكِرًا لِحَقِّ حَضَانَتِهَا وَهِيَ أَقَرَّتْ لَهُ بِالْحَقِّ انْتَهَى مُلَخَّصًا.

(وَلَا خِيَارَ لِلْوَلَدِ عِنْدَنَا مُطْلَقًا) ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. قُلْت: وَهَذَا قَبْلَ الْبُلُوغِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ الِانْفِرَادَ فَلَهُ ذَلِكَ مُؤَيَّدٌ زَادَهُ مَعْزِيًّا لِلْمُنْيَةِ،

ــ

[رد المحتار]

وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَى الصَّغِيرَةِ، فَإِنْ ادَّعَتْ الْبُلُوغَ فِي سِنٍّ يَحْتَمِلُهُ صُدِّقَتْ كَمَا هُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي بَاقِي الْأَحْكَامِ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ. (قَوْلُهُ: مُشْتَهَاةٌ اتِّفَاقًا) بَلْ فِي مُحَرَّمَاتِ الْمَنْحِ: بِنْتُ تِسْعٍ فَصَاعِدًا مُشْتَهَاةٌ اتِّفَاقًا سَائِحَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهَا أَحَقَّ بِهَا حَتَّى تُشْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِ تَصْحِيحِهِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَفَادَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ حَتَّى تُشْتَهَى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ. (قَوْلُهُ: بِتَزَوُّجِهَا) أَيْ الصَّغِيرَةِ. (قَوْلُهُ: مَا دَامَتْ لَا تَصْلُحُ لِلرِّجَالِ) فَإِنْ صَلُحَتْ تَسْقُطُ وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ النَّفَقَاتِ أَنَّ الَّتِي تُشْتَهَى لِلْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الَّتِي تَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ، أَوْ لِلِاسْتِئْنَاسِ إنْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ عِنْدَ الثَّانِي وَاخْتَارَهُ فِي التُّحْفَةِ. اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ صُلُوحَهَا لِلرِّجَالِ يَكْفِي بِالْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَلِذَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا، بِخِلَافِ مَنْ تَصْلُحُ لِلْخِدْمَةِ وَالِاسْتِئْنَاسِ فَقَطْ حَيْثُ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا إلَّا إنْ رَضِيَ بِهَا وَأَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي رِوَايَةٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى ضَعْفِهَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا صَلُحَتْ لِلرِّجَالِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَدْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا لَا حَضَانَةَ لِأُمِّهَا اتِّفَاقًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ لَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ " حَتَّى تَحِيضَ " فَيَحْتَاجُ إطْلَاقُهُ إلَى تَقْيِيدٍ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ: أَيْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ " حَتَّى تَحِيضَ " بِمَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ. (قَوْلُهُ: وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إلَخْ) دُخُولٌ عَلَى الْمَتْنِ ط. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ أُمَّهُ) أَيْ الَّتِي هِيَ ابْنَتُك. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَهَا) لِكَوْنِ النِّكَاحِ يَثْبُتُ بِالتَّصَادُقِ. (قَوْلُهُ: لِمَا قُلْنَا) مِنْ أَنَّ الْفِرَاشَ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَالَتْ الْجَدَّةُ) سَمَّاهَا جَدَّةً نَظَرًا لِزَعْمِهَا. (قَوْلُهُ: فَقَالَ بَلْ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْك، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنَّهُ فِي الْأُولَى اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ مِنْ ابْنَتِهَا وَأَنَّهَا جَدَّتُهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَّبَتْهُ الْجَدَّةُ) بِأَنْ قَالَتْ: مَا هَذِهِ أُمُّهُ بَلْ أُمُّهُ ابْنَتِي ظَهِيرِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ) بِأَنْ قَالَتْ: صَدَقْتِ مَا أَنَا بِأُمِّهِ وَقَدْ كَذَبَ هَذَا الرَّجُلُ وَلَكِنِّي امْرَأَتُهُ ظَهِيرِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ هَذَا ابْنِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ) وَكَذَا قَوْلُهُ: بَلْ مِنْ غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: انْتَهَى مُلَخَّصًا) أَيْ انْتَهَى كَلَامُ الظَّهِيرِيَّةِ حَالَ كَوْنِهَا مُلَخَّصًا، أَفَادَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِعَيْنِ عِبَارَتِهَا بَلْ حَذَفَ بَعْضَهَا اخْتِصَارًا، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ اسْتَوْفَى صُوَرَ الْمَسْأَلَةِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ لِلْوَلَدِ عِنْدَنَا) أَيْ إذَا بَلَغَ السِّنَّ الَّذِي يُنْزَعُ مِنْ الْأُمِّ يَأْخُذُهُ الْأَبُ، وَلَا خِيَارَ لِلصَّغِيرِ

ص: 567

وَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ مَبْلَغَ النِّسَاءِ، إنْ بِكْرًا ضَمَّهَا الْأَبُ إلَى نَفْسِهِ) إلَّا إذَا دَخَلَتْ فِي السِّنِّ وَاجْتَمَعَ لَهَا رَأْيٌ فَتَسْكُنُ حَيْثُ أَحَبَّتْ حَيْثُ لَا خَوْفَ عَلَيْهَا (وَإِنْ ثَيِّبًا لَا) يَضُمُّهَا (إلَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً عَلَى نَفْسِهَا) فَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ وِلَايَةُ الضَّمِّ لَا لِغَيْرِهِمَا كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.

(وَالْغُلَامُ إذَا عَقَلَ وَاسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ لَيْسَ لِلْأَبِ ضَمُّهُ إلَى نَفْسِهِ) إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا عَلَى نَفْسِهِ فَلَهُ ضَمُّهُ لِدَفْعِ فِتْنَةٍ، أَوْ عَارٍ، وَتَأْدِيبُهُ إذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بَحْرٌ.

ــ

[رد المحتار]

لِأَنَّهُ لِقُصُورِ عَقْلِهِ يَخْتَارُ مَنْ عِنْدَهُ اللُّعَبُ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُخَيِّرُوا. وَأَمَّا حَدِيثُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَيَّرَ فَلِكَوْنِهِ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِهِ» فَوُفِّقَ لَا اخْتِيَارًا لَا نَظَرَ بِدُعَائِهِ عليه الصلاة والسلام، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: وَأَفَادَهُ) أَيْ أَفَادَ مَا ذُكِرَ مِنْ ثُبُوتِ التَّخْيِيرِ وَالِانْفِرَادِ لِلْبَالِغِ مَعَ زِيَادَةِ تَفْصِيلٍ وَتَقْيِيدٍ لِذَلِكَ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: مَبْلَغَ النِّسَاءِ) أَيْ بِمَا تَبْلُغُ بِهِ النِّسَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ. (قَوْلُهُ: ضَمَّهَا الْأَبُ إلَى نَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادَ لَوْ حَدِيثَةَ السِّنِّ بَحْرٌ، وَالْأَبُ غَيْرُ قَيْدٍ، فَإِنَّ الْأَخَ وَالْعَمَّ كَذَلِكَ عِنْدَ فَقْدِ الْأَبِ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُمَا، فَيَنْظُرُ الْقَاضِي امْرَأَةً مُسْلِمَةً ثِقَةً فَتُسَلَّمُ إلَيْهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا دَخَلَتْ فِي السِّنِّ) عِبَارَةُ الْوَجِيزِ مُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ: إلَّا إذَا كَانَتْ مُسِنَّةً وَلَهَا رَأْيٌ. وَفِي كِفَايَةِ الْمُتَحَفِّظِ وَفِقْهِ اللُّغَةِ: مَنْ رَأَى الْبَيَاضَ فَهُوَ أَشْيَبُ وَأَشْمَطُ ثُمَّ شَيْخٌ، فَإِذَا ارْتَفَعَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُسِنٌّ رَحْمَتِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَا لِغَيْرِهِمَا إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ كَانَ لَهُمَا وِلَايَةُ الضَّمِّ فِي الِابْتِدَاءِ، فَجَازَ أَنْ يُعِيدَاهَا إلَى حِجْرِهِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً، أَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الضَّمِّ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا تَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْإِعَادَةِ أَيْضًا بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمُتُونَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ امْرَأَةٌ فَالْحَضَانَةُ لِلْعَصَبَاتِ عَلَى تَرْتِيبِهِمْ، فَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ وِلَايَةِ الضَّمِّ ابْتِدَاءً لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ " أَمَّا غَيْرُهُمَا " الْعَصَبَةَ غَيْرَ الْمَحْرَمِ كَابْنِ الْعَمِّ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ، فَإِنَّ الْأُنْثَى لَا تُضَمُّ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ: إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ عَلَى نَفْسِهَا لَا يُوثَقُ بِهَا فَلِلْأَبِ أَنْ يَضُمَّهَا إلَيْهِ، وَكَذَا لِلْأَخِ وَالْعَمِّ الضَّمُّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا، فَإِنْ كَانَ فَحِينَئِذٍ يَضَعُهَا الْقَاضِي عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ اهـ. وَزَادَ الزَّيْلَعِيُّ: وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ عَصَبَةٍ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا. اهـ. وَهَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: وَالْغُلَامُ إذَا عَقَلَ إلَخْ) كَانَ يَنْبَغِي الِابْتِدَاءُ بِمَسْأَلَةِ الْغُلَامِ، أَوْ ذِكْرُهَا آخِرًا لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي الْجَارِيَةِ؛ ثُمَّ الْمُرَادُ الْغُلَامُ الْبَالِغُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ. وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ: ثُمَّ الْغُلَامُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا فَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُفْسِدًا مَخُوفًا عَلَيْهِ إلَخْ. وَاحْتَرَزَ عَمَّا إذَا بَلَغَ مَعْتُوهًا. فَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَمَنْ بَلَغَ مَعْتُوهًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ سَوَاءٌ كَانَ ابْنًا، أَوْ بِنْتًا. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ وَالْمَعْتُوهُ لَا يُخَيَّرُ وَيَكُونُ عِنْدَ أُمٍّ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الْفَتْحِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِتَخْيِيرِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَالْمَعْتُوهُ إذَا بَلَغَ السِّنَّ الْمَذْكُورَ: أَيْ الَّذِي يُنْزَعُ فِيهِ مِنْ الْأُمِّ يَكُونُ عِنْدَ الْأَبِ اهـ وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ ضَمُّهُ) أَيْ لِلْأَبِ وِلَايَةُ ضَمِّهِ إلَيْهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَدَّ كَذَلِكَ بَلْ غَيْرَهُ مِنْ الْعَصَبَاتِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَلَعَلَّهُمْ اعْتَمَدُوا عَنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الْمَعَاصِي، وَهَذَا فِي زَمَانِنَا غَيْرُ وَاقِعٍ فَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ بِوِلَايَةِ ضَمِّهِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ مِنْ أَقَارِبِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهِ، فَإِنَّ دَفْعَ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا مَنْ يَلْحَقُهُ عَارُهُ، وَذَلِكَ أَيْضًا مِنْ أَعْظَمِ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَالشَّرْعُ أَمَرَ بِصِلَتِهَا وَبِدَفْعِ الْمُنْكَرِ مَا أَمْكَنَ. قَالَ تَعَالَى - {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]- ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلرَّمْلِيِّ ذَكَرَ ذَلِكَ بَحْثًا أَيْضًا وَقَالَ وَلَمْ أَرَهُ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْت.

ص: 568

(وَالْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِيهِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ، وَ) لَكِنْ (لَهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ فَلَهُ ضَمُّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا، وَإِنْ كَانَ) مُفْسِدًا (لَا) يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ.

(وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ عَصَبَةٍ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعَصَبَاتِ أَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ مُفْسِدٌ فَالنَّظَرُ فِيهَا إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ) كَانَتْ (مَأْمُونَةً خَلَّاهَا تَنْفَرِدُ بِالسُّكْنَى وَإِلَّا وَضَعَهَا عِنْدَ) امْرَأَةٍ (أَمِينَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْحِفْظِ، بِلَا فَرْقٍ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ) لِأَنَّهُ جُعِلَ نَاظِرًا لِلْمُسْلِمِينَ، ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَإِذَا بَلَغَ الذُّكُورُ حَدَّ الْكَسْبِ يَدْفَعُهُمْ الْأَبُ إلَى عَمَلٍ لِيَكْتَسِبُوا، أَوْ يُؤَجِّرُهُمْ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَتِهِمْ بِخِلَافِ الْإِنَاثِ؛ وَلَوْ الْأَبُ مُبَذِّرًا يُدْفَعُ كَسْبُ الِابْنِ إلَى أَمِينٍ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ مُؤَيَّدٌ زَادَهُ مَعْزِيًّا لِلْخُلَاصَةِ.

(لَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ) بَائِنًا بَعْدَ عِدَّتِهَا (الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ) فَلَوْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُبْصِرَ وَلَدَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ فِي نَهَارِهِ لَمْ تُمْنَعْ.

ــ

[رد المحتار]

النَّقْلَ فِيهِ وَهُوَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالْخُلَاصَةِ والتتارخانية، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ أَبٌ وَانْقَضَتْ الْحَضَانَةُ فَمَنْ سِوَاهُ مِنْ الْعَصَبَةِ أَوْلَى الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، غَيْرَ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تُدْفَعُ إلَّا إلَى مَحْرَمٍ. اهـ.

قُلْت: كَلَامُنَا فِيمَا إذَا بَلَغَ الْغُلَامُ، وَمَا نَقَلَهُ فِيمَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ كَوْنِهِ مَأْمُونًا، أَوْ غَيْرَهُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ أَحْكَامِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ وَالْغُلَامِ وَالتَّأْدِيبِ ط (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ لِلْبِكْرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي، وَكَذَا الثَّيِّبُ كَمَا عَلِمْته خِلَافًا لِمَا مَرَّ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ بِلَا فَرْقٍ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ. [تَنْبِيهٌ] :

حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَلَدِ إذَا بَلَغَ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِكْرًا مُسِنَّةً أَوْ ثَيِّبًا مَأْمُونَةً، أَوْ غُلَامًا كَذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِكْرًا شَابَّةً، أَوْ يَكُونَ ثَيِّبًا، أَوْ غُلَامًا غَيْرَ مَأْمُونَيْنِ فَلَا خِيَارَ لَهُمْ بَلْ يَضُمُّهُمْ الْأَبُ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا بَلَغَ الذُّكُورُ حَدَّ الْكَسْبِ) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ مَبْلَغَ الرِّجَالِ إذْ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمْ عَلَيْهِ بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِنَاثِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهُنَّ فِي عَمَلٍ، أَوْ خِدْمَةٍ تَتَارْخَانِيَّةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرُ يَخْلُو بِهَا وَذَلِكَ سَيِّئٌ فِي الشَّرْعِ ذَخِيرَةٌ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ يَدْفَعُهَا إلَى امْرَأَةٍ تُعَلِّمُهَا حِرْفَةً كَتَطْرِيزٍ وَخِيَاطَةٍ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْأَبُ مُبَذِّرًا) أَيْ يُخْشَى مِنْهُ إتْلَافُ كَسْبِ الِابْنِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْلَاكِ) أَيْ أَمْلَاكِ الصِّبْيَانِ تَتَارْخَانِيَّةٌ: أَيْ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ لَهُمْ وَصِيًّا يَحْفَظُ لَهُمْ مَا لَهُمْ إذَا كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ بَائِنًا إلَخْ) أَمَّا الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيَّةً فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَنْكُوحَةِ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ، لِأَنَّ حَقَّ السُّكْنَى لِلزَّوْجِ، وَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ فَلَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُطْلَقًا بَحْرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَالْمُطَلَّقَةِ فِي ذَلِكَ، فَلَا تَمْلِكُ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ الْأَوْلِيَاءِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْأَبِ، وَمَا فِيهِ إضْرَارٌ بِالْوَلَدِ ظَاهِرُ الْمَنْعِ اهـ رَمْلِيٌّ.

لَا يُقَالُ: إنَّ مُعْتَدَّةَ الْمَوْتِ تَخْرُجُ يَوْمًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الِانْتِفَالُ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى وَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ. وَأَمَّا بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَلَمْ أَرَهُ، وَقَوْلُ الرَّمْلِيِّ " لِقِيَامِ الْأَوْلِيَاءِ مَقَامَ الْأَبِ " يُفِيدُ مَنْعَهَا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَيْضًا لَكِنْ سُئِلَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الْفَقِيهُ مُنْلَا عَلِيٌّ التُّرْكُمَانِيُّ عَنْ يَتِيمٍ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ لَهُ جَدٌّ لِأَبٍ تُرِيدُ أُمُّهُ السَّفَرَ بِهِ مِنْ بَلَدِهَا الَّتِي تَزَوَّجَتْ فِيهَا إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى فَهَلْ لِجَدِّهِ مَنْعُهَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مُتُونًا وَشُرُوحًا تَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِالْمُطَلَّقَةِ وَالْأَبِ؟ وَلَمْ نَرَ مَنْ أَجْرَاهَا فِي غَيْرِهِمَا، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْجَدَّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَمَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ لَمْ يَسْتَنِدْ فِيهِ إلَى نَقْلٍ فَيَنْبَغِي التَّوَقُّفُ حَتَّى نَرَى النَّقْلَ الصَّرِيحَ فَإِنَّ الْعِلْمَ أَمَانَةٌ، هَذَا حَاصِلُ مَا رَأَيْته بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَوَجْهُ تَوَقُّفِهِ التَّقْيِيدُ بِالْأَبِ وَالْمُطَلَّقَةِ، فَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ لِلِاحْتِرَازِ بِقَرِينَةِ تَخْصِيصِهِمْ هَذَا الْحُكْمَ بِالْأُمِّ الْمُطَلَّقَةِ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ لِمَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لَمْ تُمْنَعْ) إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ كَمَا يَأْتِي.

ص: 569

مُطْلَقًا لِأَنَّهُ كَالِانْتِفَالِ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ شُمُنِّيٌّ (إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ، وَفِي عَكْسِهِ لَا) لِضَرَرِ الْوَلَدِ بِتَخَلُّقِهِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ السَّوَادِ (إلَّا إذَا كَانَ) مَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ (وَطَنَهَا وَقَدْ نَكَحَهَا ثَمَّةَ) أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي وَطَنِهَا وَلَوْ قَرْيَةً فِي الْأَصَحِّ إلَّا دَارَ الْحَرْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُسْتَأْمَنَيْنِ (وَهَذَا) الْحُكْمُ (فِي الْأُمِّ) الْمُطَلَّقَةِ فَقَطْ (أَمَّا غَيْرُهَا) كَجَدَّةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ أُعْتِقَتْ (فَلَا تَقْدِرُ عَلَى نَقْلِهِ) لِعَدَمِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا (إلَّا بِإِذْنِهِ) كَمَا يُمْنَعُ الْأَبُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ بَلَدِ أُمِّهِ.

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) سَوَاءً كَانَ وَطَنًا لَهَا، أَوْ لَا، وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهِ، أَوْ لَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ) أَيْ فِي بَلَدٍ وَاحِدَةٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَحَلَّتَيْنِ تَفَاوُتٌ تُمْنَعُ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الْمِنَحِ: هَذَا خَطَأٌ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْبَحْرِ، إذْ لَيْسَ لَهَا نَقْلُهُ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى مِصْرٍ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ. وَالْعَجَبُ فِي حُكْمٍ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ جَعَلَهُ مَتْنًا بِمُجَرَّدِ تَقْلِيدِهِ لِلْبَحْرِ. اهـ.

وَفِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ: وَإِنْ أَرَادَتْ نَقْلَهُ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى مِصْرٍ جَامِعٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِصْرَهَا وَلَا وَقَعَ النِّكَاحُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِصْرُ قَرِيبًا مِنْ الْقَرْيَةِ عَلَى التَّفْسِيرِ الَّذِي قُلْنَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي عَكْسِهِ لَا إلَخْ) أَيْ وَفِي انْتِقَالِهَا مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقَرْيَةِ لَا تُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ قَرِيبَةً لِتَضَرُّرِ الْوَلَدِ بِتَخَلُّقِهِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ السَّوَادِ: أَيْ أَهْلِ الْقُرَى الْمَجْبُولَةِ عَلَى الْجَفَاءِ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ " وَفِي عَكْسِهِ لَا "، وَمِثْلُهُ مَا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى مِصْرٍ أَوْ إلَى قَرْيَةٍ، أَوْ مِنْ مِصْرٍ إلَى مِصْرٍ، وَلِذَا عَمَّمَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ. وَيُمْكِنُ جَعْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ الْخُرُوجُ، وَلَكِنْ كَانَ حَقُّهُ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ وَأَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي وَطَنِهَا) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ مُجَرَّدُ الْعَقْدِ، وَأَنَّ الْإِشَارَةَ بِثَمَّةَ لِلْوَطَنِ، فَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ إلَى الْبَلْدَةِ الْبَعِيدَةِ مِنْ شَرْطَيْنِ: كَوْنِهَا وَطَنَهَا، وَكَوْنِ الْعَقْدِ فِيهَا. وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ اشْتِرَاطُ الْعَقْدِ دُونَ الْوَطَنِ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ فِي دَارٍ لَيْسَ الْتِزَامًا لِلْمُقَامِ فِيهَا عُرْفًا فَلَا يَكُونُ لَهَا النُّقْلَةُ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَرْيَةً فِي الْأَصَحِّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَطَنُ الْوَاقِعُ فِيهِ الْعَقْدُ قَرْيَةً خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَقَّالِيِّ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا دَارَ الْحَرْبِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَا مُسْتَأْمَنَيْنِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا دَارَ الْحَرْبِ أَيْ لَهَا الِانْتِقَالُ إلَى وَطَنِهَا الَّذِي نَكَحَهَا فِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَارَ الْحَرْبِ، وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ، فَلَوْ كَانَا حَرْبِيَّيْنِ مُسْتَأْمَنَيْنِ فَلَهَا ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ مَعَ التَّطْوِيلِ فَالْأَظْهَرُ وَالْأَخْصَرُ أَنْ يُقَالَ: وَلِلْمُطَلَّقَةِ الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى مِصْرٍ قَرِيبَةٍ لَا عَكْسُهُ، وَمِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى هِيَ وَطَنُهَا وَقَدْ نَكَحَهَا فِيهَا، وَلَوْ دَارَ حَرْبٍ لَوْ زَوْجُهَا حَرْبِيًّا مِثْلَهَا فَهَذِهِ عِبَارَةٌ مُوجَزَةٌ نَافِعَةٌ جَامِعَةٌ مَانِعَةٌ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا الْحُكْمُ) أَيْ الَّذِي ذُكِرَ مِنْ الْخُرُوجِ وَالتَّفْصِيلِ فِيهِ ط. (قَوْلُهُ: كَجَدَّةٍ) وَغَيْرُ الْجَدَّةِ مِنْ الْحَاضِنَاتِ مِثْلُهَا بِالْأَوْلَى كَمَا فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الزَّوْجَةِ فِي وَطَنِهَا دَلِيلُ الرِّضَا بِإِقَامَتِهَا بِالْوَلَدِ فِيهِ وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَدَّةِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) أَيْ إذْنِ الْأَبِ وَكَذَا مَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ مِنْ الرِّجَالِ ط تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِنْ إخْرَاجِهِ) أَيْ إلَى مَكَان بَعِيدٍ، أَوْ قَرِيبٍ يُمْكِنُهَا أَنْ تُبْصِرَهُ فِيهِ ثُمَّ تَرْجِعَ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ لَهَا الْحَضَانَةُ يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهَا فَضْلًا عَنْ إخْرَاجِهِ، فَمَا فِي النَّهْرِ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْعَبْدِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ الْحَاوِي غَيْرُ صَحِيحٍ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ بَلَدِ أُمِّهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ غَيْرَهَا مِنْ الْحَاضِنَاتِ كَذَلِكَ ط. (قَوْلُهُ: مَا بَقِيَتْ حَضَانَتُهَا) كَذَا فِي النَّهْرِ وَفِيهِ كَلَامٌ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ. وَفِي الْمَجْمَعِ: وَلَا يَخْرُجُ الْأَبُ بِوَلَدِهِ قَبْلَ الِاسْتِغْنَاءِ وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِهِ بِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْأُمِّ بِإِبْطَالِ حَقِّهَا فِي الْحَضَانَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَضَانَتَهَا إذَا سَقَطَتْ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ ثُمَّ نَقَلَ كَلَامَ السِّرَاجِيَّةِ الْمَذْكُورَ وَقَالَ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا. اهـ.

ص: 570