الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتِرَاطُ دَوَامِ الْعَجْزِ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ إلَى مُضِيِّ مُدَّتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُلْتَقَى. وَفِي الْحَاوِي: آلَى وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ لَمْ يَكُنْ فَيْؤُهُ إلَّا الْجِمَاعُ. وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَهُوَ قِيَامُ النِّكَاحِ وَقْتَ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ، فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ فَاءَ بِلِسَانِهِ بَقِيَ الْإِيلَاءُ.
(قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ)
ــ
[رد المحتار]
أَيْ مُفَادُ قَوْلِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْجِمَاعِ إلَخْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ دَوَامُ الْعَجْزِ.
قُلْت: وَمُفَادُ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ الْعَجْزُ بَطَلَ الْفَيْءُ بِاللِّسَانِ وَإِنْ وُجِدَ فِي الْمُدَّةِ عَجْزٌ غَيْرُهُ، لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي طَلَاقِ الْمَرِيضِ: إذَا آلَى مَرِيضٌ ثُمَّ مَرِضَتْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ بُرْئِهِ ثُمَّ بَرِئَ وَبَقِيَتْ مَرِيضَةً إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِنَّ فَيْأَهُ بِجِمَاعٍ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ بِلِسَانِهِ.
لَنَا أَنَّهُ اخْتَلَفَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ إذْ كِلَا الْمَرَضَيْنِ يُوجِبُ جَوَازَ الْفَيْءِ بِلِسَانِهِ وَاخْتِلَافُ أَسْبَابِ الرُّخْصَةِ يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ بِالرُّخْصَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، وَتَصِيرُ الْأُولَى كَأَنْ لَمْ تَكُنْ: كَمُسَافِرٍ تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يُبِيحُ لَهُ التَّيَمُّمَ بِانْفِرَادِهِ، كَذَا هُنَا مَرَضُ الْمَرْأَةِ يُبِيحُ الْفَيْءَ بِلِسَانِهِ فَلَا يُبْنَى حُكْمُهُ عَلَى مَرَضِ الزَّوْجِ اهـ وَقَدْ لَخَّصَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ وَالْبَدَائِعِ: وَلَوْ آلَى إيلَاءً مُؤَبَّدًا وَهُوَ مَرِيضٌ وَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ثُمَّ صَحَّ وَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمَا وَصَحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عَلَى مَا قَالُوا لِأَنَّ الْإِيلَاءَ وُجِدَ مِنْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَعَادَ حُكْمُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ.
وَفِي زَمَانِ الصِّحَّةِ هِيَ مُبَانَةٌ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ فَلَا يَعُودُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ فِيهِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ إذَا صَحَّ فِي الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ قَدَرَ عَلَى الْجِمَاعِ حَقِيقَةً فَسَقَطَ اعْتِبَارُ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى جِمَاعِهَا إلَّا بِمَعْصِيَةٍ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ مُحْرِمًا اهـ فَهُنَا اخْتَلَفَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّ الْجَوَابَ أَنَّ اخْتِلَافَ أَسْبَابِ الرُّخْصَةِ إنَّمَا يَمْنَعُ الِاحْتِسَابَ بِالرُّخْصَةِ الْأُولَى إذَا اجْتَمَعَ السَّبَبَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ الْأَوَّلُ وَيَلْغُو الثَّانِي، فَإِذَا زَالَ الْأَوَّلُ لَمْ يُعْتَبَرْ الثَّانِي بَعْدَ الْحُكْمِ بِإِلْغَائِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وُجِدَ الثَّانِي بَعْدَ زَوَالِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَعْمَلُ عَمَلَهُ لِعَدَمِ مَا يُلْغِيهِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يُعَلِّلُوا قَوْلَ الْإِمَامَيْنِ بِاخْتِلَافِ أَسْبَابِ الرُّخْصَةِ كَمَا سَمِعْت، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ (قَوْلُهُ: وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُلْتَقَى) قُلْت وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْحَاوِي إلَخْ) مِنْ فُرُوعِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَرِضَ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مِنْ صِحَّتِهِ يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الْجِمَاعِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ لِقِصَرِهَا فَفَيْؤُهُ بِالْقَوْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُفَرِّطٍ فِي تَرْكِ الْجِمَاعِ فَكَانَ مَعْذُورًا بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ) أَيْ زَائِدٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ وَاشْتِرَاطِ دَوَامِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قِيَامُ النِّكَاحِ) بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ غَيْرَ بَائِنَةٍ مِنْهُ بَدَائِعُ (قَوْلُهُ: بَقِيَ الْإِيلَاءُ) فَإِذَا تَزَوَّجَهَا وَمَضَتْ الْمُدَّةُ تَبِينُ مِنْهُ، لِأَنَّ الْفَيْءَ بِالْقَوْلِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ إنَّمَا يَرْفَعُ الْإِيلَاءَ فِي حَقِّ حُكْمِ الطَّلَاقِ لِحُصُولِ إيفَاءِ حَقِّهَا بِهِ وَلَا حَقَّ لَهَا حَالَ الْبَيْنُونَةِ، بِخِلَافِ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَيْنُونَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى الْإِيلَاءُ بَلْ يَبْطُلُ، لِأَنَّهُ حَنِثَ بِالْوَطْءِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَبَطَلَتْ وَلَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ، وَهَهُنَا لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَلَا يَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ بَدَائِعُ.
[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ]
ٌ (قَوْلُهُ: قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ إلَخْ) أَقُولُ: هَكَذَا عِبَارَةُ الْمُتُونِ هُنَا. وَعِبَارَتُهَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ: كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهُوَ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ هُنَاكَ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ، يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُتَنَاوَلُ عَادَةً، فَيَحْنَثُ إذَا أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَإِذَا نَوَاهَا كَانَ الْإِيلَاءُ، وَلَا تُصْرَفُ الْيَمِينُ عَنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ، وَهَذَا كُلُّهُ جَوَابُ.
وَنَحْوَ ذَلِكَ كَأَنْتِ مَعِي فِي الْحَرَامِ (إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ، وَهَدَرٌ إنْ نَوَى الْكَذِبَ) وَذَا دِيَانَةً، وَأَمَّا قَضَاءً فَإِيلَاءٌ قُهُسْتَانِيٌّ (وَتَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ) إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهَا وَيُفْتَى بِأَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ
ــ
[رد المحتار]
ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِيَارَ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ تَبِينُ امْرَأَتُهُ بِلَا نِيَّةٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ انْصِرَافُهُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عُرْفًا، وَإِذَا نَوَى تَحْرِيمَ الْمَرْأَةِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَلْ يَصِيرُ شَامِلًا لَهَا وَلِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ مَا هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ نِيَّةِ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ أَوْ الظِّهَارِ، أَوْ الْكَذِبِ، أَوْ الطَّلَاقِ خَاصٌّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ عَامًّا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامًّا مِثْلُ كُلِّ حِلٍّ، أَوْ حَلَالِ اللَّهِ أَوْ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ لِلطَّعَامِ وَالشَّرَابِ بِلَا نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ، وَلِلْمَرْأَةِ أَيْضًا إنْ نَوَاهَا، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِانْصِرَافِهِ إلَى الطَّلَاقِ الْبَائِنِ عَامًّا كَانَ، أَوْ خَاصًّا فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْخَاصَّةِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: إيلَاءٌ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقٌ فِي مَعْنَى الْمُؤَبَّدِ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ. قَالَ فِي الدُّرِّ: فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُجْمَلٌ فَكَانَ بَيَانُهُ إلَى الْمُجْمِلِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِهِ التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا كَانَ يَمِينًا وَيَصِيرُ بِهِ مُولِيًا، لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ (قَوْلُهُ: وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ) لِأَنَّ فِي الظِّهَارِ حُرْمَةً، فَإِذَا نَوَاهُ صَحَّ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ دُرَرٌ (قَوْلُهُ: وَهَدَرٌ) بِالتَّحْرِيكِ أَيْ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى الْكَذِبَ) لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ إذْ حَقِيقَتُهُ وَصْفُهَا بِالْحُرْمَةِ وَهِيَ مَوْصُوفَةٌ بِالْحِلِّ فَكَانَ كَذِبًا.
وَأُورِدَ: لَوْ كَانَ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ لَانْصَرَفَ إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ مَعَ أَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ حَقِيقَةٌ أُولَى فَلَا تُنَالُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَالْيَمِينَ الْحَقِيقَةُ الثَّانِيَةُ بِوَاسِطَةِ الِاشْتِهَارِ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأُولَى حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ وَالثَّانِيَةَ عُرْفِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَضَاءً فَإِيلَاءٌ) أَيْ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهُ أَرَادَ الْكَذِبَ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ بِالنَّصِّ وَهَذَا قَوْلُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى كَمَا سَنَذْكُرُهُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، لَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْعُرْفِ الْحَادِثِ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِيهِ عُرْفَيْنِ: عُرْفٌ أَصْلِيٌّ - وَهُوَ كَوْنُهُ يَمِينًا بِمَعْنَى الْإِيلَاءِ -، وَعُرْفٌ حَادِثٌ - وَهُوَ إرَادَةُ الطَّلَاقِ -، وَمَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ، بَلْ يَكُونُ إيلَاءً - مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ الْأَصْلِيِّ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْعُرْفِ الْحَادِثِ لِأَنَّ كَلَامَ كُلِّ عَاقِدٍ وَحَالِفٍ وَنَحْوِهِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ، كَمَا قَالُوا مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ الْمُفْتِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ، أَوْ يُفْتِيَ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيَتْرُكَ الْعُرْفَ، فَكَانَ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَلَكِنَّ حَمْلَهُ عَلَى الْإِيلَاءِ لَيْسَ هُوَ الصَّوَابَ فِي زَمَانِنَا، بَلْ الصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْحَادِثُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَوْلُهُ: فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى احْتِرَازٌ عَنْ إرَادَةِ الْيَمِينِ أَيْ الْإِيلَاءِ الَّذِي هُوَ الْعُرْفُ الْأَصْلِيُّ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَقَطَ مَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مِنْ أَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ انْصِرَافُهُ إلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا فِي كَوْنِهِ يَمِينًا. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ نَوَى الطَّلَاقَ) أَيْ: أَوْ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْحَالُ نَهْرٌ: أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ، أَمَّا فِي حَالَةِ الرِّضَا أَوْ الْغَضَبِ فَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَصْلُحُ سَبًّا كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْكِنَايَاتِ فَافْهَمْ، وَشَمِلَ نِيَّةُ الطَّلَاقِ مَا إذَا نَوَى وَاحِدَةً، أَوْ ثِنْتَيْنِ فِي الْحُرَّةِ وَمَا إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ نَاوِيًا ثِنْتَيْنِ فَإِنَّهُ وَإِنْ تَمَّ بِهِ الثَّلَاثُ لَمْ يَقَعْ بِالْحَرَامِ إلَّا وَاحِدَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْبَابِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ كَمَا سَنَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهَا) لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مِنْ الْكِنَايَاتِ عَلَى مَا مَرَّ وَفِيهَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثَّلَاثِ نَهْرٌ.
(وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) لِغَلَبَةِ الْعُرْفِ، وَلِذَا لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ
ــ
[رد المحتار]
وَلَا تَصِحُّ نِيَّةُ الثِّنْتَيْنِ لِأَنَّهُمَا عَدَدٌ مَحْضٌ كَمَا مَرَّ إلَّا إذَا كَانَتْ أَمَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ) هَذَا فِي الْقَضَاءِ، وَأَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَلَا يَقَعُ مَا لَمْ يَنْوِ، وَعَدَمُ نِيَّةِ الطَّلَاقِ صَادِقٌ بِعَدَمِ نِيَّةِ شَيْءٍ أَصْلًا وَبِنِيَّةِ الظِّهَارِ، أَوْ الْإِيلَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، حَيْثُ قَالَ: وَعَنْ هَذَا لَوْ نَوَى غَيْرَهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً ح.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَصْلًا يَقَعُ دِيَانَةً أَيْضًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَذَكَرَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ لَا نَقُولُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لَكِنْ يُجْعَلُ نَاوِيًا عُرْفًا اهـ وَفِي الْفَتْحِ: فَصَارَ كَمَا إذَا تَلَفَّظَ بِطَلَاقِهَا لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ بَلْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ فَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا قُلْنَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الْعُرْفِ) إشَارَةٌ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ، حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ قُلْت إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِلَا نِيَّةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالصَّرِيحِ فَيَكُونَ الْوَاقِعُ بِهِ رَجْعِيًّا قُلْت: الْمُتَعَارَفُ بِهِ إيقَاعُ الْبَائِنِ، كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اهـ أَقُولُ: وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُتَعَارَفْ بِهِ إيقَاعُ الْبَائِنِ يَقَعُ الرَّجْعِيُّ كَمَا فِي زَمَانِنَا، فَإِنَّ الْمُتَعَارَفَ الْآنَ اسْتِعْمَالُ الْحَرَامِ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ عُرْفُهُمْ فِيهِ الْبَائِنَ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّعْلِيلُ بِغَلَبَةِ الْعُرْفِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ بَائِنًا فَلِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِ الْحَرَامِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُحَرِّمُ الزَّوْجَةَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِالْحَرَامِ بِالْبَائِنِ، وَهَذَا حَاصِلُ مَا بَسَطْنَاهُ فِي الْكِنَايَاتِ فَافْهَمْ.
[تَنْبِيهٌ] : قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ: أَقُولُ: أَكْثَرُ عَوَامِّ بِلَادِنَا لَا يَقْصِدُونَ بِقَوْلِهِمْ أَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ، أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَّمْتُكِ عَلَيَّ إلَّا حُرْمَةَ الْوَطْءِ الْمُقَابِلِ لِحِلِّهِ، وَلِذَلِكَ أَكْثَرُهُمْ يَضْرِبُ مُدَّةً لِتَحْرِيمِهَا، وَلَا يُرِيدُ قَطْعًا إلَّا تَحْرِيمَ الْجِمَاعِ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَمِينٌ مُوجِبٌ لِلْإِيلَاءِ تَأَمَّلْ، فَقَلَّ مَنْ حَقَّقَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهِهَا، وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِمْ وَلَا نَقُولُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ، لَكِنْ يُجْعَلُ نَاوِيًا عُرْفًا، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي اعْتِبَارِ الْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ مُشْتَرَكًا تَعَيَّنَ اعْتِبَارُ النِّيَّةِ وَتَصْدِيقُ الْحَالِفِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ اهـ. وَفِي أَيْمَانِ الْفَتْحِ: وَقَالَ الْبَزْدَوِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ: لَمْ يَتَّضِحْ لِي عُرْفُ النَّاسِ فِي هَذَا: أَيْ فِي " كُلُّ حِلٍّ عَلَيَّ حَرَامٌ " لِأَنَّ مَنْ لَا امْرَأَةَ لَهُ يَحْلِفُ بِهِ كَمَا يَحْلِفُ ذُو الْحَلِيلَةِ، وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَفِيضًا فِي ذَلِكَ لَمَا اسْتَعْمَلَهُ إلَّا ذُو الْحَلِيلَةِ فَالصَّحِيحُ أَنْ نَقُولَ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ يَكُونُ طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ فَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقِفَ الْإِنْسَانُ فِيهِ وَلَا يُخَالِفَ الْمُتَقَدِّمِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذَا اللَّفْظِ لَمْ يُتَعَارَفْ فِي دِيَارِنَا بَلْ الْمُتَعَارَفُ فِيهِ " حَرَامٌ عَلَيَّ كَلَامُك " وَنَحْوُهُ كَأَكْلِ كَذَا وَلُبْسِهِ دُونَ الصِّيغَةِ الْعَامَّةِ، وَتَعَارَفُوا أَيْضًا: الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الطَّلَاقَ مُعَلَّقًا فَإِنَّهُمْ يَزِيدُونَ بَعْدَهُ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَهِيَ طَلَاقٌ، وَيَجِبُ إمْضَاؤُهُ عَلَيْهِمْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي انْصِرَافِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ - عَرَبِيَّةً، أَوْ فَارِسِيَّةً - إلَى مَعْنًى بِلَا نِيَّةٍ التَّعَارُفُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُتَعَارَفْ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ وَفِيمَا يَنْصَرِفُ بِلَا نِيَّةٍ لَوْ قَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً اهـ مَا فِي الْفَتْحِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ. قُلْت: وَالْمُتَعَارَفُ فِي دِيَارِنَا إرَادَةُ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِمْ: عَلَيَّ الْحَرَامُ لَا أَفْعَلُ كَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ) أَيْ حَيْثُ يُقَال إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ حَلَالٍ عَلَيْهِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَفِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْحَرَامِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ إنْ حَنِثَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَالنَّسَفِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ.
أَوْ حَلَفَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ كَانَ يَمِينًا، كَمَا لَوْ مَاتَتْ، أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ الْمُتَزَوِّجَةُ بِهِ يُفْتَى لِصَيْرُورَتِهَا يَمِينًا وَلَا تَنْقَلِبُ طَلَاقًا، وَمِثْلُهُ: أَنْتِ مَعِي فِي الْحَرَامِ وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَحَرَّمْتُكِ عَلَيَّ وَأَنْتِ مُحَرَّمَةٌ، أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ، وَأَنَا عَلَيْكِ حَرَامٌ أَوْ مُحَرَّمٌ، أَوْ حَرَّمْتُ نَفْسِي عَلَيْكِ أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ، أَوْ كَالْخِنْزِيرِ بَزَّازِيَّةٌ.
(وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَرْبَعُ (نِسْوَةٍ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ) بَائِنَةٌ (وَقِيلَ: تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ حَلَفَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّهُ مَا كَانَ فَعَلَ كَذَا، وَقَدْ كَانَ فَعَلَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ جُعِلَ يَمِينًا بِالطَّلَاقِ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ غَمُوسٌ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَفَعَلَ وَلَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ كَانَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ اهـ فَيُحْمَلُ كَلَامُ النَّسَفِيِّ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى غَيْرِ الْمُسْتَقْبَلِ. وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا فِي أَيْمَانِ النِّهَايَةِ عَنْ النَّوَازِلِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ مَعْنَاهُ إذَا حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ لَا كَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ إذَا أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ وَقَالَ لِانْصِرَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجَةِ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. اهـ. لِأَنَّ انْصِرَافَهُ إلَى ذَلِكَ قَبْلَ تَغَيُّرِ الْعُرْفِ بِإِرَادَةِ الطَّلَاقِ مِنْ لَفْظِ الْحَرَامِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَيَصِيرُ يَمِينًا عِنْدَ عَدَمِ الزَّوْجَةِ كَمَا سَمِعْت مِنْ كَلَامِهِمْ، وَيَأْتِي قَرِيبًا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حَلَفَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: أَنَا عَلَيْكَ حَرَامٌ، أَوْ حَرَّمْتُكَ صَارَ يَمِينًا، حَتَّى لَوْ جَامَعَهَا طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً تَحْنَثُ اهـ وَقَوْلُهُ: طَائِعَةً، أَوْ مُكْرَهَةً أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْفَتْحِ فَلَوْ مَكَّنَتْهُ حَنِثَتْ وَكَفَّرَتْ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ مَاتَتْ إلَخْ) نَصُّ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْحَلِفِ وَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ، أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ؛ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْمُتَزَوِّجَةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ حَلِفَهُ صَارَ حَلِفًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ الْوُجُودِ فَلَا يَنْقَلِبُ طَلَاقًا اهـ وَهَكَذَا نَقَلَ الْعِبَارَةَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ، وَفِي الْعِبَارَةِ سَقَطٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ الْخَانِيَّةِ وَنَصُّهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ فَمَاتَتْ قَبْلَ الشَّرْطِ، أَوْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ لَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ لِأَنَّ يَمِينَهُ انْصَرَفَتْ إلَى الطَّلَاقِ وَقْتَ وُجُودِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ امْرَأَةٌ وَقْتَ الْيَمِينِ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: تَبِينُ الْمُتَزَوِّجَةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَطْلُقُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ يَمِينَهُ جُعِلَتْ يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَقْتَ وُجُودِهَا فَلَا يَصِيرُ طَلَاقًا بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.
قُلْت: وَمِثْلُهُ فِي أَيْمَانِ الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ، فَقَدْ سَقَطَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ إلَى قَوْلِهِ ثَانِيًا ثُمَّ بَاشَرَ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " وَالْأَوْلَى ذِكْرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عِنْدَ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فَعَلَ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي) هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَمِثْلُهُ عَلَيَّ الْحَرَامُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ) رَدٌّ عَلَى صَاحِبِ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ حَيْثُ اشْتَرَطَهُ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْكِنَايَاتِ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ الْحُرْمَةَ، أَوْ الْبَيْنُونَةَ إلَيْهَا كَأَنْتِ بَائِنٌ، أَوْ حَرَامٌ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهِ، وَإِنْ أَضَافَ إلَى نَفْسِهِ كَأَنَا حَرَامٌ، أَوْ بَائِنٌ لَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ إلَيْهَا، وَإِنْ خَيَّرَهَا فَأَجَابَتْ بِالْحُرْمَةِ، أَوْ الْبَيْنُونَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِضَافَتَيْنِ: أَنْتِ حَرَامٌ عَلَيَّ، أَوْ أَنَا حَرَامٌ عَلَيْكِ، أَنْتِ بَائِنٌ مِنِّي، أَوْ أَنَا بَائِنٌ مِنْكِ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ حَرَّمْتُ نَفْسِي عَلَيْكِ) فِي هَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عَلَيْكِ نَهْرٌ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْحُرْمَةَ إلَى نَفْسِهِ. قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: حَتَّى لَوْ قَالَ حَرَّمْت نَفْسِي وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْكِ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَإِنْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ وَالْخِنْزِيرِ، أَوْ مَا كَانَ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ هَلْ يَكُونُ يَمِينًا فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ طَلَاقًا لِعَدَمِ الْعُرْفِ، بِخِلَافِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " فَإِنَّ الْعُرْفَ فِيهِ قَامَ مَقَامَ النِّيَّةِ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا) .
مِنْهُنَّ) وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ كَمَا مَرَّ فِي الصَّرِيحِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) وَالْأَشْبَهُ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْبَزَّازِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الْكَمَالُ: الْأَشْبَهُ عِنْدِي الْأَوَّلُ، وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ، وَصَحَّحَهُ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ لَكِنْ فِي النَّهْرِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ " وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا "، يَعْنِي التَّحْرِيمَ لَا بِقَيْدِ " أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ " مُخَاطِبًا لِوَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْمَتْنِ، بَلْ يَجِبُ فِيهِ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ. اهـ. قُلْت: يَعْنِي بِخِلَافِ حَلَالِ اللَّهِ، أَوْ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَعُمُّ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ فَلْيُحْفَظْ.
ــ
[رد المحتار]
سَيَأْتِي عَلَى النَّهْرِ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ فِي الصَّرِيحِ) أَيْ فِي بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْ لَوْ طَلَّقَ بِالصَّرِيحِ كَقَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ أَرْبَعٌ مَثَلًا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ وَقَدَّمْنَا بَسْطَهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورِ مَتْنًا وَشَرْحًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْكَمَالُ) عِبَارَتُهُ: وَفِي الْفَتَاوَى: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَإِنْ كَانَ لَهُ أَرْبَعٌ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةً، وَعَلَى فَتْوَى الْأُوزَجَنْدِيِّ وَالْإِمَامِ مَسْعُودٍ الْكَشَانِيِّ تَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ هُوَ الْأَشْبَهُ.
وَعِنْدِي أَنَّ الْأَشْبَهَ مَا فِي الْفَتَاوَى لِأَنَّ قَوْلَهُ: حَلَالُ اللَّهِ، أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ يَعُمُّ كُلَّ زَوْجَةٍ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ عُرْفٌ فِي الطَّلَاقِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هُنَّ طَوَالِقُ لِأَنَّ حَلَالَ اللَّهِ يَشْمَلُهُنَّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ. اهـ. وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَعْلِيلَهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ وَالتَّرْجِيحِ هُوَ اللَّفْظُ الْعَامُّ لَا الْخَاصُّ كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ مَذْكُورًا فِي عِبَارَةِ الْفَتَاوَى إذْ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ سِوَى الْمُخَاطَبَةِ، فَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيهِ كَمَا يَأْتِي عَنْ النَّهْرِ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُ فِي الذَّخِيرَةِ قَدْ حَكَى الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي " حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ حَرَامٌ " كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي النَّهْرِ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ قَبْلَهُ فِي الْكَنْزِ، وَهِيَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ، فَيَجِبُ كَوْنُ الْمُرَادِ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ " حَرَامٌ "، لَكِنْ لَا بِالْخِطَابِ مَعَ وَاحِدَةٍ كَمَا وَقَعَ فِي الْمَتْنِ، بَلْ عَلَى وَجْهٍ عَامٍّ كَحَلَالِ اللَّهِ، أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ كَمَا عَلِمْته مِنْ عِبَارَةِ الْكَمَالِ.
(قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) بَيَانٌ لِقَوْلِ النَّهْرِ لَا بِقَيْدِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الزَّيْلَعِيِّ اللَّفْظَ الْخَاصَّ بَلْ الْعَامَّ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ وَذَلِكَ بِحَمْلِ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فَقَطْ عَلَى مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا، هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الزَّيْلَعِيَّ قَدْ ذَكَرَ الْخِلَافَ، وَقَدْ حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِيهِ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْفَتْحِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ كَمَا عَلِمْت. وَأَيْضًا كَيْفَ يَصِحُّ فِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنْ يُقَالَ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الْأَرْبَعِ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ، بَلْ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى الْمُخَاطَبَةِ فَقَطْ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنْ حَمْلِهِ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى نَحْوِ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامٌ، وَتَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِي طَالِقٌ حَيْثُ جَعَلَ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ جَارِيًا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَعَزَاهُ هُنَاكَ إلَى الْمُصَنِّفِ فَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ حَمَلَ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَحَقَّقْنَا هُنَاكَ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ امْرَأَتِي حَرَامٌ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَأَنَّهُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ. لِأَنَّ لَفْظَ امْرَأَتِي عُمُومُهُ بَدَلِيٌّ يَصْدُقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَا بِعَيْنِهَا، بِخِلَافِ حَلَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ عُمُومَهُ اسْتِغْرَاقِيٌّ يَعُمُّ
فُرُوعٌ] :
أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَلْفَ مَرَّةٍ تَقَعُ وَاحِدَةٌ. طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ نَاوِيًا اثْنَيْنِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ كَرَّرَهُ مَرَّتَيْنِ وَنَوَى بِالْأَوَّلِ طَلَاقًا وَبِالثَّانِي يَمِينًا صَحَّ. قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَوُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الثَّلَاثُ.
قَالَ لَهُمَا: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى فِي إحْدَاهُمَا ثَلَاثًا وَفِي الْأُخْرَى وَاحِدَةً فَكَمَا نَوَى بِهِ يُفْتَى، وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. قَالَ: أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ حَنِثَ بِوَطْءِ كُلٍّ. وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِوَطْئِهِمَا، وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى.
ــ
[رد المحتار]
الْكُلَّ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَإِذَا كَانَ لَا خِلَافَ فِي قَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَاحِدَةٍ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي امْرَأَتِي حَرَامٌ، وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا صَرِيحًا وَالْآخَرِ كِنَايَةً لَا يُوجِبُ الْفَرْقَ، وَمَنْ ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ " أَنْتِ عَلَيْهِ حَرَامٌ " يَخُصُّ الْمُخَاطَبَةَ وَفِي أَنَّ " كُلُّ حِلٍّ عَلَيْهِ حَرَامٌ " يَعُمُّ الْأَرْبَعَ لِصَرِيحِ أَدَاةِ الْعُمُومِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ، وَفِي: امْرَأَتُهُ حَرَامٌ، أَوْ طَالِقٌ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي نَحْوِ: حَلَالُ اللَّهِ، أَوْ حَلَالُ الْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ نَظَرًا إلَى صُورَةِ أَفْرَادِهِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَعُمُّ الْكُلَّ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ، فَافْهَمْ وَاغْنَمْ هَذَا التَّقْرِيرَ الْفَرِيدَ، وَانْزِعْ عَنْك قِلَادَةَ التَّقْلِيدِ.
(قَوْلُهُ: تَقَعُ وَاحِدَةٌ) كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ تَكْرِيرِ هَذَا اللَّفْظِ أَلْفَ مَرَّةٍ وَهُوَ لَوْ كَرَّرَهُ لَا يَقَعُ إلَّا الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ قُبَيْلَ طَلَاقِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ فِيمَا لَوْ قَالَ لِلْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ مِرَارًا، أَوْ أُلُوفًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ وَالصَّرِيحُ إذَا تَكَرَّرَ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ، وَلِذَا قُيِّدَ بِالْمَدْخُولِ بِهَا لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ هُنَاكَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: نَاوِيًا ثِنْتَيْنِ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَقَوْلُهُ: تَقَعُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الثِّنْتَيْنِ عَدَدٌ مَحْضٌ، وَلَفْظُ حَرَامٍ لَا يَحْتَمِلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً لِأَنَّهُ فِي حَقِّهَا الْفَرْدُ الِاعْتِبَارِيُّ، وَفِي قَوْلِهِ تَقَعُ وَاحِدَةٌ رَدٌّ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فَإِنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَالْوَاقِعُ فِي عِبَارَاتِهِمْ لَمْ تَصِحَّ نِيَّتُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الثَّلَاثَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَتَقَعُ ثِنْتَانِ تَكْمِلَةً لِلثَّلَاثِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْ بِنِيَّتِهِ وَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِهِ تَأَمَّلْ. وَفِيهِ رَدٌّ أَيْضًا عَلَى مَا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ ثِنْتَانِ إذَا نَوَاهُمَا مَعَ الْأُولَى كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ بَابِ الصَّرِيحِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَبِالثَّانِي يَمِينًا) أَيْ إيلَاءً وَقَوْلُهُ: صَحَّ: أَيْ مَا نَوَى لِأَنَّ فِيهِ تَشْدِيدًا عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا، أَوْ أَطْلَقَ وَانْصَرَفَ إلَى الطَّلَاقِ كَمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ بَائِنٌ وَالْبَائِنُ لَا يَلْحَقُ مِثْلَهُ كَمَا مَرَّ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَقَعَ الثَّلَاثُ) لِأَنَّ الْبَائِنَ يَلْحَقُ الْبَائِنَ إذَا كَانَ مُعَلَّقًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَصْلُحُ جَعْلُهُ خَبَرًا عَنْ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَمَامُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ) وَعِبَارَتُهُ قَالَ: لِامْرَأَتَيْهِ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الثَّلَاثَ فِي إحْدَاهُمَا وَالْوَاحِدَةَ فِي الْأُخْرَى صَحَّتْ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَلَوْ قَالَ: نَوَيْت الطَّلَاقَ فِي إحْدَاهُمَا وَالْيَمِينَ فِي الْأُخْرَى عِنْدَ الثَّانِي يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا وَعِنْدَهُمَا كَمَا نَوَى. قَالَ لِثَلَاثٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى الثَّلَاثَ فِي الْوَاحِدَةِ وَالْيَمِينَ فِي الثَّانِيَةِ وَالْكَذِبَ فِي الثَّالِثَةِ طَلُقْنَ ثَلَاثًا، وَقِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِ الثَّانِي، وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى مَا نَوَى. اهـ. (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِوَطْءِ كُلٍّ) يَعْنِي يَكُونُ إيلَاءً مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَهَذَا عَلَى غَيْرِ الْمُفْتَى بِهِ، وَعَلَى الْمُفْتَى بِهِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ. اهـ. ح أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ طَلَاقٌ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ لَا يَخْفَى) الْفَرْقُ هُوَ أَنَّ هَتْكَ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِوَطْئِهِمَا، وَفِي قَوْلِهِ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ صَارَ إيلَاءً بِاعْتِبَارِ مَعْنَى التَّحْرِيمِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ الْمُحِيطِ، وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.