الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَوَسَطُ الْعَبِيدِ فِي زَمَانِنَا الْحَبَشِيُّ (وَإِنْ أَمْهَرَهَا الْعَبْدَيْنِ وَ) الْحَالُ أَنَّ (أَحَدَهُمَا حُرٌّ فَمَهْرُهَا الْعَبْدُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (إنْ سَاوَى أَقَلَّهُ) أَيْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ (وَإِلَّا كَمَّلَ لَهَا الْعَشَرَةَ) لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُسَمَّى وَإِنْ قَلَّ يَمْنَعُ مَهْرَ الْمِثْلِ. وَعِنْدَ الثَّانِي لَهَا قِيمَةَ الْحُرَّ لَوْ عَبْدًا وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا.
(وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَهُوَ الَّذِي فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ كَشُهُودٍ
ــ
[رد المحتار]
وَحَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ إنْ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ لَزِمَ تَسْلِيمُهُ، وَكَذَا إنْ سَكَتَ عَنْهُ وَكَانَ الْعُرْفُ بِهِ مَشْهُورًا مَعْلُومًا عِنْدَ الزَّوْجِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ تَبَرُّعًا وَعِدَّةً لَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا لِقَبْضِهِ وَلَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَازِمًا مُفْسِدًا لِلتَّسْمِيَةِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِ الْهَدِيَّةِ وَالْإِكْرَامُ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ بِدَفْعِهِ فَيَجِبُ الْمُسَمَّى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ.
أَوْ يُقَالُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ مَعْلُومِ النَّوْعِ مَجْهُولِ الْوَصْفِ كَالْفَرَسِ وَالْعَبْدِ فَإِنَّ التَّفَاوُتَ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ فِي الْعُرْفِ، فَمِثْلُ اللِّفَافَةِ يُعْرَفُ نَوْعُهَا أَنَّهَا مِنْ الْقَبْضِ وَالْحَرِيرِ أَوْ مِنْ الْقُطْنِ وَالْحَرِيرِ بِاعْتِبَارِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى وَقِلَّةِ الْمَهْرِ وَكَثْرَتِهِ، وَكَذَا بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ، فَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا، فَهَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ الَّذِي كَثُرَتْ فِيهِ الْأَوْهَامُ وَزَلَّتْ الْأَقْدَامُ، فَاحْفَظْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَالسَّلَامُ.
(قَوْلُهُ وَوَسَطُ الْعَبِيدِ فِي زَمَانِنَا الْحَبَشِيُّ) وَأَمَّا أَعْلَاهُ فَالرُّومِيُّ وَأَدْنَاهُ الزِّنْجِيُّ، كَذَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ. ذَكَرُوا أَنَّ ذَلِكَ عُرْفُ الْقَاهِرَةِ. وَذَكَرَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ أَنَّ الْحَبَشِيَّ فِي عُرْفِنَا لَا يَجِبُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَتَى أُطْلِقَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا لِلْأَسْوَدِ، فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْعَبْدِ وَجَبَ الْوَسَطُ مِنْ السُّودَانِ اهـ.
قُلْت: وَالْعَبْدُ فِي عُرْفِ الشَّامِ لَا يَشْمَلُ الرُّومِيَّ لِأَنَّهُ يُسَمَّى مَمْلُوكًا بَلْ يَشْمَلُ الْحَبَشِيَّ وَالزِّنْجِيَّ وَكَذَا الْجَارِيَةُ وَالرُّومِيَّةُ تُسَمَّى سَرِيَّةً، وَعَلَيْهِ فَالْوَسَطُ أَعْلَى الزِّنْجِيِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَمْهَرَهَا الْعَبْدَيْنِ إلَخْ) أَرَادَ بِالْعَبْدَيْنِ الشَّيْئَيْنِ الْحَلَالَيْنِ وَبِالْحُرِّ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حَرَامًا فَدَخَلَ فِيهِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهَذَا الْبَيْتِ فَإِذَا الْعَبْدُ حُرٌّ، أَوْ عَلَى مَذْبُوحَتَيْنِ فَإِذَا إحْدَاهُمَا مَيِّتَةٌ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ يُمْنَعُ مَهْرُ الْمِثْلِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ، لَهَا الْعَبْدُ الْبَاقِي وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ لَهَا قِيمَةُ الْحُرَّ لَوْ عَبْدًا) أَيْ لَهَا مَعَ الْعَبْدِ الْبَاقِي قِيمَةُ الْحُرَّ لَوْ فُرِضَ كَوْنُهُ عَبْدًا (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ) ، وَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ الْمُسَمَّيَيْنِ، فَإِنَّ لَهَا الْبَاقِي وَقِيمَةَ الْمُسْتَحَقِّ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّا جَمِيعًا فَلَهَا قِيمَتُهُمَا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ.
[مَطْلَبٌ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ]
ِ (قَوْلُهُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَحُكْمُ الدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ كَالدُّخُولِ فِي الْفَاسِدِ، فَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، خِلَافًا لِمَا فِي الِاخْتِيَارِ مِنْ كِتَابِ الْعِدَّةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، وَسَنَذْكُرُ فِي الْعِدَّةِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ كَشُهُودٍ) وَمِثْلُهُ تَزَوُّجُ الْأُخْتَيْنِ مَعًا وَنِكَاحُ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ وَالْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ. وَفِي الْمُحِيطِ: تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمَةً فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا. اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَا يُحَدَّانِ وَأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ وَالْعِدَّةُ إنْ دَخَلَ بَحْرٌ.
(بِالْوَطْءِ) فِي الْقُبُلِ (لَا بِغَيْرِهِ) كَالْخَلْوَةِ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا (وَلَمْ يَزِدْ) مَهْرُ الْمِثْلِ (عَلَى الْمُسَمَّى) لِرِضَاهَا بِالْحَطِّ، وَلَوْ كَانَ دُونَ الْمُسَمَّى لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ جُهِلَ لَزِمَ بَالِغًا مَا بَلَغَ (وَ) يَثْبُتُ (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ عَنْ صَاحِبِهِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا)
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي آخِرِ فَصْلٍ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: نَكَحَ كَافِرٌ مُسْلِمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ اهـ. وَهَذَا صَرِيحٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَفْهُومِ فَافْهَمْ، وَمُقْتَضَاهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ فِي النِّكَاحِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ قُبَيْلَ التَّكَلُّمِ عَلَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ. أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي النِّكَاحِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، نَعَمْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَاطِلِ مَا وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَلِذَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَا الْعِدَّةُ فِي نِكَاحِ الْمَحَارِمِ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْحُدُودِ. وَفَسَّرَ الْقُهُسْتَانِيُّ هُنَا الْفَاسِدَ بِالْبَاطِلِ، وَمَثَّلَهُ بِنِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَبِإِكْرَاهٍ مِنْ جِهَتِهَا أَوْ بِغَيْرِ شُهُودٍ إلَخْ وَتَقْيِيدُهُ الْإِكْرَاهَ بِكَوْنِهِ مِنْ جِهَتِهَا قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَوَّلَ النِّكَاحِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَشَرْطُ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّ كُلَّ نِكَاحٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا شُهُودٍ فَالدُّخُولُ فِيهِ مُوجِبٌ لِلْعِدَّةِ.
أَمَّا نِكَاحُ مَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ وَمُعْتَدَّتِهِ فَالدُّخُولُ فِيهِ لَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ إنْ عُلِمَ أَنَّهَا لِلْغَيْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِهِ فَلَمْ يَنْعَقِدْ أَصْلًا. قَالَ: فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ فَاسِدِهِ وَبَاطِلِهِ فِي الْعِدَّةِ، وَلِهَذَا يَجِبُ الْحَدُّ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحُرْمَةِ لِأَنَّهُ زِنَى كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْعِدَّةِ، أَمَّا فِيهَا فَالْفَرْقُ ثَابِتٌ. وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الْبَحْرِ هُنَا وَنِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى مِثْلُ نِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ مَعًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِهِ وَلَكِنْ لِيُنْظَرْ وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمَعِيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعِيَّةَ فِي الْعَقْدِ لَا فِي مِلْكِ الْمُتْعَةِ، إذْ لَوْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَالْمُتَأَخِّرُ بَاطِلٌ قَطْعًا (قَوْلُهُ فِي الْقُبُلِ) فَلَوْ فِي الدُّبُرِ لَا يَلْزَمُهُ مَهْرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلِّ النَّسْلِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْقُنْيَةِ فَلَا يَجِبُ بِالْمَسِّ وَالتَّقْبِيلِ بِشَهْوَةٍ شَيْءٌ بِالْأَوْلَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَالْخَلْوَةِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا) أَيْ فَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا التَّمَكُّنُ مِنْ الْوَطْءِ فَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ كَالْخَلْوَةِ بِالْحَائِضِ فَلَا تُقَامُ مَقَامَ الْوَطْءِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمَشَايِخِ: الْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَالْخَلْوَةِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ لِفَسَادِ الْخَلْوَةِ بَحْرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالصَّحِيحَةِ هُنَا الْخَالِيَةُ عَمَّا يَمْنَعُهَا أَوْ يُفْسِدُهَا مِنْ وُجُودِ ثَالِثٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا سِوَى فَسَادِ الْعَقْدِ لِظُهُورِ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَهَذَا سَبَبُ الْمُسَامَحَةِ وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ الْخَلْوَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ مَعَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ تُوجِبُهَا كَمَا مَرَّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَزِدْ مَهْرُ الْمِثْلِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ، بِخِلَافِ مَهْرِ الْمِثْلِ الْوَاجِبِ بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فَافْهَمْ.
هَذَا، وَفِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ تَزَوَّجَ مَحْرَمَهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلٍ بَالِغًا مَا بَلَغَ اهـ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ نِكَاحَ الْمَحَارِمِ بَاطِلٌ لَا فَاسِدٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْخِلَافِ وَيَكُونُ ذَلِكَ ثَمَرَةَ الِاخْتِلَافِ وَبَيَانًا لِوَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِرِضَاهَا بِالْحَطِّ) لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تُسَمِّ الزِّيَادَةَ كَانَتْ رَاضِيَةً بِالْحَطِّ مُسْقِطَةً حَقَّهَا فِيهَا لَا لِأَجْلِ أَنَّ التَّسْمِيَةَ صَحِيحَةٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِوُقُوعِهَا فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَقَطْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْعَشَرَةِ فَلَيْسَ لَهَا
فِي الْأَصَحِّ خُرُوجًا عَنْ الْمَعْصِيَةِ. فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا (وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بَعْدَ الْوَطْءِ) لَا الْخَلْوَةِ لِلطَّلَاقِ لَا لِلْمَوْتِ (مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ) أَوْ مُتَارَكَةِ الزَّوْجِ
ــ
[رد المحتار]
غَيْرُهُ، بِخِلَافِ نِكَاحِ الصَّحِيحِ إذَا وَجَبَ فِيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ عَشَرَةٍ بَحْرٌ، وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا الْمُعْتَبَرَ بِقَوْمِ أَبِيهَا كَيْفَ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الْعَشَرَةِ مَعَ أَنَّ الْعَشَرَةَ أَقَلُّ الْوَاجِبِ فِي الْمَهْرِ شَرْعًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَقِيلَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْآخَرِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ ح (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ لَا يُرِيدُ بِهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ، إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ خُرُوجٌ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا وَاجِبٌ بَلْ إفَادَةُ أَنَّهُ أَمْرٌ ثَابِتٌ لَهُ وَحْدَهُ. اهـ. ح وَضَمِيرُ يُنَافِي لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِاللَّامِ فِي قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ، وَضَمِيرُ وَحْدَهُ لِكُلٍّ أَيْ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ.
(قَوْلُهُ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي) أَيْ إنْ لَمْ يَتَفَرَّقَا (قَوْلُهُ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُهَا مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ قَضَاءً وَدِيَانَةً. وَفِي الْفَتْحِ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْقَضَاءِ. أَمَّا إذَا عَلِمَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ بَعْدَ آخِرِ وَطْءٍ ثَلَاثًا يَنْبَغِي أَنْ يَحِلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قِيَاسِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ نَقْلِ الْعَتَّابِيِّ. اهـ. وَمَحَلُّهُ فِيمَا إذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. أَمَّا إذَا حَاضَتْ ثَلَاثًا مِنْ آخِرِ وَطْءٍ وَلَمْ يُفَارِقْهَا فَلَيْسَ لَهَا التَّزَوُّجُ اتِّفَاقًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَظَاهِرُ الزَّيْلَعِيِّ يُوهَمُ خِلَافَهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْوَطْءِ لَا الْخَلْوَةِ) أَيْ لَا تَجِبُ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ وَطْءٍ، وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَلَوْ فَاسِدَةً إنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الدُّخُولِ فَالْقَوْلُ لَهُ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ. اهـ. وَفِيهِ عَنْ الْفَتْحِ: وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الْمَوْطُوءَةُ أُخْتَ امْرَأَتِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ لِلطَّلَاقِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٌ مِنْ الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُ لَا لِلْمَوْتِ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ سَوَاءٌ فَارَقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ الَّتِي هِيَ عِدَّةُ طَلَاقٍ وَهِيَ ثَلَاثُ حِيَضٍ؛ لَا عِدَّةُ مَوْتٍ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمِنَحِ وَالْبَحْرِ: وَالْمُرَادُ بِالْعِدَّةِ هُنَا عِدَّةُ الطَّلَاقِ. وَأَمَّا عِدَّةُ الْوَفَاةِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا مِنْ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. اهـ. وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ لِلطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ تَجِبُ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَلْ هُوَ مُتَارَكَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَكَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ لَا لِلْمَوْتِ مَوْتُ الرَّجُلِ قَبْلَ الْوَطْءِ، لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ تَجِبُ عِدَّةُ الْمَوْتِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ إطْلَاقِ عِبَارَةِ الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَلِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْعِدَّةِ مِنْ أَنَّهَا تَجِبُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَوَامِلَ فِي الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِي الْمَوْتِ وَالْفُرْقَةِ اهـ أَيْ إنْ كَانَتْ تَحِيضُ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ أَوْ وَضْعُ الْحَمْلِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ) أَيْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي، وَمِثْلُهُ التَّفَرُّقُ وَهُوَ فَسْخُهُمَا أَوْ فَسْخُ أَحَدِهِمَا ح، وَهُوَ مُتَعَلَّقُ تَجِبُ: أَيْ لَا مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْهِدَايَة، وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهَا كَالْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمُلْتَقَى وَالْجَوْهَرَةِ وَالْبَحْرِ. وَلَا يَخْفَى تَقْدِيمُ مَا فِي هَذِهِ الْمُعْتَبَرَاتِ عَلَى مَا فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ مِنْ تَصْحِيحِ قَوْلِ زُفَرَ وَعِبَارَةِ الْمَوَاهِبِ وَاعْتَبَرْنَا الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ لَا مِنْ آخِرِ الْوَطْآتِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَارَكَةُ الزَّوْجِ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ: الْمُتَارَكَةُ فِي الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَكُونُ إلَّا بِالْقَوْلِ كَخَلَّيْتُ سَبِيلَك أَوْ تَرَكْتُك وَمُجَرَّدُ إنْكَارِ النِّكَاحِ لَا يَكُونُ مُتَارَكَةً. أَمَّا لَوْ أَنْكَرَ وَقَالَ أَيْضًا اذْهَبِي وَتَزَوَّجِي كَانَ مُتَارَكَةً وَالطَّلَاقُ فِيهِ مُتَارَكَةٌ لَكِنْ لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ، وَعَدَمُ مَجِيءِ أَحَدِهِمَا إلَى آخَرَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَيْسَ مُتَارَكَةً لِأَنَّهَا لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: وَقَبْلَ الدُّخُولِ أَيْضًا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْقَوْلِ. اهـ. وَخَصَّ الشَّارِحُ الْمُتَارَكَةَ بِالزَّوْجِ كَمَا فَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَصْلًا مَعَ أَنَّ فَسْخَ هَذَا النِّكَاحِ يَصِحُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَحْضَرِ الْآخَرِ اتِّفَاقًا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَارَكَةِ وَالْفَسْخِ بَعِيدٌ كَذَا فِي الْبَحْرِ.
وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِالْمُتَارَكَةِ فِي الْأَصَحِّ
(وَيَثْبُتُ النَّسَبُ) احْتِيَاطًا بِلَا دَعْوَةٍ (وَتُعْتَبَرُ مُدَّتُهُ) وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ (مِنْ الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ إلَى الْوَضْعِ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ) يَعْنِي سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (يَثْبُتُ) النَّسَبُ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (لَا) يَثْبُتُ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى، وَقَالَا: ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ كَالصَّحِيحِ وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَذَكَرَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ إحْدَى وَعِشْرِينَ، وَنَظَمَ مِنْهَا الْعَشَرَةَ الَّتِي فِي الْخُلَاصَةِ فَقَالَ:
وَفَاسِدٌ مِنْ الْعُقُودِ عَشْرٌ
…
إجَارَةٌ وَحُكْمُ هَذَا الْأَجْرِ
وُجُوبُ أَدْنَى مِثْلٍ أَوْ مُسَمَّى
…
أَوْ كُلِّهِ مَعَ فَقْدِك الْمُسَمَّى
ــ
[رد المحتار]
وَفَرَّقَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الْمُتَارَكَةَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ فَيَخْتَصُّ بِهِ الزَّوْجُ، أَمَّا الْفَسْخُ فَرَفَعَ الْعَقْدَ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَعْنَى الْمُتَارَكَةِ، وَرَدَّهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَاسِدِ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْمُتَارَكَةَ فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ، فَالْحَقُّ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَلِذَا جَزَمَ بِهِ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ إلَخْ، وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ بَابِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ طَلَّقَ الْمَنْكُوحَةَ فَاسِدًا ثَلَاثًا لَهُ تَزَوُّجُهَا بِلَا مُحَلِّلٍ، قَالَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فَهَذَا أَيْضًا مُؤَيِّدٌ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَاسِدِ وَلِذَا كَانَ غَيْرَ مُنْقِصٍ لِلْعَدَدِ بَلْ هُوَ مُتَارَكَةٌ كَمَا عَلِمْت، حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا صَحِيحًا عَادَتْ إلَيْهِ بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُصَحَّحَيْنِ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ إنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْآخَرُ أَنَّهُ شَرْطٌ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُعْلِمْهَا بِهَا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا
(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ) أَمَّا الْإِرْثُ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ وَكَذَا النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ احْتِيَاطًا) أَيْ فِي إثْبَاتِهِ لِإِحْيَاءِ الْوَلَدِ ط (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ مُدَّتُهُ) أَيْ ابْتِدَاءُ مُدَّتِهِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ) أَيْ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَطْءِ) أَيْ إذَا لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِأَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ إنَّمَا هُوَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا دُونَهُ لَا عَمَّا زَادَ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ وَلَمْ يُفَارِقْهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ اتِّفَاقًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ إلَخْ) تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلِأَقَلَّ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ بَحْرٌ:
[تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ إذَا وَقَعَتْ فُرْقَةٌ وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْخِلَافِ.
وَاعْتِرَاضُهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ أَتَتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ وَلِأَقَلَّ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مَعَ أَنَّهُ يَثْبُتُ.
وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ اعْتِبَارَ ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ أَوْ الدُّخُولِ مَعْنَاهُ نَفْيُ الْأَقَلِّ كَمَا مَرَّ، وَاعْتِبَارُهَا مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ مَعْنَاهُ نَفْيُ الْأَكْثَرِ، حَتَّى لَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيَّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا بَعْدَ التَّفْرِيقِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ حِينِ التَّفْرِيقِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْوِلَادَةِ وَالْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (قَوْلُهُ وَرَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ) تَرْجِيحُهُ لَا يُعَارِضُ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ إنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ.
وَالْوَاجِبُ الْأَكْثَرُ فِي الْكِتَابَةِ
…
مِنْ الَّذِي سَمَّاهُ أَوْ مِنْ قِيمَةٍ
وَفِي النِّكَاحِ الْمِثْلُ إنْ يَكُنْ دَخَلْ
…
وَخَارِجُ الْبَذْرِ لِمَالِكٍ أَجَلْ
وَالصُّلْحُ وَالرَّهْنُ لِكُلٍّ نَقْضُهُ
…
أَمَانَةً أَوْ كَالصَّحِيحِ حُكْمُهُ
ثُمَّ الْهِبَةُ مَضْمُونَةٌ يَوْمَ قَبْضٍ
…
وَصَحَّ بَيْعُهُ لِعَبْدٍ اقْتَرَضَ
مُضَارَبَةٌ وَحُكْمُهَا الْأَمَانَةُ
…
وَالْمِثْلُ فِي الْبَيْعِ وَإِلَّا الْقِيمَةُ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ التَّصَرُّفَاتُ الْفَاسِدَةُ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ) أَيْ الَّتِي تَفْسُدُ إذَا فُقِدَ مِنْهَا شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ وَحُكْمُ هَذَا) أَيْ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَمَرَمَّةِ دَارٍ أَوْ بِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ بِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ أَوْ بِتَسْمِيَةِ نَحْوِ خَمْرٍ وَالْأَجْرُ خَبَرُ حُكْمٍ وَالْمُرَادُ بِهِ أَجْرُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُسَمَّى فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَأَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، وَقَدْ فَصَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وُجُوبُ أَدْنَى مِثْلٍ إلَخْ فَأَدْنَى إمَّا مُضَافٌ وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَوْ غَيْرُ مُضَافٍ وَمِثْلٍ بَدَلٌ مِنْهُ كَمَا لَا يَخْفَى ح (قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ الْأَكْثَرُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ كَمَا إذَا كَانَتْ كِتَابَةً عَلَى عَيْنٍ مُعَيِّنَةٍ لِغَيْرِهِ يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمُسَمَّى وَتَاءُ الْكِتَابَةِ وَالْقِيمَةِ مَجْرُورَانِ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِمَا بِالْهَاءِ لِئَلَّا تَخْتَلِفَ الْقَافِيَةُ ح (قَوْلُهُ وَفِي النِّكَاحِ) أَيْ الْفَاسِدِ بِعَدَمِ الشُّهُودِ مِثْلَا مَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ بَالِغًا مَا بَلَغَ إنْ لَمْ يُسَمِّ مَا يَصْلُحُ مَهْرًا، وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ الْمُسَمَّى ح (قَوْلُهُ إنْ يَكُنْ دَخَلَ) أَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ لَا يَجِبُ شَيْءٌ ح (قَوْلُهُ وَخَارِجُ الْبَذْرِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُزَارَعَةَ الْفَاسِدَةَ كَمَا إذَا شَرَطَ فِيهَا قُفْزَانَ مُعَيَّنَةً لِأَحَدِهِمَا يَكُونُ الْخَارِجُ فِيهَا لِصَاحِبِ الْبَذْرِ. ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ فَعَلَيْهِ مِثْلُ أَجْرِ الْعَامِلِ وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ فَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ ح (قَوْلُهُ أَجَلْ) تَكْمِلَةٌ بِمَعْنَى نَعَمْ ح (قَوْلُهُ وَالصُّلْحُ وَالرَّهْنُ) أَيْ الصُّلْحُ الْفَاسِدُ بِنَحْوِ جَهَالَةِ الْبَدَلِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَالرَّهْنُ الْفَاسِدُ كَرَهْنِ الْمَشَاعِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ نَقْضُهُ ح (قَوْلُهُ أَمَانَةً) خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ عَائِدٍ عَلَى كُلٍّ مِنْ بَدَلِ الصُّلْحِ وَالْمَرْهُونِ اللَّذَيْنِ دَلَّ عَلَيْهِمَا الصُّلْحُ وَالرَّهْنُ أَيْ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَا فِي يَدِ الْمُصَالِحِ أَمَانَةً، وَكَذَلِكَ عَلَيْهِ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ كُلًّا قَبَضَ مَالَ صَاحِبِهِ بِإِذْنِهِ، لَكِنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ لَا لِمَالِكِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ كَالصَّحِيحِ حُكْمُهُ؛ وَحُكْمُ الصَّحِيحِ فِي الصُّلْحِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ، وَصَحِيحُ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدَ رَحْمَتِيٌّ.
قُلْت: وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الرَّهْنِ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ فَاسِدَ الرَّهْنِ كَصَحِيحِهِ إذَا كَانَ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا، وَيَأْتِي تَمَامُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ ثُمَّ الْهِبَهْ) بِسُكُونِ الْهَاءِ لِلضَّرُورَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمَوْهُوبَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ كَهِبَةِ مُشَاعٍ يُقَسَّمُ ح لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ قَبَضَ لِنَفْسِهِ وَلَوْ بِإِذْنِ مَالِكِهِ كَانَ قَبْضُهُ قَبْضَ ضَمَانٍ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ الْمُسْتَقْرِضِ، وَاللَّامُ لِتَعْدِيَةِ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ اقْتَرَضَ نَعْتٌ لِعَبْدٍ، وَفَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ عَائِدٌ عَلَى الْعَبْدِ، يَعْنِي إذَا اسْتَقْرَضَ عَبْدًا كَانَ قَرْضًا فَاسِدًا لِأَنَّهُ قِيَمِيٌّ يُفِيدُ الْمَلِكَ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ ح. وَقَالَ ط: اللَّامُ فِي الْعَبْدِ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ مُضَارَبَهْ) بِسُكُونِ الْهَاءِ لِلضَّرُورَةِ يَعْنِي أَنَّ الْمُضَارَبَةَ الْفَاسِدَةَ بِنَحْوِ اشْتِرَاطِ عَمَلِ رَبِّ الْمَالِ حُكْمُهَا الْأَمَانَةُ: أَيْ يَكُونُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ أَمَانَةً ح أَيْ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِمَالِكِهَا بِإِذْنِهِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَلِأَنَّهُ لَمَّا فَسَدَتْ صَارَ الْمُضَارِبُ أَجِيرًا وَالْمَالُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ أَمَانَةٌ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمِثْلُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ الْوَاجِبُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِنَحْوِ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ ضَمَانُ مِثْلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
الْمَقْبُوضِ الْهَالِكِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا وَتَاءُ الْأَمَانَةِ وَالْقِيمَةِ مَرْفُوعَانِ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِمَا بِالسُّكُونِ لِمَا مَرَّ ح.
وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْإِحْدَى وَالْعِشْرِينَ فَقَالَ فِي النَّهْرِ: وَبَقِيَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ: الصَّدَقَةُ وَالْخُلْعُ وَالشَّرِكَةُ وَالسَّلَمُ وَالْكِفَايَةُ وَالْوَكَالَةُ وَالْوَقْفُ وَالْإِقَالَةُ وَالصَّرْفُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْقِسْمَةُ.
أَمَّا الصَّدَقَةُ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهَا كَالْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونَةٌ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا الْخُلْعُ، فَحُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْعِوَضُ فِيهِ وَقَعَ بَائِنًا، وَذَلِكَ كَالْخُلْعِ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ. وَأَمَّا الشَّرِكَةُ وَهِيَ الْمَفْقُودُ مِنْهَا شَرْطُهَا، مِثْلُ أَنْ يَجْعَلَ الرِّبْحَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا السَّلَمُ، وَهُوَ مَا فُقِدَ فِيهِ شَرْطٌ مِنْ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ فَحُكْمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ كَالْمَغْصُوبِ، فَيَصِحُّ فِيهِ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ مَا بَدَا لَهُ يَدًا بِيَدٍ كَذَا فِي الْفُصُولِ. وَأَمَّا الْكَفَالَةُ كَمَا إذَا جَهِلَ الْمَكْفُولَ عَنْهُ مَثَلًا كَقَوْلِهِ مَا بَايَعْت أَحَدًا فَعَلَيَّ، فَحُكْمُهَا عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَرَجَعَ بِمَا أَدَّاهُ حَيْثُ كَانَ الضَّمَانُ فَاسِدًا كَذَا فِي الْفُصُولِ أَيْضًا. وَأَمَّا الْوَكَالَةُ وَالْوَقْفُ وَالْإِقَالَةُ وَالصَّرْفُ وَالْوَصِيَّةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ فَاسِدِهَا وَبَاطِلِهَا، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِقَالَةَ كَالنِّكَاحِ لَا يُبْطِلُهَا الشَّرْطُ الْفَاسِدُ، وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ فَاسِدِهِ وَبَاطِلِهِ، وَقَالُوا: لَوْ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ بَعْدَمَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ. اهـ.
أَقُولُ: وَمَا عَزَاهُ إلَى الْمَجْمَعِ فِي قَوْلِهِ وَأَمَّا الشَّرِكَةُ إلَخْ فَغَيْرُ مَوْجُودٍ فِيهِ وَلَمْ تَرَ أَحَدًا قَالَهُ، بَلْ تَجُوزُ الشَّرِكَةُ مَعَ التَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ وَعَدَمِهِ فَالصَّوَابُ أَنْ يُمَثِّلَ بِاَلَّتِي شُرِطَ فِيهَا دَرَاهِمُ مُسَمَّاةٌ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ مُفْسِدٌ لَهَا، وَحُكْمُ الْفَاسِدَةِ أَنْ يُجْعَلَ الرِّبْحُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شُرِطَ التَّفَاضُلُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمَجْمَعِ وَغَرَّهُ فَافْهَمْ، وَذَكَرَ الْقِسْمَةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِهَا، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ فِي بَابِهَا أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ كَقِسْمَةٍ عَلَى شَرْطِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ مِنْ الْمَقْسُومِ أَوْ غَيْرِهِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيُفِيدُ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِقَابِضِهِ وَيَضْمَنُهُ بِالْقِيمَةِ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ. وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ، وَجَزَمَ بِالْقِيلِ فِي الْأَشْبَاهِ، وَبِالْأَوَّلِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ فَاسِدِهِ وَبَاطِلِهِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.
هَذَا، وَقَدْ زَادَ الرَّحْمَتِيُّ الْحَوَالَةَ وَنَظَمَ حُكْمَهَا مَعَ حُكْمِ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ تَكْمِيلًا لِنَظْمِ النَّهْرِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ:
صَدَقَةٌ كَهِبَةٍ سَوَاءُ
…
وَالْخُلْعُ بَائِنٌ وَلَا جَزَاءُ
إنْ شَرَطَ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ أَوْ
…
الْمَيْتَةَ بَدَلَهُ كَذَا رَأَوْا
بِقَدْرِ مَالِ رِبْحِ شِرْكَةٍ فَسَدَ
…
كَأَنْ لِقَطْعِ شِرْكَةِ الرِّبْحِ قَصَدَ
وَلَا ضَمَانَ بِهَلَاكِ الْمَالِ
…
فِي يَدِهِ حُزْت ذُرَا الْمَعَالِي
وَسَلِمَ بَعْضُ شُرُوطِهِ فَقَدْ
…
فَفَاسِدٌ كَمَا مِنْ الْفِقْهِ شَهِدْ
وَرَأْسُ مَالٍ فِيهِ كَالْمَغْصُوبِ عُدْ
…
فَخُذْ بِهِ مَا شِئْت إنْ يَدًا بِيَدْ
كَفَالَةُ الْمَجْهُولِ مُفْسِدٌ لَهَا
…
فَارْجِعْ بِمَا أَدَّيْت إنْ خَبْءٌ دَهَى
إذَا بَنَى الدَّفْعَ عَلَى الْكَفَالَهْ
…
وَلَا رُجُوعَ إنْ يُرِدْ وَفَا لَهْ
وَفَاسِدُ الْقِيمَةِ إنْ شَرَطَ نَمَا
…
لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ يَا هَذَا الْكَمَى
فَيَمْلِكُ الْمَقْسُومَ بِالْقِيمَةِ إنْ
…
يَقْبِضْ وَقِيلَ لَا فَقَدْ فَازَ الْفَطِنْ