الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) تَجِبُ (مُتْعَةٌ لِمُفَوِّضَةٍ) وَهِيَ مَنْ زُوِّجَتْ بِلَا مَهْرٍ (طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ لَا تَزِيدُ عَلَى نِصْفِهِ) أَيْ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَوْ الزَّوْجُ غَنِيًّا (وَلَا تَنْقُصُ عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ) لَوْ فَقِيرًا
ــ
[رد المحتار]
أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ بِالْإِرَادَةِ فَصَارَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً بَحْرٌ، ثُمَّ ذَكَرَ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ فَالْوَاجِبُ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ.
[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمُتْعَةِ]
ِ (قَوْلُهُ وَتَجِبُ مُتْعَةٌ لِمُفَوِّضَةٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مِنْ فَوَّضَتْ أَمْرَهَا لِوَلِيِّهَا وَزَوْجِهَا بِلَا مَهْرٍ، وَبِفَتْحِهَا مِنْ فَوَّضَهَا وَلِيُّهَا إلَى الزَّوْجِ بِلَا مَهْرٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْمُتْعَةُ مَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي نِكَاحٍ لَا تَسْمِيَةَ فِيهِ سَوَاءٌ فَرَضَ بَعْدَهُ أَوْ لَا أَوْ كَانَتْ التَّسْمِيَةُ فِيهِ فَاسِدَةً كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيمَا لَمْ تَصِحَّ فِيهِ التَّسْمِيَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَوْ صَحَّتْ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ وَإِنْ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ، كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَرَامَتِهَا أَوْ عَلَى أَلْفٍ وَأَنْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَلْفِ لَا الْمُتْعَةُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَلْفِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَمْ يَفْسُدْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَرَامَتِهَا وَالْإِهْدَاءُ يَجِبُ الْأَلْفُ لَا مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ. وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَدَائِعِ فِي تَعْلِيلِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ) أَيْ وَالْخَلْوَةِ بَحْرٌ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا وَطْءٌ حُكْمًا، وَالْمُرَادُ بِالطَّلَاقِ فُرْقَةٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَلَمْ يُشَارِكْهُ صَاحِبُ الْمَهْرِ فِي سَبَبِهَا طَلَاقًا كَانَتْ أَوْ فَسْخًا: كَالطَّلَاقِ وَالْفُرْقَةِ بِالْإِيلَاءِ وَاللِّعَانِ، وَالْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ وَالرِّدَّةِ، وَإِبَائِهِ الْإِسْلَامَ وَتَقْبِيلِهِ ابْنَتَهَا أَوْ أُمَّهَا بِشَهْوَةٍ؛ فَلَوْ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا: كَرِدَّتِهَا وَإِبَائِهَا الْإِسْلَامَ، وَتَقْبِيلِهَا ابْنَهُ بِشَهْوَةٍ وَالرَّضَاعِ، وَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ، وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَإِنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا، لَا وُجُوبًا، وَلَا اسْتِحْبَابًا كَمَا فِي الْفَتْحِ كَمَا لَا يَجِبُ نِصْفُ الْمُسَمَّى لَوْ كَانَ، وَخَرَجَ مَا لَوْ اشْتَرَى هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ مَنْكُوحَتَهُ مِنْ الْمَوْلَى فَإِنَّ مَالِكَ الْمَهْرِ يُشَارِكُ الزَّوْجَ فِي السَّبَبِ وَهُوَ الْمِلْكُ فَلِذَا لَا تَجِبُ الْمُتْعَةُ وَلَا نِصْفُ الْمُسَمَّى؛ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ مِنْهُ فَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَهِيَ دِرْعٌ إلَخْ) الدِّرْعُ: بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مَا تَلْبِسُهُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ الْقَمِيصِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْقَمِيصَ وَهُوَ الظَّاهِرُ بَحْرٌ.
وَأَقُولُ: دِرْعُ الْمَرْأَةِ قَمِيصُهَا وَالْجَمْعُ أَدْرُعٌ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَيْنِيُّ، وَعَزَاهُ فِي الْبِنَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ، فَكَوْنُهُ فِي الذَّخِيرَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِ الْمُغْرِبِ وَالْخِمَارُ: مَا تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا. وَالْمِلْحَفَةُ: بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا تَلْتَحِفُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ قَرْنِهَا إلَى قَدَمِهَا. قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ، هَذَا فِي دِيَارِهِمْ، أَمَّا فِي دِيَارِنَا فَيُزَادُ عَلَى هَذَا إزَارٌ وَمِكْعَبٌ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَلَا يَخْفَى إغْنَاءُ الْمِلْحَفَةِ عَنْ الْإِزَارِ، إذْ هِيَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ إزَارٌ إلَّا أَنْ يُتَعَارَفَ تَغَايُرُهُمَا كَمَا فِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ، وَلَوْ دَفَعَ قِيمَتَهَا أُجْبِرَتْ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ نَهْرٌ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ أَدْنَى الْمُتْعَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْكَمَالِ. وَفِي الْبَدَائِعِ وَأَدْنَى مَا تَكْتَسِي بِهِ الْمَرْأَةُ وَتُسَرُّ بِهِ عِنْدَ الْخُرُوجِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ. اهـ.
قُلْت: وَمُقْتَضَى هَذَا مَعَ مَا مَرَّ عَنْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَنَّ هَذَا فِي دِيَارِهِمْ إلَخْ أَنْ يُعْتَبَرَ عُرْفُ كُلِّ بَلْدَةٍ لِأَهْلِهَا فِيمَا تَكْتَسِي بِهِ الْمَرْأَةُ عِنْدَ الْخُرُوجِ تَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُحَشِّينَ قَالَ: وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ قَالُوا: هَذِهِ فِي دِيَارِهِمْ: أَمَّا فِي دِيَارِنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النِّسَاءَ فِي دِيَارِنَا تَلْبَسُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فَيَزْدَادُ عَلَى ذَلِكَ إزَارٌ وَمِكْعَبٌ. اهـ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْمِكْعَبُ الْمُوَشَّى مِنْ الْبُرُودِ وَالْأَثْوَابِ اهـ. أَيْ الْمَنْقُوشُ (قَوْلُهُ لَا تَزِيدُ عَلَى نِصْفِهِ إلَخْ) فِي الْفَتْحِ عَنْ الْأَصْلِ وَالْمَبْسُوطِ: الْمُتْعَةُ لَا تَزِيدُ
(وَتُعْتَبَرُ) الْمُتْعَةُ (بِحَالِهِمَا) كَالنَّفَقَةِ بِهِ يُفْتَى
(وَتُسْتَحَبُّ الْمُتْعَةُ لِمَنْ سِوَاهَا) أَيْ الْمُفَوِّضَةِ (إلَّا مَنْ سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ وَطَلُقَتْ قَبْلَ وَطْءٍ) فَلَا تُسْتَحَبُّ لَهَا بَلْ لِلْمَوْطُوءَةِ سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ أَوْ لَا فَالْمُطَلَّقَاتُ أَرْبَعٌ (وَمَا فُرِضَ) بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ بِفَرْضِ قَاضٍ مَهْرُ الْمِثْلِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) الْخَالِي عَنْ الْمَهْرِ (أَوْ زِيدَ) عَلَى مَا سُمِّيَ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهَا خَلْفَهُ، فَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَالْوَاجِبُ الْمُتْعَةُ لِأَنَّهَا الْفَرِيضَةُ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ أَقَلَّ مِنْهَا فَالْوَاجِبُ الْأَقَلُّ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ خَمْسَةً فَيُكَمِّلَ لَهَا الْخَمْسَةَ. اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوَّلًا: لَوْ الزَّوْجُ غَنِيًّا، وَثَانِيًا لَوْ فَقِيرًا لَمْ يَظْهَرْ لِي مِنْ وَجْهِهِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الزَّوْجِ فِي الْمُتْعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْمُتْعَةُ بِحَالِهِمَا) أَيْ فَإِنْ كَانَا غَنِيَّيْنِ فَلَهَا الْأَعْلَى مِنْ الثِّيَابِ، أَوْ فَقِيرَيْنِ فَالْأَدْنَى، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَالْوَسَطُ وَمَا ذَكَرَهُ قَوْلُ الْخَصَّافِ، وَفِي الْفَتْحِ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ. وَالْكَرْخِيُّ: اعْتَبَرَ حَالَهَا وَاخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ اعْتَبَرَ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ، وَالْأَرْجَحُ قَوْلُ الْخَصَّافِ لِأَنَّ الْوَلْوَالِجِيَّ صَحَّحَهُ وَقَالَ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا أَفْتَوْا بِهِ فِي النَّفَقَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مُلَاحَظَةَ الْأَمْرَيْنِ، أَيْ أَنَّهَا لَا تُزَادُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا تَنْقُصُ عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ مُعْتَبَرَةً عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ كَمَا هُوَ صَرِيحِ الْأَصْلِ وَالْمَبْسُوطِ. اهـ.
وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ اعْتِبَارَ كَوْنِ الْمُتْعَةِ وَسَطًا لَا بِغَايَةِ الْجَوْدَةِ وَلَا بِغَايَةِ الرَّدَاءَةِ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ رَأْيًا مِنْ الثَّلَاثَةِ.
وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْكُلِّ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ حَالِهَا لَوْ فَقِيرَةً لَهَا كِرْبَاسٌ وَسَطٌ، وَلَوْ مُتَوَسِّطَةً فَقَزٌّ وَسَطٌ، وَلَوْ مُرْتَفِعَةً فَإِبْرَيْسَمٌ وَسَطٌ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ حَالِهِ، وَكَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ اعْتَبَرَ حَالَهُمَا لَوْ فَقِيرَيْنِ فَلَهَا كِرْبَاسٌ وَسَطٌ أَوْ غَنِيَّيْنِ فَإِبْرَيْسَمٌ وَسَطٌ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَقَزٌّ وَسَطٌ. اهـ. وَفِي النَّهْرِ: إنَّ حَمْلَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى هَذَا مُمْكِنٌ. وَاعْتِرَاضُ الْفَتْحِ عَلَيْهِ وَارِدٌ مِنْ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يَجِبُ مِنْ الْقَزِّ أَبَدًا
(قَوْلُهُ أَيْ الْمُفَوِّضَةُ) تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي سِوَاهَا، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهَا لِأَنَّ مُتْعَتَهَا وَاجِبَةٌ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ إلَّا مَنْ سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ إلَخْ) هَذَا عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ، وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الدُّرَرِ، لَكِنْ مَشَى فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى عَلَى أَنَّهَا تُسْتَحَبُّ لَهَا، وَمِثْلُهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ، وَهُوَ رِوَايَةُ التَّأْوِيلَاتِ وَصَاحِبِ التَّيْسِيرِ وَالْكَشَّافِ وَالْمُخْتَلِفِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
قُلْت: وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِي الْبَدَائِعِ، وَعَزَاهُ فِي الْمِعْرَاجِ إلَى زَادِ الْفُقَهَاءِ وَجَامِعِ الْإِسْبِيجَابِيِّ. وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى إنَّهُ مَشْهُورٌ. وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إنَّ مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ لَا يُصَادِمُ مَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ.
قُلْت: فَكَيْفَ مَعَ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْكُتُبِ. وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ.
وَفِي الْبَحْرِ: وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ قِبَلِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا تُسْتَحَبُّ لَهَا الْمُتْعَةُ أَيْضًا لِأَنَّهَا الْجَانِيَةُ (قَوْلُهُ بَلْ لِلْمَوْطُوءَةِ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَكُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بَعْدَ الدُّخُولِ تُسْتَحَبُّ فِيهَا الْمُتْعَةُ إلَّا أَنْ يَرْتَدَّ أَوْ يَأْبَى الْإِسْلَامَ لِأَنَّ الِاسْتِحْبَابَ طَلَبُ الْفَضِيلَةِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا (قَوْلُهُ فَالْمُطَلَّقَاتُ أَرْبَعٌ) أَيْ مُطَلَّقَةٌ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ سُمِّيَ لَهَا أَوْ لَا، فَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا فَمُتْعَتُهَا وَاجِبَةٌ، وَإِنْ سَمَّى فَغَيْرُ وَاجِبَةٍ وَلَا مُسْتَحَبَّةٍ أَيْضًا عَلَى مَا هُنَا، وَالْمُطَلَّقَةُ بَعْدَهُ مُتْعَتُهَا مُسْتَحَبَّةٌ، سَمَّى لَهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ بِفَرْضِ قَاضٍ مَهْرَ الْمِثْلِ) بِنَصْبِ مَهْرٍ مَفْعُولِ فَرْضٍ، قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ الْفَرْضَ مِنْ الزَّوْجِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْفَرْضُ، حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ نَابَ مَنَابَهُ فِي الْفَرْضِ، وَهَذَا دَلِيلُ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْفَرْضِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ) أَيْ الزِّيَادَةُ إنْ وَطِئَ أَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَهَذَا
بِشَرْطِ قَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قَبُولِ وَلِيِّ الصَّغِيرَةِ وَمَعْرِفَةِ قَدْرِهَا وَبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ نَهْرٌ.
وَفِي الْكَافِي: جُدِّدَ النِّكَاحُ بِزِيَادَةِ أَلْفٍ لَزِمَهُ أَلْفَانِ عَلَى الظَّاهِرِ
ــ
[رد المحتار]
التَّفْرِيعُ مُسْتَفَادٌ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ لَا يُنَصَّفُ. أَيْ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَيُفِيدُ لُزُومُهُ وَتَأَكُّدُهُ بِالدُّخُولِ وَمِثْلُهُ الْمَوْتُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ قَبُولِهَا إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهَا صَحِيحَةٌ وَلَوْ بِلَا شُهُودٍ أَوْ بَعْدَ هِبَةِ الْمَهْرِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَحْرٌ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ وَلِيٍّ، فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ لَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ ثُمَّ زَادَ فِي الْمَهْرِ صَحَّ نَهْرٌ.
وَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظُ الزِّيَادَةِ بَلْ تَصِحُّ بِلَفْظِهَا، وَبِقَوْلِهِ رَاجَعْتُك بِكَذَا إنْ قَبِلْت وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ زِدْتُك فِي مَهْرِك، وَكَذَا بِتَجْدِيدِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الزِّيَادَةِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِمَهْرٍ وَكَانَتْ قَدْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إنْ قَبِلَتْ فِي مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَمَعْرِفَةِ قَدْرِهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ، فَلَوْ قَالَتْ زِدْتُك فِي مَهْرِك وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ لِلْجَهَالَةِ كَمَا فِي الْوَقْعَانِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي فِي الْبَحْرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ مَوْتِهَا صَحِيحَةٌ إذَا قَبِلَتْ الْوَرَثَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ الْبُيُوعِ اهـ وَعَزَاهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ إلَى الْقُدُورِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَذْكُرْ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فِي الرَّجْعِيِّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ انْقَطَعَ النِّكَاحُ وَفَاتَ مَحَلُّ التَّمْلِيكِ وَبِعِدَّةِ الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ بَاقٍ، وَقَدْ ثَبَتَ لَهَا ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي الْمَوْتِ، فَفِي الطَّلَاقِ أَوْلَى. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ مِنْ رِوَايَةِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ بَاطِلَةٌ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ خَالَفَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ قَدْ مَشَى عَلَى أَصْلِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ الْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ شَيْءٌ، فَيُحْمَلُ الْجَوَابُ فِيهِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ. اهـ.
وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ: قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْجَوَازِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْبَيْنُونَةِ، وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ تَقْيِيدُ الْمُحِيطِ بِحَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ، إذْ نَقَلُوا أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ لَا تَصِحُّ، وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ: تَصِحُّ، وَمِنْ ثَمَّ جَزَمَ فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ شَرْطَهَا بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ، حَتَّى لَوْ زَادَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا لَمْ تَصِحَّ وَالِالْتِحَاقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ مُسْتَنِدًا إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ أَوَّلًا فِي الْحَالِ ثُمَّ يَسْتَنِدَ، وَثُبُوتُهُ مُتَعَذِّرٌ لِانْتِفَاءِ الْمَحَلِّ فَتَعَذَّرَ اسْتِنَادُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ. اهـ. قَالَ ط: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ وَالْمِعْرَاجِ مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا يُنَافِي مَا فِي التَّبْيِينِ، وَكَوْنُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الزِّيَادَةِ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هُنَا لِفَرْقٍ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ قَامَ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ فَإِنَّهُ فِي النِّكَاحِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعَدَمِ نِسْيَانِ الْفَضْلِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ مُرَاعَاةِ الْفَضْلِ، يُؤَيِّدُهُ مَشْرُوعِيَّةُ الْمُتْعَةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْكَافِي إلَخْ) حَاصِلُ عِبَارَةِ الْكَافِي: تَزَوَّجَهَا فِي السِّرِّ بِأَلْفٍ ثُمَّ فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْنِ ظَاهِرُ الْمَنْصُوصِ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَلْفَانِ وَيَكُونُ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْمَهْرُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَغْوٌ. فَيَلْغُو مَا فِيهِ. وَعِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّ الثَّانِيَ وَإِنْ لَغَا لَا يَلْغُو مَا فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ، كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ هَذَا ابْنِي لَمَّا لَغَا عِنْدَهُمَا لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ. وَعِنْدَهُ إنْ لَغَا فِي حُكْمِ النَّسَبِ يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَشْهَدَا عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ هَزْلٌ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ الْأَوَّلِ، فَلَوْ ادَّعَى الْهَزْلَ لَمْ يُقْبَلْ بِلَا بَيِّنَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ اعْتَبَرَ مَا فِي الْعَقْدِ الثَّانِي فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ تَغْيِيرُ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي، وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبَ كِلَا الْمَهْرَيْنِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ ثَبَتَ ثُبُوتًا لَا مَرَدَّ لَهُ وَالثَّانِي زِيَادَةٌ عَلَيْهِ فَيَجِبُ بِكَمَالِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ قَاضِي خَانْ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي شَيْءٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ، ثُمَّ وَفَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ اللُّزُومَ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا بِقَصْدِ الزِّيَادَةِ وَإِنْ لَزِمَ فِي حُكْمِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ يُؤَاخِذُهُ بِظَاهِرِ لَفْظِهِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْهَزْلِ، وَأَطَالَ الْكَلَامَ فَرَاجِعْهُ: