الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اُخْتُلِفَ فِي إلْحَاقِ الشَّرْطِ بِالْيَمِينِ الْمَعْقُودِ بَعْدَ السُّكُوتِ فَصَحَّحَهُ الثَّانِي وَأَبْطَلَهُ الثَّالِثُ وَبِهِ يُفْتَى فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كَانَ كَذَا فَكَذَا وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَلَا كَذَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ كَذَا خَانِيَّةٌ.
بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا
الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْمُبَاشِرِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ لَا حِنْثَ بِفِعْلِ مَأْمُورِهِ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبُ إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى يَدْخُلَ اللَّيْلُ
وَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ أَضْرِبْك حَتَّى يَدْخُلَ اللَّيْلُ أَوْ حَتَّى يَشْفَعَ لَك فُلَانٌ أَوْ حَتَّى تَصِيحَ فَأَقْلَعَ عَنْ الضَّرْبِ قَبْلَ ذَلِكَ حَنِثَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَصْلُحُ غَايَةً لِلضَّرْبِ وَكَذَا إنْ لَمْ أُلَازِمْك حَتَّى تَقْضِيَنِي دَيْنِي.
مَطْلَبُ إنْ لَمْ آتِك حَتَّى أَتَغَدَّى
وَإِذَا قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ آتِك الْيَوْمَ حَتَّى أَتَغَدَّى عِنْدَك أَوْ حَتَّى أُغَدِّيَك أَوْ حَتَّى أَضْرِبَك، فَشَرْطُ الْبِرِّ وُجُودُهُمَا إذْ لَا تُمْكِنُ الْغَايَةُ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ لَا يَمْتَدُّ وَلَا السَّبَبِيَّةُ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ مِنْ وَاحِدٍ وَفِعْلُ الْإِنْسَانِ لَا يَصْلُحُ جَزَاءً لِفِعْلِهِ، فَحُمِلَ عَلَى الْعَطْفِ وَصَارَ التَّقْدِيرُ إنْ لَمْ آتِك وَأَتَغَدَّى عِنْدَك، وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْيَوْمِ فَأَتَاهُ فَلَمْ يَتَغَدَّ عِنْدَهُ، ثُمَّ تَغَدَّى عِنْدَهُ فِي يَوْمٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْتِيَهُ بَرَّ لِأَنَّهُ لَمَّا أَطْلَقَ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِ شَرْطَيْ الْبِرِّ مَعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا اهـ مُلَخَّصًا.
مَطْلَبُ لَا يَلْتَحِقُ الشَّرْطُ بَعْدَ السُّكُوتِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ اُخْتُلِفَ فِي لِحَاقِ الشَّرْطِ إلَخْ) الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الشَّرْطُ عَلَيْهِ كَالْمِثَالِ الْآتِي أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ لَا يَلْحَقُ بِالْإِجْمَاعِ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ، فَأَنْتِ طَالِقٌ فَسَكَتَ سَكْتَةً ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الدَّارَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَوْ لَحِقَتْ بِالْيَمِينِ لَا تَطْلُقُ بِدُخُولِ الْأُولَى وَحْدَهَا، وَلَا يَمْلِكُ تَغَيُّرَ الْيَمِينِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ لَا يَصِحُّ فِي قَوْلِهِمْ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ لَا يَلْحَقُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ السُّكُوتِ) مُتَعَلِّقٌ بِلِحَاقِ (قَوْلُهُ فَلَا حِنْثَ فِي إنْ كَانَ كَذَلِكَ إلَخْ) مِثَالُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِجَارِهِ: إنَّ امْرَأَتِي كَانَتْ عِنْدَك الْبَارِحَةَ فَقَالَ الْجَارُ إنْ كَانَتْ امْرَأَتُك عِنْدِي الْبَارِحَةَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَسَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ وَلَا غَيْرُهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْحَالِفِ امْرَأَةٌ أُخْرَى.
[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا]
(قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا) كَالْمَشْيِ وَاللُّبْسِ وَالْجُلُوسِ ط (قَوْلُهُ الْأَصْلُ فِيهِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَصْلًا أَظْهَرَ مِنْ هَذَا وَهُوَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ تَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَى الْمُبَاشِرِ، وَيَسْتَغْنِي الْوَكِيلُ فِيهِ عَنْ نِسْبَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ لِوُجُودِهِ مِنْ الْمَأْمُورِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا، فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ لِذَلِكَ، وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ، وَالْمُقَاسَمَةِ وَكَذَا الْفِعْلُ الَّذِي يُسْتَنَابُ فِيهِ وَيُحْتَاجُ لِلْوَكِيلِ إلَى نِسْبَتِهِ لِلْمُوَكِّلِ كَالْمُخَاصَمَةِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَقُولُ أَدَّعِي لِمُوَكِّلِي، وَكَذَا الْفِعْلُ الَّذِي يَقْتَصِرُ أَصْلُ الْفَائِدَةِ فِيهِ عَلَى مَحَلِّهِ كَضَرْبِ الْوَلَدِ فَلَا يَحْنَثُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَكُلُّ عَقْدٍ لَا تَرْجِعُ حُقُوقُهُ إلَى الْمُبَاشِرِ بَلْ هُوَ سَفِيرٌ وَنَاقِلٌ
وَكُلُّ مَا تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْآمِرِ كَنِكَاحٍ وَصَدَقَةٍ وَمَا لَا حُقُوقَ لَهُ كَإِعَارَةٍ وَإِبْرَاءٍ يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ (يَحْنَثُ بِالْمُبَاشَرَةِ) بِنَفْسِهِ (لَا بِالْأَمْرِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ فِي الْبَيْعِ) وَمِنْهُ الْهِبَةُ بِعِوَضٍ ظَهِيرِيَّةٌ (وَالشِّرَاءُ) وَمِنْهُ السَّلَمُ وَالْإِقَالَةُ قِيلَ وَالتَّعَاطِي
ــ
[رد المحتار]
عِبَارَةُ يَحْنَثُ فِيهِ بِمُبَاشَرَةِ الْمَأْمُورِ كَمَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ بِنَفْسِهِ كَالتَّزَوُّجِ وَالْعِتْقِ بِمَالٍ أَوْ بِدُونِهِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْإِيدَاعِ وَالِاسْتِيدَاعِ وَالْإِعَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ تَرْجِعُ مَصْلَحَتُهُ إلَى الْآمِرِ كَضَرْبِ الْعَبْدِ وَالذَّبْحِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَقَبْضِهِ وَالْكِسْوَةِ وَالْحَمْلِ عَلَى دَابَّتِهِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ وَبِنَاءِ الدَّارِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ تَتَعَلَّقُ حُقُوقُهُ بِالْمُبَاشِرِ) خَرَجَ عَنْهُ الْمُخَاصَمَةُ وَضَرْبُ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حُقُوقٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمُبَاشِرِ فَالْمُنَاسِبُ تَعْبِيرُ الْفَتْحِ الْمَارُّ (قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ وَصَدَقَةٍ) أَمَّا النِّكَاحُ فَكَوْنُ حُقُوقِهِ تَتَعَلَّقُ بِالْأَمْرِ ظَاهِرٌ، وَلِذَا يَنْسُبُهُ الْمُبَاشِرُ إلَى آمِرِهِ، فَيُطَالِبُ الْآمِرُ بِحُقُوقِهِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَقَسْمٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي فِيهَا ذَلِكَ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْحُقُوقِ فِيهِمَا صِحَّةُ الرُّجُوعِ لِلْآمِرِ فِي الْهِبَةِ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ فِي الصَّدَقَةِ نَعَمْ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِمَا إلَى الْمُوَكِّلِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْمَذْكُورَاتِ فِي قَوْلِ الْفَتْحِ الْمَارِّ وَكُلُّ عَقْدٍ لَا تَرْجِعُ إلَى الْمُبَاشِرِ إلَخْ وَنَذْكُرُ قَرِيبًا الْكَلَامَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَمَا لَا حُقُوقَ لَهُ) يَشْمَلُ نَحْوَ الْمُخَاصَمَةِ وَضَرْبَ الْوَلَدِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا بِفِعْلِ وَكِيلِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَالْأَوْلَى إبْدَالُ وَكِيلِهِ بِمَأْمُورِهِ لِمَا سَيَأْتِي، وَلِلتَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فَإِنَّ ذَلِكَ صِفَةُ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ يُعَبِّرُ عَنْ الْمُرْسِلِ لَكِنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ وَكِيلٌ لِمَا فِي الْمُغْرِبِ السَّفِيرُ الرَّسُولُ الْمُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: الْوَكِيلُ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ مُعَاوَضَةً: كَالنِّكَاحِ، وَالْخُلْعِ، وَالْعِتْقِ وَنَحْوِهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ وَلَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ. اهـ. (قَوْلُهُ يَحْنَثُ بِالْمُبَاشَرَةِ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْمُبَاشِرُ أَصِيلًا أَوْ وَكِيلًا إذَا حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَخْ أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا بِالْأَمْرِ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِأَمْرِهِ لِغَيْرِهِ بِأَنْ يُبَاشِرَ عَنْهُ يَعْنِي وَقَدْ بَاشَرَ الْمَأْمُورُ (قَوْلُهُ مِمَّنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ) أَيْ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الْهِبَةُ بِعِوَضٍ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَوَهَبَ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ دَارِهِ فَأَعْطَاهَا صَدَاقًا لِامْرَأَتِهِ إنْ أَعْطَاهَا عِوَضًا عَنْ دَرَاهِمِ الْمَهْرِ حَنِثَ لَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا. اهـ. نَهْرٌ فَإِذَا دَخَلَ ذَلِكَ تَحْتَ اسْمِ الْبَيْعِ لَزِمَ مِنْهُ إعْطَاءُ حُكْمِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ مَأْمُورِهِ وَيَكُونُ الْقَابِلُ لَهُ مُشْتَرِيًا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا أَشْتَرِي حَتَّى يَحْنَثَ أَيْضًا بِالْمُبَاشَرَةِ لَا بِالْأَمْرِ كَمَا أَفَادَهُ ح فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ السَّلَمُ) فَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ مِنْ فُلَانٍ فَأَسْلَمَ إلَيْهِ فِي ثَوْبٍ حَنِثَ لِأَنَّهُ اشْتَرَى مُؤَجَّلًا بَحْرٌ عَنْ الْوَاقِعَاتِ.
قَالَ ح: وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ مُشْتَرِيًا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَائِعًا. اهـ. فَلَا يَحْنَثَانِ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ ط (قَوْلُهُ وَالْإِقَالَةُ) أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي مَا بَاعَهُ، ثُمَّ أَقَالَ الْمُشْتَرِي حَنِثَ كَمَا عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ لِلْقُنْيَةِ وَفِيهِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ كَانَتْ بِخِلَافِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا حَنِثَ قِيلَ: هَذَا قَوْلُهُمَا أَمَّا عِنْدَهُ فَلَا لِكَوْنِهِ إقَالَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِعَيْنِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ الْكُلِّ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بِلَفْظِ مُفَاسَخَةٍ أَوْ مُتَارَكَةٍ أَوْ تَرَادٍّ وَإِلَّا لَمْ تُجْعَلْ بَيْعًا وَلَا بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَبَيْعٌ إجْمَاعًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَهَلْ يُقَالُ لَوْ الْحَلِفُ بِعِتْقِ أَوْ طَلَاقٍ تُجْعَلُ بَيْعًا فِي حَقِّ ثَالِثٍ، وَهُوَ هُنَا الْعَبْدُ أَوْ الْمَرْأَةُ فَيَحْنَثُ بِهَا لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَيَنْبَغِي الْحِنْثُ تَأَمَّلَ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ وُجِدَ عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَالتَّعَاطِي) يُفِيدُ ضَعْفَهُ وَنَقَلَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ تَأْيِيدَ عَدَمِ الْحِنْثِ فِي الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشِّرَاءَ مِثْلُهُ فَيُفِيدُ تَرْجِيحَ عَدَمِ
شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (وَالْإِجَارَةِ وَالِاسْتِئْجَارِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يُؤَجِّرُ وَلَهُ مُسْتَغَلَّاتٌ آجَرَتْهَا امْرَأَتُهُ وَأَعْطَتْهُ الْأُجْرَةَ لَمْ يَحْنَثْ كَتَرْكِهَا فِي أَيْدِي السَّاكِنِينَ وَكَأَخَذِهِ أُجْرَةَ شَهْرٍ قَدْ سَكَنُوا فِيهِ بِخِلَافِ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ ذَخِيرَةٌ (وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ) وَقَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ (مَعَ الْإِقْرَارِ) لِأَنَّهُ مَعَ الْإِنْكَارِ سَفِيرٌ وَالْقِسْمَةِ (وَالْخُصُومَةِ وَضَرْبِ الْوَلَدِ) أَيْ الْكَبِيرِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يَمْلِكُ ضَرْبَهُ فَيَمْلِكُ التَّفْوِيضَ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ كَالْقَاضِي
(وَإِنْ كَانَ) الْحَالِفُ (ذَا سُلْطَانٍ) كَقَاضِي وَشَرِيفٍ (لَا يُبَاشِرُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ) بِنَفْسِهِ حَنِثَ بِالْمُبَاشَرَةِ (وَبِالْأَمْرِ أَيْضًا) لِتَقَيُّدِ الْيَمِينِ بِالْعُرْفِ وَبِمَقْصُودِ الْحَالِفِ (وَإِنْ كَانَ يُبَاشِرُ مَرَّةً وَيُفَوِّضُ أُخْرَى اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ) وَقِيلَ تُعْتَبَرُ السِّلْعَةُ، فَلَوْ مِمَّا يَشْتَرِيهَا بِنَفْسِهِ لِشَرَفِهَا لَا يَحْنَثُ بِوَكِيلِهِ وَإِلَّا
ــ
[رد المحتار]
الْحِنْثِ فِيهِ أَيْضًا لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعُرْفَ الْآنَ يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ آجَرَتْهَا امْرَأَتُهُ) أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ كَتَرْكِهَا فِي أَيْدِي السَّاكِنِينَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهِ لَهُمْ اُقْعُدُوا فِيهَا وَإِلَّا حَنِثَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّرْكِ لَا يَكُونُ إجَارَةً وَأَمَّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي (قَوْلُهُ قَدْ سَكَنُوا فِيهِ) أَيْ بَعْدَ الْحَلِفِ أَوْ قَبْلَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شَهْرٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ) أَيْ بِخِلَافِ شَهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَمْ يَسْكُنُوا فِيهِ فَإِذَا تَقَاضَاهُمْ بِأُجْرَتِهِ حَنِثَ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهَذَا لَيْسَ إلَّا الْإِجَارَةَ بِالتَّعَاطِي، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ فِيمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إقْرَارٍ بَيْعٌ، أَمَّا عَنْ إنْكَارٍ أَوْ عَنْ سُكُوتٍ فَهُوَ فِي حَقِّهِ إفْدَاءُ يَمِينٍ، فَيَكُونُ الْوَكِيلُ مِنْ جَانِبِهِ سَفِيرًا مَحْضًا فَيَحْنَثُ بِمُبَاشَرَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ عَلَى عَدَمِ الصُّلْحِ هُوَ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ مُطْلَقًا أَفَادَهُ ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالْقِسْمَةُ) بِأَنْ حَلَفَ لَا يُقَاسِمُ مَعَ شَرِيكِهِ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ وَالْخُصُومَةُ) أَيْ جَوَابُ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَ إقْرَارًا أَوْ إنْكَارًا ح عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَقِيلَ: إنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ كَفِعْلِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لِأَنَّ الْوَلَدَ أَعَمُّ وَلَمْ يُخَصَّصْ بِالْكَبِيرِ فِي الرِّوَايَاتِ وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ فِي الْعُرْفِ يُقَالُ فُلَانٌ ضَرَبَ وَلَدَهُ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ، وَيَقُولُ الْعَامِّيُّ لِوَلَدِهِ غَدًا أَسْقِيك عَلَقَةً ثُمَّ يَذْكُرُ لِمُؤَدِّبِ الْوَلَدِ أَنْ يَضْرِبَهُ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَنْعَقِدَ عَلَى مَعْنَى لَا يَقَعُ بِهِ ضَرْبٌ مِنْ جِهَتِي، وَيَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ كَالْقَاضِي) أَيْ إذَا وَكَّلَ بِضَرْبِ مَنْ يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهُ صَحَّ أَمْرُهُ بِهِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِهِ، وَمِثْلُهُ السُّلْطَانُ وَالْمُحْتَسِبُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى ح
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِالْأَمْرِ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ مَقْصُودَهُ مِنْ الْفِعْلِ لَيْسَ إلَّا الْأَمْرَ بِهِ فَيُوجَدُ سَبَبُ الْحِنْثِ بِوُجُودِ الْأَمْرِ بِهِ لِلْعَادَةِ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ رُبَّمَا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ عَقْدَ بَعْضِ الْمَبِيعَاتِ، ثُمَّ لَوْ فَعَلَ الْآمِرُ بِنَفْسِهِ يَحْنَثُ أَيْضًا لِانْعِقَادِهِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَأْمُورِهِ اهـ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ قَالَ: وَكُلُّ فِعْلٍ لَا يَعْتَادُهُ الْحَالِفُ كَائِنًا مَنْ كَانَ كَحَلِفِهِ لَا يَبْنِي وَلَا يُطَيِّنُ انْعَقَدَ كَذَلِكَ اهـ وَاسْتَثْنَى فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا مَا إذَا نَوَى الْحَالِفُ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِبَيْعِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ نَوَى السُّلْطَانُ وَنَحْوُهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ دُيِّنَ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ: أَيْ فَلَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ مَأْمُورِهِ (قَوْلُهُ لِتَقَيُّدِ الْيَمِينِ بِالْعُرْفِ) فَإِنَّ الْعُرْفَ انْعِقَادُ يَمِينِهِ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ مَأْمُورِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَبِمَقْصُودِ الْحَالِفِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِإِغْنَاءِ مَا قَبْلَهُ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ الظَّاهِرَ لَا مُطْلَقًا وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ إذَا قَصَدَ الْأَعَمَّ أَمَّا لَوْ قَصَدَ فِعْلَ نَفْسِهِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْحَالِفُ، وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَلَوْ كَانَ رَجُلًا يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ إلَخْ وَمُفَادُهُ: أَنَّ الضَّمِيرَ لَيْسَ عَائِدًا لِلسُّلْطَانِ وَهُوَ مُفَادُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ) هَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ مِنَحٌ.
حَنِثَ. (وَيَحْنَثُ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ مَأْمُورِهِ) لَمْ يَقُلْ وَكِيلِهِ لِأَنَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الِاسْتِقْرَاضُ وَالتَّوْكِيلُ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ (فِي النِّكَاحِ) لَا الْإِنْكَاحِ (وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ) الْوَاقِعَيْنِ بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا قَبْلَهُ كَتَعْلِيقٍ بِدُخُولِ دَارٍ زَيْلَعِيٌّ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَمُقَابِلُهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلِذَا عَبَّرَ عَنْهُ بِقِيلَ (قَوْلُهُ وَيَحْنَثُ بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ مَأْمُورِهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مُقَابِلُ قَوْلِهِ بِالْمُبَاشَرَةِ لَا بِالْأَمْرِ، ثُمَّ هَذَا النَّوْعُ مِنْهُ مَا هُوَ فِعْلٌ حُكْمِيٌّ شَرْعِيٌّ كَالطَّلَاقِ، وَمِنْهُ مَا هُوَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ كَالضَّرْبِ، فَلَوْ نَوَى أَنْ لَا يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ فَفِي الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً لِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ إلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا حَقِيقَةً، فَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْهَا فَقَدْ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَفِي غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إلَّا دِيَانَةً لِأَنَّهُ كَمَا يُوجَدُ بِمُبَاشَرَتِهِ يُوجَدُ بِأَمْرِهِ، فَإِذَا نَوَى الْمُبَاشَرَةَ فَقَطْ فَقَدْ نَوَى تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ كَافِي النَّسَفِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَقُلْ وَكِيلُهُ) حَاصِلُهُ: أَنَّهُ عَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَفِعْلِ وَكِيلِهِ لِأَنَّهُ اعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ، لَكِنْ أَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الْوَكِيلَ لِتُعْلَمَ الرِّسَالَةُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى. اهـ.
وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ مِنْ تَسْمِيَةِ الرَّسُولِ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَكِيلًا كَمَا إذَا قَالَ الْمُسْتَقْرِضُ: وَكَّلْتُك أَنْ تَسْتَقْرِضَ لِي مِنْ فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا، وَقَالَ الْوَكِيلُ لِلْمُقْرِضِ: إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك كَذَا، وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي مَبْلَغَ كَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ، حَتَّى إنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ إلَّا لِلْوَكِيلِ كَمَا فِي وَكَالَةِ الذَّخِيرَةِ اهـ قَالَ ط: وَوَجَّهَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْوَكَالَةِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ، وَالْأَمْرُ بِالْقَبْضِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ، وَتَصِحُّ الرِّسَالَةُ فِي الِاسْتِقْرَاضِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ مُعَبِّرٌ وَالْعِبَارَةُ مِلْكُ الْمُرْسِلِ فَقَدْ أَمَرَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ، وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ وَبِقَبْضِ الْقَرْضِ كَأَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ أَقْرِضْنِي ثُمَّ يُوَكِّلَ رَجُلًا بِقَبْضِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اهـ.
قُلْت: وَحَاصِلُهُ: أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْقَرْضِ أَوْ بِقَبْضِهِ صَحِيحٌ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ لِيَقَعَ الْمِلْكُ لِلْآمِرِ وَإِلَّا وَقَعَ لِلْمَأْمُورِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالِاسْتِقْرَاضِ، بَلْ النِّكَاحُ مِثْلُهُ وَكَذَا الِاسْتِعَارَةُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ.
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ
(قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَعَقَدَهُ بِنَفْسِهِ، أَوْ وَكَّلَ فَعَقَدَ الْوَكِيلُ حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ امْرَأَةً فَلَوْ حَلَفَتْ، وَأُجْبِرَتْ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ، يَنْبَغِي أَنْ لَا تَحْنَثَ كَمَا لَوْ جُنَّ فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ كَارِهًا، وَلَوْ صَارَ مَعْتُوهًا فَزَوَّجَهُ أَبُوهُ لَا يَحْنَثُ كَذَا لَوْ كَانَ التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْيَمِينِ نَهْرٌ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ.
قُلْت: وَسَيَأْتِي مَتْنًا آخِرَ الْبَابِ الْآتِي مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ أَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ ثُمَّ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ اهـ
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ
(قَوْلُهُ لَا الْإِنْكَاحِ) أَيْ التَّزْوِيجِ، فَلَا يَحْنَثُ بِهِ إلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ وَهَذَا فِي الْوَلَدِ الْكَبِيرِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ لِمَا فِي الْمُخْتَارِ وَشَرْحِهِ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ وَالْإِجَازَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُضَافٌ إلَيْهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إرَادَتِهِ لِمِلْكِهِ وَوِلَايَتِهِ وَكَذَا فِي ابْنِهِ وَبِنْتِهِ الصَّغِيرَيْنِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا وَفِي الْكَبِيرَيْنِ، لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمَا فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ عَنْهُمَا فَيَتَعَلَّقُ بِحَقِيقَةِ الْفِعْلِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ فَقَوْلُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ: لَا يَحْنَثُ فِي الْكُلِّ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ كَتَعْلِيقٍ) يَصْلُحُ مِثَالًا لِلْقَبْلِ وَالْبَعْدِ وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا وَقَعَا بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَا بِكَلَامٍ وُجِدَ قَبْلَ الْيَمِينِ " يَحْنَثُ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ فَدَخَلَتْ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ كَانَ قَبْلَ الْيَمِينِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ، ثُمَّ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالشَّرْطِ، ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ حَنِثَ وَلَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ
(وَالْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) أَوْ إنْكَارٍ كَمَا مَرَّ (وَالْهِبَةِ) وَلَوْ فَاسِدَةً أَوْ بِعِوَضٍ (وَالصَّدَقَةِ وَالْقَرْضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ (وَضَرْبِ الْعَبْدِ) .
قِيلَ وَالزَّوْجَةِ (وَالْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ) وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ ذَلِكَ خَانِيَّةٌ
ــ
[رد المحتار]
عَلَيْهَا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، فَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ قَبْلَ الدَّيْنِ لَا يَحْنَثُ وَإِلَّا حَنِثَ وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالْخُلْعِ) هُوَ الطَّلَاقُ وَقَدْ مَرَّ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالْكِتَابَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْمُجْتَبَى عَنْ النَّظْمِ أَنَّهَا كَالْبَيْعِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) لِأَنَّهُ كَالنِّكَاحِ فِي كَوْنِهِ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِغَيْرِهِ، وَفِي حُكْمِهِ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ قُهُسْتَانِيُّ. وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ وَاحْتَرَزَ عَنْ الصُّلْحِ عَنْ دَمٍ غَيْرِ عَمْدٍ لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَنْ مَالٍ فَلَا يَحْنَثُ فِيهِ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ أَمَّا عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى عَفْوٌ عَنْ الْقِصَاصِ بِالْمَالِ، وَلَا تُجْزِي النِّيَابَةُ فِي الْعَفْوِ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ الْمَالِ حَمَوِيٌّ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ إنْكَارٍ) لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْهُ فِدَاءٌ بِالْيَمِينِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَكِيلُهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ وَمِثْلُهُ السُّكُوتُ وَأَمَّا الْمُدَّعِي لَا يَحْنَثُ بِالتَّوْكِيلِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَشَمِلَ الْإِنْكَارُ إنْكَارَ الْمَالِ وَإِنْكَارَ الدَّمِ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْهِبَةِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَيَّنًا أَوْ شَخْصًا بِعَيْنِهِ فَوَكَّلَ مَنْ وَهَبَ حَنِثَ صَحِيحَةً كَانَتْ الْهِبَةُ أَوْ لَا قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ لَا قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْ نَفْسَهُ إلَّا بِمَا يَمْلِكُهُ، وَلَا يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْمُحِيطِ: حَلَفَ لَا يَهَبُ عَبْدَهُ هَذَا لِفُلَانٍ ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ عَلَى عِوَضٍ حَنِثَ لِأَنَّهُ هِبَةٌ صِيغَةً وَلَفْظًا. اهـ. نَهْرٌ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إنْ وَهَبَ لِي فُلَانٌ عَبْدَهُ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَوَهَبَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْحَالِفُ حَنِثَ الْحَالِفُ (قَوْلُهُ أَوْ بِعِوَضٍ) يَعْنِي إذَا وَهَبَ بِنَفْسِهِ لَا بِوَكِيلِهِ أَيْضًا لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَسَبَبُ وَهْمِ الشَّارِحِ قَوْلُ الْبَحْرِ فَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ يَمِينِ لَا يَهَبُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا هِبَةٌ ابْتِدَاءً، فَيَحْنَثُ وَدَاخِلَةٌ تَحْتَ يَمِينِ لَا يَبِيعُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا بَيْعٌ انْتِهَاءً فَيَحْنَثُ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِيمَا إذَا فَعَلَ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ قَوْلُهُ يَحْنَثُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَفَادَهُ ح أَيْ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ وَالصَّدَقَةِ) هِيَ كَالْهِبَةِ فِيمَا مَرَّ قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي حَلِفِهِ أَنْ لَا يَقْبَلَ صَدَقَةً فَوَكَّلَ بِقَبْضِهَا بَقِيَ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ فَوَهَبَ لِفَقِيرٍ أَوْ لَا يَهَبُ فَتَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ يَنْبَغِي الْحِنْثُ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي لَا فِي الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ اسْتِحْسَانًا إذْ قَدْ يَقْصِدُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الْغَنِيِّ الثَّوَابَ وَيُحْتَمَلُ الْعَكْسُ فِيهِمَا اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ اهـ مُلَخَّصًا وَأَيَّدَ ابْنُ الشِّحْنَةِ الِاحْتِمَالَ الْأَخِيرَ بِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَا يَحْنَثُ بِالصَّدَقَةِ فِي يَمِينِ الْهِبَةِ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ نَصًّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ الْهِبَةُ لِغَنِيٍّ تَأَمَّلْ هَذَا وَنُقِلَ فِي النَّهْرِ كَلَامُ ابْنِ وَهْبَانَ بِاخْتِصَارٍ مُخِلٍّ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِقْرَاضِ) أَيْ إنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ) رَاجِعٌ لِلْهِبَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَمَا فِي النَّهْرِ ح وَكَذَا الْعَطِيَّةُ وَالْعَارِيَّةَ نَهْرٌ.
قُلْت: لَكِنْ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة بِأَنَّ الْقَبُولَ شَرْطُ الْحِنْثِ فِي الْقَرْضِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ الثَّانِي وَفِي أُخْرَى لَا وَالرَّهْنُ بِلَا قَبُولٍ لَيْسَ بِرَهْنٍ، وَلَوْ اسْتَقْرَضَ فَلَمْ يُقْرِضْهُ حَنِثَ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُلْزِمْ نَفْسَهُ إلَّا بِمَا يَمْلِكُ تَرْجِيحُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي الِاسْتِقْرَاضِ الْخِلَافُ فِي الْقَبُولِ كَالْقَرْضِ. اهـ.
قُلْت: يُمْكِنُ دَفْعُ هَذَا الْقِيَاسِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا فِيهِ بَدَلٌ مَالِيٌّ، وَمَا لَيْسَ فِيهِ وَأَمَّا الِاسْتِقْرَاضُ فَهُوَ طَلَبُ الْقَرْضِ فَيَتَحَقَّقُ بِدُونِ إقْرَاضٍ تَأَمَّلْ. وَسَيَأْتِي تَمَامُ هَذَا الْبَحْثِ فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: حَلَفَ لَيَهَبَنَّ فُلَانًا فَوَهَبَهُ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ بَرَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ وَضَرْبِ الْعَبْدِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَهُوَ الِائْتِمَارُ بِأَمْرِهِ رَاجِعٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ ضَرْبِ الْوَلَدِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ وَهُوَ التَّأَدُّبُ رَاجِعٌ إلَى الْوَلَدِ نَهْرٌ أَيْ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَكَالْعَبْدِ كَمَا مَرَّ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْعُرْفَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ قِيلَ وَالزَّوْجَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالزَّوْجَةُ قِيلَ نَظِيرُ الْعَبْدِ وَقِيلَ نَظِيرُ الْوَلَدِ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الثَّانِي لِمَا مَرَّ فِي الْوَلَدِ وَرَجَّحَ ابْنُ وَهْبَانَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ النَّفْعَ عَائِدٌ إلَيْهِ بِطَاعَتِهَا لَهُ وَقِيلَ إنْ حَنِثَ فَنَظِيرُ الْعَبْدِ وَإِلَّا فَنَظِيرُ الْوَلَدِ قَالَ بَدِيعُ الدِّينِ وَلَوْ فَصَّلَ هَذَا فِي الْوَلَدِ لَكَانَ حَسَنًا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ ذَلِكَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ: حَلَفَ لَيَخِيطَنَّ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لَيَبْنِيَنَّ هَذَا
(وَالذَّبْحِ وَالْإِيدَاعِ وَالِاسْتِيدَاعِ، وَ) كَذَا (الْإِعَارَةُ وَالِاسْتِعَارَةُ) إنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلُ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ تَتَارْخَانِيَّةٌ (وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ، وَالْكِسْوَةُ) وَلَيْسَ، مِنْهَا التَّكْفِينُ إلَّا إذَا أَرَادَ السَّتْرَ دُونَ التَّمْلِيكِ سِرَاجِيَّةٌ (وَالْحَمْلُ)
ــ
[رد المحتار]
الْحَائِطَ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ حَنِثَ الْحَالِفُ سَوَاءٌ كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ أَوْ لَا. اهـ.
قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ يَحْنَثُ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْتَتِنُ أَوْ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ أَوْ لَا يَقْلَعُ ضِرْسَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا يَلِيهَا الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ عَادَةً أَوْ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ تَنْعَقِدُ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورِ لَا عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ مَهْجُورَةٌ عَادَةً، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّوَازِلِ: لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَكُونِي غَسَلْت هَذِهِ الْقَصْعَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَغَسَلَهَا خَادِمُهَا بِأَمْرِهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا أَنَّهَا تَغْسِلُ بِنَفْسِهَا لَا غَيْرُ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَغْسِلُ إلَّا بِخَادِمِهَا وَعَرَفَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَا يَقَعُ، وَإِنْ كَانَتْ تَغْسِلُ بِنَفْسِهَا وَبِخَادِمِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ إلَّا إذَا نَوَى الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالذَّبْحِ إلَخْ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَذْبَحُ فِي مِلْكِهِ شَاةً أَوْ لَا يُودِعُ شَيْئًا يَحْنَثُ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ إلَيْهِ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُعِيرُ، وَلَوْ عَيَّنَ شَخْصًا فَأَرْسَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ شَخْصًا فَاسْتَعَارَ حَنِثَ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَيَحْتَاجُ إلَى الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ فَكَانَ كَالْوَكِيلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ خَانِيَّةٌ وَفِي جَمْعِ التَّفَارِيقِ أَنَّ الْحِنْثَ قَوْلُ زُفَرَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي النَّهْرِ.
مَطْلَبٌ فِي الْعُقُودِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهَا إلَى الْمُوَكِّلِ
(قَوْلُهُ إنْ أَخْرَجَ الْوَكِيلُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَالِاسْتِعَارَةُ كَمَا هُوَ فِي عِبَارَةِ التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ: وَهَذَا إذَا أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ إنَّ فُلَانًا يَسْتَعِيرُ مِنْك كَذَا فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعِرْنِي كَذَا يَقَعُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ لَا لِلْآمِرِ فَلَا يَحْنَثُ الْآمِرُ بِذَلِكَ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ فَائِدَةَ التَّقْيِيدِ هِيَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْرِ هُنَا الرِّسَالَةُ لَا الْوَكَالَةُ كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِقْرَاضِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ كَالضَّرْبِ وَالْبِنَاءِ فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِسْنَادِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِالِاسْتِعَارَةِ، بَلْ الْوَكِيلُ فِي النِّكَاحِ وَمَا بَعْدَهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَةِ هَذِهِ الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ لِمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّ الْعُقُودَ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهَا إلَى الْمُوَكِّلِ: النِّكَاحُ، وَالْخُلْعُ، وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَإِنْكَارٍ، وَالْعِتْقُ عَلَى مَالٍ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْهِبَةُ، وَالتَّصَدُّقُ وَالْإِعَارَةُ، وَالْإِيدَاعُ، وَالرَّهْنُ، وَالْإِقْرَاضُ، وَالشَّرِكَةُ، وَالْمُضَارَبَةُ اهـ.
قُلْت: الْمُرَادُ مِنْ الْإِضَافَةِ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ التَّصْرِيحُ بِاسْمِ الْآمِرِ، لَكِنَّ بَعْضَهَا يَصِحُّ مَعَ إسْنَادِ الْفِعْلِ إلَى الْوَكِيلِ كَقَوْلِهِ: صَالَحْتُك عَنْ دَعْوَاك عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَمَّا لَك عَلَيْهِ مِنْ الدَّمِ، وَزَوَّجْتُك فُلَانَةَ، وَأَعْتَقْت عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ كَاتَبْته، وَبَعْضُهَا لَا يَصِحُّ فِيهَا إسْنَادُ الْفِعْلِ إلَى الْوَكِيلِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ الْكَلَامِ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ كَقَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا يَطْلُبُ مِنْك أَنْ تَهَبَهُ كَذَا أَوْ تَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ تُودِعَ عِنْدَهُ، أَوْ تُعِيرَهُ أَوْ تُقْرِضَهُ أَوْ تَرْهَنَ عِنْدَهُ، أَوْ تُشَارِكَهُ أَوْ تُضَارِبَهُ بِمَالِ كَذَا. أَمَّا لَوْ أَسْنَدَهُ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ هَبْنِي أَوْ تَصَدَّقْ عَلَيَّ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ، وَكَذَا قَوْلُهُ زَوِّجْنِي بِخِلَافِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: بِعْت وَاشْتَرَيْت وَأَجَّرْت بِإِسْنَادِ الْفِعْلِ إلَى نَفْسِهِ بِدُونِ ذِكْرِ اسْمِ الْآمِرِ أَصْلًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقَضَاءُ الدَّيْنِ وَقَبْضُهُ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْبِضُ الدَّيْنَ مِنْ غَرِيمِهِ الْيَوْمَ يَحْنَثُ بِقَبْضِ وَكِيلِهِ فَلَوْ كَانَ وَكَّلَ قَبْلُ فَقَبَضَ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ، وَقَالَ قَاضِي خَانَ: وَيَنْبَغِي الْحِنْثُ كَمَا فِي النِّكَاحِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالْكِسْوَةِ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَكْسُو مُطْلَقًا أَوْ كِسْوَةً بِعَيْنِهَا أَوْ مُعَيَّنًا حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهَا التَّكْفِينُ) وَكَذَا الْإِعَارَةُ فَلَوْ كَفَّنَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَعَارَهُ ثَوْبًا لَا يَحْنَثُ شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْحَمْلُ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَحْمِلُ لِزَيْدٍ مَتَاعًا حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْإِجَارَةِ لِمَا مَرَّ قَالَ
وَذَكَرَ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَفِي النَّهْرِ عَنْ شَارِحِ الْوَهْبَانِيَّةِ نَظْمِ وَالِدِي مَا لَا حِنْثَ فِيهِ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ مُشِيرًا إلَى حِنْثِهِ فِيمَا بَقِيَ فَقَالَ:
بِفِعْلِ وَكِيلٍ لَيْسَ يَحْنَثُ حَالِفٌ
…
بِبَيْعٍ شِرَاءٍ صُلْحِ مَالٍ خُصُومَةٍ
إجَارَةُ اسْتِئْجَارِ الضَّرْبِ لِابْنِهِ
…
كَذَا قِسْمَةٌ وَالْحِنْثَ فِي غَيْرِهَا اثْبِتْ
(وَلَامُ دَخَلَ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ اقْتَضَى الْآتِيَ (عَلَى فِعْلٍ) أَرَادَ بِدُخُولِهَا عَلَيْهِ قُرْبَهَا مِنْهُ ابْنُ كَمَالٍ (تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ) لِلْغَيْرِ (كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ وَصِبَاغَةٍ وَبِنَاءٍ اقْتَضَى) أَيْ اللَّامُ (أَمْرَهُ) أَيْ تَوْكِيلَهُ (لِيَخُصَّهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَحْلُوفِ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ النَّاظِمُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِخْدَامِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ دَائِرَةٌ عَلَيْهِ وَالْمَدَارُ عَلَيْهَا شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ) صَوَابُهُ فِي النَّهْرِ فَإِنَّهُ قَالَ تَكْمِيلٌ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْهَدْمُ وَالْقَطْعُ وَالْقَتْلُ وَالشَّرِكَةُ كَمَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَضَرْبُ الزَّوْجَاتِ وَالْوَلَدِ الصَّغِيرِ فِي رَأْيِ قَاضِي خَانَ، وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ وَالْإِذْنُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالنَّفَقَةُ كَمَا فِي الْإِسْبِيجَابِيِّ، وَالْوَقْفُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْحَبْسُ وَالتَّعْزِيرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْحَجَّ كَذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَمِنْهُ الْوَصِيَّةُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُ الْحَوَالَةُ وَالْكَفَالَةُ فَلَا يُحِيلُ فُلَانًا فَوَكَّلَ مَنْ يُحِيلُهُ أَوْ لَا يَقْبَلُ حَوَالَتَهُ أَوْ لَا يَكْفُلُ عَنْهُ فَوَكَّلَ بِقَبُولِ ذَلِكَ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ وَعَدَّ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ التَّوْلِيَةَ فَلَوْ حَلَفَ لَا يُوَلِّي شَخْصًا فَفَوَّضَ إلَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَنِثَ وَهِيَ حَادِثَةٌ الْفَتْوَى. اهـ.
قُلْت: وَبِهَذَا تَمَّتْ الْمَسَائِلُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَنْحَصِرُ لِأَنَّ مِنْهَا الْأَفْعَالَ الْحِسِّيَّةَ وَهِيَ لَا تَخْتَصُّ بِمَا مَرَّ بَلْ مِنْهَا الطَّبْخُ وَالْكَنْسُ وَحَلْقُ الرَّأْسِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَإِذَا عَدَّ مِنْهَا الِاسْتِخْدَامَ دَخَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الصُّوَرُ وَكَثِيرٌ مِنْ الصُّوَرِ الْمَارَّةِ أَيْضًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مُشِيرًا إلَى حِنْثِهِ فِيمَا بَقِيَ) الْإِشَارَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ وَإِلَّا فَالْحِنْثُ صَرِيحٌ فِي كَلَامِهِ. وَقَدْ يُقَالُ سَمَّاهُ إشَارَةً لِأَنَّهُ سَاقَ الْكَلَامَ لِمَا لَا يَحْنَثُ بِهِ فَيَكُونُ عِبَارَةً وَغَيْرُهُ إشَارَةً كَمَا فِي عِبَارَةِ النَّصِّ وَإِشَارَةِ النَّصِّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَالْحِنْثَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ اثْبِتْ بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ أَرَادَ بِدُخُولِهَا عَلَيْهِ قُرْبَهَا مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ تَقَعَ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ كَإِنْ بِعْت لَك ثَوْبًا احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْ الْمَفْعُولِ كَإِنْ بِعْت ثَوْبًا لَك فَالْمُتَوَسِّطَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ لِقُرْبِهَا مِنْهُ لَا عَلَى أَنَّهَا صِلَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ مِثْلُ بِعْت زَيْدًا ثَوْبًا وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ اللَّامُ صِلَةً لَهُ كَانَ مَدْخُولُهَا مَفْعُولًا فِي الْمَعْنَى فَيَكُونُ شَارِيًا، وَلَيْسَ الْمَعْنَى عَلَيْهِ بَلْ الشَّارِي غَيْرُهُ وَالْبَيْعُ وَقَعَ لِأَجْلِهِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ عَلَى أَنَّهَا عِلَّةٌ لَهُ مِثْلُ: قُمْت لِزَيْدٍ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَامٌ تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ كَمَا عَبَّرَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَغَيْرُهُ لَكَانَ أَوْلَى، لَكِنَّهُ عَدَلَ عَنْ ذَلِكَ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَعَلُّقُهَا بِهِ عَلَى أَنَّهَا صِلَةٌ لَهُ وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْمَفْعُولِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ أَيْضًا، مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأُولَى لِلتَّعْلِيلِ وَالثَّانِيَةَ لِلْمِلْكِ لِكَوْنِهَا صِفَةً لَهُ أَيْ إنْ بِعْت ثَوْبًا مَمْلُوكًا لَك، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ فِعْلٍ وَقَوْلُهُ لِلْغَيْرِ اللَّامُ فِيهِ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ عَنْ الْغَيْرِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11]- وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ فِعْلٍ لَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ دُخُولِ الْبَاءِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى الْعَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَصِيَاغَةٍ) بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَوْ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(قَوْلُهُ أَمْرَهُ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ اقْتَضَى وَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَهُوَ الضَّمِيرُ الْعَائِدُ إلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الْمُخَاطَبُ بِالْكَافِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ الْحَالِفُ، وَقَوْلُهُ لِيَخُصَّهُ بِهِ: أَيْ لِيَخُصَّ الْحَالِفَ الْغَيْرَ أَيْ الْمُخَاطَبَ بِهِ أَيْ بِالْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي الْمِنَحِ أَيْ لِتُفِيدَ اللَّامُ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ الْفِعْلِ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْغَيْرِ اهـ فَأُرْجِعَ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِلَّامِ وَالْبَارِزُ لِلْفِعْلِ وَالْمَجْرُورُ لِلْغَيْرِ، وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُوَ الْمُخَاطَبُ
عَلَيْهِ إذْ اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِأَمْرِهِ الْمُفِيدِ لِلتَّوْكِيلِ (فَلَمْ يَحْنَثْ فِي إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا إنْ بَاعَهُ بِلَا أَمْرٍ) لِانْتِفَاءِ التَّوْكِيلِ سَوَاءٌ (مَلَكَهُ) أَيْ الْمُخَاطَبُ ذَلِكَ الثَّوْبَ (أَوْ لَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ثَوْبًا لَك فَإِنَّهُ يَقْتَضِي كَوْنَهُ مِلْكًا لَهُ كَمَا سَيَجِيءُ.
(فَإِنْ دَخَلَ) اللَّامُ (عَلَى عَيْنٍ) أَيْ ذَاتٍ (أَوْ) عَلَى (فِعْلٍ لَا يَقَعُ) ذَلِكَ الْفِعْلُ (عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ (كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَدُخُولٍ وَضَرْبِ الْوَلَدِ) بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ (اقْتَضَى) دُخُولُ اللَّامِ (مِلْكَهُ) أَيْ مِلْكَ الْمُخَاطَبِ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَمَالُ الِاخْتِصَاصِ (فَحَنِثَ فِي إنْ بِعْت
ــ
[رد المحتار]
وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ لِاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِالشَّخْصِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إذْ اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ) وَجْهُ إفَادَتِهَا الِاخْتِصَاصَ هُوَ أَنَّهَا تُضِيفُ مُتَعَلِّقَهَا وَهُوَ الْفِعْلُ لِمَدْخُولِهَا وَهُوَ كَافُ الْمُخَاطَبِ فَتُفِيدُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ مُخْتَصٌّ بِالْفِعْلِ، وَكَوْنُهُ مُخْتَصًّا بِهِ يُفِيدُ أَنْ لَا يُسْتَفَادَ إطْلَاقُ فِعْلِهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِأَمْرِهِ، وَإِذَا بَاعَ بِأَمْرِهِ كَانَ بَيْعُهُ إيَّاهُ مِنْ أَجْلِهِ: وَهِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ، فَصَارَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ أَجْلِهِ فَإِذَا دَسَّ الْمُخَاطَبُ ثَوْبَهُ بِلَا عِلْمِهِ فَبَاعَهُ لَمْ يَكُنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْلِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْعِلْمِ بِأَمْرِهِ بِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجْرِي فِيهَا النِّيَابَةُ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِأَمْرِهِ) قَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَفْعَلَهُ لِنَفْسِهِ لِقَوْلِ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ ثَوْبًا لَا يَحْنَثُ.
وَفِي النَّهْرِ أَنَّ مُقْتَضَى التَّوْجِيهِ يَعْنِي بِكَوْنِهَا لِلِاخْتِصَاصِ حِنْثُهُ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِأَجْلِهِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ أَمْرَهُ بِبَيْعِ مَالِ غَيْرِهِ مُوجِبٌ لِحِنْثِهِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهِ لَهُ. اهـ.
[تَنْبِيهٌ]
ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَمْرَ غَيْرُ شَرْطٍ بَلْ يَكْفِي فِي حِنْثِهِ قَصْدُهُ الْبَيْعَ لِأَجْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ لَا.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ هُنَا يُخَالِفُهُ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْحُكْمُ اهـ.
قُلْت: يُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَدَفَعَ زَيْدٌ ثَوْبًا لِرَجُلٍ لِيَدْفَعَهُ لِلْحَالِفِ لِيَبِيعَهُ فَدَفَعَهُ وَقَالَ بِعْهُ لِي وَلَمْ يَعْلَمْ الْحَالِفُ أَنَّهُ ثَوْبُ زَيْدٍ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ اللَّامَ فِي بِعْت لِزَيْدٍ لِاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ بِزَيْدٍ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرِهِ الْحَالِفَ أَوْ بِعِلْمِ الْحَالِفِ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ الثَّوْبُ لِزَيْدٍ أَوْ لِغَيْرِهِ اهـ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَحْنَثْ فِي إنْ بِعْت لَك ثَوْبًا) التَّصْرِيحُ بِالْمَفْعُولِ بِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِقَوْلِ الْمُحِيطِ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِفُلَانٍ فَبَاعَ مَالَهُ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ حَنِثَ بَحْرٌ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَمَايُزَ الْأَقْسَامِ أَعْنِي تَارَةً تَدْخُلُ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى الْعَيْنِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالتَّصْرِيحِ بِالْمَفْعُولِ بِهِ فَلِذَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ نَهْرٌ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ تَصْرِيحَ الْمُصَنِّفِ بِهِ لَا لِكَوْنِهِ شَرْطًا بَلْ لِيُظْهِرَ الْفَرْقَ بَيْنَ دُخُولِ اللَّامِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْفِعْلِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ مَلَكَهُ إلَخْ) تَعْمِيمٌ لِقَوْلِهِ إنْ بَاعَهُ بِلَا أَمْرٍ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الشَّرْطَ أَمْرُهُ بِالْبَيْعِ لَا كَوْنُ الثَّوْبِ مِلْكَ الْآمِرِ (قَوْلُهُ أَيْ الْمُخَاطَبُ) تَفْسِيرُ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي مَلَكَهُ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ الثَّوْبَ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْبَارِزِ (قَوْلُهُ فَإِنْ دَخَلَ اللَّامُ إلَخْ) حَاصِلُهُ: أَنَّ الْفِعْلَ إمَّا أَنْ يَحْتَمِلَ النِّيَابَةَ عَنْ الْغَيْرِ أَوْ لَا، وَعَلَى كُلٍّ فَإِمَّا أَنْ تَدْخُلَ اللَّامُ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ عَلَى مَفْعُولِهِ وَهُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَى فِعْلٍ يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ اقْتَضَتْ مِلْكَ الْفِعْلِ لِلْمُخَاطَبِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ بِأَمْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَيْنُ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لَا وَهَذَا مَا مَرَّ وَفِي الْبَاقِي وَهُوَ دُخُولُهَا عَلَى فِعْلٍ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ عَلَى الْعَيْنِ مُطْلَقًا اقْتَضَتْ مِلْكَ الْعَيْنِ لِلْمُخَاطَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ بِأَمْرِهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَيْنُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ كَمَالُ الِاخْتِصَاصِ) أَيْ أَنَّ اللَّامَ لِلِاخْتِصَاصِ كَمَا مَرَّ، وَحَيْثُ دَخَلَتْ اللَّامُ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ عَلَى فِعْلٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ اقْتَضَتْ اخْتِصَاصَ الْعَيْنِ بِالْمُخَاطَبِ وَكَمَالُ الِاخْتِصَاصِ بِالْمِلْكِ فَحُمِلَتْ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُرَادُ مَا يَشْمَلُ الْمِلْكَ الْحَقِيقِيَّ وَالْحُكْمِيَّ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَمْلِكُ حَقِيقَةً كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِ دَارٍ يَخْتَصُّ بِهَا الْمُخَاطَبُ أَيْ تُنْسَبُ إلَيْهِ وَأَكْلِ طَعَامٍ يَمْلِكُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَيْ تُنْسَبُ إلَيْهِ ظَاهِرُهُ نِسْبَةُ السُّكْنَى كَمَا مَرَّ فِي لَا أَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ فَيَشْمَلُ الْأُجْرَةَ وَالْعَارِيَّةَ، فَالْمُرَادُ
ثَوْبًا لَك إنْ بَاعَ ثَوْبَهُ بِلَا أَمْرِهِ) هَذَا نَظِيرُ الدُّخُولِ عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ الثَّوْبُ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ إنْ بِعْت ثَوْبًا هُوَ مَمْلُوكُك وَأَمَّا نَظِيرُ دُخُولِهِ عَلَى فِعْلٍ لَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِهِ فَذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكَذَا) أَيْ مِثْلُ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِلْكَ الْمُخَاطَبِ قَوْلُهُ (إنْ أَكَلْت لَك طَعَامًا) أَوْ شَرِبْت لَك شَرَابًا (اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ) وَالشَّرَابُ (مِلْكَ الْمُخَاطَبِ) كَمَا فِي إنْ أَكَلْت طَعَامًا لَك لِأَنَّ اللَّامَ هُنَا أَقْرَبُ إلَى الِاسْمِ مِنْ الْفِعْلِ وَالْقُرْبُ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ، وَأَمَّا ضَرْبُ الْوَلَدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ بَلْ يُرَادُ الِاخْتِصَاصُ بِهِ (وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ) أَيْ مَا مَرَّ (صُدِّقَ فِيمَا) فِيهِ تَشْدِيدٌ (عَلَيْهِ) قَضَاءً وَدِيَانَةً وَدِينَ فِيمَا لَهُ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الدِّيَانَةِ وَالْقَضَاءِ لَا يَتَأَتَّى فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا مُطَالِبَ لَهَا كَمَا مَرَّ
(قَالَ إنْ بِعْته أَوْ ابْتَعْته فَهُوَ حُرٌّ فَعَقَدَ) عَلَيْهِ بَيْعًا (بِالْخِيَارِ لِنَفْسِهِ) حَنِثَ (لِوُجُودِ الشَّرْطِ)
ــ
[رد المحتار]
مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثَوْبًا لَك) أَيْ مَوْصُوفًا بِكَوْنِهِ لَك (قَوْلُهُ إنْ بَاعَ ثَوْبَهُ بِلَا أَمْرِهِ) لِأَنَّ اللَّامَ لَمْ تَدْخُلْ عَلَى الْفِعْلِ حَتَّى يُعْتَبَرَ اخْتِصَاصُ الْفِعْلِ فِي الْمُخَاطَبِ بِأَنْ يَكُونَ بِأَمْرِهِ وَإِنْ صَحَّ تَعَلُّقُهَا بِهِ وَلِذَا لَوْ نَوَاهُ يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ أَقْرَبَ إلَى الِاسْمِ وَهُوَ الثَّوْبُ مِنْ الْفِعْلِ اقْتَضَتْ إضَافَةَ الِاسْمِ إلَى مَدْخُولِهَا وَهُوَ كَافِ الْمُخَاطَبِ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَلِذَا إذَا تَوَسَّطَتْ تَعَلَّقَتْ بِالْفِعْلِ لِقُرْبِهِ كَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهَا حَالًا مِنْ الِاسْمِ الْمُتَأَخِّرِ (قَوْلُهُ هَذَا نَظِيرٌ) أَيْ مِثَالٌ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ أَكَلْت لَك طَعَامًا) بِتَقْدِيمِ اللَّامِ عَلَى الِاسْمِ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهَا هُنَا بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِمِلْكِ الْفِعْلِ لِلْمُخَاطَبِ فَصَارَتْ دَاخِلَةً عَلَى الِاسْمِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلَزِمَ كَوْنُ الِاسْمِ مَمْلُوكًا لِلْمُخَاطَبِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ اللَّامَ هُنَا إلَخْ) الصَّوَابُ ذِكْرُ هَذَا التَّعْلِيلِ قَبْلَ قَوْلِهِ: وَأَمَّا نَظِيرُ دُخُولِهِ عَلَى فِعْلٍ لَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ إذْ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ قُرْبِ اللَّامِ مِنْ الِاسْمِ أَوْ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا عَلِمْت بَلْ الْعِلَّةُ هُنَا كَوْنُ الْفِعْلِ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا ضَرْبُ الْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِمِلْكِ الْعَيْنِ مَا يَشْمَلُ الْحُكْمِيَّ.
(قَوْلُهُ فِيمَا فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَيْهِ) بِأَنْ بَاعَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لِلْمُخَاطَبِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَنَوَى بِالِاخْتِصَاصِ الْمِلْكَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْلَا نِيَّتُهُ لَمَا حَنِثَ، أَوْ بَاعَ ثَوْبًا لِغَيْرِ الْمُخَاطَبِ بِأَمْرِ الْمُخَاطَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَنَوَى الِاخْتِصَاصَ بِالْأَمْرِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَلَوْلَا نِيَّتُهُ لَمَا حَنِثَ لِأَنَّهُ نَوَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأَمُّلِ وَلَيْسَ فِيهِ تَخْفِيفٌ فَيُصَدِّقُهُ الْقَاضِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَدُيِّنَ فِيمَا لَهُ) كَمَا إذَا بَاعَ بِالْأَمْرِ ثَوْبًا لِغَيْرِ الْمُخَاطَبِ وَنَوَى بِالِاخْتِصَاصِ الْمِلْكَ فِي الْأُولَى أَوْ بَاعَ بِلَا أَمْرٍ ثَوْبًا لِلْمُخَاطَبِ وَنَوَى الِاخْتِصَاصَ بِالْأَمْرِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ اللَّامَ إذَا قُدِّمَتْ عَلَى الِاسْمِ فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْأَمْرِ، وَإِذَا أُخِّرَتْ فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْمِلْكِ فَإِذَا عَكَسَ فَقَدْ نَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي بَلْ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَشْرَبُ مِنْ دِجْلَةَ.
مَطْلَبُ قَالَ إنْ بِعْته أَوْ ابْتَعْته فَهُوَ حُرٌّ فَعَقَدَ بِالْخِيَارِ لِنَفْسِهِ عَتَقَ
(قَوْلُهُ أَوْ ابْتَعْته) أَيْ اشْتَرَيْته (قَوْلُهُ فَعَقَدَ) أَيْ الْحَالِفُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَبْدِ، وَقَوْلُهُ بَيْعًا يَشْمَلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يُسَمَّى عَقْدَ بَيْعٍ (قَوْلُهُ بِالْخِيَارِ لِنَفْسِهِ) أَيْ نَفْسِ الْحَالِفِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ حَنِثَ) نَقَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ حِيَلِ الْخَصَّافِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ، حَتَّى لَوْ نَقَضَ الشِّرَاءَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثَانِيًا بَاتًّا لَا يَعْتِقُ. اهـ.
قُلْت: لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُتُونِ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ) أَيْ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ لَا يُخْرِجُ الْمَبِيعَ عَنْ مِلْكِهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي يُدْخِلُ الْمَبِيعَ فِي مِلْكِهِ عِنْدَهُمَا، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَالْمَبِيعُ وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ الشَّرْطِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنْتَ حُرٌّ
وَلَوْ بِالْخِيَارِ لِغَيْرِهِ لَا وَإِنْ أُجِيزَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْته فَهُوَ حُرٌّ لِعَدَمِ مِلْكِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ. (وَ) قَيَّدَ بِالْخِيَارِ لِأَنَّهُ (لَوْ قَالَ إنْ بِعْته فَهُوَ حُرٌّ فَبَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا بِلَا خِيَارٍ لَا يَعْتِقُ) لِزَوَالِ مِلْكِهِ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ زَيْلَعِيٌّ (وَيَحْنَثُ) الْحَالِفُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بِ) الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ (الْفَاسِدِ وَالْمَوْقُوفِ
ــ
[رد المحتار]
وَلَوْ نَجَّزَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ لِنَفْسِهِ الْعِتْقَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ سَابِقًا عَلَيْهِ فَكَذَا إذَا عَلَّقَ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
قَالَ ح: وَمِثْلُ عَقْدِ الْبَائِعِ بِالْخِيَارِ لِنَفْسِهِ عَقْدُهُ بِالْخِيَارِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُشْتَرِي، وَمِثْلُ عَقْدِ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ لِنَفْسِهِ عَقْدُهُ بِالْخِيَارِ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْخِيَارِ لِغَيْرِهِ لَا) يَعْنِي لَوْ بَاعَهُ الْحَالِفُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لَا يَحْنَثُ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ بَاتٌّ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يَعْتِقُ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ بَائِعِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ هُنَا بِالْغَيْرِ مَا يَشْمَلُ الْأَجْنَبِيَّ لِأَنَّ الْحَالِفَ يَحْنَثُ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ وَإِنْ أُجِيزَ بَعْدَ ذَلِكَ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِالْخِيَارِ لِغَيْرِهِ لَا يَعْنِي هَذَا إذَا رَدَّ الْعَقْدَ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ وَكَذَا إنْ أُجِيزَ فِي الصُّورَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى أَعْنِي مَا إذَا بَاعَهُ الْحَالِفُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ ثُمَّ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ عَكْسُ الْأُولَى فَلِأَنَّهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِالْعَقْدِ أَفَادَهُ ط فَافْهَمْ.
قُلْت: وَهَذَا يَصْلُحُ حِيلَةً لِلْحَالِفِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يَشْتَرِيَهُ بِالْخِيَارِ لِغَيْرِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَسَوَاءٌ أَجَازَ الْبَائِعُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُجِزْ.
وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ إذَا أَجَازَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ يَعْتِقُ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ تَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ، وَبَيَانٌ لِفَائِدَةِ التَّقْيِيدِ بِتَعْلِيقِ الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ.
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِالْمِلْكِ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ حَيْثُ لَا يَعْتِقُ بِهِ عِنْدَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ الْمِلْكُ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَهُ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي يَمْنَعُ دُخُولُ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ عَلَى قَوْلِهِ. وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْعَقْدَ بَعْدُ، فَلَوْ أَجَازَهُ وَأَبْطَلَ الْخِيَارَ أَوْ مَضَتْ مُدَّتُهُ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ وَهُوَ الْمِلْكُ كَمَا لَا يَخْفَى فَيَعْتِقُ عِنْدَ الْكُلِّ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ بِعْته) اقْتَصَرَ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا حَنِثَ بِشِرَائِهِ بِالْخِيَارِ فَحِنْثُهُ بِشِرَائِهِ الْبَاتِّ بِالْأَوْلَى أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ) عِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَنْحَلَّ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هُمَا إنْ بِعْته أَوْ ابْتَعْته ح (قَوْلُهُ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ) كَذَا فِي أَغْلِبْ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا بِالْعَطْفِ بِأَوْ وَفِي بَعْضِهَا بِالْوَاوِ وَلَا يُنَاسِبُهُ إفْرَادُ الْفَاسِدِ وَلِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا يَحْنَثُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ أَحَدُهُمَا لَا مَجْمُوعُهُمَا (قَوْلُهُ الْفَاسِدِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مُجْمَلٌ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ.
أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ أَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي غَائِبًا عَنْهُ بِأَمَانَةٍ أَوْ رَهْنٍ يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ.
وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بَعْدُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ حَاضِرًا عِنْدَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ يَعْتِقُ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لَهُ عَقِبَ الْعَقْدِ فَمَلَكَهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فِي بَيْتِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ كَالْمَغْصُوبِ يَعْتِقُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا بِغَيْرِهِ كَالرَّهْنِ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَابِضًا عَقِبَ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمَوْقُوفِ) أَيْ وَيَحْنَثُ بِالْمَوْقُوفِ فِي حَلِفِهِ لَا يَبِيعُ بِأَنْ يَبِيعَهُ لِغَائِبٍ قَبِلَ عَنْهُ فُضُولِيٌّ أَوْ لَا يَشْتَرِي بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِبَيْعِ فُضُولِيٍّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَ إجَازَةِ الْبَائِعِ.
وَفِي التَّبْيِينِ مَا يُخَالِفُهُ بَحْرٌ وَنَهْرٌ أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ إنْ اشْتَرَيْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ فَاشْتَرَى عَبْدًا مِنْ فُضُولِيٍّ حَنِثَ بِالشِّرَاءِ ثُمَّ قَالَ
لَا الْبَاطِلِ) لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَإِنْ قَبَضَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِإِجَازَةِ قَاضٍ أَوْ مُكَاتَبٍ.
[فَرْعٌ] قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ بِعْت مِنْك شَيْئًا فَأَنْتِ حَرَّةٌ فَبَاعَ نِصْفَهَا مِنْ زَوْجٍ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَبِيهَا لَمْ يَقَعْ عِتْقُ الْمَوْلَى، وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَعَ وَالْفَرْقُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ (وَ) إنَّمَا قَيَّدَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ (فِي حَلِفِهِ لَا يَتَزَوَّجُ) امْرَأَةً أَوْ (هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ) فِي الصَّحِيحِ
(وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي أَوْ لَا يَصُومُ) أَوْ لَا يَحُجُّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الثَّوَابُ وَمِنْ النِّكَاحِ الْحِلُّ وَلَا يَثْبُتُ بِالْفَاسِدِ فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمِلْكُ وَأَنَّهُ يَثْبُتُ بِالْفَاسِدِ وَالْهِبَةُ وَالْإِجَارَةُ كَبَيْعٍ (وَلَوْ كَانَ) ذَلِكَ كُلُّهُ (فِي الْمَاضِي)
ــ
[رد المحتار]
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرِيًا عِنْدَ الْإِجَازَةِ كَالنِّكَاحِ. اهـ.
وَمُفَادُهُ أَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ رِوَايَةٌ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ حِنْثُهُ بِالشِّرَاءِ أَيْ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَا عِنْدَهَا مُسْتَنِدًا كَمَا زَعَمَهُ الْمُحَشِّي بِدَلِيلِ مَا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ وَيَحْنَثُ بِالشِّرَاءِ مِنْ فُضُولِيٍّ أَوْ بِالْخَمْرِ أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ إذْ الذَّاتُ لَا تَخْتَلُّ لِخَلَلٍ فِي الصُّفَّةِ اهـ قَالَ شَارِحُهُ الْفَارِسِيُّ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ وُجِدَ وَهُوَ ذَاتُ الْبَيْعِ بِوُجُودِ رُكْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْمِلْكَ فِي الْحَالِ لِمَانِعٍ وَهُوَ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْأَوَّلِ وَاتِّصَالُ الْمُفْسِدِ بِهِ فِي الثَّانِي وَالْخِيَارُ فِي الثَّالِثِ وَإِفَادَةُ الْمِلْكِ فِي الْحَالِ صِفَةَ الْبَيْعِ لَا ذَاتَه فَإِنَّ الْعَرَبَ وَضَعَتْ لَفْظَ الْبَيْعِ لِمُبَادَلَةِ مَالٍ بِمَالٍ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْأَحْكَامَ وَلَا الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ، وَمَتَى وُجِدَتْ الذَّاتُ لَا تَخْتَلُّ لِخَلَلٍ وُجِدَ فِي الصِّفَاتِ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَا الْبَاطِلِ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ فَلَا يَحْنَثْ لِعَدَمِ رُكْنِ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَبِيعَ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لِأَنَّهُمَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّ بَعْضِ النَّاسِ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ بِهِمَا فَاسِدٌ لِاشْتِرَاطِهِ فِي الْبَيْعِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ كَذَا فِي التَّلْخِيصِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِجَازَةِ قَاضٍ أَوْ مُكَاتِبٍ) لِأَنَّ الْمُنَافِيَ زَالَ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَبِإِجَازَةِ الْمُكَاتِبِ انْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ فَارْتَفَعَ الْمُنَافِي فَتَمَّ الْعَقْدُ بَحْرٌ، وَمِنْ قَوْلِهِ زَالَ بِالْقَضَاءِ تَعْلَمُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْإِجَازَةِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ. اهـ. ح.
قُلْت: وَفِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ مَعَ إجَازَةِ الْمُكَاتَبِ لَكِنْ ذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ نَحْوَ مَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: إذَا بِيعَ الْمُكَاتَبُ بِرِضَاهُ جَازَ وَكَانَ فَسْخًا لِلْكِتَابَةِ. اهـ.
[تَتِمَّةٌ]
قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ حَلَفَ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْحَرَّ فَبَاعَهُ بَرَّ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ فَانْعَقَدَ عَلَى الْبَاطِلِ وَكَذَا الْحُرَّةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّحِيحِ لِإِمْكَانِهِ بِالرِّدَّةِ ثُمَّ السَّبْيِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ) وَهُوَ أَنَّ الْوِلَادَةَ مِنْ الزَّوْجِ وَالنَّسَبَ مِنْ الْأَبِ مُقَدَّمٌ فَيَقَعُ بِمَا تَقَدَّمَ سَبَبُهُ أَوَّلًا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ ح، وَبَيَانُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ أَنَّهُ لَمَّا بَاعَ نِصْفَهَا مِنْ الزَّوْجِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ قَبْلَ الْجَزَاءِ وَهُوَ الْعِتْقُ فَلَا تَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدِ غَيْرِهِ وَكَذَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْ الْأَبِ فَتَعْتِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحِ) رَاجِعٌ لِلتَّعْمِيمِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ النَّهْرِ لِأَنَّ بِالنِّكَاحِ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ سَوَاءٌ عَيَّنَهَا أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي إلَخْ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْخُلَاصَةِ: النِّكَاحُ وَالصَّلَاةُ وَكُلُّ فِعْلٍ يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَحُجُّ) ذَكَرَهُ هُنَا إشَارَةً إلَى أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ إيَّاهُ فِيمَا سَيَأْتِي لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ ح (قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ بِالْفَاسِدِ) أَيْ الَّذِي فَسَادُهُ مُقَارِنٌ كَالصَّلَاةِ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ، أَمَّا الَّذِي طَرَأَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ كَمَا إذَا شَرَعَ ثُمَّ قَطَعَ فَيَحْنَثُ بِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ ح (قَوْلُهُ فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ) حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ فَاسِدًا أَوْ صَلَّى كَذَلِكَ ثُمَّ أَعَادَ صَحِيحًا حَنِثَ (قَوْلُهُ وَإِنَّهُ) أَيْ الْمِلْكُ يَثْبُتُ بِالْفَاسِدِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ وَالْهِبَةُ وَالْإِجَارَةُ كَبَيْعٍ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ فَوَهَبَ هِبَةً غَيْرَ مَقْسُومَةٍ حَنِثَ كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ فَاسِدَ الْهِبَةِ كَصَحِيحِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجَارَةَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا بَيْعٌ اهـ أَيْ بَيْعُ الْمَنَافِعِ.
كَإِنْ تَزَوَّجْت أَوْ صُمْت (فَهُوَ عَلَيْهِمَا) أَيْ الصَّحِيحُ وَالْفَاسِدُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ (فَإِنْ عَنَى بِهِ الصَّحِيحَ صُدِّقَ) لِأَنَّهُ النِّكَاحُ الْمَعْنَوِيُّ بَدَائِعُ (إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الرَّقِيقَ فَكَذَا فَأَعْتَقَ) الْمَوْلَى (أَوْ دَبَّرَ) رَقِيقَهُ تَدْبِيرًا (مُطْلَقًا) فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُقَيَّدِ فَتْحٌ (أَوْ اسْتَوْلَدَ) الْأَمَةَ (حَنِثَ) لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ بِفَوَاتِ مَحَلِّيَّةِ الْبَيْعِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أَبِعْك فَأَنْتَ حُرٌّ فَدَبَّرَ أَوْ اسْتَوْلَدَ عَتَقَ وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ الرِّقِّ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّهُ مَوْهُومٌ.
(قَالَتْ لَهُ) امْرَأَتُهُ (تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الْمُحَلِّفَةُ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَعَنْ الثَّانِي لَا وَصَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ، وَفِي جَامِعِ قَاضِي خَانَ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ فِي حَالِ غَضَبٍ طَلُقَتْ وَإِلَّا لَا.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبُ إذَا دَخَلَتْ أَدَاةُ الشَّرْطِ عَلَى كَانَ تَبْقَى عَلَى مَعْنَى الْمُضِيِّ
(قَوْلُهُ كَإِنْ تَزَوَّجْت أَوْ صُمْت) كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَإِنْ كُنْت تَزَوَّجْت كَمَا عَبَّرَ فِي الْبَحْرِ بِزِيَادَةِ كُنْت لِأَنَّ أَدَاةَ الشَّرْطِ تَقْلِبُ مَعْنَى الْمَاضِي إلَى الِاسْتِقْبَالِ غَالِبًا فَإِذَا أُرِيدَ مَعْنَى الْمَاضِي جُعِلَ الشَّرْطُ كَإِنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى - {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} [المائدة: 116]- {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ} [يوسف: 26]- لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ كَانَ الزَّمَنُ الْمَاضِي فَقَطْ، وَمَعَ النَّصِّ عَلَى الْمُضِيِّ لَا يُمْكِنُ إفَادَةُ الِاسْتِقْبَالِ وَهَذَا مِنْ خَصَائِصِ كَانَ دُونَ سَائِرِ الْأَفْعَالِ النَّاقِصَةِ. ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ الرَّضِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَغْلَبِيٌّ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى - {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا} [المائدة: 6]- بِمَعْنَى صِرْتُمْ كَمَا فِي - {فَكَانَتْ هَبَاءً} [الواقعة: 6]- أَيْ صَارَتْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ) أَيْ فَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْحِلُّ وَالتَّقْرِيبُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلِأَنَّ مَا مَضَى مُعَرَّفٌ مُعَيَّنٌ لَغْوٌ وَمَا يُسْتَقْبَلُ مُعْدَمٌ غَائِبٌ وَالصِّفَةُ فِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرَةٌ شَرْحُ التَّلْخِيصِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْمَعْنَوِيَّ) خَصَّ بِالتَّعْلِيلِ النِّكَاحَ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ أَوَّلًا وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ وَالْمَعْنَوِيُّ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ عَنَى بِمَعْنَى قَصَدَ عَبَّرَ بِهِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْمُخْتَارُ فِي الِاسْتِعْمَالِ مَعْنِيٌّ بِدُونِ وَاوٍ مِثْلُ مَرْمِيٍّ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ الْحَقِيقَةُ الْمَقْصُودَةُ.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ نِكَاحًا أَوْ فِعْلًا صَحِيحًا فِي الْمَاضِي فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ وَرِعَايَةُ الْحَقِيقَةِ وَاجِبَةٌ مَا أَمْكَنَ وَإِنْ نَوَى الْفَاسِدَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ صُدِّقَ قَضَاءً وَإِنْ نَوَى الْمَجَازَ لِمَا فِيهِ عَنْ التَّغْلِيظِ، وَيَحْنَثُ بِالْجَائِزِ أَيْضًا لِأَنَّ فِيهِ مَا فِي الْفَاسِدِ وَزِيَادَةً اهـ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُقَيَّدِ) لِجَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ قَالَ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّعْلِيلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الْمَتْنِ إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُعَلَّقَ عِتْقُ الْمُخَاطَبِ وَفِي الْأَوَّلِ طَلَاقُ الزَّوْجَةِ أَوْ عِتْقُ عَبْدٍ آخَرَ (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ) هَذَا خَاصٌّ بِالْأَمَةِ وَلَا يُنَاسِبُهُ فَتْحُ الْكَافِ وَالتَّاءِ فِي إنْ لَمْ أَبِعْك فَأَنْت حُرٌّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ الشَّخْصُ الصَّادِقُ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إلَخْ) قِيلَ وُقُوعُ الْيَأْسِ فِي الْأَمَةِ وَالتَّدْبِيرُ مَمْنُوعٌ لِجَوَازِ أَنْ تَرْتَدَّ فَتُسْبَى فَيَمْلِكَهَا الْحَالِفُ وَأَنْ يَحْكُمَ الْقَاضِي بِبَيْعِ الْمُدَبَّرِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ لَا تَطْلُقُ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ وَالْأَصَحُّ مَا فِي الْكِتَابِ لِأَنَّ مَا فُرِضَ أَمْرٌ مُتَوَهَّمٌ نَهْرٌ. زَادَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ فِي الْجَوَابِ عَنْ الْأَمَةِ أَوْ نَقُولُ إنَّ الْحَالِفَ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الْمِلْكِ الْقَائِمِ لَا الَّذِي سَيُوجَدُ.
مَطْلَبُ قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ طَلُقَتْ الْمُحَلِّفَةُ
(قَوْلُهُ طَلُقَتْ الْمُحَلِّفَةُ) أَيْ الَّتِي دَعَتْهُ إلَى الْحَلِفِ وَكَانَتْ سَبَبًا فِيهِ بَحْرٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ مَا دُمْت حَيَّةً لِأَنَّ " كُلُّ امْرَأَةٍ " نَكِرَةٌ وَالْمُخَاطَبَةُ مُعَرَّفَةٌ بِتَاءِ الْخِطَابِ فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ شَرْحُ التَّلْخِيصِ (قَوْلُهُ وَعَنْ الثَّانِي لَا) أَيْ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ جَوَابًا فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ غَرَضَهُ إرْضَاؤُهَا وَهُوَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَيَتَقَيَّدُ بِهِ. وَجْهُ الظَّاهِرِ عُمُومُ الْكَلَامِ، وَقَدْ زَادَ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدَأً، وَقَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ إيحَاشَهَا حِينَ اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ وَمَعَ التَّرَدُّدِ لَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا وَلَوْ نَوَى غَيْرَهَا صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ قَالَ الْبَزْدَوِيُّ فِي شَرْحِهِ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يَنْبَغِي
(وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَلَكَ امْرَأَةٌ غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي فَهِيَ كَذَا لَا تَطْلُقُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ) لِأَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لَا يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ كُلٍّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.
[فُرُوعٌ]
يَتَفَرَّعُ عَلَى الْحِنْثِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ نَحْوُ: إنْ لَمْ تَصُبِّي هَذَا فِي هَذَا الصَّحْنِ فَأَنْتِ كَذَا فَكَسَرَتْهُ أَوْ إنْ لَمْ تَذْهَبِي فَتَأْتِي بِهَذَا الْحَمَامِ فَأَنْتِ كَذَا فَطَارَ الْحَمَامُ طَلُقَتْ.
قَالَ لِمُحَرَّمَةٍ: إنْ تَزَوَّجْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَتَزَوَّجَهَا حَنِثَ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنْصَرِفُ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ. حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ بِالْكُوفَةِ عَقَدَ خَارِجَهَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَكَانُ الْعَقْدِ.
إنْ تَزَوَّجْت ثَيِّبًا فَهِيَ كَذَا فَطَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا لَا تَطْلُقُ اعْتِبَارًا لِلْغَرَضِ، وَقِيلَ تَطْلُقُ. حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ مِنْ بَنَاتِ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ بِنْتٌ لَا يَحْنَثُ بِمَنْ وَلَدَتْ لَهُ بَحْرٌ (النَّكِرَةُ تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ
ــ
[رد المحتار]
أَنْ يَحْكُمَ الْحَالُ، فَإِنْ جَرَى بَيْنَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ خُصُومَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْغَضَبِ يَقَعُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ حَسَنٌ عِنْدِي. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا تَوْفِيقٌ بَيْنَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ حَالَةَ الرِّضَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ مُجَرَّدَ الْجَوَابِ وَإِرْضَاءَهَا لَا إيحَاشَهَا بِخِلَافِ حَالَةِ الْغَضَبِ وَفِي ذَلِكَ إعْمَالُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِهِ.
(قَوْلُهُ لَا يَحْتَمِلُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ) لِأَنَّ كَلَامَ الزَّوْجِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّؤَالِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا يَجُوزُ دُخُولُهُ فِي السُّؤَالِ وَلَفْظُ امْرَأَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَتَنَاوَلُهَا بِخِلَافِ لَفْظِ هَذِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ) أَيْ الْمَذْكُورِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ أَبِعْ هَذَا الرَّقِيقَ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُ ذَلِكَ هُنَاكَ كَمَا فَعَلَ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ فَكَسَرَتْهُ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ الْتِئَامُهُ إلَّا بِسَبْكٍ جَدِيدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ طَلُقَتْ) أَيْ لِبُطْلَانِ الْيَمِينِ بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ كَمَا إذَا كَانَ فِي الْكُوزِ مَاءٌ فَصُبَّ عَلَى مَا مَرَّ نَهْرٌ، وَأَرَادَ بِبُطْلَانِهَا بُطْلَانَ بَقَائِهَا.
وَقَالَ فِي النَّهْرِ أَيْضًا وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْحَمَامِ يَمِينُ الْفَوْرِ وَإِلَّا فَعَوْدُ الْحَمَامِ بَعْدَ الطَّيَرَانِ مُمْكِنٌ عَقْلًا وَعَادَةً فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ قَالَ لِمُحَرَّمَةٍ) أَيْ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا أَوْ مُصَاهَرَةً ط (قَوْلُهُ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ) وَهُوَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مَحَلٌّ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ.
قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت الْجِدَارَ أَوْ الْحِمَارَ فَعَبْدِي حُرٌّ لَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحَلٍّ أَصْلًا.
وَفِيهَا: قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ تَنْصَرِفُ إلَى الْعَقْدِ وَلَوْ لِامْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ فَإِلَى الْوَطْءِ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ لَا يَحْنَثُ (قَوْلُهُ عَقَدَ خَارِجَهَا) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْكُوفَةِ وَعَقَدَ وَكِيلُهُ خَارِجَهَا لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ عَنْ حِيَلِ الْخَصَّافِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَكَانُ الْعَقْدِ) فَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْكُوفَةِ وَهِيَ فِي الْبَصْرَةِ زَوَّجَهَا مِنْهُ فُضُولِيٌّ بِلَا أَمْرِهَا فَأَجَازَتْ وَهِيَ فِي الْبَصْرَةِ حَنِثَ الْحَالِفُ وَيُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ وَزَمَانُهُ لَا مَكَانُ الْإِجَازَةِ وَزَمَنُهَا خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْغَرَضِ) فَإِنَّ غَرَضَهُ غَيْرُ الَّتِي مَعَهُ (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ بِمَنْ وَلَدَتْ لَهُ) قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ هَذَا مُوَافِقٌ قَوْلَ مُحَمَّدٍ. أَمَّا مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُمَا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَةَ فُلَانٍ وَلَيْسَ لِفُلَانٍ امْرَأَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَلَّمَهَا الْحَالِفُ حَنِثَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَفِي الْحُجَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا تَتَارْخَانِيَّةٌ.
مَطْلَبُ النَّكِرَةُ تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَالْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ
(قَوْلُهُ النَّكِرَةُ تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّكِرَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُعَرَّفَ مِنْ وَجْهٍ كَالْعَلَمِ الْمُشَارِكِ لَهُ غَيْرُهُ فِي الِاسْمِ وَكَالْمُضَافِ إلَى الضَّمِيرِ إذَا كَانَ تَحْتَهُ أَفْرَادٌ مِثْلُ نِسَائِي طَوَالِقُ كَمَا يَظْهَرُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ كَمَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ مَا كَانَ مُعَرَّفًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهُوَ مَا لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ كَالْمُشَارِ إلَيْهِ كَهَذِهِ الدَّارِ وَهَذَا الْعَبْدِ، وَالْمُضَافُ إلَى الضَّمِيرِ كَدَارِي
وَالْمَعْرِفَةُ لَا) تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ أَحَدٌ فَكَذَا وَالدَّارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ حَنِثَ لِتَنْكِيرِهِ وَلَوْ قَالَ: دَارِي أَوْ دَارَك لَا حِنْثَ بِالْحَالِفِ لِتَعْرِيفِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ مَسَّ هَذَا الرَّأْسَ أَحَدٌ وَأَشَارَ إلَى رَأْسِهِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِمَسِّهِ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ خِلْقَةً، فَكَانَ مَعْرِفَةً أَقْوَى مِنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ بَحْرٌ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قُبَيْلَ بَابِ الْيَمِينِ فِي الطَّلَاقِ مَعْزِيًّا لِلْأَشْبَاهِ (إلَّا) بِالنِّيَّةِ وَ (فِي الْعِلْمِ) كَإِنْ كَلَّمَ غُلَامَ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ أَحَدٌ، فَكَذَا دَخَلَ الْحَالِفُ لَوْ هُوَ كَذَلِكَ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْعَلَمِ فِي مَوْضِعِ النَّكِرَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ الْحَالِفُ مِنْ عُمُومِ النَّكِرَةِ بَحْرٌ،
قُلْت: وَفِي الْأَشْبَاهِ الْمَعْرِفَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ
ــ
[رد المحتار]
وَعَبْدِي، أَمَّا الْمُعَرَّفُ بِالِاسْمِ كَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ كَدَارِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَقْطَعُ الشَّرِكَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلِذَا يَحْسُنُ الِاسْتِفْهَامُ فَيُقَالُ مَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَبَقِيَ فِيهِ نَوْعُ تَنَكُّرٍ فَمِنْ حَيْثُ التَّعْرِيفُ يَخْرُجُ عَنْ اسْمِ النَّكِرَةِ، وَمِنْ حَيْثُ التَّنْكِيرُ لَا يَخْرُجُ، فَلَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ وَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ قَالَ: فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ حَيْثُ يَتَعَلَّقُ الطَّلَاقُ بِالِاسْمِ لَا بِالتَّزَوُّجِ، لِأَنَّهُ لَا احْتِمَالَ لِلْخُرُوجِ هُنَا وَلَا يَرِدُ أَيْضًا كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا مَا دَامَتْ عَمْرَةُ حَيَّةً فَهِيَ طَالِقٌ حَيْثُ لَا تَطْلُقُ عَمْرَةُ إذَا تَزَوَّجَهَا، لِأَنَّ عَامَّةَ الْمَشَايِخِ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا كَانَتْ مُشَارًا إلَيْهَا بِأَنْ قَالَ عَمْرَةُ هَذِهِ وَإِلَّا دَخَلَتْ تَحْتَ اسْمِ امْرَأَةٍ وَلِأَنَّ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ وُضِعَا لِتَعْرِيفِ الْغَائِبِ لَا الْحَاضِرِ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ بِالْإِشَارَةِ كَمَا فِي الشَّهَادَةِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الذَّخِيرَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ الْمَعْرِفَةِ تَحْتَ النَّكِرَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَا فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْجُمْلَتَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَالدَّارُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَشَارَ بِالتَّعْمِيمِ إلَى خِلَافِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ حَيْثُ قَالَ إنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ لَهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَمْنَعُ نَفْسَهُ عَنْ دُخُولِ دَارِ نَفْسِهِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ نَفْسَهُ لِغَيْظٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ (قَوْلُهُ لِتَنْكِيرِهِ) أَيْ لِتَنْكِيرِ الْحَالِفِ نَفْسَهُ حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْهَا بِإِضَافَةِ الدَّارِ إلَيْهِ لِأَنَّ الدَّارَ وَإِنْ ذُكِرَتْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهَا بِخِلَافِ الْإِشَارَةِ إلَى جُزْئِهِ كَهَذَا الرَّأْسِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ لَا حِنْثَ بِالْحَالِفِ) كَانَ الْمُنَاسِبُ زِيَادَةَ وَالْمُخَاطَبَ أَيْ فِي قَوْلِهِ دَارَك وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا حِنْثَ بِالْمَالِكِ وَهِيَ أَوْلَى (قَوْلُهُ لِتَعْرِيفِهِ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ يَاءَ الْمُتَكَلِّمِ وَكَافَ الْمُخَاطَبِ لَا يَدْخُلُ فِيهِمَا غَيْرُهُمَا فَلَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَهِيَ أَحَدٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ دُخُولَ نَفْسِهِ أَوْ الْمُخَاطَبِ لِأَنَّ أَحَدًا شَخْصٌ مِنْ بَنِي آدَمَ وَهُمَا كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ أَلْبَسْت هَذَا الْقَمِيصَ أَحَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَدْخُلُ الْحَالِفُ فَلَا يَحْنَثُ إذَا أَلْبَسَهُ لِنَفْسِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْت لَا يَدْخُلُ الْمُخَاطَبُ، حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ نَفْسَهُ لَا يَعْتِقُ لِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ فِي أَعْتِقْ مَعْرِفَةٌ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ " أَيَّ " لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ النُّحَاةِ مُعَرَّفَةً بِالْإِضَافَةِ إلَّا أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ لِأَنَّهَا تَصْحَبُ النَّكِرَةَ لَفْظًا مِثْلُ أَيُّ رَجُلٍ وَمَعْنًى مِثْلُ - {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: 38]- لِأَنَّ الْمَعْنَى أَيُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِعْتَاقِ تَوْكِيلٌ، فَلَا يَدْخُلُ الْمَأْمُورُ فِيهِ كَقَوْلِهَا لِرَجُلٍ زَوِّجْنِي مَنْ شِئْت لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ.
(قَوْلُهُ فَكَانَ) أَيْ الْحَالِفُ أَوْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْرِيفِ أَقْوَى مِنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ أَيْ أَقْوَى تَعْرِيفًا مِنْ تَعْرِيفِ يَاءِ الْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ) أَيْ لَوْ نَوَى دُخُولَ الْمُعَرَّفِ تَحْتَ النَّكِرَةِ فَإِنَّهَا تَشْمَلُهُ وَغَيْرَهُ كَمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّهُ نَوَى الْمَجَازَ وَفِيهِ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ، فَيَحْنَثُ بِمَا نَوَى وَيَحْنَثُ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَفِي الْعِلْمِ) لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرِفَةِ مَا كَانَ مُعَرَّفًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ مَا لَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ دَخَلَ الْحَالِفُ لَوْ هُوَ كَذَلِكَ) أَيْ لَوْ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ وَالْغُلَامُ لَهُ فَإِذَا كَلَّمَ غُلَامَهُ حَنِثَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْحَالِفُ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ مُنَكَّرٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْعَلَمِ فِي مَوْضِعِ النَّكِرَةِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ كَثِيرٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ مَنْ كَلَّمَ غُلَامَ رَجُلٍ مُسَمًّى بِهَذَا الِاسْمِ وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْحَالِفُ
إلَّا الْمَعْرِفَةَ فِي الْجَزَاءِ: أَيْ فَتَدْخُلُ فِي النَّكِرَةِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ كَإِنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ هِيَ طَلُقَتْ وَلَوْ دَخَلَهَا هُوَ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيْمَانِ الظَّهِيرِيَّةِ.
(وَيَجِبُ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا) مِنْ بَلَدِهِ (فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْكَعْبَةِ وَأَرَاقَ دَمًا إنْ رَكِبَ لِإِدْخَالِهِ النَّقْصَ، وَلَوْ أَرَادَ بِبَيْتِ اللَّهِ بَعْضَ الْمَسَاجِدِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَلَا شَيْءَ بِالْخُرُوجِ أَوْ الذَّهَابِ بِعَلَيَّ بَيْتُ اللَّهِ أَوْ الْمَشْيُ) إلَى (الْحَرَمِ أَوْ) إلَى (الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَوْ بَابِ الْكَعْبَةِ أَوْ مِيزَابِهَا (أَوْ الصَّفَا أَوْ الْمَرْوَةِ) أَوْ مُزْدَلِفَةَ أَوْ عَرَفَةَ لِعَدَمِ الْعُرْفِ.
(لَا يَعْتِقُ عَبْدٌ قِيلَ لَهُ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَأَنْتَ حُرٌّ) ثُمَّ قَالَ حَجَجْت وَأَنْكَرَ الْعَبْدُ
ــ
[رد المحتار]
فَصَحَّ دُخُولُهُ تَحْتَ النَّكِرَةِ الَّتِي هِيَ أَحَدٌ (قَوْلُهُ إلَّا الْمَعْرِفَةَ فِي الْجَزَاءِ إلَخْ) وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ الْمَعْرِفَةُ فِي الشَّرْطِ، فَإِنَّهَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ فِي الْجَزَاءِ.
وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ إذَا كَانَتْ فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلَوْ فِي جُمْلَتَيْنِ لَا يَمْتَنِعُ دُخُولُهَا لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مُعَرَّفًا مُنَكَّرًا فِي جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْجُمْلَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا كَالْكَلَامَيْنِ فَفِي إنْ دَخَلَ دَارِي هَذِهِ أَحَدٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْهَا هِيَ تَطْلُقُ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَرَّفَةً بِتَاءِ الْخِطَابِ إلَّا أَنَّهَا وَقَعَتْ فِي الْجَزَاءِ فَلَمْ يَمْتَنِعْ دُخُولُهَا تَحْتَ نَكِرَةِ الشَّرْطِ وَهِيَ أَحَدٌ، وَفِي قَوْلِهِ لَهَا إنْ فَعَلْت كَذَا فَنِسَائِي طَوَالِقُ فَفَعَلَتْ الْمُخَاطَبَةُ تَطْلُقُ مَعَهُنَّ لِأَنَّهَا مُعَرَّفَةٌ فِي الشَّرْطِ فَجَازَ أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ الْجَزَاءِ، وَتَكُونُ مُنَكَّرَةً فِي الْجَزَاءِ يَعْنِي بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا وَاحِدَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ مِنْ جُمْلَةٍ مَعْلُومَةٍ ذُكِرَتْ فِي الْجَزَاءِ. اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ نِسَائِي نَكِرَةٌ هُنَا وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الضَّمِيرِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّكِرَةِ مَا لَيْسَ مُعَرَّفًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهَذَا كَذَلِكَ وَلِذَا يَصِحُّ الِاسْتِفْهَامُ عَنْهُنَّ فَيُقَالُ مَنْ نِسَاؤُك كَمَا مَرَّ فِي الْعَلَمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرِفَةِ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ فِي دَارِي، وَقَوْلُهُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ النَّكِرَةِ أَيْ الَّتِي فِي جُمْلَتِهَا.
مَطْلَبُ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ الْكَعْبَةِ
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ مَاشِيًا إلَخْ) أَيْ اسْتِحْسَانًا وَعَلَّلَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّهُ تُعُورِفَ إيجَابُ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ بِهِ فَصَارَ فِيهِ مَجَازًا لُغَوِيًّا حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً مِثْلُ مَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ بِهَذَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَا لَيْسَ بِقُرْبَةٍ وَاجِبَةٍ وَهُوَ الْمَشْيُ وَلَا مَقْصُودَةٍ اهـ وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْأَيْمَانِ فِي بَحْثِ النَّذْرِ أَنَّ مِثْلَهُ النَّذْرُ بِذَبْحٍ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ النَّذْرِ بِذَبْحِ شَاةٍ وَقَدَّمْنَا أَنَّ صِيغَةَ النَّذْرِ تَحْتَمِلُ الْيَمِينَ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّوْمِ فَلِذَا ذَكَرُوا مَسَائِلَ النَّذْرِ فِي الْأَيْمَانِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مِنْ بَلَدِهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ: ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ لَزِمَهُ الْمَشْيُ مِنْ بَيْتِهِ عَلَى الرَّاجِحِ لَا مِنْ حَيْثُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْرِمْ مِنْ بَيْتِهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ لَزِمَهُ الْمَشْيُ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ الَّذِي لَزِمَهُ حَجًّا فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْحَرَمِ وَيَخْرُجُ إلَى عَرَفَاتٍ مَاشِيًا إلَى أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ كَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَرَادَ إسْقَاطَهُ بِعُمْرَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ وَيُحْرِمَ مِنْهُ وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي ذَهَابِهِ؟ خِلَافٌ وَالْوَجْهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذْ الْحَاجُّ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مَعَ بَلْدَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُحْرِمًا بَلْ ذَاهِبٌ إلَى مَحَلِّ الْإِحْرَامِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ فَكَذَا هَذَا. اهـ. وَالتَّوْجِيهُ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ إنْ رَكِبَ) أَيْ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ أَوْ أَكْثَرِهَا، فَإِنْ رَكِبَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ تَصَدَّقَ بِقَدْرِهِ ط (قَوْلُهُ لِإِدْخَالِهِ النَّقْصَ) أَيْ فِيمَا الْتَزَمَهُ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَشْيُ إلَى الْحَرَمِ أَوْ إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) هَذَا قَوْلُهُ وَقَالَا لَزِمَهُ فِي هَذَيْنِ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ وَالْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ تُعُورِفَ بَعْدَ الْإِمَامِ إيجَابُ النُّسُكِ فِيهِمَا فَقَالَا بِهِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْعُرْفِ) عِلَّةٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، فَلَيْسَ الْفَارِقُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَّا الْعُرْفَ ط.
وَأُتِيَ بِشَاهِدَيْنِ (فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ) لِأُضْحِيَّتِهِ (بِكُوفَةَ) لَمْ تُقْبَلْ لِقِيَامِهَا عَلَى نَفْيِ الْحَجِّ إذْ التَّضْحِيَةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْقَضَاءِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَعْتِقُ وَرَجَّحَهُ الْكَمَالُ.
(حَلَفَ لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ بِنِيَّةٍ) وَإِنْ أَفْطَرَ لِوُجُودِ شَرْطِهِ (وَلَوْ قَالَ) لَا أَصُومُ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبُ إنْ لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَا بِنَحْرِهِ بِالْكُوفَةِ لَمْ يَعْتِقْ
(قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ إلَخْ) أَيْ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى النَّفْيِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا نَفْيُ الْحَجِّ لَا إثْبَاتُ التَّضْحِيَةِ لِأَنَّهَا لَا مُطَالِبَ لَهَا فَصَارَ كَمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَحُجَّ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ هَذَا النَّفْيَ مِمَّا يُحِيطُ بِهِ عِلْمُ الشَّاهِدِ، لَكِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ نَفْيٍ وَنَفْيٍ تَيْسِيرًا هِدَايَةٌ.
مَطْلَبُ شَهَادَةُ النَّفْيِ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي الشُّرُوطِ
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا يَفْصِلُ فِي النَّفْيِ بَيْنَ أَنْ يُحِيطَ عِلْمُ الشَّاهِدِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةِ بِهِ أَوْ لَا فَلَا بَلْ لَا تُقْبَلُ عَلَى النَّفْيِ مُطْلَقًا نَعَمْ تُقْبَلُ عَلَى النَّفْيِ فِي الشُّرُوطِ، حَتَّى لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا قُبِلَتْ وَيُقْضَى بِعِتْقِهِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَأَرَادَ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَى أَمْرٍ مُعَايَنٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَارِجَ الْبَيْتِ فَيَثْبُتُ النَّفْيُ ضِمْنًا، وَاعْتَرَضَهُ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الْعَبْدَ كَمَا لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّضْحِيَةِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُرُوجِ فَإِذَا كَانَ مَنَاطُ الْقَبُولِ كَوْنَ الْمَشْهُودِ بِهِ أَمْرًا وُجُودِيًّا مُتَضَمِّنًا لِلْمُدَّعَى بِهِ كَذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَةِ التَّضْحِيَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلنَّفْيِ فَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَوْجَهُ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، لَكِنْ أَجَابَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِعَدَمِ الدُّخُولِ أُوِّلَتْ بِالْخُرُوجِ الَّذِي هُوَ وُجُودِيٌّ صُورَةً وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَقْصُودُ أَنَّ الْخُرُوجَ يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ بِلَا رَيْبٍ بِأَنْ يُشَاهَدَ الْعَبْدُ خَارِجَ الدَّارِ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ فَهِيَ نَفْيٌ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ التَّضْحِيَةِ بِالْكُوفَةِ لَيْسَتْ ضِدًّا لِلْحَجِّ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَرَامَةً لَهُ وَهِيَ جَائِزَةٌ كَمَا قَالُوا فِي الْمَشْرِقِيِّ وَالْمَغْرِبِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَصُومُ حَنِثَ بِصَوْمِ سَاعَةٍ
(قَوْلُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ) وَهُوَ الصَّوْمُ الشَّرْعِيُّ إذْ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ وَقَدْ وُجِدَ تَمَامُ حَقِيقَتِهِ وَمَا زَادَ عَلَى أَدْنَى إمْسَاكٍ فِي وَقْتِهِ فَهُوَ تَكْرَارُ الشَّرْطِ وَلِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الشُّرُوعِ فِي الْفِعْلِ إذَا تَمَّتْ حَقِيقَتُهُ يُسَمَّى فَاعِلًا وَلِذَا نَزَلَ إبْرَاهِيمُ عليه السلام ذَابِحًا بِإِمْرَارِ السِّكِّينِ فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ، فَقِيلَ لَهُ - {صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 105]- بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ حَقِيقَتُهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى أَفْعَالٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالصَّلَاةِ كَمَا يَأْتِي فَتْحٌ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الصَّوْمَ لِلشَّرْعِيِّ أَقَلُّهُ يَوْمٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُطْلَقُ شَرْعًا عَلَى مَا دُونَهُ.
وَدُفِعَ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ.
قُلْت: جَوَابُهُ أَنَّ هَذَا لَوْ قَالَ صَوْمًا كَمَا يَأْتِي، أَمَّا بِدُونِ تَصْرِيحٍ بِمَصْدَرٍ أَوْ ظَرْفٍ فَالْمُرَادُ الْحَقِيقَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالْأَقَلِّ، وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الشَّرْعِ وَالْعُرْفُ إنَّهُ صَامَ ثُمَّ أَفْطَرَ فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ قَبْلَ الْإِفْطَارِ ثُمَّ لَا يَرْتَفِعُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ فَافْهَمْ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَبَقِيَّةِ الْمُتُونِ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي أَوْ لَا يَصُومُ فَهُوَ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَكُنْت أَجَبْت عَنْهُ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّحِيحِ مَا وُجِدَتْ حَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ فَلَا يَضُرُّهُ عُرُوضُ الْفَسَادِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيُفِيدُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ التَّعْلِيلِ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ دُونَ الْفَاسِدِ احْتِرَازٌ عَنْ الْفَاسِدِ ابْتِدَاءً كَمَا لَوْ نَوَى الصَّوْمَ عِنْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ يَأْكُلُ أَوْ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ
(صَوْمًا أَوْ يَوْمًا حَنِثَ بِيَوْمٍ) لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُصْرَفُ إلَى الْكَامِلِ. (حَلَفَ لَيَصُومَنَّ هَذَا الْيَوْمَ وَكَانَ بَعْدَ أَكْلِهِ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ صَحَّتْ) الْيَمِينُ (وَحَنِثَ لِلْحَالِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَعْتَمِدُ الصِّحَّةَ بَلْ التَّصَوُّرُ كَتَصَوُّرِهِ فِي النَّاسِي وَهُوَ (كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تُصَلِّي الْيَوْمَ فَأَنْتِ كَذَا فَحَاضَتْ مِنْ سَاعَتِهَا أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّتْ رَكْعَةً) فَإِنَّ الْيَمِينَ تَصِحُّ وَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ دُرُورَ الدَّمِ لَا يَمْنَعُ كَمَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ.
ــ
[رد المحتار]
مُحْدِثًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ مَا يُفِيدُ الْمُنَافَاةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ حَيْثُ اسْتَشْكَلَ الْمَسْأَلَةَ الْمَارَّةَ، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ مَا هُنَا أَصَحُّ لِأَنَّهُ نَصُّ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَكِنَّهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ أَجَابَ مُسْتَنِدًا لِلذَّخِيرَةِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاسِدِ مَا لَمْ يُوصَفْ بِوَصْفِ الصِّحَّةِ فِي وَقْتٍ بِأَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشُّرُوعِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَقَالَ وَبِهِ يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ، وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَهَذَا عَيْنُ مَا فَهِمْته مِنْ الْإِشْكَالِ، وَالْجَوَابُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إلْهَامِ الصَّوَابِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ: أَيْ فَلَا يُرَادُ بِالْيَوْمِ بَعْضُهُ، وَكَذَا فِي صَوْمٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا فَافْهَمْ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: أَمَّا فِي " يَوْمًا " فَظَاهِرٌ وَكَذَا فِي " صَوْمًا " لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَلِذَا قُلْنَا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ كَامِلٍ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ صَلَاةٌ تَجِبُ رَكْعَتَانِ عِنْدَنَا لَا يُقَالُ الْمَصْدَرُ مَذْكُورٌ بِذِكْرِ الْفِعْلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ لَا يَصُومُ، وَلَا يَصُومُ صَوْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي الْأَوَّلِ إلَّا بِيَوْمٍ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّابِتُ فِي ضِمْنِ الْفِعْلِ ضَرُورِيٌّ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي غَيْرِ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ اخْتِيَارِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُطْلَقِ فَيُوجِبُ الْكَمَالَ. اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا أَوْرَدَ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ هُنَا صَحَّتْ مَعَ أَنَّهُ مَقْرُونٌ بِذِكْرِ الْيَوْمِ وَلَا كَمَالَ وَرَدَ فِي الْفَتْحِ إلَّا يُرَادُ بِأَنَّ كَلَامَنَا كَانَ فِي الْمُطْلَقِ وَهُوَ لَفْظُ " يَوْمًا " وَلَفْظُ هَذَا الْيَوْمِ مُقَيَّدٌ مُعَرَّفٌ، وَإِنَّمَا تُشْكِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ التَّصَوُّرَ شَرْعًا مُنْتَفٍ، وَكَوْنُهُ مُمْكِنًا فِي صُورَةٍ أُخْرَى وَهِيَ صُورَةُ النِّسْيَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ لَا يُفِيدُ حَيْثُ كَانَ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ مُسْتَحِيلًا شَرْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّتَيْنِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ كَتَصَوُّرِهِ فِي النَّاسِي) أَيْ فِي الَّذِي أَكَلَ نَاسِيًا فَإِنَّ حَقِيقَةَ الصَّوْمِ: وَهِيَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ مَعَ أَنَّهُ اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ صَائِمًا فَقَدْ وُجِدَ الصَّوْمُ مَعَ الْأَكْلِ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ بَعْدَ أَكْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ نَظِيرٌ وَالنَّاسِي لَا يَصْلُحُ نَظِيرًا لَهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا حَلَفَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي النَّاسِي الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ مَمْنُوعٌ. اهـ.
قُلْت: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ إمْكَانُ تَصَوُّرِهِ مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي النَّاسِي وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطٍ وَشَرْطٍ فَيَصْلُحُ ذَلِكَ نَظِيرًا لَهُمَا، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَا مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّصَوُّرِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَبَعْدَ الْأَكْلِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَوْ شَرَعَ الصَّوْمَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا أَلَا تَرَى كَيْفَ شَرَعَهُ بَعْدَ الْأَكْلِ نَاسِيًا، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ مَعَ الْحَيْضِ تُتَصَوَّرُ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ إلَّا دُرُورَ الدَّمِ وَأَنَّهُ لَا يُنَافِي شَرْعِيَّةَ الصَّلَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي حَقِّ الْمُسْتَحَاضَةِ مَشْرُوعَةٌ وَشَرْطُ إقَامَةِ الدَّلِيلِ مَقَامَ الْمَدْلُولِ التَّصَوُّرُ لَا الْوُجُودُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ إلَخْ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ الْفَتْحِ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ شَرَعَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِيلًا شَرْعًا لِهَذِهِ الشَّوَاهِدِ. نَعَمْ يُقَوِّي إشْكَالَهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي بَحْثِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ إنْ لَمْ تُصَلِّ الصُّبْحَ غَدًا فَأَنْتِ كَذَا لَا يَحْنَثُ بِحَيْضِهَا بُكْرَةً فِي الْأَصَحِّ وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ هُنَا لِلْمُنْتَقَى، وَقَالَ هُنَا فَحِينَئِذٍ لَا يَحْنَثُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ: لَكِنْ جَزَمَ فِي الْمُحِيطِ بِالْحِنْثِ فِيهِمَا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ) فَإِنَّهَا فُقِدَ مَعَهَا شَرْطُ الصَّلَاةِ مَعَ حُكْمِ الشَّارِعِ عَلَيْهَا بِالصِّحَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّ شَرْعِيَّتَهَا مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَرَعَهَا مَعَ الْحَيْضِ
مَحَلُّ الْفِعْلِ وَهُوَ الْمَاءُ غَيْرُ قَائِمٍ أَصْلًا فَلَا يُتَصَوَّرُ بِوَجْهٍ.
(وَحَنِثَ فِي لَا يُصَلِّي بِرَكْعَةٍ) بِنَفْسِ السُّجُودِ بِخِلَافِ إنْ صَلَّيْت رَكْعَةً فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأُولَى شَفْعٍ لِتَحَقُّقِ الرَّكْعَةِ (وَفِي) لَا يُصَلِّي (صَلَاةً بِشَفْعٍ) وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ بِخِلَافِ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّشَهُّدُ.
(وَ) حَنِثَ (فِي لَا يَؤُمُّ أَحَدًا بِاقْتِدَاءِ قَوْمٍ بِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ
ــ
[رد المحتار]
لَأَمْكَنَ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ إشْكَالُ الْكَمَالِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَحَلَّ الْفِعْلِ) أَيْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَا أَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَاءَ فِيهِ.
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يُصَلِّي حَنِثَ بِرَكْعَةٍ
(قَوْلُهُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ أَفْعَالٍ مُخْتَلِفَةٍ فَمَا لَمْ يَأْتِ بِهَا لَا تُسَمَّى صَلَاةً يَعْنِي لَمْ يُوجَدْ تَمَامُ حَقِيقَتِهَا وَالْحَقِيقَةُ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ الْجُزْءِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ رُكْنٌ وَاحِدٌ وَيَتَكَرَّرُ بِالْجُزْءِ الثَّانِي. وَأَوْرَدَ أَنَّ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْقَعْدَةُ وَلَيْسَتْ فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَحْنَثَ. أُجِيبَ بِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ السَّجْدَةِ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ بِنَاءً عَلَى تَوَقُّفِ الْحِنْثِ عَلَى الرَّفْعِ مِنْهَا وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ فَلَيْسَتْ تِلْكَ الْقَعْدَةُ هِيَ الرُّكْنُ.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَرْكَانَ الْحَقِيقِيَّةَ هِيَ الْخَمْسَةُ وَالْقَعْدَةُ رُكْنٌ زَائِدٌ عَلَى مَا تَحَرَّرَ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِلْخَتْمِ فَلَا تُعْتَبَرُ رُكْنًا فِي حَقِّ الْحِنْثِ اهـ فَتْحٌ مُلَخَّصًا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَدَّمْنَا أَنَّهَا شَرْطٌ لَا رُكْنٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي تَوَقُّفِ حِنْثِهِ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ وَإِنْ كَانَتْ رُكْنًا زَائِدًا وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ يَحْنَثُ بِدُونِهَا حَكَاهُمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ بِنَفْسِ السُّجُودِ) أَيْ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ لِتَمَامِ حَقِيقَةِ السُّجُودِ بِهِ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى الرَّفْعِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِتَحَقُّقِ الرَّكْعَةِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ تَتَحَقَّقُ بِوُجُودِ الْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ، لَكِنْ إذَا قَالَ رَكْعَةً فَقَدْ الْتَزَمَ زِيَادَةً عَلَى حَقِيقَةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ صَلَاةٌ تُسَمَّى رَكْعَةً وَهِيَ الرَّكْعَةُ الْأُولَى مِنْ شَفْعٍ، فَلَوْ صَلَّى رَكْعَةً ثُمَّ تَكَلَّمَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا صُورَةُ رَكْعَةٍ لَا صَلَاةٌ هِيَ رَكْعَةٌ وَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ لِأَنَّهُ مَا صَلَّى رَكْعَةً لِأَنَّهَا بُتَيْرَاءُ وَلَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ حَنِثَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ مَانِعٌ لِصِحَّةِ الرَّكْعَةِ وَهِيَ تَصْغِيرُ الْبَتْرَاءِ تَأْنِيثُ الْأَبْتَرِ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ ثُمَّ صَارَ يُقَالُ لِلنَّاقِصِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً فَهَلْ يَتَوَقَّفُ حِنْثُهُ عَلَى قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ؟ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ وَهُوَ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ لِمَا ذَكَرْته أَيْ مِنْ أَنَّهَا رُكْنٌ زَائِدٌ، وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ كَصَلَاةِ الصُّبْحِ أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ حَتَّى يَقْعُدَ اهـ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْعِنَايَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُعْتَبَرُ شَرْعًا بِدُونِهَا وَصَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ عِبَارَةٌ عَنْ صَلَاةٍ تَامَّةٍ وَتَمَامُهَا شَرْعًا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْقَعْدَةِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي الْفَتْحِ: وَتَوْجِيهُ الْمَسْأَلَةِ يَشْهَدُ لِمَا فِي الْعِنَايَةِ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَعْدَةِ مُطْلَقًا وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَقْدَ يَمِينِهِ عَلَى مُجَرَّدِ الْفِعْلِ، وَهُوَ إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً لَا يَحْنَثُ قَبْلَ الْقَعْدَةِ وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى الْفَرْضِ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْمَثْنَى فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ حَنِثَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ بَعْدَ الْأَرْبَعِ اهـ لَكِنْ فِيهِ شِبْهُ الْمُنَافَاةِ إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا أُصَلِّي الْفَرْضَ وَقَوْلِهِ لَا أُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا تَأَمَّلْ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ الْفَجْرَ أَوْ الْمَغْرِبَ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقْعُدَ فِي آخِرِهَا وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوْجَهَ مَا فِي الْعِنَايَةِ كَمَا مَرَّ عَنْ النَّهْرِ وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَيْضًا اشْتِرَاطُ الْقَعْدَةِ فِي قَوْلِهِ لَا أُصَلِّي رَكْعَةً وَإِلَّا فَهِيَ صُورَةُ رَكْعَةٍ لَا رَكْعَةٌ حَقِيقِيَّةٌ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ بَعْدَ شُرُوعِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِاقْتِدَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَصْلِيَّةٌ) لَكِنَّ الَّذِي فِي نُسَخِ الْمَتْنِ الْمُجَرَّدَةِ صُدِّقَ بِلَا وَاوٍ فَتَكُونُ إنْ شَرْطِيَّةً وَجَوَابُهَا صُدِّقَ.
(قَصَدَ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا) لِأَنَّهُ أَمَّهُمْ (وَصُدِّقَ دِيَانَةً) فَقَطْ (إنْ نَوَاهُ) أَيْ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا (وَإِنْ أَشْهَدَ قَبْلَ شُرُوعِهِ) أَنَّهُ لَا يَؤُمُّ أَحَدًا (لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا) لَا دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً وَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ اسْتِحْسَانًا (كَمَا) لَا حِنْثَ (لَوْ أَمَّهُمْ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) لِعَدَمِ كَمَالِهَا (بِخِلَافِ النَّافِلَةِ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَتْ الْإِمَامَةُ فِي النَّافِلَةِ مَنْهِيًّا عَنْهَا.
[فُرُوعٌ]
إنْ صَلَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَالَ صَلَّيْت وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى لَمْ يَعْتِقْ لِإِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا بِلَا حَرَجٍ.
قَالَ: إنْ تَرَكْت الصَّلَاةَ فَطَالِقٌ فَصَلَّتْهَا قَضَاءً طَلُقَتْ عَلَى الْأَظْهَرِ ظَهِيرِيَّةٌ.
حَلَفَ مَا أَخَّرَ صَلَاةً عَنْ وَقْتِهَا وَقَدْ نَامَ فَقَضَاهَا اسْتَظْهَرَ الْبَاقَانِيُّ عَدَمَ حِنْثِهِ لِحَدِيثِ «فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» .
اجْتَمَعَ حَدَثَانِ فَالطَّهَارَةُ مِنْهُمَا.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَؤُمُّ أَحَدًا
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَمَّهُمْ) أَيْ فِي الظَّاهِرِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَقَصْدُهُ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ أَنَّهُ إذَا نَوَى أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَصَلَّى خَلْفَهُ رَجُلَانِ جَازَتْ صَلَاتُهُمَا، وَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ أَنْ يَقْصِدَ الْإِمَامَةَ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ قَضَاءً أَيْضًا فَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، وَيَظْهَرُ لِي الثَّانِي لِأَنَّ شُرُوعَهُ وَحْدَهُ أَوَّلًا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِمَامَةَ، وَصِحَّةُ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا نِيَّتُهُ وَلِذَا لَوْ أَشْهَدَ لَمْ يَحْنَثْ مَعَ صِحَّةِ اقْتِدَائِهِمْ لِأَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ الْإِمَامَةَ شَرْطٌ لِحُصُولِ الثَّوَابِ لَهُ لَا لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ) لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَقَدْ وُجِدَ فَتْحٌ. وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى هَذَا الْحَالِفُ بِالنَّاسِ الْجُمُعَةَ، فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ لَا يَحْنَثُ أَصْلًا وَإِلَّا حَنِثَ قَضَاءً لَا دِيَانَةً إنْ نَوَى لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ أَشْهَدَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْنَثْ دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً اهـ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ فِي الْجُمُعَةِ يَحْنَثُ قَضَاءً وَإِنْ أَشْهَدَ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا فَإِقْدَامُهُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ أَمَّ فِيهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ كَمَالِهَا) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: لِأَنَّ يَمِينَهُ انْصَرَفَتْ إلَى الصَّلَاةِ الْمُطْلَقَةِ اهـ أَيْ وَالْمُطْلَقَةُ هِيَ الْكَامِلَةُ ذَاتُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَمَا بَحَثَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي إذَا أَمَّ فِي الْجِنَازَةِ إنْ أَشْهَدَ صُدِّقَ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَفِي الدِّيَانَةِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ كَمَا فِي النَّهْرِ.
قُلْت: وَبَحْثُ الْفَتْحِ وَجِيهٌ إلَّا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فِي الصَّلَاةِ فَتَنْصَرِفُ الصَّلَاةُ إلَى الْكَامِلَةِ أَمَّا بِدُونِ ذِكْرِ الصَّلَاةِ فَالْإِمَامَةُ مَوْجُودَةٌ فِي الْجِنَازَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ) أَيْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ مَنْهِيًّا عَنْهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ عَلَى وَجْهِ التَّدَاعِي وَهُوَ أَنْ يَقْتَدِيَ أَرْبَعَةٌ بِوَاحِدٍ ط (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا) أَيْ فَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمَوْلَى لِإِنْكَارِهِ شَرْطَ الْعِتْقِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَحَبَّةِ وَالرِّضَا مِنْ الْأُمُورِ الْقَلْبِيَّةِ؛ فَإِنَّ الْقَوْلَ فِيهَا لِلْمُخْبِرِ عَنْهَا (قَوْلُهُ طَلُقَتْ عَلَى الْأَظْهَرِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِنَا تَارِكُ الصَّلَاةِ مَنْ لَا يُصَلِّي أَصْلًا. اهـ. ح (قَوْلُهُ اسْتَظْهَرَ الْبَاقَانِيُّ إلَخْ) هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَمَبْنَى الثَّانِي عَلَى انْصِرَافِ الْوَقْتِ إلَى الْأَصْلِيِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ الْعُرْفَ كَمَا أَفَادَهُ ح لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَا تَأْخِيرَ مِنْ النَّائِمِ فَالْأَظْهَرُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَامَ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَانْتَبَهَ بَعْدَهُ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ كَانَ نَامَ بَعْدَ دُخُولِهِ حَنِثَ (قَوْلُهُ اجْتَمَعَ حَدَثَانِ فَالطَّهَارَةُ مِنْهُمَا) أَيْ مُطْلَقًا كَجَنَابَتَيْنِ مِنْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ أَوْ بَوْلٍ وَرُعَافٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْتَسِلُ مِنْ امْرَأَتِهِ هَذِهِ فَأَصَابَهَا ثُمَّ أَصَابَ أُخْرَى أَوْ بِالْعَكْسِ ثُمَّ اغْتَسَلَ فَهُوَ مِنْهُمَا وَحَنِثَ. وَكَذَا لَوْ حَلَفَتْ لَا تَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةِ أَوْ مِنْ حَيْضٍ فَأَجْنَبَتْ وَحَاضَتْ ثُمَّ اغْتَسَلَتْ فَهُوَ مِنْهَا وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ: هُوَ مِنْ الْأَوَّلِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ لَا كَبَوْلٍ وَرُعَافٍ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: إنْ اتَّحَدَ فَمِنْ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَمِنْهُمَا. وَقَالَ الزَّاهِدُ عَبْدُ الْكَرِيمِ كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ الْوُضُوءَ
حَلَفَ لَيُصَلِّيَنَّ هَذَا الْيَوْمَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِالْجَمَاعَةِ وَيُجَامِعُ امْرَأَتَهُ، وَلَا يَغْتَسِلُ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِجَمَاعَةٍ ثُمَّ يُجَامِعُهَا ثُمَّ يَغْتَسِلُ كُلَّمَا غَرَبَتْ وَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِجَمَاعَةٍ فَلَا يَحْنَثُ.
(حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْهُ) فَلَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ (وَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ عَنْ الثَّالِثِ) أَيْ مُحَمَّدٍ (أَوْ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَ الطَّوَافِ) الْمَفْرُوضِ (عَنْ الثَّانِي) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ لِلْعَلَّامَةِ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعُقَيْلِيِّ الْأَنْصَارِيِّ كَانَ مِنْ كِبَارِ فُقَهَاءِ بُخَارَى وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَطُوفَ أَكْثَرَهَا.
(إنْ لَبِسْت مِنْ مَغْزُولِك فَهُوَ هَدْيٌ) أَيْ صَدَقَةٌ أَتَصَدَّقُ بِهِ بِمَكَّةَ (فَمَلَك) الزَّوْجُ (قُطْنًا)
ــ
[رد المحتار]
مِنْ أَغْلَظِهِمَا وَإِنْ اسْتَوَيَا فَمِنْهُمَا، وَقَدْ وَجَدْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مِنْهُمَا فَرَجَعْنَا إلَى قَوْلِهِ اهـ مُلَخَّصًا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ: لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الرُّعَافِ فَرَعَفَ ثُمَّ بَالَ فَتَوَضَّأَ حَنِثَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ بَالَ أَوَّلًا ثُمَّ رَعَفَ وَتَوَضَّأَ فَعَلَى قَوْلِ الْجُرْجَانِيِّ لَا يَحْنَثُ وَعَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ وَقَوْلِ أَبِي جَعْفَرٍ يَحْنَثُ تَتَارْخَانِيَّةٌ: قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ يُصَلِّي الْفَجْرَ إلَخْ) كَذَا أَجَابَ ابْنُ الْفَضْلِ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ إلَخْ قَالَ ح: وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْيَوْمِ بَقِيَّةَ النَّهَارِ إلَى الْغُرُوبِ فَكَيْفَ يَبَرُّ بِثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَةَ بِقَرِينَةِ الْخَمْسِ صَلَوَاتٍ، فَمَا الْحَاجَةُ إلَى مُجَامَعَتِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِجَمَاعَةٍ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَلْغَازِ فَتَأَمَّلْ. اهـ.
قُلْت: لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ يَمِينَهُ بِظَاهِرِهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى بَقِيَّةِ النَّهَارِ، وَبِذِكْرِهِ الْخَمْسَ احْتَمَلَ أَنَّهُ أَرَادَ مَا يَشْمَلُ اللَّيْلَ فَإِذَا جَامَعَ وَاغْتَسَلَ نَهَارًا يَحْنَثُ يَقِينًا وَكَذَا لَوْ جَامَعَ وَاغْتَسَلَ لَيْلًا لِأَنَّهُ وُجِدَ شَرْطُ الْحِنْثِ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ لِأَنَّهُ فِي النَّهَارِ لَمْ يُجَامِعْ وَفِي اللَّيْلِ قَدْ اغْتَسَلَ وَقَدْ حَلَفَ أَنَّهُ يُجَامِعُ وَلَا يَغْتَسِلُ.
أَمَّا إذَا جَامَعَ فِي النَّهَارِ وَاغْتَسَلَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَإِنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الْمُرَادِ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحِنْثِ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْآخَرِ وُجِدَ فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ، وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِالْجَمَاعَةِ فَهُوَ لِتَأْكِيدِ كَوْنِ الْخَمْسِ هِيَ الْمَكْتُوبَةَ.
ثُمَّ ظَهَرَ لِي جَوَابٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا انْعَقَدَتْ عَلَى النَّهَارِ فَقَطْ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ أَدَاءُ الْخَمْسِ فِي النَّهَارِ انْصَرَفَتْ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ شَرْعًا وَهُوَ أَدَاءُ الْكُلِّ فِي أَوْقَاتِهَا كَمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى تَزَوُّجِ مَحْرَمِهِ فَتَزَوَّجَهَا حَنِثَ لِأَنَّ يَمِينَهُ تَنْصَرِفُ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبَرُّ إلَّا إذَا صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا وَجَامَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَاغْتَسَلَ بَعْدَهُ إذْ لَوْ جَامَعَ وَاغْتَسَلَ نَهَارًا حَنِثَ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَغْتَسِلَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَا فِي اللَّيْلِ حَنِثَ أَيْضًا لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ يُجَامِعَ فِي النَّهَارِ وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ هُوَ الْمُرَادُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْإِيرَادُ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَحُجُّ
(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَحُجُّ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ حَجَّةً أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّالِثِ) أَيْ أَنَّ هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ عَنْ الثَّانِي) أَيْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ) جَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِأَنَّ الْحَجَّ عِبَارَةٌ عَنْ أَجْنَاسٍ مِنْ الْفِعْلِ كَالصَّلَاةِ فَتَنَاوَلَتْ الْيَمِينَ جَمِيعَهَا وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إلَّا بِأَكْثَرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ.
فَإِنْ جَامَعَ فِيهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَجِّ الْقُرْبَةُ فَتَنَاوَلَتْ الْيَمِينُ الْحَجَّ الصَّحِيحَ كَالصَّلَاةِ شَرْحُ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ فِي الْعُمْرَةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَعْتَمِرُ.
مَطْلَبُ إنْ لَبِسْت مِنْ مَغْزُولِك فَهُوَ هَدْيٌ
(قَوْلُهُ أَيْ صَدَقَةٌ أَتَصَدَّقُ بِهِ بِمَكَّةَ) ذِكْرُ ضَمِيرِ بِهِ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ بِمَعْنَى الْمُتَصَدَّقِ بِهِ.
بَعْدَ الْحَلِفِ (فَغَزَلَتْهُ) وَنُسِجَ (وَلَبِسَ فَهُوَ هَدْيٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ، وَلَهُ التَّصَدُّقُ بِقِيمَتِهِ بِمَكَّةَ لَا غَيْرُ وَشَرَطَا مِلْكَهُ يَوْمَ حَلَفَ وَيُفْتَى بِقَوْلِهِمَا فِي دِيَارِنَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تَغْزِلُ مِنْ كَتَّانِ نَفْسِهَا أَوْ قُطْنِهَا وَبِقَوْلِهِ فِي الدِّيَارِ الرُّومِيَّةِ لِغَزْلِهَا مِنْ كَتَّانِ الزَّوْجِ نَهْرٌ.
(حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ تِكَّةً مِنْهُ لَا يَحْنَثُ) عِنْدَ الثَّانِي وَبِهِ يُفْتَى
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي مَعْنَى الْهَدْيِ
قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمَعْنَى الْهَدْيِ هُنَا: مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ بِمَكَّةَ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ نَذَرَ هَدْيَ شَاةٍ أَوْ بَدَنَةٍ فَإِنَّمَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعِدَّةِ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ هُنَاكَ، فَلَا يُجْزِيهِ إهْدَاءُ قِيمَتِهِ. وَقِيلَ فِي إهْدَاءِ قِيمَةِ الشَّاةِ رِوَايَتَانِ، فَلَوْ سَرَقَ بَعْدَ الذِّبْحَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ نَذَرَ ثَوْبًا جَازَ التَّصَدُّقُ فِي مَكَّةَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ وَلَوْ نَذَرَ إهْدَاءَ مَا لَمْ يُنْقَلْ كَإِهْدَاءِ دَارٍ وَنَحْوِهَا فَهُوَ نَذْرٌ بِقِيمَتِهَا. اهـ.
فَالْحَاصِلُ: أَنَّ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِالتَّصَدُّقِ بِمَكَّةَ مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ الْتَزَمَ التَّصَدُّقَ عَلَى فُقَرَاءِ مَكَّةَ بِمَكَّةَ أَلْغَيْنَا تَعْيِينَهُ الدِّرْهَمَ وَالْمَكَانَ وَالْفَقِيرَ فَعَلَى هَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْتِزَامٍ بِصِيغَةِ الْهَدْيِ وَبَيْنَهُ بِصِيغَةِ النَّذْرِ بَحْرٌ.
مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْمَكَانِ فِي الْهَدْيِ دُونَ النَّذْرِ
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْهَدْيَ جُعِلَ التَّصَدُّقُ بِهِ فِي الْحَرَمِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِدِرْهَمٍ عَلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ لَمْ يُجْعَلْ التَّصَدُّقُ بِهِ فِي الْحَرَمِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِهِ بَلْ ذَلِكَ وَصْفٌ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّتِه، وَمِثْلُهُ تَعْيِينُ الزَّمَانِ وَالدِّرْهَمِ فَلِهَذَا لَمْ يَلْزَمْ بِالنَّذْرِ ثُمَّ رَأَيْت نَحْوَهُ فِي ط عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَكَالْهَدْيِ الْأُضْحِيَّةُ فَإِنَّهَا اسْمٌ لِمَا يُذْبَحُ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، فَالزَّمَانُ مَأْخُوذٌ فِي مَفْهُومِهَا، كَمَا سَنَذْكُرُ تَحْقِيقَهُ فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَالْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ خَارِجَانِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَلْغَيْنَا تَعْيِينَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَإِنَّ الزَّمَانَ مُتَعَيِّنٌ فِي نَذْرِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْمَكَانَ فِي الْهَدْيِ وَكَذَا النَّذْرُ الْمُعَلَّقُ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الزَّمَانُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، أَمَّا الْمَكَانُ وَالدِّرْهَمُ وَالْفَقِيرُ فَلَا تَتَعَيَّنُ فِيهِ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي بَحْثِ النَّذْرِ أَوَّلَ الْأَيْمَانِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَلِفِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا وَقْتَ الْحَلِفِ فَغَزَلَتْهُ فَلَبِسَهُ فَإِنَّهُ هَدْيٌ بِالْأَوْلَى وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَشَرَطَا مِلْكَهُ يَوْمَ حَلَفَ) لِأَنَّ النَّذْرَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَى سَبَبِ الْمِلْكِ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّ اللُّبْسَ وَغَزْلَ الْمَرْأَةِ لَيْسَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَلَهُ أَنَّ غَزْلَ الْمَرْأَةِ عَادَةً يَكُونُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ وَالْمُعْتَادُ هُوَ الْمُرَادُ وَذَلِكَ سَبَبٌ لِمِلْكِهِ بَحْرٌ. أَيْ الْغَزْلُ مِنْ قُطْنِ الزَّوْجِ سَبَبٌ لِمِلْكِ الزَّوْجِ لِمَا غَزَلَتْهُ، وَلِهَذَا يَحْنَثُ إذَا غَزَلَتْ مِنْ قُطْنٍ مَمْلُوكٍ لِلزَّوْجِ وَقْتَ الْحَلِفِ لِأَنَّهَا إذَا غَزَلَتْهُ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لَأَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ غَزْلَهَا مَعَ أَنَّ الْقُطْنَ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ؛ لَكِنْ يُشْكِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ اللُّبْسُ وَهُوَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ. إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ إنْ غَزَلْت ثَوْبًا وَلَبِسْته فَيَكُونُ الشَّرْطُ هُوَ الْغَزْلُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ لَا مُجَرَّدُ اللُّبْسِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَغْزِلُ مِنْ كَتَّانِ نَفْسِهَا) أَيْ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ النَّذْرِ وَهُوَ الْإِضَافَةُ إلَى مِلْكِهِ أَوْ سَبَبِهِ ط (قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ، وَبَحَثَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نُوحٌ أَفَنْدِي بِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ فَإِنَّ بَعْضَ نِسَاءِ مِصْرَ تَغْزِلُ مِنْ كَتَّانِ الزَّوْجِ، وَبَعْضَ نِسَاءِ الرُّومِ بِالْعَكْسِ لَا سِيَّمَا نِسَاءُ الْجُنُودِ الَّذِينَ يَغِيبُونَ عَنْهُنَّ سِنِينَ، فَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ الْغَالِبِ اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا) أَيْ مَغْزُولِهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ قَبْلَهُ وَهُوَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ عَلَى الثَّوْبِ، وَإِنْ نَوَى عَيْنَ الْغَزْلِ لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ نَوَى الْحَقِيقَةَ،
لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَابِسًا عُرْفًا (كَلَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ نَسْجِ فُلَانٍ فَلَبِسَ مِنْ نَسْجِ غُلَامِهِ) لَا يَحْنَثُ (إذَا كَانَ فُلَانٌ يَعْمَلُ بِيَدِهِ وَإِلَّا حَنِثَ) لِتَعَيُّنِ الْمَجَازِ (كَمَا حَنِثَ بِلُبْسِ خَاتَمِ ذَهَبٍ) وَلَوْ رَجُلًا بِلَا فَصٍّ (أَوْ عِقْدِ لُؤْلُؤٍ أَوْ زَبَرْجَدٍ أَوْ زُمُرُّدٍ) وَلَوْ غَيْرَ مُرَصَّعٍ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى.
(فِي حَلِفِهِ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا) لِلْعُرْفِ (لَا) يَحْنَثُ (بِخَاتَمٍ فِضَّةٍ) بِدَلِيلِ حِلِّهِ لِلرِّجَالِ (إلَّا إذَا كَانَ مَصُوغًا عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ) بِأَنْ كَانَ لَهُ فَصٌّ فَيَحْنَثُ هُوَ الصَّحِيحُ زَيْلَعِيٌّ، وَلَوْ كَانَ مُمَوَّهًا بِذَهَبٍ يَنْبَغِي حِنْثُهُ بِهِ نَهْرٌ كَخَلْخَالِ وَسِوَارٍ.
ــ
[رد المحتار]
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا وَغَزْلِ غَيْرِهَا حَنِثَ، وَلَوْ مِنْ غَزْلِهَا خَيْطٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْغَزْلَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ إلَّا إذَا قَالَ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا لِأَنَّ بَعْضَ الثَّوْبِ لَا يُسَمَّى ثَوْبًا مُحِيطٌ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ ثَوْبًا زِرُّهُ وَعُرَاهُ مِنْ غَزْلِهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لُبْسًا عُرْفًا بِخِلَافِ اللَّبِنَةِ وَالزِّيقِ مُنْتَقَى. اهـ. بَحْرٌ مُلَخَّصًا وَلَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ رُقْعَةٌ مِنْ غَزْلِ غَيْرِهَا حَنِثَ لَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ مَا خِيطَ مِنْ غَزْلِهَا فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لَابِسًا عُرْفًا) بِخِلَافِ مَا إذَا لَبِسَ تِكَّةً مِنْ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ مَقْصُودًا، وَإِنْ لَمْ يَصِرْ لَابِسًا، وَقَدْ وُجِدَ وَالْمُحَرَّمُ بِالْيَمِينِ اللُّبْسُ، وَلَمْ يُوجَدْ بَحْرٌ وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ اتِّفَاقًا بَلْ هُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَا الْقَلَنْسُوَةُ وَلَوْ تَحْتَ الْعِمَامَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، وَعَلَى مُقَابِلِ الصَّحِيحِ لَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ اهـ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يُكْرَهُ الزِّرُّ وَالْعُرَى مِنْ الْحَرِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لَابِسًا وَلَا مُسْتَعْمِلًا وَكَذَا اللَّبِنَةُ وَالزِّيقُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ كَالْعَلَمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَجُلًا) أُتِيَ بِهِ لِأَنَّ خَاتَمَ الْفِضَّةِ لَيْسَ حُلِيًّا فِي حَقِّهِ لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ الذَّهَبِ (قَوْلُهُ بِلَا فَصٍّ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ وَلَوْ بِلَا فَصٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُرَصَّعٍ عِنْدَهُمَا) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَلَوْ غَيْرَ مُرَصَّعٍ لَا يَحْنَثُ وَبِقَوْلِهِمَا قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّهُ حُلِيٌّ حَقِيقَةً فَإِنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ وَقَالَ تَعَالَى - {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} [النحل: 14]- وَالْمُسْتَخْرَجُ مِنْ الْبَحْرِ اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ وَلَهُ أَنَّهُ لَا يُتَحَلَّى بِهِ عَادَةً إلَّا مُرَصَّعًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَالْأَيْمَانُ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى اسْتِعْمَالِ الْقُرْآنِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ قِيَاسُ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ اللُّؤْلُؤِ لِلْغِلْمَانِ وَالرِّجَالِ وَقِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ فَفِي زَمَانِهِ كَانَ لَا يُتَحَلَّى بِهِ إلَّا مُرَصَّعًا وَيُفْتَى بِقَوْلِهَا لِأَنَّ الْعُرْفَ الْقَائِمَ إنَّهُ يُتَحَلَّى بِهِ مُطْلَقًا فَتْحٌ.
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا
(قَوْلُهُ فِي حَلِفِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ كَمَا حَنِثَ (قَوْلُهُ لَا يَلْبَسُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَقَوْلُهُ حُلِيًّا بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حَلْيٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ كَسَدْيٍ وَسُدِيٍّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ حِلِّهِ لِلرِّجَالِ) أَيْ مَعَ مَنْعِهِمْ مِنْ التَّحَلِّي بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُمْ لِقَصْدِ التَّخَتُّمِ لَا لِلزِّينَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّينَةُ لَازِمَ وُجُودِهِ لَكِنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ بِهِ فَكَانَ عَدَمًا خُصُوصًا فِي الْعُرْفِ الَّذِي هُوَ مَبْنَى الْأَيْمَانِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَحْنَثُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لَهُ فَصٌّ) يُوهِمُ كَلَامُهُ كَكَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ مَا لَهُ فَصٌّ لَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ، وَفِي كَرَاهِيَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ يَجُوزُ الْخَاتَمُ مِنْ الْفِضَّةِ عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ الرِّجَالِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ فَصَّانِ أَوْ أَكْثَرُ فَحَرَامٌ اهـ وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ لَيْسَ فِيهَا هَذَا الْإِيهَامُ وَهِيَ قَالَ الْمَشَايِخُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَصْبُوغًا عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ النِّسَاءِ بِأَنْ كَانَ لَهُ فَصٌّ فَإِنْ كَانَ حَنِثَ لِأَنَّهُ لُبْسُ النِّسَاءِ اهـ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْبَسُهُ النِّسَاءُ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ بِخَاتَمِ الْفِضَّةِ يَنْفِي كَوْنَهُ حُلِيًّا وَإِنْ كَانَ زِينَةً (قَوْلُهُ كَخَلْخَالٍ وَسِوَارٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا لِلتَّزَيُّنِ فَكَانَ كَامِلًا فِي مَعْنَى الْحُلِيِّ بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ.
[تَتِمَّةٌ]
حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا أَوْ لَا يَشْتَرِيهِ فَيَمِينُهُ عَلَى كُلِّ مَلْبُوسٍ يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، وَتَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَلَا يَحْنَثُ بِبِسَاطٍ أَوْ طَنْفَسَةٍ أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ مِنْدِيلٍ يَمْتَخِطُ بِهِ أَوْ مِقْنَعَةٍ أَوْ لِفَافَةٍ إلَّا إذَا بَلَغَتْ مِقْدَارَ الْإِزَارِ، وَكَذَا الْعِمَامَةُ وَلَوْ اتَّزَرَ بِالْقَمِيصِ
(حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَى) حَائِلٍ مُنْفَصِلٍ كَخَشَبٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ (بِسَاطٍ أَوْ حَصِيرٍ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ آخَرَ فَنَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَجْلِسُ عَلَى هَذَا السَّرِيرِ فَجَعَلَ فَوْقَهُ آخَرَ لَا يَحْنَثُ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الْحَشْوَ مِنْ الْفِرَاشِ لِلْعُرْفِ، وَلَوْ نَكَّرَ الْأَخِيرَيْنِ حَنِثَ مُطْلَقًا لِلْعُمُومِ، وَمَا فِي الْقُدُورِيِّ مِنْ تَنْكِيرِ السَّرِيرِ حَمَلَهُ فِي الْجَوْهَرَة عَلَى الْمُعَرَّفِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى أَلْوَاحِ هَذَا السَّرِيرِ أَوْ أَلْوَاحِ هَذِهِ السَّفِينَةِ فَفُرِشَ عَلَى ذَلِكَ فِرَاشٌ) لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنَمْ عَلَى الْأَلْوَاحِ بَحْرٌ كَذَا فِي نُسَخِ الشَّرْحِ.
لَكِنْ يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِأَدَاةِ التَّشْبِيهِ نَحْوِ كَمَا لَوْ إلَى آخِرِ الْكَلَامِ أَوْ تَأْخِيرِهِ عَنْ مَقَالَةِ الْقِرَامِ لِيَصِحَّ الْمَرَامُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْأَفْهَامِ كَمَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي غَالِبِ نُسَخِ الْمَتْنِ بِدِيَارِنَا دِمَشْقَ الشَّامِ فَتَنَبَّهْ (وَلَوْ جُعِلَ عَلَى الْفِرَاشِ قِرَامٌ) بِالْكَسْرِ الْمَلَاءَةُ (أَوْ) جُعِلَ (عَلَى السَّرِيرِ بِسَاطٌ أَوْ حَصِيرٌ حَنِثَ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ نَائِمًا أَوْ جَالِسًا عَلَيْهِمَا عُرْفًا بِخِلَافِ مَا مَرَّ
ــ
[رد المحتار]
أَوْ ارْتَدَى لَا يَحْنَثُ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى لُبْسِ ثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِاللُّبْسِ الْمُعْتَادِ، وَفِي الْمُعَيَّنِ يَحْنَثُ كَيْفَمَا لَبِسَهُ وَلَا يَحْنَثُ بِوَضْعِ الْقَبَاءِ عَلَى اللِّحَافِ حَالَةَ النَّوْمِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْبَحْرِ.
مَطْلَبُ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ لَا يَنَامُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ أَوْ هَذَا السَّرِيرِ
(قَوْلُهُ عَلَى حَائِلٍ مُنْفَصِلٍ) أَيْ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْحَالِفِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْحَائِلُ ثِيَابَهُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَلَا يَصِيرُ حَائِلًا وَلَوْ خَلَعَ ثَوْبَهُ فَبَسَطَهُ وَجَلَسَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ لِارْتِفَاعِ التَّبَعِيَّةِ بَحْرٌ وَفَتْحٌ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ جَلَسَ عَلَى حَشِيشٍ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَثِيرًا يَحْنَثُ اهـ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مَقْلُوعٍ لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ جَالِسٌ عَلَى الْحَشِيشِ لَا عَلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ عَلَى هَذَا الْفِرَاشِ) مِثْلُهُ هَذَا الْحَصِيرِ وَهَذَا الْبِسَاطِ هِنْدِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ) لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتْبَعُ مِثْلَهُ فَتَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ عَنْ الْأَسْفَلِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَائِمًا عَلَى فِرَاشَيْنِ فَلَمْ تَنْقَطِعْ النِّسْبَةُ وَلَمْ يَصِرْ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ.
وَحَاصِلُهُ: أَنَّ كَوْنَ الشَّيْءِ لَيْسَ تَبَعًا لِمِثْلِهِ مُسَلَّمٌ وَلَا يَضُرُّنَا نَفْيُهُ فِي الْفِرَاشَيْنِ بَلْ كُلٌّ أَصْلٌ فِي نَفْسِهِ، وَيَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ بِتَعَارُفِ قَوْلِنَا نَامَ عَلَى فِرَاشَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَمَاسَّهُ إلَّا الْأَعْلَى فَتْحٌ.
قُلْت: وَهَذَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ الْآنَ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الْحَشْوَ) أَيْ وَنَامَ عَلَى الظِّهَارَةِ أَوْ عَلَى الصُّوفِ وَالْحَشْوِ فَلَا يَحْنَثُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِرَاشًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ (قَوْلُهُ لِلْعُرْفِ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ الْأَخِيرَيْنِ) أَيْ الْفِرَاشَ وَالسَّرِيرَ (قَوْلُهُ لِلْعُمُومِ) أَيْ عُمُومِ اللَّفْظِ الْمُنَكَّرِ لِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ ط (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْقُدُورِيِّ) وَقَعَ مِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ (قَوْلُهُ حَمَلَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ عَلَى الْمُعَرَّفِ) وَكَذَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: وَمَنْ حَلَفَ لَا يَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ أَيْ فِرَاشٍ مُعَيَّنٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَإِنْ جَعَلَ فَوْقَهُ فِرَاشًا آخَرَ فَنَامَ عَلَيْهِ لَا يَحْنَثُ. اهـ.
قُلْت: وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّ قَوْلَهُ فِرَاشًا آخَرَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُعَيَّنٌ لِيَكُونَ الْآخَرُ غَيْرَهُ إذْ لَوْ كَانَ مُنَكَّرًا لَكَانَ الْآخَرُ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ أَيْضًا فَافْهَمْ قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُدَّعَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنَمْ عَلَى الْأَسْفَلِ، وَهَذَا لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَيَّنِ لِانْقِطَاعِ النِّسْبَةِ إلَيْهِ بِالثَّانِي، وَأَمَّا حِنْثُهُ فِي الْمُنَكَّرِ بِالْأَعْلَى فَبَحْثٌ آخَرُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقٌ فَالْأَحْسَنُ مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ (قَوْلُهُ الْمُلَاءَةَ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ سَاتِرٌ رَقِيقٌ يُجْعَلُ فَوْقَهُ كَالْمُلَاءَةِ الْمَجْعُولَةِ فَوْقَ الطَّرَّاحَةِ اهـ وَفِي الْمِصْبَاحِ: الْقِرَامُ وِزَانُ كِتَابٍ: السِّتْرُ الرَّقِيقُ وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ وَفِيهِ رَقْمٌ وَنُقُوشٌ ثُمَّ قَالَ وَالْمُلَاءَةُ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ الرَّيْطَةُ ذَاتُ لِفْقَيْنِ وَالْجَمْعُ مُلَاءٌ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَقَالَ أَيْضًا الرَّيْطَةُ بِالْفَتْحِ كُلُّ مُلَاءَةٍ لَيْسَتْ لِفْقَيْنِ أَيْ قِطْعَتَيْنِ وَقَدْ يُسَمَّى كُلُّ ثَوْبٍ رَقِيقٍ رَيْطَةً (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ