الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الجزء الثالث]
باب الإخبار
شرط الاسم الواقع في هذا الباب إمكان الاستفادة به، فإن كان ليس تحته معنى كثواني الأعلام نحو أبي بكر، وأم بكر، وامرئ القيس، وبعلبك في لغة من أضاف، فلا يقع خبرًا، خلافًا للمازني، فإنه أجاز أن يقع خبرًا مستدلاً بأن العرب قد أخبرت عنه قال:
فكأنما نظروا إلى قمر
…
أو حيث علق قوسه قزح
والاستغناء عنه بأجنبي، ولا يكون ذلك في الهاء في نحو: زيد ضربته لأنك لو قلت: زيد ضربت عمرًا، لم يصح.
وجواز استعماله مرفوعًا، فلا يكون ذلك فيما لزم حالاً واحدة، أما وجوب الرفع كأيمن الله، و «ما» التعجبية أو النصب كسبحان الله، وسحر معينًا، وأخواته.
وجواز تأخيره هو، أو خلفه المنفصل، فلا يكون ذلك فيما لزم الصدر كأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، و (كم) الخبرية، وضمير الشأن، فكل
هذا يستعمل مرفوعًا، ومنصوبًا ولا يقع في هذا الباب خبرًا، إلا اسم الاستفهام للاستثبات فيأتي حكمه إن شاء الله تعالى، ومثال جواز تأخيره هو (زيدًا) في نحو: ضربت زيدًا تقول في الإخبار: الذي ضربته زيد، ومثال تأخير خلفه التاء في نحو: ضربت زيدًا تقول: الذي ضرب زيدًا أنا، فأنا خلف عن التاء، وكون الاسم لا يختص بالنفي كأحد، وعريب فيصح استعماله مرفوعًا مبتدأ، ولا يكون في هذا الباب.
وكونه منويًا عنه بضمير فلا يكون مما لا يصح إضماره كالحال، والتمييز والظاهر الذي حصل به الربط، كان تكرارًا بلفظه، أو اسم الإشارة غليه.
وكون الضمير لا يطلبه بالعود شيئان كالضمير الذي في منطلق، لو جعلته خبرًا في هذا الباب، فقلت في: زيد منطلق: الذي زيد منطلق هو؛ لكان الضمير الذي في (منطلق) يطلبه الموصول، ويطلبه زيد، ولا يمكن إعادته إليهما، ولا إلى أحدهما فلو قال إنسان: زيد عالم فقال قائل: لقيته، فصير هذا الضمير المنصوب خبرًا في هذا الباب، فقال الذي لقيته هو لم يعد الضمير هنا إلا على الذي، وهذه مسألة خلاف أجازها الأستاذ أبو علي، وكلام ابن عصفور، وابن مالك يوافقه، وذهب الجزولي، والشوليين الصغير إلى منع ذلك. ونكتة الخلاف هل
شرط هذا الضمير أن لا يكون عائدًا على شيء قبله، أو شرطه أن لا يكون رابطًا، فلو كان في الكلام رابطان نحو: زيد ضربته في داره، جاز الإخبار فتقول: الذي زيد ضربت في داره هو، فالضمير في داره رابط الخبر بالمخبر عنه، وهو خبر عن الذي، وعائد على زيد.
وكونه بعض ما يوصف به من جملة واحدة، فلو كانت لا يوصف بها، كالأمر، والنهي لم يكن في هذا الباب أو جملتين في حكم واحدة، كجملة الشرط، والجزاء، فتصلح للوصف نحو:(زيدًا) في إن تضرب زيدًا أضربه فتقول: الذي إن تضربه أضربه زيد.
وإن كنا متعاطفين فلا بد من اتحاد العامل حقيقة نحو: زيد من قولك: قام زيد وعمرو [تقول: الذي قام هو، وعمرو زيد، ونحو: عمرو تقول الذي قام زيد، وهو عمرو]، أو حكمًا نحو زيد، من قولك: ما هذا بزيد ولا عمرًا تقول: الذي ما هذا به ولا عمرًا زيد، أو عمرو تقول: الذي ما هذا بزيد، ولا إياه عمرو وكذا مسألة: كفى بزيد، وعمرو رفيقين، وإذا استوفيت هذه الشروط وقع في هذا الباب، الذي تريد أن تجعله خبرًا، للذي وفروعه، و (لأل) الموصولة، إن كانت الجملة مصدرة بفعل موجب، يمكن أن يصاغ منه صلة (لأل)؛ فإن كان غير موجب، كهو في قولك: ما قام زيد أو موجبًا، ولا يمكن الصوغ منه نحو: يذر، ويدع لم يكن في هذا الباب صلة (لأل)، وذكر أبو الحسن مسألة يصح أن يقع فيها خبرًا عن (أل)، لا عن الموصول غيرها تقول: قامت جاريتا زيد
لا قعدتا، فإذا جعلت زيدًا خبرًا في هذا الباب قلت: القائم جاريتاه لا القاعدتان زيد، ولو قلت: الذي قامت جاريتاه لا الذي قعدتا زيد لم يجز، ومن النحويين من أجاز: مررت بالذي قام أبواه، لا الذي قعدا؛ فعلى هذا تجوز مسألة الأخفش بالذي، وذكر الأخفش مسألة أخرى تصدر (بأل)، لا بالذي وذلك: المضروب وجها زيد، ولا يجوز: الذي ضرب وجها زيد.
وكيفية الإخبار: أن تقدم الموصول مبتدأ، وتؤخر الاسم، أو خلفه خبرًا، وما بينهما صلة عائد منها إلى الموصول ضمير غائب، يخلف الاسم في إعرابه؛ الذي كان له، وسواء كان المجعول خبرًا ضمير تكلم أو خطاب، فتقول في ضربته: الذي ضرب أنا، وفي ضربت: الذي ضرب أنت، فالضمير في ضرب عائد على الموصول، وذهب أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني إلى جواز عوده مطابقًا للخبر، فأجاز الذي ضربت أنا، والذي ضربت أنت، ومنع ذلك الجمهور، وفي الإخبار باسم الاستفهام خلاف، والمنع أظهر، وإليه ذهب ابن بابشاذ، ومنهم من أجازه قياسًا، فإذا أخبرت باسم استفهام على مذهب من يجيزه لم يتقدم الموصول، بل يتقدم اسم الاستفهام فتقول في أيهم ضربت: أيهم الذي إياه ضربت، وتقول في أي من قولهم: أيهم قائم: أيهم الذي هو قائم، وفي أي رجل كان جاءك: أيهم الذي هو كان جاءك، وفي إعراب هذا التركيب خلاف،
فقال ابن عصفور أيهم خبر مقدم، والذي مبتدأ، والقياس، وقال ابن الضائع شيخنا: لا يجوز إلا أن يكون أيهم مبتدأ، والذي خبره.
وإذا أخبرت باسم من جملة الاستفهام، صيرت اسم الاستفهام أولاً مبتدأ، ثم تأتي بالموصول، ثم تضمر مكان اسم الاستفهام من الجملة، ثم تضمر المخبر به، خبرًا عن الموصول فتقول في أيهم زيد: أيهم الذي هو زيد، الضمير الثاني ضمير زيد خبر عن الأول، وزيد خبر الذي، والجملة خبر أيهم، وفي الإخبار بأخيك من قولك: أي رجل كان أخاك: أيهم الذي هو كأنه أخوك، أو كان إياه أخوك، فاسم كان مضمر يعود إلى هو، وهو مضمر أي، ولو كان الاسم دخلت عليه أداة الاستفهام نحو: أزيد أخوك؛ قلت: الذي هو أخوك زيد إذا جعلت زيدًا خبرًا، والذي زيد هو أخوك إذا جعلت أخاك خبرا، وجعل ما أردت الإخبار به متأخرًا خبرًا عن الموصول هو قول النحويين، وفي البسيط إن ذلك على جهة الأولى والأحسن، وأنه يصح أن تقول: زيد الذي ضرب عمرًا، فتجعل زيدًا خبرًا عن الذي، إما متقدمًا أو متأخرًا، وجوزه المبرد، أو تجعل زيدًا لمبتدأ، والذي خبره، وذلك في قول من قال ضرب زيد عمرًا.
ولنذكر مسائل هذا الباب مفرعة على محال الإعراب من الرفع والنصب والجر فتقول: المرفوعات المبتدأ، وتقدم القول في أي إذا كانت استفهامًا، وأما غيرها فتقول في زيد: من (زيد أخوك) الذي هو أخوك زيد، وفي هو من قولك: (هو
قائم) الذي هو قائم هو، وعن ضمير المتكلم أو المخاطب من (أنا قائم)، و (أنت قائم) الذي هو قائم أنا، والذي هو قائم أنت، وفي الإخبار بهما خلاف والصحيح الجواز، والضمير الذي خلف غائب، وأجاز الكسائي: الذي أنا قائم أنا، والذي أنت قائم أنت، والإخبار في بعض المواضع يؤدي إلى تغيير مضمرين تقول: أنا قائم أبي، وأنت قائم أبوك، فالإخبار عن أنا، وعن أنت تقول فيهما الذي هو قائم أبوه أنا، والذي هو قائم أبوه أنت لا يجوز إلا هكذا؛ لأنه لو أقررت التاء، والكاف، لم يجز إلا أن ابن السراج ذكر مسألة؛ وهي ضربت الذي ضربني قال: إذا أخبرت عن التاء قلت: الذي ضرب الذي ضربني أنا، وكان ينبغي أن تقول: الذي ضرب الذي ضربه أنا؛ لأن التاء، والياء بمعنى واحد، فيلزم من تغيير أحدهما تغيير الآخر، ويمكن أن يفرق بينهما بأن في هذه الياء لم يغير؛ لأنا أعدنا إلى الذي ضمير غائب، فاستغنى عن تغيير الياء، وليس كذلك التي قبلها؛ لأنك لو قلت الذي هو قائم أبي لأعدت ضمير المتكلم إلى الغائب، وذلك لا يجوز؛ لأنك إنما معك ضمير واحد انتهى من النهاية.
والخبر إن كان جامدًا جاز نحو: أخيك من (زيد أخوك) تقول: الذي زيد هو أخوك، وفي المشتق خلاف جوزه ابن الدهان فتقول: في قائم من (زيد
قائم) الذي زيد هو قائم، والصحيح أن لا يجوز بالمشتق، وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي: لا يتصور عندي وقوع ضميري المتكلم والمخاطب خبرين، فيخبر بهما إلا في مثل أنت أنت (أي أنت الذي أعرفه) فتقول: في أنت الواقع خبرًا: الذي أنت هو أنت وتقول: في المبتدأ الذي بعد ضمير الشأن في نحو: كان زيد منطلق: الذي كان هو منطلق زيد، وفي الخبر في كان زيد أخوك: الذي كان زيد هو أخوك، وفي الإخبار بأل في زيد: الكائن هو هو منطلق زيد، قاله الزجاج، برز ضمير الشأن، لما كان في صلة (أل)، وقال بعض أصحابنا لا يبرز.
الفاعل
إن كان ضمير متكلم، أو مخاطب، ففي جواز الإخبار به خلاف، والجمهور على الجواز فتقول: في ضربت، وضربت: الذي ضرب أنا، والذي ضرب أنت، فإن كان الموصول أل، ومرفوع الصلة ضميرًا لغير (أل)، وجب إبرازه، فتقول في ضربت زيدًا: الضاربه أنا زيد، وإن كان لأل قلت: في زيد من (خرج زيد)، وفي التاء من (ضربت زيدا) الخارج زيد، والضارب زيدًا أنا، ثم الفاعل إن كان في جملة واحدة نحو: قام زيد قلت: الذي قام زيد، والقائم زيد، وإن كان تقدمه فعلان، واتحدا لفاعل ضمير متكلم، أو مخاطب، فالصحيح الجواز، وإن كان ظاهرًا نحو يقوم ويقعد زيد قلت: الذي يقوم، والذي يقعد زيد، وزيد خبر عن الموصولين، أو تكرار الثاني توكيد، والأولى أن يقال: استغنى بخبر أحدهما عن الآخر، ويجوز أن تقول في (أل): القائم، والقاعد زيد، والقائم، ويقعد زيد، وسواء كان العطف بالواو أم بغير الواو، وإن كان الفاعل الثاني هو ضمير الأول نحو: قام زيد، وخرج عطفت بما شئت من حروف العطف، فبالإخبار بالضمير تقول: الذي قام زيد، وخرج هو، والقائم زيد، والخارج هو؛ فإن عطفت على الفاعل مفردًا نحو: قام زيد وعمرو قلت في زيد: الذي قام هو، وعمرو زيد، وبعمرو قلت: الذي قام زيد وهو عمرو، والقائم هو، وعمرو زيد، والقائم زيد وهو عمرو، ولا يكون العطف إلا بالواو خاصة.
وإن اختلف الفاعل، والعطف بالفاء نحو: يطير الذباب فيغضب زيد، فأخبرت بالفاعلين قلت: الذي يطير هو الذباب فالذي يغضب هو زيد، والطائر الذباب فالغاضب زيد، وبالفاعل الأول: الذي يطير، فيغضب زيد الذباب،
والطائر فيغضب زيد الذباب، تعطف بالفعل على صلة أل؛ لأنه في معناه خلافًا للأخفش، والمبرد، وابن السراج في منعهم هذا، وإذا أخبرت بالفاعل الثاني قلت: يطير الذباب فالذي يغضب هو زيد، ويطير الذباب فالغاضب زيد، فإن كان العطف بالواو، وأخبرت عن الفاعلين كما تقدم قلت: الذي يطير الذباب، والذي يغضب زيد، وبالذباب فقط، لم يجز عند أكثر النحاة لخلو الجملة الثانية من ضمير يربط الصلة بالموصول لو قلت: الذي يطير، ويغضب زيد الذباب، وليست الواو كالفاء، وأجاز ذلك ابن الطراوة وغيره؛ على أن تكون الواو جامعة، وهي التي تجعل المسندين كشيء واحد نحو: هذان زيد وعمرو.
وإذا عطفت على الفاعل الأول من قولك: يطير الذباب فيغضب زيد اسم فاعل بالذي كان منكرًا لا غير نحو: الذي يطير الذباب فغاضب زيد، إذا أخبرت بزيد، والذي يطير فغاضب زيد الذباب إذا أخبرت بالذباب، وإن كان بأل كان أيضًا نكرة فتقول: الطائر فغاضب زيد الذباب؛ إن أخبرت بالذباب، والطائر الذباب فغاضب زيد وأجاز هشام دخول «أل» على اسم الفاعل في المسألتين على أن تكون زائدة، ولو كررت الذي فقلت: الذي يطير الذباب فالذي يغضب زيد، والذي يطير فالذي يغضب زيد الذباب، فقال الأخفش هو محال: لخلو إحداهما من الضمير قال وكذا تكرير اللام؛ لخلو صلته من الضمير، فإن أمكن دخول اللام على الأول، والثاني وصوغ اسمي فاعلين ف يكل واحد منهما ضمير يعود على اللام نحو: ضربت زيدًا فأبكيته، تقول: إذا أخبرت بالتاء الضارب زيدًا، فالمبكية أنا، وبزيد: الضاربه أنا فالمبكية زيد. ومسألة يطير الذباب، فيغضب زيد،
لا يتأتى فيها هذا، ولا يجوز فيها عنده عطف الفعل على الاسم، فهي ممتنعة، وأجاز قوم: الطائر الذباب فالغاضب زيد، على نية طرح (أل) من الغاضب كأنه قال: فغاضب زيد، وهذا لا يجوز وقد غلط ابن بابشاذ فحكى عن أبي الحسن: أنه يجيز ما أجازه الفارسي، من قوله الطائر، فيغضب زيد الذباب.
المفعول الذي لم يسم فاعله
حكمه حكم الفاعل؛ إلا في الصيغة؛ فإنها تغير إلا في الفعل، وفي اسم المفعول عن صيغة ما بني للفاعل فيهما، فتقول: في ضرب زيد: الذي ضرب زيد، والمضروب زيد، وفي ضربت، وضربت: المضروب أنا، والمضروب أنت، والذي ضرب أنا، والذي ضرب أنا، والذي ضرب أنت، ولا يخبر في (مر بزيد) المجرور، الذي قام مقام الفاعل مادام مجرورًا.
اسم كان وأخواتها
يخبر به بالذي، و «بأل» إلا ليس، وما دخل عليه حرف النفي لزومًا أو حال إرادة نفيه، فلا يكون فيه (أل)، وإلا اسم ما دام، فلا يكون فيه (أل)، ولا الذي فتقول في كان زيد قائمًا: الذي كان قائمًا زيد، والكائن قائمًا زيد، وفي كنت قائمًا: الذي كان قائمًا أنت، والكائن قائمًا أنت، وفي كنت قائمًا: الذي كان قائمًا أنا، والكائن قائما أنا، وإذا ثنيت، أو جمعت، والإخبار بأل في ضمير المتكلم والمخاطب ثنى اسم الفاعل، وجمع واستتر الضمير على كل حال؛ إلا على مذهب الكسائي فيهما، فيبرز الضمير.
المرفوع بأفعال المقاربنة
إن كان الفعل متصرفًا نحو: كاد، وأوشك، جاز الإخبار بالمرفوع تقول: في كاد زيد يضرب عمرًا: الذي كاد يضرب عمرًا زيد، وكذا أوشك، وما أصله التصرف، وعرض له عدم التصرف باستعماله، في أفعال المقاربة، فالظاهر جواز الإخبار بمرفوعه فتقول: في (جعل زيد يقرأ): الذي جعل يقرأ زيد؛ وإن كان جامد الوضع وهو عسى، فأجاز الإخبار بمرفوعه الأستاذ أبو الحسين بن أبي الربيع، تقول في عسى زيد أن يقوم: الذي عسى أن يقوم زيد؛ وذاك لا يجوز عند الجمهور، وتقدم الخلاف في ذلك في صلة الموصول.
اسم ما ولات المنصوبان
تقول في ما زيد قائما: الذي ما هو قائما زيد، وزعم ابن عصفور أنه يجوز حذف المضمر هنا، وقال الأستاذ أبو الحسن بن الضائع: ينبغي أن لا يجوز، واسم ما لم يأت محذوفًا في موضع من المواضع، وقال ابن عصفور تقول في قراءة من نصب:{ولات حين مناص} ، الذي لات هو حين مناص الحين، تظهر ذلك الذي كان محذوفًا، وتجعل مكانه ضميرًا، ويجوز أن يحذف، وفي قراءة من رفع الذي لات هو حين مناص، ولا يحذف هو، وقال الأستاذ أبو الحسن بن الضائع هذا كله لا يجوز.
خبر إن وكأن
إن كان جامدًا قلت في: إن زيدا أخوك، وكأن زيدا أسد: الذي إن زيدًا هو أخوك، والذي كأن زيدا هو أسد؛ وإن كان مشتقًا ففيه الخلاف الذي في خبر المبتدأ، وقد مثل بعض شيوخنا ذلك فقال: في إن زيدًا قائم: الذي إن زيدًا هو قائم، وتقول في إنك أنت: الذي إنك هو أنت، كما تقدم في أنت أنت.
المنصوبات
المفعول به: تقول فيما يتعدى إلى واحد نحو: ضربت زيدا: الذي ضربته زيد، ويجوز حذف الضمير العائد فيه، والضاربه أنا زيد، ولا يجوز حذف العائد، وقد جوزوه بعضهم، وإن كان من باب ما يتعدى إلى اثنين، فإن كان من باب أعطى، وأخبرت بالأول في نحو: أعطيت زيدا درهمًا قلت: الذي أعطيته درهما زيد، ويجوز حذف العائد والمعطيه أنا درهمًا زيد، والمعطي أنا إياه درهمًا زيد، ولا يحذف العائد وإن أخبرت بالثاني قلت: الذي أعطيته زيدا درهم، والذي أعطيت زيدا إياه درهم، تفصله لبقائه في رتبته، وهو اختيار أبي بكر، والوصل ظاهر قول المازني؛ وهو أحسن عند البصريين، ويجوز المعطي أنا زيد إياه درهم، ومنع منها ثعلب.
والمتفق عليه المعطيه أنا زيدا درهم، أتيت به متصلاً؛ فإن ألبس أتيت به منفصلاً مكان الظاهر نحو: أعطيت زيدا عمرا فتقول في الإخبار بعمرو: الذي أعطيت زيدا إياه عمرو، والمعطي أنا زيدًا إياه عمرو، ولا يجوز حذف هذا العائد في الإخبار بزيد الذي أعطيته عمرا زيد، والمعطيه أنا عمرا زيد.
وإن كان من باب ظن، وأخبرت بالأول من نحو ظننت زيدا أخاك قلت: الذي ظننته أخاك زيد، ولا يجوز حذف العائد على الصحيح، والظانة أنا أخاك زيد، وقد يحذف هذا العائد قليلاً أو بالثاني مشتقًا، ففيه خلاف خبر المبتدأ إذا كان مشتقًا، أو جامدًا فتقول: الذي ظننته زيدًا أخوك ووصل الضمير أحسن من فصله.
وقال ابن الدهان: لا يحسن في هذا أن تأتي بالضمير المتصل وتقدمه قال: فتقول: الذي ظننت زيدا إياه قائم، والظان أنا زيدًا إياه قائم ومثل بالمشتق؛ لأنه يرى جواز ذلك في خبر المبتدأ، وفي التوابع وإذا قلت: الذي فيجوز حذف العائد على ضعف، ولم يقسه أبو الحسن، وأما في اسم الفاعل، فلا يجوز حذفه نحو: الظانة أنا أخاك زيد، وقد أجاز بعضهم هذا، إذا لم يلبس، فكمسألة أعطى، وإذا ألبس نحو: ظننت زيدًا عمرا، وأخبرت بعمرو قلت: الذي ظننت زيدا إياه عمرو وإن كان من باب أعلم، وأخبرت بالأول من أعلمت زيدًا عمرًا منطلقًا: قلت الذي أعلمته عمرًا منطلقًا زيد، ولا يجوز حذف العائد، ومن أجاز حذف الأول في باب أعلم، يقتضي قوله جواز حذف العائد وتقول في (أل) المعلمة أنا عمرًا منطلقًا زيد، هذا مذهب سيبويه، ومن النحويين من أجاز حذف العائد؛ وإن أخبرت بالثاني قلت: الذي أعلمت زيدًا إياه منطلقًا عمرو، ولا يجوز أن يقدم إياه على زيد، ويجوز حذف هذا العائد، وإن لم يلبس جاز اتصاله بالفعل، وذلك في
نحو: أعلمت زيدًا هندًا ضاحكة، فتقول: التي أعلمتها زيدًا ضاحكة هند، ويجوز أن ينفصل وإذا كان متصلاً بالفعل، جاز حذفه، خلافًا لأبي الحسن، وإن أخبرت بالثالث، وكان مشتقًا، ففيه الخلاف الذي في خبر المبتدأ إذا كان مشتقًا؛ فإن كان جامدًا جاز الإخبار به، فتقول في نحو: أعلمت زيدًا عمرًا أخاك: الذي أعلمت زيدًا عمرًا إياه أخوك، وإن أخبرت عن «أل» بالمفعول الأول فتقدم تمثيله، أو بالثاني قلت: المعلم أنا زيدًا إياه منطلقًا عمرو، أو بالثالث قلت: المعلم أنا زيدًا عمرًا إياه أخوك.
فرع: إنما ضربت زيدًا إذا أخبرت بزيد، قلت على مذهب سيبويه الذي إنما ضربته زيد؛ ويجوز حذف العائد، وعلى مذهب الزجاج الذي إنما ضربت إياه زيد.
اسم إن وكأن: تقول في (إن زيدًا قائم) وكأن زيدًا أسد: الذي إنه قائم زيد، والذي كأنه أسد زيد.
خبر كان؛ إن كان جامدًا، جاز الإخبار به، قال ابن عصفور: بلا خلاف وليس كذلك؛ بل من النحاة من منع الإخبار به مطلقًا، سواء أكان جامدًا أو مشتقًا، ومنهم من أجاز ذلك مطلقًا، وقال ابن الدهان: أكثر النحاة على الجواز مطلقًا ومنهم من فصل، فإن كان جامدًا جاز، وإن كان مشتقًا لم يجز، والتفريع على هذا، فتقول في كان زيد أخاك: الذي كان إياه زيد أخوك، ويجوز كأنه، والكائن إياه زيد أخوك، ويجوز الكائنة. خبر (ما) إن كان مشتقًا، ففيه الخلاف؛ وإن كان جامدًا قلت في ما زيد أخاك: الذي ما زيد إياه أخوك.
المصدر
إن كان مؤكدًا، فلا يجوز الإخبار به، وإن تخصص جاز نحو: قام زيد قيامًا حسنًا، وشربت شرب الإبل تقول: الذي قامه زيد قيام حسن، والذي شربته شرب الإبل، والقائمة زيد قيام حسن، والشاربه أنا شرب الإبل، وذكر ابن عصفور في المصدر المطلق خلافًا.
وإذا قلت: تبسمت وميض البرق، فمن قال العامل في «وميض البرق» محذوف لم يجز الإخبار به، وهو الرماني، ومن نصبه بتبسمت أجاز، فتقول: الذي تبسمت وميض البرق، والمتبسمة، أنا وميض البرق، هكذا في الغرة.
وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي: أبو عثمان، حيث يعمل في وميض البرق الظاهر، يجيز الإخبار به، وسيبويه حيث يضمر له من لفظه يمنع، فأما: جئت مشيًا، ورجع عوده على بدئه عند سيبويه، وأرسلها العراك، وجاءوا الجماء الغفير، فلا يجوز ذلك فيها، وأما سيرا من إنما أنت سيرا، فالمنع مذهب ابن السراج، ومنهم من يجيز فيقول: الذي إنما أنت إياه سير، وفي
النهاية: سقيًا ورعيًا في الإخبار عنه خلاف، ومن أجاز قال: الذي إياه سقى تقديره: الذي سقاه فلان سقى، [و] أنبتكم نباتًا فيها خلاف تبسمت وميض البرق.
الظرف المتصرف
إن اتسع فيه قلت في قام زيد اليوم، وفي قام زيد خلفك: الذي قامه زيد اليوم، والذي قامه زيد خلفك، والقائمه زيد اليوم، والقائمه زيد خلفك، وقد يحذف العائد مع الذي دون (أل)، وإن لم يتسع فيه، لم يصل إلى الضمير إلا بفي.
المفعول من أجله
في الإخبار به خلاف، صحح ابن عصفور المنع، وإلى الجواز ذهب ابن الضائع ومن أجاز ذلك فيه يقول في جئتك ابتغاء الخير، إذا أخبرت بابتغاء الخير: الذي جئتك له ابتغاء الخير، ولا تقول: الذي جئتكه لأن المفعول له لا ينصب إلا بشروط، ليست موجودة في الضمير، فاحتيج إلى لام الجر.
المفعول معه
مذهب أبي الحسن، أنه لا يجوز الإخبار به، وصححه ابن عصفور، وإلى الجواز ذهب غيرهما، وهو اختيار شيخنا أبي الحسن بن الضائع، فتقول في جاء البرد والطيالسة: الذي جاء البرد وإياها الطيالسة، والجائي البرد وإياها الطيالسة.
المنصوب على الاستثناء، تقول في قام القوم إلا زيدا: الذي قام القوم إلا إياه زيد، وفي قام القوم ليس زيدا: الذي قام القوم ليس إياه زيد، ولا تصل الضمير في الأجود فتقول: ليسه زيد، وكذلك لا يكون، فأما خلا وعدا وحاشا إذا نصبت وأخبرت بمنصوبها فتقول: الذي قام القوم حاشاه زيد، وكذلك خلا وعدا زيد.
المجرورات
إما بحرف، أو إضافة؛ إن كان بحرف لا يجر إلا المضمر، جاز تقول في لولاك لقمت: الذي لولاه لقمت أنت، أو تجره ضرورة، نحو: حتى، فلا يجوز عند الجمهور، وأجاز ذلك المبرد، أو لا يجر إلا المظهر نحو: رب وواوها، فلا يجوز، أو يجرهما فيجوز، فتقول في مررت بزيد: الذي مررت به زيد، والمار به أنا زيد، وحذف (به) ضعيف جدًا، وإن كان الجر بإضافة، ولكل من المتضايفين معنى، جاز الإخبار بالمجرور، فتقول في قام غلام زيد: الذي قام غلامه زيد، والقائم غلامه زيد، ولا يحذف هذا الضمير، إلا أن الاسم قد يقتطع من
الإضافة لفظًا، لفهم المعنى نحو: كل وبعض، تقول في مررت بكل القوم: الذي مررت بكل القوم، ويجوز التصريح بالضمير فتقول: الذي مررت بكلهم القوم، وفي الإخبار بالضمير في (ويحه رجلاً) خلاف ومن أجاز ذلك قال: الذي ويحه رجلاً هو، فإن كان المجرور بالإضافة ياء المتكلم نحو: هذا غلامي فتقول: الذي هذا غلامه أنا، وقد استضعف أبو عثمان الإخبار عن الياء؛ لأن الياء أعرف المعارف فتقلبها إلى ضمير الغائب، والغائب دون المخاطب، الذي هو دون المتكلم في التعريف.
وإن أخبرت عن اسم الإشارة قلت: الذي ها هو غلامي ذا؛ لأن حرف التنبيه يدخل على المضمر؛ وإن كان من العدد الذي أضيف إليه مميزه نحو قولك: هذه ثلاثة أثواب فتقول: الذي هذه ثلاثتها أثواب، وهذا فيه ضعف؛ لأن اسم العدد حقه أن يضاف إلى الجنس ليبينه، والإضافة إلى المضمر الغائب غير مبينة وإن بينت، فليس ذلك بطائل، وتقول له عشرة آلاف درهم فتقول: الذي له عشرة آلاف درهم، وتقول: له أحد عشر ألف درهم لا يجوز الإخبار عن درهم، لأن ألفا مضاف إليه، وقد وقع مميزًا لأحد عشر، فيقضي إلى جعل المميز معرفة.
وإن كان من العدد الذي أضيف إليه اسم الفاعل الموافق في المادة نحو: ثاني اثنين، لم يجز الإخبار به لا تقول في هذا ثاني اثنين: اللذان هذا ثانيهما اثنان هكذا قال أصحابنا ابن عصفور، وشيخنا الأبذي، وابن الضائع، وقد تقدمهما إلى ذلك ابن الدهان، وكذا قالوا في ثالث ثلاثة.
وهو عندي يصح، إذ معنى ثالث ثلاثة أحد ثلاثة، فيصح الذين هذا ثالثهم (أي أحدهم) ثلاثة، وقال شيخنا أبو الحسن بن الضائع: إن خصص بصفة أو تعريف صح، فتقول: اللذان هذا ثانيهما اثنان صالحان، أو الاثنان لمن بينك، وبينه عهد في اثنين، وزعم ابن عصفور، والأبذي شيخنا: أنه يجوز في الأربعة فما زاد في نحو: رابع أربعة أن يخبر بالأربعة فتقول في هذا رابع أربعة: الذين هذا رابعهم أربعة، ورد ذلك شيخنا أبو الحسن بن الضائع، ورده مردود، وإن اختلفا في المادة نحو: ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، فزعم ابن عصفور أنه يجوز في الثلاثة، وقال ابن الضائع: ينبغي أن لا يجوز إلا من الأربعة، وأما المركب، فلا يكون إلا في المتفق المادة نحو: حادي عشر أحد عشر، وينبغي أن لا يجوز إلا إن ذكر التمييز، فتقول في هذا حادي عشر أحد عشر: الذي هذا حادي عشرهم أحد عشر غلامًا، وفي الغرة:«فأما حادي أحد عشر، وثالث ثلاثة عشر» ، فإن أخبرت بأحد عشر، وثلاثة عشر، لم يجز: الذين هذا حاديهم أحد عشر، ولا الذين هذا ثالثهم ثلاثة عشر، كما تقول الذين هذا ثالثهم ثلاثة انتهى، ولا يجوز إدخال (أل) على شيء من هذا؛ لأنه مضاف فلا يجرى مجرى الفعل، وقال الأخفش ألا ترى أنك لا تقول: هذا خامس خمسة عدا؛ فإن قلت رابع ثلاثة جاز فتقول: إذا أخبرت عن ثلاثة: الذين هذا رابعهم ثلاثة، و (بال): الرابعهم هذا ثلاثة، ولا يجوز الثانيهما اثنان لعدم الفائدة انتهى.
وينبغي أن لا يجوز الذين هذا رابعهم ثلاثة؛ لأنه قد استفيد من المبتدأ وصلته أنهم ثلاثة، فقد صار الخبر مفهومًا من المبتدأ، فلا يجوز، وتقول إذا أخبرت عن (ما)، وصلتها من قولهم أحسن ما يكون الأمير قائمًا، على مذهب المازني: الذي هو قائمًا أحسن ما يكون الأمير، ومنعه بعضهم، لأن الضمير لا يؤدي عنه، والصواب في القياس: الذي أحسنه قائمًا، ما يكون الأمير، وفيه قبح؛ لأن الضمير لا يؤدي عنه.
التوابع
النعت يجوز أن يخبر بالمنعوت مع نعته، تقول في مررت برجل عاقل: الذي مررت به رجل عاقل، والمار به أنا رجل عاقل، وفي النهاية: مررت برجل عاقل تخبر عن رجل، فتقول: الذي مررت به عاقلاً رجل، أو الذي مررت به رجل عاقل ذكرهما أبو سعيد انتهى.
وبالمؤكد مع توكيده تقول في قام زيد نفسه: الذي قام زيد نفسه، والقائم زيد نفسه، وفي ضربت زيدًا نفسه: الذي ضربته نفسه زيد، ولا يجوز حذف الضمير من ضربته، نص عليه الأخفش نقلاً عن العرب أنهم لا يقولون: الذي ضربت نفسه زيد، يريدون الذي ضربته، وفي كتاب سيبويه من تمثيله، وتمثيل الخليل جواز حذف المؤكد.
ويجوز أن تخبر بالمعطوف عليه، وبالمعطوف تقول في نحو: قام زيد وعمرو: الذي قام هو وعمرو زيد، والذي قام زيد وهو عمرو، وتضع الضمير مكان الذي أخبرت به خلافًا لمن قال: لا بد أن تجعله فاعلاً فتقدمه، وتجعل المعطوف عليه
معطوفًا فتقول: الذي قام هو زيد وعمرو، واستحسن هذا المذهب أبو الحسين ابن أبي الربيع، فإن كان العطف (بأو) ففيها الخلاف الذي في الواو، فإن كان (بأم) لم يجز الإخبار لا بالمعطوف ولا بالمعطوف عليه؛ وإن كان بالفاء، أو بثم، أو بحتى، أو ببل، أو بلا، أو بلكن، كان الضمير مكان الذي تريد أن تخبر به، فتقول في قام زيد، فعمرو إذا أخبرت بعمرو: الذي قام زيد، فهو عمرو، وفي قام زيد لا عمرو، إذا أخبرت بعمرو: الذي قام زيد، لا هو عمرو، وفي ما قام زيد، لكن عمرو: الذي ما قام زيد، لكن هو عمرو، وكذلك بل وحتى، وتقول: زيد وعمرو قائمان، فإذا أخبرت بزيد قلت: الذي هو وعمرو قائمان زيد، أو بعمرو قلت: الذي زيد وهو قائمان عمرو، أو بهما قلت: اللذان هما قائمان زيد وعمرو، ويجوز ذلك في العطف بالفاء، وثم، وأو.
وأما الإخبار في البدل: فمنهم من يجيز الإخبار في المبدل منه وحده، وبالبدل وحده، فإذا قال: قام أخوك زيد، وأخبرت بأخيك الذي هو مبدل منه قلت: الذي قام زيد أخوك، ففي قام ضمير يعود على الذي وزيد بدل منه، وأخوك خبر الذي، وإذا أخبرت بالبدل قلت: الذي قام أخوك هو زيد، فهو بدل من أخوك، وهو عائد على الذي، وزيد خبر الذي، ومن النحاة من يبدل من زيد ضميرًا ويؤخره إلى آخر الكلام، وأخوك بدل منه، فتقول في قام زيد أخوك، كما كان قبل الإخبار به فتقول: الذي قام زيد أخوك؛ ففي قام ضمير يعود على الذي، وزيد خبر الذي، بقى التابع تابعًا، والمتبوع متبوعًا، وفي الغرة: في مررت بأخيك زيد: إن أخبرت بأخيك فقولان:
أحدهما: أن يؤخر البدل والمبدل منه إلى آخر الكلام فتقول: الذي مررت به أخوك زيد.
الثاني: أن تؤخر الأخ وحده، وتجعل زيدًا بدلاً من ضميره، فتقول: الذي مررت به زيد أخوك، وإن أخبرت بزيد، فمن الناس من لا يجيزه لعدم العائد من الأول، ومنهم من يجيزه فيقول: الذي مررت بأخيك به زيد؛ فإن أخبرت عن الأول باللام قلت على القول الأول: المار به أنا أخوك زيد، وعلى القول الثاني: المار أنا به زيد أخوك؛ فإن أخبرت بزيد، فالكلام فيه كالكلام في الأول انتهى، وتقول: ضربت زيدًا أخاك؛ إذا أخبرت بالبدل مفردًا من متبوعه بأل قلت: الضارب أنا زيدًا إياه أخوك، فصلة (أل) ضارب)، وقد رفع أنا و (زيدًا) مفعول ضارب، وإياه بدل من زيد، أو بقيت (أل) عارية من عائد عليها؛ لأن زيدًا مفعولها، وصارت صفة جرت على غير من هي له، فبرز ضمير الفاعل، وهو التاء في ضربت، ويقول في الإخبار عن (أل) بأخيك من قولك: مررت برجل أخيك: المار أنا برجل به أخوك تدخل الباء على الضمير الذي يحل محل البدل.
مسألة
وإذا أخبرت بالياء من ضربى زيدًا قائمًا قلت: الذي ضربه زيدا قائما أنا، وبزيد قلت: الذي ضربته أو ضربى إياه قائمًا زيد، ولا يجوز أن يخبر بضربي، ولا بقائم، وبالأمير من قولك: أحسن ما يكون الأمير قائمًا: الذي أحسن ما يكون قائمًا الأمير، وبـ (ما) مع صلتها أجازه المازني فيقول: الذي هو قائمًا ما يكون الأمير، ومنعه بعضهم قيل: والصواب في القياس: الذي أحسنه قائمًا ما يكون الأمير.
مسألة: الموصول كغيره من الأسماء تقول في: الإخبار بالذي من قولك: ضربت الذي ضربته: الذي ضربته الذي ضربته.
مسألة: إذا أخبرت بالسمن من قولك السمن منوان بدرهم، قلت: الذي هو منوان بدرهم السمن، وبالمنوين قلت: اللذان السمن هما يدرهم منوان، وبدرهم قلت: الذي السمن منوان به درهم، وبالهاء المحذوفة في منه لم يجز، وهذه مسائل من الإعمال إن اتفق العاملان في العمل نحو: ضربت، وأهنت زيدًا، فمذهب أبي الحسن في الإخبار بزيد أن تقول: الذي ضربته، وأهنته زيد، ويجوز حذف الضمير، وباللام قلت: الضاربه أنا، وأهنته زيد؛ وإن شئت كررت الموصول فقلت: والمهينه أنا زيد، ولا بد إذ ذاك من ضمير ثان، وقيل: لا يجوز الإتيان بالضمير في الصلة الأولى.
وإن اختلف العاملان في العمل نحو: ضربت، وضربني زيد، فإذا أخبرت بزيد فمذاهب:
أحدها: مذهب الأخفش وهو: أن يدخل الموصول على الأول، وعلى الثاني، وتستوفى كل جملة عائدها، وتستوفى إحدى الجملتين خبرها، وتترك الأخرى لا خبر لها فتقول: الذي ضربته، والذي ضربني زيد، وفي «أل» على إعمال الثاني: الضاربه أنا والضاربى زيد.
المذهب الثاني: كالأول إلا أنه يحذف الضمير للطول فتقول: الذي ضربت، والذي ضربني زيد، والضارب أنا، والضاربى زيد.
المذهب الثالث: أن يدخل الذي أو (أل) على الجملة الأولى، وتترك الثانية على حالها فتقول: الذي ضربت وضربني زيد، والضارب أنا، وضربني زيد، واتفقت هذه المذاهب الثلاثة على حذف الخبر من إحدى الجملتين، وتوفية الأخرى حقها من المبتدأ والخبر.
المذهب الرابع: ما نقل أصحابنا عن المازني: وهو أن تدخل الموصول على الأول، وعلى الثاني، وتأتي بكل جملة على انفرادها، وتوفى حقها من الخبر، والضمير، وكل جملة منهما قائمة بنفسها، فتقول: الذي ضربته زيد، والذي ضربني زيد، الضاربه أنا زيد، والضاربي زيد، وفي الغرة عن المازني؛ أنه يجعل أنا خبرًا عن الأول، والعائد مستكن، وزيد خبر عن الثاني، والعائد مستكن فهما جملتان، وفي نقل أصحابنا أن أنا فاعل، وخبر الضاربه زيد ملفوظ به.
وإذا أخبرت بالتاء من ضربت وضربني زيد، قلت على مذهب الأخفش الضارب والضاربه زيد أنا، وعلى مذهب المازني: الضارب أنا والضاربى زيد، وعلى مذهب الرماني: الضارب وضربه زيد أنا، وإن أخبرت بالياء قلت في مذهب المازني: الضارب أنا، والضاربه زيد أنا، وإذا أخبرت بالتاء من أعطيت وأعطاني زيد، درهما قلت على مذهب الأخفش: المعطى، والمعطيه
درهمًا زيد أنا، وعلى قول المازني: المعطي أنا، والمعطيه زيد درهمًا أنا، وبزيد قلت على مذهب الأخفش: المعطيه أنا، والمعطي درهمًا زيد، وعلى مذهب المازني اللفظ واحد، والتقدير مختلف، وبالدرهم على قول الأخفش: المعطيه أنا زيد، والمعطيه، أو المعطى إياه زيد درهم، وتعيد المفعول الأخير في مذهبه، برد الكلام إلى أصله، وعلى قول المازني: المعطى أنا، والمعطيه أو المعطى إياه زيد درهم.
وبالتاء في ظننت، وظنني زيد منطلقًا في مذهب الأخفش: الظان والظانه زيد منطلقًا أنا، فأنا عنده خبر عن الاثنين وكذا إن أخبرت بالياء، وفي مذهب المازني: الظان أنا، والظاني منطلقًا زيد، فأنا عنده خبر عن الأول، وبالياء على مذهب المازني: الظان أنا، والظانه زيد منطلقًا أنا، وبزيد على مذهب الأخفش: الظان أنا إياه والظاني منطلقًا زيد، وكذا ذكره الأخفش في المسائل الكبيرة، وابن السراج وفي قول المبرد، والرماني: الظانه أنا منطلقًا، والظانى إياه زيد.
وفي قول المازني: الظان أنا والظاني منطلقًا زيد، وبمنطلق على قول الأخفش: الظانه أنا إياه والظاني زيد إياه منطلق، وفي قول المازني: الظان أنا، والظاني إياه زيد منطلق، وفي قول الرماني: الظانه أنا إياه، وظنني زيد إياه منطلق، وبالتاء من ظننت، وظنني إياه زيدًا منطلقًا في قول الأخفش: الظان زيدًا منطلقًا،
والظان هو إياه أنا وبالياء كهو بالتاء في هذا القول، وفي قول المازني: الظان زيدًا منطلقًا أنا والظان هو إياه أنا، وبزيد في قول الأخفش: الظانه أنا منطلقًا، والظاني إياه هو زيد، ويجوز ألا تظهر هو، وفي قول المازني: الظانه أنا منطلقًا زيد، والظاني إياه هو، وبمنطلق في قول الأخفش: الظان أنا زيد إياه، والظاني هو إياه منطلق، ويجوز أن تسقط هو، وفي قول المازني: الظانه أنا زيد منطلق، والظاني هو إياه هو وفي النهاية: الإخبار عن الأسماء التي مع الفعلين أقوال، والتفريع على مذهب البصريين:
الأول: لا يمتنع منه أحد من النحويين، وهو مقتضى القياس، أن تدخل الموصول على الفعل المتقدم، وتجعله صلة له، وتعطف الثاني عليه، وتجعله داخلاً في الصلة.
الثاني: قول أبي الحسن: تنقل الفعلين إلى اسمي فاعلين، وتدخل (أل) على كل منهما، وتأتي بالمخبر عنه آخرًا فتكون عاطفًا لموصول مفرد على موصول مفرد.
الثالث: أصحاب الحذف، وهم قوم من البغداديين، مذهبهم كمذهب أبي الحسن، غلا أنهم يحذفون العوائد المنصوبة، وإن كانوا لا يحذفون الهاء مع أسماء الفاعلين في غير هذا الباب.
الرابع: قول المازني يفعل فعل أبي الحسن، إلا أنه يجعل كل جملة مستقلة بنفسها، ولا يمزج الموصول بحيث يجعل الخبر عنهما آخرًا؛ بل يعطي كل واحد خبره.
الخامس: قول ابن السراج تدخل (أل) على الأول، فيصير اسم فاعل، ويبقى الثاني على لفظه، وكلهم قد أطبقوا على الامتناع من إدخال (أل) على الفعل الثاني، مع إدخالها على الفعل الأول؛ لأن هذين الفعلين مزجا، حتى صارت الجملتان كالجملة الواحدة المسائل.
أما قاما وقعدا أخواك، وذهبت وذهب إلى زيد، وضربت وضربني زيد، وضربت وشتمت زيدًا، وأعطيت وأعطاني زيد درهمًا، وظننت وظنني زيد قائمًا، وأعلمت وأعلمني زيد عمرًا قائمًا، مثال ذلك في الأولى: اللذان قاما وقعدا أخواك، وعلى مذهب أبي الحسن: القائمان والقاعدان أخواك، وعلى مذهب أصحاب الحذف ليس فيه شيء تحذفه وعلى مذهب المازني: القائمان هما، والقاعدان أخواك، وعلى قول أبي بكر: القائمان وقعدا أخواك، وأنشد المفضل في الأمثال:
أراني وقيسا كالمسمن كلبه
…
فخدش أنيابه وأظافره
عطف خدشه على مسمن؛ لأنه وقع صلة (لأل)، كأنه قال: كالذي سمن كلبه، فخدشه، لا شبهة عند النحويين أن اسم الفاعل واسم المفعول الواقعين صلة (لأل) في معنى الفعل الصريح.
ذكر محال الرفع والنصب والجر والجزم
فمحل الرفع من الأسماء: المبتدأ، وخبره، واسم كان، وأخواتها، واسم ما الحجازية خلافًا للكوفيين في زعمهم: أنه مرفوع على الابتداء، والفاعل، والنائب، وخبر إن وأخواتها، وخبر لا لنفي الجنس، والتابع لمرفوع، أو الجاري مجرى المرفوع، وفسره البصريون بالمنادى المبني على الضم، إذا أتبع بما يجوز ضمه نحو: يا زيد الظريف، وبالمحكوم له بحكمه نحو: يا هؤلاء العقلاء، وبما هو في موضع رفع نحو: ما جاءني من رجل عاقل، وبما هو مرفوع مقدرًا نحو: زيد يضرب، وخارج، وبما هو مرفوع في المعنى نحو: ما قام غير زيد وعمرو، أي ما قام إلا زيد وعمرو، وهكذا عدوه، وعندي أنه من عطف التوهم، وليس من الجاري مجرى المرفوع معنى تابع منصوب لفظًا مشترك مع مرفوع في كون كل منهما فاعلاً مفعولاً من حيث المعنى
خلافًا للكوفيين في نحو: ضارب زيد هندًا العاقلة برفع العاقلة ولا الاسم المرفوع بعد لولا الامتناعية بها، خلافًا للفراء، وتبعه أبو منصور الجواليقي من المتأخرين، وهو قول جماعة من أهل الكوفة، وبغداد، وابن كيسان من المتقدمين، بل هو مرفوع بالابتداء.
وسيأتي الخلاف في ذلك مشبعًا إن شاء الله تعالى، ولا أن الاسم يرتفع بظرف، أو باسم قد رفع غيره، فالظرف (حيث) ترفع اسمين في نحو: زيد حيث عمرو لكونها نابت مناب ظرفين من حيث المعنى، إذ التقدير: زيد في مكان فيه عمرو خلافًا للكوفيين، بل هو مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف لدلالة المعنى عليه، ولو قلت: قمت حيث زيد قائم، فعندهم أنه إن حذف قائم، ارتفع زيد بحيث، وإن أثبت أجازوا فيه الرفع والنصف، و (حيث) عند البصريين مضافة إلى جملة، والاسم المشتق إذا وقع خبرًا للمبتدأ أو لما أصله المبتدأ، رفع المبتدأ، ورفع ضميره العائد على المبتدأ، ولو قدرته خلف موصوف استتر فيه ضميران، فلو كان الخبر (بأل) تحمل ثلاثة ضمائر، ورفع أربعة المبتدأ وضميره وضمير الخلف، وضمير (أل)، فلو أكدت الضمائر قلت: زيد القائم نفسه نفسه نفسه، وكان زيد القائم نفسه نفسه نفسه، خلافًا للكوفيين في ذلك والبصريون لا يحملون هذا المشتق غير ضمير واحد، وزاد الأعلم في وجوه الرفع: الرفع على الإهمال، وجعل من ذلك قوله تعالى:«يقال له إبراهيم» فإبراهيم عنده مرفوع بالإهمال من العوامل، وذكر ابن عصفور أن الاسم يرفع إذا كان لمجرد عدد، وكان معطوفًا على غيره، أو معطوفًا عليه غيره، ولم يدخل عليه عامل لا في اللفظ، ولا في التقدير نحو: واحد، واثنان، وثلاثة، وأربعة؛ فإذا كان عاريًا من العطفية كان موقوفًا نحو: واحد اثنان ثلاثة أربعة، والذي أذهب إليه: أن هذه الحركات ليست حركات إعراب، بل مشبهة بها، حدثت عند حصول هذا التركيب العطفي، ومن الأفعال:
المضارع العاري من ناصب وجازم، ونون إناث خلافًا لابن درستويه، إذ زعم أنه معرب، ومن نون توكيد خلافًا لمن زعم أنه معرب مطلقًا، أو فصل، فحكم بإعراب ما رفع بالنون وبناء غيره.
[ومحل النصب من الأسماء]: المفعول المطلق، وهو المصدر مبهمه، ومختصه، والمقيد وهو: المفعول به غير النائب، والمشبه به، وفيه، ومعه، ومن أجله، وخبر كان وأخواتها، واسم إن وأخواتها، وخبر ما الحجازية، خلافًا للكوفيين في زعمهم أن انتصابه هو على إسقاط الخافض، وهو الباء، وخبر (لا)، و (لات) أختى ما، واسم (لا) للتبرئة، واسم (لا) للتمني، والمستثنى، والحال، والتمييز، والتابع لمنصوب، أو جار مجرى المنصوب، وهو اسم لا في نحو: لا رجل ظريفًا فيه بنصب ظريف، أو المحكوم له بحكم المنصوب نحو: يا هؤلاء العقلاء، أو في موضع نصب نحو: ما رأيت من رجل، ولا امرأة، أو منصوبًا مقدرًا نحو: رأيت رجلاً يأكل وشاربًا، وأجاز هشام انتصاب الاسم على القطع مطلقًا نحو: جاء زيد أزرق، يريد الأزرق، أسقط (أل)، ونصب، والفراء حيث يراد التوكيد نحو: زيد في الحمام عريانا يريد العريان، وأجاز الكوفيون النصب على الخلاف نحو: لو تركت، والأسد لأكلك، وهذا عند البصريين مفعول معه، ونصب الاسم يكون متبوعه مفعولاً من حيث المعنى نحو: ضارب زيد هندًا العاقل، وأجاز ابن الطراوة النصب بالقصد، وذلك في باب الاشتغال نحو: زيدًا ضربته. وأجاز السهيلي: انتصاب الاسم على أنه مفعول به من جهة المعنى، وإن لم يعمل فيه عامل لفظي، وذلك في باب الإغراء، ومن الأفعال في المضارع غير المبني إذا دخل ناصب، أو اتبع نسقًا أو بدلاً.
ومحل الجر هو الاسم فقط: إذا دخل عليه عامله، وهو الحرف، والإضافة والتبعية لمجرور، أو ما جرى مجراه، بأن يحكم له بحكمه، نحو: مررت بخمسة
عشر رجلاً كرام، أو كان مخفوضًا مقدرًا نحو: مررت برجل يأكل وشارب، أو متوهمًا خفضه نحو: ما زيد قائمًا، ولا قاعد ونحو: ما أجازه بعضهم من قولك: ما قام إلا زيد وعمرو بالجر في عمرو، على معنى ما قام غير زيد وعمرو، وأجرى إلا زيد مجرى غير زيد.
ومحل الجزم هو الفعل فقط، ومنه في المضارع المعرب إذا دخل عليه عامله فيجزم به، أو بكونه تابعًا بدلاً، أو نسقًا لمجزوم، أو لمحل مجزوم على تقدير نحو قوله تعالى:{فأصدق وأكن من الصالحين} ، في قراءة من جزم، وهذا هو كالفهرست للأبواب التي تأتي، ويأتي الكلام فيها محررًا إن شاء الله تعالى.