الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
إذا لحقت هذه الحروف (ما) غير الموصولة، ارتفع ما بعدها بالابتداء، وكفتها (ما) عن العمل، وجاز أن تليها الجملة الفعلية، فتكون (ما) ميهئة وموطئة قال تعالى:«إنما يخشى الله من عباده العلماء» «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا» «كأنما يساقون إلى الموت» ، قال الشاعر:
ولكنما أسعى لمجد مؤثل
…
...
…
...
وأما مجيء الفعل بعد لعلما، وليتما، فهو مذهب البصريين، أجازوا: ليتما ذهبت ولعلما قمت، وزعم الفراء أن ذلك لا يجوز، فلا تجيء الجملة الفعلية بعدهما، ووافقه على ذلك في ليتما خاصة أصحابنا المتأخرون، وزعموا أن ليتما باقية على اختصاصها بالجملة الاسمية، وزعم ابن درستويه، وبعض الكوفيين أن (ما) مع هذه الحروف نكرة مبهمة بمنزلة الضمير المجهول لما فيها من التفخيم، والجملة بعدها في موضع الخبر، ومفسرة له ولم تحتج إلى رابط؛ لأن
الجملة المفسرة هي ما في المعنى (وما) في (إنما) وأخواتها، لم تغير شيئًا من مدلولها الذي كان قبل لحوق (ما) خلافًا لمن ادعى أنها أفادت الحصر فيما دخلت عليه إنما، وجعل (إن) للإثبات، و (ما) للنفي قول من لم يقرأ النحو، ولا طالع قول أئمته.
واختلفوا في نصب الأسماء بعد لحاق (ما) هذه الحروف: فذهب سيبويه، والأخفش، والفراء، إلى أنه لا يجوز ذلك إلا في (ليتما) وحدها فتقول: ليتما زيدًا قائم، وصححه أكثر أصحابنا، وذهب الزجاجي، والزمخشري إلى جواز ذلك فيها كلها، ونقل عن ابن السراج، وذهب الزجاج إلى جواز ذلك في ليت، ولعل، وكأن، دون إن وأن، ولكن، وعزاه صاحب البسيط إلى الأخفش، واختاره ابن أبي الربيع، وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز كف (ما) لليت، ولا للعل، بل يجب إعمالها فتقول: ليتما زيدًا قائم، ولعلما بكرًا قادم، ودعوى ابن مالك الإجماع بجواز الإعمال والإهمال في ليتما، يبطلها مذهب الفراء، وذهب بعضهم إلى أنه ينصب
بليت، ولعل، وجوز الأخفش في نقل عنه ذلك في أن، وإن، وكأن، وذكروا أن السماع، ورد بالرفع، والنصب في ليتما، وحكى الكسائي، والأخفش عن العرب: إنما زيدًا قائم، بالإعمال. ومن قال بإعمال هذه الحروف، كانت (ما) عنده زائدة، وانفردت ليت بدخولها على أن المفتوحة، فتسد مسد اسمها، وخبرها عند سيبويه: ليت أن زيدًا قائم، وذهب الأخفش إلى أن خبر ليت محذوف، ولا تدخل على (أن) مع الفعل، فتكتفي بهما عند المحققين، وربما زيدت الباء في (أن) بعد ليت قال:
…
...
…
... فليت بأنه في جوف عكم
ولا يجوز دخول (لعل) على أن، فتقول: لعل أن زيدًا قائم، ولا على كأن فتقول: كأن أنك ذاهب، ولا على لكن فتقول: لكن أنك منطلق، خلافًا للأخفش في إجازة ذلك في ثلاثتها، ولا على دخول إن على أن فتقول: إن
أن زيدًا منطلق حق، وإن أنك قائم يعجبني خلافًا للفراء، وهشام، ولا على دخول (أن) على إن خلافًا للكسائي، والفراء، وأنشد الكسائي:
وخبرتما أن إنما بين بيشة
…
ونجران أحوى والجناب رطيب
ومذهب سيبويه أنه لا يجوز شيء من هذا، إلا بفصل أخبارها بينها، وبين (أن) إلا ما جاء في ليت فتقول: إن عندي أنك فاضل، وكأن في نفسي أنك عالم، وكذا باقيها.