المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل المشهور رفع أخبار هذه الحروف، وذهب ابن سلام في طبقات - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٣

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌فصل المشهور رفع أخبار هذه الحروف، وذهب ابن سلام في طبقات

‌فصل

المشهور رفع أخبار هذه الحروف، وذهب ابن سلام في طبقات الشعراء، وجماعة من المتأخرين إلى جواز نصبه، والكسائي إلى جوازه في ليت، وكذا في نقل عن الفراء، وعنه أيضًا في ليت، وكأن، ولعل، وزعم ابن سلام أنها لغة رؤبة وقومه، وحكى عن تميم أنهم ينصبون بلعل، وسمع ذلك في خبر إن، وكأن، ولعل، وكثر ذلك في خبر ليت حتى عمل عليه المولدون قال ابن المعتز:

مرت بنا سحرا طير فقلت لها

طوباك يا ليتني إياك طوباك

ولم يحفظ في خبر (إن)، ولا خبر لكن، وما لا تدخل عليه (ما دام) لا تدخل عليه هذه الحروف، وخصت (ما دام)؛ لأن خبرها لا يكون مفردًا طلبيًا نحو: أين [زيد]، وفي دخول (إن) على ما خبره نهي خلاف، صحح

ص: 1242

ابن عصفور جوازه في شرحه الصغير للجمل، وتأول ذلك في شرحه الكبير في قوله:

...

... إن الرياضة لا تنصبك للشيب

وعلى المنع نصوص شيوخنا، وقال في شرحه الصغير لكتاب الجمل:«أما الجملة غير المحتملة للصدق والكذب، ففي ووقعها خبرًا لهذه الحروف خلاف، والصحيح أنها تقع في موضع خبرها انتهى» ، فأطلق ولا يصح أن يكون الخلاف في «ليت» ، ولا لعل، ولا كأن وإن ألحق لكن بأن فيمكن.

وفي النهاية: يجوز إدخال إن، وأن على أن المصدرية من غير فصل نحو: إن (أن) تزورنا خير لك، وعلمت أن أن تطيع الله [أحسن] وذكر دخول ليت على أن من غير فصل، ومذهب الأخفش في قياس لعل على ليت في ذلك، ثم قال: ولا يبعد أن يجوز دخول «لكن» على (أن) نحو: لم يعجبني قيامك، ولكن أنك جالس يعجبني

انتهى.

ص: 1243

ولا يتقدم خبرهن عليهن، ولا على اسمهن، إلا إن كان ظرفًا أو مجرورًا، فيجوز، وقد يجب نحو: إن في الدار ساكنها، وإن عند هند بعلها، ويقدر العامل فيها بعد الاسم، ولو توسط بينها وبين اسمها بمعموله جاز نحو: إن بك كفيلين أخواك؛ فإن أدخلت اللام على الخبر، وكان ظرفًا، أو مجرورًا، ففي جواز ذلك خلاف وصحح أصحابنا المنع، والصحيح الجواز، ففي كتاب سيبويه، وتقول: إن بك زيدًا مأخوذ، وإن فيك زيدًا لراغب، وإن اليوم زيدًا منطلق، كأنك لم تذكر بك، ولا فيك، ولا اليوم.

وقصر الأخفش جواز ذلك على المسموع فلا يجيز: إن حتى اليوم زيدًا مقيم، أو حالاً، فلا يجوز الفصل، وأجازه أبو علي الجلولي في النكت التي له على الإيضاح قال: (فإذا قلت: إن زيدًا قائم ضاحكًا، جاز أن تقول: إن ضاحكا زيدا قائم ثم قال نحو: إن في الدار زيدًا مقيم، و «في الدار» متعلق بمقيم قال: ومنع قوم التفرقة بين إن واسمها بالحال انتهى فأما قوله:

كأن وقد أتى حول كميل

أثافيها حمامات مثول

ص: 1244

فجملة اعتراض، وقال ابن مالك، عاملوا الحال معاملة الظرف فأولوها كأن.

وفي النهاية: يجوز إن عندك يومك زيدًا مقيم تفصل بظرفين، وقال الله تعالى:«إن لي عنده للحسنى» انتهى.

والظرف والمجرور الواقعان خبرًا يشترط فيهما أن يكونا تامين، وزعم الفراء أنهما يقعان ناقصين خبرًا في اللفظ، معمولين للمتعلق في المعنى، والمتعلق حال في اللفظ، وهو خبر في المعنى فتقول: إن زيدًا بالجارية كفيلاً، وإن زيدًا اليوم قائمًا، وقال ابن الأنباري: حكى ذلك الكوفيون مع الناقص عن العرب، ويقولون: إن النصب مع التام أكثر انتهى.

وهذا متفرع من باب المبتدأ والخبر ويجيزون: عبد الله بالجارية كفيل، فالرفع في كفيل واجب عند البصريين، وهو المختار عند الكوفيين، وزعموا أن من العرب من ينصب كفيلاً.

ويجوز حذف أسماء هذه الحروف في فصيح الكلام: إذا دل على ذلك دليل نحو قوله:

...

...

ولكن زنجي

...

ص: 1245

و:

فليت دفعت

...

...

...

... ....

أي، ولكنك زنجي، وفليتك دفعت، ولا يخص ذلك بالشعر خلافًا لزاعم ذلك، فإن كان ضمير الشأن، فحكى جواز حذفه سيبويه عن الخليل نحو: إن بك زيدًا مأخوذ، وحكى الأخفش: إن بك مأخوذ أخواك (أي إنه بك زيد) وينبغي فيما حكى الأخفش أن يكون المحذوف غير ضمير الشأن، بل ضمير المخاطب،

ص: 1246

وذكر سيبويه: «إن إياك رأيت، وإن أفضلهم لقيت، ثم قال: فأفضلهم منتصب بلقيت وهو قول الخليل، ولم يجزه الفراء، قال؛ لأنه لا يكون الاسم الواحد معمولاً لعاملين، وذلك تصريح من سيبويه بالجواز دون ضرورة، وقال ابن عصفور لا يجوز حذف ضمير الشأن إلا ضرورة، وقال أيضًا: «ذهب جمهور البصريين إلى أنه يحسن حذفه في الشعر، ويقبح في الكلام، إلا أن يؤدى حذفه [إلى أن يلي إن وأخواتها فعل، فإنه يقبح في الكلام، وفي الشعر، وذهب أبو الحسن على أنه يحسن حذفه] في الشعر والكلام، إذا لم يؤد حذفه إلى أن يكون بعد (إن) وأخواتها اسم يصح عملها فيه نحو: إن في الدار قائم زيد، فإن أدى إلى ذلك نحو: إنه زيد قائم، فلا يجوز حذفه إلا إن كان ذلك الاسم لفعل بعده، أو بمبتدأ رفع ظاهرًا سد مسد خبره؛ فإنه يجوز نحو: إن أفضلهم كان زيد، وإن في الدار جلس أخواك.

وذهب الكسائي، والفراء، إلى أنه لا يجوز حذفه، إذا أدى إلى أن يكون بعد إن وأخواتها اسم يصح عملها فيه سواء أكان معمولاً لفعل متأخر أم مبتدأ، قد رفع ظاهرًا سد مسد خبره، أم لم يكن، فإن وقع بعدها فعل تقدم معموله ظرفًا أو مجرورًا نحو: إن في الدار قام زيد، وإن عندك جلس عمرو فذهب الكسائي إلى أن (إن) مبطلة في اللفظ عاملة في مضي الفعل، وقال الفراء اسم إن في المعنى، وعن الأخفش أيضًا، والجرمي إجازة حذفه في الكلام، وأجاز الجرمي:(إن فيها قائم أخواك)، على رفع قائم أخوك فاعل سد مسد خبره، و «قائم» المبتدأ، وأجاز أيضًا:«إن فيها قائمان أخواك» على أن «أخواك» مبتدأ خبره قائمان، ومذهب

ص: 1247

البصريين أن جميع هذه الحروف في حذف ضمير الشأن سواء، على ما قرر، والكوفيون إنما ذكروا ذلك في (إن)، ولم يتعدوا ذلك إلى غيرها، كليت وكأن، وباقيها.

ص: 1248