المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المفعول فيه - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٣

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌باب المفعول فيه

‌باب المفعول فيه

وهو الظرف، وهو ما انتصب من وقت أو مكان على تقدير (في) باطراد لواقع فيه مذكور، أو مقدر، واحترز بقوله: باطراد من قولهم: مطرنا السهل والجبل [ولا يطرد ذلك لا في العامل، ولا في اسم المكان لا يقال: أخصبنا السهل والجبل] ولا مطرنا القيعان والتلول.

ومثال المذكور: قمت يوم الجمعة (فاليوم) واقع فيه القيام وكذلك قمت أمامك (فالأمام) واقع فيه القيام، ومثال المقدر: زيد أمامك والقتال يوم الجمعة.

وما اصطلح عليه البصريون من التسمية للمكان والزمان بالظرف ليس يسوغ عند الكوفيين تسميته ظرفًا بل يسميه الفراء وأصحابه محلاً، والكسائي يسمى الظروف صفات ولا مشاحة في الاصطلاح.

وذكر أصحابنا ظرف الزمان فقالوا: هو اسم الزمان نحو: سرت اليوم أو عدده نحو: سرت عشرين يومًا، أو ما أضيف إليه بشرط أن يكون إياه نحو: سرت جميع اليوم، أو بعضه نحو: سرت بعض اليوم، أو كان صفة له نحو: سير عليه طويلاً من الدهر أي زمانًا طويلاً يجوز ذلك.

ص: 1389

وإن لم تكن الصفة خاصة، ولا مستعملة استعمال الأسماء أو مصدرًا أضيف إليه اسم الزمان وحذف نحو: سرت مقدم الحاج، وخفوق النجم أي وقت مقدم الحاج، ووقت خفوق النجم، ونحو: لا آتيك معزى الفزر، ولا آتيك القارظ العنزي أي زمان نفوق معزى الفزر، وزمان قعد القارظ العنزي.

ومما انتصب على تقدير أنه ظرف زمان قول العرب: أحقًا أنك قائم، آلحق أنك قائم، وإن لم يكن ظرف زمان حقيقة. وقد صرح معه بفي نحو قوله:

أفي حق مواساتي أخاكم

...

...

ومثله: غير ذي شك أنك قائم، وجهد رأي أنك قائم، وظنًا مني أنك قائم، ولإجرائها مجرى الزمان وقعت أخبارًا عن المصادر لا عن الجثث، وهذا النوع

ص: 1390

استعماله ظرفًا موقوف على السماع، وخالف أبو العباس في: أحقًا أنك قائم، فزعم أن «أنك قائم» في موضع الفاعلية، ودخول (في) عليه يحقق ما ذهب إليه سيبويه من أن انتصابه على الظرف، وما بعده مبتدأ.

وظروف الزمان تنقسم إلى مبهم، ومختص، والمعدود من قبيل المختص، ويتعدى الفعل إلى جميع الضربين، واختصاصه (بأل)، وبالصفة، وبالإضافة وبالعدد نحو: قمت اليوم وسرت يومًا طويلاً، وقدمت يوم الجمعة، وسرت يومين، وذهب بعض النحويين إلى أن ما كان من الظروف معطيًا غير ما أعطى الفعل كالظروف المعدودة، والمؤقتة، فنصبها نصب المفعول على تقدير نيابتها عن المصدر.

فإذا قلت: سرت يومين فكأنه قال: سرت سيرًا مقدرًا بيومين، وقيل هو على حذف المصدر نحو قولك: ضربته سوطًا «أي سير يومين» .

والصحيح ما قدمناه من أن الفعل يتعدى إلى جميع أنواع الظروف الزمانية مبهمًا ومختصها، والمبهم منها ما دل على قدر من الزمان غير معين نحو: وقت وزمان وحين.

والمختص معدود وغير معدود، والمعدود ما له مقدار من الزمان معين نحو: سنة، وشهر، ويومين، والمحرم وسائر أسماء الشهور والصيف والشتاء، ولا يعمل في المعدود من الأفعال إلا ما يتكرر ويتطاول لو قلت: مات زيد يومين تريد الموت الحقيقي لم يجز.

والمختص غير المحدود أسماء الأيام كالسبت والأحد، وما أضافت إليه العرب لفظة شهر من أعلام الشهور، وهو رمضان وربيع الأول، وربيع الآخر وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى، وما يختص (بأل) وبالصفة، وبالإضافة كما تقدم ذكره.

ص: 1391

والظرف الزماني متصرف ومنصرف، وتصرفه أن يستعمل غير ظرف بأن يخبر عنه أو يجر بغير (من) نحو: يوم ووقت وانصرافه: دخول التنوين فيه.

أو ما عاقبه من (أل) أو الإضافة، وغير متصرف ولا منصرف وهو سحر إذا أردته من يوم بعينه على مذهب الجمهور، فامتنع الصرف للعدل عن تعريفه (بأل)، وللعلمية جعل علمًا لهذا الوقت، وقيل للتعريف المشبه بتعريف العلمية، وقيل لعدله وتعريفه بالغلبة على ذلك الوقت المعين لا تعريف العلمية، وقيل: منع التنوين؛ لأنه منوي فيه الإضافة فهو معرفة بالإضافة وقيل: حذف منه التنوين لأنه بنية (أل).

وذهب ابن الطراوة، وصدر الأفاضل إلى أنه مبني لا معرب، وعلة بنائه عند صدر الأفاضل تضمنه معنى (أل) كما بني (أمس) لتضمن معناها، وعلة بنائه عند ابن الطراوة عدم التقار، لا تضمنه معنى الحرف ألا ترى أنه لا يقع سحر إلا على سحر يومك لا تقول: خرجت سحر إلا في يومك الذي خرجت في سحره ولا تقول: سحر في سحر (أمس) غلا أن تقيده فتقول: خرجت يوم الخميس سحر، ومن أحكام (سحر) إذا ذكر قبله اليوم أنه لا ينتصب ظرفًا إلا إذا انتصب اليوم ظرفًا، فلو كان اليوم فاعلاً، أو مفعولاً به لم ينتصب (سحر) على الظرف بل

ص: 1392

يكون بدلاً من اليوم فيلزمه الضمير، أو (أل) نحو: كرهت يوم السبت سحره أو السحر منه، ولو اتسعت في اليوم فقلت: سير بزيد يوم الجمعة سحر برفع اليوم، ونصب (سحر) جاز، ولا يجوز نصب اليوم ورفع سحر.

ومتصرف لا ينصرف وذلك غدوة وبكرة، والمشهور أن منع صرفهما للعلمية الجنسية كأسامة، فيستويان في كونهما أريد بهما من يوم معين، أو لم يرد بهما التعيين فتقول: إذا قصدت التعميم غدوة وقت نشاط، وإذا قصدت التعيين: لأسيرن الليلة إلى غدوة، وبكرة في ذلك كغدوة.

وقال الزجاج: إذا أردت بهما بكرة يومك، وغدوة يومك لم تصرفهما، وإذا كانا نكرتين صرفتهما، وقال ابن طاهر مثله قال: هما علمان من معين، ونكرتان من غير معين.

وزعم أبو الحسن أنه يجوز أن تقولك آتيك اليوم بكرة وغدوة تجعلهما كضحوة، وزعم أبو الخطاب أنه سمع من يوثق به من العرب يقول: آتيك بكرة، وهو يريد الإتيان من يومه أو في غده وعن أبي عمرو لقيته الأول بكرة، ويومًا من الأيام بكرة، وعن أبي الجراح: ما رأيت كغدوة قط، وقال الفراء: العرب تجريهما ولا تجريهما، والأكثر ترك الجري في غدوة والجري في بكرة، وأكثر

ص: 1393

ما تجري العرب غدوة إذا قرنت بعشية يقولون: إني لآتيهم غدوة وعشية.

وإذا منعا الصرف فهل ذلك لعلمية الجنس كأسامة كما قلنا أو لعلمية أنه يراد بهما الوقت المعين من يوم معين، وإذا كانا علمين، فلا يضافان، ولا تدخلهما (أل).

قال الفراء تقول العرب: آتيك غداة الخميس، ولا تقول غدوة الخميس ولا تدخل العرب (أل) في غدوة. انتهى.

وقراءة (بالغدوة) تكون من تنكير العلم، ويكون من ذلك:«ولهم رزقها فيها بكرة وعشيا» وتقول: سير بزيد يوم الجمعة غدوة، ويوم الجمعة غدوة بدل من اليوم إذا اتسعت ولا يحتاج إلى ضمير، وتقول بكرة يوم السبت غدوة على البدل، ولا بد من الضمير.

ومنصرف لا يتصرف: بعيدات بين، بعيدات جمع بعد مصغرًا، وبين فراق، تقول: لقيته بعيدات بين، أي مرارًا متفرقة قريبًا بعضها من بعض.

وما عين من ضحى وضحوة وبكير، وسحير وصباح، ومساء، ونهار وليل، وعتمة، وعشاء، وعشية، وهذه كلها نكرات، ولذلك توصف بالنكرة وإن كان يراد بها من يوم بعينه تقول: آتيك يوم الخميس ضحى فترفعه، وكلها لا تتصرف.

ص: 1394

وأجاز الكوفيون تصرف ما عين من ضحوة وعتمة وليل ونهار فتقول: سير عليه ضحوة وعتمة وسير عليه ليل ونهار.

وعن الأخفش: ضحوة وعتمة إذا أريد بهما وقت بعينه ارفع، وانصبه، حتى أسمع العرب تركت فيهما الرفع فأقول: سير عليه ضحوة وضحوة وعتمة وعتمة، ونقل سيبويه النصب وقال: لم يستعملوه على هذا المعنى إلا ظرفًا. انتهى.

وسائر هذه الأسماء إذا لم يرد بها معين بل شائع تصرف تقول: سير عليه ضحوة من الضحوات.

وفي البسيط: سمع في ضحوة وعشية العلمية، والأكثر التنكير وجعل الفارسي فينة، والفينة مما تعاقب عليه التعريفان العلمية و (أل).

وأحلق بممنوع الصرف ما لم يضف من مركب الأحيان تقول: يزورنا فلان صباح مساء، ويوم يوم، والمعنى كل صباح ومساء وكل يوم، فلا يستعمل حال تركيبه إلا ظرفًا، فإن أضيف صدره إلى عجزه استعمل ظرفًا وغير ظرف، وكان معناه معنى عطفه بالواو في قوله: صباحًا ومساء، ومعناه كل صباح ومساء، ووهم الحريري صاحب المقامات في زعمه في «درة الغواص» ، أنه في الإضافة

ص: 1395

يجعل الفعل بالأول في نحو: يزورنا صباح مساء، لا بالمساء، كما يخص الضرب في قولك: ضربت غلام زيد، بالغلام دون زيد، وإذا قلت صباحًا ومساءً، فقيل معناه صباحًا واحدًا، ومساءً واحدًا قال: لأنه نكرة، وقيل: معناه التكثير والمبالغة، وكل واحد فيه العموم بغير أداته.

وهذه الأسماء التي التزم فيها الظرفية لا يجوز فيها الاتساع، (وذا) و (ذات)، مضافين إلى زمان تلتزم العرب فيهما النصب على الظرفية تقول: لقيته ذا صباح وذا مساء وذا صبوح، وذا غبوق، وذات مرة، وذات الزمين، وذات العويم، وذات يوم، وذات ليلة، وقولهم: ذات صباح هو بمعنى صباح فهو من قبيل إضافة المسمى إلى الاسم كما قالوا: ذا قطرى (أي قطرى)، وتقول: لقيته صباحًا ويومًا، ومرة في معنى ذا صباح وذات يوم، وذات مرة، وزعم ابن الأنباري أن ذات مرة في معنى حقيقة مرة، وقاله في قوله تعالى:«وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم» أي غير حقيقة ذات الشوكة، وقال المبرد: الذات هنا بمعنى النفس، كأنه قال نفس مرة، ونفس يوم، ومرة ليس من أسماء الزمان، وإنما هو مصدر مر يمر مرة، فنقل إلى الزمان (وذات) في الأصل وصف لزمان كأنك قلت، لقيته مدة ذات مرة «أي واحدة» ، ونقل سيبويه أن (ذا)

ص: 1396

و (ذات) المضافين إلى الزمان تصرفهما خثعم، فتقول، سير عليه ذات ليلة وهو قول الجمهور، وذهب السهيلي إلى أن ذات مرة، وذات يوم لا يتصرفان لا في لغة خثعم ولا غيرها وأن ذا يتصرف إلا أن يكون محذوفًا من (ذات)، فلا يتصرف.

وصفة الزمان تنتصب على الظرف تقول: سير عليه قديمًا، أو حديثًا أو طويلاً، ويقبح تصرفها فتقول: سير عليه قديم أو طويل، وأجاز الكوفيون فيها الرفع، فإن كانت الصفة قد خصصت نحو: سير عليه طويل من الدهر، أو لم يعرض قيامها مقامه، بل كانت قد استعملت ظرفًا حسن التصرف فيها نحو: سير عليه قريب، وسير عليه ملي أي قطعة من الزمان.

والظرف الصالح جوابًا لكم، هو ما كان مؤقتًا غير معرف، ولا مختص بصفة نحو: ثلاثة أيام، ويومين، فيعم الفعل جميعه نحو أن تقول: كم سرت فتقول: ثلاثة أيام، أو يكون مقسطًا نحو: كم أذنت فتقول: ثلاثة أيام، وقد يصلح لهما نحو: تهجدت ثلاث ليال، فيحتمل أن يكون استوعب جميعها بالتهجد، ويحتمل أن يكون تهجد في بعض كل ليلة منهن، وجواب (كم) نكرة كما مثلنا، ويكون معرفة فيقول: كم سار زيد، فتقول: اليومين المعهودين، وقال ابن السراج: لا يجوز أن يكون جواب (كم) معرفة، وأسماء الشهور كالمحرم وصفر. ويكون العمل في جميعها تعميمًا نحو: سرت المحرم، أو تقسيطًا كأذنت

ص: 1397

المحرم، وإذا أضفت إلى اسم الشهر لفظة شهر جاز أن يكون العمل في جميعه، وأن يكون في بعضه تقول: صام زيد شهر رمضان، وقدم زيد شهر رمضان، وكلام سيبويه يؤذن بجواز إضافة شهر إلى سائر أعلام الشهور، وخص بعضهم جواز إضافة (شهر) برمضان، وربيع الأول، وربيع الآخر، وما ذكرناه من التفرقة بين علم الشهور، وإضافة شهر إليه هو مذهب الجمهور وذهب الزجاج: إلى أنه لا فرق بينهما يجوز في كل منهما أن يكون العمل في كله، وفي بعضه، ولو أفردت شهرًا قلت: سرت شهرًا، أو الشهر الذي تعلم عم العمل جميعه. وأجاز ابن خروف أن تقول: سرت الشهر، والسير في بعضه وأن يعمل في الشهر مما لا يتطاول نحو: لقيتك الشهر، وأعلام الأيام كالسبت يجوز أن يكون العمل في جميعها، وفي بعضها، ويعمل فيها ما تطاول وغيره، وسواء أضيف إليها يوم، أم لم يضف تقول: مات زيد الخميس أو يوم الخميس، وصام زيد الخميس، أو يوم الخميس، وسار زيد الخميس أو يوم الخميس، فيحتمل أن يكون السير عم اليوم، أو وقع في بعضه.

وذهب ابن خروف على أن أعلام الأيام كأعلام الشهور، وقولك: سرت الخميس لا يكون العمل إلا في جميع اليوم، فإذا أضيف إليه يوم جاز أن يكون السير في جميع اليوم، وأن يكون في بعضه، وأن يعمل في اليوم المضاف إلى العلم ما لا يتطاول نحو: قدمت يوم الخميس لا في العلم، فلا يجوز قدمت السبت، والأبد، والدهر، والليل والنهار مقرونة بأل تقول: سرت عليه الأبد والدهر والليل والنهار فالعمل في الظرف متصل للتعميم، ولا تقول: لقيته الأبد والدهر، ولا لقيته الليل

ص: 1398

والنهار، وأنت تريد لقاءه في ساعة دون الساعات، وقد يقصد التكثير فيعامل المنقطع معاملة المتصل، فلا يقع السير في الجميع، وفصول السنة الصيف، والخريف، والشتاء، والربيع، يجوز أن يكون العمل في كل الفصل، وفي بعضه، فيصلح أن يكون جواب (كم)، وجواب (متى) تقول: سرت الصيف وانطلقت الصيف واليوم، والليلة، ويوم الجمعة وليلة السبت على حسب الفعل المقتضى اتصالاً، أو غير اتصال نحو: سرت ولقيت، وصمت، وما كان العمل في جميعه انتصب ظرفًا على مذهب البصريين، ومشبهًا بالمفعول على مذهب الكوفيين، فلا يجوز عندهم دخول (في) عليه لا تقول: صمت في يوم الخميس، ولا يوم الخميس صمت فيه. ولا سرت في ثلاثة أيام إذا استغرقها السير، ووافقهم ابن الطراوة، وزاد إنك إذا نصبت ما لا يدخل عليه (في) على مذهبهم انتصب على المفعول به نحو: جلست المحرم، وكذا ظرف المكان عنده نحو: سرت ميلاً وفرسخًا وبريدًا، وهذا مختصر من كلام أصحابنا.

ظروف الزمان قسم يقع جوابًا (لكم) لا جواب (متى)، وهو ما كان مؤقتًا غير معرف، ولا مخصص، ولا يعمل فيه إلا ما يتكرر، ويتطاول، والعمل فيه جميعه لا بعضه، وقسم يقع جواب (متى) وهو ما كان معرفًا، ومخصصًا، وهو

ص: 1399

معدود، ولا يكون العمل إلا في جميعه، ومنه أعلام الشهور غير المضاف إليها شهر، ولفظ (شهر) نكرة، ومعرفة، وغير معدود، ويكون في جميعه، وفي بعضه، ومنه شهر مضاف إلى أسماء الشهور، وأسماء أيام الأسبوع، ويعمل فيه ما يتطاول وما لا يتطاول، ومعدود، ولا يكون العمل إلا في جميعه، ومنه أعلام الشهور، غير المضاف إليها شهر، ولفظة شهر نكرة، ومعرفة (بأل).

وقسم لا يصح أن يكون جوابًا (لكم) ولا جوابًا لـ (متى)، وهو ما كان غير مؤقت، ولا مخصص نحو: وقت، وحين، وهذا النوع من قبيل ما يقع العمل فيه كله؛ إذ يراد به من الزمان القدر الذي وقع فيه العمل، وهذا مختصر من البسيط. الظرف صالح للاتصال معدود كالمثنى والمجموع فتقول: سرت يومين، ولا تقول: لقيته يومين، ومفرد وضع للتكثير كالدهر والأبد، وهو للاتصال حقيقة أو مجازًا وموضوع للعدد كأسماء الشهور، وضع المحرم ونحوه لثلاثين يومًا قيل وأسماء الأيام وضعت لعدد ساعات فتقول: سرت الأربعاء ولا تقول: لقيته الأربعاء، بل لقيته يوم الأربعاء، وشهر رمضان لغير الاتصال، ورمضان للاتصال خلافًا للزجاج؛ إذ ذهب إلى أن أعلام الشهور وهي السنة والعام يكون لغير الاتصال، ولا يقيد الاتصال إلا بالعطف.

وذكر سيبويه الاتصال فيها فكان حجة على الزجاج والمتسع فيه من هذا النوع لا يكون إلا للاتصال تقول: القتال شهران، وقالوا: الحر شهران، والبرد شهران أما:«الحج أشهر معلومات» فعلى الحذف أي مواقيت الحج أو الحج حج أشهر معلومات، وأما:«وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا» ، فعلى الحذف «أي مدة حمله وفصاله» ، ومثل المحرم، والشتاء، والصيف هو للاتصال،

ص: 1400

ومعطوف، وهو الليل والنهار، ويلزم فيه العطف، ولا تقول: لقيته الليل والنهار، والصيف والشتاء، ولا يلزم فيه العطف، فإن جاء ما لا يتصل فيما يقتضي الاتصال تؤول نحو:«وواعدنا موسى ثلاثين ليلة» «أي تمام ثلاثين ليلة» ولذلك منع الزجاج أن يكون «أيامًا معدودات» منصوبًا بكتب، وأجازه الفراء وغيره، ومنه «ولد له الولد ستين عامًا أي لاستكمال ستين» ، وقد يتسع في هذا قالوا: ولد له ستون عامًا، وغير صالح للاتصال وهو الضيق من الزمان كالآن والساعة، ويجوز أن يقرن به فعل الاتصال نحو: سرت الساعة، وما لا يتصل نحو: لقيته الساعة، ومحتمل للاتصال وغيره كاليوم والشهر، والسنة، والعام تقولك سرت العام، ولقيته العام.

وإذا استغرق الفعل الظرف قارنه أو لم يقارنه فالبصريون يجيزون فيه الظرف، والتوسع نحو: الصوم يوم الخميس نصبًا ورفعًا، ومنع الكوفيون النصب على الظرف، فإن لم يستغرق جاز نحو:[جئنا يوم الخميس]، والرفع في النكرة أكثر قال الله تعالى:«غدوها شهر ورواحها شهر» ، وقيل الاتساع للاتصال نحو: القتال اليوم، ولا تقول اللقيا اليوم.

ص: 1401