المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل ربما أضمرت كان الناقصة بعد (لدن) قال: من لد شولاً فإلى - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٣

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌فصل ربما أضمرت كان الناقصة بعد (لدن) قال: من لد شولاً فإلى

‌فصل

ربما أضمرت كان الناقصة بعد (لدن) قال:

من لد شولاً فإلى إتلائها

أي من لدن كانت شولاً

وقدره سيبويه، والجمهور: من لد أن كانت شولاً، وقال أصحابنا هو تفسير معنى لا إعراب، ويروى من لدشول أي من لد شولان، والشول من النوق: المرتفعة اللبن وقيل: شول مصدر، وشبهت بلدن أزمان في قول الشاعر:

أزمان قومي والجماعة

...

...

قدره سيبويه أزمان كان قومي، وقالت العرب: أما أنت منطلقًا انطلقت معك، فقال سيبويه التقدير: أن كنت فحذف الفعل، وعوض منه (ما) فلا

ص: 1191

يجمع بينهما، وانفصل الضمير لما حذف الفعل، و (أنت) اسم كان المضمرة، ومنطلقًا الخبر، و (أما أنت) مفعول من أجله، التقدير: لأن كنت منطلقًا انطلقت معك، وزعم بعض النحويين أن (كان) في هذا التركيب تامة، ومنطلقًا وما أشبهه حال. واستدل بلزوم التنكير فيه، وصحح ذلك بعض معاصرينا، وزعم أبو علي، وابن جني أن (ما) لما كانت عوضًا نابت مناب (كان) في العمل، وزعمًا أنه مذهب سيبويه، وزعم المبرد أن (ما) ليست عوضًا؛ فيجوز الجمع بينهما، وبين الفعل تقول: أما كنت منطلقًا انطلقت معك، وزعم الكوفيون أن (أن) هذه المفتوحة الهمزة أداة شرط كـ (إن) المكسورتها، وجاز حذف الفعل في المذهبين: للعلم بأن (أن) لا يقع بعدها إلا الأفعال، واتفقوا على أنه إذا حذفت (ما)، وأتى بالفعل كانت (إن) مكسورة، وهي عند البصريين غير (أن) المفتوحة وأما قوله:

إما أقمت وأما أنت مرتحلاً

...

...

فإنه صح عطف إحداهما على الأخرى، وإن اختلفا لاشتراكهما في المعنى، والقدر المشترك بين المفعول له، والشرط، وعلى رأي الكوفيين هما شرطان، وإذا كانت

ص: 1192

(إن) مكسورة، لم يجز عدم الفعل ووجود (ما) كما لم يجز إظهاره، ووجود ما مع المفتوحة، قاله سيبويه، وقال أيضًا سيبويه: أما زيد ذاهبًا ذهبت معه؛ «أي إن كان زيد ذاهبًا» ، أتى بالاسم ظاهرًا، والمحفوظ المسموع أن يكون ضميرًا لمخاطب، والقياس عليه في ضمير المتكلم، والغائب والاسم الظاهر جائز، والأحوط التوقف مع المسموع.

وسمع قليلاً حذف كان واسمها بعد إن الشرطية مزيدًا بعدها (ما)، فمن ذلك قول العرب: افعل ذلك إما لا «أي إن كنت لا تفعل غيره»

ولا يحذف الفعل مع المكسورة معوضًا عنها إلا في هذا، فلو قلت: إن ما كنت منطلقًا انطلقت معك، كانت (ما) زائدة، وليست عوضًا، ولا يجوز: أن ما أنت منطلقًا انطلقت معك.

ومضارع (كان) إذا دخل عليه الجازم، جاز حذف النون، لكثرة الاستعمال، وسواء في ذلك الناقصة، والتامة، لكنه في التامة أقل، وفي الناقصة أكثر، هذا ما لم يتصل بالمضارع الضمير المتصل خبرًا لها، فلا يجوز حذف النون نحو قوله:

فإن لم يكنها أو تكنه

...

....

وكذلك إن لقيت ساكنًا نحو قوله تعالى: {لم يكن الذين كفروا} وأجاز

ص: 1193

يونس حذفها في الكلام كقوله:

لم يك الحق

...

...

...

...

وأجاز غيره في الضرورة.

وخبر هذه الأفعال إذا كان ظرفًا، أو مجرورًا، أو جملة، فهو في موضع نصب، أو مفردًا، فاتفق أكثر النحويين على أنه لا يجوز رفعه على إضمار مبتدأ محذوف فتقول: كنت قائمًا، ولا يجوز: كنت أنا قائم، وقد ورد في الشعر ما ظاهره الجواز، فإن كان تفصيل جاز النصب، والرفع تقول: كان الزيدان قائمًا، وقاعدًا، ويجوز قائم وقاعد، وخالف في الرفع بعض الكوفيين فقالوا: هو منصوب على الحال، وليس مشبهًا بالمفعول، وقد تقدم ذكر ذلك، ويجوز رفع

ص: 1194

الاسمين بعد كان وأخواتها، وأنكر الفراء سماعه، وقال الجمهور: فيها ضمير الشأن، وقال الكسائي، وتبعه ابن الطراوة هي ملغاة.

ومعمول الخبر إن قدمته مع الخبر على هذه الأفعال جاز، أو وحده نحو: زيدًا كان عمرو ضاربًا فذكروا في جواز ذلك خلافًا، وسواء أكان ظرفًا أم مجرورًا، أم غير ذلك، وتقدم في تراكيب ابن شقير جواز ذلك من كل قول، وتقدم مذهب الكوفيين في منعهم تقديم الخبر، وتوسيطه إذ كان يتحمل الضمير، وتخريج الكسائي والفراء، وأما التفريع على مذهبهم في تقديم المعمول على الفعل، أو على الاسم، فإن قدمته بعد الخبر نحو قوله: قائمًا في الدار كان زيد، وكان قائمًا في الدار زيد، أو قبل الخبر نحو: في الدار قائمًا كان زيد، وكان في الدار قائمًا زيد، فالأمر عندهم على ما كان عليه في الصورتين إلا في الثانية، فلا يجوز أن يكون خلفًا عند الكسائي، كان المعمول ظرفًا، أو غير ظرف.

وفصل الفراء فقال: إن كان المعمول ظرفًا، أو مجرورًا، جاز أن تكون الصفة خلفًا، أو غيرهما لم يجز أن يكون خلفًا نحو: طعامك آكلاً كان زيد، وكان طعامك آكلاً زيد، والصحيح عندنا أنه خبر مقدم، لم يخلف موصوفًا يثنى ويجمع، وإذا قدمت الخبر، وأخرت المعمول نحو: آكلاً كان زيد طعامك؛ فقيل: لا يجوز، وتقدمت لنا في تراكيب ابن شقير أنها جائزة من قول البصريين، وخطأ من قول الكوفيين، فإن جعلت المسألة على كلامين أي يأكل طعامك جاز على كل مذهب.

وإذا قلت: كان كائنًا زيد قائمًا، فالكسائي يجعل في كان ضمير الشأن،

ص: 1195

وكائنًا خبر كان، وزيد اسم كائن، وقائمًا خبر كان، والفراء يجعل كائنًا خبر كان، وزيد مرفوعًا بكان، وكائن على أنهما اسم، وقائمًا خبر كائن، ولا يجوز عندهما أن تقول: كائنا كان زيد قائما، فيفصل بين كائن وخبرها، وهو (قائم) بأجنبي، ولا يجوز حمله على فعل مضمر يدل عليه كائن، كما كان في آكلاً كان زيد طعامك، ولا يجوز عندهم كان يقوم زيد، على أن يكون خبرًا مقدمًا؛ بل على أن يكون في كان ضمير الشأن، و (يقوم) في موضع الخبر على مذهب الفراء، (وزيد) مرفوع بيقوم، ولا يجوز عندهم تقدم (يقوم) على الفعل فتقول: يقوم كان زيد على وجه من الوجوه والظرف، والمجرور في ذلك كالفعل، لكونهما لا يخلفان الموصوف، فإن كان الخبر اسمًا لا يتحمل الضمير جاز توسيطه، وتقديمه عندهم نحو: كان أخاك زيد، وأخاك كان زيد، إذا أردت أخوة النسب لا أخوة الصداقة.

ص: 1196