الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الجملة المصدرة بماض لا تقع خبرًا لصار، ولا مكان بمعناها، ولا لدام، ولا لزال، وأخواتها، وهذا باتفاق لا تقول صار زيد علم، وتقع خبرًا لليس باتفاق، وتقييد ابن مالك ذلك بكون اسمها ضمير الشأن ليس بصحيح، ولباقي الأفعال المتفق على اطرادها نواقص من غير اشتراط (قد) لا ظاهرة، ولا مقدرة، خلافًا للكوفيين وقد كثر السماع بغير (قد) نظمًا ونثرًا في القرآن وغيره قال تعالى:{ولقد كانوا عاهدوا الله} وقالت العرب «أصبحت نظرت على ذات التنانير» .
وقال:
…
....
…
وقد كانوا فأمسى الحي ساروا
وقال:
ثم أضحوا لعب الدهر بهم
…
...
…
....
وتوسيط: أخبار هذه الأفعال واجب، وممتنع، وجائز.
فالواجب: ما قصد فيه حصر الاسم خلافًا لأبي الحسن فإنه يجيز: ليس إلا زيد قائمًا، وما كان إلا زيد قائمًا، وإن كان الأحسن تأخر الاسم نحو قوله تعالى:{ما كان حجتهم إلا أن قالوا} وكونه فيه ضمير يعود على الخبر نحو: كان [أخاك ابنه (تريد كان ابن أخيك أخاك)، أو مشبها له أو سمي في الخبر نحو: كان] في الدار ساكنها، وكون الخبر ضميرًا متصلاً نحو: كأنك زيد، وكون الخبر ظرفًا أو مجرورًا مسوغًا لجواز الابتداء بالنكرة نحو: كان في الدار رجل، وكان عندك امرأة، والممتنع ما قصد فيه حصر الخبر نحو: ما كان زيد إلا قائمًا، أو عرض لبس نحو: كان قبلك مولاك، كذا قال ابن عصفور، وتقدم في نقل ابن الحاج أن هذا اللبس لا يلتفت إليه. وقد أجاز الزجاج في قوله تعالى:{ما كان حجتهم إلا أن قالوا} أنه جائز أن يكون «تلك» الاسم، و «دعواهم» الخبر والعكس وقال: لا خلاف في ذلك بين النحويين انتهى.
أو يكون الخبر مما يجب تقديمه نحو: متى كان القتال، وذلك لأن امتناع التوسط إنما يكون بسبب وجوب التقدم، وبسبب وجوب التأخر والجائز نحو: كان قائمًا زيد، هذا مذهب البصريين، وسواء أكان مشتقًا أم جامدًا، وإذا كان المشتق مما يتحمل الضمير تحمله وهو خبر، ولا يجيز الكوفيون هذا، بل أجاز الكسائي: كان قائمًا زيد، على أن في «كان» ضمير الشأن، و «قائمًا» خبر «كان» و «زيد» مرفوع بقائم، ولا يثنى قائم، ولا يجمع لرفعه الظاهر.
وأجاز الفراء ذلك، على أنه يكون (قائمًا) خبر «كان» ، و «زيد» مرفوع بكان، وبقائم، ولا يثنى عنده ولا يجمع.
وأجاز هشام: كان قائمًا الزيدان، والزيدون على أن تجعل قائمًا خبرًا مقدمًا، والزيدان، والزيدون اسمًا، ولا يجيز ذلك البصريون غلا مع تثنية الخبر وجمعه.
وأما توسيط خبر ليس، فثابت من كلام العرب، فلا التفات لمن منع ذلك، وأما خبر «ما دام» فكذلك، ووهم ابن معط في منع توسيط خبر ما دام، ودعوى الفارسي، وابن الدهان، وابن عصفور وابن مالك: الإجماع على جواز توسيط خبر ليس ليست بصحيحة، بل ذكر الخلاف فيها ابن درستويه تشبيهًا (بما).
وتقديم الأخبار أيضًا واجب، وممتنع، وجائز.
فالواجب: أن يكون لازم الصدر، كأن يكون اسم استفهام نحو: أين كان زيد، والممتنع هو: ما وجب توسيطه، أو تأخيره.
والجائز نحو: قائمًا كان زيد؛ ففي قائم عند البصريين ضمير يعود على زيد، وأجاز الكسائي ذلك على الوجه، الذي أجازه في كان قائمًا زيد، وأجاز ذلك
الفراء كحاله إذا توسط، غلا أنه يثنى قائمًا ويجمعه، وأجاز البصريون، والكسائي تقديم الخبر في نحو: كنت حسنًا وجهك، فتقول: حسنًا وجهك كنت، [ومنعه الفراء إلا أن يجعل مكان الكاف الهاء فتقول: حسنًا وجهه كنت]، ويحتاج في جواز تقديم خبر كان إلى صار عليها في نحو: قائمًا كان زيد إلى سماع من العرب، ولم نجدهم ذكروا سماعًا في ذلك إلا ما يدل عليه قوله تعالى:{كذلك كنتم من قبل} ، وقد قيل: إن كنتم تامة.
واتفقوا على أنه لا يجوز تقديم الخبر على (ما) إذا كان غير لازم نحو ما كان وأخواتها، وعلى «ما دام» ، وأما (زال) وأخواتها، فإذا دخل عليها (ما)، فمذهب الجمهور أنه لا يجوز أن يتقدم على (ما)، وإن دخل غيرها من حروف النفي جاز، وذهب الفراء إلى المنع مطلقًا بأي حرف كان النفي، وذهب الفراء إلى المنع مطلقًا بأي حرف كان النفي، وذهب ابن كيسان إلى جواز التقديم مطلقًا نفى بما أو بغيرها، وروى عن
الكسائي، والأخفش وقيل، وعن الكوفيين غير الفراء، وقال به النحاس، واختاره ابن خروف، وفي النقد لابن الحاج، وأما «ما زال» وأخواتها فقد نص النحاس في الكافي: أن تقديم خبر (ما زال) عليها جيد بالغ عند البصريين، وحكاه ابن خروف عن البصريين، والكسائي، وقال: خالف الفراء في ذلك، ونص دريود على أنه لا يجوز تقديم خبرها مع لم، ولن، وليس ذلك بمرضي انتهى.
فلو توسط الخبر بين «ما» و «زال» نحو: ما عالمًا زال زيد، فالأكثرون على الجواز، ومنع ذلك بعضهم، وأما توسيطه، بين «ما» و «دام» نحو قولك: ما طالعة دامت الشمس، فنص صاحب الإفصاح، وبدر الدين بن مالك، على أنه لا يجوز، والقياس يقتضي الجواز قياسًا على ما أجازوا من قولك: عجبت مما زيد تضرب، غلا إن ثبت أن دام لا يتصرف فيتجه المنع.
وأما تقديم خبر ليس عليها، فذهب جمهور الكوفيين، والمبرد، والزجاج، وابن السراج، والسيرافي، وأبو علي في الحلبيات، وابن عبد الوارث، والجرجاني، والسهيلي، وأكثر المتأخرين إلى أنه لا يجوز.
وذهب قدماء البصريين، والفراء، وأبو علي في المشهور، وابن برهان، والزمخشري، والأستاذ أبو علي إلى جواز ذلك، واختاره ابن عصفور.
وروى أيضًا عن السيرافي، واختلف في ذلك عن سيبويه، فنسب الجواز، والمنع إليه، وقال ابن جني في الخصائص عن المبرد خالف في ذلك البصريين، والكوفيين انتهى.
وإذا كان الخبر جملة، فمنهم من منع التقديم، والتوسيط مطلقًا كانت فعلية، أو اسمية رافعة ضمير الاسم، أو غير رافعة نحو: كان زيد مرب به عمرو، وكان زيد يقوم، وكان زيد أبوه قائم، ومنهم من أجاز قال ابن السراج: والقياس الجواز؛ وإن لم يسمع، ومنهم من منع؛ إن كان الفعل رفع ضمير الاسم، وأجاز في غير ذلك، وفي الغرة: الكوفي لا يجيز أبوه قائم كان زيد، ولا كان أبوه قائم زيد، ولا يتقدم على كان فعل ماض ولا مستقبل، وفي النهاية: «لا يجيز الكوفيون كان أبوه قائم زيد، ولا أبوه قائم كان زيد؛ لأن تقديم المضمر
على الظاهر غير جائز، والبصريون يجيزون ذلك، ولم يعثروا في ذلك على نص عربي، ولكن أجازوه من طريق القياس، وإن لم يرد به السماع، لأن المضمر في نية تأخير وإن تقدم انتهى.
وهذه التراكيب التي تتصور في نحو: كان زيد آكلاً طعامك، ملخصة من كلام أبي بكر أحمد بن الحسن بن شقير: كان آكلاً طعامك زيد، آكلاً طعامك كان زيد، كان زيد طعامك آكلاً، طعامك كان زيد آكلاً، طعامك كان آكلاً زيد، كان آكلاً زيد طعامك، زيد كان آكلاً طعامك، زيد آكلاً طعامك كان، كل هذا جائز من كل قول، كان طعامك آكلاً زيد، كان طعامك زيد آكلاً، جائزتان من نقل الكوفيين، وخطأ من قول البصريين، آكلاً كان زيد طعامك، زيد آكلاً كان طعامك، آكلاً زيد كان طعامك؛ الثلاث جائزة من قول البصريين، وخطأ من قول الكوفيين غلا على كلامين من قول الكسائي، طعامك آكلاً كان زيد، زيد طعامك آكلاً كان، طعامك آكلاً زيد كان، كل هذه الثلاث جائزة من قول البصريين والكسائي، وخطأ من قول الفراء، طعامك زيد آكلاً كان جائز من قول البصريين وخطأ من قول الكوفيين، آكلاً كان طعامك زيد، خطأ من كل قول انتهت تراكيب ابن شقير، وفيها كان طعامك آكلاً زيد، وأنها خطأ من قول البصريين، وقد أجازها ابن السراج، والفارسي، وتبعهما أبو بكر بن طلحة، وابن عصفور.
ومن قواعد البصريين لا يلي كان وأخواتها غير ظرف، وشبهه من معمول خبرها، ويشمل كل ما انتصب بالخبر من مفعول به، ومفعول من أجله، وحال، وغير ذلك إلا الظرف، والمجرور، ولا يختص هذا الفصل بكان وأخواتها، بل لا يلي عاملاً ما نصبه غيره أو رفعه تقول: جاء زيد راكبًا فرسك، ولو قلت جاء فرسك زيد
راكبًا لم يجز، ومثال جواز ذلك في الظرف كان عندك زيد مقيمًا، وكان عندك مقيمًا زيد، وكان بسيف زيد ضاربًا، وكان بسيف ضاربًا زيد، ويمنع أيضًا تقديم الخبر الجائز التقديم، تأخر مرفوعه نحو: كان زيد قائمًا أبوه، وكان زيد آكلاً أبوه طعامك [لا يجوز قائمًا كان زيد أبوه، ولا آكلاً كان زيد أبوه طعامك].
قال ابن مالك: ويقبحه تأخر منصوبه نحو: آكلاً كان زيد طعامك، فهذا قبيح ولا يمتنع انتهى، وتقدمت هذه المسألة في مسائل ابن شقير، وأنها جائزة على مذهب البصريين، ولم يذكر أنها قبيحة، وإذا ظهر الإعراب، واتحدا في التعريف، أو التنكير لم يمتنع تقديم الخبر نحو: كان أخاك زيد، وأخاك كان زيد، ولم يكن خيرًا منك أحد، وخيرًا منك لم يكن أحد، قالوا: فإن لم يظهر الإعراب، فالمتقدم هو الاسم، والمتأخر هو الخبر نحو: كان أخي صديقي، ولم يكن فتى أزكى منك، وقد أجاز الزجاج في قوله:{فما زالت تلك دعواهم} أن يكون (تلك) الاسم، و (دعواهم) الخبر، وعكسه، فجعل تلك الخبر، ودعواهم الاسم.