الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الخبر مفرد، وجملة هذا تقسيم الجمهور، وذهب ابن السراج إلى أن الظرف، والمجرور قسمٌ برأسه، وليسا من قبيل المفرد، ولا من قبيل الجملة، وزعم أبو علي أنه مذهب حسن، المفرد مشتق، وغيره، المشتق متحمل ضميرًا، وغير متحمل، المتحمل ضميرًا هو ما صح له أن يرفع الظاهر، ولو في محمل خاص، أو في لغة ضعيفة مثاله: زيد قائم، وزيد مضروب، وزيد أفضل، وغير المتحمل نحو: هذا مفتاح، وهذه الأرض مسبعة، وزيد ضحكة، وبكر ضحكة، وغير المشتق يجري مجرى المشتق نحو الصفات التي ليست بمشتقة نحو: جرشع، ولوذعى، وجامد ضمن معنى المشتق نحو: قرشي وأسد بمعنى شجاع، فحكمه حكم المشتق في تحمله الضمير، وجامد لم يضمن معنى المشتق، فنقل ابن مالك عن الكسائي أنه يتحمل الضمير، ونقل صاحب الإنصاف، وصاحب البسيط أنه مذهب الرماني، والكوفيين إلا الكسائي وحده، وقال ابن مالك: كلا المشتق وغيره مغاير لفظًا متحد به معنى لا لفظًا نحو: زيد قائم، وكذا بكر، ومتحد به لفظًا دال على الشهرة، وعدم التغيير نحو قوله:
أنا أبو النجم وشعري شعري
وأنت أنت، ومغاير له مطلقًا، دال على التساوي في الحكم حقيقة نحو قوله تعالى:{وأزواجه أمهاتهم} أو مجازًا نحو:
ومجاشع قصب
…
...
…
...
…
...
…
...
وقائم مقام مضاف {هم درجات عند الله} ومشعر بلزوم حال: زيد صوم، ونهارك صائم، وتقسيمه المفرد كذا تكثير.
وإذا رفع المشتق ظاهرًا لفظًا نحو: زيد قائم أبوه، أو محلاً نحو: زيد مغضوب عليه لم يتحمل ضميرًا، أو إذا جرت الصفة على من هي له، فذكر ابن مالك أنه يستكن الضمير بإجماع نحو: زيد هند ضاربته، وليس كما ذكر بل لك ألا تبرزه، ولك أن تبرزه، فإذا أبرزته فعلى وجهين:
أحدهما: أن يكون تأكيدًا للضمير المستكن في الصفة.
والثاني: أن يكون فاعلاً بالصفة فلا ضمير فيها، ويظهر الفرق بين التقديرين في التثنية والجمع، وقد أجاز هذين الوجهين سيبويه في: مررت برجل مكرمك هو، فعلى تقدير أن يكون الضمير فاعلاً تقول: مررت برجلين مكرمك هما، وعلى
تقدير أن يكون توكيدًا تقول: مكرمتك هما، ولو كان الخبر فعلاً، فلا تأتي بالضمير نحو: زيد هند يضربها، وهند بشر تضربه، إلا على التأكيد، لا على أن يكون فاعلاً فتقول: يضربها هو، هكذا أطلق معظم النحويين، ويعرض اللبس في الفعل، كما يعرض في الصفة، إذا كان التساوي نحو: زيد عمرو يضربه، وهند دعد تضربها، والزيدان العمران ضرباهما، فإذا خيف اللبس في الفعل، كرر الظاهر الذي هو الفاعل فتقول: زيد عمرو يضربه زيد، فيضربه زيد في موضع خبر عمرو، والرابط له به الضمير العائد عليه، وعمرو مبتدأ، وهو خبره في موضع خبر زيد، والرابط له تكرار المبتدأ الذي هو زيد.
وزعم ابن مالك أنه إذا خيف من اللبس في الفعل، وجب إبراز الضمير، وإذا جرت على غير من هي له، فمذهب البصريين وجوب إبرازه ألبس نحو: زيد عمرو ضاربه هو، ويرتفع هو على الفاعلية، أو لم يلبس نحو: زيد هند ضاربها هو، إلا في مسألة واحدة وهي قولك:: مررت برجل حسن أبواه جميلين، فلم تقل جميلين هما، وذهب الكوفيون إلى أن الضمير إما أن يتقدم له ما يعود عليه، أو لا، إن لم يتقدم برز نحو: مررت برجل مكرمه أنت؛ فإن تقدم، وألبس برز نحو: زيد عمرو ضاربه هو، إذا أردت أن زيدًا ضرب عمرًا، وإن لم يلبس جاز أن يبرز، وأن لا يبرز نحو: يدك باسطها أنت، وهند زيد ضاربته هي، وحكم هذا الوصف إذا جرى على غير من هو له خبرًا، أو نعتًا أو حالاً، جاز فيه هذا التفصيل، والخلاف المذكور.
والمبتدأ والخبر بالنسبة إلى التذكير والتأنيث، إن كان المبتدأ هو الخبر من جهة المعنى، فتجوز المخالفة بحسب اللفظ نحو: الاسم كلمة، وفاطمة هذا
الرجل، إذا كان اسمه فاطمة، وإن كان غيره صفة، فالموافقة، وقد يخالف إن كان التأنيث غير حقيقي كقوله:
…
... ....
…
والعين بالإثمد الحاري مكحول
أي عضو أو شيء مكحول، أو جامدًا فلا يكون إلا على التحقير نحو: هذا الرجل امرأة، أو على التنكير نحو هذه المرأة رجل، وبالنسبة إلى الإفراد والجمع، فإن كانا مفردي اللفظ والمعنى، فالمطابقة نحو: زيد قائم إلا إذا كان ذا أجزاء، فتجوز المخالفة حيث سمع نحو: هذا الثوب أخلاق، وهذه البرمة أعشار، ولا يقاس عليه، فيقال: هذا الرجل أعضاء؛ وإن كان منقسمًا إلى أعضائه، فإن كان عكسه والخبر، يقبل التثنية والجمع، وهو جامد، فلا يجوز إلا على نحو: قولك هذا الرجل أسد فتقول: الرجال رجل واحد تريد في أنهم على قلب رجل واحد، أو على مذهب واحد، أو مشتق فالمطابقة نحو: الرجال قيام، ولا يكون مفردًا إلا بتقدير موصوف مفرد اللفظ دون المعنى نحو قوله:
ألا إن جيران العشية رائح
…
...
…
...
(أي جمع رائح) وليس جيدًا، وقيل: إن أريد بالجمع كلية، جاز إفراد الخبر نحو:
…
... ....
…
...
…
... .... وهن صديق
أي وكل واحدة منهن صديق؛ وإذا لم يقبل تثنية، ولا جمعًا كأفعل التفضيل؛ فإن كان بمن، فهو في معنى الجمع، أو مضافًا إلى جامد اسم جمع جاز نحو: هؤلاء أول حزب، وأحسن قبيل، أو غيره لم يجز أن تقول: هؤلاء أول رجل، بل أول الرجال، أو إلى مشتق، فمجيز بلا تأويل نحو: هؤلاء أول طاعم، ومجيز بتأويل حذف اسم جمع (أي أول حزب طاعم)، وهو المبرد، أو على معنى الفعل (أي أول من طعم) وإن كان المبتدأ مفرد اللفظ، مجموع المعنى، والخبر صفة، جاز أن يفرد نحو: الجيش منهزم؛ أو جامد فلا يفرد، غلا بحسب القصد قال الزجاج الجيش رجل يكره؛ لتوهم التقليل، أما إذا عرف المعنى فيسوغ نحو: جيشهم إنما هو فرس، ورجل يريد خيل، ورجال (أي ليسوا بكثير الاتباع) وإن كان مجموع اللفظ مفرد المعنى، كرجل يسمي كلابًا، فحكمه حكم ما هو مفرد اللفظ والمعنى.
والجملة اسمية، وفعلية، فالاسمية يندرج فيها المصدرة بحرف عامل في المبتدأ كـ «ما» الحجازية، وأن تقول: زيد ما هو قائمًا، وزيد إنه قائم، فإن وما عملت فيه في موضع الخبر على مذهب البصريين، ومنع ذلك الكوفيون، والمصدرة باسم الشرط غير معمول لفعله نحو: زيد من يكرمه أكرمه، ويندرج في الفعلية المصدرة بحرف، أو اسم شرط، أو معمول للشرط نحو: زيد إن يقم أقم إليه، وزيد أيهم يضرب أضربه، والمضارع العامل في ظرف مستقبل نحو: زيد يقوم غدا باتفاق، والداخل عليه حرف التنفيس باختلاف نحو: زيد سيقوم، أو سوف يقوم أجاز ذلك الجمهور ومنعها بعض المتأخرين، والفعلية المتقدم عليها معمولها نحو: زيد عمرو ضرب أو يضرب، وبعض المتأخرين منع من ذلك.
فإن كانت الجملة طلبية، جاز وقوعها خبرًا، خلافًا لابن الأنباري، ومن وافقه من الكوفيين نحو: زيد اضربه، وزيد لا تضربه، وليست على إضمار القول خلافًا لابن السراج، ويجوز أن تكون قسمية خلافًا لثعلب نحو: زيد أقسم بالله لأضربنه، والمتفق عليه وقوعه خبرًا من الجمل، هي الجملة الخبرية، وقد يعرض لها ما لا يسوغ لها ذلك، كدخول لكن عليها وبل وحتى، وقد يمتنع وقوع الجملة غير الخبرية خبرًا وذلك جملة النداء نحو: زيد يا أخاه، وزيد يا عمر إليه.
والجملة الواقعة خبرًا، إما أن تكون متحدة بالمبتدأ معنى، فلا تحتاج إلى رابط، وذلك ما كان خبرًا عن مفرد يدل على جملة كحديث، وكلام، ومنه ضمير الشأن والقصة، والمضاف إلى حديث أو قول نحو: كلامي لا إله إلا الله،
وأفضل الكلام لا إله إلا الله، وهو زيد قائم، وهي هند ضاحكة، فإن لم يكن كذلك فلا بد من رابط، والرابط ضمير المبتدأ نحو: زيد ضربته، أو إشارة إليه:{ولباس التقوى ذلك خير} في أحد محتملاته وبه مثل ابن عصفور، وقال ابن الحاج: ويلزم على قوله أن يجوز زيد قام هذا أو ذاك، وليس الأمر عندي كذلك، فأكثر ما ورد ذلك إذا كان المبتدأ صلة، أو صفة، فيحتاج إلى إعادته بلفظ الإشارة المستعمل فيما بعد كذلك، وذاك وأولئك، ويكون له موقع ليس للضمير، لأنه ليس في الضمير دلالة على البعد، ومن ذلك:{إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك} {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسًا إلا وسعها أولئك} انتهى.
وتكرار المبتدأ بلفظه نحو: زيد قام زيد، ونص سيبويه على ضعفه، وقال الأعلم: إنما يجيء في الشعر انتهى، وأكثر ما يكون ذلك في موضع التعظيم للشيء، أو التهويل نحو:{الحاقة ما الحاقة} {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} (أي ما هي)(وما هم)، كرر بلفظه تعظيمًا، وشرط بعضهم في تكرار المبتدأ بلفظه أن يكون موضع تهويل، وتعظيم، ولم يشترطه سيبويه، وقد أجاز النحاة: أجل زيد أحرز يدًا، والعموم نحو:
أما القتال فلا قتال لديكم
…
...
…
....
وزيد نعم الرجل على قول الجمهور، وعطف جملة بالفاء فيها ضمير المبتدأ على جملة عارية من الضمير، وهي خبر المبتدأ نحو: زيد جاءت هند فضربها، ففي ضربها ضمير الفاعل عائدًا على المبتدأ، فهذه خمسة روابط متفق عليها قاله ابن عصفور.
وقال ابن الحاج ودت في الأسئلة التي سأل عنها ابن ولاد أبا إسحاق الزجاج قال؛ لأنه لا يجوز: «ما زيد يطير الذباب، فيغضب» عند البصريين قال: ويجوز عند الكوفيين، ومثل أيضًا بقوله: ما الطائر الذباب فيغضب زيد
…
قال: ولا يجوز أن ينصب (فيغضب) على مذهب الكوفيين إلا على مذهب أهل البصريين، ونص أيضًا هناك على أنه يجوز: ما زيد قائمًا عمرو إن قام، ومثله في ذلك: زيد يقوم عمرو إن قام، فهذه مسألة جائزة، وهي خارجة عما عقد، فإنه لا ضمير في الجملة، التي هي خبر، وإن قام جملة أخرى متصلة بالخبر، وفيها ضمير يرتبط به المبتدأ، وليست معطوفة بالفاء كما شرط انتهى، ودل ذلك على أن قول ابن عصفور باتفاق ليس كما ذكر، وأجاز هشام: وقوع الواو مكان الفاء نحو: زيد جاءت هند وضربها، ومنع ذلك الجمهور.
والرابط المختلف فيه تكرار المبتدأ بمعناه لا بلفظه نحو: زيد جاء أبو بكر، إذا كان أبو بكر كنية له أجاز ذلك الأخفش، وتبعه ابن خروف، ومنعه الجمهور، ووقع المضمر مكان مظهره الذي اتصل به الذكر العائد على المبتدأ نحو: قوله تعالى: {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن} التقدير: يتربصن أزواجهم أجاز ذلك الأخفش، والكسائي، ومنعه الجمهور، وقال ابن الحاج: خرج على حذف مضاف (أي الزواج الذين يتوفون) وقال الكسائي: يتربصن أزواجهم، وقال الأخفش: بعدهم أو بعد موتهم، وقال المبرد: أزواجهم يتربصن حذف المبتدأ انتهى.
ووقع المضمر عائدًا على المبتدأ، بدلاً من بعض ما في الجملة الموضوعة موضع خبره نحو: حسن الجارية أعجبتني هو، فحسن مبتدأ، والجملة بعده خبر، ولا رباط فيها، لكنه ربط بالبدل من الضمير المستكن في أعجبتني، فهو بدل منه وإذا كان الرابط الضمير، إن كان مرفوعًا لمي جز حذفه، كان مبتدأ، أو غيره، وقيل: إن كان مبتدأ جاز حذفه نحو:
…
...
…
...
…
...
…
...
…
ورب قتل عار
أي هو عار، وفي البسيط: زيد هو قائم، يجوز حذف (هو) فتقول: زيد قائم، والصحيح أنه لا يجوز، وإن كان منصوبًا بغير فعل، لم يجز حذفه نحو: زيد كأنه أسد، أو بفعل ناقص، لم يجز حذفه نحو: الصديق كأنه زيد، أو تام غير متصرف لم يجز حذفه نحو: زيد ما أحسنه خلافًا للكسائي، وأحد قولي الفراء؛ فإنه يجوز حذفه عندهما، أو متصرف، فمذهب البصريين أنه لا يجوز حذفه إلا في الشعر، وسواء أكان يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل، وقطعه عنه نحو: زيد ضربه عمرو، أو لم يؤد نحو: زيد هل ضربته؟ ونصوا على شذوذ قراءة ابن عامر {وكلا وعد الله الحسنى} ، وقال ابن أبي الربيع: يجوز في قليل من الكلام، ومنه قراءة ابن عامر، وذهب هشام إلى أنه يجوز: زيد ضربت في الاختيار. وذهب الفراء، ومن وافقه من الكوفيين إلى أنه لا يجوز حذفه، إذا كان المبتدأ اسم استفهام نحو: أيهم ضربت، أو كلا نحو: كل رجل ضربت، وكلا نحو:
كلاهما أجيد مستريضا
وكلتا نحو: كلتا جاريتيك ضربت، وفي نعم، وبئس نحو: نعم الرجل لقيت على مذهبه في أن «نعم الرجل» مبتدأ، وقال النحاس: أجاز سيبويه: زيد ضربت في الشعر، ومنع ذلك الكسائي، والفراء، وأصحاب سيبويه، وعن
الفراء: يجوز حذفه في كل اسم لا يكون إلا في صدر الكلام مثل: كم، وأي، وفي كل اسم لا يتعرف نحو: من، وما، ولم يجز ذلك في زيد، وعمرو، ودعوى ابن مالك الإجماع، في كل وما أشبهه في العموم باطلة؛ إذ لم يقل به إلا الفراء في نقل، وإلا الفراء، والكسائي في نقل آخره.
وإن كان مجرورًا بإضافة، فلا يجوز حذفه، كان أصله النصب، أو لم يكن نحو: زيد أنا ضاربه، وزيد قام غلامه، هذا نقل أكثر أصحابنا، وإطلاقهم، وقال بعضهم: يجوز حذفه إذا كان أصله النصب، أو مجرور بحرف، وأدى إلى تهيئة وقطع لم يجز حذفه نحو: زيد مررت به، أو لم يؤد جاز نحو: السمن منوان بدرهم (أي منه)، على احتمالات في هذا المثال ذكرها ابن الحاج في نقده على ابن عصفور؛ ومثال حذفه: أما العلم فعالم (أي به)، ويا أيها الرجل غض الطرف تريد غض الطرف منه، وكلام ابن مالك في حكم الضمير العائد رابطًا على المبتدأ منفرد من تسعة أوجه يوقف عليها في الشرح.