المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل في الظروف المبنية التركيب، فمنها «إذ»، والدليل على اسميتها الإخبار - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٣

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌فصل في الظروف المبنية التركيب، فمنها «إذ»، والدليل على اسميتها الإخبار

‌فصل

في الظروف المبنية التركيب، فمنها «إذ» ، والدليل على اسميتها الإخبار بها، وإبدالها من الاسم، وتنوينها في غير ترنم، والإضافة إليها بغير تأويل نحو: مجيئك إذ جاء زيد، ورأيتك أمس إذ جئت ويومئذ، و:«بعد غذ هديتنا» وبنيت لافتقارها إلى ما بعدها من الجمل، أو لما عوض منها، وهي للوقت الماضي لازمة الظرفية، فلا تكون فاعلة، ولا مبتدأة إلا أن يضاف إليها اسم زمان يخصص مطلقها نحو: يوم، وساعة، وليلة، أو يرادفها نحو: حين، وأجاز الأخفش، والزجاج أن تقع مفعولاً بها، وتبعهما جماعة من المعربين، وخصوصًا في القرآن كقوله تعالى:«واذكروا إذ أنتم قليل» ، واختار أن لا تكون مفعولاً له، وتلزمها الإضافة إلى جملة خبرية مصدرة بماض، أو مضارع

ص: 1402

بمعنى الماضي، أو جملة اسمية قال تعالى:«واذكروا إذ أنتم قليل» لا إلى جملة شرطية إلا في الضرورة نحو: أتذكر إذ تأتينا نكرمك، وأتذكر إذ من يأتيك نكرمه، فأما قولهم: قمت إذ ذاك، وفعلت إذ ذاك وقوله:

...

....

والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا

فهو على حذف الخبر تقديره: إذ ذاك كذلك، وفي النهاية: تقول أتيتك إذ كان زيد قائمًا، وإذ كأنك أسد، وقصدتك إذ لا رجل أكرم منك ولا تقول: أتيتك إذ ليس زيد قائمًا، ولا إذ ما زيد قائمًا، ولا إذ ما دام زيد قائمًا، ولا تضاف إلى ما أوله ما زال وأخواتها، ولكن، ولا ليت، ولا لعل. انتهى.

وإذا علمت الجملة جاز حذفها، وعوض منها تنوين، فالأكثر كسر الذال لالتقاء الساكنين، وليس كسرة إعراب خلافًا للأخفش، ويجوز فتح الذال فتقول: حينئذًا طلبًا للتخفيف وقد يعوض، ولا تكون (إذ) مضافًا إليها زمان قالت العرب: كان ذلك إذ، ويقبح أن يليها اسم بعد فعل ماض نحو: كان ذلك إذ قام

ص: 1403

زيد، ويحسن إن كان مضارعًا نحو: إذ زيد يقوم، وذهب بعض المتأخرين إلى أن (إذ) تجيء للسبب مجردة عن الظرفية، ونسب ذلك إلى سيبويه، واختاره ابن مالك، وفي بعض كلامه وتجيء حرفًا للتعليل، وإلى أنها لا تخرج عن الظرفية ذهب الأستاذ أبو علي، وجعل ابن مالك من كونها للتعليل قوله تعالى:«وإذ اعتزلتموهم» و «وإذ لم يهتدوا» ، «إذ ظلمتم» وقول الشاعر:

...

...

إذ هم قريش

... ....

وتأتي (إذ) للمفاجأة قال سيبويه: «بينما أنا كذا إذ جاء زيد» ، فهذا لما

ص: 1404

ولا يكون للمفاجأة إلا بعد بينا أو بينما، وإذا كانت للمفاجأة فالذي نختاره أنها باقية على ظرفيتها الزمانية. وذهب بعضهم إلى أنها ظرف مكان، وهي للمفاجأة كما قال بعضهم في (إذا) التي للمفاجأة، وذهب بعضهم إلى أنها حرف للمفاجأة، وذهب بعضهم إلى أنها زائدة، وإذا كانت ظرفًا للمفاجأة نحو: بينما زيد قائم إذ جاء عمرو، فما الناصب لهذا الظرف، قال ابن جني: الناصب لها هو الفعل الذي بعدها، وليست مضافًا إليها فجاء بنصب (إذ) والناصب لبينا، وبينما فعل يقدر مما بعد (إذ) ويكون ما بعد إذ يفسر ذلك العامل، فإذا قلت بينما زيد قاعد، إذ أقبل عمرو، فالعامل في (بينما) أقبل محذوفة، ويفسرها قوله إذا أقبل عمرو، ونص على ذلك ابن جني، وابن الباذش وغيره من أصحابنا، وقال الأستاذ أبو علي: العامل في بينما ما يفهم من معنى الكلام، و (إذ) بدل من بينما أي حين أنا كذلك حين جاء زيد وافقت مجيء زيد انتهى.

ومجيء (إذ) بعد بينا، وبينما عربي مسموع، فلا يلتفت لمن أنكره، والفصيح الكثير أن لا يؤتي (بإذ). ومن قال أن (إذ) زائدة كأبي عبيدة. فالعامل في بينا وبينما الفعل المذكور بعد (إذ) كحاله إذا لم يذكر.

(وبين) في الأصل ظرف مكان تتخلل بين شيئين أو أشياء، أو ما في

ص: 1405

تقدير ذلك. ولما لحقتها (ما) أو الألف استعملت للزمان وقال بعض أصحابنا هي ظرف زمان بمعنى (إذ). والجملة بعد (بينا) و (بينما) اسمية وفعلية نحو:

فبينا نبغي الصيد جاء غلامنا

...

...

...

وزعم ابن الأنباري أن (بين) يشترط بها في مثل هذا، وزعم بعض النحاة: أنها لا تضاف إلا إلى الجملة الابتدائية، وإذا جاء فع لكان على حذف المبتدأ، وفي هذه الجملة مذاهب:

أحدها: أنهما مضافان إليها نفسها دون حذف.

والثاني: ذهب الفارسي، وابن جني إلى حذف زمان والتقدير: بينا أوقات زيد قائم جاء عمرو.

والثالث: أن (ما) والألف كافان، والجملة بعدهما لا موضع لها من الإعراب.

الرابع: أن (ما) كافة، والجملة لا موضع لها من الإعراب. فإن وليها مفرد، فلا يكون إلا مصدرًا مخفوضًا، فإن ولى بعد الألف، فالألف إشباع، والجملة في موضع خفض، وزعم بعضهم أن ألف (بينا) للتأنيث لا إشباعًا، واختلفوا في جواز إضافة بينما إلى المفرد نحو: بينما قيام زيد قام عمرو، والصحيح المنع، وتضاف (بينا) إلى المصدر، فيخفض، وروى:

ص: 1406

بينا تعانقه

...

...

...

... ....

بالخفض، وبالرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر، وما أضيف منهما فـ (إلى) المصدر لا إلى الجثة، وزعم بعض النحاة أن (بينا) محذوفة من بينما، وقد يحذف خبر المبتدأ الذي بعدهما لدلالة المعنى عليه كما قد يحذف ما يعمل في (بينما) و (بينا) قال الشاعر:

فبينا الفتى في ظل نعماء غضة

تباكرة أفياؤها وتراوح

إلى أن رمته الحادثات بنكبة

يضيق بها منه الرحاب الفسائح

التقدير تنعم بذلك إلى أن رمته الحادثات. ويجوز أن يكون الفعل تباكره وضع المضارع موضع الماضي، وجاء في الشعر بعد بينا كاف التشبيه ومعمولها قال:

ص: 1407

بينا كذاك رأيتني متلفعًا

بالبرد فوق جلالة سرداح

(إذا) اسم يدل على اسميته، دلالته على الزمان دون تعرض للحدث، ويخبر به مع الفعل نحو: القيام إذا طلعت الشمس، ويبدل من اسم صريح نحو: أجيئك غدا إذا طلعت الشمس، وزعم ابن مالك: أن (إذا) تكون مفعولاً به، واستدل بما لا دليل فيه، وإذا مضمنة معنى الشرط، ولذلك يجاب بالفاء نحو: إذا جاء زيد فقم إليه، وكثر مجيء الماضي بعدها مرادًا به الاستقبال، وغيرها نحو: حين، ووقت لا يجوز ذلك فيه لو قلت: حين جئتني أكرمتك لم يكن إلا ماضي اللفظ والمعنى. وقد لا تتضمن معنى الشرط به في بعض مواردها، بل تتجرد للظرفية المحضة نحو قوله تعالى:«والليل إذا يغشى» و «النجم إذا هوى» والماضي بعدها في معنى المستقبل كما كان إذا كانت شرطية، وزعم الفراء أن (إذا) لا يكون بعدها إلا الماضي، إلا إذا كان فيها معنى الشرط والإبهام

ص: 1408

لو قلت: أكرمتك إذا زرتني تريد إذ زرتني لم يصح، وكذلك لأضربن هذا الذي ضربك إذا سلمت عليه [فلو قلت: لا تضرب غلا الذي ضربك إذا سلمت عليه] لجاز، لأنك أبهمت ولم توقت، وكذلك: كنت صابرًا إذا ضربت: على معنى كل ما ضربت صبرت، ولو أردت به مخصوصًا بمنزلة (إذ) لم يجز، ومنه قوله تعالى:«وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض» كأنه قال كلما ضربوا في الأرض أي لا تكونوا كهؤلاء إذا ضرب إخوانهم في الأرض. و (إذا) لما تيقن وجوده نحو: آتيك إذا احمر البسر، أو رجح وجوده نحو: آتيك إذا دعوتني، وقد تأتي في غير المقطوع بوقوعه. وهو قليل نحو قوله:

إذا أنت لم تنزع عن الجهل والخنى

...

...

...

وقد يجوز أن ينزع، وألا ينزع. وذلك بخلاف (إن) فإنها لا تدخل على الممكن وجوده، وقد تدخل على ما يتيقن وجوده، وأبهم زمانه كقوله تعالى:«أفإين مت فهم الخالدون» . وقد تدخل على المستحيل وجوده كقوله تعالى: «قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين» علق مستحيل على مستحيل، والصحيح أنه لا تقع (إذ) موضع (إذا)، ولا (إذا) موضعها. وذهب

ص: 1409

بعض النحويين إلى مجيء ذلك، واختاره ابن مالك، وقد يجيء بعد إذا جملة فعلية مصدرة بمضارع مجرد كقوله تعالى:«وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف» ، أو مصحوب بلم كقوله تعالى:«وإذا لم تأتهم بآية قالوا» . أو بماض نحو: «إذا جاءك المنافقون» أو مقدر قبل اسم يليها موافق للملفوظ كقوله: «إذا السماء انشقت» أو غير موافق نحو:

إذا ابن أبي موسى بلالاً بلغته

...

...

...

في رواية من رفع (ابن أبي): أي إذا بلغ ابن أبي موسى، وقيل: إن سيبويه يجيز أن لا يقدر، وأن الاسم يرتفع بالابتداء بعد (إذا) الشرطية، وأدوات الشرط إذا كان الخبر فعلاً.

ص: 1410

ومذهب الجمهور أن (إذا) مضافة للجملة والعامل في إذا الجواب، وذهب بعض النحاة إلى أنها ليست مضافة على الجملة، بل هي معمولة للفعل بعدها لا لفعل الجواب، وهذا الذي نختاره، وأجاز الأخفش مجيء الجملة الابتدائية المصرح بجزأيها اسمين بعد:(إذا) التي فيها معنى الشرط نحو: إذا زيد قائم فقم معه، وأجازه ابن مالك، وإذا دخلت (حتى) على (إذا) التي تقتضي جوابًا، فأجاز الزمخشري أن يكون حتى حرف ابتداء، وأن تكون جارة لـ (إذا)، وقال أبو البقاء وصاحب البسيط: دخلت (حتى) على اسم معمول لغيرها، فـ (حتى) في موضع نصب بالجواب، قال أبو البقاء: وليس لـ (حتى) عمل، وإنما أفادت معنى الغاية كما لا تعمل في الجمل.

وقال في البسيط: كأنك قلت في قولك: اجلس حتى إذا جاء زيد أعطيتك اجلس فإذا جاء، واختار ابن مالك أن (إذا) مجرورة بحتى.

وقال محمد بن مسعود الغزني في كتابه البديع: ومن زعم أن محل (إذا) جر، فزعمه باطل، لأن (إذا) ظرف محض لا ينجر البتة، ولزوم دخوله على إذا مع امتناعه من دخوله على (إذ) دليل قاطع على أن الزمان الواقع بعده لا يكون إلا مستقبلاً انتهى.

ص: 1411

وزعم أبو الفتح، وتعبه ابن مالك أن (إذا) قد تكون مبتدأ قالا كقوله تعالى:«إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض» في قراءة من نصب خافضة رافعة تقديره: ذلك وقت وقوع الواقعة خافضة قوم رافعة آخرين وقت رج الأرض، ومن منع ذلك تأول.

وتأتي (إذا) للمفاجأة، وهي ظرف زمان في مذهب الرياشي، والزجاج، واختاره ابن طاهر، وابن خروف والأستاذ أبو علي، فإذا قلت: خرجت فإذا زيد فالتقدير: خرجت فالزمان حضور زيد، وهي ظرف مكان في مذهب الفارسي، وأبي الفتح، وأبي بكر بن الخياط، وعزى إلى سيبويه، وعزى إلى المبرد القولان، فإذا قلت: خرجت فإذا زيد،

ص: 1412

فالتقدير: خرجت فبحضرتي زيد، وذهب بعض النحاة إلى أنها حرف، ونقل ذلك عن الأخفش، واختاره الأستاذ أبو علي في حد قوليه، وابن مالك.

وقال سيبويه: «وتكون للشيء توافقه في حال أنت فيها» ، هذا هو الأكثر، وهو التوافق في الزمان، والمكان على الخلاف وقال الفراء: وقد يتراخى هذا كقوله تعالى: «ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون» و (إذا) هذه تقع جوابًا (لإذا) الشرطية قال تعالى: «وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا» .

والفاء في قوله: خرجت فإذا الأسد، ذهب المازني ألى أنها زائدة لازمة، والزجاج إلى أنها دخلت على حد دخولها في جواب الشرط، وأبو بكر مبرمان إلى أنها عاطفة، وتجيء بعد (إذا) الجملة الاسمية مصحوبة بإن المكسورة الهمزة، والمفتوحة كما روى:

ص: 1413

.

...

... إذا أنه عبد القفا واللهازم

بكسر (إن) وفتحها، والجملة الفعلية مصحوبة بقد نقل ذلك الأخفش عن العرب، فتخصيص ابن مالك أنها لا يليها إلا جملة اسمية وهم، وقد تقع بد بينا، وبينما قال:

بينما المرء في فنون الأماني

وإذا رائد المنون موافي

و:

بينما المرء مسرور بغبطته

إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير

وزعم أبو عبيدة أن (إذا) قد تزاد.

ص: 1414

«مذ ومنذ»

(منذ) بسيطة، و «مذ» محذوفة منها خلافًا لابن ملكون؛ إذ قال: ليست محذوفة منها، وذهب الكوفيون إلى أنها مركبة، قال الفراء: أصلها (من ذو) من الجارة، و (ذو) بمعنى الذي في لغة طيئ وقال غيره (منذ) أصلها (من إذ) حذفت الهمزة، فالتقى ساكنان، وحركت الذال بالضم، وهذان المذهبان سخيفان، وأسخف منهما ما ذهب إليه محمد بن مسعود الغزني: ا، ها مركبة من:(من) و (ذا) اسم الإشارة، ولذلك كسرت ميمها، وكثيرًا ما يحذف التركيب بعض حروف المركب، فحذفت الألف منهما، والنون من (مذ)، وعوض من حذف الألف ضمة الذال، والميم تابع للذال في الضمة، والتقدير في (ما رأيته مذ يومان: ما رأيته من ذا الوقت يومان). وفي ما رأيته منذ اليوم: ما رأيته من ذا اليوم، والدليل على هذا دخول (مذ) على الفعل نحو: ما رأيته مذ قام زيد: المعنى: ما رأيته من ذا الوقت قام زيد. وإنما اختص (مذ) بدخوله على الفعل بحذف نون (من) منه، ولذلك قيل إنه بالاسمية أشبه هذا أصلهما.

ص: 1415

وأما في حقيقة العرف فهما اسمان مبنيان: لأن (ذا) كان إشارة إلى المدة، و (من) للابتداء، واسم المدة ينتصب على الظرف، ولذلك وجب عندنا أن يكون محلهما منصوبًا أبدًا، فإذا ارتفع بعدهما اسم فعلى خبر مبتدأ حذف لدلالته عليه كما قالوا: ما رأيته مذ يوم الجمعة أي: مدة أولها يوم الجمعة، وما رأيته مذ يومان أي مدة أولها يومان، والدليل على صحة انتصابهما على الظرف، عطف ظرف آخر عليهما نحو: ما رأيته مذ اليوم، ويومًا آخر قبله أي مدة هذا اليوم ويومًا قبله، وإذا قلت ما رأيته مذ قيام زيد بالرفع، فالتقدير: ما رأيته مدة أولها قيام زيد، فإذا عطفت وقلت: وقيام عمرو، جاز فيه الرفع عطفًا على قيام زيد، والنصب عطفًا على (مذ). ومن هذا القبيل: ما رأيته مذ الحجاج ملك. انتهى.

وميمهما مضمومة، وعن سليم كسرهما، وعن عكل كسر ميم (مذ) وعن غنى ضم ذال (مذ) قبل متحرك، ويضافان إلى جملة مصرح بجزأيها اسمية من مبتدأ وخبر وهو قليل نحو:

... ....

...

...

... مذ أنا يافع

ص: 1416

أو فعلية وهو أكثر نحو:

ما زال مذ عقدت يداه إزاره

...

... ....

ومذهب سيبويه، والفارسي، والسيرافي: أنهما ظرفان مضافان إلى الجملة نفسها، وذهب أبو الحسن إلى أنهما لا يكونان إلا مرفوعين على الابتداء، ويقدر اسم زمان محذوف يكون خبرًا عنهما، ولا يدخلان عنده إلا على اسم الزمان ملفوظ به أو مقدر. واختاره ابن السراج، وابن عصفور، فإذا قلت ما رأيته مذ زيد قائم، أو مذ قدم زيد، فالتقدير مذ زمان زيد قائم، أو مذ زمان قدم

ص: 1417

زيد. وقال ابن السراج: إن لم يظهر (لمذ) عمل، وعطفت على ما عملت فيه، حملته على النصب، دون حكم الإعراب المقدر بعد (مذ) تقول: ما رأيته (مذ) قام، ويوم الجمعة، فإن ظهر العمل، وحملته على لفظه تقول: ما رأيته مذ يومان، وليلتان، ولك نصب الثاني كأنك قلت: ما رأيته ليلتين، وتقول: ما رأيته يوم يوم، فتبنى كخمسة عشر، وقوم يجيزون (مذ) يوم يوم بلا تنوين، ولا يجيزون (مذ) شهر شهر، ولا دهر دهر، قال: ولا أعرف الضم بلا تنوين في هذا من كلام العرب. انتهى.

وإذا جاء بعد (مذ) أو (منذ) زمان مرفوع، فيكون مما يجبا به (كم) نحو: ما رأيته مذ يومان أو مما يجاب به (متى) نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة.

وفي رفعه مذاهب:

أحدها: مذهب الكوفيين واختاره ابن مضاء، والسهيلي، وابن مالك، وهو أن يكون فاعلاً بفعل محذوف تقديره مذ مضى يومان أو كان يومان، وعلى هذا المذهب يكون الكلام جملة واحدة، قال ابن مالك: فهما ظرفان مضافان إلى جملة حذف صدرها.

المذهب الثاني: أنه مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وهو قول لبعض الكوفيين وتقديره: ما رأيته من الزمان الذي هو يومان، وعلى هذا المذهب الكلام جملة واحدة.

المذهب الثالث: أنه مرفوع على أنه خبر «لمذ» و (منذ) وهما مبتدآن. وتقديرهما في المذكور الأمد، وفي المعرفة أول الوقت، وهو قول المبرد،

ص: 1418

وابن السراج، والفارسي، فإذا قلت: ما رأيته مذ يومان، فالتقدير أمد انقطاع الرؤية يومان، وفي ما رأيته مذ يوم الجمعة: أول انقطاع الرؤية يوم الجمعة.

المذهب الرابع: أنه مرفوع على الابتداء: و (مذ) و (منذ) الخبر، وهما منصوبان على الظرفية، كما كانا إذا أضيفا إلى جملة، وهو مذهب الأخفش، والزجاج، وطائفة من البصريين.

قال ابن هشام اللخمي: وهو مذهب سيبويه، والتقدير: بيني وبين لقائه يومان وعلى هذا المذهب والذي قبله الكلام جملتان، وإذا فرعنا على هذا، فالجمهور على أن جملة (مذ) و (منذ) لا موضع لها من الإعراب، وذهب أبو سعيد السيرافي إلى أنهما في موضع الحال كأنه قال: ما رأيته متقدمًا.

و (مذ) و (منذ) يجوز أن يجرا الوقت، وما يستفهم به عنه نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، ومذ متى رأيته، ومنذ كم فقدته، والجمهور على أنهما إذا جرا حرفًا جر، فيجوز أن يصل الفعل بهما إلى اسم الاستفهام نحو: منذ كم سرت.

وذهب بعض النحاة إلى أنهما اسمان ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما وإذا جرا، وكان ما دخلا عليه زمانًا يصلح أن يكون جوابًا (لمتى) نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، فيقدر بـ (من) ولا يكون الزمان إلا ماضيًا معرفة دالاً على وقت معلوم، وإلا كان بمعنى (في) نحو: أنت عندنا منذ الليلة، ولا يكون الزمان إلا حالاً معرفة،

ص: 1419

أو بمعنى (من) و (إلى) نحو: ما رأيته منذ أربعة أيام، ولا يكون الزمان إلا نكرة.

واختلف العرب في الرفع والجر بعدهما، فالحجاز تجر بمنذ، المعرفة والنكرة، وعامة العرب يجرون بهما الحال نحو: لم أره مذ اليوم، أو منذ العام، أو مذ الساعة، أو منذ الليلة، أو منذ يومنا هذا، فتضيف بشرط أن تشير إليه، وإنما يختلفون في الماضي، فتميم وأسد ترفع بهذا الماضي نحو: لم أره مذ العام الماضي، و (عدن) و (غطفان)، وعامر بن صعصعة، ومن جاورهم من قيس يخفض (بمذ).

وروى الكوفيون الخفض بهما في غير الماضي، فإن قلت: منذ خفضت بها عامر في الماضي، ورفعت بها هوازن وسليم، وتخفض ضبة والرباب (بمذ) ما مذى، وما لم (يمض).

وبعض العرب يرفع (بمذ) ما مضى، وما لم يمض، وبنو عبيد من غنى يحركون الذال من (منذ) عند المتحرك والساكن، ويرفعون ما بعدها نحو: مذ اليوم، ومذ يومان.

وقال اللحياني: الرفع بعد (مذ) أكثر من الخفض ومن الرفع بعد (منذ). وقال الأخفش: (منذ) لغة الحجاز يجرون بها كل شيء، و (مذ) لغة تميم، وغيرهم ما بعدها رفع، وقال الفراء: فصحاء العرب يرفعون (بمذ) ما مضى من الزمان، ويخفضون ما أنت فيه، ومن الرعب دون هؤلاء من يخفض (بمذ) ما مضى من الزمان وما أنت فيه.

ص: 1420

وتلخص من هذه النقول أنه يجوز الرفع بعدهما والخفض، و (مذ) و (منذ) يجوز أن يأتي بعدهما مصدر، فيجر أو يرفع نحو: ما رأيته مذ قدوم زيد.

ويكون المصدر معين الزمان، وهو على حذف الزمان التقدير: مذ زمان قدوم زيد، فإن كان الزمان مبهمًا لم يجز نحو: ما رأيته مذ قدوم، أو قدوم رجل، و (مذ) و (منذ) لا يجران إلا الظاهر من اسم الزمان، أو المصدر المصرح به أو المقدر نحو: ما رأيت مذ أن الله خلقه أي: مذ خلق الله إياه.

وأجاز المبرد أن يجرا ضميرا الزمان فتقول: يوم الخميس ما رأيتك مذه أو منذه، والصحيح المنع، وإذا وقع الزمان المخصص بعدهما، وكان بمعنى أول الوقت نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، فذهب الأخفش إلى أن نفي الفعل لا يكون في جميعه، بل في بعضه، فأنت قد رأيته في بعض يوم الجمعة ثم فقدته بعد ذلك إلى الزمان الذي أنت فيه، ووافقه المبرد في المقتضب. وقال أيضًا: يجوز أن يكون نفي الفعل في جميعه ويجوز أن يكون في بعضه.

(مذ) و (منذ) لا يتقدمهما من الأفعال إلا الأفعال المنفية لفظًا ومعنى، أو المنفية لفظًا، أو الموجبة التي تقتضي الدوام نحو: ما رأيت مذ يوم الجمعة، وما زلت أصحبك مذ سنة، وصحبته مذ يوم الجمعة، وسرت مذ يوم الجمعة إذا أردت اتصال السير، وقال أبو الحسن لو قلت: رأيته مذ يوم الجمعة، وأنك تعني أنك رأيته يوم الجمعة ثم انقطعت الرؤية له إلى ساعتك لم يجز. وقال ابن السراج: تقول أنا أراك مذ سنة، تتكلم في حالة إذا أردت أنك في حالة رؤيته مذ سنة قال: وكذلك

ص: 1421

قلت: أراك لأنك تخبر عن حال لم تنقطع، فإذا أردت أنك رأيته ثم غبرت سنة لا تراه قلت: رأيتك مذ سنة، لأنك أخبرت عن رؤية مضت. وانقطعت، وفي البديع: زعم الأخفش أنهم يقولون: ما رأيته مذ اليوم، ومذ العام، ولا يقولون مذ الشهر، ولا مذ يوم، ولا مذ الساعة، وهو على غير قياس وقد حكى عن العرب استعمال أمثلة، وامتناع من أخرى. انتهى.

واسم العدد الواقع بعدهما إذا كانا بمعنى الأمر، فمن العرب من يعتد بالكامل فقط، فمن رأيته يوم الجمعة، ثم يوم الاثنين قلت له: ما رأيتك مذ يومان فلا يعتد بالجمعة، ويوم الاثنين. وهؤلاء لا يقولون: ما رأيته مذ يومان لمن رآه أمس، إنما يقولون مذ أمس إلى اليوم. ومنهم من يعتد بالناقص الأول لا بالآخر، تقول لم أره مذ يومان، وكان قد رآه أول من أمس، اعتد بأول من أمس، وبأمس لا باليوم الذي أخبر فيه بانتفاء الرؤية.

ولما كان النفي ليس واقعًا في جميع ما بعدها إذا كانا بمعنى أول الوقت، منع أبو الحسن أن يعطف على اسم الزمان الواقع بعدهما اسم زمان مختص متقدم عليه أو متأخر، فلا يقال ما رأيته مذ شهر رمضان ولا شهر شعبان، ولا ما رأيته مذ شهر رمضان، وشهر شوال قال: ولو قلت: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم السبت لم يجز، ولو نصبت يوم السبت لم يجز، فإن كان ما بعد حرف العطف متقدمًا على الزمان، الواقع بعدهما جاز عنده النصب نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم الخميس يريد: وما رأيته يوم الخميس، ومنع أبو الحسن العطف إذا اختلف الاسمان بعدهما بالتعريف والتنكير، فلا يجوز عنده: ما رأيتك مذ يوم الجمعة ويومان، ولا ما رأيتك مذ أمس ويومان.

وأجاز ابن السراج: ما رأيته مذ يومان، ويوم الخميس بالرفع على تكرير (مذ)

ص: 1422

والنصب على: وما رأيته يوم الخميس، قال: وتنسق على المعرفة معرفة، فترفع إذا اتفق، وهو أحسن، ويجوز النصب، وتنصب إذا اختلف وهو أحسن، ويجوز الرفع.

وقال ابن عصفور: الصحيح أن العطف ليس من كلام العرب اتفق الاسمان في التعريف، أو اختلفا بأن كان أحدهما معرفة، والآخر نكرة.

وإذا وقع بعدهما اسم الزمان مختصًا، ولم يفد عدة مدة الانقطاع فلا يكون إلا على معنى أول نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة تريد أن انقطاع الرؤية كان أوله يوم الجمعة، وإن أفاد عدة المدة، فالمحفوظ من كلام العرب أن يكونا بمعنى أول الوقت تقول: ما رأيته منذ الشهران الماضيان فتكون رأيته فيها ثم انقطعت الرؤية من أحدهما إلى وقت إخبارك.

(الآن)

اسم في أصل وضعه واستعماله بدليل دخول حرف الجر عليه، وألفه منقلبة عن (واو)، وقيل عن (ها)، وقيل أصله (أوان) قلبت الواو ألفًا ثم حذفت لالتقاء الساكنين وقيل: حذفت الألف، وغيرت الواو إلى الألف كما قالوا: أراح، ورواح استعملوه مرة على فعل، ومرة على فعال كزمن، وزمان، وزعم الفراء أنه منقول من الفعل وهو (آن) بمعنى حان، وقد استصحبت فيه الفتحة، وسمى (الآن) الوقت الحاضر جميعه، أو بعضه نحو قوله تعالى:«فمن يستمع الآن» وقوله: «الآن خفف الله عنكم» ولا يثنى، ولا يجمع، ولا يقصر، وهو مبني على الفتح، وفي سبب بنائه أقوال، وقد يعرب على رأي بدليل:

ص: 1423

كأنهما ملآن لم يتغيرا

...

... ....

وقيل: كسرة النون بناء: كشتان وسيان، وأنشدوا

أإلى الآن لا يبين ارعواء

...

...

...

مفتوحًا، وفي هذين دليل على أنه قد يخرج على الظرفية، وزعم ابن مالك أنه جاء مبتدأ لما جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام سمع وجبة فقال: هذا حجر رمى به في النار منذ أربعين خريفًا، فهو يهوى في النار الآن حين انتهى إلى قعرها، فأعرب (الآن) مبتدأ، وحين انتهى خبره، وأل في (الآن) معرفة، ويصحبها الحضور، وقال أبو إسحاق: تعرف بالإشارة فتضمنها ولذلك بنيت فأصلى الآن معناه: أصلي في هذا الوقت.

ص: 1424

(قط)

اسم مبني وأصله التشديد نقل من القط، وهو القطع إلى الظرف، ويبنى على حركة، وهي الضمة، ويدل على ما تقدم من الزمان.

وقال الكسائي: أصله قطط بضم الأولى، وسكون الثانية، فسكنت الأولى، وأدغمت، وجعل الآخر على حركة الأول، ويقابله (عوض) وهو الوقت المستعمل عمومًا. وقال ابن السيد:(عوض) صنم كان لبكر بن وائل، وقيل هو اسم الدهر، وهو ظرف قالوا: لا آتيك عوض العائضين كما تقول: دهر الداهرين، وكثر حتى أجروه مجرى القسم فيحكم نحو: يمين الله لأفعلن، أو بالجر على تقدير حذف الحرف.

وتختص قط، وعوض بالنفي يقال: ما فعلت قط، ولا أفعله (عوض)، وقال ابن مالك: ربما استعمل قط دون نفي لفظًا ومعنى، أو لفظًا لا معنى،

ص: 1425

واستدل على ذلك بما ورد في الحديث على عادته، وربما جاءت «عوض» للمضي بمعنى (قط) قال:

فلم أر عامًا عوض أكثر هالكًا

...

... ....

وقد يضاف إلى العائضين، أو يضاف إليه فيعرب فيقال: لا أفعل ذلك عوض العائضين، وقال:

ولولا نبل عوض في

حظباي وأوصالي

و (عوض) الظرف يبنى على الفتح والضم والكسر، ويقال: قط، وقط، وقط، وقط وقط، وقال الأخفش: إذا أردت الزمان تضم أبدًا تقول: ما رأيت مثله قط، فإن قللت بقط شيئًا فاجزمها تقول: ما عندنا إلا هذا قط؛ فإن لقيت ألف وصل كسرت لالتقاء الساكنين تقول: ما علمت إلا هذا قط اليوم، وما عندي إلا هذا قط الآن.

وقال الكسائي: التي بمعنى حسب مفتوحة القاف ساكنة الطاء تقول: ما رأيته مرة فقط انتهى و (قط) هذه الواجب فتح قافها ليست الظرفية إنما هي بمعنى حسب.

ص: 1426

ومما يستعمل ظرفًا في المستقبل (أبدا) تقول: ما أصحبك أبدًا، وقال تعالى:«خالدين فيها أبدا» ولا تقول: ما صحبتك أبدًا، ومما يستعمل مستقبلا قولهم:«افعل هذا سهنساه» : «أي آخر كل شيء» وافعل هذا آثرًا ما أو آثرًا بغير ما، أو أمر ذي أثير، ومعناه: أفعله أول كل شيء، ولا يقال: سهنساه، ولا آثرًا ما، وأخويه في الإخبار، وإنما يقال في الأمر فلا يقال: فعل ذلك سهنساه ولا آثرًا (ما)، والهاء الأخيرة في سهنساه هاء السكت، وروى الكسائي ضمها وكسرها كما قالوا: يا مرحباه بضم الهاء وكسرها.

(أمس)

اسم معرفة متصرف يستعمل في موضع رفع، ونصب، وجر موضوع لليوم الذي يلي اليوم الذي أنت فيه أو ما هو في حكمه في إفادة العرف، وكونه معرفة؛ فإن استعمل ظرفًا بني على الكسر خلافًا للزجاج، والزجاجي، إذ يزعمان أنه يجوز بناؤه على الفتح، وأجاز الخليل في لقيته أمس: أن يكون التقدير: لقيته بالأمس بحذف الباء، و (أل)، فتكون الكسرة كسرة إعراب.

وزعم قوم منهم الكسائي أنه ليس معربًا، ولا مبنيًا، بل هو محكى سمي بفعل الأمر من الإمساء، كما لو سمي بأصبح من الإصباح، فإذا قلت: جئت أمس، فمعناه اليوم الذي كنت تقول فيه أمس، وكثرت هذه الكلمة على ألسنتهم

ص: 1427

حتى صار اسمًا لليوم الذي قبل يومك، وليلتك، وقريب من هذا قول السهيلي: قال: من كسر أمس في كل حال، فإنما سمي بالفعل، وفيه ضمير، محكى انتهى وإن استعمل غير ظرف، فالحجاز تبنيه على الكسر كحاله حين كان ظرفًا تقول: ذهب أمس بما فيه. وأحييت أمس، وما رأيتك مذ أمس [وتميم تمنعه من الصرف حالة الرفع. وتبنيه نصبًا وجرًا تقول: ذهب أمس بما فيه، وكرهت أمس، وما رأيت مذ أمس] واختلف النحاة في إعرابه مطلقًا إعراب ما لا ينصرف عند بعض تميم. فذهب إلى إثبات ذلك الأستاذ أبو الحسن بن الباذش وهو قول ابن عصفور، وابن مالك.

وقال الأستاذ أبو علي هذا غلط، وإنما بنو تميم يعربونه في الرفع، ويبنونه في النصب، والجر. انتهى.

وحكى الكسائي أن بعضهم يمنعه الصرف رفعًا ونصبًا وجرًا وبعضهم ينونه تنوين الصرف في الأحوال الثلاثة إلا في النصب على الظرف، فإنهم لا ينونونه.

وحكى الزجاج أن بعضهم ينونه، وهو مبني على الكسر قال: شبهوه بغاق وشبهه من الأصوات، وإذا نكر أمس نحو: مضى لنا أمس حسن لا تريد اليوم الذي قبل يومك، أو أضيف نحو: أمسنا يوم طيب.

ص: 1428

وإذا دخلت (أل) نحو: إن الأمس يوم حسن أو جمع نحو: مرت لنا أموس طيبة أعرب، وقالوا في جمعه أيضًا: آمس وآماس كزند وأزناد وأزند.

وإذا صغر فذلك ابن مالك في شرح الكافية الشافية أنه لا خلاف في إعرابه، وهذا مخالف لنص سيبويه وغيره من النحاة: أن (أمس) لا يصغر، وعن المبرد أنه يصغر وينون.

وفي الغرة: يبنى في الظرفية إجماعًا نص عليه الزجاج إذا كان معرفة بغير إضافة، ولا لام تعريف مكبرًا مفردًا، فأما إذا عرف بالإضافة أو باللام أو صغر، أو نكر، أو ثنى، أو جمع، فإنه معرب، ولو سميت (بأمس) على لغة من أعرب لصرفت، وقيل لا ينصرف قاله في البسيط، وقد يستصحب الباء مع مقارنة (أل).

وأنشدوا:

وإني حبست اليوم والأمس قبله

...

...

بنصب السين وكسرها، وتؤولت رواية الكسر على ما يدل على أنها ليست كسرة بناء وقالوا: لقيته الأمس الأحداث بكسر السين وفيه (أل)، والتأويل على زيادة (أل) أو حذف حرف الجر، وهو الباء.

ص: 1429