الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب المفعول له
تضافرت النصوص على شرط أن يكون مصدرًا، وزعم يونس أن قومًا من العرب يقولون: أما العبيد فذو عبيد بالنصب، وتأول نصب العبيد على المفعول له، وإن كان (العبيد) غير مصدر، وقبح ذلك سيبويه وإما أجازه على ضعفه، إذا لم يرد عبيدًا بأعيانهم، وشرط هذا المصدر أن يكون سببًا لحدث، أو مسببًا عنه، وزاد بعضهم أن يكون من أفعال النفس الباطنة لا من أفعال الجوارح الظاهرة نحو: جاء خوفًا ورغبة. فلا يجوز: جاء زيد قراءة للعلم، ولا قتالاً للكافر، وأجاز أبو علي: جئتك ضرب زيد؛ أي: لضرب زيد، والضرب من فعل الجوارح.
وشرط الأعلم، وناس من المتأخرين أن يكون مقارنًا للفعل في الزمان، فلا يجوز: أكرمتك أمس طمعًا غدًا في معروفك، ولم يشترطه سيبويه، ولا أحد من المتقدمين، وشرطوا أيضًا في نصبه اتحاد فاعله، وفاعل الفعل المعلل، وأجاز ابن خروف نصبه مع تغاير الفاعل وقال:«لم ينص على منعه أحد م المتقدمين» .
وظاهر قول سيبويه يشعر بالجواز، ومذهب سيبويه، والفارسي،
أنه ينصبه مفهم الحدث نصب المفعول به المصاحب في الأصل حرف الجر، ظاهرًا كضربت زيدًا تأديبًا أو مقدرًا نحو: أحدبًا على قومك أي أجئت حدبًا على قومك، وذهب الكوفيون إلى أنه ينتصب انتصاب المصادر، وليس على إسقاط الحرف، ولذلك لم يترجموا له كأنه عندهم من قبيل المصدر المعنوي، فإذا قلت: ضربت زيدًا تقويمًا، فكأنك قلت: قومت زيدًا بضربي له تقويمًا وجئت إكرامًا لك فكأنك قلت: أكرمتك بمجيء كذا إكرامًا.
وقال الفراء في قولهم: «لأعطينك خوفًا وفرقًا ولأكفن عنك حذر زيد» كل واحد منها منصوب على نية الشرط والجزاء، وما ينفك من حسن (من) معه وإن كان يقال: لأكفن من حذر زيد، ولأعطين من الخوف، والفرق، وليس النصب بإسقاط (من) غير أن دخولها المقصود، ويبين معنى النصب. انتهى.
واختلف في النقل عن الزجاج، فنقل ابن مالك عنه مرة أنه انتصب نصب نوع المصدر، ومرة نقل عنه أن مذهبه مذهب سيبويه.
ونقل ابن عصفور أنه انتصب بفعل من لفظه واجب الإضمار، وقال: نص على ذلك الزجاج في كتاب المعاني له.
وإذا فقدت المصدرية صريحًا، أو تقديرًا مع (أن) و (أن) لم يوصل الفعل إلا باللام، أو بما في معناها من حروف السبب وذلك (من) والياء، وكذا (في) عند بعضهم مثال ذلك، «هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا» وقول الشاعر:
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة
…
...
…
...
فلو كان اسم إشارة أو ضميره، لم ينتصب، بل لا بد من حرف السبب.
ومن شرط اتحاد الفاعل والزمان قال: إذا فقدا أو أحدهما لم ينتصب، بل يجر بحرف السبب، فمثال تغاير الفاعل قوله:
وإني لتعروني لذكراك قترة
…
...
…
...
…
...
فالعرو من القترة والذكرى منه، ومثال تغاير الزمان قوله:
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها
…
...
…
...
…
فالنضو متقدم والنوم متأخر.
وإذا نابت «أن وأن» عن المصدر فلا يشترط اتحاد الزمان، ولا اتحاد الفاعل، والعامل إذ ذاك الفعل، أو ما جرى مجراه أو معنى الفعل، وأما مع صريح المصدر فلا ينصبه معنى الفعل، بل لا بد من حرف الجر إلا مع أما سمينا فسمين في مذهب الزجاج وتبعه ابن طاهر، وقصراه على هذا الباب.
وقال الجمهور جر المصدر بالحرف جائز، وقال الجزولي: إذا كان نكرة فلا يجوز جره، لا يجوز: قمت لإعظام لك، قال الأستاذ أبو علي: هو جائز، ولا أعرف للجزولي سلفًا فيذلك، وفي البسيط: إن كان المصدر أجنبيًا من مصدر العامل بحيث لا يصدق عليه باعتبار مجازي، فاللام نحو: فعلته لأمر الله، وتركته لزجرك، ومنه قوله تعالى:«أقم الصلاة لدلوك الشمس» إلا أن يكون مسبوقًا بأن وأن نحو: لبيك أن النعمة لك وقوله:
أتغضب إن أذنا قتيبة حزتا
…
...
…
...
…
وقد حكى عن أبي علي جواز النصب فتقول: جئتك ضرب زيد أي لضرب زيد، وإن لم يكن أجنبيًا حذفت اللام نحو: ضربته تقويمًا، وقعدت عن الحرب جبنًا، ألا ترى أنه يصدق عليه ضربي له تقويم، وقعودي عن الحرب جبن ومنه قوله تعالى:«ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا» .
ويجوز أن يكون هذا المصدر معرفًا (بأل)، وبالإضافة، والإضافة محضة نحو قوله:
لا أقعد الجبن عن الهيجاء
وقوله تعالى: «الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله» هذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وذهب الجرمي، والرياشي، والمبرد
إلى أن شرطه أن يكون نكرة وأن «أل» فيه زائدة، وإضافته غير محضة، وتجريده من «أل» أكثر، وجره ونصبه في الإضافة مستويان نحو قوله تعالى:«لإيلف قريش» «ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله» .
ويجوز تقديم المفعول له على عامله، وإن لم يكن في الفاعل مانع، ومنع ذلك قوم منهم ثعلب والسماع يرد عليهم، وإذا قدمته فيما يجوز فيه حذف اللام قوى فيه ذكر اللام نحو: للطمع جئتك ويجوز تركها، ومنه تقديمه مع أما نحو: أما تقويمًا فأنا أضربك، ويجوز أن يكون العامل فيه الفعل الذي دلت عليه أما، ويكون أصله اللام، وحذفت هنا سماعًا، ويجوز في (كي) في أحد محتمليها، وهو إذا كانت ناصبة بنفسها لا حرف جر أن تقع مفعولاً له، لأنها إذ ذاك ينسبك منها مصدر فتكون مثل أن وأن، ومما ينسبك منه مصدر ما والفعل فإذا أدخلت حرف الجر قلت: أزورك لما تحسن إلي (أي لإحسانك)، فهل يجوز حذف الحرف منه، كما جاز في (أن) وأن، ولا أعرف في ذلك نصًا على أحد، ولا يجوز أن يكون للعامل منه اثنان إلا على جهة البدل، أو العطف سواء جرًا بحرف السبب، أو أحدهما أو نصب، فأما قوله تعالى:«إلا تذكرة لمن يخشى» فمنصوب بفعل مضمر قاله الفارسي رحمه الله.