الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الفاعل
هو المفرغ له العامل على جهة ووقعه منه، أو تركه، فالمفرغ له العامل يكون اسمًا ظاهرًا أو مضمرًا، أو مقدرًا به، وذلك أن، وأن، وما، ولو عند من يثبت أن (لو) مصدرية نحو: يعجبني أنك تقوم، وأن تقوم، و:
يسر المرء ما ذهب الليالي
…
...
…
...
…
...
ما كان ضرك لو مننت وربما
…
...
…
...
…
«أي قيامك، وذهاب الليالي، ومنك» ، ولا يقدر بالاسم، إلا حرف مصدري مع ما دخل عليه، هذا مذهب جمهور البصريين، وذهب هشام، وثعلب، وجماعة من الكوفيين، إلى أنه يجوز أن يسند الفعل إلى الفعل فأجازوا: يعبني يقوم يزد، وظهر لي أقام زيد أم عمرو.
وذهب الفراء، وجماعة: إلى جواز ذلك بشرط أن يكون العامل فعلاً قلبيًا.
وشمل قولنا: المفرغ له العامل مذهب البصريين، والكوفيين، ولم يشترط تقدم العامل كما فعله أصحابنا، لأنه حكم مختلف فيه فلا يدخل في الرسوم.
فذهب البصريون على أنه يجب تقديم العامل على الفاعل، وذهب الكوفيون إلى جواز ذلك، وثمرة الخلاف تظهر في التثنية والجمع، فيجيز الكوفيون: الزيدان قام، والزيدون قام، ولا يجيز ذلك البصريون، وذكر الخلاف في هذه المسألة أصحابنا وابن الدهان في الغرة، وابن كيسان عن ثعلب، وقال الزجاجي: أجمع النحويون: على أن الفاعل إذا قدم على فعله لم يرتفع به، فقال البصريون: يرتفع بالابتداء، والفعل خبر عنه يرفع ضميره، وقال بعض الكوفيين: يرتفع بالمضمر الذي في
الفعل، وقال بعضهم: هو رفع بموضع الفعل، لأنه موضع خبر وبه كان يقول ثعلب. انتهى.
والعامل يشمل اسم الفاعل، وما جرى مجراه في العمل من الأوصاف نحو: جرشع، وشمردل، ومن الجوامد نحو: عرفج الملحوظ فيه الاشتقاق، والصفة المشبهة وغير المشبهة، والأمثلة والمصدر المنحل لحرف مصدري، والاسم الموضوع موضع الفعل، مصدرًا كان أو غير مصدر، والظرف والمجرور.
والأخفش لا يشترط الاعتماد في اسم الفاعل، وما حمل عليه، ولا في الظرف والمجرور، وغيره يشترطه، ومما جاء فيه الرفع على الفاعلية والابتداء، وهو أحسن قولهم: مررت برجل مثلك أبوه، وأحسن منك أخوه، وبرجل سواء عليه الخير والشر، وبرجل أيما رجل أخوه، وحسبك من رجل أخوه، وبرجل أخ لك عمه، وأب لك خلاه، وبرجل أبي عشرة أبوه، وبرجل كل ماله درهمان، وبسرج خز صفته، وبحية ذارع طولها، وبجب ثمانين قامة طوله، وبصحيفة طين خاتمها، وبقاع عرفج نبته، وبرجل مائة إبله.
والعامل هو الرافع للفاعل على مذهب سيبويه لفظًا نحو: قام زيد، أو تقديرًا نحو: ما قام من رجل، «وكفى بالله» على أصح الأقوال في أن الباء زائدة. وأعجبني شرب زيد العسل، أي: ما قام رجل، وكفى الله، وشرب زيد العسل، وذهب قوم على أنه ارتفع بشبهه للمبتدأ وقوم إلى أنه ارتفع بكونه فاعلاً في المعنى، ونسبه القتبي إلى خلف وقوم إلى أنه ارتفع بالإسناد، ونسبه ابن مالك إلى خلف، والفعل يدل على فاعل مطلق، والصحيح دلالته عليه بالالتزام، لا كدلالته على مطلق المصدر، والزمان، خلافًا لمن ذهب إلى ذلك.
والفعل بالنسبة على الفاعل واجب الذكر، ووجب الحذف، وجائز الحذف، فالأول: ما لا دليل على حذفه.
والثاني: إذا ولى ما يختص بالفعل الاسم وبعده ما يفسره نحو: أدوات الشرط كلها، فيجوز ذلك في (إن) وحدها في الكلام، بشرط أن يكون الفعل بعد الاسم ماضيًا، أو يكون منفيًا بلم نحو: إن زيد جاءك فأكرمه، وإن زيد لم يجئك فأهنه، وأما في غيرها، فيختص بالشعر نحو قوله:
فمتى واغل ينبهم
…
...
…
...
…
أي متى ينبهم واغل ينبهم، وكذا: إن زيد يقم أقم معه لا يجوز إلا في الشعر، وأجاز الأخفش في نحو: إن زيد قام أقم معه الرفع في زيد على الابتداء، وقال الرفع على فعل مضمر أقيس الوجهين.
فإن ولى الاسم همزة الاستفهام نحو: أزيد قام، فالمختار حمله على إضمار فعل تقديره: أقام زيد قام ويجوز أن يرتفع على الابتداء، وقام في موضع الخبر.
والثالث: إذا أشعر به ما قبله، فيجوز حذف الفعل، نحو قراءة من قرأ:«يسبح له فيها بالغدو الأصال رجال» بفتح (باء)
يسبح، فرجال فاعل بفعل محذوف يدل عليه ما قبله (أي يسبحه رجال)، على أوضح التأويلين، ولرفعه على الفاعلية شرط؛ وهو أن لا يلبس بالمفعول لو قلت: يوعظ في المسجد رجال لالتبس أن يكون مفعولاً لم يسم فاعله، وأن يكون فاعلاً، فلا يجوز إضمار الفعل، على أن رجالاً فاعل، وفي القياس على ما سمع من ذلك، باعتبار شرطه خلاف، فالجمهور على أنه لا يقاس على ما سمع من ذلك.
وذهب الجرمي، وابن جني إلى القياس على ذلك، فأجازا: أكل الطعام زيد، وشرب الماء عمرو، وأوقدت النار بكر، أي أكله زيد، وشربه عمرو، وأوقدها بكر، وأجاز بعض النحويين، زيد عمرًا بمعنى ليضرب زيد عمرًا، إذا كان ثم دليل على إضمار الفعل ولم يلبس، وقد منع ذلك سيبويه، وإن لم يلبس، وكذلك المجاب به نفي نحو: بلى زيد، لمن قال: ما قام أحد، أو استفهام نحو: زيد لمن قال: هل جاء أحد التقدير: بلى قام زيد، وجاء زيد، ويجوز أن يرتفع رجال في المسألة السابقة، وزيد في جواب النفي، والاستفهام على حذف مبتدأ أي المسبح رجال، والقائم زيد، والجائي زيد؛ وإن كان الأولى إضمار الفعل.
وكان قوله: «رجال» جواب لمن قال: من يسبحه، فقيل رجال كما قال سيبويه في قولك: ألا رجل أما زيد أما عمرو، كأنه قال من هذا المتمني، فقال: زيد أو عمرو، ولا يجوز حذف الفاعل إلا مع المصدر نحو قوله:«أو إطعام في يوم ذي مسغبة» ، أو في باب النائب، فتغير صيغة المسند غليه نحو: ضرب زيد أو مع عامله المدلول عليه بقول القائل من أكرم فتقول: زيد أي أكرم زيد، وذهب
الكسائي إلى جواز حذفه وحده دون عامله، وذلك مشهور عنه في باب الإعمال في نحو: ضربني، وضربت الزيدين في غير هذا الباب نحو قوله:
فإن كان لا يرضيك حتى تردني
…
...
…
...
…
أي ضربني الزيدون، ولا يرضيك شيء، وقال ابن مالك: ويرفع توهم الحذف، إن خفى الفاعل، جعله مصدرًا منويًا، ونحو ذلك مما يدل عليه من اللفظ والمعنى نحو قوله تعالى:«ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين» قال: قيل إن المعنى: بدا لهم بداء، ولا يجوز مثل هذا الإسناد إلى مصدر الفعل، حتى يشعر برأي مثل ظهر وبان، أو يكون الفعل استثناء كاقموا عدا زيدًا أي جاوز قيامهم زيدًا. وقول الشاعر:
تمشي تبختر حول البيت منتحيًا
…
لو كنت عمرو بن عبد الله لم تزد
وذكر أشياء من هذا ونحوه، ورددناها عليه في الشرح، وخرجناه على غير ما قال وللفاعل أحكام مع المفعول بالنسبة إلى تقديمه عليه وتأخيره عنه تذكر عند ذكره.