الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الظرف المكاني المتصرف، إن وقع خبرًا لمكان، جاز فيه الرفع والنصب نحو: مكاني خلفك، وقالت العرب: منزلي شرقي الدار، برفع شرقي ونصبه؛ فإن كان الظرف المكاني مختصًا فالرفع نحو: موعدك ركن الدار، أو المسجد: أو المقصورة، فأما قولهم: موعدك باب البردان، وباب الطاق، فالرفع، وروى فيه النصب على معنى ناحية باب البردان، وناحية باب الطاق، وما استعمل بالنصب من هذه المختصات لا يقاس عليه لو قلت: موعدك بيت المقدس أو مدينة أبي جعفر، أو طاق الحراني، فلا يجوز النصب، ولو قصد الناحية، وقال [الشمال، يجوز نصبه وما لا يصلح فيه «في» اختير نصبه نحو: منزلي خلفك، ويجوز رفعه. وقال] الكوفيون: ما يصلح فيه «في» من المحال اختير رفعه في أخبار المواضع نحو: منزله ذات اليمين، وذات الشمال، ويجو نصبه، وما لا يصلح فيه «في» اختير نصبه نحو: منزلي خلفك، ويجوز رفعه، وإن وقع خبرًا لمصدر نحو: القتال خلفك، والضرب قدامك، فالنصب، وإن وقع خبرًا لاسم غير مكان ولا مصدر، وكان مضافًا إلى نكرة نحو: زيد خلف حائط، وبكر وراء جبل فالاتفاق على جواز الرفع والنصب أو إلى معرفة، فالرفع والنصب عند البصريين مطلقًا، والنصب عند الكوفيين إن لم يملأه، فإن ملأه، فالرفع عندهم أحسن من النصب، أو كان غير مضاف، وكان مصحبًا بمن، فالرفع والنصب نحو: زيد قريبًا منك، وقريب منك، وناحية من الدار، وناحية من الدار، وقالت
العرب: هل قريبًا منك أحد، والأكثر في «بعيد» النصب، وكلام العرب أن بعيدًا منك الماء برفع الماء، ونصبه قليل.
وإن كان غير مصحب بمن، وفيه (أل)، فالرفع والنصب عند البصريين، والرفع فقط عند الكوفيين نحو: زيد الأمام أو اليمين أو الشمال، وإن كان بغير (أل)، وعطف عليه منكور مثله، فالاختيار عند الكوفيين الرفع، ويجوز النصب على غير اختيار، والبصريون يسوون بينهما نحو: القوم يمين وشمال، وزيد مرأى ومسمع، ويجوز النصب، أو لم يعطف عليه مثله نحو: زيد خلف، أو أمام، فالرفع والنصب عند البصريين، والرفع لا غير عند الكفويين.
فإن كان الظرف مختصًا لم يجز أن يقع خبرًا لا برفع ولا بنصب نحو: زيد دارك، غلا فيما سمع نحو قولهم: زيد جنبك يعنون ناحية جنبك، ومثله زيد جنبيك، وجانبيك، وقالت العرب: لها خطان جانبي أنفها، وجانبتي أنفها، ولا يقاس عليه زيد ركن الدار لا برفع، ولا بنصب. وقالت العرب: زيد قصدك، نصبوا على المحل، المعنى: مكان قصدك، ولم يقولوا: زيد قيامك، ولا عمرو قعودك، وهم يغنون المكان، وقصدك لا يقاس عليه غيره، وأجاز سيبويه: زيد قصدك، بالرفع من حيث أجاز زيد خلفك، ولم يجزه الفراء، وقال سيبويه يقال: هو صددك وصقبك وقربك وصددك قصدك، وصقبك قربك، والرفع جائز عنده على قول من يقول: زيد خلفك، وقال أ؛ مد بن يحيى:«صدك وصقبك مصدران، وصددك وصقبك مكانان، واسمان كالنقض والنقض انتهى» .
وتقول: ظهرك خلفك، ورجلاك أسفلك، ونعلاك أسفلك بالرفع والنصب، وقرئ:«والركب أسفل منكم» بهما، وفوقك رأسك، وتحتك رجلاك بالنصب لا غير، وقيل يجوز الرفع فيما كان في الجسد كقولك: فوقك رأسك، وتحتك رجلاك، ولو قلت: فوقك فلنسوتك، وتحتك نعلك بالرفع، لم يجز، وكلام العرب: النصب كان في الجسد أو في غيره، والرفع في القياس، والنصب في هذا كله، كلام العرب في الجسد، والقلنسوة.
ومن أحكام المحل أنه لا ينعت، ولا يؤكد، فمن قال: زيد خلفك المخصب، وعمرو وراءك المجدب، وزيد عندك نفسه، على أن نفسه مؤكد عندك أحال وأخطأ، ومن قال زيد الخلف ومنزلك الأمام نعت الخلف وما أشبهه، فقال: الخلف الطيب، والأمام المخصب؛ فإن أكده فقال: الخلف نفسه لم يجز.
ويكثر رفع الوقت المتصرف من ظرف الزمان، وظرف المكان بعد اسم عين مقدر إضافة بعد إليه، والمؤقت هو المحدود كيوم، ويومين، وثلاثة أيام، وفرسخ وميل تقول: زيد مني يومان، أو فرسخان أي: بعده مني، فلو كان مختصًا لم يجز، لا برفع، ولا بنصب كما سبق، غلا أن يقصد المقدار، وقام على ذلك دليل نحو: زيد مني المسجد الجامع، فلا يكون فيه إذ ذاك إلا الرفع، حكى الكسائي، والفراء: زيد مني الكوفة على هذا المعنى، وأجاز الفراء: هو مني مكان الحائط منك نصبًا، ورفعًا: النصب على المحل، والرفع بتأويل قدره مني كقدر مكان الحائط منك ويجرى مجرى الظرف في ذلك المصدر قالوا: هو مني فوت اليد، ودعوة رجل، وعدوة فرس بالرفع، والنصب؛ النصب على المحل، والرفع على
إضمار القدر، وقيل: هو على تقدير بيني، وبينه فوت اليدي كما قدر في هو مني فرسخان (أي بيني وبينه) هذه المسافة، فلا يكون فيه النصب، وإذا أردت بقولك مني في:(زيد مني) أي من أتباعي قلت: فرسخين بالنصب، وتقدير سيبويه ذلك بقوله: أنت مني ما دمت تسير فرسخين، وتقدير غيره: ما سرنا فرسخين، هو تفسير معنى، والناصب للظرف هو العامل في مني (أي كائن من اتباعي) في هذه المسافة.
وقالوا: داري خلف دارك فرسخًا، فانتصب فرسخًا عند سيبويه على التمييز، وعند المبرد على الحال، وخلف دارك خبر داري، وأجاز الفارسي فيه التمييز والحال، ويجوز رفع فرسخ إذا ألغيت خلف دارك، ويقوى الإلغاء إذا قلت: من خلف دارك، وقال يونس: من لا تضعف الظروف؛ وإن جرت بها.
وقالت العرب: هو مني وزن الجبل: أي مقابله، وهم زنة الجبل (أي حذاؤه)، ونصبهما على المحل، ويجوز رفعهما على إضمار القدر، فإن لم تذكر مني، وما يدل على المضمر، فرفع الوزن، والزنة على السعة لا يجوز عند الكوفيين، وهو صحيح في قول البصريين، يجري مجرى زيد خلفك، وإذا قالوا: زيد قرابتك في المكان من الأرض، وزيد قرابتك في النسب والشرف، لم يحتمل عند الكوفيين إلا النصب، ورفعه، ونصبه جائز عند البصريين وإذا قالوا: الماء وراءك فرسخًا، أو ميلاً، أو ميلين انتصب على التمييز.
وقال أحمد بن يحيى: هو على تقدير على فرسخ، ولم يوافقه عليه أحد من الكوفيين انتهى من الواضح.
ومن مسائل هذا الباب أجاز يونس، وهشام: زيد وحده، ومنعه الجمهور؛ وهو مسموع من العرب، جعلته خبرًا: أي زيد مكان التفرد، ولهشام في جواز تقديمه على المبتدأ قولان:
الجواز والمنع، أجراه في المنع مجرى: زيد أمره الأول، وسعد قصته الأولى، وزيد إقبالاً وإدبارًا.
وقول العرب: زيد وحده يدل على ضعف من زعم انتصابه على الحال، أو على أنه اسم جرى مجرى المصدر.
وقال الكسائي: تقول العرب: القوم خمستهم، وخمستهم، بالرفع والنصب، وكذلك عشرتهم، من رفع رفع بالقوم، ومن نصب ذهب بها مذهب وحدهم، ولم يقل وحده إلا بالنصب في هؤلاء المواضع وقال سيبويه: لا يجوز زيد دونك بالرفع، وأنت تريد المكان، وأجازه غيره، وقال الفراء: سواك، ومكانك، وبدلك ونحوك، ودونك، لا تجعل أسماء مرفوعة على اختيار، وربما رفعوا، قال أبو ثروان: أتاني سواءك، وقال الفراء: أيضًا الرفع في سوى، وبدل، وغيرهما أقوى منه في دون؛ لأن انفراد هذه الحروف أكثر من انفراد دون، فقد قالوا: هما سواء وتقول: زيد مثلك بالرفع، ولا يجوز فيه النصب، خلافًا للكوفيين، فإنه عندهم من القسم الثاني من قسمة المحال؛ وهو قرنك وسنك، وشبهك، ولدنك، ومثلك»، إذا وقع خبرًا، أو نعتًا، جاز أن يعرب إعراب
الأسماء، وجاز أن ينصب تقول: زيد سنك وسنك، ومررت برجل مثلك ومثلك، فإذا وقع فاعلاً رفع، ولم ينصب نحو: قام مثلك وسنك. وقال هشام: لدنك وقرنك، لا يكونان إلا معرفتين، فلا ينصبان على المحل، ولا يجوز نصب شيء من ذلك عند البصريين، إلا إن كان تابعًا لمنصوب، أو معمولاً لناصب، وليس نصبه نصب الظرف. وفي الواضح: إذا اجتمع المحلان متفقي المعنيين، وفق بين إعرابيهما فقيل عبد الله مثلك وشبهك، وشبهك، ومثلك، وكذلك قرنك سنك، وإن خولف بين إعرابيهما لم يستنكر فيقال: عبد الله مثلك سنك برفع الأول، ونصب الثاني، وعبد الله مثلك سنك، بنصب الأول على المحل، ورفع الثاني على التكرار أي عبد الله مثلك، عبد الله شبهك؛ فإن اختلف معنيا المحلين، فالاختيار: أن يخالف بين إعرابيهما. فتقول: عبد الله مثلك سواك، وإن وفق بينهما فليس مردودًا، وقالت العرب هو مثله هدياه، وهو مثله مهيدية، وهي مثلها هدياها، وهي مثلها مهيديتها، رفعوا إذا رفعوا مثل، ونصبوها إذا نصبوا، ولا لهما إلا التبعية لمثل، ولا ينفردان فيهما كقولهم: حسن بسن، وشيطان ليطان، وعطشان نشطان، وقال الفراء في قول الشاعر:
هو الخبيث عينه فراره
…
ممشاه مشى الكلب وازدجاره
فرراه معناه كمعنى عينه، وإعرابه كإعراب مهيديتها بعد مثلها. وتقول: هي مثلك شرواك، فالاختيار في شروى الاتباع لمثل. ويجوز أن يختلف الإعراب؛ لأن شروى قد ينفرد فليس كمهيداه. أنشد أحمد بن يحيى:
أنى له شرواك يالميس
وأنت خود بادن شموس
…
مثل المهاة بالربا تميس
وإذا قطع الظرف عن الإضافة، وبني على الضم: لم يجز أن يقع خبرًا، ولا وصفًا، ولا حالاً، ولا صلة.
ووهم الزمخشري في جعله «ما فطرتم» مبتدأ، وما مصدرية، و «من قبل» في موضع الخبر تقديره: ومن قبل تفريطكم في يوسف.