المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل اختلفوا في اللام الداخلة على الخبر نحو: إن زيدًا لقائم، - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٣

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌فصل اختلفوا في اللام الداخلة على الخبر نحو: إن زيدًا لقائم،

‌فصل

اختلفوا في اللام الداخلة على الخبر نحو: إن زيدًا لقائم، فمذهب البصريين أنها لام الابتداء، وهي التي في قولك: لزيد قائم، واختلفوا في علة تأخيرها، وذهب الكسائي إلى أنها لام توكيد للخبر، وأن توكيد للاسم، وربما جاءوا بها في الخبر، وليس ثم أن، وذهب الفراء إلى أنها للفرق بين الكلام الذي يكون جوابًا لكلام مضى على الجحد، نحو: ما زيد قائم فتقول: إن زيدًا لقائم، وبين ما لا يكون جوابًا، بل مستأنف أخبار.

وذهب معاذ بن مسلم الهراء، وأحمد بن يحيى إلى أن قولك: إن زيدًا منطلق جواب ما زيد منطلقًا، وإن زيدًا لمنطلق جواب ما زيد بمنطلق، و (إن) بإزاء (ما)، واللام بإزاء الباء، وذهب هشام، وأبو عبد الله الطوال إلى أن اللام جواب للقسم، والقسم قبل (إن) محذوف، وحكى هذا أيضًا عن الفراء.

وتدخل اللام على اسم (إن) المفصول بينها وبينه بالخبر نحو: إن في الدار لزيدًا، أو بمعمول الخبر بخلاف نحو: إن في الدار لزيدًا راغب، فإن فصل بينهما بمعمول الاسم نحو: إن في الدار لساكنها زيد، ففي جواز ذلك نظر،

ص: 1262

وحكى الكسائي دخولها على الاسم غير مفصول بشيء حكى عن العرب: خرجت فإذا إن لغرابا، وهذا شاذ، وينبغي تأويله على حذف الخبر أي: فإذا إن بالمكان لغراباً، وعلى الخبر المؤخر عن الاسم اسمًا كان نحو: إن زيدًا لقائم، وشذ دخولها عليه منفيًا بلا، أو ظرفًا نحو: إن زيدًا لعندك، أو مجرورًا نحو: إن زيدًا لفي الدار.

فإن كان حرف الجر حتى، أو (إلى)، فمنع من دخولها عليهما الفراء، وأجازه البصريون وهشام نحو: إن سيرك لحتى الليل، أو لـ (إلى) الليل، أو جملة فعلية مصدرة بمضارع مثبت نحو: إن زيدًا ليقوم [أو منفي بلن، أو بلا، أو بما، فلا تدخل نحو: إن زيدًا لن يقوم، أو لا يقوم، أو ما يقوم] أو بحرف التنفيس، وهو سوف فتدخل عند البصريين نحو: إن زيدًا لسوف يقوم، خلافًا للكوفيين، فإنهم لا يجيزون ذلك.

وقال بعض أصحابنا: وأما السين فامتنعت العرب من إدخال اللام عليها، وإن كانت كحرف من حروف الفعل، ولذلك لا يفصل بينها وبين الفعل كراهية توالي [الحركات في «ليتدحرج» مضارع تدحرج، ثم حمل على ذلك مما لا تتوالي] عليه الحركات. انتهى.

وأجازه السيرافي تقول: لسيقوم، أو مصدرة بماضي منفي فلا تدخل عليه نحو: إن زيدًا ما قام، أو مثبت متصرف مصحوب بقد، فتدخل عند الجمهور نحو: إن زيدًا لقد قام، خلافًا لخطاب بن يوسف الماردي، ومحمد بن مسعود

ص: 1263

الغزني، فإنهما منعا من دخول لام الابتداء عليه، وزعما أنها لام جواب قسم محذوف، أو خال من قد، فلا تدخل، نقل المنع صاحب الغرة عن البصريين والكوفيين، قيل: وأجاز ذلك الكسائي، وهشام على إضمار قد، وأجاز الفراء: إن زيدًا للقد قام، جمعًا بين لامي توكيد، ومنع ذلك البصريون، وأجاز الزجاج، وخطاب الماردي: إن زيدًا لقام، على أنها لام جواب قسم محذوف، أو جامد نحو: نعم، وبئس، وعسى، فمذهب سيبويه أنها لا تدخل، ومذهب الكوفيين، وكثير من أصحابنا أنها تدخل، وعن الأخفش جواز: إن زيدًا لنعم الرجل، ولبئس الرجل، وينبغي أن يتثبت فيه حتى يصح عن العرب.

فأما معمول الخبر؛ فإن تأخر فلا يجوز دخول اللام عليه، فإن أدخلت اللام على الخبر جاز دخولها على معموله المتأخر عند الزجاج نحو: إن زيدًا لقائم لفي الدار، ومنع ذلك المبرد، وإن تقدم على الخبر ظرفًا، أو مجرورًا، فيجوز دخول اللام عليه عند سيبويه والبصريين، ومنعه الكوفيون، وقالت العرب: إن زيدًا

ص: 1264

لبك مأخوذ، وقال الفراء: قبيح أن تقول: إن عبد الله لليوم خارج، فإذا دخلت عليهما نحو: إن زيدًا لفي الدار لقائم، جاز ذلك عند المبرد، ولزجاج، وعنهما المنع كالكوفيين، وإن كان المعمول مفعولاً به، فقد مثلوا به فأجازوا: إن زيدًا لطعامك آكل، ومثل في النهاية: بمثل ذلك حتى بقوله: إن زيدًا عبد الله لهو ضارب، وقال: كل ذلك جائز. انتهى.

وينبغي أن يتوقف حتى يسمع في المفعول به، ولا يقاس ذلك على الظرف والمجرور، أو معمولاً لخبر، هو فعل ماض لم تدخل عليه قد نحو: إن زيدًا به وثق، لم تدخل اللام عليه، وأجاز ذلك الأخفش، فأجاز لبك وثق.

أو حالاً، فالجمهور على منع دخول اللام عليها، فلا يجوز إن زيدًا لضاحكًا قائم، وأجاز ذلك بعضهم، ولم يسمع، فإن كان الظرف، أو الحال متأخرين عن العامل فيهما، وتأخر الاسم عنهما نحو: إن عندك لفي الدار زيدًا، وإن عندي لقائمًا صاحبك، فقال ابن خروف: القياس أن يجوز لتعلق الظرف، والحال بما قبل الاسم، وأما إن زيدًا لقائمًا في الدار، فلا سبيل إليه إلا باللام، ولا بإسقاطها. انتهى.

وإطلاق قولهم معمول الخبر يدخل فيه المصدر، والمفعول من أجله، فتقول: إن زيدًا لقيامًا قائم، وإن زيدًا لإحسانًا يزورك، وينبغي أن لا يقدم على جواز ذلك إلا بسماع، على أنه نقل عن البصريين جواز دخول اللام على الحرف، وما دخل عليه إذا كان علة للفعل نحو: كي، وأن، فتقول: إن زيدًا لكي يقوم معترض، وإن زيدًا

ص: 1265

لأن لا يغضب يأتيك، ومنع ذلك الفراء، وفي الغرة: ذكروا أن هذه اللام لا تدخل على النواصب، ولا على الجوازم، وإنما تدخل على الحرف الملغاة فمنعوا من قولهم: إن زيدًا لكي تقوم معطيك، وأجازوا إن زيدًا كي تقوم ليعطيك، ولو تعرض لهذا بصري لأجاز هذه المسألة على قول من قال:(كيمه) كما تقول: إن زيدًا لفي الدار قائم انتهى، وجعل صاحب الغرة مذهب البصريين في (كي) وأن إذا كانا علة، وتقدم نقلنا جواز دخول اللام عليهما عند البصريين.

وقال في الغرة وتقول: إن زيدًا لما لينطلقن الأولى، لإن، والثانية للقسم وزيدت (ما) فيه فاصلة، وإن فصلت (بمذ) وما بعدها بين الاسم، وإن فلا تدخل اللام على مذ قاله الفراء، وقال الكسائي: إذا كان الفعل أخذًا للوقت الذي بعده كله، دخلت اللام على (مذ) نحو قولك: إن زيدًا لمذ يومان سائر؛ لأنه يسير اليومين، ولا يجوز: إن زيدًا لمذ يومين غائب، وزعم الفراء أنه لا يجوز: إن زيدًا لأظن قائم، ولا إن زيدًا لغيرك قائم، ولا إن اعترض الشرط بين اسمها والخبر نحو: إن زيدًا لئن شاء الله قائم.

وتدخل اللام أيضًا على الفصل نحو قوله تعالى: «إن هذا لهو القصص الحق» ، ولا يتعين لإمكان أن يكون مبتدأ، وعلى أول الجملة الاسمية في نحو: إن زيدًا لوجهه حسن، ودخولها على خبره متأخرًا شاذ، حكى أبو الحسن: إن زيدًا وجهه لحسن، أو متقدمًا نحو: إن زيدًا لآتيه أبوه فلا يجوز، وإن دخلت اللام على التأكيد نحو: إن زيدًا لنفسه قائم، ففيه نظر.

ولا تدخل على خبر إن، إذا كان جملة شرطية نحو: إن زيدًا إن تكرمه

ص: 1266

يكرمك، ونحو: إن هندًا من يكرمها تكرمه، ولا على جواب الشرط لا تقول: إن زيدًا من يأت إليه ليحسن إليه، نص على المنع الكسائي، والفراء، وأجاز ذلك ابن الأنباري، ولا على واو المصاحبة عند البصريين، وأجازه الكسائي فتقول: إن ل ثوب لو قيمته، ولا على خبر لكن خلافًا للكوفيين، ولا تدخل على الاسم، إذا تقدم الخبر عليه اتفاقًا فلا تقول: لكن عندي لزيدًا، ولا على خبر إن خلافًا للمبرد، وإدعاء ابن مالك الإجماع على أنه لا يجوز دخول اللام على خبر إن ليس بصحيح، بل هو مسموع في النظم، وفي النثر، وقد قرئ به في قوله تعالى:«إلا أنهم ليأكلون الطعام» بفتح أن، ولا على واو القسم، لا يقال: إن زيدًا لو الله ليقومن، ولا على واو الحال السادة مسد الخبر نحو: إن

ص: 1267

شتمى زيدًا والناس ينظرون خلافًا للكسائي؛ فإنه أجاز: «لو الناس ينظرون» ولا على الحال الصريحة السادة مسد الخبر نحو: إن أكلي التفاحة نضيجة، خلافًا للكوفيين، فإنهم أجازوا النضيجة، وقالت العرب: لهنك لقائم، فذهب سيبويه، وابن السراج، وجماعة، وقد نسب إلى الفارسي: أن اللام في لهنك لام اليمين، والثانية التي في الخبر هي لام إن، وذهب أبو الفتح، وبعض النحويين، واختاره ابن مالك إلى أنها لام الابتداء، لما أبدلت همزة (إن) هاء فتغير لفظها، جاز الجمع بين حرفي توكيد قال أبو الفتح: واللام الثانية زائدة نحو: لهنك لرجل صدق.

وذهب قطرب، والفراء والمفضل بن سلمة، والفارسي، واختاره ابن عصفور إلى أن الأصل: له إنك فهما جملتان، ومعنى له والله، وإن جواب القسم فحذفت همزة (إن) تخفيفًا، فصار لهنك، وحكى أبو زيد: أن أبا أدهم الكلابي قال له ربي لا أقول ذلك، يريد: والله، وحكى قطرب: له بالإسكان، فجاز أن تكون الهمزة، ألقيت حركتها على الهاء، وحذفت الهمزة، وشذ زيادتها في خبر المبتدأ في نحو قوله:

ص: 1268

أم الحليس لعجوز شهربه

وفي خبر أمسى في قوله:

...

...

...

...

... أمسى لمجهودا

وفي خبر ما زال في قوله

وما زلت

...

...

لكالهائم

...

...

ص: 1269

وفي معمول رأي، حكى قطرب أراك الشاتمي أو ما في قوله:

...

...

وما أبان لمن أعلاج سودان

أي من أعلاج، وعند الكوفيين: أن اللام في (لمن) بمعنى إلا، وتقول إن زيدًا لقائم، وإن زيدًا لينطلقن، فهذه لام قسم فكأنه قال: والله لقام، والله لينطلقن، وليست لام ابتداء، فإن أدخلت علم على أن في هذه فتحت فقلت: علمت أن زيدًا لقام، وعلمت أن زيدًا لينطلقن، ولا يجوز الكسر لأنها ليست لام تأكيد، فتعلق الفعل، ويجوز دخول اللام على كأن قال:

ثمت يغدو لكأن لم يشعر

وتقول: إن زيدًا لكأنه أسد.

ص: 1270