الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(إن) النافية أجاز إعمالها إعمال (ما) الحجازية الكسائي، وأكثر الكوفيين، وابن السراج، والفارسي، وابن جني، ومنع من ذلك الفراء وأكثر البصريين، واختلفوا على سيبويه، والمبرد، فنقل السهيلي أن سيبويه أجاز إعمالها، وأن المبرد منع من ذلك، ونقل النحاس عكس هذا، قال: سيبويه، والفراء يرفعان، والكسائي ينصب، وهو مذهب أبي العباس، وقال ابن الطاهر:«نص سيبويه على إعمالها إعمال (ليس)» ، وأكثر أصحابنا: يذهب إلى أنها لا تعمل، وأن قوله:
إن هو مستوليًا على أحد
…
...
…
ضرورة، والصحيح جواز إعمالها؛ إذ قد ثبت ذلك لغة لأهل العالية نثرًا ونظمًا، ومن النثر «إن ذلك نافعك ولا ضارك» ، «وإن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية» ، وقال أعرابي: إن قائمًا يريد: إن أنا قائمًا حذف الهمزة، ونقل حركتها إلى نون (إن)، وأدغم كقوله:{لكنا هو الله ربي} أي لكن أنا، وتعمل في المعرفة والنكرة ويبطل عملها انتقاض النفي كما قال تعالى:{إن أنتم إلا بشر مثلنا} وتوسط الخبر نحو: إن منطلق زيد.
وتعمل (لا) أيضًا عمل (ما)، وعملها قليل بخلاف عمل (إن)، ودعوى ابن مالك العكس باطلة، وزعم الأخفش، والمبرد أن (لا) لا تعمل عمل ليس، وزعما أن قول سيبويه (وإن شئت قلت: لا أحد أفضل منك في قول من جعلها كليس»، إنما قاله قياسًا منه، ولذلك ساغ لهما خلافه، وذهب بعضهم إلى أنها أجريت مجرى ليس في رفع الاسم خاصة، لا في نصب الخبر، وهو مذهب الزجاج قال: وهي مع اسمها في موضع رفع على الابتداء، وزعم بعضهم أنها لم يحفظ النصب في خبرها ملفوظًا به، والصحيح سماع ذلك، لكنه في غاية الشذوذ والقلة ومنه:
تعز فلا شيء على الأرض باقيًا
…
... ....
وقوله:
نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل
…
...
…
....
والنقل عن بني تميم أنهم لا يعملونها إعمال ليس، وأكثر من أجاز إعمالها اشترط تنكير معموليها، وأن لا يتقدم خبرها على اسمها، وأن لا ينتقض النفي، وأن لا يفصل بينها، وبين مرفوعها، وفي البسيط: الظاهر أن الفصل يبطل عملها، وأجاز ابن جني إعمالها في المعرفة، وجاز ذلك في قول النابغة الجعدي:
وحلت سواد القلب لا أنا باغيًا
…
...
…
وقول الآخر:
…
... لا الدار دارًا ولا الجيران جيرانا
واختلف النحويون في ماهية (لات)، فذهب بعضهم إلى أنها فعل ماض بمعنى نقص، نفي بها كما نفي بليس، ذكره الخشني في شرحه لكتاب سيبويه، وذهب بعضهم إلى أن أصلها ليس أبدلت سينها تاء، والجمهور على أن (لات) حرف لحقته التاء، فذهب سيبويه إلى أنه من تركيب الحرف مع الحرف نحو: إنما فلو سميت به حكيته، وذهب الأخفش، والجمهور إلى أنها (لا) زيدت عليها التاء كما زيدت في ثم، فقالوا: ثمت فهي للتأنيث، وذهب ابن الطراوة إلى أن التاء ليست للتأنيث؛ إنما هي زائدة على الحين، واتبع في ذلك أبا عبيدة، وكتبت في المصحف منفصلة من الحين، ووقف جمهور القراء عليها بالتاء ابتاعًا للرسم، وعن الكسائي الوقف بالتاء وبالهاء، واختلفوا هل تعمل أم
لا، فذهب الأخفش إلى أنها لا تعمل، بل إن ارتفع الاسم بعدها فهو مبتدأ، وخبره محذوف، أو خبر محذوف المبتدأ، أو انتصب فعلى إضمار فعل، وذهب الجمهور إلى أنها تعمل، واختلفوا فذهب الأخفش في قول: إلى أنها تعمل نصبًا عمل لا التي للنفي العام، وذهب الجمهور إلى أنها تعمل عمل ليس، واختلفوا أعملها مختص بلفظ الحين، أم يتعدى إلى ما رادف الحين من الظروف، فمذهب الفراء أنه مختص بالحين، وهو ظاهر كلام سيبويه، فإذا كان الظرف منصوبًا، فهو خبرها، والاسم محذوف، وإذا كان مرفوعًا فهو سامها وخبرها محذوف، ولم يسمع بالاسم، والخبر ملفوظًا بهما معًا، وذهب الفارسي، وغيره إلى أنها تعمل في الحين، وفيما رادفه معرفة كان، أو نكرة، ومما عملت فيه قوله:
حنت نوار ولات هنا حنت
…
...
…
...
…
وقوله:
ندم البغاة ولات ساعة مندم
…
...
…
... ....
وشذ مجيء غير الظرف مرفوعًا بعدها في قوله:
…
...
…
... يبغي حوارك حين لات مجير
وقد تؤول، وزعم الفراء أن (لات) يخفض بها أسماء الزمان نحو قوله:
طلبوا صلحنا ولات أوان
…
...
…
...
…
وقوله:
…
...
…
... ولتندمن ولات ساعة مندم
وقرئ شاذًا: «ولات حين مناص» بالخفض، ولا يعرف ذلك البصريون وقد أضيف إليها الحين في قوله:
وذلك حين لات أوان حلم
…
...
…
....
وقد جاءت لات غير مضاف إليها حين، ولا مذكور بعدها حين، ولا مرادفه في قول الأفوه:
…
....
…
وتولوا لات لم يغن الفرار
والعطف على خبر «لات» عند من أعملها إعمال ليس، كالعطف على خبر
(ما) الحجازية تقول: لات حين جزع، ولات حين طيش، ولات حين قلق، بل حين صبر، تنصب في الأولى، وترفع في الثانية كما كان في (ما)، ولا النافية حرف، وزعم بعض النحاة أنها اسم بمعنى (غير) في قوله:«جئت بلا زاد» ، وغضبت من لا شيء، وفي النهاية «أنه مذهب الكوفيين (فزاد) و (شيء) مجروران بالإضافة، لا بحرف الجر، ومذهب الجمهور أنها للنفي؛ وهي زائدة من حيث تخطى حرف الجر لجر ما بعد (لا)، ولا يعني بالزائد، أن وجوده كعدمه.