الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
كان وزنها: فعل بفتح العين خلافًا للكسائي، فيما نقل عنه أبو غانم المظفر بن أحمد أن وزنها فعل بضم العين، وتكون ناقصة ومنها التي يضمر فيها ضمير الشأن، خلافًا لأبي القاسم بن الأبرش، فإنه زعم أنها قسم برأسها، وخلافًا لمحمد بن مسعود بن الغزني من نحاة غزنة، فإنه ذكر في كتابه البديع، أنها من قسم التامة، وليست ناقصة، وأبطل في ذلك الكتاب على زعمه أنها من قسم الناقصة، وتامة بمعنى ثبت، وثبوت كل شيء بحسبه فمنه بمعنى الأزلية: كان الله ولا شيء معه، وبمعنى حدث:
إذا كان الشتاء فأدفئوني
…
...
…
...
وبمعنى حضر، {وإن كان ذو عسرة فنظرة} وبمعنى وقع: ما شاء الله كان قيل: وبمعنى أقام نحو قوله:
كانوا وكنا فما ندري على مهل
…
...
…
...
ومتعدية بمعنى كفل: كنت الصبي [أي] كفلته، ومصدر هذه كيانة، وكنت الصوف [أي] غزلته، أضحى تامة بمعنى دخل في الضحى قال
…
...
…
...
…
إذا السنة الشهباء أضحى جليدها
وبمعنى أقام في الضحى، وأمسى وأصبح تامان دخل في المساء وفي الصباح قال تعالى:{فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} ، وبمعنى الإقامة في المساء والصباح قال:
حتى إذا الهيق أمسى شام أفرخه
…
...
…
...
…
(أي دخل في المساء)، أو أقام في المساء، وقالوا: إذا سمعت بسرى القين فاعلم أنه مصبح: (أي مقيم في الصباح).
(ظل) تامة خلافًا للمهاباذي، وأبي محمد بن عبد العزيز بن زيدان، وأبي الحكم بن رختاط، حيث زعموا أ، ها لا تكون إلا ناقصة بمعنى طال، وبمعنى: أقام نهارًا، (بات) لازمة)؛ أي نزل ليلاً، وبمعنى: أقام ليلاً، ومتعدية قالوا: بات القوم: نزل بهم ليلاً، وهي متعدية بصيغة اللازمة وإذا كانت هذه الخمسة نواقص دلت على اتصاف الاسم بذلك الخبر في الأوقات التي تدل عليها صيغها، فإذا قلت: أصبح زيد عالمًا فمعناه اتصافه بالعلم في وقت الصباح، وتأتي هذه، وكان بمعنى صار وهي نواقص قال تعالى:{وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا} أي صارت وقال:
أضحى يمزق أثوابي ويضربني
…
...
…
...
أي صار، وقال تعالى:{فأصبحتم بنعمته إخوانا} أي صرتم وقال:
أمست خلاء وأمسى ألها احتملوا
…
...
…
...
…
(أي صارت) وقال تعالى: {فظلت أعناقهم لها خاضعين} أي صارت، خلافًا للكذة الأصفهاني، والمهاباذي، وقبلهما السيرافي فإنهم زعموا: أنها لا تكون بمعنى صار، وإنما تستعمل ناقصة؛ لاتصاف الموصوف بالصفة نهارًا، وقال أبو بكر: هو مشتق من الظل، وإنما تستعمل في الوقت الذي للشمس فيه ظل، وهو من طلوع الشمس إلى غروبها، وقال هشام: هو بين الصباح والمساء. زعم لكذة الأصفهاني: أن الظلول يخص به يوم واحد فلا يقال: ظل فلان عمره سفيهًا، وهو خطأ، وزعم الزمخشري: أن بات تأتي بمعنى صار قال ابن مالك: «وليس بصحيح» ، (صار) متعدية بمعنى ضم، أو قطع، قال تعالى:{فصرهن إليك} ، وبمعنى انتقل، فيتعدى بإلى، قال تعالى:{ألا إلى الله تصير الأمور} ، وناقصة تدل على زمان الوجود دون زمان الماضين وتكون الصيرورة تارة في الذات نحو: صار الطعام عذرة، أو في العرض نحو: صار الفقير
غنيًا، ولا تستعمل زائدة خلافًا لقوم. (ليس) زعم الكوفيون أنها تكون عاطفة في المفردات تقول: قام القوم ليس زيد، وضربت القوم ليس زيدًا، ومررت بالقوم ليس زيد، ولا يجوز هذا عند البصريين، وإذا دخلت إلا في خبرها، فلا تعمل ألبتة في لغة تميم، وتعمل في لغة الحجاز كحالها إذا لم تدخل إلا، وبناء الاسم ههنا شاذ كبنائه مع (ما) قال الشعر:
قد سوأ الناس بابًا ليس بأس به
…
وأصبح الدهر ذو العرنين قد جدعا
و (ليس) عند بعضهم للنفي مطلقًا، وذهب المبرد، وابن السراج، وابن درستويه، والصيمري إلى أنها قد تنفى في الاستقبال، ومنعه الزمخشري، فقال: ولا تقول ليس زيد قائمًا غدًا. وفي الغرة: وقد منعوا من قولهم: ليس زيد قد ذهب، ولا قد يذهب لتضاد الحكم بين قد، وليس، وذهب الأستاذ أبو علي إلى أنها لنفي الحال في الجملة غير المقيدة بزمان، والمقيدة بزمان تنفيه على حسب القيد، وهو الصحيح
(دام) تامة بمعنى سكن. ومنه: «لا يبولن أحدكم في الماء الراكد الدائم» وبمعنى بقى تقول: دام ملك فلان، وناقصة، فمذهب الفراء، أنها لا تتصرف فلا تستعمل إلا بلفظ الماضي، وكذا قال ابن الدهان، وكثير من المتأخرين، ولا يعرف ذلك البصريون، و (ما) الظرفية توصل بالماضي وبالمضارع، (زال) تامة متعدية، زال الشيء من الشيء مازه منه، ولازمه بمعنى ذهب، ومضارعها يزول وناقصة، ومضارعها المشهور: يزال، فوزن زال فعل بكسر العين، وحكى فيها يزيل، فوزنها فعل بفتح العين، فهي والتامة مختلفان في المادة تلك مركبة من زول، وهذه من زيل.
وزعم الفراء: أن الناقصة مغيرة من التامة، بنوها على فعل بكسر العين، بعد أن كانت مفتوحة فرقًا بين التمام والنقصان فعينها واو، وأجاز ابن خروف: أن تكون الناقصة من زاله يزيله إذا مازه عنه، وأجاز أبو علي في «زال» هذه التي مضارعها يزال: أن تكون تامة قياسًا، ولا يحفظ ذلك.
(انفك) تامة بمعنى انفصل، وخلص؛ وهو مطاوع لفك تقول: فك الخاتم وغيره: فصله، وفك الأسير: خلصه وهما متقاربان، وناقصة نحو قوله:
…
....
…
وما انفكت الأمثال في الناس سائره
(برح) تامة لازمة بمعنى: ذهب، أو ظهر، ومنه برح الخفاء فسر بذهب وبظهر.
(فتئ)، ويقال: فتأ وأفتأ ذكر ثلاثتها أبو زيد وفي المحكم: فتأ، وفتؤ، وما أفتأت تميمة (أي ما برحت) [وذكر الصاغاني في فتؤ: يفتؤ على وزن ظرف لغة في فتأ]، وذكر ابن مالك: أن فتئ، وفتأ، وأفتأ نواقص، ثم ذكر أن فتأ التي على وزن فعل بفتح العين تكون بمعنى سكن، أو أطفأ، وأما فتئ بكسر التاء؛ فلا أعلم أحدًا ذكر أنها تامة إلا الصاغاني، فإنه ذكر أنه في
نوادر الإعراب فئت عن الأمر فتأ (أي نسيته)، فتكون على هذا تامة، وهذه الأربعة شرط كونها نواقص أن تكون منفية بثابت النفي، فالنفي يكون بحرفه نحو: ما زال زيد محسنًا، وبـ «ليس» نحو: قولك: لست تنفك سعيدًا، وبغير نحو قوله:
غير منفك أسير هوى
…
...
…
...
…
وبقلما: قلما يزال زيد يذكرك؛ معناه ما يزال، وما يقع بعد أبيت نحو: أبيت أزال مستغفرًا لله. بمعنى لا أزال، وقول العرب: لا ينشأ أحد ببلد، فيزال يذكره: معناه إذا نشأ أحد ببلد لم يزل يذكره، وما (يعترينا) أحد فنزال نعينه ذكر هذا كله الفراء.
واحترزنا بقولنا بثابت النفي من نحو: ما يدخل على النفي من همزة التقريب نحو: ألست تزال تفعل [وألم تزل تفعل]؛ فإنه لا يجوز؛ فإن أردت مجرد الاستفهام عن النفي جاز، وأداة النفي مذكورة غالبًا، وينقاس الحذف في المضارع، جواب القسم، والحرف لا، وشذ في الماضي جواب القسم نحو قوله:
لعمر أبي دهماء زالت عزيزة
…
...
…
....
أي لا زالت، وقد يفصل بين حرف النفي والفعل نحو:
ولا أراها تزال ظالمة
…
...
…
...
…
وقوله «فلا وأبي دهماء زالت عزيزة» : وقال الفراء: يجوز أن يقدم نفي زال على ظن وأخواتها فتقول: لا أظنك تزال تقول ذلك انتهى، والنهي والدعاء كالنفي نحو: لا يزال زيد محسنًا و:
…
...
…
...
…
ولا زال منهلاً بجرعائك القطر
ومن ألحق ونى ورام بهذه الأربعة، كان حكمها عنده حكمها، ومضارع (ونى) ينى، وتكون تامة بمعنى فتر، ورام بمعنى حاول، ومضارعها يروم، وبمعنى تحول، ومضارعها يريم كمضارع الناقصة المرادفة لصار، وهذه التي شرط فيها النفي، والنهي، والدعاء، بلفظ لا يدل على ملازمة الصفة للموصوف؛ مذ كان قابلاً لها على حسب ما قبلها؛ فإن كان الموصوف قبلها متصلة الزمان دامت له كذلك نحو: ما زال زيد عالمًا، وإن كان قبلها في أوقات متفرقة دامت له كذلك نحو: ما زال زيد يعطي الدنانير.
ولا خلاف في أن معاني هذه الأفعال الأربعة متفقة إلا ما ذكره أبو علي عن بعض أهل النظر؛ أنه فصل بين زال، وبرح بأن برح لا تستعمل إلا أن يراد بها البراح من المكان، فيذكر المكان، أو يحذف للدلالة، قال أبو علي: وهذا لا يصح، وهذه الأفعال الأربعة لما كان معناها الإيجاب، لا حقيقة النفي، كانوا لا يجيزون النصب بعد الفاء في المضارع في الجواب، لا يقولون: ما زال زيد زائرك فيكرمك، واختلفوا في تلقي القسم بها، والصحيح جوازه، ومن منع جعل ما تلقى به فعلاً تامًا، لا ناقصًا، والمنصوب بعده حال.
وأما «آض» و «عاد» ، فعدهما ابن مالك من أخوات كان الناقصة، وهما بمعنى صار، وكذا قال الأعلم في «عاد» ، وأنشد شاهدًا على ذلك:
وآض نهدًا كالحصان أجردا
وقال آخر:
تعد فيكم جز رالجزور رماحنا
…
...
…
... ....
ومن النحويين من لا يلحقهما بصار؛ إذ هما يتعديان بإلى، ويجعل المنصوب بعدهما حالاً، وأنشد ابن مالك على آل:
ثم آلت لا تكلمنا
…
...
…
...
…
...
أي صارت: ويحتمل أن تكون آلت بمعنى حلفت، وعلى رجع:
قد يرجع المرء بعد المقت ذامقة
…
...
…
...
…
وعلى حار:
…
...
…
...
…
... يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع
وعلى استحال:
إن العداوة تستحيل مودة
…
...
…
...
…
....
وعلى تحول:
…
...
…
...
…
... لعل منايانا تحولن أبؤسا
وذكر في ارتد قوله تعالى: {فارتد بصيرا} ، وجاء في المثل قولهم:«ما جاءت حاجتك» ، يروى بنصب التاء، ففي جاءت ضمير يعود على «ما» على معناها، وهو اسم جاءت؛ أي أية حاجة صارت حاجتك، و «حاجتك» الخبر، ويروى بضم التاء على أنها اسم جاءت، وما جاءت في موضع الخبر (أي أية حاجة صارت حاجتك)، ويقتصر بها على هذا المثل، وطرد بعضهم استعمالها لقوة الشبه بينها وبين صار، فجعل من ذلك: جاء البر قفيزين، وصاعين، والصحيح نصب ذلك على الحال، وقعد في قولهم:«شحذ شفرته حتى قعدت» ويورى «أرهف شفرته حتى قعدت كأنها حربة» أي صارت، وحيك الكسائي:«قعد لا يسأل حاجة إلا قضاها» بمعنى صار، ويقتصر في قعد بمعنى صار، على مورد السماع وذهب الفراء إلى أنه يطرد، وجعل قعد بمعنى صار، وعلى ذلك خرج الزمخشري قوله تعالى:{فتقعد مذموما مخذولا} أي فتصير، وأما «غدا وارح»؛ فالصحيح أنهما ليسا من أفعال هذا الباب وقال ابن عصفور إذا استعملا تامين قلت: غدا زيد، وراح بكر أي دخلا في الغدو والرواح، أو مشيا في الغدو والرواح، وإذا استعملا ناقصين، جاز أن يكون فيهما
ضمير الشأن، وأن لا يكون، ودلا على اقتران مضمون الجملة بالزمان الذي اشتقا منه، وقد يكونان بمعنى صار انتهى، ويحتاج تقدير كونهما ناقصين إلى سماع من العرب والله أعلم.