الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
إذا عطفت على الخبر بحرف لا يوجب نحو: ما زيد قائمًا ولا قاعدًا جاز في قاعد وجهان:
أحدهما: نصبه عطفًا على الخبر وهو أجود.
والآخر: رفعه على إضمار هو، وقد منع قوم من القدماء النصب في العطف على خبر ليس، ومنعهم في (ما) أولى، وأوجبوا الرفع على إضمار (هو)، وأما الخفض فيه على التوهم فمسموع، لكن عامة النحويين لا يجيزونه، وأجازه الكسائي، والفراء، قياسًا، ونسبة النحاس جواز ذلك إلى سيبويه وهم، وإنما حكى ذلك سيبويه في ليس؛ فإن كان الخبر لا يقبل الباء نحو: ليس زيد إلا قائمًا، ونحو: ليس زيد يركب، وما زيد يركب، فمن أجاز الجر في العطف لا يجيزه في هذا، أو بحرف يوجب رفعت نحو: ما زيد قائمًا بل قاعد أي بل هو قاعد، وليس من عطف [المفرد] على الخبر، بل من عطف الجمل.
فإن كان اللسان سبق إلى ذكر الخبر غلطًا فاستدركت نصبت، فقلت: بل قاعدًا، كما تقول: ما ضربت رجلاً بل امرأة، إذا غلطت، قاله بعض أصحابنا، ولم يسمع إجراء (لكن) مجرى (بل) في ذلك، بل هو مسموع في ليس نحو: ليس زيد قائمًا لكن قاعد، وقال الفارسي: قياس لكن أن يكون مثل بل فتقول: ما زيد قائمًا لكن قاعد، وإذا عطفت على الاسم رفعت فقلت: ما زيد قائمًا، ولا عمرو،
فإن ولى العاطف الذي لا يوجب وصفًا، ورفع سببًا نصبت الوصف، ورفعت به السببي، أو رفعته خبرًا للاسم بعده، أو مبتدأ مرفوعًا به الاسم، مستغنى به عن الخبر فتقول: ليس زيد قائمًا، ولا قاعدًا أخوه، وما زيد قائمًا ولا قاعدًا أخوه، ويجوز، ولا قاعد أخوه على التقديرين، ومن أجاز الجر في ما زيد قائمًا، ولا قاعد أجازه هنا.
وإن ولي الوصف أجنبي، جاز مع ليس نصبه فتقول: ليس زيد ذاهبًا، ولا مقيمًا عمرو إلا عند أولئك القدماء، بل يجب عندهم الرفع، وإذا نصبت كان الوصف معطوفًا على الخبر، والأجنبي معطوف على اسم ليس، وإذا رفعت الوصف؛ فعلى وجهين: رفعه حين وليه السببي، وقد سمع الجر فيه نحو: ليس زيد بقائم، ولا ذاهب بكر، وذلك إذا جر خبر ليس بالباء، وخرج ذلك على حذف الحرف لدلالة ما قبله عليه، لا على أنه مما ناب فيه الحرف مناب عاملين، فإن وليه في «ما» تعين رفعه نحو: ما زيد قائمًا، ولا ذاهب عمرو، ورفعه من ذينك الوجهين هذا مذهب البصريين، وأجاز الكسائي، والفراء فيه النصب فتقول: ما زيد قائمًا ولا ذاهبًا عمرو، وحكى الكوفيون من قول العرب ما زيد قائمًا فمخلفًا أحد بالنصب، فلو كان خبر «ما» مجرورًا بالباء نحو: ما زيد بقائم ولا خارج عمرو، لم يجز جره عند البصريين، وأجازه الكوفيون، فلو حذفت «لا» لم يجز جره عند البصريين، والفراء، وأجازه هشام، كما أجاز الذي قبله.
فإن تأخر الوصف عن الأجنبي؛ وحرف العطف موجب رفعت، فقلت: ما زيد قائمًا، بل عمرو خارج أو غير موجب، والخبر مرفوع رفعت فقلت: ما زيد قائم، ولا عمرو خارج، أو منصوب، فأجمعوا على الرفع نحو: ما زيد قائمًا ولا عمرو ذاهب، وزعم الجرمي أنهم رووا أن أكثر العرب يرفع، واختلفوا في نصبه، فأجازه الخليل، وسيبويه، والكسائي، وهشام، ومنعه النحويون القدماء، وقال سيبويه: وتقول: «ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة» ؛ وإن شئت نصبت بيضاء، وبيضاء في موضع جر، ولا يجيز المبرد في بيضاء إلا الرفع، وإن كان خبر (ما) مجرورًا، وعطفت على اللفظ قلت: ما زيد بقائم، ولا عمرو بذاهب، أو على الموضع نصبت الخبر؛ إن كانت حجازية فقتل: ما زيد بقائم، ولا عمرو ذاهبًا. ويجيء فيها الخلاف السابق، أو تميمية رفعت فقلت: ما زيد بقائم، ولا عمرو ذاهب.
وهذه مسائل تتعلق بما يجوز دخول همزة الاستفهام على (ما) الحجازية فتعمل نحو: أما زيد قائمًا، ولا يجوز حذف اسم (ما) لو قلت: زيد ما منطلقًا تريد: ما هو منطلقًا لم يجز، وإذا قلت: ما هو طعامك زيد بآكل، هو ضمير الشأن؛ إن كانت (ما) حجازية، لم يجز، أو تميمية جازت، وإذا قلت: اليوم ما زيد إياه ذاهبًا، جازت عند الأكثرين، ومنعها بعضهم، وإذا أخرت الاسم موجبًا بإلا، وقدمت معمول الخبر عليه نحو: ما طعامك آكل إلا زيد، جاز ذلك عند البصريين، ولم يجز عند الكسائي، والفراء، وأجاز الأخفش (ما نعم الرجل عبد الله»، ولا قريب من ذلك. وإجازة غيره نصب قريب على الظرف، وأجاز الكسائي إضمار (ما) وأنشد:
فقلت لها والله يدري مسافر
…
...
…
...
«أي ما يدري مسافر» فأمضر ما قال الفراء: فسألته عن والله أخوك قائمًا فرأيته كالمرتاب من إدخال الباء، ويجوز حذف الخبر عبد (ما) المكفوفة بإن للدلالة نحو:
…
...
…
فما إن من حديث ولا صال
وبناء النكرة مع «ما» تشبيهًا بلا نحو: ما باس عليك شاذ لا ينقاس وقال الشاعر:
وما باس لو ردت علينا تحية
…
قليلاً على من يعرف الحق عابها