الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
المصدر المتصرف، والظرف لزمان، أو مكان المتصرف يجوز أن يتسع فيهما، فيجع لمفعولاً به مجازًا تقول: ضربتك الضرب زيدًا، انتصب الضرب على أنه مفعول به مجازًا، وتقول: سرت اليوم تنصبه على التوسع نصب المفعول به، وكذلك سرت ميلاً، والتوسع يكون في ظرف المكان المتصرف، كما يكون في ظرف الزمان، وفي البسيط: التوسع في ظرف المكان لا يطرد بخلاف ظرف الزمان، ويقال: نحي نحوك، وقصد قصدك، وأقبل قبلك رفعوا، فدل على نصب التوسع.
ولا يجوز في ضربت خلفك، فتجعله مفعولاً، فتوسع الفاعل والمفعول غير مطرد في المكان. انتهى.
وتقدم أن من مذهب الكوفيين أن الظرف إذا كان العمل في جميعه فلا ينصب ظرفًا، وإن كان في بعضه جاز أن ينتصب على الظرف، وعلى التشبيه بالمفعول به ولم يفصل البصريون، بل أجازوا فيهما أن يكون مفعولا به على السعة، ويجوز أن يجمع بين مصدرين فأحدهما متسع فيه إذا اختلفا بالوصف، أجاز سيبويه: سير عليه أيما سيرًا شديدًا، وإذا اتسع في المصدر جاز أن يضمر فتقول: الكرم أكرمته زيدًا، تجمع بين الضمير والمفعول به، وإذا اتسع في الظرف، فأضمرته كان غير مقرون (بفي) نحو قوله في ظرف الزمان:
ويوم شهدناه سليمًا وعامرًا
…
...
…
... ....
ظرف المكان
ومشرب أشربه وشيل
…
لا آجن الطعم ولا وبيل
مشرب اسم مكان الشرب، ومن مثل سيبويه: سير عليه فرسخان، وإذا أضمر الزمان والمكان، لم يقع خبرًا لمبتدأ منصوبًا كما يقع الظرف تقول: يوم الجمعة سفري فيه، ولا تقول سفري إياه، ولا تقول اليوم إن سفري إياه، ولا اليوم كان سفري إياه، وكذلك ظرف المكان إنما يكون ذلك بفي.
ولذلك منع أبو الحسن أن يقال: أما الليلة فالرحيل إياها، وذلك للجمع بين اتساعين، وهما على خلاف الأصل الأول والاتساع في حذف العامل، وهو مستقر، والثاني حذف في، والتصرف يشمل ما كان مشتقًا نحو: المشتى والمصيف، والمضرب، وما في أوله ميم من المصدر والظرف، وما كان انتصب من المصادر انتصاب الظرف نحو: خفوق النجم، ومقدم الحاج، وما قطع من الظرف عن الإضافة، وعوض مما أضيف إليه التنوين نحو ساعتئذ، وحينئذ كل هذا يجوز فيه التوسع.
ويضعف التوسع في صفة الظرف نحو: سرت قليلاً إلا إن وصفت، وقد يحسن في بعضها إذا كثر فيها التصرف نحو: قريب، ولا تجرى صفة المصدر هذا
المجرى في الاتساع ويسوغ الاتساع الإضافة إلى المصدر وإلى الظرف نحو: ما ضارب الضرب زيدًا، وقوله تعالى:«بل مكر الليل والنهار» ، «تربص أربعة اشهر» ، ويا سائر الميل، والإسناد إليهما نحو: سير عليه أيما سير، وولد له ستون عامًا، وسير عليه فرسخان.
وإذا توسع في واحد فلا يتوسع فيه نفسه مرة أخرى، مثال ذلك أن تضيف إليه ثم تنصبه نصب المفعول به.
ومن النحاة من ذهب إلى أنه لا يتوسع في شيء من الأفعال إلا إذا حذف المفعول الصريح، إن كان التوسع في المعنى، وإن كان توسعًا في اللفظ جاز مطلقًا، والاتساع على وجهين.
أحدهما: أن يكون على حذف مضاف فإذا قلت: صيد عليه يومين، فأردت وحسن يومين جاز بلا خلاف.
والآخر: أن يجعل اليومين مصيدين مجازًا، وهذا مذهب سيبويه والجمهور.
وذهب ابن كيسان إلى أن الاتساع إذا كان على هذا الوجه الثاني هو حصر الفعل في الظرف، فإذا قلت: يوم الجمعة صمته، فالمعنى أنك اعتمدته بالصوم، ولم تصم غيره وإذا قلت: صمت فيه احتمل أن يكون صمت فيه، وفي غيره، وكذلك إذا قلت: سير عليه فرسخان، فالتقدير أنه لم يسر إلا الفرسخين لا غيرهما، ولا يجوز سير عليه مكان.
والمصدر إن اتسع فيه فانتصب نصب الظرف، نحو: سير عليه خفوق النجم، فإما على إرادة زمن، وإما على جعل الخفوق حينًا، ولا يكون ذلك في ظرف المكان لو قلت: سير عليه ضرب زيد «تريد مكان ضرب زيد» لم يجز،
والعامل في التوسع فيه هو الفعل، أو ما جرى مجراه من الأسماء، فإن كان العامل في الظرف حرفًا أو اسمًا جامدًا بما فيه من معنى الفعل، وهو قليل فلا يتوسع فيه مع شيء منها، والتوسع بالنسبة على العامل يجوز.
وإن كان الفعل متعديًا إلى ثلاثة، أو اثنين أو واحد، أو كان لازمًا، وهذا مذهب الأخفش، والجمهور وظاهر كلام سيبويه.
وذهب أكثر النحاة فيما نقل ابن عصفور إلى جواز ذلك في اللازم، وفيما يتعدى إلى واحد، وفيما يتعدى إلى اثنين لا فيما يتعدى إلى ثلاثة.
وذهب بعض النحاة إلى أنه لا يجوز الاتساع إلا مع اللازم ومع المتعدي إلى واحد فقط، قال ابن عصفور: وهذا غير صحيح، وزعم أنه لا يسمع الاتساع إلا مع اللازم، ومع المتعدي إلى واحد.
فرع: هل يتسع في الظرف مع كان وأخواتها، هو مبني على الخلاف هل تعمل في الظرف أو لا، فإن قلنا: لا تعمل فلا يتوسع، وإن قلنا: يجوز أن يعمل فيه، فالذي يقتضيه النظر أنه لا يجوز التوسع فيه معها.