المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فصل في حذف خبر (إن) وأخواتها للعلم به ثلاثة مذاهب، أحدها: - ارتشاف الضرب من لسان العرب - جـ ٣

[أبو حيان الأندلسي]

الفصل: ‌ ‌فصل في حذف خبر (إن) وأخواتها للعلم به ثلاثة مذاهب، أحدها:

‌فصل

في حذف خبر (إن) وأخواتها للعلم به ثلاثة مذاهب، أحدها: الجواز، وسواء أكان معرفة أم نكرة، وهو مذهب سيبويه قال: يقول الرجل للرجل: هل لكم أحد إن الناس [ألب] عليكم فيقول: إن زيدًا، وإن عمرًا أي إن لنا.

الثاني: مذهب الكوفيين اختصاص جواز حذفه؛ بأن يكون نكرة، نقله عنهم الأخفش الصغير.

الثالث: مذهب الفراء جواز حذفه معرفة كان أو نكرة، إلا أن شرط جواز الحذف التكرير نحو:

إن محلاً وإن مرتحلاً

...

...

والصحيح مذهب سيبويه، ويجوز: إن رجلاً وزيدًا، خلافًا للكوفيين، وإن رجلاً أخاك على حذف الخبر، وفاقًا لهشام والبصريين، وخلافًا للفراء وتقول: إن غيرها إبلاً وشاء.

ص: 1249

قال سيبويه: غيرها اسم إن، وإبلاً، وشاء تمييز، والخبر محذوف أي لنا غيرها، ولا يجوز أن يكون اسم «إن» إبلاً وشاءً، وغيرها حال، ولا أن يكون إبلاً وشاء بدلاً من (غيرها)، [فإنه يجوز نحو: إن أفضلهم كان زيد، وإن في الدار جالس أخواك.

وذهب الكسائي والفراء إلى أنه لا يجوز حذفه إذا أدى إلى أن يكون بعد إن وأخواتها اسم يصح عملها فيه؛ سواء أكان معمولاً لفعل متأخر أم مبتدأ قد رفع ظاهرًا سد مسد خبره أم غيرها] وقد تسد (واو) المصاحبة مسد الخبر، حكى سيبويه:«إنك ما وخيرا» أي مع خير، وما زائدة، وحكى الكسائي «إن كل ثوب لو ثمنه» بإدخال اللام على الواو لسدها مسد مع والحال، كما سدت مسده في باب الابتداء نحو: إن ضربي زيدًا قائمًا، وإن أكثر شربي السويق ملتوتًا، والتزم حذف خبر ليت في قولهم ليت شعري، ويليه جملة استفهام، فشعري اسم

ص: 1250

ليت، و (شعري) من أفعال القلوب، فجملة الاستفهام في موضع المفعول على سبيل التعليق، والخبر محذوف تقديره ثابت، أو واقع، أو موجود، وشعر: إنما يتعدى بالباء تقول: شعرت به، والمصدر: شعرة بالتاء، لكنه استعمل مع ليت بغير تاء، وإطلاق أبي على: أن (شعري) ملغي عني به التعليق.

وذهب الزجاج إلى أن الجملة الاستفهامية في موضع رفع خبرًا لليت، وهو ظاهر قول سيبويه، وقيل شعري بمعنى مشعوري أي معلومي، والجملة نفس المبتدأ في المعنى فلا يحتاج إلى رابط، وقيل معمولة لشعري، وسدت مسد الخبر، والذي أذهب غليه أن هذا الكلام مراعي فيه المعنى، لا اللفظ، والمعنى: ليتني أشعر بكذا، كما راعوا المعنى في قولهم: سواء علي أقمت أم قعدت، راعوا قيامك وقعودك.

قال ابن مالك: وجملة الاستفهام متصلة بشعري أو منفصلة بجملة اعتراض. انتهى.

وقد جاء الفصل بالمصدر في قوله:

ليت شعري ضلة

أي شيء قتلك

وبعن في قوله:

ص: 1251

يا ليت شعري عن نفسي أزاهقة

...

...

وتقول العرب: ليت شعري بزيد أقائم، وليت شعري عن زيد أقائم، قامت (عن) مقام الباء، لما في الشعور بالشيء من الكشف عنه، وقال الكسائي، العرب تقول: ليت شعري زيدًا ما صنع انتهى. نصب زيدًا على إسقاط حرف الجر، والاسم مجرورًا، أو منصوبًا معمول لشعري، والجملة بعد المنصوب والمجرور، إما في موضع خبر ليت وإما في موضع البدل، الخبر محذوف كما كانت في عرفت زيدًا أبو من هو، على قول أبي العباس، وقد يخبر هنا عن النكرة بالنكرة بشرط الفائدة نحو قوله:

وإن شفاء عبرة مهراقة

...

...

وقال سيبويه: إن ألفًا في دراهمك بيض، وإن بالطريق أسدًا رابض، وعن

ص: 1252

النكرة بالمعرفة، حكى سيبويه إن قريبًا منك زيد، وإن بعيدًا منك زيد، وقال:

وإن عناء أن تفهم جاهلاً

...

....

وإذا قلت: إن قائمًا، ويقعد أخواك، لم يجز عن الكوفيين، ولا تقتضي قواعد البصريين جوازه، وقال ابن كيسان هو عندي جائز، ولو قلت: إن ذاهبًا وجائيًا أخوك، لم يجز أن يفرق بينهما فتقول: إن ذاهبًا أخوك، وجائيًا، إن كانت الواو جامعة، ويجوز إن أردت أنها من صفة اثنين، أي وجائيًا أخوك، كما تقول: إن زيدًا أخوك وعمرًا، تريد: وإن عمرًا أخوك، ولا يجوز إن قائمًا أخوك ويقعد، ولو قلت: إن قائمين أخواك فيها، وإن فيها قائمين أخواك قيامًا حسنًا، لم يجز عند الكوفيين، وأجازه البصريون، ولا يجوز: إن قائمًا الزيدان، خلافًا للأخفش والفراء، ووهم صاحب البسيط فحكى جواز هذا عند البصريين، وحكى أن الكوفيين لا يجيزون إلا أن تقول: إن قائمين الزيدان، ولا يجيزون إفراد الاسم، ثم نقل الخلاف في موضع آخر على الصواب.

وفي الإفصاح: يجوز على مذهب أبي الحسن، والكوفيين في كان، وإن، وظننت، أن يعتمد اسم الفاعل عليها فتقول: إن ضاربًا زيد، وعمرو، وكان ضارب زيد وعمرو، ويجوز عندهم أن يضمر الأمر ويرفع، وكذلك ظننته ضارب زيد وعمرو، ويجيزون النصب بعد ظننته؛ لأنه مفعول ثان، وسد مسد الجملة المفسرة، ولم يسمع من هذا كله شيء، فلا يجوز عند جمهور البصريين وتقول: إن

ص: 1253

في الدار يقوم زيد، فالكسائي يقول: إن مبطلة لا اسم لها، ويجيز إن لي غلام، والفراء يقول اسمها يقوم تقديره: إن في الدار قائمًا زيد، وسيبويه يقول: فيها إضمار الشأن.

ص: 1254