المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌كتاب الديات (1)   جمع دية (2) وهي المال المؤدى (3) إلى - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٧

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الظهار

- ‌التوأمان المنفيان أخوان لأم

-

- ‌كتاب العدد

- ‌من انقضت عدتها قبل موته

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

-

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب نفقة الأقاربوالمماليك من الآدميين والبهائم

-

- ‌كتاب الجنايات

- ‌بابشروط وجوب القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفسمن الأطراف والجراح

- ‌ القصاص فيما دون النفس (نوعان

-

- ‌كتاب الديات

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌فصل في دية المنافع

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة وما تحمله

- ‌فصل في كفارة القتل

- ‌باب القسامة

-

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

-

- ‌فصل في كفارة اليمين

- ‌باب جامع الأيمان المحلوف بها

- ‌باب النذر

-

- ‌باب آداب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌لا يحكم) القاضي (بعلمه)

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والبينات

-

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب موانع الشهادة وعدد الشهودوغير ذلك

- ‌فصل في عدد الشهود

- ‌كتاب الإقرار

- ‌فصل في الإقرار بالمجمل

- ‌نبذة مختصرة عن مؤلفي هذا الكتاب، وتاريخ وموضوع كل مجلد، والإشراف على الطبع

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌كتاب الديات (1)   جمع دية (2) وهي المال المؤدى (3) إلى

‌كتاب الديات

(1)

جمع دية (2) وهي المال المؤدى (3) إلى مجنى عليه أو وليه بسبب جناية (4) يقال: وديت القتيل، إذا أعطيت ديته (5)(كل من أتلف إنسانا بمباشرة (6) أو سبب) بأن ألقى عليه أفعى، أو ألقاه عليها (7) .

(1) الأصل في وجوبها: الكتاب والسنة والإجماع، في مال القاتل، أو على عاقلته وسيأتي مفصلا.

(2)

مخففة، وأصلها ودي والهاء بدل من الواو، كالعدة من الوعد.

(3)

أي والدية في الأصل مصدر، مسمى به المال المؤدى.

(4)

شبه عمد، أو خطأ أو عمد عفي فيه عن القصاص إلى الدية.

(5)

أي فهي مصدر: وديت القتيل أديه دية، إذا أديت ديته، وائتديت إذا أخذت الدية ويقال الدية مصدر، ودي القاتل المقتول، إذا أعطى وليه المال، الذي هو بدل النفس.

(6)

أي لإتلافه.

(7)

أي أتلف إنسانا، بأن ألقى عليه حية فقتله، أو ألقاه على حية فقتله، فعليه ضمانه، لأنه تلف بعدوانه، كالمباشرة، وكذا لو طلبه بسيف مجرد، ونحوه، فتلف في هربه، أو روعه، بأن شهره في وجهه، فمات أو ذهب عقله، فعليه ضمانه، لأنه تلف بعدوانه، فأشبه ما لو جنى عليه.

ص: 229

أو حفر بئرا محرما حفره (1) أو وضع حجرا، أو قشر بطيخ، أو ماء بفنائه أو طريق (2) أو بالت بهما دابته ويده عليها (3) ونحو ذلك (لزمته ديته)(4) سواء كان مسلمًا، أو ذميًا، أو مستأمنًا أو مهادنا (5) .

(1) أي حفر الحافر للبئر، بأن يكون في فنائه، أو فناء غيره، أو طريق ضيق، وكذا في واسع لغير مصلحة المسلمين، أو ملك غيره بغير إذنه، فعليه ضمانه فإن حفرها بحق، كفي ملكه، أو موات، أو طريق واسع، لمصلحة المسلمين لم يضمن.

(2)

أي أو وضع حجرا في طريق فتلف به إنسان، أو وضع قشر بطيخ، أو خيار، أو باقلا ونحوه في طريق، أو وضع ماء بفنائه، وهو ما اتسع حول داره، أو وضعه بطريق فتلف به إنسان، لزمته ديته، وهو مذهب الشافعي، وعليه جمهور الأصحاب، وفي الترغيب، إن رش الطريق لذهاب الغبار، فمصلحة عامة، يعني فلا يضمن ما تلف به.

(3)

أي أو بالت دابته بفنائه، أو بطريق ويده عليها، راكبا كان أو ماشيا، أو قائدا فتلف به إنسان ضمنه، وقال الموفق وغيره: قياس المذهب أنه لا يضمن ما تلف ببول الدابة في الطريق، وصوبه في الإنصاف، كما لو سلم على غيره، أو أمسك يده حتى مات، لعدم تأثيره، ولأنه لا يمكنه التحرز منه، كما لو أتلفت برجلها لا ما أتلفت بيدها أو فمها، لأنه يمكنه حفظها.

(4)

أي ونحو ما تقدم ما لو رمى شخص من منزله، أو من غيره، حجرا أو غيره، مما يمكن التلف به، أو حمل بيده رمحا، جعله بين يديه، أو خلفه، أو وقع على نائم بفناء جدار فأتلف إنسانا، لزمته ديته فيما تقدم، ونحوه.

(5)

وحكي الموفق وغيره: إجماع العلماء على ذلك في الجملة.

ص: 230

لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (1)(فإن كانت) الجناية (عمدا محضا فـ) الدية (في مال الجاني)(2) لأن الأصل يقتضي أن بدل المتلف يجب على متلفه (3) وأرش الجناية على الجاني (4) وإنما خولف في العاقلة لكثرة الخطأ (5) والعامد لا عذر له، فلا يستحق التخفيف (6) وتكون (حالة) غير مؤجلة (7) كما هو الأصل في بدل المتلفات (8) .

(1) فعبر تعالى عن الذمة بالميثاق، ولكتابه صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن، وذكره الدية.

(2)

حالة، قال في الإنصاف: بلا نزاع، وقال الموفق: أجمع أهل العلم على أن دية العمد، تجب في مال القاتل، لا تحملها العاقلة، وهذا يقتضيه الأصل، قال تعالى:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .

(3)

ولأن موجب الجناية أثر فعل الجاني، فيجب أن يختص بضررها.

(4)

لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يجني جان إلا على نفسه» .

(5)

فإن جنايات الخطأ تكثر، ودية الآدمي كثيرة، فإيجابها على الجاني في ماله يجحف به، فاقتضت الحكمة إيجابها على العاقلة، على سبيل المواساة للقاتل والإعانة له تخفيفا، لأنه معذور.

(6)

أي عنه بتحمل عاقلته، وهو قد وجب عليه القصاص، فمع العفو عنه اختص بتحمل الدية، ودون عاقلته، فداء عن نفسه، أو طرفه، أو جرحه.

(7)

كالقصاص، وأرش أطراف العبد.

(8)

فتجب حالة، كما يجب بدل المتلفات حالا، ولأن القاتل، عمدا عدوانا غير معذور، بخلاف شبه العمد.

ص: 231

(و) دية (شبه العمد، والخطإ على عاقلته) أي عاقلة الجاني (1) لحديث أبي هريرة: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فقضي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية المرأة على عاقلتها، متفق عليه (2) ومن دعا من يحفر له بئرا بداره فمات بهدم لم يلقه أحد عليه فهدر (3)(وإن غصب حرا صغيرا) أي حبسه عن أهله (فنهشته حية) فمات (4) .

(1) أما دية شبه العمد، فهو ظاهر المذهب، ومذهب الشافعي، وأصحاب الرأي وغيرهم: للخبر الآتي، ولأنه نوع قتل لا يوجب قصاصا، فوجبت ديته على العاقلة، كالخطأ وأما دية الخطأ فقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، أنها على العاقلة، وقال الموفق وغيره: لا نعلم خلافا أنها على العاقلة، اهـ وكذا ما جرى مجرى الخطأ كانقلاب النائم على إنسان فيقتله، وحفر البئر تعديا، فيقع فيه فيموت به، كل ذلك ونحوه على العاقلة، مؤجلة بلا خلاف ثلاث سنين كما يأتي.

(2)

فدل الحديث: على أن شبه العمد والخطأ على العاقلة، وقضى عمر وعلي بها على العاقلة، في ثلاث سنين، قال الموفق: ولا مخالف لهما في عصرهما فكان إجماعا.

(3)

لعدم التعدي عليه، وكذا لو أمره يصعد شجرة، فسقط منها ومات فهدر.

(4)

وجبت الدية، جزم به في الإقناع والمنتهى، وغيرهما.

ص: 232

(أو أصابته صاعقة) وهي نار تنزل من السماء فيها رعد شديد، قاله الجوهري (1) فمات وجبت الدية (2)(أو مات بمرض) وجبت الدية (3) جزم به في الوجيز، ومنتخب الآمدي، وصححه في التصحيح (4) وعنه لا دية عليه، نقلها أبو الصقر، وجزم بها في المنور، وغيره (5) وقدمها في المحرر وغيره (6) قال في شرح المنتهى: على الأصح (7) وجزم بها في التنقيح، وتبعه في المنتهى والإقناع (8) .

(1) أي أو حبس حرا صغيرا، فأصابته صاعقة.

(2)

جزم به غير واحد، لأنه منعه من الهرب، ومثل الصغير المجنون، وقال الشيخ: ومثل نهش الحية وإصابة الصاعقة، كل سبب يختص البقعة، كالوباء، وانهدام سقف عليه، ونحوهما.

(3)

أي: أو مات المغصوب بمرض، أو مات فجأة، وجبت الدية في أحد الوجهين، لأنه تلف في يده العادية.

(4)

لابن نصر الله.

(5)

أي لا دية على من غصب حرا صغيرا فنهشته حية، أو أصابته صاعقة، أو مات بمرض، ويدخل فيها ما مثل به الشيخ، وظاهر كلام الشيخ وجوبها.

(6)

أي قدمها المجد في المحرر، وغيره من الأصحاب.

(7)

أي قاله صاحب المنتهى في شرحه له، وأما شرح منصور، فذكر فيه أنه نص عليه، وعلله بأن الحر لا يدخل تحت اليد، وأنه لا جناية إذا.

(8)

وعبارته: وإن مات بمرض أو فجأة، لم يضمن، والمنتهى أو غصب صغيرا فتلف بحية، أو صاعقة فالدية، لا إن مات بمرض، أو فجأة.

ص: 233

(أو غل حرا مكلفا وقيده، فمات بالصاعقة، أو الحية وجبت الدية)(1) لأنه هلك في حال تعديه، بحبسه عن الهرب من الصاعقة، والبطش بالحية أو دفعها عنه (2) .

(1) وهو قول الجمهور.

(2)

وظاهره: أنه لو غله من غير قيد، أو قيده من غير غل، لا يضمن، وعبر في الفروع بـ «أو» وهي أظهر، وأقرب إلى تعليلهم في القيد، فإنه يحبس عن الهرب، سواء كان مغلولا، أولا.

ص: 234

فصل (1)

(وإذا أدب الرجل ولده) ولم يسرف لم يضمنه (2) وكذا لو أدب زوجته في نشوز (3)(أو) أدب (سلطان رعيته (4) أو) أدب (معلم صبيه ولم يسرف لم يضمن ما تلف به) أي بتأديبه (5) لأنه فعل ماله فعله شرعا، ولم يتعد فيه (6) وإن أسرف أو زاد على ما يحصل به المقصود (7) .

(1) أي في حكم ما إذا أدب ولده، أو السلطان رعيته، وغير ذلك.

(2)

قولا واحدًا، فإن أسرف الوالد فمات ولده، فعلى الوالد الدية لكن لا يطالب بها في حياته، بل تؤخذ من تركته بعد موت الوالد، هذا إذا كان غير عمد محض، وأما إذا كان عمدا محضا، وكان ضربه بشيء يقتل غالبا، فلا دية عليه ولا قصاص.

(3)

ولم يسرف لم يضمن لقوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم «واضربوهن ضربا غير مبرح» .

(4)

ولم يسرف لم يضمن، لأنه مأذون فيه شرعا، فلم يضمن ما تلف به كالحد.

(5)

نص عليه.

(6)

بأن يزيد على الضرب المعتاد فيه، لا في عدد ولا في شدة.

(7)

أي وإن أسرف المؤدب، والدا كان أو زوجا، أو سلطانا، أو معلما، بأن زاد فوق المعتاد، أو زاد على ما يحصل به المقصد، ضمن لتعديه بالإسراف، أو الزيادة، على المقصود من التأديب.

ص: 235

أو ضرب من لا عقل له من صبي أو غيره، ضمن لتعديه (1)(ولو كان التأديب لحامل، فأسقطت جنينا (2) ضمنه المؤدب) بالغرة (3) لسقوطه بتعديه (4)(وإن طلب السلطان امرأة لكشف حق الله تعالى)(5) فأسقطت (6)(أو استعدى عليها رجل) أي طلبها لدعوى عليها (بالشرط (7) .

(1) أي أو ضرب المؤدب، ممن تقدم ذكرهم على شخص، لا عقل له، من صبي غير مميز، أو غيره كمجنون ومعتوه ضمن ما تلف، لتعديه إلى ما لم يأذن الشرع فيه، بتأديب من لا عقل له، لأنه لا فائدة في تأديبه.

(2)

وهو الولد في بطن أمه، من الاجتنان هو الستر، لأنه أجنه بطن أمه أي ستره قال تعالى:{وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} .

(3)

وهي عبد أو أمة، لما في الصحيحين، «أنه صلى الله عليه وسلم قضي في إملاص المرأة بعبدًا، أو أمة» ، هو قول أكثر أهل العلم.

(4)

أي لسقوط الجنين بتعدي الضارب لأمه.

(5)

من حد أو تعزير، أولكشف حق آدمي.

(6)

جنينا ميتا ضمنه، وفاقا للشافعي، وفي الإنصاف: بلا نزاع، لما روي عن عمر، أنه بعث إلى امرأة مغيبة كان يدخل عليها، فقالت: يا ويلها، ما لها ولعمر، فبينا هي في الطريق، إذ فزعت فضربها الطلق، فألقت ولدا، فصاح صيحتين ثم مات، فاستشار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: ليس عليك شيء، فقال علي: إن كانوا قالوا في هواك، فلم ينصحوا لك أن ديته عليك، لأنك أفزعتها فألقته، وأقسم عليه عمر أن لا يبرح حتى يقسمها على قومه.

(7)

أي استغاث عليها، برجال السلطان.

ص: 236

في دعوى له فأسقطت) جنينا (1)(ضمنه السلطان) في المسألة الأولى لهلاكه بسببه (2)(و) ضمن (المستعدي) في المسألة الثانية، لهلاكه بسببه (3)(ولو ماتت) الحامل في المسألتين (فزعا) بسبب الوضع أولا (4)(لم يضمنا) أي لم يضمنها السلطان في الأولى، ولا المستعدي في الثانية (5) لأن ذلك ليس بسبب لهلاكها في العادة (6) جزم به في الوجيز وقدمه في المحرر والكافي (7) .

(1) ضمنه لأنه تلف بفعله، فأشبه مالو اقتص منها.

(2)

أي ابتداء بلا استعداء أحد، وتصويرهم بطلب السلطان، قد يقتضي اشتراط كون الطالب مرهوبا، فإن كان غير مرهوب، فلا ضمان، ويلحق بالسلطان القاضي، ومن له سطوة يرهب منه.

(3)

ظاهره: ولو كانت ظالمة، وقال الموفق وغيره: إن كانت هي الظالمة، فأحضرها عند القاضي، فينبغي أن لا يضمنها، وقال ابن قندس: سواء أحضرها بنفسه إو بإذن الحاكم وطلبه.

(4)

أي ولو ماتت الحامل، في المسألتين، إحداهما بطلب السلطان، لكشف حق الله تعالى، والثانية باستعداء رجل بالشرط، فماتت فزعا، بسبب وضعها، أو ماتت فزعا بغير وضع، أو ذهب عقلها من الفزع.

(5)

وهو أحد الوجهين في المذهب.

(6)

وهو قول الشافعي.

(7)

أي أن السلطان، والمستعدي لايضمنان المرأة، إن ماتت فزعا، لأجل ذلك.

ص: 237

وعنه: أنهما ضامنان لها كجنينها (1) لهلاكه بسببهما (2) وهو المذهب، كما في الإنصاف وغيره (3) وقطع به في المنتهى وغيره (4) ولو ماتت حامل، أو حملها، من ريح طعام ونحوه (5) ضمن ربه، إن علم ذلك عادة (6) .

(1) أي كما أنهما يضمنان جنينها، إذا أسقطت فزعا، وفي الإنصاف، يضمن إذا ماتت بوضعها، وأنه المنصوص فيهما، كإسقاطها بتأديب أو قطع يد، لم يأذن سيد فيهما.

(2)

فضمناها، كما لو ضرباها فماتت، قال الموفق: وقوله: يعني الشافعي إن موتها ليس بسبب عادة، قلنا: ليس كذلك، فإنه سبب للإسقاط، والإسقاط سبب للهلاك عادة، ثم لا يتعين في الضمان، كونه سببا معتادا، فإن الضربة والضربتين بالسوط، ليست سببا للهلاك في العادة، ومتى أفضت إليه وجب الضمان.

(3)

قال: إذا ماتت فزعا، من إرسال السلطان إليها، فجزم الموفق: أنه يضمنها، وهو أحد الوجهين: والمذهب منهما، جزم به في الهداية والخلاصة والمغني والشرح، ونصراه في موضع، وقدمه في الرعاية والحاوي الصغير.

(4)

ففي الإقناع وشرحه، أو ماتت بوضعها من الفزع، أو ماتت من غير وضع فزعا، أو ذهب عقلها من ذلك، أو استعدى إنسان عليها إلى السلطان، ضمن السلطان ما كان بطلبه ابتداء وضمن المستعدي ما كان بسببه، من موتها فزعا أو إلقاء جنينها لحصول الهلاك بسببه.

(5)

ككبريت وعظم.

(6)

أي علم أنها تموت، أو يموت حملها، من ريح ذلك عادة، أي بحسب المعتاد، وأن الحامل هناك ماتت لتسببه فيه، وكذا إن علم أن عنده من يتضرر بذلك عادة، وإلا فلا إثم ولا ضمان.

ص: 238

(ومن أمر شخصا مكلفا، أن ينزل بئرا أو) أمره أن (يصعد شجرة) ففعل (1)(فهلك به) أي بنزوله، أو صعوده (لم يضمنه) الآمر (2)(ولو أن الآمر سلطان) لعدم إكراهه له (3)(وكما لو استأجره سلطان أو غيره) لذلك وهلك به (4) لأنه لم يجن، لم يتعد عليه (5) وكذا لو سلم بالغ عاقل، نفسه أو ولده، إلى سابح حاذق، ليعلمه السباحة، فغرق، لم يضمنه السابح (6) .

(1) فهلك لم يضمنه سواء كان الآمر مكلفا أو غير مكلف.

(2)

قولا واحدا، لأنه لم يجن ولم يتعد عليه، فلم يلزمه ضمانه، أشبه ما لو أذن له ولم يأمره.

(3)

هذا أحد الوجهين، والوجه الثاني: يضمنه السلطان، لأنه يخاف منه إذا خالفه وهو مأمور بطاعته.

(4)

صححه في التصحيح، وجزم به في الوجيز، وقدمه في المحرر والفروع، وغيرهما.

(5)

فلم يلزمه ضمانه، كما لو أذن له في ذلك، ولم يأمره به، وإن أمر غير مكلف ضمنه، لأنه تسبب في إتلافه جزم به في التنقيح، وقال الموفق: إذا كان المأمور صغيرا لا يميز فعليه، وإن كان مميزا لا ضمان، قال في الفروع: ولعل مراد الشيخ، ما جرى به عرف وعادة، كقرابة وصحبة، وتعليم ونحوه، فهذا متجه وإلا ضمنه وقد كان ابن عباس يلعب مع الصبيان، فبعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاوية: قال النووي: لا يقال هذا تصرف في منفعة الصبي، لأنه قدر يسير ورد الشرع بالمسامحة به، واطرد به العرف وعمل المسلمين.

(6)

لأنه فعل ما جرت العادة به لمصلحته، كضرب المعلم الصبي الضرب المعتاد، ما لم يفرط السابح، بأن غفل عنه، أو لم يشد ما يسبحه عليه شدا جيدا، أو جعله في ماء كثير جار، أو واقف لا يحمله، أو عميق معروف بالغرق، ضمنه.

ص: 239

باب المقادير ديات النفس (1)

المقادير جمع مقدار، وهو مبلغ الشيء وقدره (2)(دية الحر المسلم مائة بعير (3) أو ألف مثقال ذهبا، أو اثنا عشر ألف درهم فضة (4) أو مائتا بقرة أو ألفا شاة) (5) لحديث أبي داود عن جابر رضي الله عنه (فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدية على أهل الإبل، مائة من الإبل، وعلى أهل البقر مائتين بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة) .

(1) تختلف مقادير ديات النفس، بالإسلام والحرية والذكورة وضدها، وكذا بكونه موجودا للعيان، أو جنينا، كما يأتي تفصيله.

(2)

والمقدار القدرة: مبلغ الشيء، وهو ما يعرف به قدر الشيء، من معدود وغيره.

(3)

بإجماع أهل العلم ويأتي أنها الأصل عند الجمهور، وقال الموفق لا نعلم خلافا بين أهل العلم، أن الإبل أصل في الدية، وأن دية الحر المسلم مائة من الإبل وقد دلت عليه الأحاديث.

(4)

من دراهم الإسلام، التي كل عشرة منها سبعة مثاقيل.

(5)

قال القاضي: لا يختلف المذهب، أن أصول الدية: الإبل، والذهب والورق، والبقر، والغنم، وقال الموفق: لا يختلف القائلون بهذه الأصول في قدرها، إلا الورق، فقال أبو حنيفة عشرة آلاف، وروي عن بعض السلف.

ص: 240

رواه أبو داود (1) وعن عكرمة عن ابن عباس، أن رجلا قتل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألف درهم (2) وفي كتاب عمرو بن حزم وعلى أهل الذهب ألف دينار (3) .

(هذه) الخمس المذكورات (أصول الدية) دون غيرها (4)(فأيها أحضر من تلزمه) أي الدية (لزم الولي قبوله)(5) سواء كان ولي الجناية من أهل ذلك النوع، أو لم يكن (6) لأنه أتى بالأصل في قضاء الواجب عليه (7) .

(1) فاستدل بعض أهل العلم بهذا الحديث، على أن هذه الخمسة أصول الدية، واعتضدوا بما يأتي وغيره.

(2)

رواه أبو داود، وابن ماجه.

(3)

رواه النسائي وغيره، وإلى هذه ذهب جماعة من أهل العلم.

(4)

أي دون ما روي من ذكر الحلل وعنه: هي أصل، لخبر عمر، قال الموفق: وكان بمحضر من الصحابة، فكان إجماعا.

(5)

أي لزم مستحق الدية قبول الأصل، الذي أحضر من وجب عليه، لما تقدم وهو من مفردات المذهب.

(6)

من جنس ماله، فالخبرة إلى من وجبت عليه، كخصال الكفارة.

(7)

أي: من أي صنف من الأصناف الخمسة المذكورة، وعنه: أن الإبل هي الأصل فإن قدر عليها أخرجها، ومتى وجدت على الصفة المشروطة، وجب أخذها قلت قيمتها أو كثرت، لقوله صلى الله عليه وسلم «في النفس المؤمنة مائة من الإبل» وهو مذهب جمهور العلماء.

وقال ابن منجا: هذه الرواية هي الصحيحة، من حيث الدليل، وقال الزركشي هي أظهر دليلا، وهي ظاهر كلام الخرقي، ومذهب الشافعي، لقوله صلى الله عليه وسلم «ألا إن في قتيل عمد الخطأ مائة من الإبل» فحديث عمرو بن شعيب، ظاهر في أن الإبل هي الأصل في الوجوب، وقال أبو حنيفة والشافعي: هي من الإبل للنص، ومن النقدين تقويما، وما سواهما صلح.

ولأبي داود: أن عمر قام خطيبا، فقال: ألا إن الإبل قد غلت: فقوم علي أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثنى عشر ألفا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، ولأنه غلظ بها دية العمد، وخفف بها دية الخطأ وأجمع عليه أهل العلم، فلا يتحقق في غير الإبل فهي الأصل، وغيرها معتبر بها ولمرجحات أخر.

ص: 241

ثم تارة تغلظ الدية وتارة تخفف (فـ) تغلظ (في قتل العمد وشبهه)(1) فيؤخذ (خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة)(2) .

(1) لأنه صلى الله عليه وسلم فرق بين دية العمد والخطأ، فغلظ بعضها وخفف بعضها، ولا نزاع في ذلك، إلا ما روي عن أبي ثور، والسنة تخالف قوله فلا يعول عليه.

(2)

نص عليه، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة، وغيرهم من السلف، لما روى الزهري عن السائب بن يزيد، قال: كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباعا خمسا وعشرين جذعة، وخمسا وعشرين حقة، وخمسا وعشرين بنت لبون، وخمسا وعشرين بنت مخاض، وعن أحمد: أنها ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، لما رواه الترمذي، ونحوه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا قال:«عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه» وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس، فتكون دماء في غير ضغينة، ولا حمل سلاح رواه أحمد وغيره.

ص: 242

ولا تغليظ في غير إبل (1)(و) تكون الدية (في الخطإ) مخففة (2) فـ (تجب أخماس، ثمانون من الأربعة المذكورة) أي عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة (وعشرون من بني مخاض)(3) هذا قول ابن مسعود (4) .

(1) بلا نزاع إذ لم يرد الشرع به.

(2)

بلا نزاع في المذهب.

(3)

لما رواه أهل السنن وغيرهم، أنه صلى الله عليه وسلم قال:«في دية الخطأ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بني مخاض، وعشرون بنت لبون» .

(4)

رضي الله عنه، وأصحاب الرأي، وقال مالك والشافعي: بني لبون بدل بني مخاض، وقال ابن القيم: روي من وجوه متعددة، وذكر الاختلاف في الأسنان، ثم قال: كل هذا يدل على أنه ليس في الأسنان شيء مقدر، عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر أقوال التابعين، ثم قال: قول صحابي من فقهاء الصحابة أولى من قول التابعين.

ص: 243

وكذا حكم الأطراف (1) وتؤخذ من بقر مسنات، وأتبعة (2) ومن غنم ثنايا، وأجذعة نصفين (3)(ولا تعتبر القيمة في ذلك) أي أن تبلغ قيمة الإبل، أو البقر أو الشياه، دية نقد (4) لإطلاق الحديث السابق (5)(بل) تعتبر فيها (السلامة) من العيوب (6) .

(1) فتغلظ دية طرف، وجرح كدية قتل، لاتفاقهما، في السبب، مثل أن يوضحه عمدا، أو شبه عمد فإنه يجب أرباعا، والخامس من أحد الأنواع الأربعة قيمته ربع قيمة الأربع، وخطأ يجب من الأنواع الخمسة.

(2)

لأن ذلك هو العدل، فلو أخذ الكل مسناة، كان إجحافا بالجاني، أو أتبعة كان إجحافا على المجني عليه.

(3)

أي يجب أن يدفع ألفا من الثنايا، وألفا من الأجذعة، والثنايا يجوز كونها من الضأن أو المعز، أو منهما، وأما الأجذعة فمن الضأن، لأنه يجب في الدية، ما يجب في الزكاة، من الأسنان المقدرة، قياسا على الإبل.

(4)

وصححه الموفق وغيره، فمتى وجدت على الصفة المشروطة، وجب أخذها سواء قلت قيمتها، أو كثرت، وهو ظاهر مذهب الشافعي.

(5)

لقوله صلى الله عليه وسلم «في النفس المؤمنة مائة من الإبل» وهو مطلق، ولأنها كانت تؤخذ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقيمتها ثمانية آلاف وقول عمر: إنها قد غلت فقومها على أهل الورق اثني عشر ألفا دليل على أنها في حال رخصها، أقل قيمة من ذلك.

(6)

في كل الأنواع، وفي الرعاية: لا يجزئ مريض، ولا عجيف ولا معيب، ولا دون دية الأثمان على الأصح.

ص: 244

لأن الإطلاق يقتضي السلامة (1)(ودية) الحر (الكتابي) الذمي، أو المعاهد، أو المستأمن (نصف دية المسلم)(2) لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضي بأن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين) رواه أحمد (3) وكذا جراحه (4)(ودية المجوسي) الذمي أو المعاهد، أو المستأمن (5)(و) دية (الوثني) المعاهد أو المستأمن (ثمان مائة درهم) كسائر المشركين (6) .

(1) أي من العيوب، وذكره غير واحد قولا واحدا.

(2)

هذا ظاهر المذهب، وقال أبو بكر رواية واحدة، ومذهب مالك، والذمي: هو من يؤدي الجزية من المشركين، والمعاهد: هو الذي يعاهده السلطان، وهو في بلده، والمستأمن، هو الذي يعطي أمانا، أو يسافر إلينا تاجرا، أو زائرا أو نحوهما.

(3)

ورواه أبو داود وغيره، وفي لفظ:«دية المعاهد نصف دية المسلم» قال الخطابي: ليس في دية أهل الكتاب شيء أبين من هذا، ولا بأس بإسناده.

(4)

أي الكتابي فتعتبر بالنسبة من ديته،، لأن الجرح تابع للقتل.

(5)

بدارنا أو غيرها ثمان مائة درهم، في قول عمر وعثمان، وابن مسعود، وغيرهم، وذهب إليه أكثر أهل العلم، وقال في الإنصاف بلا نزاع، لما روى ابن عدي، عن عقبة بن عامر مرفوعا، «دية المجوسي ثمان مائة درهم» قال أحمد: ما أقل من اختلف في دية المجوسي.

(6)

من الدهرين، ومن لا كتاب لهم، كالترك ومن عبد ما استحسن ومن لم تبلغه الدعوة إن وجد، وإن لم يكن لهم أمان ولا عهد، فلا دية لهم، لأن دماءهم مهدرة.

ص: 245

روي عن عمر وعثمان، وابن مسعود (1) وجراحه بالنسبة (2)(ونساؤهم) أي نساء أهل الكتاب، والمجوس، وعبدة الأوثان، وسائر المشركين (على النصف) من دية ذكرانهم (3) (كـ) دية نساء (المسلمين) (4) لما في كتاب عمرو بن حزم:«دية المرأة على النصف من دية الرجل» (5) .

(1) أي أنهم أفتوا به في المجوسي، قال الموفق: ولا نعرف لهم في عصرهم مخالفا، فكان إجماعا، وألحق بالمجوسي باقي المشركين، لأنهم دونه، وهو مذهب مالك والشافعي.

(2)

أي وجراح كل واحد منهم بالنسبة من ديته، قيل لأحمد: جني على مجوسي في عينه، وفي يده، قال: يكون بحساب ديته.

(3)

قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم، على أن دية المرأة نصف دية الرجل، ولأنه لما كان دية نساء المسلمين، على النصف من دياتهم، كذلك نساء أهل الكتاب، قياسا عليهم.

(4)

أي المجمع عليها، كما حكاه ابن المنذر، وابن عبد البر، وغيرهما، وقال الوزير وغيره: أجمعوا على أن دية المرأة الحرة في نفسها، على النصف من دية الرجل الحر المسلم.

(5)

قال في الإنصاف: بلا نزاع، قال ابن القيم: لما كانت المرأة أنقص من الرجل والرجل أنفع منها، ويسد ما لا تسد المرأة، من المناصب الدينية، والولايات وحفظ الثغور، والجهاد وعمارة الأرض، وعمل الصنائع، التي لا تتم مصالح العالم إلا بها، والذب عن الدنيا والدين، ولم تكن قيمتها مع ذلك متساوية، وهي الدية، فإن دية الحر، جارية مجرى قيمة العبد، وغيره من الأموال فاقتضت حكمة الشارع، أن جعل قيمتها على النصف من قيمته لتفاوت ما بينهما.

ص: 246

ويستوي الذكر والأنثى، فيما يوجب دون ثلث الدية (1) لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا «عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديته» أخرجه النسائي (2) ودية خنثى مشكل، نصف دية كل منهما (3)(ودية قن) ذكرا كان أو أنثى، صغيرا أو كبيرا (4) .

(1) قال ابن عبد البر: هذا قول فقهاء المدينة، وروي عن عمر وغيره، وهو مذهب مالك، وحكي عن الشافعي في القديم.

(2)

وقال سعيد بن المسيب: إنه السنة، وقال ابن القيم: وإن خالف فيه أبو حنيفة، والشافعي وجماعة، وقالوا: هي على النصف في القليل والكثير، ولكن السنة أولى، والفرق فيما دون الثلث، ما زاد عليه، أن ما دونه قليل، فجبرت مصيبة المرأة فيه، بمساواتها للرجل ولهذا استوى الجنين الذكر والأنثى في الدية، لقلة ديته، وهي الغرة فنزل ما دون الثلث منزلة الجنين.

(3)

أي نصف دية رجل، ونصف دية امرأة، وذكره في الإنصاف، بلا نزاع، وذلك ثلاثة أرباع دية الذكر، لأنه يحتمل الذكورية، والأنوثية، وهذا مذهب أصحاب الرأي.

(4)

قيمته بالغة ما بلغت، هذا المذهب وقول مالك والشافعي وأبي يوسف، قال الموفق: أجمع أهل العلم، على أن في العبد الذي لا تبلغ قيمته دية الحر قيمته، فإن بلغت قيمته دية الحر، أو زادت فذهب أحمد في المشهور عنه إلى أن فيه قيمته بالغة ما بلغت.

ص: 247

ولو مدبرا أو مكاتبا (قيمته)(1) عمدا كان القتل، أو خطأ (2) لأنه متقوم فضمن بقيمته، بالغة ما بلغت، كالفرس (3)(وفي جراحه) أي جراح القن إن قدر من حر، بقسطه من قيمته (4) ففي يده نصف قيمته، نقص بالجناية أقل من ذلك، أو أكثر (5) .

(1) لقوله صلى الله عليه وسلم «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» وقال الخطابي: أجمع عوام الفقهاء على ان المكاتب عبد، ما بقي عليه درهم في جنايته والجناية عليه إلا إبراهيم النخعي، فإنه قال: يؤدي بقدر ما أدى من كتابته، دية الحر، ولأحمد وأبي داود عن ابن عباس:«قضى صلى الله عليه وسلم في المكاتب يقتل، إنه يؤدي ما أدى من كتابته دية الحر، وما بقي دية العبد» قال الخطابي: وإذا صح الحديث وجب القول به، إن لم يكن منسوخا، أو معارضا بما هو أقوى منه.

(2)

ضمن باليد، أو بالجناية، وهو مذهب جمهور العلماء.

(3)

أو مضمون بقيمته، فكانت جميع القيمة مضمونة، كما ضمنه باليد، ويخالف الحر، فإنه ليس مضمونا بالقيمة، وإنما ضمن بما قدره الشرع، فلم يتجاوز.

(4)

بعد التئامه قالوا: ولو زاد على أرش الموضحة لأن قيمته كدية الحر.

(5)

لأنه ساوى الحر في ضمان الجناية بالقصاص والكفارة، فسواه في اعتبار ما دون النفس، كالرجل والمرأة وعنه: أنه يضمن بما نقص مطلقا، اختاره الخلال والموفق الشارح، وأبو محمد الجوزي، والشيخ تقي الدين، وغيرهم، وجزم به في الوجير، وصوبه في الإنصاف، لأن الواجب إنما وجب جبرا لما فات بالجناية، ولا تجبر إلا بإيجاب ما نقص من القيمة، فيجب ذلك، كما لو كانت الجناية على غيره من الحيوانات.

ص: 248

وفي أنفه قيمته كاملة (1) وإن قطع ذكره ثم خصاه، فقيمته لقطع ذكره، وقيمته مقطوعة (2) وملك سيده باق عليه (3) وإن لم يقدر من حر (4) ضمن بـ (ما نقصه) بجنايته (بعد البرء) أي التئام جرحه، كالجناية على غيره من الحيوانات (5) .

(ويجب في الجنين) الحر (ذكرا كان أو أنثى) إذا سقط ميتا بجناية على أمه، عمدا أو خطأ (عشر دية أمه غرة) أي عبدا أو أمة (6) .

(1) وكل ما أوجب الدية في الحر، وهو قول الشافعي.

(2)

أي فعليه قيمته صحيحا، لقطع ذكره، وعليه قيمته أيضا مقطوعة، أي ناقصا بقطع ذكره، لقطع خصيته، لأنه لم يقطعهما إلا وقد نقصت قيمته بقطع الذكر، فلو كانت قيمته مثلا كاملة مائة، وقيمته وهو مقطوع الذكر، ثمانون، لزم الجاني مائة وثمانون، بخلاف ما لو قطعهما معا، أو أذهب سمعه وبصره، بجناية واحدة، فعليه قيمته مرتين، هذا على ما جرى عليه، في الإقناع والمنتهى وغيرهما.

(3)

لأنه لم يوجد سبب يقتضي الزوال، فوجب بقاؤه على ملكه، عملا باستصحاب الحال، لأن قطع بعض أعضائه بمنزلة تلف بعض ماله.

(4)

كالحارصة والبازلة، فإن فيهما من الحر حكومة لا تقدر.

(5)

أي لأن ما ضمن من جنايته جبر لما فات بالجناية، وقد انجبر بذلك، وإن لم تنقصه بعد البرء، قدرت حال جريان الدم.

(6)

وفاقا، والأحسن تنوين غرة، وعبد أو أمة بدل فالغرة اسم للعبد، سميا

بذلك، لأنهما من أنفس الأموال، والأصل في ذلك قصة الهذليتين

رمت إحداهما الأخرى فقتلتها وما في بطنها، فقضي صلى الله عليه وسلم «أن دية جنينها عبد، أو أمة» وتورث الغرة عنه، كأنه سقط حيا، لأنها دية له، وهو مذهب الجمهور.

ص: 249

قيمتها خمس من الإبل، إن كان حرا مسلما (1) .

(و) يجب في الجنين (عشر قيمتها) أي قيمة أمه (إن كان) الجنين (مملوكا (2) وتقدر الحرة) الحامل برقيق (أمة)(3) ويؤخذ عشر قيمتها، يوم جنايته عليها، نقدا (4) وإن سقط حيا لوقت يعيش لمثله، وهو نصف سنة فأكثر، ففيه إذا مات ما فيه مولودا (5) .

(1) قيمتها.. إلخ، صفة للبدل، لا للمبدل، منه، لئلا يلزم الفصل بين الصفة والموصوف بالبدل، وأنث الضمير إما رعاية لأقرب مذكور، أو بتأويل النفس أو غلط، والخمس نصف عشر الدية، روي ذلك عن عمر وغيره، ولأنه أقل ما قدره الشرع في الجناية، وظاهره أن ذلك معتبر، سواء قيل: إن الإبل هي الأصل في الدية أو واحد الأصول.

(2)

وهو مذهب مالك والشافعي، كما لو جنى عليها موضحة، ولأنه جنين آدمية وقيمة الأمة بمنزلة دية الحرة، كما تقدم.

(3)

كما لو أعتق الحامل، واستثنى حملها، قومت رقيقة.

(4)

اعتبارا بحال الجنين، ولا يجب مع الغرة، ضمان نقص الأم، وحكم ولد المدبرة ونحوها من غير سيدها، حكم ولد الأمة، لأنه مملوك.

(5)

فإن كان ذكرا حرا مسلما فديته، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه،

أن في الجنين يسقط حيا من الضرب، دية كاملة، لأنه مات بجنايته أشبه

ما لو باشر قتله، وإن لم يكن سقوطه لوقت يعيش لمثله، كدون نصف سنة، فكميت لأن العادة لم تجر بحياته، قال الموفق: في قول عامة أهل العلم، وإن اختلفا فقول جان، لأنه منكر، وتتعدد الغرة أو الدية بتعدد الجنين، فإن اختلفا حياة وموتا ففي كل حكمه ففي الحي ديته بشرطه، وفي الميت غرة.

ص: 250

وفي جنين دابة ما نقص أمه (1)(وإن جنى رقيق خطأ أو) جنى (عمدا لا قود فيه) كالجائفة (2)(أو) جنى عمدا (فيه قود واختير فيه المال، أو أتلف) رقيق (مالا) وكانت الجناية والإتلاف (بغير إذن السيد تعلق) ما وجب بـ (ذلك برقبته)(3) لأنه موجب جنايته فوجب أن يتعلق ذلك برقبته، كالقصاص (4)(فيخير سيده بين أن يفديه بأرش جنايته) إن كان قدر قيمته فأقل (5) .

(1) كقطع بعض أجزائها، ولأنه إنما يجب بالجناية عليها نقصها، فكذا في جنينها.

(2)

والمأمومة، أو كالباضعة.

(3)

أي تعلق ما وجب بالجناية أو الإتلاف، برقبة العبد الجاني، لأنه لا يمكن تعلقها بذمته، لأنه يفضي إلى إلغائها، أو تأخير حق المجني عليه، إلى غير غاية، ولا بذمة السيد، لأنه لم يجن، فتعين تعليقها برقبة العبد.

(4)

ثم لا يخلو أرش الجناية، من أن يكون بقدر قيمتها، أو أقل أو أكثر، فإن كان بقدرها فما دون.

(5)

أو قيمة متلفه إن كان أقل من قيمته.

ص: 251

وإن كان أكثر منها، لم يلزمه سوى قيمته، حيث لم يأذن في الجناية (1)(أو يسلمه) السيد (إلى ولي الجناية فيملكه (2) أو يبيعه) السيد (ويدفع ثمنه) لولي الجناية إن استغرقه أرش الجناية، وإلا دفع منه بقدره (3) وإن كانت الجناية بإذن السيد أو أمره (4) فداه بأرشها كله (5) وإن جنى عمدا فعفا الولي على رقبته، لم يملكه بغير رضى سيده (6) .

(1) فيخير بين تسليمه، أو أن يفديه بقيمته، أو أرش جنايته، لأنه إذا أدى قيمته فقد أدى قدر الواجب عليه، فلم يلزمه أكثر من ذلك، ولأن الشرع قد جعل له فداءه، فكان الواجب قدر قيمته، بالغة ما بلغت، وهو مذهب مالك والشافعي، كسائر المتلفات.

(2)

لأنه قد أدى المحل الذي تعلق الحق به، ولأن حق المجني عليه، لا يتعلق بأكثر من الرقبة وقد أداها، وإن طالب الجنى عليه السيد بتسليمه إليه، لم يجبر عليه السيد.

(3)

أي وإن لم يستغرقها بأن كان الأقل الأرش، دفع من ثمنه بقدر أرش الجناية لأنه الذي وجب له.

(4)

أي وإن كانت الجناية بأمر السيد، قال علي وأبو هريرة: إذا أمر عبده أن يقتل فإنما هو سوطه، يقتل المولى ويحبس العبد.

(5)

قال أحمد: إذا أمر عبده فجنى، فعليه ما جني، وإن كان أكثر من ثمنه، وإن قطع يد حر، فعليه يد الحر، وإن كان ثمنه أقل، وإن أمره سيده أن يجرح رجلا، فما جنى فعليه قيمة جنايته، وإن كان أكثر من ثمنه.

(6)

لأنه إذا لم يملكه بالجناية، فلأن لا يملكه بالعفو أولى، ولأنه إذا عفا عن القصاص، انتقل حقه إلى المال، فصار كالجاني جناية موجبة للمال.

ص: 252

وإن جنى على عدد، زاحم كل بحصته (1) وشراء ولي قود له عفو عنه (2) .

(1) وإن كان بعضهم بعد بعض، وهو قول الشافعي وأصحاب الرأي، لأنهم تساووا في سبب تعلق الحق، فتساووا في الاستحقاق، كما لو جنى عليهم دفعة واحدة، ذلك حيث كان ذلك خطأ أو شبه عمد، وأما إذا كانت جنايته عمدا، واختار بعضهم القود، فمن عفا فلا شيء له.

(2)

أي عن القود، فيطالب البائع بالدية، وقياسه: لو أخذه عوضا، في نحو إجارة وجعالة لا إن ورثه.

ص: 253