المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في عدد الشهود - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٧

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الظهار

- ‌التوأمان المنفيان أخوان لأم

-

- ‌كتاب العدد

- ‌من انقضت عدتها قبل موته

- ‌باب الاستبراء

- ‌كتاب الرضاع

-

- ‌كتاب النفقات

- ‌باب نفقة الأقاربوالمماليك من الآدميين والبهائم

-

- ‌كتاب الجنايات

- ‌بابشروط وجوب القصاص

- ‌باب استيفاء القصاص

- ‌باب العفو عن القصاص

- ‌باب ما يوجب القصاص فيما دون النفسمن الأطراف والجراح

- ‌ القصاص فيما دون النفس (نوعان

-

- ‌كتاب الديات

- ‌باب ديات الأعضاء ومنافعها

- ‌فصل في دية المنافع

- ‌باب الشجاج وكسر العظام

- ‌باب العاقلة وما تحمله

- ‌فصل في كفارة القتل

- ‌باب القسامة

-

- ‌كتاب الحدود

- ‌باب حد الزنا

- ‌باب حد القذف

- ‌باب حد المسكر

- ‌باب التعزير

- ‌باب القطع في السرقة

- ‌باب حد قطاع الطريق

- ‌باب قتال أهل البغي

- ‌باب حكم المرتد

-

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌باب الصيد

-

- ‌فصل في كفارة اليمين

- ‌باب جامع الأيمان المحلوف بها

- ‌باب النذر

-

- ‌باب آداب القاضي

- ‌باب طريق الحكم وصفته

- ‌لا يحكم) القاضي (بعلمه)

- ‌باب القسمة

- ‌باب الدعاوي والبينات

-

- ‌كتاب الشهادات

- ‌باب موانع الشهادة وعدد الشهودوغير ذلك

- ‌فصل في عدد الشهود

- ‌كتاب الإقرار

- ‌فصل في الإقرار بالمجمل

- ‌نبذة مختصرة عن مؤلفي هذا الكتاب، وتاريخ وموضوع كل مجلد، والإشراف على الطبع

الفصل: ‌فصل في عدد الشهود

‌فصل في عدد الشهود

(1)

(ولا يقبل في الزنا) واللواط (والإقرار به إلا أربعة) رجال (2) يشهدون به، أو أنه أقر به أربعا (3) .

(1) لاختلاف الشهود، باختلاف المشهود به، وعدها بعضهم سبعة، تعلم بالاستقراء.

(2)

لأنه مأمور فيه بالستر، ولهذا غلظ فيه النصاب، فإنه ليس هناك حق يضيع، وإنما هو حد وعقوبة، والعقوبات تدرأ بالشبهات، بخلاف حقوق الله تعالى وحقوق عباده، التي تضيع إذا لم يقبل فيها قول الصادقين قال ابن رشد: اتفقوا على أنه لا يثبت الزنا، بأقل من أربعة عدول ذكور.

وقال ابن القيم: أما في الزنا فبالنص والإجماع: وأما اللواط فقالت طائفة: هو مقيس عليه في نصاب الشهادة، كما أنه مقيس عليه في الحد، وقالت طائفة: هو داخل في حد الزنا، لأنه وطء في فرج محرم، وقالت طائفة: بل هو أولى بالحد من الزنا، فإنه وطء فرج لا يستباح بحال، والداعي إليه قوي، فهو أولى بوجوب الحد، فيكون نصابه نصاب حد الزنا.

قال: وبالجملة فلا خلاف بين من أوجب عليه حد الزنا، أو الرجم بكل حال، أنه لا بد فيه من أربعة شهود، أو إقرار.

(3)

واعتبار الأربعة في الإقرار به، لأنه إثبات له، فاعتبروا فيه، كشهود الفعل.

ص: 606

لقوله تعالى: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الآية (1)(ويكفي في الشهادة)(على من أتى بهيمة رجلان) لأن موجبه التعزير (2) ومن عرف بغنى، وادعى أنه فقير، ليأخذ من زكاة، لم يقبل إلا ثلاثة رجال (3)(ويقبل في بقية الحدود)(4) كالقذف والشرب (5) .

(1) أي: هلا جاءوا على ما زعموا، بأربعة شهداء، يشهدون بالزنا {فإذا لم يأتوا بالشهداء، فأولئك عند الله هم الكاذبون} ولقوله صلى الله عليه وسلم لهلال بن أمية البينة أي أربعة شهداء، وإلا فحد في ظهرك، وفي لفظ أربعة شهداء.

(2)

فلم يجب أربعة كالزنا، إلا بنص يعتمد عليه، ولا يقاس على الزنا في عدد شهود، ولأحد.

(3)

لحديث حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه، لقد أصابت فلانا فاقه رواه مسلم.

(4)

قال ابن رشد: اتفقوا على أنه تثبت جميع الحقوق، ما عدا الزنا بشاهدين عدلين ذكرين، من غير يمين اهـ وأما الزنا، فإنه بالغ في سترة، كما قدر الله ستره، فاجتمع على ستره شرع الله وقدره، فلم يقبل فيه إلا أربعة، ينتفي معها الاحتمال.

(5)

أي كالقذف، فيقبل فيه رجلان، وتقدم وكالشرب، أي شرب المسكر، فلا يقبل فيه إلا رجلان، لأنه يحتاط فيه، ويسقط بالشبهة، فلم تقبل فيه شهادة النساء، ويثبت قذف وشرب بإقراره مرة، بخلاف زنا وسرقة وقطع طريق.

ص: 607

والسرقة وقطع الطريق (1)(و) في (القصاص) رجلان (2) ولا تقبل فيه شهادة النساء، لأنه يسقط بالشبهة (3)(وما ليس بعقوبة ولا مال، ولا يقصد به المال (4) ، ويطلع عليه الرجال غالبا، كنكاح وطلاق ورجعة (5) .

(1) أي: ويقبل في السرقة بشرطها رجلان، يصفانه، كما تقدم ويقبل في قطع الطريق، إذا أخذوا المال، قتلوا أولا، رجلان، ولا تقبل فيه النساء.

(2)

أي ويثبت في القصاص في النفس، أو العضو أو الجراحة أو غيرها، رجلان، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك والشافعي.

(3)

وقال الوزير: اتفقوا على أن النساء، لا تقبل شهاتهن، في الحدود والقصاص.

(4)

أي وما ليس بعقوبة، كالحدود، والقصاص وكذا الإعسار وتقدم وما ليس بمال، لأن المال يقبل فيه شهادة النساء، ولا يقصد به المال، كالسرقة لرد المال، يقبلن فيه.

(5)

كنكاح أي كعقد نكاح، فلا يقبل إلا رجلان، وطلاق أي فلا يقبل فيه إلا رجلان، وقال ابن القيم: في حديث عمرو بن شعيب، إذا أقامت شاهدا واحدا على الطلاق، فإن حلف الزوج أنه لم يطلق، لم يقض عليه وإن لم يحلف حلفت المرأة ويقضى عليه، وقد احتج به الأئمة، وذلك لأن الرجل أعلم بنفسه هل طلق أولا، وهو أحفظ لما وقع منه، وإذا نكل، وقام الشاهد الواحد، وحلفت المرأة، كان دليلا ظاهرا على صدقها، قال: ولا شيء أحسن، ولا أقوى من هذه الحكومة

ورجعة قال في الاختيارات، والصحيح قبول شهادة النساء في الرجعة

فإن حضورهن عند الرجعة أيسر من حضورهن عند كتابة الوثائق، وفي مغنى ذوي الأفهام، وتقبل في النشوز، لأنه مما لا يطلع عليه الرجال غالبا.

ص: 608

وخلع ونسب وولاء (1) وإيصاء إليه) في غير مال (2)(لا يقبل فيه إلا رجلان) دون النساء (3) .

(1) وخلع أي فلا يقبل إلا رجلان، وفي المقنع، إن ادعى رجل الخلع قبل فيه رجل وامرأتان، قطع به الأكثر، وإن ادعته المرأة لم يقبل فيه إلا رجلان قال في الإنصاف: بلا نزاع، ونسب، على أن هذا أخوه ونحوه، وولاء على أن هذا مولاه.

(2)

كعلي عياله.

(3)

يعني النكاح، وما عطف عليه، قال ابن القيم: وتنازعوا في العتق، والوكالة في المال، والإيصاء إليه فيه، ودعوى قتل الكافر لاستحقاق سلبه، ودعوى الأسير الإسلام لمنع رقه، وجناية الخطأ والعمد، التي لا قود فيها، والنكاح والرجعة، هل يقبل فيه رجل وامرأتان، أم لا بد من رجلين، على قولين هما روايتان عن أحمد.

قال: وقد استقرت الشريعة، على أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، فالمرأتان في الشهادة، كالرجل الواحد، هذا أولى، فإن حضور النساء عند الرجعة أيسر من حضورهن عند كتابة الوثائق، بالديون وكذا حضورهن عند الوصية وقت الموت، فإذا سوغ فيها فهنا أولى، يوضحه، أنه قد شرع في الوصية، استشهاد آخرين، من غير المسلمين، عند الحاجة، فلأن يجوز استشهاد رجل وامرأتين بطريق الأولى والأحرى.

وقال في المرأة شهادتها بنصف شهادة الرجل، ولم يقيد، وقال للمدعي شاهداك أو يمينه وقد عرف أنه لوأتى برجل وامرأتين حكم له، ولو لم يأت

المدعي بحجة، حلف المدعى عليه، وأن المقصود بالشهادة، أن يعلم بها ثبوت المشهود به، وأنه حق، فإذا عقلت المرأة وحفظت، وكانت ممن يوثق بدينها فإن المقصود حاصل بخبرها، ولهذا تقبل شهادتها في مواضع.

قال شيخنا: ولو قيل يحكم بشهادة امرأة، ويمين الطالب لكان متوجها فالطريق التي يحكم بها الحاكم، أوسع من الطرق، التي أرشد الله صاحب الحق، إلى أن يحفظ حقه بها، قال: وهذا أصل عظيم، يجب أن يعرف، غلط كثير من الناس فيه.

ص: 609

(ويقبل في المال، وما يقصد به) المال (كالبيع والأجل، والخيار فيه) أي في البيع (1)(ونحوه) كالقرض، والرهن (2) والغصب، والإجارة والشركة (3) والشفعة، وضمان المال، وإتلافه (4) والعتق والكتابة، والتدبير (5) والوصية بالمال (6) .

(1) وكذا الشراء، وتوابع البيع والشراء، من اشتراط صفة في المبيع، أو نقد غير نقد البلد.

(2)

وكذا العواري، والودائع، والصلح، والإقرار بالمال، أو ما يوجب المال.

(3)

والحوالة والإبراء، والمطالبة بالشفعة، وإسقاطها.

(4)

والمساقاة والمزارعة، والمضاربة والجعالة، والهبة.

(5)

ومهر وتسميته ورق مجهول.

(6)

وكذا الوقف على معين أوله، وظاهره: أن الوصية، وكذا الوقف، إذا كانا لجهة عامة، كالفقراء والمساكين، لا يكتفي فيها بشاهد ويمين لإمكان اليمين من المدعي، إذا كان معينا، وأما الجهة المطلقة، فلا يمكن اليمين فيها، وإن حلف واحد منهم لم يسر حكم يمينه إلى غيره، فلو أمكن حلف الجمع في الوصية

والوقف بأن يوصي أو يوقف على فقراء محلة معينة، يمكن حصرهم ثبت الوقف بشاهد وأيمانهم ولو انتقل الوقف إلى من بعدهم، لم يمنع ذلك ثبوته بشهادة المعينين أولا، كمالو وقف على زيد، ثم على الفقراء، ثبت بشهادته، وانتقل إلى من بعده بحكم ثبوته الأول، ضمنا وتبعا.

ص: 610

والجناية إذا لم توجب قودا (1) ودعوى أسير تقدم إسلامه، لمنع رقه (2) (رجلان أو رجل وامرأتان) (3) لقوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (4) وسياق الآية يدل على اختصاص ذلك بالأموال (5) .

(1) بحال كالخطأ وما لا قصاص فيه من جنايات العمد، كالهاشمة والمأمومة، والجائفة وقتل المسلم بالكافر، والحر بالعبد، والصبي والمجنون ودعوى قتل الكافر، لاستحقاق سلبه.

(2)

ونحوه مما يقصد به المال.

(3)

باتفاق المسلمين، ذكره غير واحد، وقال ابن القيم: اتفق المسلمون على أنه يقبل في الأموال، رجل وامرأتان، وكذا توابعها من البيع والأجل فيه، والخيار فيه، والرهن، والوصية للمعين وهبته والوقف عليه، وضمان المال وإتلافه ودعوى رق مجهول النسب، وتسمية المهر وتسمية عوض الخلع.

(4)

وقبل ما ذكر قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} قالوا: والآية وإن كانت في الدين، فدخل قياسا، المواريث، والودائع والغصوب، وسائر الأموال وتقدم أن هذا في الاستشهاد لا في الحكم.

(5)

لانحلال رتبة المال عن غيره من المشهود به، لأنه يدخله البذل والإباحة، وتكثر فيه المعاملة، ويطلع عليه الرجال والنساء، فوسع الشرع باب ثبوته.

قال ابن القيم: لم يقل تعالى احكموا بشهادة رجلين، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، وقد جعل سبحانه المرأة على النصف من الرجل، في عدة أحكام أحدها: هذا، والثاني في الميراث، والثالث في الدية، والرابع في العقيقة، والخامس في العتق.

وقوله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} إن ضلت وذلك لضعف العقل، فلا تقوم مقام الرجل، وفي منع قبولها بالكلية إضاعة لكثير من الحقوق، وتعطيل لها، فضم إليها في الشهادة نظيرتها، لتذكرها إذا نسيت فتقوم شهادة المرأتين مقام شهادة الرجل، ويقع من العلم ما يقع بشهادة الرجل، قال: فما كان فيه من الشهادات، لا يخاف فيه الضلال في العادة، لم تكن فيه على نصف الرجل.

ص: 611

(أو رجل ويمين المدعي)(1) لقول ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قضي باليمين مع الشاهد» رواه أحمد وغيره (2) .

(1) لأن اليمين تشرع في جانب من ظهر صدقه.

(2)

قال أحمد: مضت السنة، أن يقضي باليمين مع الشاهد، وقال ابن القيم: الحكم بالشاهد واليمين، حكم بكتاب الله، فإن الله أمر بالحكم بالحق، والرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه حكموا به، ولا يحكمون بباطل، وقال تعالى:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} وهو مما حكم به، فهو عدل مأمور به، ولا يعارض اليمين على المدعى عليه، فإن المراد به إذا لم يكن مع المدعي إلا مجرد الدعوى، فإنه لا يقضي له بمجرد الدعوى، فأما إذا ترجح جانبه بشاهد أو لوث أو غيره، لم يقض له بمجرد دعواه، بل الشاهد المجتمع من ترجيح جانبه ومن اليمين.

ص: 612

ويجب تقديمه الشهادة عليه (1) لا بامرأتين ويمين (2) ويقبل في داء دابة، وموضحة طبيب وبيطار واحد، مع عدم غيره (3) .

(1) وقال ابن القيم: من شرطها تقدم الشهادة عليه اهـ فيشهد الشاهد أولا، ثم يحلف صاحب اليمين، وقال: إذا عدمت امرأتان قامت اليمين مقامها والشاهد واليمين سكت عنه القرآن، وفسرته السنة، ولم يوجب الله على الحكام، أن لا يحكموا إلا بشاهدين أصلا، وإنما أمر صاحب الحق أن يحفظ حقه بشاهدين أو بشاهد وامرأتين، وهذا لا يدل على أن الحاكم لا يحكم بأقل من ذلك بل حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين وبالشاهد فقط، رواه أبو داود وغيره.

وقد ذهب طائفة من قضاة السلف العادلين، إلى الحكم بشهادة الواحد، إذا ظهر صدقه من غير يمين، وعدل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين، وقبل شهادة الأعرابي على الهلال، وأجاز شهادة والواحد في قصة السلب، ولا استحلفه وهو الصواب، ولا معارض لهذه السنة، ولا مسوغ لتركها، والبينة تطلق على الشاهد الواحد، وصوبه.

(2)

قالوا: لأن النساء لا تقبل شهادتهن في ذلك منفردات، وقال ابن القيم: الحكم بشهادة امرأتين، ويمين المدعي في الأموال، وحقوقها هو مذهب مالك وأحد الوجهين في مذهب أحمد حكاه شيخنا واختاره وظاهر القرآن والسنة، ويدل على صحة هذا القول، فإن الله أقام المرأتين مقام الرجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح أليس شهادة المرأتين مثل شهادة الرجل؟ ولا في القرآن ولا في السنة، ولا في الإجماع ما يمنع من ذلك، بل القياس الصحيح يقتضيه.

(3)

في معرفة الداء، لأنه يخبر به عن اجتهاده، كالقاضي يخبر عن حكمه، والطبيب هو الذي يعالج الإنسان، والبيطار، هو الذي يعالج الدواب.

ص: 613

فإن لم يتعذر فاثنان (1)(وما لا يطلع عليه الرجال) غالبا (2)(كعيوب النساء تحت الثياب، والبكارة والثيوبة، والحيض والولادة (3) والرضاع والاستهلال) أي صراخ المولود عند الولادة (4)(ونحوه) كالرتق والقرن والعفل (5) وكذا جراحة وغيرها في حمام وعرس ونحوهما، ممالا يحضره الرجال (يقبل فيه شهادة امرأة عدل)(6) .

(1) أي فإن لم يتعذر، بأن كان بالبلد من أهل الخبرة به أكثر من واحد يعلم ذلك فيعتبر أن يشهد به اثنان، كسائر ما يطلع عليه الرجال.

(2)

تقبل فيه شهادة النساء، لما يأتي، وقال الوزير: اتفقوا على أنه تقبل شهادتين، فيما لا يطلع عليه الرجال، كالولادة، والرضاع، والبكارة وعيوب النساء، وما يخفى على الرجال غالبا، وقال ابن رشد: لا خلاف في هذا، إلا في الرضاع فإن أبا حنيفة قال: مع الرجال، لأنه عنده من حقوق الأبدان، التي يطلع عليها الرجال والنساء.

(3)

فيكفي فيه امرأة عدل، لما يأتي.

(4)

فيكفي فيه امرأة عدل.

(5)

فالرتق، أن يكون فرجها مسدودا، والقرن: لحم زائد ينبت فيه، والعفل، ورم في اللحمة وتقدم موضحا.

(6)

هذا المذهب ونص عليه في رواية الجماعة، وقال الموفق: لا نعلم خلافا، في قبول شهادة النساء منفردات في الجملة.

ص: 614

لحديث حذيفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة وحدها، ذكره الفقهاء في كتبهم (1) .

وروى أبو الخطاب عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يجزئ في الرضاع شهادة امرأة واحدة» (2)(والرجل فيه كالمرأة) وأولى، لكماله (3) .

(1) رواه الدارقطني، والبيهقي وغيرهما، من حديث أبي عبد الرحمن المدائني وهو مجهول، عن الأعمش، عن أبي وائل عن حذيفة، وروي عن علي، أنه أجاز شهادة القابلة، ولا يثبت قال الشافعي: لو ثبت عنه صرنا إليه، ولكن يأتي حديث عقبة ولأنه في معنى يثبت بقول النساء المنفردات فلا يشترط فيه العدد.

(2)

قال ابن القيم: لا يعرف له إسناد وقال: يجوز القضاء بشهادة النساء منفردات في غير الحدود والقصاص، عند جماعة من السلف والخلف، وذكر أنه أرجح الأقوال، قال أحمد: تجوز شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، على حديث عقبة وهو في الصحيحين.

قال ابن القيم: فما كان لا يخاف فيه الضلال، في العادة، وتقبل فيه شهادتهن منفردات، إنما هو أشياء تراها بعينها، أو تلمسها بيدها، أو تسمعها بأذنها من غير توقف على عقل، كالولادة إلى آخر ما ذكر، فإن مثل هذا لا ينسى في العادة، ولا تحتاج معرفته إلى كمال عقل، كمعاني الأقوال التي تسمعها، من الإقرار بالدين وغيره، فإن هذا معان معقولة، ويطول العهد بها في الجملة.

(3)

وظاهره بلا يمين، قال ابن القيم، بعد ما تقدم قريبا، والرجل فيه كالمرأة ولم يذكروا ههنا يمينا، وظاهر نص أحمد: أنه لا يفتقر إلى اليمين، والفرق

بينه وبين الشاهد واليمين، حيث اعتبرت اليمين هناك، أن المغلب في

هذا الباب هو الإخبار عن الأمور الغائبة، التي لا يطلع عليها الرجال، فاكتفى بشهادة النساء، وفي باب الشاهد واليمين، الشهادة على أمور ظاهرة، يطلع عليها الرجال في الغائب، فإذا انفرد بها الشاهد الواحد احتيج إلى تقويته باليمين.

وحكى ابن حزم: القول بتحليف الشهود، عن ابن وضاح، ومحمد بن بشر قال ابن القيم: وليس ببعيد، قد شرع تحليفهما من غير ملتنا، وقاله ابن عباس: فيمن شهدت بالرضاع، قال الشيخ: هذان الموضوعان قبل فيهما الكافر والمرأة للضرورة فقياسه، أن كل من قبلت شهادته للضرورة استحلف قال ابن القيم: وإذا كان للحاكم أن يفرق الشهود، إذا ارتاب بهم، فأولى أن يحلفهم إذا ارتاب بهم.

ص: 615

(ومن أتى برجل وامرأتين (1) أو أتى بشاهد ويمين) أي حلفه (فيما يوجب القود، لم يثبت به) أي بما ذكر (قود ولا مال)(2) لأن قتل العمد يوجب القصاص، والمال بدل منه، فإذا لم يثبت الأصل لم يجب بدله (3) .

وإن قلنا الواجب أحدهما، لم يتعين إلا باختياره، فلو أوجبنا بذلك الدية، أوجبنا معينا بدون اختياره (4) .

(1) يشهدون بما يوجب القود، لم يثبت قود ولا مال.

(2)

قال في الإنصاف: هذا المذهب مطلقا، وعليه الأصحاب.

(3)

جزم به الموفق، والشارح وغيرهما.

(4)

أي فلو أثبتنا قتل العمد، بشهادة رجل وامرأتين، أو بشهادة رجل ويمين المدعي، كنا أثبتنا قتل العمد، وإن قلنا الواجب القصاص، أو الدية ولم يتعين المال، إلا باختيار ورثة المقتول، فلو أوجبنا المال، كنا أوجبناه بدون اختيار

الورثة وإن لم يختاروا الدية، كنا أثبتنا القصاص بدون نصاب شهادته، وهو لا يثبت بدونها، وإذا لم يثبت لم يثبت بدله، وهو المال.

ص: 616

(وإن أتى بذلك) أي برجل وامرأتين، أو رجل ويمين (في سرقة ثبت المال) لكما بينته (دون القطع) لعدم كمال بينته (1)(وإن أتى بذلك) أي برجل وامرأتين، أو رجل ويمين (في) دعوى (خلع) امرأه على عوض سماه (ثبت له العوض) لأن بينته تامة فيه (2)(وثبتت البينونة بمجرد دعواه) لإقراره على نفسه (3) وإن ادعته هي، لم يقبل فيه، إلا رجلان (4) .

(1) لأن السرقة توجب القطع والمال، فإذا قصرت البينة عن القطع، ثبت المال لكمال بينته.

(2)

أي ثبت له العوض بدعواه المال عليها، لأن بينة المال وهي رجل وامرأتان أو رجل ويمينه ثابتة في ذلك.

(3)

بخلعها على مال، ثبت بتلك البينة.

(4)

قال في الإنصاف: بلا نزاع لأن مقصودها الفسخ، وخلاصها من الزوج، ولا يثبت بغير رجلين، وإن اختلفا في عوض الخلع، أو في الصداق، ثبت برجل وامرأتين، أو رجل ويمين المدعي، لأنه مال فثبت ببينته.

ص: 617

فصل

في الشهادة على الشهادة (1)

(ولا تقبل الشهادة على الشهادة، إلا في حق يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي)(2) وهو حقوق الآدميين (3) دون حقوق الله تعالى، لأن الحدود مبنية على الستر، والدرء بالشبهات (4) ولا يحكم الحاكم (بها) أي بالشهادة على الشهادة (إلا أن تتعذر شهادة الأصل بموت)(5) .

(1) والرجوع عنها، وسأل أحمد عن الشهادة على الشهادة فقال: هي جائزة، ولأن الحاجة داعية إليها، لأنها لو لم تقبل، لتعطلت الشهادة على الوقوف وما يتأخر إثباته عند الحاكم، أو ماتت شهوده، وفي ذلك ضرر على الناس، ومشقة شديدة فوجب قبولها، كشهادة الأصل.

وقال أبو عبيد: أجمعت العلماء من أهل الحجاز والعراق، على إمضاء الشهادة على الشهادة في الأموال، إلخ،.

(2)

وترد فيما يرد فيه، وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب.

(3)

أي: من مال وقصاص، وحد وقذف ونحوها.

(4)

والشهادة على الشهادة فيها شبهة لتطرق احتمال الغلط، والسهو، وكذب شهود الفرع فيها، مع احتمال ذلك في شهود الأصل، ولا حاجة إليها في الحد، لأن ستر صاحبه أولى من الشهادة عليه.

(5)

قال في الإنصاف: بلا نزاع فيه.

ص: 618

أو مرض أو غيبة مسافة قصر (1) أو خوف من سلطان، أو غيره (2) لأنه إذا أمكن الحاكم، أن يسمع شهادة شاهدي الأصل، استغنى عن البحث عن عدالة شاهدي الفرع (3) وكان أحوط للشهادة (4) ولا بد من دوام عذر شهود الأصل إلى الحكم (5) ولا بد أيضا من ثبوت عدالة الجميع (6) ودوام عدالتهم (7) وتعيين فرع الأصل (8) .

(1) وقيل تقبل في غيبته فوق يوم ذكره القاضي، وفي الإنصاف في كتاب القاضي، وعنه: في يوم فأكثر، وعند الشيخ: وأقل من يوم كخبره.

(2)

لأن شهادة الأصل تثبت نفس الحق، وشهادة الفرع: إنما تثبت الشهادة عليه.

(3)

وسماعه من الأصل معلوم، وصدق شاهدي الفرع عليه مظنون، ولا يعدل عن اليقين مع إمكانه.

(4)

لأن في شهادة الفرع ضعفا، لتطرق الاحتمالين إليها، غلط الأصل والفرع، فيكون وهنا فيها، ولا تثبت إلا عند عدم شهادة الأصل.

(5)

أي إلى صدور الحكم، فمتى أمكنت شهادة الأصل، قبل الحكم وقف الحكم على سماعها، لزوال الشرط، كما لو كانوا حاضرين.

(6)

أي شاهدي الأصل، وشاهدي الفرع، إلى صدور الحكم.

(7)

فمتى حدث، قبل الحكم من شهود الأصل، أو شهود الفرع، ما يمنع قبوله، من نحو فسق، وقف الحكم لأنه مبني على شهادة الجميع.

(8)

أي ولا بد من تعيين شاهدي فرع لأصله، حتى لو قال تابعيان، أشهدنا صحابيان، لم يجز حتى يعيناهما.

ص: 619

(ولا يجوز لشاهد الفرع، أن يشهد، إلا أن يسترعيه شاهد الأصل (1) فيقول) شاهد الأصل للفرع (اشهد على شهادتي بكذا (2) أو) اشهد: أني أشهد، أن فلانا أقر عندي بكذا، أو نحوه (3) وإن لم يسترعه لم يشهد (4) لأن الشهادة على الشهادة فيها معنى النيابة، ولا ينوب عنه إلا بإذنه (5) إلا أن (يسمعه يقر بها) أي يسمع الفرع الأصل يشهد (عند الحاكم (6) أو) سمعه (يعزوها) أي يعزو شهادته (إلى سبب من قرض أو بيع، أو نحوه) فيجوز للفرع أن يشهد، لأن هذا كالاسترعاء (7) .

(1) أو يسترعي غيره، وهو يسمع استرعاء الأصل لغيره، وأصل الاسترعاء من قول المحدث لمن يكلمه، أرعني سمعك، أي اسمع مني، وهو استفعال من رعيت الشيء حفظته، تقول، استرعيته الشيء فرعاه، أي: استحفظته إياه فحفظه، فشاهد الأصل يطلب من شاهد الفرع، أن يحفظ شهادته ويؤديها.

(2)

أي اشهد أني أشهد بكذا.

(3)

كأشهدني على نفسه.

(4)

أو إن لم يسترع غيره مع سماعه، لم يشهد.

(5)

أي سماعه يسترعي غيره.

(6)

فيجوز له أن يشهد، لأن شهادة الأصل بشهادته عند الحاكم، يزول الاحتمال كالاسترعاء.

(7)

ولأن نسبة شاهد الأصل الحق إلى سببه، يزول به الاحتمال،

كالاسترعاء.

ص: 620

ويؤديها الفرع بصفة تحمله (1) وتثبت شهادة شاهدي الأصل بفرعين (2) ولو على كل أصل فرع (3) ويثبت الحق بفرع مع أصل آخر (4) ويقبل تعديل فرع لأصله (5) وبموته ونحوه (6) .

(1) وإلا لم يحكم بها، فلا يكفي قوله: سمعت فلانا يقول: أقرض فلانا أو لفلان على فلان كذا، بل يقول: أشهد أن فلان بن فلان، وقد عرفته بعينه، واسمه وعدالته، وإن لم يعرف عدالته لم يذكرها، أشهدني أنه يشهد أن فلان بن فلان، على فلان كذا وكذا، أو أشهدني أنه يشهد أن فلانا أقر عندي بكذا، وإن سمعه يشهد غيره، قال: أشهد أن فلان بن فلان، أشهدني على شهادته، أن لفلان بن فلان على فلان كذا.

وإن سمعه يشهد عند الحاكم، قال: أشهد أن فلان بن فلان، شهد على فلان عند الحاكم بكذا، وإن كان نسب الحق إلى سببه، قال: أشهد أن فلان بن فلان، قال: أشهد أن لفلان بن فلان كذا، من جهة كذا، قال في الإقناع: وما عدا هذا المواضع، لا يجوز أن يشهد فيها على الشهادة، وإن أراد الحاكم أن يكتب كتب على ما مر.

(2)

بأن يشهد الفرعان على الأصلين، كما لو شهدا بنفس الحق.

(3)

لأن الفرع بدل الأصل، وقال ابن بطة: لا تثبت حتى يشهد أربعة على كل أصل شاهدا فرع، وبه قال أبو حنيفة، ومالك والشافعي.

(4)

كأصلين أو فرعين، وإن حكم بشهادتهما، ثم رجع شهود الفرع، لزمهم الضمان، قال في الإنصاف، بلا نزاع، وإن رجع شهود الأصل لم يضمنوا وهو المذهب ويحتمل أن يضمنوا وصوبه في الإنصاف.

(5)

قال في الشرح: بلا خلاف نعلمه.

(6)

أي وتقبل شهادة الفرع بموت الأصل ونحوه، كمرضه وغيبته على القول بهما.

ص: 621

لا تعديل شاهد لرفقيه (1)(وإذا رجع شهود المال بعد الحكم لم ينقض) الحكم (2) لأنه قد تم ووجب المشهود به، للمشهود له، ولو كان قبل الاستيفاء (3)(ويلزمهم الضمان) أي يلزم الشهود الراجعين بدل المال، الذي شهدوا به، قائما كان أو تالفا، لأنهم أخرجوه من يد مالكه بغير حق (4) وحالوا بينه وبينه (5) .

(1) بعد شهادته، أصلا كان أو فرعا، لإفضائه إلى انحصار الشهادة في أحدهما.

(2)

جزم به الجمهور، وقال الشيخ: ولو شهد بعد الحكم بمناف للشهادة الأولى، فكرجوعه، وأولى.

(3)

أو بعده، ورجوع الشهود بعد الحكم لا ينقضه، لأنهم إن قالوا: عمدنا، فقد شهدوا على أنفسهم بالفسق، فهما متهمان بإرادة نقض الحكم، كما لو شهد فاسقان على الشاهدين بالفسق، فإنه لا يوجب التوقف في شهادتهما، وإن قالوا: أخطأنا، لم يلزمه نقضه أيضا، لجواز خطئهما في قولهما الثاني، بأن اشتبه عليهم الحال.

(4)

وإن رجع شهود العتق غرموا القيمة، قال في الإنصاف: بلا نزاع أعلمه، وإن رجع شهود الطلاق قبل الدخول، غرموا نصف المسمى، أو بدله قال: بلا نزاع، وبعده، قال الشيخ: يغرمون مهر المثل، وصوبه في الإنصاف.

(5)

ومحله ما لم يصدقهم مشهود له، ويرد ما قبضه أو بدله، لاعترافه، بأخذه بغير حق، وإن لم يقبض شيئا بطل حقه من المشهود به، قال الشيخ في شاهد فاسق قاس بلدا وكتب خطه بالصحة، فاستخرج الوكيل على حكمه، ثم قاس وكتب خطه بزيادة فغرم الوكيل الزيادة، قال: يغرم الشاهد ما غرمه الوكيل من الزيادة بسببه تعمد الكاتب أو أخطأ، كالرجوع.

ص: 622

(دون من زكاهم) فلا غرم على مزك، إذا رجع المزكي، لأن الحكم تعلق بشهادة الشهود، ولا تعلق له بالمزكين، لأنه أخبروا بظاهر حال الشهود، وأما باطنه فعلمه إلى الله تعالى (1)(وإن حكم) القاضي (بشاهد ويمين، ثم رجع الشاهد غرم) الشاهد (المال كله) لأن الشاهد حجة الدعوى (2) .

(1) وإن رجع المزكي دون المزك فالغرم على المزكي، وقال الشيخ: ولو زكى الشهود ثم ظهر فسقهم، ضمن المزكون قال: وكذلك يجب أن يكون في الولاية، لو أراد الإمام أن يولي قاضيا، أو واليا لا يعرفه، فيسأل عنه، فزكاه أقوام، أو وصفوه بما تصلح معه الولاية، ثم رجعوا وظهر بطلان تزكيتهم فينبغي أن يضمنوا ما أفسده الوالي والقاضي، وكذلك لو أشاروا عليه، وأمروا بولايته.

لكن الذي لا ريبة فيه: ضمان من تعهد المعصية منه؛ مثل من يعلم منه الخيانة أو العجز، ويخبر عنه بخلاف ذلك، أو يأمر بولايته، أو يكون لا يعلم حاله، ويزكيه أو يشير له، فأما إن اعتقد صلاحه وأخطأ فهذا معذور، والسبب ليس محرما.

(2)

هذا الصحيح من المذهب نص عليه، وعليه جماهير الأصحاب، قال أحمد: إنما ثبت ههنا بشهادته، ليست اليمين من الشهادة في شيء، وقال ابن القيم يؤيده وجوه منها، أن الشاهد حجة الدعوى، فكان منفردا بالضمان، ومنها أن اليمين قول الخصم، وليس بحجة على خصمه، ولو جعلناها حجة إنما جعلناها بشهادة الشاهد، وتقدم: أن من شرط اليمين، تقدم شهادة الشاهد.

ص: 623

ولأن اليمين قول الخصم، وقول الخصم ليس مقبولا على خصمه، وإنما هو شرط الحكم، فهو كطلب الحكم (1) وإن رجعوا قبل الحكم لغت، ولا حكم ولا ضمان (2) وإن رجع شهود قود أو حد، بعد حكم، وقبل استيفاء لم يستوف ووجب دية قود (3) .

(1) أي فجرى مجرى مطالبته للحاكم بالحكم، وقال الموفق وغير: ويتخرج أن يضمن النصف، وهو قول مالك والشافعي، لأن يمينه أحد حجتي الدعوى فالله أعلم.

(2)

ولا تقبل منهم، لو شهدوا بعد.

(3)

أي على المشهود عليه للمشهود له، لأن الواجب بالعمد أحد شيئين، وقد سقط أحدهما فتعين الآخر، ويرجع المشهود عليه بما غرمه من الدية على المشهود له، ويلزم الشهود ضمانها، قال الوزير: إذا رجع شهود القتل بعد استيفائه، وقالوا: تعمدنا قتله، فالمذهب ومذهب مالك والشافعي، عليهما القصاص، وإن قالوا: غلطنا لم يجب إلا الدية.

ص: 624

باب اليمين في الدعاوي

أو بيان ما يستحلف فيه، وما لا يستحلف فيه (1) وهي تقطع الخصومة حالا (2) ولا تسقط حقا (3) و (لا يستحلف) منكر (في العبادات)(4) كدعوى دفع زكاة، وكفارة ونذر (5)(ولا في حدود الله) تعالى، لأنه يستحب سترها (6) والتعريض للمقر بها، ليرجع عن إقراره (7) .

(1) وصفة اليمين، وما يتعلق بذلك، واليمين مشروعة، في حق المنكر للردع والزجر، في كل حق لآدمي في الجملة، لقوله:«واليمين على من أنكر» .

(2)

أي: عند التنازع.

(3)

أي تسمع البينة بعدها، وإن رجع حالف وأدى ما عليه، قبل منه، وحل لمدع أخذه.

(4)

لأنه حق لله تعالى أشبه الحد.

(5)

فإذا قال: دفعت زكاتي أو كفارتي، أو نذري لم يلزمه يمين.

(6)

أي ولا يستحلف منكر لحد من حدود الله تعالى، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا، كحد زنا أو سرقة، أو شرب أو محاربة، لأنه يستحب سترها، ولأنه لو أقر بها ثم رجع قبل منه، وخلى سبيله بلا يمين، فلأن لا يستحلف مع عدم الإقرار أولى.

(7)

أي ويستحب التعريض للمقر بالحدود، ليرجع عن إقراره، لقوله عليه الصلاة والسلام لماعز:«لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟» .

ص: 625

(ويستحلف المنكر) على صفة جوابه، بطلب خصمه (1)(في كل حق لآدمي)(2) لما تقدم من قوله عليه الصلاة والسلام «ولكن اليمين على المدعى عليه» (3)(إلا النكاح والطلاق، والرجعة (4) والإيلاء وأصل الرق) كدعوى رق لقيط (5)(والولاء والاستيلاد) للأمة (والنسب (6) .

(1) أي ويستحلف المنكر، إذا توجهت عليه اليمين، في دعوى صحيحة على صفة جواب المنكر، بطلب خصمه، وإن لم يطلب خصمه اليمين، لم يستحلف والاستحلاف لا يكون إلا في مجلس الحاكم.

(2)

إلا ما استثنى مما يأتي وغيره.

(3)

أي المنكر، وتقدم: أنها لما كانت في جانب المدعى عليه، حيث لم يترجح المدعي بشيء، غير الدعوى، فيكون جانب المدعى عليه أولى باليمين لقوته بأصل براءة الذمة.

(4)

وبقائها، لاعتبار أن نصاب الشهادة فيها اثنان، ولأن النكاح والطلاق مما لا يحل بذله، فلا يستباح بالنكول.

(5)

أي وإلا الإيلاء، فلا يستخلف، وقيل: إذا أنكر مول مضي أربعة أشهر فإنه يستحلف وأصل الرق كدعوى رق لقيط، فلا يستحلف إذا أنكر لأنه محكوم بحريته وإسلامه، إذا كان في بلد فيها مسلم، يحتمل كونه منه.

(6)

أي وإلا الولاء، فلا يستحلف من ادعى عليه به إذا أنكر، والاستيلاد للأمة فسره القاضي، بأن يدعي استيلاد أمة فتنكره.

وقال الشيخ: بل هي المدعية ولاء النسب ممن هو مجهول نسبه، فلا يستحلف إذا أنكر.

ص: 626

والقود والقذف) فلا يستحلف منكر شيء من ذلك (1) لأنها ليست مالا، ولا يقصد بها المال، ولا يقضي فيها بالنكول (2) ولا يستحلف شاهد أنكر تحمل الشهادة (3) ولا حاكم أنكر الحكم (4) ولا وصي على نفي دين على موص (5) .

(1) أي ولا القود في غير قسامة، ولا القذف فلا يستحلف منكر شيء مما تقدم من استثناء النكاح، وما عطف عليه.

(2)

ومن لم يقض عليه بنكول، إذا نكل خلى سبيله، ولم يحكم عليه بالنكول في غير المال، وما يقصد به المال، مما تقدم بيانه، والذي يقضي فيه بالنكول، هو المال أو ما مقصوده المال، هذا المذهب وعنه: هو المال أو ما مقصوده المال، وغير ذلك، إلا قود النفس، وعنه: وطرفها.

(3)

أو شهد وطلب يمينه أنه صادق في شهادته، فلا يحلف، وتقدم تفريقهم واستحلافهم، إذا استراب في شهادتهم.

(4)

أو طلب يمينه أنه حكم بحق، فلا يستحلف عليه، ولا على نفيه أو عدله، أو جوره أو ظلمه، وكل ناكل قيل لا يقضى عليه بالنكول، كاللعان ونحوه، هل يخلى سبيله أو يحبس حتى يقرأو يحلف؟ وجهان، الثاني: يحبس حتى يقرأوا يحلف، هذا المذهب، وقال الشيخ: إذا قلنا يحبس فينبغي جواز ضربه، كما يضرب الممتنع في اختيار إحدى نسائه إذا أسلم، والممتنع من قضاء الدين، وكما يضرب المقر بالمجهول حتى يفسره.

(5)

فلا يستحلف، والشاهد يحلف في صورتين، في مسألة الشهادة بالرضاع على الرواية التي ذهب فيها، إلى قول ابن عباس، والثانية، في شهادة الكافر في الوصية في السفر، كما هو معروف في نص القرآن، وقيل شهادة الأعراب

ينبغي تحليفهم معا، لأنهم يتساهلون في الشهادة، تساهلا مشتهرا بينهم وقيل: إذا ارتاب في الشهود، حلف المدعي معهم.

ص: 627

وإن ادعى وصي وصية للفقراء، فأنكر الورثة، حلفوا على نفي العلم (1) فإن نكلوا قضى عليهم (2) ومن توجه عليه حق لجماعة، حلف لكل واحد يمينا (3) إلا أن يرضوا بواحدة (4) (واليمين المشروعة) هي (اليمين بالله) تعالى (5) فلو قال الحاكم لمنكر قل: والله لا حق له عندي، كفى، لأنه صلى الله عليه وسلم استحلف ركانة بن عبد يزيد في الطلاق، فقال: والله ما أردت

(1) لأنه يمين على نفي فعل الغير، قال الشيخ: إذا حلف على نفي فعل غيره، حلف على نفي العلم، وذكر في الإنصاف: أنه لا خلاف فيه، مثاله، أن ينفي ما ادعى عليه، من أنه غصب أو جنى ونحوه، وقال: وإذا حلف على فعل نفسه، أو دعوى عليه، أو على فعل غيره، أو دعوى عليه في الإثبات، حلف على البت، مثاله، أن يدعي أن ذلك الغير أقرض، أو استأجر ونحوه، ويقيم بذلك شاهدا فإنه يحلف مع الشاهد على البت، ومثال الدعوى على الغير، إذا ادعى على شخص أنه ادعي على أبيه ألفا، مثلا.

(2)

بالنكول، لأنها دعوى بمال.

(3)

لأن حق كل واحد منهم غير حق البقية.

(4)

أي: إلا أن يرضى جميعهم بيمين واحدة، فيكتفى بها، لأن الحق لهم، وقد رضوا بإسقاطه فسقط.

(5)

وظاهره: دون صفة من صفاته لقوله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ} وقوله: {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ} فمن أقسم بالله، فقد أقسم بالله جهد اليمين.

ص: 628

إلا واحدة (1)(ولا تغلظ) اليمين (إلا فيما له خطر) كجناية لا توجب قودا، وعتق ونصاب زكاة، فللحاكم تغليظها (2) وإن أبى الحالف التغليظ، لم يكن ناكلا (3) .

(1) ولأن في الله كفاية فوجب أن يكتفي باسمه في اليمين، وجاء في كتاب الله {وَأَقْسَمُوا بِاللهِ} {فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ} {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ} ولأن لفظالجلالة: علم على ربنا تبارك وتعالى، لا يسمى به غيره.

(2)

لا فيما دون ذلك، وتغليظها باللفظ: كوالله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، الطالب الغالب الضار النافع، الذي يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، وتغليظها بالزمان: أن يحلف بعد العصر، أو بين الأذان والإقامة.

وتغليظها بالمكان بمكة، بين الركن والباب، وبالقدس: عند الصخرة، وبالمدينة بالروضة، وبقية البلاد عند منبر الجامع، قال ابن رشد: وعليه عمل الخلفاء، وقال الشافعي: ولم يزل عليه العمل بالمدينة ومكة، قال الشيخ: ولا يحلف بطلاق، وفاقا للأئمة الأربعة، وذكره ابن عبد البر إجماعا.

(3)

حكي إجماعا، وقطع به الأصحاب، وفي النكت: لأنه قد بذل الواجب عليه، فيجب الاكتفاء به، ويحرم التعرض له، ونظره لجواز أن يقال: يجب التغليظ إذا رآه الحاكم وطلبه، قال الشيخ: قصة مروان مع زيد، تدل على أن القاضي، إذا رأى التغليظ فامتنع من الإجابة، أدى ما ادعى به، ولو لم يكن كذلك، ما كان في التغليظ زجر قط.

قال في النكت: وهذا الذي قاله صحيح، والزجر والردع علة التغليظ، اهـ، وقيل إن أبي التغليظ لزمه، وإلا لم يكن للتغليظ فائدة، وقال الشيخ: متى قلنا هو مستحب، فينبغي أنه إذا امتنع منه الخصم، يكون ناكلا.

ص: 629