الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الدعاوي والبينات
(1)
الدعوى لغة: الطلب (2) قال تعالى: {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} أي يطلبون (3) .
واصطلاحا: إضافة الإنسان إلى نفسه، استحقاق شيء في يد غيره، أو ذمته (4) والبينة العلامة الواضحة، كالشاهد فأكثر (5) .
(1) أي حكم ما يدعي الشخص على غيره، من مال أو غيره، والبينة ما يثبت به حقه، من شهود أو يمين، أو غير ذلك، والأصل في الدعوى ما يأتي من قوله:«لو يعطى الناس بدعواهم» الحديث.
والبينات كل ما يبين الحق، قال تعالى:{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} وقال صلى الله عليه وسلم: «البينة وإلا فحد في ظهرك» .
(2)
قاله الخطابي وغيره، وقال الموفق: الدعوى في اللغة: إضافة الإنسان إلى نفسه، ملكا أو استحقاقا، أو صفة أو نحو ذلك.
(3)
ويتمنون وقال صلى الله عليه وسلم: «ما بال دعوى الجاهلية» ، لأنهم كانوا يدعون بها، عند الأمر الشديد بعضهم بعضا وهو قولهم: يا لفلان.
(4)
أي الغير، من دين ونحوه، وهي على ثلاث مراتب، دعوى يشهد لها العرف، بأنها مشبهة، بأن تكون حقا، ودعوى يشهد بأنها غير مشبهة إلا أنه لم يقض بكذبها، ودعوى يقضي بكذبها، وتنفيها العادة، فهي مرفوضة، غير مسموعة، كما لو شهدت قرائن الحال بكذب المدعي.
(5)
أي اثنين وثلاثة، وأربعة، وتارة تنكرون شاهد الحال، ويمين الطالب ويمينا فأكثر، وتارة امرأة فأكثر، وتارة بعلامات يصفها المدعي أو علامات
يختص بها أحدهما، وتارة شبها بينا، وتارة قرائن ظاهرة، ونكول وغير ذلك.
وقال ابن القيم، وغيره: البينة في الشرع: اسم لم يبين الحق ويظهره، وقد نصب سبحانه على الحق علامات، وأمارات تدل عليه، وتبينه، فمن أهدر العلامات والأمارات بالكلية، فقد عطل كثيرا من الأحكام، وضيع كثيرا من الحقوق، والدلالات الظاهرة لا ترد إلا بما هو مثلها، أو أقوى منها.
و (المدعي: من إذا سكت) عن الدعوى (ترك) فهو المطالب (1)(والمدعى عليه: من إذا سكت لم يترك) فهو المطالب (2)(ولا تصح الدعوى و) لا (الإنكار) لها (إلا من جائز التصرف) وهو الحر المكلف الرشيد (3) سوى إنكار سفيه، فيما يؤاخذ به لو أقر به، كطلاق وحد (4) .
(وإذا تداعيا عينا) أي ادعى كل منهما أنها له، وهي (بيد أحدهما فهي له) أي فالعين لمن هي بيده (مع يمينه)(5) .
(1) بكسر اللام، وقيل من يلتمس بقوله أخذ شيء من يد غيره، وإثبات حق في ذمته.
(2)
بفتح اللام، وقال في الإنصاف: هذا المذهب وعليه جماهير الاصحاب وقيل المدعى عليه، من ينكر ذلك، وقد يكون كل منهما مدع، ومدعى عليه.
(3)
لأن من لا يصح تصرفه، لا قول له في المال، ولا يصح إقراره، ولا تصرفه فلا تسمع دعواه، ولا إنكاره، كما لا يسمع إقراره.
(4)
حال سفهه، فيصح منه إنكاره، ويحلف إذا أنكر، حيث تجب اليمين.
(5)
لأن من كل شاهد الحال معه، كان لوثا، فيحكم له بيمينه وقال
الشيخ: يجب أن يفرق بين فسق المدعي، والمدعى عليه، وعدالته فليس كل مدعى عليه يرضى منه باليمين، ولا كل مدع يطالب بالبينة، فإن المدعى به إذا كان كبيرة، والمطلوب لا تعلم عدالته، فمن استحل أن يقتل أو يسرق، استحل أن يحلف لا سيما عند خوف القتل، أو القطع.
إلا أن تكون له بينة) ويقيمها (فلا يحلف) معها اكتفاء بها (1)(وإن أقام كل واحد) منهما (بينة أنها) أي العين المدعى بها (له، قضي) بها (للخارج ببينته (2) ولغت بينة الداخل) (3) .
(1) أي بالبينة مع اليد، ويسمى من كانت العين بيده الداخل، والخارج من لم تكن العين بيده.
(2)
مع يمينه، هذا المشهور من المذهب، وقال أكثر أهل العلم، يقضى بها للداخل لتقوية بينته بوجود العين في يده.
وإن أقام الداخل بينة أنه اشتراها من الخارج، وأقام الخارج بينة أنه اشتراها من الداخل، قدمت بينة الداخل لأنه الخارج معنى، لأنه ثبت بالبينة أن المدعي صاحب اليد، وأن يد الداخل نائبه عنه، وإن ادعى الخارج، أن العين ملكه، وأنه أودعها للداخل، قدمت بينة الخارج، وقال الأصحاب، من ادعى أنه اشترى أو اتهب من زيد عبده، وادعى آخر كذلك، أو ادعى العبد العتق، وأقاما بينتين بذلك صححنا أسبق التصرفين، إن علم التاريخ، وإلا تعارضتا فيتساقطان.
وقال الشيخ: الأصوب أن البينتين لم يتعارضا، فإنه من الممكن أن يقع العقدان لكن يكون بمنزلة: ما لو زوج وليان، وجهل السابق، فإما أن يقرع، أو يبطل العقدان بحكم أو بغير حكم.
(3)
عملا ببينة المدعي، على من هي بيده، هذا المذهب وهو من المفردات.
لحديث ابن عباس مرفوعًا: «لو يعطي الناس بدعواهم، لا دعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» رواه أحمد ومسلم (1) ولحديث: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» رواه الترمذي (2) وإن لم تكن العين بيد أحد، ولا ثم ظاهر (3) تحالفا وتناصفاها (4) وإن وجد ظاهر لأحدهما عمل به (5) فلو تنازع الزوجان في قماش البيت ونحوه (6) .
(1) فاستدلوا به، على أن البينة على المدعي، وإذا أقامها قضي بها له.
(2)
قالوا: وهذا الحديث أيضا: دل على أن المدعي، إذا أقام البينة، قضي له وذلك والله أعلم ما لم يكن مع من هي بيده بينة، وإلا فاليد مع بينته أقوى، والأخذ بقول الأكثر أولى، ودل الحديثان: على أن اليمين على من أنكر، إذا لم يكن مع المدعي بينة.
(3)
يعمل به، ولا بينة لأحدهما، وادعى كل منهما أنها كلها له.
(4)
أي حلف كل منهما، أنه لا حق للآخر فيها، وتناصفاها، أي قسمت بينهما لاستوائهما في الدعوى، وعدم المرجح لأحدهما كدار أو بهيمة يدعي كل منهما أنها له، فيحلف كل واحد أنها له، وتكون بينهما نصفين، وإن نكل أحدهما فهي للآخر بيمينه.
(5)
أي وإن وجد أمر ظاهر، يرجح أنها لأحدهما عمل بهذا الظاهر، فيحلف ويأخذها.
(6)
قماش البيت المراد به المتاع، فيشمل الآنية، أو يحمل القماش على المتعارف منه، وتدخل الآنية في قوله ونحوه.
فما يصلح لرجل فله، ولها فلها (1) ولهما فلهما (2) وإن كانت بيديهما تحالفا وتناصفاها (3) فإن قويت يد أحدهما كحيوان، واحد سائقه، وآخر راكبه، فهو للثاني لقوة يده (4) .
(1) أي فما يصلح لرجل من قماش البيت فله، كعمامة وقمصان رجال، وجبابهم وأقبيتهم والطيالسة والسلاح وأشباهه، وما يصلح لامرأة من قماش البيت فلها، كحلي وقمص نساء، ومقانعهن ومغازلهن، قال أحمد: في الرجل يطلق المرأة، أو يموت فتدعي المرأة المتاع، فما يصلح للرجل فهو للرجل، وما كان من متاع النساء فللنساء، وما استقام أن يكون بين الرجال والنساء، فهو بينهما.
(2)
أي وما يصلح لهما فلهما، كفرش وقماش لم يفصل، وأوان ونحوها، فلهما، وقيل إن كان هناك عادة عمل بها، فالمصحف إن كانت لا تقرأ فله، وصوبه في الإنصاف.
(3)
كأرض حرثاها، أو دار سكناها، يدعي كل منهما أنها له، تحالفا وتناصفاها، يحلف كل منهما على النصف المحكوم له به، قاله الموفق وغيره، وجوز الحلف في هذه المسألة على النصف أو الكل، وإن كانت بيد ثلاثة، فادعى أحدهم نصفها، والثاني ثلثها، والثالث سدسها، فهي لهم كذلك، أقام كل واحد منهم بينة أولا، وإن كانت العين بيد غيرهما، واعترف أنه لا يملكها، ففي الكافي تسقط البينتان، ويقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة، حلف وسلمت إليه، وفي رواية بلا يمين، والثالثة: تقسم العين بينهما.
(4)
أي الراكب، ويرجح باليد العرفية، إذا استويا في الحسية أو عدمها.