الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الرضاع
(1)
وهو لغة مص اللبن من الثدي (2) وشرعًا: مص من دون الحولين لبنا ثاب عن حمل (3) أو شربه أو نحوه (4) .
(يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)(5) لحديث عائشة مرفوعًا: «يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة» رواه
الجماعة (6) .
(1) أي هذا كتاب يذكر فيه أحكام ما يحرم من الرضاع، والأصل في التحريم بالرضاع: الكتاب والسنة، والإجماع.
(2)
وشربه، مصدر رضع الثدي إذا مصه، بفتح الضاد وكسرها، وقيل الكسر أفصح.
(3)
أي اجتمع عن حمل، أو ولو قبل وضع، أو لم يبن فيه خلق إنسان من ثدي امرأة.
(4)
كأكله بعد تجبينه، وسعوط به ووجور.
(5)
باتفاق أهل العلم، وحكمه حكم التناكح، وجواز النظر والخلوة، والمسافرة بشرطين، أن يكون قبل استكمال المولود حولين، وأن يوجد خمس رضعات.
(6)
وفي الصحيحين أيضًا، عن ابن عباس مرفوعًا، «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» قال الشيخ: هو حديث صحيح، متلقى بالقبول، متفق على صحته وقال تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} فسماها تعالى أما وسمى الأخوات من الرضاعة أخوات، وحكم بتحريمهن.
(والمحرم) من الرضاع (خمس رضعات)(1) لحديث عائشة قالت: أنزل في القرآن «عشر رضعات معلومات يحرمن» فنسخ من ذلك خمس رضعات، وصار إلى خمس رضعات معلومات يحرمن، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك؛ رواه مسلم (2) .
وتحرم الخمس إذا كانت في الحولين (3) لقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (4) ولقوله صلى الله عليه وسلم «لا يحرم من الرضاع، إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الفطام» قال الترمذي: حديث حسن صحيح (5) .
(1) هذا هو المشهور عن أحمد، ومذهب الشافعي.
(2)
وكان بعض الناس يقرأ (خمس رضعات) ويجعلها قرآنا متلوا، لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده، فلما بلغهم رجعوا، وأجمعوا على أنه لا يتلى، وهذا من نسخ التلاوة دون الحكم، وهو مبين لما أجمل من الآية، والأحاديث، ويشهد له حديث سهلة، فإنها أرضعت سالما خمس رضعات.
(3)
حكاه الوزير وغيره اتفاقا، واختار الشيخ ثبوت الحرمة بالرضاع إلى الفطام ولو بعد الحولين، أو قبلهما، وفي الاختيارات، الارتضاع بعد الفطام، لا ينشر الحرمة، وإن كان دون الحول.
(4)
فدلت الآية على أن الرضاع المعتبر، في الحولين.
(5)
أي: لا يحرم من الرضاع إلا ما وصل إلى الأمعاء ووسعها، فلا يحرم القليل الذي لم ينفذ إليها ويوسعها، ولا يحرم إلا ما كان قبل الفطام، يعني في زمن الصغر وقام مقام الغذاء، قبل الفطام، ولو كان قبل كمال الحولين، ولأبي داود «إلا ما أنشز» ، أي شد وقوي، «العظم، وأنبت اللحم» ، ولا يكون إلا في سن الصغر، وهو مذهب جمهور العلماء.
وذهبوا إلى أنه مهما كان في الحولين، فإن رضاعه يحرم، ولا يحرم ما كان بعدهما، وفي الصحيحين «إنما الرضاعة من المجاعة» ، أي الواقعة في زمن الإرضاع فالذي تثبت به الحرمة، حيث يكون الرضيع طفلا، يسد اللبن جوعه، وينبت لحمه، فيكون ذلك جزءا منه.
وفي صحيح مسلم أن سهلة قالت: يا رسول الله إن سالما مولى أبي حذيفة، معنا في بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال، فقال:«أرضعيه تحرمي عليه» ولهذا كانت عائشة تأمر أختها، وبنات أخيها، يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال، ويروى عن علي، ولما قالت أم سلمة: إنه خاص بسالم، قالت عائشة: أما لكم في رسول الله أسوة حسنة، فدل الحديث أنه يحرم عند الحاجة، وقال الشيخ: ينشر الحرمة، بحيث يبيح الدخول والخلوة، إذا كان قد تربى في البيت بحيث لا يحتشمون منه، للحاجة.
ومتى امتص ثم قطعه لتنفس (1) أو انتقال إلى ثدي آخر ونحوه فرضعه (2) فإن عاد ولو قريبا فثنتان (3) .
(1) أو شبع أو ملة، فرضعة.
(2)
كانتقاله من امرأة إلى امرأة غيرها، أو أخرج الثدي من فمه، إذ المرجع فيها إلى العرف، لأن الشرع ورد بها مطلقا، ولم يحددها بزمن ولا مقدار، فإذا ارتضع ثم قطع باختياره، أو قطع عليه فرضعة.
(3)
لأن العود ارتضاع، والشارع لم يحدد الرضعة بزمان، فوجب أن يكون القريب كالبعيد، بشرط وصولهما إلى الجوف.
(والسعوط) في أنف (والوجور) في فم محرم كرضاع (1)(ولبن) المرأة (الميتة) كلبن الحية (2) .
(و) لبن (الموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد) كالموطوءة بنكاح صحيح (3)(أو باطل) أي الموطوءة بنكاح باطل إجماعا (4)(أو بزنا محرم)(5) .
(1) الوجور والسعوط إذا أريد به المصدر ضم سينه، وإذا أريد به الدواء فبالفتح، والوجور: أن يقطر في فم الرضيع من غير الثدي، السعوط، أن يصب اللبن في أنفه من إناء أو غيره، فيدخل حلقه، لأنه يحصل بهما ما يحصل بالرضاع من الفم، لخبر «إلا ما أنشز العظم وأنبت اللحم» رواه أبو داود.
وقال الوزير: اتفقوا على أنه يتعلق التحريم بالسعوط والوجور، إلا في إحدى الروايتين عن أحمد، وكذا الحقنة باللبن واتفقوا على أن الخالص يحصل به الرضاع، وقال الشافعي وأحمد: يتعلق بالمشوب، اهـ وكذا جبن عمل منه، لأنه واصل من الحلق، يحصل به إنبات اللحم، وذلك بأن يحصل من تلك الثلاثة خمس، لأنها فرع عن الرضاع فيعطى حكمه.
(2)
إذا حلب أو ارتضع من ثديها بعد موتها، لأنه ينبت اللحم.
(3)
محرم منه خمس رضعات في الحولين، والمرتضع ابن لهما، لثبوت نسب ولدها من الواطئ بشبهة أو بنكاح فاسد، قال في الفروع: وإن أرضعت بلبن اثنين وطئاها بشبهة طفلا، فإن ألحقته قافة بأحدهما فهو ابنه، وإن ألحقته بهما أو مات ولم يثبت نسبه فهو ابنهما، وإن تزوج امرأة لها لبن من زوج قبله، فحملت من الثاني، وزاد أو لم يزد، ولم ينقص حتى ولدت، فقال الشيخ: للثاني.
(4)
محرم منها.
(5)
أي منها.
لكن يكون مرتضع ابنا لها من الرضاع فقط في الأخيرتين (1) لأنه لما لم تثبت الأبوة من النسب لم يثبت ما هو فرعها (2)(وعكسه) أي عكس اللبن المذكور لبن (البهيمة (3) و) لبن (غير حبلى (4) ولا موطوءة) فلا يحرم (5) .
(1) وهما مسألة الموطوءة بنكاح باطل أو بزنا، فأما المرضعة فإن الطفل المرتضع محرم عليها ومنسوب إليها، بخلاف الواطئ، وكذا الولد المنفي باللعان يحرم لبنه ولا ينسب إليه.
(2)
وهذا مذهب الشافعي، قال الموفق: لأن من شرط ثبوت الحرمة، بين المرتضع وبين الرجل الذي ثاب اللبن بوطئه، أن يكون لبن حمل ينسب إلى الواطئ، كالوطء في نكاح، أو وطء بملك يمين أو شبهة.
(3)
فلو ارتضع طفلان من بهيمة، لم ينشر الحرمة.
(4)
وفي الإقناع والمنتهى، وإن ثاب لامرأة لبن من غير حمل تقدم، لم ينشر الحرمة، لأنه ليس بلبن حقيقة، بل رطوبة متولدة، لأن اللبن ما أنشز العظم وأنبت اللحم، وهذا ليس كذلك، وهو قول جماعة من الأصحاب وإحدى الروايتين عن أحمد.
(5)
وفي الرعايتين: ولا يحرم لبن غير حبلى، ولا موطوءة على الأصح، وحكاه في الفروع عن جماعة من الأصحاب، وعنه: يحرم صححه الموفق وغيره، وقال الوزير: اتفقوا على أن تحريم الرضاع، إنما يجب به التحريم إذا كان من لبن الأنثى، سواء كانت بكرا أو ثيبا، موطوءة أو غير موطوءة، إلا أحمد فإنه قال: إنما يقع التحريم عنده، بلبن المرأة التي ثاب لها من الحمل.
فلو ارتضع طفل وطفلة من بهيمة (1) أو رجل أو خنثى مشكل (2) أو ممن لم تحمل لم يصيرا أخوين (3)(فمتى أرضعت امرأة طفلا) دون الحولين (4)(صار) المرتضع (ولدها في) تحريم (النكاح (5) و) إباحة (النظر والخلوة و) في (المحرمية)(6) دون وجوب النفقة والعقل والولاية وغيرها (7) .
(1) لم يصيرا أخوين في قول عامة أهل العلم، وقال الوزير: اتفقوا على أن تحريم الرضاع مقصور على الآدميات، ولو أن طفلين ارتضعا من لبن بهيمة، لم يثبت بينهما أخوة الرضاع.
(2)
أي فلو ارتضع طفل وطفلة من رجل لم يصيرا أخوين؛ قال الوزير: اتفقوا على أنه لو در لرجل لبن، فارتضع منه، لم يثبت بذلك التحريم، والخنثى المشكل لا يثبت كونه امرأة، فلا يثبت التحريم مع الشك.
(3)
نص عليه، وعنه: يحرم ذكره ابن أبي موسى، وهو قول ابن حامد، وجمهور الأئمة وتقدم.
(4)
فلو ارتضع بعدهما، ولو قبل فطامه، لم يثبت التحريم، لأن شرط التحريم كونه في الحولين.
(5)
لقوله: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} وللأخبار.
(6)
لأن ذلك فرع عن التحريم بسبب مباح.
(7)
كالإرث والعتق، وولاية النكاح والمال، لأن النسب أقوى من الرضاع، فلا يساويه إلا فيما ورد النص فيه، وهو التحريم وما يتفرع عليه من المحرمية والخلوة.
(و) صار المرتضع أيضا فيما تقدم فقط (1)(ولد من نسب لبنها إليه (2) بحمل) أي بسبب حملها منه، ولو بتحملها ماءه (3)(أو وطء) بنكاح أو شبهة (4) بخلاف من وطئ بزنا، لأن ولدها لا ينسب إليه (5) فالمرتضع كذلك (6) .
(و) صارت (محارمه) أي محارم الواطئ اللاحق به النسب (7) كآبائه وأمهاته، وأجداده وجداته (8) وإخوته وأخواته وأولادهم (9) وأعمامه وعماته، وأخواله وخالاته (10) .
(1) أي من أنه يحرم، دون غيره مما فصل.
(2)
باتفاق أهل العلم.
(3)
لكونه خلق منه، وصح نسبته إليه.
(4)
للحوق نسبه به، وتحريم الرضاع فرع عنه.
(5)
ولو أقر الزاني أن هذا ولده من الزنا.
(6)
لا ينسب إليه، وإنما ينسب إلى أمه، كما تقدم.
(7)
دون من لم يلحق نسبه به، كما تقدم.
(8)
محارم للمرتضع، بلا خلاف بين أهل العلم.
(9)
وإن سفلوا، محارم للمرتضع، لأنهم إخوته من الرضاع، والرضاع كالنسب.
(10)
لأنه ولد أخ الأعمام والعمات، وولد أخت الأخوال والخالات من الرضاع، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
(محارمه) أي محارم المرتضع (1)(و) صارت (محارمها) أي محارم المرضعة (2) كآبائها وأخواتها، وأعمامها ونحوهم (3)(محارمه) أي محارم المرتضع (4)(دون أبويه وأصولهما وفروعهما) فلا تنتشر الحرمة لأولئك (5)(فتباح المرضعة لأبي المرتضع وأخيه من النسب (6) و) تباح (أمه وأخته من النسب لأبيه وأخيه) من رضاع إجماعا (7) كما يحل لأخيه من أبيه أخته من أمه (8) .
(1) قال الوزير: اتفقوا على أن لبن الفحل محرم، وهو أن ترضع المرأة صبية فتحرم هذه الصبية، على زوج المرضعة، وآبائه، وأبنائه، ويصير الزوج الذي در اللبن عن علاقه أبا للمرضعة.
(2)
بشرطه، وهو خمس رضعات في الحولين، كما تقدم.
(3)
ممن تقدم ذكرهم، في تعريف محارم الواطئ.
(4)
بلا خلاف بين أهل العلم، للآية والأخبار.
(5)
أي فلا تنتشر الحرمة إلى من هو أعلى من المرتضع، من آبائه وأمهاته، وأعمامه وعماته، وأخواله، وخالاته، كما لا تنتشر إلى من هو في درجته، من إخوته وأخواته.
(6)
وعمه وخاله من النسب.
(7)
قال أحمد: لا بأس أن يتزوج الرجل أخت أخيه من الرضاع، ليس بينهما رضاع ولا نسب وقد قيل:
أخت أخيك ثم ابن ابنك
…
وجدة ابنك، وأم أمك
وأخت أبنك وأم خالك
…
حل من الرضاع، فاعلم ذلك.
(8)
أي ما يحل لأخيه من النسب، أخته من أمه من النسب.
(ومن حرمت عليه بنتها) كأمه وجدته وأخته (فأرضعت طفلة حرمتها عليه) أبدا (1) .
(وفسخت نكاحها منه إن كانت زوجة) له (2) لما تقدم من أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (3) ومن أرضع خمس أمهات أولاده بلبنه زوجة له صغرى، حرمت عليه، لثبوت الأبوة (4) دون أمهات أولاده، لعدم ثبوت الأمومة (5) .
(وكل امرأة أفسدت نكاح نفسها بـ) سبب (رضاع قبل الدخول فلا مهر لها)(6) .
(1) كبنتها من النسب، لأنها تصير ابنتها من الرضاع، فإذا كانت المرضعة أمه، فالمرتضعة أخته، وإذا كانت المرضعة جدته، فالمرتضعة عمته، أو خالته، وإن كانت المرضعة أخته، فالمرتضعة ابنة أخته.
وكذا كل رجل تحرم ابنته، كأخيه وأبيه وابنه، إذا أرضعت امرأته بلبنه طفلة حرمتها عليه، لأنها تصير ابنته، وفي الحديث «يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة» .
(2)
لتحريمها على التأبيد، وإن أرضعتها امرأة أحد هؤلاء، بلبن غيره، لم تحرم عليه.
(3)
وهؤلاء يحرمن من النسب، بلا نزاع.
(4)
لأنها ارتضعت من لبنه خمس رضعات.
(5)
لأن الخمس الأمهات لبنهن من لبنه، وأمهات أولاده، كل واحدة أرضعت مرة، فلا تثبت الأمومة بالمرة.
(6)
كأن أرضعت زوجة له صغيرة، وهو قول الأئمة الثلاثة وقال الموفق: لا نعلم فيه خلافًا.
لمجيء الفرقة من جهتها (وكذا إن كانت) الزوجة (طفلة فدبت فرضعت من) أم أو أخت له (نائمة) انفسخ نكاحها (1) ولا مهر لها، لأنه لا فعل للزوج في الفسخ (2)(و) إن أفسدت نكاح نفسها (بعد الدخول) فـ (مهرها بحاله) لاستقرار المهر بالدخول (3)(وإن أفسده) أي نكاحها (غيرها (4) فلها على الزوج نصف المسمى قبله) أي قبل الدخول (5) .
(1) فسقط صداقها، كما لو ارتدت، وإن أرضعت الكبرى الصغرى، فانفسخ نكاح الصغرى، فعلى الزوج نصف صداق الصغرى، يرجع به على الكبرى لأنها أتلفت عليه ما في مقابلته، وهو قول الشافعي.
(2)
وإنما فسخ نكاحها بسبب من جهتها، فسقط صداقها، كما لو ارتدت قال في المغني: بغير خلاف نعلمه.
(3)
وقالوا: يجب إذا صداقها على زوجها، وقال الموفق: إن أفسدت نكاح نفسها بعد الدخول لم يسقط مهرها، لا نعلم بينهم في ذلك خلافا، وأن الزوج لا يرجع عليها بشيء، وعنه: يسقط واختار الشيخ: أنه يسقط مهرها، كما لو أفسده غيرها وقال ابن القيم: يتوجه سقوطه بإفسادها، وكان الشيخ يذهب إليه، وهو منصوص أحمد، وأقوى دليلا ومذهبا فالله أعلم.
(4)
كأن أرضعت أخته زوجة له صغيرة أو يكون له زوجة صغيرة، فتدب على الكبيرة، فترضع من لبنها ما يحرمها، في حال نوم الكبيرة.
(5)
قال الشيخ: لو أفسد مفسد نكاحها بعد الدخول، استقر المهر على الزوج، وهو المنصوص على أحمد.
لأنه لا فعل لها في الفسخ (1)(و) لها (جميعه بعده) أي بعد الدخول، لاستقراره به (2) (ويرجع الزوج به) أي بما غرمه من نصف أو كل (على المفسد) لأنه أغرمه (3) فإن تعدد المفسد وزع الغرم على الرضعات المحرمة (4) (ومن قال لزوجته) : أنت أختي لرضاع بطل النكاح، حكما، لأنه أقر بما يوجب فسخ النكاح بينهما، فلزمه ذلك (5)(فإن كان) إقراره (قبل الدخول وصدقته) أنها أخته (فلا مهر) لها، لأنهما اتفقا على أن النكاح باطل من أصله (6)(وإن كذبته) في قوله إنها أخته قبل الدخول (7) .
(1) وجزم به الشيخ؛ فيرجع به الزوج على ولي الصغيرة مثلا، ولها الأخذ من المفسد، لاستقراره عليه.
(2)
أي بالدخول، فوجب إذا على زوجها.
(3)
ولها الأخذ من المفسد، لاستقراره عليه، كما تقدم في الرجوع على الغار.
(4)
على قدر رضعاتهن المحرمة، كل واحدة بقدر ما أتلفت، لتسببهن في استقراره عليه.
(5)
وهو قول الشافعي، كما لو أقر بالطلاق، أو أن أمته أخته من النسب، وينفسخ نكاحه فيما بينه وبين الله تعالى، إن كان صادقا.
(6)
لا تستحق فيه مهرا، أشبه ما لو ثبت ذلك منه ببينة.
(7)
ولم يثبت ذلك ببينة.
(فلها نصفه) أي نصف المسمى، لأن قوله غير مقبول عليها في إسقاط حقها (1) و (يجب) المهر (كله) إذا كان إقراره بذلك (بعده) أي بعد الدخول ولو صدقته (2) ما لم تكن مكنته من نفسها مطاوعة (3) (وإن قالت هي ذلك) أي قالت لزوجها: أنت أخي من الرضاع (وأكذبها فهي زوجته حكما) أي ظاهرا، لأن قولها لا يقبل عليه، في فسخ النكاح، لأنه حقه (4) وأما باطنا فإن كانت صادقة فلا نكاح (5) وإلا فهي زوجته أيضا (6) .
(1) وقد جاءت الفرقة من جهته.
(2)
أي أنه أخوها، لأن المهر يستقر بالدخول.
(3)
عالمة بالتحريم، فلا مهر لها، لأنها إذا زانية مطاوعة، هذا إذا كانت حرة، وأما الأمة فيجب المهر لها، وإن قال: هي عمتي، أو خالتي، أو ابنة أخي، أو أمي من الرضاع، وأمكن صدقه، فالحكم كما لو قال: هي أختي من الرضاع.
(4)
كأن أقرت بذلك قبل الدخول، فلا مهر لها، لإقرارها بأنها لا تستحقه.
(5)
فإنها إن علمت صحة ما أقرت به، لم يحل لها مساكنته، ولا تمكنه من وطئها، ولا من دواعيه، لأنها محرمة عليه، وعليها أن تفتدي منه تفر عنه.
(6)
أي: وإلا فإن كانت كاذبة في قولها، أنه أخوها من الرضاع، فهي زوجته أيضا، ظاهرا وباطنا.
(وإذا شك في الرضاع (1) أو) شك في (كماله) أي كونه خمس رضعا (2)(أو شكت المرضعة) في ذلك (3)(ولا بينة فلا تحريم)(4)
لأن الأصل عدم الرضاع المحرم (5) وإن شهدت به امرأة مرضية ثبت (6) .
(1) أو شك في وقوعه في العامين.
(2)
حيث أن ما دون الخمس الرضعات لا يحرم، لما تقدم.
(3)
أي في الرضاع، هل أرضعته أولا، وإن كانت أرضعته فشكت أنها خمس رضعات.
(4)
أي ولا بينة على ثبوت خمس الرضعات، فلا تحريم بينهما.
(5)
وقد شك فيه، والأصل عدمه، فلا تحريم.
(6)
أي حكم الرضاع، والمذهب أنه يقبل في الشهادة بالرضاع واحدة، بشرط أن تكون مرضية في دينها، بحيث تقبل شهادتها، ولو المرضعة، قال الشيخ: إذا كانت معروفة بالصدق، وذكرت أنها أرضعت طفلا خمس رضعات، قبل على الصحيح، ويثبت حكم الرضاع.
وقال ابن القيم: إذا شهدت المرأة بأنها قد أرضعته وزوجته، فقد لزمته الحجة من الله في اجتنابها، ونوجب عليه مفارقتها، لقوله صلى الله عليه وسلم «دعها عنك» ، وليس لأحد أن يفتي غيره، وهذا والله أعلم ما لم يتقدم شهادتها دعوى من الزوج ولا من الزوجة، فإنه إذا ادعى أحد الزوجين، أنه أقر أنه أخوه بالرضاع، فأنكر فإنه لا يقبل في ذلك شهادة النساء منفردات، لأنه شهادة على الإقرار، والإقرار مما يطلع عليه الرجال، فلم يحتج فيه إلى شهادة النساء المنفردات، ولم يقبل ذلك، بخلاف الرضاع نفسه، كما صرح به الموفق وغيره.
وكره استرضاع فاجرة (1) وسيئة الخلق وجذماء وبرصاء (2) .
(1) ومشركة لقول عمر وابنه، وكذا ذمية.
(2)
لنهيه صلى الله عليه وسلم أن تسترضع الحمقاء) رواه أبو داود، لأن للرضاع تأثيرا في الطباع، فيختار من لا حماقة، ونحوها فيها، وسيئة الخلق، ونحو ذلك في معنى الحمقاء، فدل الحديث على كراهة ذلك.
وحكى القاضي، أن من ارتضع من امرأة حمقاء خرج الولد أحمق، ومن ارتضع من سيئة الخلق تعدى إليه، ومن ارتضع من بهيمة كان بليدا كالبهيمة.