الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب جامع الأيمان المحلوف بها
(1)
(يرجع في الأيمان، إلى نية الحالف، إذا احتملها اللفظ)(2) لقوله عليه الصلاة والسلام: «وإنما لكل امرئ ما نوى» (3) فمن نوى بالسقف أو البناء السماء (4) أو بالفراش أو البساط الأرض (5) قدمت على عموم لفظه (6) ويجوز التعريض في مخاطبة لغير ظالم (7) .
(1) أي مسائلها.
(2)
أي احتمل لفظ الحالف نيته، فتتعلق يمينه بما نواه، دون ما لفظ به اتفاقا.
(3)
فيرجع في كلام المتكلم على ما أراده، ويقبل منه حكما، مع قرب الاحتمال من الظاهر، لا مع بعده، فتقدم نيته على عموم لفظه.
(4)
يرجع فيها إلى نيته وقدمت على عموم لفظه، حيث احتملها اللفظ قال تعالى:{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} وقال: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} وقال: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا} .
(5)
أي فمن نوى بالفراش أو البساط الأرض قدمت على عموم لفظه، فيرجع فيها إلى نيته، حيث احتملها اللفظ قال تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا} وقال: {وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا} .
(6)
حيث احتملها اللفظ، ونوى ذلك به.
(7)
للحاجة على الصحيح عندهم من المذهب، وقيل: لا يجوز ذكره
الشيخ، واختاره لأنه تدليس كتدليس المبيع اهـ فإنه كان ظالما لم يجز قولا واحدا، والمنصوص: أنه لا يجوز التعريض مع اليمين.
(فإن عدمت النية، رجع إلى سبب اليمين، وما هيجها)(1) لدلالة ذلك على النية (2) فمن حلف ليقضين زيدا حقه غدا، فقضاه قبله، لم يحنث إذا اقتضى السبب، أنه لا يتجاوز غدا (3) وكذا ليأكلن شيئا، أو ليفعلنه غدا (4) وإن حلف لا يبيعه إلا بمائة، لم يحنث إلا إن باعه بأقل منها (5) .
(1) أي: لأن السبب يدل على النية، وعنه: يقدم عموم لفظه على سبب اليمين احتياطا وقال الزركشي، اعتمد عامة الأصحاب تقديم النية على السبب.
(2)
أي لدلالة سبب اليمين، وما هيجها على النية، وقال ابن القيم: من عرف مراد المتكلم، بدليل من الأدلة، وجب اتباع مراده، والألفاظ لم تقصد لذواتها وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد المتكلم، فإذا ظهر مراده، ووضح بأي طريق كان عمل بمقتضاه سواء كان بإشارة، أو كتابة، أو دلالة عقلية أو قرينة حالية أو عادة له مطردة
…
إلخ.
(3)
أو كان السبب يقتضي التعجيل فإن عدما لم يبرأ إلا بالقضاء في الغد.
(4)
كأشتريه غدا، أو لأبيعنه غدا، وقال الشيخ: إذا حلف على غيره ليفعلنه فخالفه، إذا قصد إكرامه، لا إلزامه به، لا حنث عليه، لأنه كالأمر، ولا يجب الأمر إذا فهم منه الإكرام، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر بالوقوف في الصف ولم يقف.
(5)
لمخالفته ما حلف عليه، وإن حلف لا يبيعه بمائة، حنث إن باعه بها، وبأقل منها.
وإن حلف لا يشرب له الماء من عطش، ونيته أو السبب: قطع منته حنث بأكل خبزه، واستعارة دابته، وكل ما فيه منه (1)(فإن عدم ذلك) أي النية وسبب اليمين الذي هيجها (رجع إلى التعيين) لأنه أبلغ من دلالة الاسم على المسمى، لأنه ينفي الإبهام بالكلية (2)(فإذا حلف لا لبست هذا القميص فجعله سراويل أو رداء، أو عمامة ولبسه، حنث (3) أولا كلمت هذا الصبي، فصار شيخا) وكلمه حنث (4) .
(1) قال ابن القيم: ولو من عليه غيره بإحسانه، فقال: والله لا أكلت له لقمة، ولا شربت له ماء، يريد خلاصه من منته عليه، ثم قبل منه الدراهم والدنانير والشاء، ونحوها لعدة العقلاء واقعا فيما هو أعظم مما حلف عليهن ومرتكبا لذروة سنامه، ولولامه عاقل على كلامه، لمن لا يليق به محادثته، ومن امرأة أو صي، فقالك والله لا كلمته، ثم رآه خاليا به، يؤا كله ويشاربه ويعاشره ولا يكلمه، لعدوه مرتكبا لأشد مما حلف عليه وأعظم وهذا ما فطر الله عليه عباده.
(2)
أي: لأن التعيين بالإشارة ينفي الإبهام فهو مقدم على الاسم والصفة، والإضافة كأن يشهد على عين شخص، ثم ذكر ما لو تغيرت صفة التعيين.
(3)
لفعله المحلوف عليه، لأنه لبسه.
(4)
لأنه كلم الشخص المحلوف على عدم تكليمه، فحنث، عملا بالتعيين، قال الشيخ: فلو حلف لا أكلم هذا الصبي فتبين شيخا، أولا أشرب من هذا الخمر فتبين خلا فالأشبه أنه لا يحنث، إذ الاعتبار بما قصد في قلبه، وهو قصد معينا موصوفا ليس هو هذا العين.
(أو) حلف لا كلمت (زوجة فلان) هذه (أو صديقة فلانا) هذا (أو مملوكة سعيدا) هذا (فزالت الزوجية والملك والصداقة ثم كلمهم) حنث (1) .
(أو) حلف (لا أكلت لحم هذا الحمل، فصار كبشا) وأكله حنث (2) .
(أو) حلف لا أكلت (هذا الرطب) فصار تمرا أو دبسا أو خلا وأكله حنث (3) .
(أو) حلف لا أكلت (هذا اللبن فصار جبنا، أو كشكا ونحوه، ثم أكله حنث في الكل)(4) لأن عين المحلوف عليه باقية (5) كحلفه لا لبست هذا الغزل، فصار ثوبا (6) .
(1) لأنه إذا قدم التعيين على الاسم فلأن يقدم على الإضافة أولى.
(2)
إذا لم يكن له نية، ولا سبب يخص الحالة الأولى، والحمل، بفتح الحاء المهملة والميم.
(3)
ما لم يكن له نية ولا سبب يخص حالته الأولى، لبقاء عين المحلوف عليه.
(4)
مما رجع فيه إلى التعيين ونحو الكشك الأقط وغيره، مما يعمل من اللبن.
(5)
فحنث بفعل ما حلف على تركه.
(6)
فهو يحنث بذلك، للبسه عين ما حلف على ترك لبسه.
وكذا حلفه لا يدخل دار فلان هذه، فدخلها وقد باعها، أو وهي فضاء أو مسجد، أو حمام ونحوه (1)(إلا أن ينوي) الحالف (2) أو يكون سبب اليمين يقتضي (ما دام) المحلوف عليه (على تلك الصفة) فتقدم النية وسبب اليمين على التعيين كما تقدم (3) .
(1) كخان حنث.
(2)
بيمينه في شيء من هذه الأشياء، ما دام على تلك الصفة والإضافة، أو ما لم يتغير.
(3)
أي من قوله: فإن عدمت النية وسبب اليمين الذي هيجها رجع إلى التعيين.
فصل (1)
(فإن عدم ذلك) أي النية والسبب، والتعيين (رجع) في اليمين (إلى ما يتناوله الاسم (2) وهو) أي الاسم (ثلاثة شرعي، وحقيقي، وعرفي)(3) وقد لا يختلف المسمى، كالأرض والسماء والإنسان والحيوان، ونحوها (4)(فالشرعي) من الأسماء (ماله موضع في الشرع وموضوع في اللغة) كالصلاة والصوم (5) والزكاة والحج، والبيع والإجارة (6)(فـ) الاسم (المطلق) في اليمين سواء كانت على فعل أو ترك (7) .
(1) فيما يتناوله الاسم، الدال على إرادة المسمى إذ لا معارض له، فوجب الرجوع إليه.
(2)
لأنه مقتضاه ولا صارف عنه.
(3)
ويقدم عنه الإطلاق، إذا اختلف الأسماء، شرعي فعرفي فلغوي.
(4)
كرجل فينصرف اليمين إلى مسماه بلا خلاف.
(5)
فإذا قال الشارع: صل تعين فعل الصلة، المشتملة على الأفعال، وكذا الصوم وأما الطواف فقال: المجد والقاضي وغيرهما، ليس بصلاة في الحقيقة ولأنه أبيح فيه الكلام والأكل.
(6)
وكالوضوء والغسل، والتيمم والاعتكاف.
(7)
من صلاة أو صوم، أو بيع أو نكاح أو غيرها.
(ينصرف إلى الموضوع الشرعي الصحيح) لأن ذلك هو المتبادر، أي المفهوم عند الإطلاق (1) إلا الحج والعمرة، فيتناول الصحيح والفاسد (2) لوجوب المضي فيه، كالصحيح (3)(فإذا حلف لا يبيع، أو لا ينكح، فعقد عقدا فاسدا) من بيع أو نكاح (لم يحنث)(4) لأن البيع والنكاح لا يتناول الفاسد (5) .
(وإن قيد) الحالف (يمينه بما يمنع الصحة) أي بما لا تمكن الصحة معه (كأن حلف لا يبيع الخمر، أو الخنزير حنث بصورة العقد)(6) لتعذر حمل يمينه على عقد صحيح (7) .
(1) ولذلك حمل علي كلام الشارع، حيث لا صارف له عن موضوعه الشرعي.
(2)
فإذا حلف لا يحج، فحج حجا فاسدا، حنث وكذا العمرة.
(3)
أي فيما يحل ويحرم، ويجب من الفدية وغيرها.
(4)
وكذا إن حلف، ما بعت ولا نكحت وقد فعله فاسدا، لم يحنث لقوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} وإنما أحل الصحيح منه وكذا النكاح.
(5)
فلا يحنث إلا بالبيع الصحيح، والنكاح الصحيح، إذا حلف لا يفعل ذلك ففعله.
(6)
وكذا لو حلف لا يبيع الحر، أو ما باع الخمر، أو الخنزير أو ما باع الحر، حنث بصورة العقد.
(7)
فتعين كون صورة ذلك محلا له.
وكذلك إن قال: إن طلقت فلانة الأجنبية، فأنت طالق، طلقت بصورة طلاق الأجنبية (1) .
(و) الاسم الحقيقي: هو الذي لم يغلب مجازه على حقيقته كاللحم (2) فإذا حلف لا يأكل اللحم، فأكل شحما أو مخا، أو كبدا أو نحوه ككلية وكرش وطحال، وقلب ولحم ولسان (لم يحنث)(3) لأن إطلاق اسم اللحم، لا يتناول شيئًا من ذلك (4) إلا بنية اجتناب الدسم (5)(ومن حلف لا يأكل أدما، حنث بأكل البيض، والتمر والملح، والخل والزيتون ونحوه) كالجبن واللبن (6) .
(1) لتعين زوجته بتلك الصورة، لتعذر حمل يمينه على طلاق واقع، فتعين كون صورة ذلك محلا له.
(2)
أي: والثاني من أقسام الاسم الثلاثة، الحقيقي وهو اللغوي، وهو الذي لم يغلب مجازه عندهم، أي العرفي، على حقيقته اللغوية، كاللحم، فهو اسم حقيقة والحقيقة: اللفظ المستعمل في وضع أول.
(3)
أي بأكل شيء من الشحم وما عطف عليه، لأن مطلق اللحم لا يتناول شيئا من ذلك، وكذا لا يحنث بأكل إليه، ومصران ومرق لحم، ونحو ذلك.
(4)
كما أنه لو حلف لا يأكل شحما، لم يحنث بأكل لحم أحمر.
(5)
فيحنث بذلك كله، وكذا لو اقتضاه السبب، فيحنث لما فيها من الدسم ويحنث بأكل لحم سمك، ولحم محرم لدخوله في مسمى اللحم.
(6)
سواء كان من بهيمة الأنعام، أو من الصيد، أو لبن آدمية، حليبا كان أو رائبا أو مائعا أو مجمدا حنث لأن الجميع لبن.
(وكل ما يصطبغ به) عادة (1) كالزيت والعسل، والسمن واللحم، لأن هذا معنى التأدم (2) .
(و) إن حلف (لا يلبس شيئا فلبس ثوبا أو درعا أو جوشنا)
أو عمامة أو قلنسوة (أو نعلا، حنث)(3) لأنه ملبوس حقيقة وعرفا (4) .
(وإن حلف لا يكلم إنسانا، حنث بكلام كل إنسان)(5) لأنه نكرة في سياق النفي، فيعم (6) حتى ولو قال: تنح أو اسكت (7) .
(1) أي من كل ما يغمس فيه الخبز قال تعالى: {وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ} .
(2)
وكذا كل ما جرت العادة بأكل الخبز ونحوه به، للأخبار، فمنها ما رواه ابن ماجه:«سيد إدامكم اللحم» وله ائتدموا بالزيت، وحديث نعم الإدام الخل، وغير ذلك.
(3)
الجوشن: الصدر، والدرع، وقيل: الدرع، وقيل: الذي يجعل على الصدر، ولا يدخل العقيق، والسبح في مطلق الحلف، على لبس الحلي، إلا من عادته التحلي به، وكيفما لبس الثوب، أو تعمم به، أو ارتدى بسراويل حنث لا بطيه أو افتراشه.
(4)
كالثياب، وقيل: لابن عمر إنك تلبس هذه النعال، قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها.
(5)
ذكرا كان أو أنثى صغيرا أو كبيرا، حرا أو رقيقا.
(6)
وقد فعل المحلوف عليه.
(7)
أو زجره بكل لفظ، لأنه كلام فيدخل فيما حلف على عدمه.
أولا كلمت زيدا، فكاتبه أو راسله حنث (1) ما لم ينو مشافهته (2) .
(و) إن حلف (لا يفعل شيئا فوكل من فله حنث)(3) لأن الفعل يضاف إلى من فعله عنه (4) قال تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} وإنما الحالق غيرهم (5)(إلا أن ينوي مباشرته بنفسه) فتقدم نيته لأن لفظه يحتمله (6) .
(1) لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} وحديث ما بين دفتي المصحف كلام الله، وصحح في الشرح والمبدع، أن هذا ليس بتكليم، لكن إن نوى ترك مواصلته، أو سبب يمينه يقتضي هجرانه حنث.
(2)
أي بالكلام، فلا يحنث بالمكاتبة، ولا المراسلة، لعدم المشافهة فيهما.
(3)
أي الحالف، إذا فعل الوكيل ذلك الشيء، المحلوف على تركه.
(4)
المحلوف على تركه، وأمر به، كما لو حلف لا يحلق رأسه، فأمر من حلقه.
(5)
أي فدلت الآية: على أن فعل من وكله، كفعله.
(6)
وإلا ففعل وكيله كفعله، وقال ابن القيم: ومن الحيل الباطلة، ما لو حلف لا يفعل شيئا، ومثله لا يفعله بنفسه أصلا، كالسلطان لا يبيع كذا، ولا يحرث هذه الأرض، ولا يزرعها، ولا يخرج هذا من بلده، ونحو ذلك، فالحيلة أن يأمر من يفعل ذلك، ويبر في يمينه إذا لم يفعله بنفسه، وهذا من أبرد الحيل وأسمجها وأقبحها وفعل ذلك، هو الحنث الذي حلف عليه بعينه، ولا يشك في أنه حانث أحد من العلماء، ولا أحد من العقلاء.
(و) الاسم (العرفي ما اشتهر مجازه فغلب) على (الحقيقة (1) كالرواية) في العرف للمزادة، وفي الحقيقة: الجمل الذي يستقى عليه (2)(والغائط) في العرف للخارج المستقذر، وفي الحقيقة لفناء الدار، وما اطمأن من الأرض (ونحوهما)(3) كالظعينة، والدابة والعذرة (4)(فتتعلق اليمين بالعرف)(5) دون الحقيقة لأن الحقيقة في نحو ما ذكر صارت كالمهجورة، ولا يعرفها أكثر الناس (6) .
(1) أي اللغوية حيث أنه لا يعلمها أكثر الناس، فاللفظ قد يكون حقيقة في معنى، ثم يغلب على معنى عرفي.
وقال الشيخ: اللفظ المطلق الذي له حد في العرف، وقد علم أنه لم يزدد
فيما يتناوله الاسم، فإنه ينزل على ما وقع من استعمال الشرع، وإن كان اتفاقيا.
(2)
ذكره في المبدع وغيره، وقال الشارح في موضع، اسم لما يستقى عليه من الحيوانات، والمزادة في العرف: شكل الرواية.
(3)
مما غلب العرف فيه على حقيقته.
(4)
أي في العرف، وفي الحقيقة فناء الدار، قال علي: ما لكم لا تنظفون عذراتكم يريد أفنيتكم، والظعينة في العرف، المرأة، قال الجوهري: الظعينة المرأة ما دامت في الهودج، وفي الحقيقة: الناقة التي يظعن عليها، والدابة لغة، كل ما دب ودرج وعرفا، الخيل والبغال والحمير.
(5)
لأن الحالف لا يريد غيره، فصار كالمصرح به.
(6)
فيرجع فيما ذكر إلى العرف، كما بنى عليه فيما مثل.
(فإذا حلف على وطء زوجته أو) حلف على (وطء دار، تعلقت يمينه بجماعها) أي جماع من حلف على وطئها لأن هذا هو المعنى الذي ينصرف إليه اللفظ في العرف (1) .
(و) تعلقت يمينه (بدخول الدار) التي حلف لا يطؤها لما ذكر (2)(وإن حلف لا يأكل شيئا، فأكله مستهلكا في غيره (3) كمن حلف لا يأكل سمنا، فأكل خبيصا فيه سمن، لا يظهر فيه طعمه) لم يحنث (4) .
(أو) حلف (لا يأكل بيضا، فأكل ناطفا لم يحنث)(5) لأن ما أكله لا يسمى سمنا، ولا بيضًا (6) .
(وإن ظهر طعم شيء من المحلوف عليه) فيما أكله (حنث)
(1) وكذا لو حلف على ترك وطء زوجته، أكثر من أربعة أشهر، كان موليا.
(2)
أي من أن هذا المعنى: هو الذي ينصرف إليه اللفظ في العرف، ويفرق بين أن يكون المقصود، تحريم البقعة على الرجل، فيحنث بإدخال بعض جسده إلى بعضها، لمباشرته بعض المحرم، وبين أن يكون مقصوده، التزام بقعته فإذا خرج بعضه لم يحنث كما في المعتكف.
(3)
لم يحنث، حيث أن المستهلك، لا يظهر فيه طعم المحلوف عليه.
(4)
أو حلف لا يأكل لبنا فأكل زبدا، لا يظهر فيه طعم اللبن لم يحنث.
(5)
أو حلف لا يأكل شحما، فأكل اللحم الأحمر، لم يحنث.
(6)
ولا شحما فلم يحنث، لأن المستهلك في الشيء وجوده كعدمه.
لأكله المحلوف عليه (1) .
(1) كما لو أكله منفردا وذلك كظهور السمن في الخبيص أو البيض في الناطف ونحو ذلك، ولو حلف لا يشارك فلانا، ففسخا الشركة، وبقيت بينهما ديون مشتركة، أوأعيان فقال الشيخ: تنحل اليمين بانفساخ عقد الشركة.
وإن حلف لا يشم وردا، ولا بنفسجا، فشم دهنهما أو ماء الورد، فقال الشيخ: يتوجه أن يحنث بالماء دون الدهن، وكذلك ماء البان، والينوفر، لأن الماء، هو الحامل لرائحة الورد، ورائحته فيه، بخلاف شجره، فإنه يضاف إلى الورد، ولا تظهر فيه الرائحة كثيرا.
فصل (1)
(وإن حلف لا يفعل شيئا، ككلام زيد (2) ودخول دار ونحوه (3) ففعله مكرها، لم يحنث) (4) لأن فعل المكره، غير منسوب إليه (5)(وإن حلف على نفسه، أو غيره ممن) يمتنع بيمينه و (يقصد منعه، كالزوجة والولد، أن لا يفعل شيئا، ففعله ناسيا أو جاهلا، حنث في الطلاق والعتاق) بفتح العين (فقط) أي دون اليمين بالله تعالى، والنذر والظهار، لأن الطلاق والعتاق حق آدمي، فلم يعذر فيه بالنسيان والجهل (6) .
(1) أي في حكم من فعل شيئا، ناسيا أو مكرها، أو فعل بعض المحلوف عليه، أو على من لا يمتنع بيمينه وغير ذلك.
(2)
ففعله مكرها، لم يحنث ولو حلف لا يعامل زيدا، فعامل وكيله، أو باعه حنث.
(3)
كقرية أو بستان أو حمام.
(4)
أي ففعل ما حلف على تركه، مكرها بضرب، أو أخذ مال يضره أو تهديد بقتل ونحوه، لم يحنث.
(5)
ويحنث بالاستدامة بعد الإكراه، أشبه ما لو دخل مختارا، ولو حلف لا يزوج ابنته، فزوجها الأبعد، أو الحاكم، حنث إن تسبب في التزويج، وإن لم يتسبب فلا، وإن كان المقصود أنها لا تتزوج، حنث بكل حال.
(6)
قال الشيخ: إذا حلف على إنسان قاصدا إكرامه، لا يحنث مطلقا إلا
إن كان قاصدا إلزامه، فإنه يحنث اهـ وأما إذا لم يقصد منعه، كما لو قال لزوجته، إن دخلت دار فلان، فأنت طالق، ولم يقصد منعها، وإنما قصد مجرد التعليق، فيقع الطلاق بدخولها، حيث كان، كمن لا يمتنع بيمينه.
كإتلاف المال والجناية (1) بخلاف اليمين بالله تعالى، فإنها حق الله تعالى، وقد رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان (2)(و) إن حلف (على من لا يمتنع بيمينه من سلطان وغيره) كالأجنبي لا يفعل شيئا (ففعله حنث) الحالف (مطلقا) سواء فعله المحلوف عليه، عامدا أو ناسيا، عالما أو جاهلا (3)
(1) أي: كما لا يعذر بإتلاف المال، على الآدمي، والجناية عليه بالنسيان والجهل، وقال الشيخ، وغيره: إذا حلف لا يفعل شيئا، ففعله ناسيا، أو جاهلا، بأنه المحلوف عليه، فلا حنث عليه، ولو في الطلاق والعتاق، وغيرهما، ويمينه باقية، نص عليه، ويدخل في ذلك من فعله متأولا، أو تقليدا لمن أفتاه، أو مقلدا لعالم ميت، مصيبا أو مخطئا.
قال: وقد ظن طائفة أنه إذا حلف بالطلاق، على أمر يعتقده، كما حلف، فتبين بخلافه، أنه يحنث، قولا واحدا، وهذا خطأ بل الخلاف في مذهب أحمد، ولو حلف على نفسه أو غيره، ليفعلن شيئا، فجهله أو نسيه، فلا حنث عليه، إذ لا فرق بين أن يتعذر المحلوف عليه، لعدم العلم، أو عدم القدرة.
(2)
قال تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وفي الحديث قال قد فعلت، وحديث «عفي عن أمتي الخطأ والنسيان» .
(3)
لإمكان فعل المحلوف عليه.
(وإن فعل هو) أي الحالف لا يفعل شيئًا، أو من لا يمتنع بيمينه، من سلطان أو أجنبي (أو غيره) أي غير من ذكر (ممن قصد منعه) كزوجة وولد (بعض ما حلف على كله)(1) كما لو حلف لا يأكل هذا الرغيف، فأكل بعضه (لم يحنث) لعدم وجود المحلوف عليه (ما لم تكن له نية) أو قرينة كما لو حلف لا يشرب ماء هذا النهر، فشرب منه، فإنه يحنث (2) .
(1) لم يحنث، قال الشيخ: لأن ما لا يمكن التحرز منه، لا يراد، ولا تقع اليمين عليه.
(2)
قال ابن القيم: ومن الحيل الباطلة لو حلف لا يأكل هذا الرغيف أو لا يسكن في الدار هذه السنة، أو لا يأكل هذا الطعام، قالوا: يأكل الرغيف ويدع منه لقمة واحدة، ويسكن السنة كلها إلا يوما واحدا، ويأكل الطعام كله، إلا القدر اليسير منه، ولو أنه لقمة وهذه حيلة باطلة باردة.
ومتى فعل ذلك فقد أتى بحقيقة الحنث، وفعل نفس ما حلف عليه، ثم يلزم هذا المتحيل أن يجوز للمكلف، كل ما نهى الشارع عن جملته، فيفعله إلا القدر اليسير منه، فإن البر والحنث في الإيمان، نظير الطاعة والمعصية في الأمر والنهي، ولذلك لا يبرأ إلا بفعل المحلوف عليه جميعه، لا بفعل بعضه، كما لا يكون مطيعا إلا بفعله جميعه، ويحنث بفعل بعضه، كما يعصي بفعل بعضه.