الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقديم
أ. د. عبد النّاصر أبو البصل
الحمد لله ربّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا وقدوتنا محمَّد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى أزواجه وأصحابه أجمعين، والتَّابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد، فلا شكَّ أنَّ الحديث عن خيْرِ القرونِ محبَّبٌ إلى النَّفس، ويلامسُ القَلْبَ، ونتسَّمُ من خلاله عرفاً طيِّباً نديّاً؛ كيف لا وهو ينقلنا إلى بيت النُّبوَّة، فنسمع أَقْوالَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتوجيهاتِه وحركاته وسكناته وما يحبّه وما يكرهه، ونعرف أسْلُوبَ حياته مَعَ أقاربه وجيرانه وزوجاته وبناته وأصحابه، نعرف عنه ما لا نعْرفه عن أنْفسنا.
نعم إنَّه حديث محبَّبٌ للنّفوس لأنَّه ينقلنا إلى أَرْوقةِ المدينة وميادين الجهاد الَّتي كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يخوضُ حُروبَهُ فيها، وإلى سَاحَاتِ الأسْواقِ الَّتي يتاجِرُ فيها.
وفي هذا الكتاب الَّذي جَعَلَ الباحِثُ الفاضِلُ الأستاذ أحمد محمود الشّوابكة محْوَرَه العامّ الحديث عن الصَّحابة الكرام الَّذين يعدّون الحلقة الأولى الَّتي تلقَّت الوحيَ ونقلته عن الرَّسول صلى الله عليه وسلم، ومحوره الخاصّ الحديث عن إحدى سيِّدات النُّبوَّة عن الصِّدِّيقة بنت الصِّدِّيق، الّتي كانت تمثِّلُ جانباً من جوانبِ مشاركة المرأة المسلمة في الدَّعوةِ والسِّياسة والتَّعليم والتَّوجيه والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر وفق رؤى اجتهاديَّة منهجيَّة تمثِّلُ مرحلة مِنْ مَراحلِ النُّضج العلميّ والفكريّ وصلت إليها السَّيِّدة عائشة وسائر نساء وسيّدات هذا البيت الطَّاهر.
كما تمثِّلُ السَّيِّدة عائشة ومن معها من الصَّحابة الَّذين كان لهم أثرٌ وفاعليّة في الحياة العامَّة في ذلك الجيل أنموذجاً حيّاً للتربية النَّبويَّة المباشرة؛ فهي زوجه وملازمته، وهي أصْغرُ نساء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم سِنّاً، وأكثرهنَّ رواية، ولعلَّ الحكمة من اجتماعِ هذه الصِّفات وغيرها في أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها جليَّة، فَمَنْ سيروي الأحاديثَ المتعلِّقة بالحياة الخاصَّة للرَّسول صلى الله عليه وسلم وأسرته، ومن سيلاحِظُ دقائقَ الأمور إن لم يكنْ في مثْلِ سنِّها رضي الله عنها، وفي مثْلِ ذكائها، ومَنْ ستكون لها القوَّةُ والجرْأَةُ لِتحاوِرَ وتأْمُر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقول رأيها بكلِّ قوَّة لما تعرفه مِنْ أَمْر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم غيرها رضي الله عنها؟ إنَّها مسْأَلة اختيار واصطفاء وتقدير من الله سبحانه وتعالى.
لا أقولُ مِنَ العجب، بل مِنْ غير المعقول ومِنْ أَغْرب الغرائب أنْ ينبري نفرٌ للتَّطاول على هذه السَّيِّدة على أمِّ المؤمنين رضي الله عنها وعن أبيها، غافلين أو متغافلين عن:
ـ مكانتها عند الرَّسول صلى الله عليه وسلم ومحبَّته الكبيرة لها والَّتي تحدَّث عنها صلى الله عليه وسلم بكلِّ صراحة ووضوح؛ ليضرب المثل الأعلى في الكمال البشريّ، حيث سُئِلَ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ أحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ".
ـ أنَّ القرآن الكريم نزل في بيتها بل والرَّسول صلى الله عليه وسلم نائم في فراشها ورأسه في حجرها وعلى صدرها.
ـ أنَّها بنت الصِّدِّيق رضي الله عنه، الّتي حَفِظَ الله تعالى بها كثيرًا من سُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم -
ـ أنَّه قد ثبت لها وصْفُ لقب أمّ المؤمنين الوارد في قوله الله أكبر: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (6)} [الأحزاب] فلها حقوق أمَّهات المؤمنين.
أ. د. عبد النّاصر أبو البصل
رئيس جامعة العلوم الإسلاميَّة العالميَّة
23/جمادى الأولى/1433 هـ
الأحد/15/نيسان/2012 م