الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ
(1)
،قَالَ:{فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)} [يوسف] "
(2)
وفي ذلك منْقَبة لعائشة شمَّاء، وفضيلة غرّاء؛ حيث صبرت صبراً جميلاً، كما قال تعالى:{فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا (5)} [المعارج] وفي تمثّلها بآي القرآن في النَّوازل خلق عظيم؛ فيا لهفي ولهف المؤمنين على مَنْ كان خلقه القرآن الكريم!
عائشة رضي الله عنها والصّفح الجميل
كذلك صفحت عائشة رضي الله عنها الصَّفح الجميل، كما قال تعالى:{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85)} [الحجر] فلمَّا سمعت رضي الله عنها عروة رضي الله عنه يسبُّ حسان بن ثابت رضي الله عنه بعد أن كثَّر عليها، أنكرت على عروة، وأمرته أن يكفَّ عن ذلك، ودافعت عن حسان بن ثابت رضي الله عنه، وذكرت من مناقبه أنَّه كان يدافع عن رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ويردُّ عنه القول والأذى، فمن طريق أبي أسامة، عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ:"أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَى عَائِشَةَ؛ فَسَبَبْتُهُ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتي، دَعْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم "
(3)
.
نعم، فهو شاعر الرَّسول صلى الله عليه وسلم، المؤيَّد بروح القدس، أخرج البخاريّ وغيره عن الزّهريّ، قال: أخبرني أبو سلمة بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ: " أَنْشُدُكَ الله، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:
(1)
لم تستحضر اسم يعقوب عليه السلام لما بها من الحزن أو البكاء.
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(م 3/ج 6/ص 8) كتاب التَّفسير.
(3)
مسلم "صحيح مسلم بشرح النّوويّ"(م 8/ج 16/ص 46) كتاب فضائل الصَّحابة.
يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ "
(1)
وعَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ: "اهْجُهُمْ ـ أَوْ هَاجِهِمْ ـ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ "
(2)
.
تحريم سبّ الصَّحابة رضي الله عنه
فليحذر الَّذين يقعون في أعراض الصَّحابة لأجل زلّات غُفِرَتْ، فعدالة الصَّحابة لا تعني أنَّهم معصومون عن الخطأ، قال صلى الله عليه وسلم:" كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، فَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ "
(3)
.
فما يدريك إذا أخطأ أحدهم أنَّه قد تَابَ، وتَابَ الله عليه، أو أنَّ الله تعالى قد غفر له بسابقته، أو أنَّ له حسنات يذهبْنَ السَّيِّئات، أو أنَّه حلَّت عليه الشَّفاعة، فالصَّحابة لا إله إلا اللهأحقُّ النَّاس بها.
ولذلك فإنَّ الخطأ منهم لا يبيح الطَّعن بهم والنَّيل منهم، فلهم مِن السَّوابق والفضائل والمناقب ما تُغْفَر بها الأخطاءُ، ولهم من الحسنات ما تُمْحى بها السَّيِّئاتِ ما ليس لأحد مِن بعدهم، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ "
(4)
.
فسبُّ الصَّحابة لا إله إلا الله محرَّم، وهو مِن الكبائر، ولا يستثنى مِن ذلك أيّاً مِن
(1)
البخاري "صحيح البخاري"(م 1/ج 1/ص 116) كتاب الصَّلاة.
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(م 2/ج 4/ص 79) كتاب بدء الخلق.
(3)
أحمد "المسند"(ج 11/ص 77/رقم 12983) وإسناده حسن.
(4)
البخاري "صحيح البخاري"(م 2/ج 4/ص 195) كتاب فضائل الصّحابة.