المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من معالم الهدى في الفتن - الأثر الثمين في نصرة عائشة - رضي الله عنها - أم المؤمنين

[أحمد محمود الشوابكة]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌تقديمأ. د. عبد النّاصر أبو البصل

- ‌تقديمأ. د. محمود السّرطاوي

- ‌تقديمأ. د. أحمد نوفل

- ‌تقديمد. محمّد ملكاوي

- ‌تقديمأ. د. عبد المقصود حامد

- ‌المقدّمة

- ‌القسم الأوَّلترجمة عائشة رضي الله عنها

- ‌نسبها

- ‌مولدها

- ‌أمّها أمّ رومان

- ‌إخوتها

- ‌نشأتها

- ‌الهجرة

- ‌بناء النبي صلى الله عليه وسلم بها رضي الله عنها ووصف زفافها

- ‌إتيان الملك النّبيّ صلى الله عليه وسلم بصورة عائشة رضي الله عنها قبل أن يتزوجها في سرقة من حرير

- ‌صفة عائشة رضي الله عنها

- ‌صداق عائشة رضي الله عنها

- ‌قَسَم النّبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ليلتين وليلة لسائر نسائه

- ‌حجرتها رضي الله عنها

- ‌صفة أثاث حجرتها رضي الله عنها

- ‌العلامة الّتي كان يعرف بها النّبيّ صلى الله عليه وسلم رضاها وغضبها

- ‌غيرتها رضي الله عنها

- ‌فضل عائشة رضي الله عنها على سائر النّساء

- ‌أحب الناس إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها

- ‌الأمر بمحبّة عائشة رضي الله عنها

- ‌نزول الوحي عليه السلام على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها دون سائر نسائه

- ‌رؤية عائشة رضي الله عنها للوحي عليه السلام على صورة دحية الكلبي رضي الله عنه

- ‌البرهان بأنّ جبريل عليه السلام أقرأ عائشة رضي الله عنها السّلام

- ‌جهادها رضي الله عنها

- ‌سبب كنيتها بأم عبد الله

- ‌من نعم الله عليها

- ‌القدر الّذي مكثت فيه عائشة رضي الله عنها عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌عبادتها رضي الله عنها وخوفها من الله تعالى

- ‌فصاحتها رضي الله عنها

- ‌وفاتها والصّلاة عليها ودفنها

- ‌القسم الثَّانيحديث الإفك

- ‌أذى المنافقين لسيّد المرسلين صلى الله عليه وسلم في عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها

- ‌أربعة وردت براءتهم في القرآن الكريم

- ‌حديث الإفك

- ‌موقف أمّ رومان رضي الله عنها من الإفك

- ‌موقف أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه

- ‌موقف أمّهات المؤمنين رضي الله عنهن

- ‌موقف أسامة بن زيد رضي الله عنه

- ‌موقف عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌موقف الخادمة بريرة رضي الله عنها

- ‌موقف النّبيّ صلى الله عليه وسلم

- ‌موقف أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌من ردّ عن عرض أخيه

- ‌الحِكمة من لبوث الوحي

- ‌عائشة رضي الله عنها تتمثَّل آي القرآن في النّوازل

- ‌عائشة رضي الله عنها والصّفح الجميل

- ‌مَن تكلّم ومَن تولّى كبره

- ‌نزول الوحي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في بيت أبي بكر رضي الله عنه ببراءتها رضي الله عنها

- ‌عائشة رضي الله عنها تضيف معرفة النّعمة بكلّيتها إلى الخالق دون الخلق

- ‌أبو بكر الصديق رضي الله عنه يعفو عن مسطح رضي الله عنه ويصفح

- ‌الحُكم فيمن قذف طيّبة طابة رضي الله عنها بعد أن أنزل الله تعالى براءتها

- ‌الآيات العشر في براءة عائشة رضي الله عنها

- ‌من دلالات الآيات وعظاتها وهداياتها

- ‌القواعد الحسان لمن سمع حديث الإفك والبهتان

- ‌الحكمة من نزول براءة عائشة رضي الله عنها وحياً يتلى

- ‌لم يؤذون عائشة رضي الله عنها

- ‌ثلاث من كن فيه كن عليه

- ‌قذف المحصنات من السّبع الموبقات

- ‌حصان رزان

- ‌ما هي بأَوَّل بركتكم يا آلَ أَبِي بكر

- ‌القسم الثّالثنفحات من استدراكات أمّ المؤمنين رضي الله عنها

- ‌رجوع الصّحابة رضي الله عنهم إليها رضي الله عنها

- ‌استدراكها رضي الله عنها ومقاييس نقد الحديث عندها

- ‌القسم الرّابعحادثة الجمل

- ‌الفتنة الأولى: مقتل عثمان رضي الله عنه

- ‌مسير عائشة رضي الله عنها إلى البصرة وعذرها

- ‌مغفرة الله تعالى ذنوب عائشة رضي الله عنها ما تقدّم منها وما تأخَّر

- ‌عائشة رضي الله عنها وإصلاح ذات البين

- ‌الأمر بالإصلاح في القرآن الكريم

- ‌شهادة عمَّار رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها

- ‌الدّليل على أن خروج عائشة رضي الله عنها ومن معها كان للإصلاح

- ‌الرَّدُّ على من احتجَّ على خروج عائشة رضي الله عنها بقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}

- ‌عليّ رضي الله عنه يستنفر أهل الكوفة ليعيد عائشة رضي الله عنها إلى مأمنها

- ‌المنافقون يوقعون الفتنة بين الحيّين

- ‌عائشة رضي الله عنها تنهى عن القتال يوم الجمل

- ‌قتلى الجمل وزمن القتال

- ‌ما قاله عمار رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها حين فرغ من الجمل

- ‌مسير عائشة رضي الله عنها كان قدراً

- ‌الخطأ في الاجتهاد لا يبيح الطعن في صاحبه

- ‌محاسن من أمسك عن الوقوع في الصّحابة رضي الله عنهم وسكت عمّا شجر بينهم

- ‌القسم الخامسصدّ عاديات الأدعياء عن زوج سيّد الأنبياء صلى الله عليه وسلم

- ‌إثم من يحدِّث بكلِّ ما سمع

- ‌نقض قولهم: إنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أشار إلى بيت عائشة رضي الله عنها وقال: هنا الفتنة

- ‌نقض قولهم: عائشة رضي الله عنها كانت سبباً في طلاق الْجَوْنِيَّةِ وموتها كمدا

- ‌نقض قولهم: لم ينزل في عائشة رضي الله عنها شيء من القرآن

- ‌نقض قولهم: عائشة رضي الله عنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا لا في الآخرة

- ‌أحاديث موضوعة في حقِّ عائشة رضي الله عنها

- ‌ماذا قال ابنُ عبّاس رضي الله عنه حين اشتكت عائشة رضي الله عنها وحين حضرتها الوفاة

- ‌أدلّة العدالة

- ‌الصّحابة رضي الله عنهم شهداء الله تعالى

- ‌ تحذير النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من دعاة لا يهتدون بهداه ولا يستنون بسنته

- ‌إثم من دعا إلى ضلالة أو سنّ سنّة سيّئة

- ‌موعظة النّبيّ صلى الله عليه وسلم الّتي ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ

- ‌القسم السّابعالاختلاف

- ‌فقه الخلاف في حياة الصّحابة رضي الله عنهم

- ‌أدب الخلاف بين الصَّحابة رضي الله عنهم

- ‌كره الصّحابة رضي الله عنهم للخلاف

- ‌فقه الخلاف في النّوازل

- ‌أنواع الاختلاف

- ‌النّهي عن الاختلاف والأمر بالاجتماع أصلان عظيمان في القرآن

- ‌دلالة عطف النهي على الأمر

- ‌إخبار النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن افتراق أمّته والتّنصيص على وحدتها

- ‌التّعصّب إلى الفرق يزيد من الفرقة

- ‌ما ينبغي أن يكون عليه المسلم عند الاختلاف

- ‌الحاجة إلى فقه الخلاف

- ‌الشفاء من كلّ خلاف مشكل وداء معضل

- ‌القسم الثّامنالفتن

- ‌معنى الفتنة

- ‌المعاني التي يحتملها لفظ الفتنة في القرآن الكريم

- ‌ظهور الفتن بموت الخليفة عمر رضي الله عنه

- ‌فتنة الرّجل عن دينه

- ‌التّحذير من الفتن

- ‌البيان بأن على الإنسان عِنْدَ الْفِتَنِ العمياء أن يكسر سيفه ويكون مقتولا

- ‌الدعاة إلى الفتن هم الدّعاة إلى النّار

- ‌الفتن لا تزال إلى يوم القيامة

- ‌تغبيط أهل القبور وتمني الموت عند نزول الفتن خشية ذهاب الدّين

- ‌من أسباب الاختلاف وظهور الفتن

- ‌من معالم الهدى في الفتن

- ‌وقفات وبعثات الفتنة

- ‌مثل الفتنة

- ‌من شهد الفتنة كارها ومن غاب عنها فرضيها

- ‌الله الله في الدّماء

- ‌أفلح من كفّ يده

- ‌الخاتمة

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌من معالم الهدى في الفتن

بلا أخوَّة فاعلم أنَّه إيمانٌ ناقص.

ومن لوازمها ألّا يشوبها شيء من الحقد والضّغن والكراهية والتَّحاسد والتَّدابر لأتفه الأسباب وأهونها، فما أقبح القلب العليل، والفكر الكليل! وما أجمل سلامة الصَّدر، والودَّ القويم! وكفى ناهياً وواعظاً قوله تعالى:{إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)} [الشّعراء].

وقد جمع الصَّحابة رضي الله عنهم بين الصُّحبة والأخوَّة، ولم يَبْقَ لنا إلَّا الأخوَّة،

فلنكن إخواناً، وأيّ خير فيمن لا أخوَّة له؟! قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (10)} [الحجرات]، وقال صلى الله عليه وسلم:"وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَانًا"

(1)

.

واعلم أنَّ عباد الله متى كانوا إخواناً، جمع الله تعالى بينهم، وألَّف بين قلوبهم، ومتى لم يكونوا كذلك، فرَّق الشّيطان شملهم، وألقى العداوة بينهم.

‌من معالم الهدى في الفتن

من معالم الهدى في الفتن اجتنابها والابتعاد عنها، فقد نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن السَّعي في الفتن، فقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهاً

(2)

"

(3)

.

(1)

البخاريّ "صحيح البخاري"(م 4/ج 7/ص 88) كتاب الأدب.

(2)

كَلمة للتَّلَهُّف، وقد توضَع مَوْضِعَ الإعْجاب بالشيء:"لسان العرب"(ج 1/ص 256).

(3)

ابن أبي داود "سنن أبي داود"(ج 5/ص 20/رقم 4262) كتاب الفتن، وإسناده صحيح وصحّحه الألباني في " الصّحيحة"(م 2/ص 703/رقم 975) المكتب الإسلامي، وصحّحه في "مشكاة المصابيح"(ج 3/ص 11/رقم 5405).

ص: 240

ويلاحظ التوكيد اللَّفظي، وفائدته تقرير المؤكَّد وتمكينه في النَّفس مبالغة في تأكيد الابتعاد عن الفتنة. وحريّ بمن ابتُلي بها أن يصبر على الأذى، فإن صبر فطوبى له، فليس أطيب حينها مِنْ الصَّبر وسعة الصَّدر!

ويلاحظ في الفتن انشغال النَّاس بها، وترك العبادة، فمن معالم الهدى حينئذ الانقطاع إلى عبادة الله، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"العِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ "

(1)

.

وسبب فضل العبادة في الهرج وكثرة الثَّواب أنَّ أكثر النَّاس ينشغلون عنها

ويغفلون ويذهلون. فمن فرَّ بدينه واعتصم بالله تعالى، ولزم أمراً قد أغفله النَّاس،

فأجره كأجر المهاجر إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وفيه فضيلة ظاهرة للمهاجرين، وما فازوا به مِن الأجر العظيم.

وقد جاء فضل الهجرة صريحاً في الكتاب والسُّنَّة، فمّما جاء في التَّنزيل، قوله تعالى:{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} [النّساء]. وممَّا جاء في السُّنَّة ما أخرجه مسلم عن ابْنِ شَمَاسَةَ المَهْرِيِّ من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه عندما جاء يبايع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وأراد أن يشترط أن يُغْفَرَ له، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:

" أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَأَنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا،

(1)

مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي"(م 9/ج 18/ص 88) كتاب الفتن.

ص: 241

وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ"

(1)

. فهذه الأعمال الثلاثة تُسْقِطُ الذُّنوبَ الَّتي تقدَّمَتْهَا وتجبُّها كلَّها.

ومن معالم الهدى أن يجتنب المسلم العجلة والخفَّة والإسراع إلى الفتن، ويَلْزَم التُّؤَدَة والتَّأني والرِّفق والسَّكينة والأَناة، فالعجول زاده الخطأ، فَقَلَّ مَنْ عَجِلَ في أمر إلَّا أخطأ قصد السَّبيل.

أخرج البخاري في الأدب المفرد وصيَّة للخليفة عليّ رضي الله عنه بإسناد صحيح

عن حكيم، قَال سمعت عَليّاً رضي الله عنه، يقول: "لا تَكُونُوا عُجُلاً

(2)

، مَذاييعَ

(3)

بُذُرَاً

(4)

، فَإنَّ مِن وَرائِكُم بَلاءً مُبْرَحَاً مُكلحاً

(5)

، وأموراً متماحِلةً رُدُحاً"

(6)

.

بدأ عليّ رضي الله عنه وصيَّته بالنَّهي عن العجلة في ملابسة الفتن، لأنَّ الفتنة مَنْ تشوَّف وتطلَّع إليها تدعوه إلى الوقوع فيها، وتصيبه بشرورها، قال صلى الله عليه وسلم:"سَتَكُونُ فِتَنٌ: القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ القَائِمِ، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الماشِي، وَالماشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لها تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا، فَلْيَعُذْ بِهِ"

(7)

.

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إنها ستكونُ هَنَات وأمور مشبهات،

(1)

مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ "(م 1/ج 2/ص 138) كتاب الإيمان.

(2)

من العجلة.

(3)

جمع مذياع، وهو من أذاع الشّيء.

(4)

لا يكتم سرّاً.

(5)

يجعل النَّاس كالحين عابسين.

(6)

البخاري" الأدب المفرد"(ص 155/رقم 327) كتاب حسن الخلق، باب العيَّاب.

(7)

البخاري "صحيح البخاري"(م 2/ج 4/ص 177) كتاب المناقب.

ص: 242

فعليك بالتُّؤَدَةِ؛ فتكون تابعاً في الخير، خير من أن تكونَ رأساً في الشَّرِّ"

(1)

.

ومن معالم الهدى والعصمة أن يمسك المرء لسانه سيَّما في زمن الفتن؛ فالفتنة مَبْدَاها باللِّسان، ووقع اللِّسانِ فيها أشدُّ مِنَ السِّنان، وقد سَأَلَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ رضي الله عنه النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، وقال له يا رسُولَ الله، ما النَّجاةُ؟ قال:"أَمْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ"

(2)

.

وعن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، قال:"والله الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، مَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ شَيْءٌ أَحْوَجُ إِلَى طُولِ سِجْنٍ مِنْ لِسَانٍ"

(3)

.

ومن معالم الهدى معرفة سبيل المجرمين من سبيل المؤمنين خوفاً من الوقوع في سبيلهم، وقد فصَّل الله تعالى في كتابه السَّبيلين؛ ليستبين العبد الخير مِنَ الشَّرِّ، والضَّلال من الهدى، والمعروف من المنكر، والسُّنَّة من البدعة، والحلال مِن الحرام، والجاهلية من الإسلام، قال تعالى:{وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55)} [الأنعام]، وقال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى (115)} [النّساء].

وليس لأحد حجَّة، فقد هدى الله الإنسان النَّجدين، وبيَّن له سبيل الخير والشَّرِّ، وطريق السَّعادة والشَّقاء في الدَّارين، قال تعالى:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)}

(1)

ابن أبي شيبة "مصنف ابن أبي شيبة"(ج 8/ص 604) كتاب الفتن.

(2)

أحمد "المسند"(ج 16/ص 244/رقم 22136) وإسناده حسن.

(3)

أبو نعيم "حلية الأولياء"(م 1/ص 131) رواه الطّبراني موقوفاً بإسناد صحيح.

ص: 243