الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوْجَتُكَ فِي الدُّنيا والآخرة"
(1)
.
وما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها: أنّ رسول الله ذكر فاطمة رضي الله عنها، قَالَتْ: فَتَكَلَّمْتُ أَنَا فَقَالَ: "أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟ قُلْتُ: بَلَى والله، قَالَ: فَأَنْتِ زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"
(2)
.
أمَّا من زعم أنّ عائشة رضي الله عنها ظهر منها في حياته صلى الله عليه وسلم ما يوجب كفْرها، فيدحضه قوله تعالى:{وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (10)} [الممتحنة].فلو ظهر منها شيء من ذلك ما أمسك النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بعصمتها.
هذا وهناك مطاعن أخرى، وشبهات لا تكاد تنقضي، وحسبنا ما رددنا عليه، ليَقِفَ العاقلُ على أطلالِ الباطل، ويطَّلع على آثارِ فِكْرٍ عاطل، لتبقى النَّفسُ مستكينةً للحقِّ مُبْصِرةً للصِّدق، والحقُّ أحقُّ أن يتَّبع، والباطل حقيق بأَنْ يُتْرَكَ ولا يستمع، وفيما أشرت غنى لمن وفَّقه الله تعالى ووعى، وفيما رويناه عن عائشة أصدق ردّ وأبلغه.
أحاديث موضوعة في حقِّ عائشة رضي الله عنها
-
ولَّد المولِّدون، ووضع الوضَّاعون أحاديث كثيرة يطعنون بها على عائشة رضي الله عنها وغيرها حتَّى شبعوا من لحوم الغوافل، وأذاعَ وأشَاعَ هذه الأخبار مَنْ ضيَّع وأضاع، ولعمر الله لو تابوا وأصلحوا لكان خيراً لهم، فويل لآكلي لحوم النَّاس،
(1)
الألباني "التّعليقات الحسان على صحيح ابن حبّان"(ج 10/ص 180/رقم 7052).
(2)
الحاكم "المستدرك"(ج 4/ص 10) كتاب معرفة الصّحابة، وقال الحاكم: الحديث صحيح ولم يخرّجاه، ووافقه الذّهبي.
{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)} [الهمزة].
ومِن هذه الأحاديث: " خذوا شَطْرَ دينكم عَنْ هذه الحميراء "
(1)
وهو موضوع، ومنها حديث:"يا حميراء، لا تغتسلي بالماء المشْمِس، فإنَّه يُورِثُ البرص"
(2)
. وحديث: "يا عائشة، اتخذت الدُّنيا بطنك؟! أكثر من أكلة كلّ يومٍ سرف، والله لا يحبُّ المسْرِفين"
(3)
. وحديث: "يا عائشة، اهجري المعاصي، فإنَّها أفْضَلُ من الهجرة، وحافظي على الصَّلاة، فإنَّها أفْضَلُ مِنَ الجهاد"
(4)
.
ومنها أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة و فاطمة، وقد جرى بينهما كلام، فقال صلى الله عليه وسلم:"ما أَنْتِ بمنتهية يا حميراء عن ابنتي؟ إنَّ مثلي ومثلك كأبي زرع مع أم زرع "
(5)
. ومنها: "إذا أردت اللّحوق بي، فليكفك مِن الدُّنيا كزاد الراكب، وإيَّاكِ ومجالسةَ الأغنياءِ، ولا تستخلقي ثوباً حتى ترقعيه"
(6)
. وهناك أحاديث
(1)
الألباني: " الضّعيفة "(م 14/ص 76/رقم 6532) وقال الألباني: منكر.
(2)
ابن القيم "المنار المنيف"(ص 57) وهو حديث باطل.
(3)
الألباني: " الضّعيفة "(ج 1/ص 423/رقم 257)، وقال: موضوع.
(4)
الألباني: " الضّعيفة "(ج 11/ص 201/رقم 5119) وقال: منكر.
(5)
الألباني: " الضّعيفة "(م 14/ص 76/رقم 6532) وقال الألباني: منكر.
(6)
التّرمذي: "ضعيف سنن التّرمذي"(ص 201) كتاب الّلباس، وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث صالح بن حسّان، وصحّحه الحاكم في "المستدرك"(ج 4/ص 312) وفي سنده سعيد بن محمّد الورَّاق، قال عنه الحافظ: ضعيف "تقريب التّهذيب"(ص 240/رقم 2387)، وقال الذّهبي في تلخيص المستدرك: الورّاق عَدَم. وأورده الألباني في: " الضّعيفة "(ج 3/ص 457/رقم 1294) وقال: ضعيف جداً.
أخرى، وفيما ذكرنا غِنَى لمن وَعَى وارْعَوى.
هذا وليس أبغض إلى الوضَّاعين مِن أهل الحديث، الَّذين نخلوا الرِّوايات
وميَّزوا الطَّيِّبَ مِن الخبيث، وقد أحسن القائل:
أَهْلُ الْحَدِيثِ هُمُ أَهْلُ النَّبِيِّ وَإِنْ لَمْ يَصْحَبُوا نَفْسَهُ أَنْفَاسَهُ صَحِبُوا
فطوبى لأهل الحديث الَّذين دعا لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالنّضرة، فقال:" نَضَّرَ الله امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ، فَإِنَّهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ منه"
(1)
.
ويا حسرة على مَن يظنّ أنَّ الكذب يفيء عليه مغنماً، أو أنَّ الصِّدق يخسر فيه درهماً، أو يجرّ عليه مغرماً؛ فلو جاء يوم القيامة بكلّ معذرة يعتذر بها ما تقبّل منه، {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)} [القيامة].
ويفتّ في عضدك، ويقلق مرقدك، أن تجد مَنْ يتأشَّب إلى الوضَّاعين الّذين مَا اشْتَمَلَتِ النِّسَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَكْذَبَ مِنْهم، ويقتفي أثرهم وينشر خبرهم.
لقد خسر الَّذين اكتتبوا هذه الأحاديث، ويمّموا وجوه النَّاس إليها، وجعلوا كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم:{فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)} [البقرة].
أين تذهب عنهم هذه الآيات: {إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)} [يونس]، {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ (12)} [يس]، {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ
(1)
أحمد "المسند"(ج 16/ص 32/رقم 21482) وإسناده صحيح.