الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
مِنْ أَحَبِّ الخُطَى إلى الله تعالى خُطَى تَسْعَى في رَأْبِ الصَّدع، وإصلاح ذات البين، ولمّ الشَّعث، وجمع الشَّمل.
إنَّ الإصلاح مِن عمل المرسلين، قال شعيب عليه السلام:{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)} [هود]، {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142)} [الأعراف]، وعن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ اقْتَتَلُوا حَتَّى تَرَامَوْا بِالحِجَارَةِ،
فَأُخْبِرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ، فَقَالَ:"اذْهَبُوا بِنَا نُصْلِحُ بَيْنَهُمْ"
(1)
.
ولا يتصدَّر لإصلاح الحال والمآل إلَّا الَّذين وفَّقهم الله تعالى وَصَفَتْ قلوبُهم. والآيات الكريمة والأحاديث الشَّريفة تدلّ على أنَّ الإصلاح أحبّ إلى الله تعالى ورسوله من الخلاف، وفي مدح النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما ما يشهد لذلك،
قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ ابْنِي هَذَا لَسَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ"
(2)
.
وإذا ذُكِر الإصلاحُ ذُكِرت عائشة رضي الله عنها زوج سيِّد المصلحين وإِمَام المرسلين صلى الله عليه وسلم، فهي تعلم أنَّ الله تعالى نَدَبَ إلى الإصلاح بين النَّاس، وقال:{أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ (224)} [البقرة]، وبيّن ثوابه، فقال: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ
(1)
البخاري "صحيح البخاري"(م 2/ج 3/ص 166) كتاب الصّلح.
(2)
البخاري "صحيح البخاري"(م 4/ج 8/ص 99) كتاب الفتن.
أَجْرًا عَظِيمًا (114)} [النساء]. وانظر كيف قَرَنَ الله بين التَّقوى والإصلاح، فقال:{فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)} [الأعراف]، وقَرَنَ بين الإيمان والإصلاح، فقال:{فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48)} [الأنعام] فلا يقوم به إلّا مؤمن تقيّ.
وما زال هناك مَنْ يكذِّب المصلح، ويصدِّق المفسد، وقد قَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
" لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْراً، أَوْ يَقُولُ خَيْراً "
(1)
.
اللهُمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أيَّامنا يوم لقائك، اللهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ، وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحينَ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَفْتُونِينَ.
اللَّهمَّ احشرْنا مع زمْرة نبيِّنا وتحت لواء حبيبنا صلى الله عليه وسلم، واجعل عملنا هذا ذخيرة نجدها:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا (30)} [آل عمران]، وآخر دعوانا {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)} [يونس].
* * *
(1)
البخاري "صحيح البخاري"(م 2/ج 3/ص 166) كتاب الصّلح.