الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَصْحَابِ محمَّد صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض"
(1)
.
وقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: "كانت عائشةُ أفْقَهَ النَّاسِ، وأعلمَ النَّاسِ، وأَحْسَنَ النَّاسِ رأياً في العامَّةِ"
(2)
، وقال أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عن أبيه:" ما أَشْكَلَ علينا أَمْرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وَجَدْنا عندها فيه عِلْماً "
(3)
، وقال هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ:"ما رأيْتُ امرأةً أعلم بطبٍّ ولا بفقهٍ ولا بشعر مِن عائشة"
(4)
، وقال الزُّهْرِيُّ:"لو جُمِعَ عِلْمُ نساء هذه الأمَّةِ فيهنَّ أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم كان عِلْمُ عائشة أكثرَ من علمهنّ"
(5)
.
نقض قولهم: لم ينزل في عائشة رضي الله عنها شيء من القرآن
قالوا: لم ينزل في آل أبي بكر شيء من القرآن، فضلاً عن أن ينزل في عائشة، لما روى البخاري عن عائشة، قالت:"مَا أَنْزَلَ الله فِينَا شَيْئاً مِنْ الْقُرْآنِ".
قلتُ: هذا كلام مَنْ لم يتعلَّم الوقف والوصل، فهو يقف على كلام لم يتمَّ معناه لتعلّقه بما بعده لفظاً ومعنى، وهذا وقف قبيح لأنَّه أفاد معنى غير مراد
(1)
الهيثمي "مجمع الزّوائد"(ج 9/ص 242)، وقال: رواه الطّبراني وإسناده حسن. وأخرجه الحاكم في "المستدرك"(ج 4/ص 11) كتاب معرفة الصّحابة.
(2)
ابن حجر "الإصابة"(م 4/ج 8/ص 140/رقم 701) كتاب النّساء.
(3)
المرجع السّابق.
(4)
الهيثمي "مجمع الزّوائد"(ج 9/ص 242) وقال: رواه الطّبراني وإسناده حسن.
(5)
المرجع السّابق، وقال الهيثمي: رواه الطّبراني مرسلاً ورجاله ثقات. وأخرج نحوه الحاكم في "المستدرك"(ج 4/ص 11) كتاب معرفة الصَّحابة، وقال الذّهبي في التَّلخيص: على شرط البخاري ومسلم.
لتوقُّف ما بعده عليه ليتمَّ به المعنى، فالرِّواية عند البخاري عن يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ قَالَ:"كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الْحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ، فَخَطَبَ فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ؛ لِكَيْ يُبَايَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا، فَقَالَ خُذُوهُ فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ الله فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي (17)} [الأحقاف] فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ الله فِينَا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ، إِلَّا أَنَّ الله أَنْزَلَ عُذْرِي"
(1)
.
فمراد عائشة رضي الله عنها أنَّه لم ينزل في ذمِّهم شيء من القرآن، وإنَّما نزل عذرها وبراءتها ممَّا نَسَبَ أهلُ الإفك. فالوقف والابتداء قد يحيل الكلام إلى معنى غير مقصود، ومَنْ تعمَّد ذلك {فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ (117)} [المؤمنون].
ومنهم مَنْ شَغَبَ، فقال: قَوْلها: "مَا أَنْزَلَ الله فِينَا" يدلُّك على أنَّ قوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ (40)} [التَّوبة] ليس المراد به أبا بكر رضي الله عنه، وليس كما زعم، فالمراد بقول عائشة:"فِينَا" أي في بني (أولاد) أبي بكر، لا في أبي بكر وآله،
ثمَّ إنَّها تنفي نزول آيات في ذمّهم، ولا تنفي نزول آيات بالكليَّة.
فالصِّدِّيق رضي الله عنه صاحب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحضر والأسفار، وجاره في الرَّوضة الشَّريفة المحاطة بالأنوار، نزل فيه قوله تعالى:{ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ (40)} [التّوبة]، وقوله تعالى:{وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ (22)} [النّور]، وقوله:{وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)} [الّليل].
(1)
البخاري "صحيح البخاري"(م 3/ج 6/ص 42) كتاب التَّفسير.