الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بناء النبي صلى الله عليه وسلم بها رضي الله عنها ووصف زفافها
كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم تزوَّج من عائشة رضي الله عنها مُتَوَفَّى خَدِيجَةَ رضي الله عنها، قبل الهجرة بسنتين أو ثلاث، وبعد الهجرة بنى بها بالمدينة أوَّل مقدمه في السَّنة الأولى، تقول عَائِشَةُ رضي الله عنها:
" فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ، وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا، لَا أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لَأُنْهِجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي، ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ضُحىً، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ"
(1)
.
ومن فقه الحديث جواز تزويج الأب لابنته الصَّغيرة، ومشروعيَّة اجتماع النِّساء لإعلان النّكاح، واستحباب الدُّعاء بالخير والبركة للزّوجين ممَّن حضر الدَّعوة، وأنَّ تهنئة النّكاح لها صيغ مشروعة، فقد نهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُقالَ للمتزوِّج: بِالرِّفَاءِ
(2)
وَالْبَنِينَ، تهنئة الجاهليَّة كما تقول العامّة اليوم على عادة الجاهليَّة.
روى أحمد عنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ
(1)
البخاري "صحيح البخاري"(م 2/ج 4/ص 251) كتاب المناقب.
(2)
بِالِالْتِئَامِ والاتِّفاقِ وحُسْنِ الِاجْتِمَاعِ والطُّمَأنينةِ.
بَنِي جُشَمَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ القَوْمُ، فَقَالُوا: "بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، فَقَالَ: لَا تَقُولُوا ذَلِكَ
(1)
، قَالُوا: فَمَا نَقُولُ يَا أَبَا يَزِيدَ؟ قَالَ: قُولُوا: بَارَكَ اللهُ لَكُمْ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ؛ إِنَّا كَذَلِكَ كُنَّا نُؤْمَرُ"
(2)
.
هذا وقد قدَّم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ولصواحبها اللَّبن، ملاطفة لها، فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا وَاسْتَحْيَتْ منه، ففي حديث أَسْمَاء بِنْت يَزِيدَ بْن السَّكَنِ، قالت:
وإِنِّي قَيَّنْتُ (زيَّنت) عَائِشَةَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جِئْتُهُ، فَدَعَوْتُهُ لِجِلْوَتِهَا
(3)
، فَجَاءَ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهَا، فَأُتِيَ بِعُسِّ لَبَنٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا وَاسْتَحْيَتْ. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَانْتَهَرْتُها، وَقُلْتُ لَهَا: خُذِي مِنْ يَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: فَأَخَذَتْ، فَشَرِبَتْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ لها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَعْطِي تِرْبَكِ"
(4)
.
وقد تغيَّر حال النّساء كثيراً في عهدنا عن عهد النُّبوَّة، وهذه عائشة رضي الله عنها، تقول:" لَوْ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ المَسْجِدَ"
(5)
.
فإذا كان حال النّساء قد تغيَّر في حياة عائشة رضي الله عنها من لبس الزِّينة وحسن الثياب، فالحال بعد موت عائشة رضي الله عنها أبعد مِنْ ذلك!
(1)
لعلّ علّة النّهي عن تهنئة الجاهليّة أنّها خلت من اسم الله تعالى.
(2)
أحمد "المسند"(ج 2/ص 354/رقم 1739) وإسناده صحيح.
(3)
أي للنّظر إليها.
(4)
أحمد "المسند"(ج 18/ص 596/رقم 27463) وقال الألباني: أخرجه أحمد مطوّلاً ومختصراً بإسنادين يقوّي أحدهما الآخر "آداب الزّفاف"(ص 7).
(5)
مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي"(م 2/ج 4/ص 164) كتاب الصَّلاة.