الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى: (والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهدوا
…
) الآ ية.
[البقرة: 177] ، والآيات في الباب كثيرة معروفة.
414 -
وروينا في كتاب ابن السني، عن خوّات بن جُبير رضي الله عنه، قال: مرضتُ، فعادَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال:" صَحَّ الجِسْمُ يا خَوَّاتُ، قلت: وجسمُك يا رسول الله، قال: فَفِ الله بما وعدته، قلت: ما وعدتُ الله عز وجل شيئاً، قال: بَلى إنَّهُ مَا منْ عَبْدٍ يَمْرَضُ إِلَاّ أحْدَثَ اللَّهَ عز وجل خَيْراً فَفِ الله بما وعدته ".
(بابُ ما يقولُه من أَيِسَ من حَياتِه)
415 -
روينا في كتاب الترمذي، وسنن ابن ماجه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو في الموت، وعنده قدحٌ فيه ماء، وهو يُدْخِلُ يدَه في القدح، ثم يمسحُ وجهَه بالماء، ثم يقولُ:" اللَّهُمَّ أعِنِّي على غَمَرَاتِ المَوْتِ، وَسَكَرَاتِ المَوْتِ "(1) .
416 -
وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو مستندٌ إليّ يقولُ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي، وَارْحَمْنِي، وألحِقْني بالرَّفِيقِ الأعْلَى ".
ويستحبّ أن يكثرَ من القرآن والأذكار، ويُكره له الجزع، وسوء الخلق، والشتم، والمخاصمة، والمنازعة في غير الأمور الدينية.
ويُستحبّ أن يكونَ شاكراً لله تعالى بقلبه ولسانه، ويستحضر في ذهنه أن هذا الوقت آخرُ أوقاتِه من الدنيا، فيجتهدُ على ختمها بخير، ويبادر إلى أداء الحقوق إلى
أهلها: من ردّ المظالم والودائع والعواري، واستحلال أهله: من زوجته، ووالديه،
(1) ووقع ذكر سكرات الموت في حديث آخر لعائشةَ رضي الله عنها أخرجه البخاري عن عائشة قالت: مِنْ نِعْمَةِ اللَّه علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري
…
الخ.
وفيه: ويقول: إن للموت سكرات.
قال ابن علاّن في شرح الأذكار: قال الطبراني: في تشديد الموت على الأنبياء فائدتان إحداهما: تكميل فضائلهم ورفع درجاتهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً، بل هو كما جاء: إن أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، والثانية: أن يعرف الخلقُ مقدار ألم الموت، فقد يطلع الإِنسان على بعض الموتى، ولا يريى عليه حركة ولا قلقاً ويرى سهولة خروج روحه فيظن الأمر سهلاً، ولا يعرفُ ما الميتُ فيه، فلما ذكرَ الأنبياء الصادقون شرة الموت مع كرامتهم على الله سبحانه وتعالى قطعَ الخلقُ بشدة الموت الذي يقاسيه الميت مطلقاً لإِخبار الصادق عنه، ما خلا الشهيد قتيل الكفّار على ما ثبت في الحديث.
(*)
وأولاده، وغلمانه، وجيرانه، وأصدقائه، وكل من كانت بينه وبينه معاملة أو مصاحبة، أو تعلّق في شئ.
وينبغي أن يوصيَ بأمورِ أولادِه إن لم يكن لهم جدٌّ يَصلحُ للولاية، ويُوصي بما لا يتمكن من فعله في الحال، من قضاء بعض الديون ونحو ذلك.
وأن يكون حسنَ الظنّ بالله سبحانه وتعالى أنه يرحمَه، ويستحضر في ذهنه أنه حقير في مخلوقات الله تعالى، وأنْ الله تعالى غنّي عن عذابه وعن طاعته، وأنه عبدُه، ولا يطلبُ العفوَ والإحسان والصفح والامتنان إلا منه.
ويستحبّ أن يكون مُتعاهداً نفسه بقراءة آياتٍ من القرآن العزيز في الرجاء، ويقرؤُها بصوت رقيق، أو يقرؤُها له غيره وهو يستمع.
وكذلك يستقرئ أحاديث الرجاء، وحكاياتِ الصالحين وآثارَهم عند الموت، وأن يكونَ خيرُه مُتزايداً، ويحافظ على الصلوات، واجتناب النجاسات، وغير ذلك من وظائف الدين، ويصبر على مشقة
ذلك، وليحذرْ من التساهل في ذلك، فإن من أقبح القبائح أن يكونَ آخِرُ عهده من الدنيا التي هي مزرعة الآخرة التفريط فيما وجب عليه أو ندب إليه.
وينبغي له أن لا يقبل قول من يخذله عن شئ مما ذكرناه، فإن هذا مما يُبتلى به، وفاعل ذلك هو الصديق الجاهل العدوّ الخفيّ فلا يقبل تخذيله، وليجتهد في ختم عمره بأكمل الأحوال.
ويستحبّ أن يوصي أهله وأصحابه بالصبر عليه في مرضه، واحتمال ما يصدر منه، ويوصيهم أيضاً بالصبر على مصيبتهم به، ويجتهد في وصيتهم بترك البكاء عليه، ويقول لهم:
417 -
صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " المَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكاءِ أهله عليه "(1) فإيَّاكم - يا أحبائي - وَالسَّعيَ في أسباب عذابي.
ويُوصيهم بالرفق بمن يخلفه من طفل وغلام وجارية وغيرهم ويوصيهم بالإِحسان إلى أصدقائه ويعلّمهم:
418 -
أنه صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِنَّ مِنْ أبَرّ البِرّ أنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أهْلَ ود أبيه ".
419 -
وصحّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان يكرم صواحبات خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها ".
ويستحبّ استحباباً مؤكداً أن يوصيهم باجتناب ما جرت العادة به من البدع في الجنائز، ويؤكد العهد بذلك.
ويُوصيهم بتعاهده بالدعاء وأن لا ينسوه بطول الأمد.
(1) وهو محمول على النياحة ورفع الصوت بالعويل، أو الوصية به، وأما البكاء من غير ناحة ولا رفع صوت فلا بأس به، وقد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
(*)