الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
323 -
وفي رواية عن ابن مسعود رضي الله عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" مَنْ قَرأ سُورَةَ (الوَاقِعَةِ) فِي كُلّ لَيْلَةٍ لَمْ تُصِبْهُ فاقَة "(1) .
324 -
وعن جابر رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام كل ليلة حتى يقرأ (آلم تنزيل) الكتاب، و ((تبارك) الملك "(2) .
325 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" مَنْ قَرَأ فِي لَيْلَة (إذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ) كانَتْ لَهُ كَعِدْلِ نِصْفِ القُرآن، وَمَنْ قَرأ (يا أيُّها الكافِرُونَ) كَانَتْ لَهُ كَعِدْل رُبْعِ القُرآنِ، وَمَنْ قَرأ قُلْ (هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) كانَتْ لَهُ كَعِدْلِ ثُلُثِ القُرآن "(3) .
326 -
وفي رواية: " مَنْ قَرأ آيَةَ الكُرْسِيّ، وأوَّل (حم) عُصِمَ ذلكَ اليَوْمَ مِنْ كُلّ سُوءٍ "(4) .
والأحاديث بنحو ما ذكرنا كثيرة، وقد أشرنا إلى المقاصد، والله أعلم بالصواب، وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة.
كتاب حَمْدِ اللَّهِ تعالى
قال الله تعالى: (قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ على عبادِهِ الَّذينَ اصْطَفى)[النمل: 59] وقال الله تعالى: (وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ)[النمل: 93] وقال تعالى: (وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً)[الإِسراء: 111] وقال تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)[إبراهيم: 7] وقال تعالى: (فاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لي وَلا تَكْفُرونِ)[البقرة: 152] والآيات المصرّحة بالأمر بالحمد والشكر وبفضلهما كثيرة معروفة.
327 -
وروينا في " سنن أبي داود "، " وابن ماجه "، و " مسند أبي عوانة الإسفراييني " المخرَّج على " صحيح مسلم " رحمهم الله، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" كُلُّ أمْر ذِي بالٍ لا يُبْدأُ فِيه بالحَمْد لِلَّهِ فَهُوَ أقطع ".
(1) رواه ابن السني والبيهقي في شعب الإيما وأبو يعلى وغيرهم وأسانيده ضعفة.
(2)
رواه ابن السني، وعزاه السيوطي في الجامع الصغير لأحمد والترمذي والنسائي والحاكم، وإسناده ضعيف.
(3)
أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " عن أُبيّ هريرة رضي الله عنه، وإسناده ضعيف، ورواه بنحو الترمذي والحاكم والبيهقي في " شعب الإيمان " عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي سنده يمان بن المغيرة وهو ضعيف.
(4)
رواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " عن أُبيّ هريرة رضي الله عنه، وإسناده ضعيف.
(*)
وفي رواية: " بَحَمْدِ اللَّهِ ".
وفي رواية: " بالحَمْدِ فَهُوَ أقْطَعُ ".
وفي رواية: " كُل كلام لا يُبْدأُ فِيهِ بالحَمْد لِلَّهِ فَهُوَ أجْذَمُ ".
وفي رواية: " كُلُّ أمْرٍ ذِي بالٍ لا يُبْدأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) فَهوَ أقْطَعُ ".
روينا هذه الألفاظ كلها في كتاب " الأربعين " للحافظ عبد القادر الرهاوي، وهو حديث حسن، وقد رُوي موصولاً كما ذكرنا، ورُوي مرسلاً، ورواية الموصول جيدة الإِسناد،
وإذا روي الحديث موصولاً ومرسلاً، فالحكم للاتصال عند جمهور العلماء، لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير، ومعى " ذي بال ": أي: له حال يهتمّ به، ومعنى أقطع: أي ناقص قليل البركة، وأجذم: بمعناه، وهو بالذال المعجمة وبالجيم.
قال العلماء: فيُستحبّ البداءة بالحمد للَّه لكل مصنف، ودارس، ومدرِّس، وخطيب، وخاطب، وبين يدي سائر الأمور المهمة.
قال الشافعي رحمه الله: أحبّ أن يقدّم المرء بين يدي خطبته وكل أمر طلبه: حمد الله تعالى، والثناء عليه سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[فصل] :
اعلم أن الحمدَ مستحبٌّ في ابتداء كل أمر ذي بال كما سبق، كما يستحب بعد الفراغ من الطعام والشراب، والعطاس، وعند خطبة المرأة - وهو طلب زواجها - وكذا عند عَقْدِ النِّكَاح، وبعد الخروج من الخلاء، وسيأتي بيان هذه المواضع في أبوابها بدلائلها، وتفريع مسائلها إن شاء الله تعالى، وقد سبق بيان ما يُقال بعد الخروج من الخلاء في بابه، ويُستحبّ في ابتداء الكتب المصنفة كما سبق، وكذا في ابتداء دروس المدرّسين، وقراءة الطالبين، سواء قرأ حديثاً أو فقهاً أو غيرهما، وأحسنُ العبارات في ذلك: الحمد لله رب العالمين.
[فصل] :
حمدُ الله تعالى ركن في خطبة الجمعة وغيرها، لا يصحّ شئ منها إلا به، وأقل الواجب: الحمد لله، والأفضل أن يزيد من الثناء، وتفصيلُه معروف في كتب الفقه.
ويشترط كونها بالعربية.
[فصل] :
يُستحبّ أن يختم دعاءه بالحمد لله ربّ العالمين، وكذلك يبتدئه بالحمد لله، قال الله تعالى:(وآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ لِلَّه رَبّ العالَمِينَ)[يونس: 10] وأما
(1) كلمة العظيم الموجودة بين المعكوفين، يا قطة من النسخة هذا، وهي موجودة عند الترمذي وغيره.
(*)
ابتداء الدعاء بحمد الله وتمجيده، فسيأتي دليلُه من الحديث الصحيح قريباً في " كتاب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن شاء الله تعالى.
[فصل] :
يُستحبّ حمدُ الله تعالى عند حصول نعمة، أو اندفاع مكروه، سواء حصل ذلك لنفسه، أو لصاحبه، أو للمسلمين.
328 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه، " أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أُتيَ ليلة أُسري به بقدحين من خمر ولبن (1) فنظر إليهما، فأخذ اللبن، فقال له جبريلُ صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك ".
329 -
[فصل] :
وروينا في كتاب الترمذي وغيره عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ولد العَبْدِ قالَ اللَّهُ تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم؟ فيقول: فماذا قالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعالى: ابْنُوا لعبدي بَيْتاً في الجَنَّةِ، وسموه بَيْتَ الحَمْدِ " قال الترمذي: حديث حسن.
والأحاديث في فضل الحمد كثيرة مشهورة، وقد سبق في أوّل الكتاب جملة من الأحاديث الصحيحة في فضل: سبحان الله والحمد لله ونحو ذلك.
[فصل] :
قال المتأخرون من أصحابنا الخراسانيين: لو حلف إنسان ليحمدنّ الله تعالى بمجامع الحمد - ومنهم مَن قال: بأجلّ التحاميد - فطريقه في برَ يمينه أن يقول: الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، ومعنى يوافي نعمه: أي يُلاقيها فتحصل معه، ويكافئ، بهمزة في آخره: أي يُساوي مزيدَ نعمه، ومعناه: يقوم بشكر ما زاده من النِعم والإِحسان.
قالوا: ولو حلف ليثنينّ على الله تعالى أحسنَ الثناء، فطريق البرّ أن
(1) في صحيح مسلم أن ذلك بإيلياء.
قال المصنف في " شرح مسلم ": وهو بالمد والقصر، ويقال بحذف الياء الأولى، ثم في هذه الرواية محذوف تقديره: أتي بقدحين، فقيل له: اختر أيهما شئت كما جاء مصرحا به.
وقد ذكره مسلم في كتابه " الإيمان " أول الكتاب، فألهمه الله تعالى اختيار اللبن لما أراد سبحانه وتعالى مِن توفيق أمته واللطف بها، فلله الحمد والمنة.
قول جبريل إن اللبن كان كذا، أو اختار الخمر كان كذا.
وأما الفطرة فالمراد بها هنا: الإسلام والإستقامة كذا في كتاب الأشربة، وفي باب الإسراء منه معناه، والله أعلم: اخترت علامة الإسلام الاستقامة، وجعل اللبن علامة لكونه سهيلا طيبا طاهرا سائغا للشاربين.
وأما الخمر فإنه أم الخبائث وجالبة لأنواع الشر في الحال والمال، والله أعلم.
(*)