الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنَّا إلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبونَ، اللَّهُمَّ اكْتُبْهُ عِنْدَكَ فِي الْمُحْسِنِينَ، وَاجْعَلْ كِتابَهُ فِي عِلِّيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي أَهْلِهِ فِي الغابِرِينَ، وَلا تَحْرِمْنا أجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ " (1) .
(بابُ ما يقولُه إذا بلَغه موتُ عدوِّ الإِسلام)
432 -
روينا في كتاب ابن السني، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلتُ: يا رسولَ الله، قد قتلَ الله عز وجل أبا جهلٍ، فقال:" الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نصر عبده وأعز دينه "(2) .
(بابُ تحريمِ النياحَةِ على الميِّتِ والدُّعَاءِ بدعوَى الجاهليّة)
أجمعت الأمّةُ على تحريمِ النياحَةِ على الميِّتِ والدُّعَاءِ بدعوَى الجاهليّة (3) ، والدعاء بالويل والثبور عند المصيبة.
433 -
روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ مِنّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعا بِدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ " وفي رواية لمسلم: " أوْ دَعا أوْ شَقَّ " بأو.
434 -
وروينا في " صحيحيهما " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برئ من الصَّالقةِ والحَالقةِ والشَّاقةِ.
قلت: الصَّالقةُ: التي ترفع صوتها بالنياحة، والحالقةُ: التي تحلق شعرها عند
(1) قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": قال الحافظ بعد تخريجه: حديث غريب أخرجه ابن السني، وفي سنده قيس بن الربيع وهو صدوق لكنه تغير في الآخر ولم يتميز، فما انفرد به يكون ضعيفاً.
(2)
قال ابن علاّن في " شرح الأذكار: أخرج الحافظ الحديث عن ابن مسعود قال: قلتُ: يا رسول الله إن الله قد
قتلَ أبا جهل، قال: الحمد لله الذي أعز دينه ونصر عبده، قال: قال مرة: وصدق وعده، قال الحافظ: هذا حديث غريب، أخرجه النسائي في كتاب " السيرة " ولم يخرجه ابن السني عن النسائي، وإنما أخرجه " في عمل اليوم والليلة " من طريق علي بن المديني عن أميّة بن خالد، ورجاله رجال الصحييح لكن أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه: وأخرجه أحمد أيضا، وسياقة أتم، ولفظة: الحمد لله الذي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الأحْزَابَ وَحْدَهُ..الحديث، وفي آخره، فقال: هذا فرعون هذه الأمة.
(3)
قال المصنف في " شرح مسلم ": دعوى الجاهلية: النياحة وندب الميت والدعاء بالويل ونحوه، ويحتمل أن يكون العطف للمغارة، وتفسير دعوى الجاهلية بمثل: واكهفاه واجبلاه، من الندب، ويكون الدعاء بالويل والثبور خارجا عنها، وظاهر كلام ابن الجوزي في كشف المشكل ذلك، والله أعلم، والمراد بالجاهلية: ما قبل الإسلام، وسموا بذلك لكثيرة جهالاتهم.
(*)
المصيبة، والشَّاقةُ: التي تشقُّ ثيابَها عند المصيبة، وكل هذا حرام باتفاق العلماء، وكذلك يحرم نشر الشعر ولطم الخدود وخمش الوجه والدعاء بالويل.
435 -
وروينا في " صحيحيهما " عن أُمّ عطيةَ رضي الله عنها، قالت: أخذَ علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في البيعة أن لا ننوح.
436 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اثْنَتانِ فِي النَّاسِ، هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ في النَّسَبِ، وَالنِّياحَةُ على المَيِّتِ ".
437 -
وروينا في سنن أبي داود، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة.
واعلم أن النياحة: رفع الصوت بالندب، والندب: تعديد النادبة بصوتها محاسن الميت، وقيل: هو البكاء عليه مع تعديد محاسنه.
قال أصحابنا: ويحرم رفع الصوت بإفراط في البكاء.
وأما البكاء على الميت من غير ندب ولا نياحة، فليس بحرام.
438 -
فقد روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة ومعه عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، فبكى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى القومُ بكاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بكَوْا، فقال:" ألا تَسْمَعُونَ إنَّ اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ ولا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ "، وأشار إلى لسانه صلى الله عليه وسلم ".
439 -
وروينا في " صحيحيهما " عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إليه ابنُ ابنته (1) وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: " هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَها اللَّهُ تَعالى في قُلوبِ عِبَادِهِ، وإنمَا يَرْحَمُ اللَّهُ تَعالى مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ ".
قلت: الرحماء: رُوي بالنصب والرفع، فالنصبُ على أنه مفعول " يرحم " والرفع على أنه خبر " إنّ "، وتكون " ما " بمعنى الذي.
440 -
وروينا في " صحيح البخاري " عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلَ على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه، فجعلتْ عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسولَ الله؟ فقال: " يا بْنَ عوف إنها
(1) وهي زينب رضي الله عنها.
(*)