الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلم أن في هذا الحديث التصريح بأن الخطبة قبل الصلاة، وكذلك هو مصرّح به في " صحيحي البخاري ومسلم "، وهذا محمولٌ على الجواز.
والمشهور في كتب الفقه لأصحابنا وغيرهم: أنه يُستحبّ تقديمُ الصلاة على الخطبة لأحاديث أُخر.
511 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدَّمَ الصلاةَ على الخطبة، والله أعلم.
ويُستحبّ الجمع في الدعاء بين الجهر والإِسرار، ورفع الأيدي فيه رفعاً بليغاً.
قال الشافعي رحمه الله: وليكن من دعائهم: " اللَّهُمَّ أمَرْتَنا بِدُعائِكَ، وَوَعَدْتَنا إِجابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْناكَ كما أمَرْتَنا، فأجِبْنا كما وَعَدْتَنا، اللَّهُمَّ امْنُنْ عَلَيْنا بِمَغْفِرَةِ ما قارَفْنا، وإِجابَتِكَ في سُقْيانا وَسَعَةِ رِزْقِنا ".
ويدعو للمؤمنين والمؤمنات، ويُصلِّي على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويقرأ آيةً أو آيتين، ويقول الإِمام: أستغفرُ الله لي ولكم.
وينبغي أن يدعوَ بدعاء الكرب، وبالدعاء الآخر: اللَّهُمَّ آتِنَا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وغير ذلك من الدعوات التي ذكرناها في الأحاديث الصحيحة.
قال الشافعي رحمه الله في " الأُم ": يخطب الإِمامُ في الاستسقاء خطبتين، كما يخطب في صلاة العيد يُكَبِّر الله تعالى فيهما ويحمَده، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويُكثر فيهما الاستغفار حتى يكون أكثر كلامه، ويقول كثيراً:(اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً)[نوح: 10] ثم رُوي عن عمرَ رضي الله عنه، أنه
استسقى وكان أكثر دعائه الاستغفار.
قال الشافعي: ويكون أكثر دعائه الاستغفار، يبدأ به دعاءَه ويفصلُ به بين كلامه، ويختم به، ويكون هو أكثر كلامه حتى ينقطع الكلام، ويحثّ الناس على التوبة والطاعة والتقرّب إلى الله تعالى.
(بابُ ما يقولُه إذا هَاجَتِ الرِّيح)
512 -
روينا في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح (1) قال: " اللَّهُمَّ إِني أسألُكَ خَيْرَها وَخَيْرَ ما فِيها، وَخَيْرَ ما أُرْسِلَتْ بِهِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّها وَشَرّ ما فِيهَا وَشَرّ ما أُرسِلَتْ بِهِ ".
513 -
وروينا في " سنن أبي داود، وابن ماجه، بإسناد حسن، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللِّهِ تَعالى، تأتي بالرحمة،
(1) أي: اشتد هبوبها.
(*)
وَتأتِي بالعَذَابِ، فإذا رأيْتُمُوها فَلا تَسُبُّوها، وَسَلُوا اللَّهَ خَيْرَها، وَاسْتَعِيذُوا باللَّهِ مِنْ شَرّها ".
قلتُ: قوله صلى الله عليه وسلم: " مِنْ رَوْحِ الله "، هو بفتح الراء، قال العلماء: أي: من رحمة الله بعباده.
514 -
وروينا في سنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجه، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً في أفق السماء، تركَ العملَ وإن كان في الصلاة، ثم يقول:" اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّها "، فإن مُطِرَ قال:" اللهم صيبا هَنِيئاً "(1) .
قلت: ناشئاً، بهمز آخره، أي: سحاباً لم يتكامل اجتماعه (2) .
والصيِّب بكسر الياء المثناة تحت المشددة: وهو المطرُ الكثيرُ، وقيل: المطر الذي يجري ماؤه، وهو منصوب بفعل محذوف: أي: أسألك صيّباً، أو اجعله صيّباً.
515 -
وروينا في كتاب الترمذي وغيره، عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تَسُبُّوا الرّيحَ، فإنْ رأيْتُمْ ما تَكْرَهُونَ فَقُولوا: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْألُكَ مِنْ خَيْرِ هَذِهِ الرّيحِ، وخَيْرِ ما فِيها، وَخَيْرِ ما أُمِرَتْ بِهِ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ هَذِهِ الرّيحِ وَشَرّ ما فِيها وَشَرّ ما أُمِرَتْ بِهِ " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قال: وفي الباب عن عائشة، وأبي هريرة، وعثمان بن أبي العاص، وأنس، وابن عباس، وجابر.
416 -
وروينا بالإِسناد الصحيح في كتاب ابن السني، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدّتِ الريحُ يقول: " اللَّهُمَّ لَقْحاً لا عَقِيماً "(3) .
قلت: لَقْحَاً: أي: حاملاً للماء كاللقحة من الإِبل.
والعقيم: التي لا ماء فيها كالعقيم من الحيوان: لا ولد فيها.
517 -
وروينا فيه عن أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، رضي الله عنهم، عن
(1) وهو حديث صحيح، صححه الحافظ وغيره.
(2)
قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": قال في المرقاة: سمي السحاب ناشئا لأنه ينشأ من الأفق، يقال: نشأ، أي: خرج، أو ينشأ في الهواء: أي يظهر، أو لأنه ينشأ من الأبخرة المتاعدة من البحار والأراضي البحرة، ونحو ذلك.
(3)
قال الحافظ في تخريج الأذكار: هذا حديث صحيح.
(*)