الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استحبّ أن يقول عند الذبح أو النحر: بِسْمِ اللَّهِ واللَّهُ أكْبَرُ، اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وعلى آلِه وسَلّم (1) ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ، تَقَبَّلْ مِنِّي، أو تَقَبَّلْ مِنْ فُلانٍ إن كان يذبحه عن غيره.
وإذا حلَقَ رأسه بعد الذبح فقد استحبّ بعض علمائنا أن يمسك ناصيته بيده حالة الحلق ويُكبِّر ثلاثاً ثم يقول: الحَمْدُ لله على ما هَدَانا، والحَمْدُ لِلَّهِ على ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْنا، اللَّهُمَّ هَذِهِ نَاصِيَتي فَتَقَبَّلْ مِنِّي وَاغْفِرْ لي ذُنُوبي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وللْمُحَلِّقِينَ والمُقَصِّرِينَ، يا وَاسِعَ المَغْفِرَةِ آمِين (2) .
وإذا فرغ من الحلق كبَّر وقال: " الحَمْدُ لِلَّهِ الذي قَضَى عَنَّا نُسُكَنا، اللَّهُمَّ زِدْنا إيمَاناً ويقينا وَعَوناً، وَاغْفِرْ لَنَا ولآبائِنا وأُمَّهاتِنا والمُسْلِمينَ أجْمَعِينَ (3) .
فصل في الأذكار المستحبة بمِنىً في أيام التشريق:
روينا في " صحيح مسلم " عن نُبَيْشَةَ الخير (4) الهذليِّ الصحابي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيَّامُ التَّشْرِيقِ (5) أيَّامُ أكْلٍ وَشُرْبٍ وَذْكْرِ اللَّهِ تَعالى " فيُستحبّ الإِكثار من الأذكار، وأفضلُها قراءة القرآن.
568 -
والسنّة أن يقف في أيام الرمي عند الجمرة الأولى إذا رماها، ويستقبل الكعبة، ويحمَد الله تعالى، ويُكبِّر، ويُهلِّلُ، ويُسبِّح، ويدعو مع حضور القلب وخشوع الجوارح.
= وهو واقف على القرن، وهو يقول:" يا حيُّ يا قيوم، لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث، فاكفني شأنِي كُلَّهُ، وَلَا تَكِلْني إلى نَفْسِي طَرْفَةَ عين " وقال الحافظ: حديث حسن غريب.
(1)
قال ابن علان في " شرح الأذكار ": قال الحافظ: نص عليها الشافعي فقال: والتسمية في الذبيحة: بسم الله، وما ذاد بعد ذلك من ذكر اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ، ولا أكره أن يقول فيها: صلى الله على محمد، بل أحب ذلك، وأحب أن يكثر الصلاة عليه، لأن ذكر والصلاة على محمد صلَّى الله علثه وسلم عبادة يؤجر عليها.
(2)
قال ابن علاّن في شرح الأذكار: قال الحافظ: لم أره مأثورا، وآخره، أي:" اغفر للمحلقين والمقصرين " متق عليه.
(3)
قال الحافظ: لم أقف عليه أيضا.
(4)
عن نبيشة الخير: هو بالنون فموحدة فتحتية فشين معجمة مصغّر، يقال فيه: نبيشة الخير بن عبد الله الهذلي، ويقال: نبيشة بن عمرو بن عوف " روى أنه دخلَ عليّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعنده أسارى فقال: يا رسول الله
إما أن تفاديهم، وإما أن تمنّ عليهم، فقال:" أمرت بخير، أنت نبيشة الخير " روى عنه مسلم هذا الحديث، ولم يروِ عنه البخاري شيئاً، وخرّج عنه الأربعة.
(5)
سميت بذلك، لإشراق ليلها بالقمر ونهارل بالشمس، وقيل: لتشريق لحوم الأضاحي فيها.
(*)
569 -
ويَمكثُ كذلك قدرَ سورة بقرة، ويفعلُ في الجمرة الثانية وهي الوسطى كذلك.
570 -
ولا يقفُ عند الثالثة، وهي جمرة العقبة.
فصل:
وإذا نفرَ من مِنىً فقد انقضى حجُّه، ولم يبقَ ذكرٌ يتعلَّق بالحجّ، لكنه مسافر، فيُستحبّ له التكبير والتهليل والتحميد والتمجيد وغير ذلك من الأذكار المستحبة للمسافرين، وسيأتي بيانُها إن شاء الله تعالى.
وإذا دخل مكة وأراد الاعتمار فعل في عمرته من الأذكار ما يأتي به في الحجّ في الأمور المشتركة بين الحجّ والعمرة وهي: الإحرام، والطواف، والسعي، والذبح، والحلق، والله أعلم.
فصل فيما يقوله إذا شرب ماء زمزم.
571 -
روينا عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَاءُ زمْزَمَ لِما شُرِبَ لَهُ "(1) وهذا مما عَمِلَ العلماءُ والأخيارُ به، فشربُوه لمطالبَ لهم جليلةٍ فنالوها.
قال العلماء: فيُستحبّ لمن شربَه للمغفرة أو للشفاء من مرضٍ ونحو ذلك أن يقول عند شربه: اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: " ماءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ " اللَّهُمَّ وإني أشْرَبُهُ لِتَغْفِرَ لي وَلِتَفْعَلَ بي كَذَا وكَذَا، فاغْفِرْ لي أوِ افْعَلْ.
أو: اللَّهُمَّ إني أشْرَبُهُ مُسْتَشْفِياً بِهِ فَاشْفِني، ونحو هذا، والله أعلم.
فصل:
وإذا أراد الخروج من مكة إلى وطنه طافَ للوَدَاع، ثم أتى الملتَزَم فالتزمه، ثم قال: اللَّهُمَّ، البَيْتُ بَيْتُك، وَالعَبْدُ عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبدِكَ، وابْنُ أمَتِكَ، حَمَلْتَنِي على ما
سَخَّرْتَ لي مِنْ خَلْقِكَ، حتَّى سَيَّرْتَني فِي بِلادِكَ، وَبَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ حتَّى أعَنْتَنِي على قَضَاءِ مَناسِكِكَ، فإنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فازْدَدْ عني رضى، وَإِلَاّ فَمِنَ الآنَ قَبْلَ أنْ يَنأى عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، هَذَا أوَانُ انْصِرَافي، إنْ أذِنْتَ لي غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلا بِبَيْتِكَ، وَلا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فأصْحِبْنِي العافِيَةَ في بَدَنِي وَالعِصْمَةَ في دِينِي، وأحْسِنْ مُنْقَلَبِي، وَارْزُقْنِي طاعَتَكَ ما أبْقَيْتَنِي واجْمَعْ لي خَيْرَي الآخِرةِ والدُّنْيا، إنَّكَ على كُلّ شئ قدير (2) ويفتتح
(1) وهو حديث حسن لشواهد.
(2)
قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": أخرجه الييهقي بسنده إلى الشافعي، قال: وهو حسن.
قال الحافظ: وقد وجدته بمعناه من كلام بعض مَن روى عنه الشافعي أخرجه الطبراني في كتاب = (*)
هذا الدعاءَ ويختمه بالثناء على الله سبحانه وتعالى، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم في غيره من الدعوات.
وإن كانت امرأة حائضاً استحبّ لها أن تقف على باب المسجد وتدعو بهذا الدعاء ثم تنصرف، والله أعلم.
فصل في زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذكارها: اعلم أنه ينبغي لكل من حجّ أن يتوجه إلى زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك طريقه أو لم يكن، فإن زيارته صلى الله عليه وسلم من أهمّ القربات وأربح المساعي وأفضل الطلبات، فإذا توجَّه للزيارة أكثرَ من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في طريقه، فإذا وقعَ بصرُه على أشجار المدينة وحَرمِها وما يَعرفُ بها، زاد من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم، وسألَ الله تعالى أن ينفعَه بزيارته صلى الله عليه وسلم وأن يُسعدَه بها في الدارين، وليقلْ: اللَّهُمَّ افْتَحْ عَليَّ أبْوَابَ رَحْمَتِكَ، وَارْزُقْنِي في زِيارَةِ قَبْرِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم ما رزقْتَهُ أوْلِياءَكَ وأهْلَ طَاعَتِكَ، واغْفِرْ لي وارْحمنِي يا خَيْرَ مَسْؤُول.
وإذا أراد دخول المسجد استحبّ أن يقولَ ما يقوله عند دخول باقي المساجد، وقد قدّمناه في أول الكتاب، فإذا صلّى تحية المسجد أتى القبر الكريم فاستقبله واستدبر القبلة (1) على نحو أربع أذرع من جدار القبر، وسلَّم مقتصداً لا يرفع صوته، فيقول: 572 - السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله، السَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيرَةَ الله مِنْ خَلْقِهِ، السَّلامُ
عَلَيْكَ يَا حَبِيبَ اللَّهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ يَا سَيِّدِ المُرْسَلِينَ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَعلى آلِكَ وأصْحابِكَ وأهْلِ بَيْتِكَ وَعَلى النَّبيِّينَ وَسائِرِ الصَّالِحِينَ ; أشْهَدُ أنَّكَ بَلَّغْتَ الرِّسالَةَ، وأدَّيْتَ الأمانَةَ، وَنَصَحْتَ الأُمَّةَ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنَّا أفْضَلَ مَا جَزَى رَسُولاً عَنْ أُمَّتِهِ (2) .
= " الدعاء " عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق قال
…
فذكره.
قال الحافظ: وقد وردت أثار عديدة فيما يدعى به عند الملتزم ليس فيها شئ من المرفوعات ولا الموقوفات، فلم أستوعبها، واقتصرت على أثر واحد، ثم أخرجه عن الأصمعي قال: رأيت أعرابيا عند الملتزم، فقال: اللهم إن علي حقوقا فتصدق بها علي، وإن علي تبعات فتحمل بها عني، وأنا ضيفك، وقد أوجدت لكل ضيف قرى، فاجعل قراي الليلة الجنة.
(1)
وقال بعض العلماء: يستقبل القبلة، ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": قال الحافظ: لم أجده مأثوراً بهذا التمام، وقد ورد عن ابن عمر بعضه أنه كان يقف على قبر رسول الله صلى الله عليه سلم ويقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر، كذا في " إيضاح المناسك ".
اقل ابن علان: وأسنده الحافظ من طريقين، بهذا اللفظ في إحدهما، وبنحوه في الأخرى، وقال في كل منهما: موقوف صحيح، وعن مالك رحمه الله يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وهذا الوارد عن ابن عمر وغيره، مال إليه الطبري فقال: وإن قال الزائر ما تَقَدَّمَ مِنْ التطويل فلا بأس به، إلا أن الاتباع أولى من الابتداع ولو حَسُنَ
…
الخ.
(*)
وإن كان قد أوصاه أحدٌ بالسَّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: السَّلام عليكَ يا رسولَ الله من فلان بن فلان، ثم يتأخرَ قدر ذراع إلى جهة يمينه فيُسلِّم على أبي بكر، ثم يتأخرُ ذراعا آخر فسلام على عُمر رضي الله عنهما، ثم يرجعُ إلى موقفه الأوّل قُبالة وجهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتوسلُ به في حقّ نفسه، ويتشفعُ به إلى ربه سبحانه وتعالى، ويدعو لنفسه ولوالديه وأصحابه وأحبابه ومَن أحسنَ إليه وسائر المسلمين، وأن يَجتهدَ في إكثار
الدعاء، ويغتنم هذا الموقف الشريف ويحمد الله تعالى ويُسبِّحه ويكبِّره ويُهلِّله، ويُصلِّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويُكثر من كل ذلك، ثم يأتي الروضةَ بين القبر والمنبر فيُكثر من الدعاء فيها.
573 -
فقد روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما بَيْنَ قبري وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةِ "(1) .
وإذا أراد الخروج من المدينة والسفرَ استحبّ أن يُودِّع المسجد بركعتين، ويدعو بما أحبّ ثم يأتي القبر فيُسلّم كما سلَّم أوّلاً، ويُعيد الدعاء، ويُودّع النبيّ صلى الله عليه وسلم ويقول:" اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْ هَذَا آخِرَ العَهْدِ بِحَرَمِ رَسُولِكَ، وَيَسِّرْ لي العَوْدَ إِلى الحَرَمَيْنِ سَبِيلاً سَهْلَةً بِمَنِّكَ وَفَضْلِكَ، وَارْزقْنِي العَفْوَ والعَافِيةَ في الدُّنْيا والآخِرَةِ، وَرُدَّنا سالِمِينَ غانِمِينَ إلى أوْطانِنا آمِنِينَ ".
فهذا آخرُ ما وفّقني الله بجمعه من أذكار الحجّ، وهي وإن كان فيها بعض الطول بالنسبة إلى هذا الكتاب، فهي مختصرة بالنسبة إلى ما نحفظه فيه، والله الكريم نسأل أن يوفِّقنا لطاعته، وأن يجمعَ بيننا وبين إخواننا في دار كرامته.
(1) قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": قال الحافظ: فيه شيئان، الأول: أنهما لم يخرِّجاه لا عن أبي هريرة ولا عن غيره إلا بلفظ " بيتي " بدل " قبري " الثاني: أن هذا القدر أخرجاه من حديث عبد الله بن زيد المازني، وعندهما عن أبي هريرة مثله، لكن بزيادة " ومنبري على حوضي ".
قال ابن علاّن: ثم أورد الحافظ للحديث طرقاً كثيرة عند الطبراني وأبي عوانة وغيرهما، ثم قال: فهذه الروايات متففقة على ذكر البيت ومعناه.
أقول: وقد ذكر الحافظ بعض الروايات التي، جاءت بلفظ القبر، ولا تخلو من ضعف.
ومعني الحديث قال بعضهم: هو على ظاهره: وأن ذلك المكان ينقل إلى الجنة وليس كسائر الأرض يذهب ويفني، أو هو الآن من الجنة حقيقة، وقيل: معني الحديث: أن الصلاة في ذلك الموضع والذكر فيه يؤدي إلى رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجنة، ومن لزم العبادة عند المنبر يسقى يَوْمَ القِيامَةِ مِنْ الحوض، كما جاء في الحديث: " الجَنَّةَ
تَحْتَ ظِلالِ السيوف " يريد أن الجهاد يؤدي إلى الجنة، وقيل: إن معناه: ما بين منبره وبيته حذاء رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجنة، وكذلك قوله في الحديث: قبري على ترعة من ترع الجنة، أي: حذاء ترعة من ترعها.
والله إعلم.
والترعة: الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإن كان على المكان المطمئن فهو روضة.
(*)