الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: " المغيث " روي بدله " المقيت " بالقاف والمثناة، وروي " القريب " بدل
" الرقيب "، وروي " المبين " بالموحدة بدل " المتين " بالمثناة فوق، والمشهور " المتين "، ومعنى أحصاها: حفظها، هكذا فسره البخاري والأكثرون، ويؤيده أن في رواية في الصحيح " مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الجَنَّةَ " وقيل: معناه: من عرف معانيها وآمن بها، وقيل: معناه من أطاقها بحسن الرعاية لها وتخلَّق بما يمكنه من العمل بمعانيها، والله أعلم.
كتاب تلاوة القرآن
اعلم أن تلاوة القرآن هي أفضل الأذكار، والمطلوب القراءة بالتدبر.
وللقراءة آدابٌ ومقاصد، وقد جمعت قبل هذا فيها كتابا مختصرا مشتملاً على نفائس من آداب القرّاء والقراءة وصفاتها وما يتعلق بها، لا ينبغي لحامل القرآن أن يخفى عليه مثله، وأنا أُشِيرُ في هذا الكتاب إلى مقاصدَ من ذلك مختصرة، وقد دللتُ من أراد ذلك وإيضاحه على مظنته، وبالله التوفيق.
[فصل] :
ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلاً ونهاراً، سفراً وحضراً، وقد كانت للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة في القدر الذي يختمون فيه، فكان جماعةٌ منهم يختمون في كل شهرين ختمة، وآخرون في كل شهر ختمة، وآخرون في كل عشر ليال ختمة، وآخرون في كل ثمان ليالٍ ختمة، وآخرون في كل سبع ليالٍ ختمة، وهذا فعل الأكثرين من السلف، وآخرون في كل ستّ ليال، وآخرون في خمس، وآخرون في أربع، وكثيرون في كل ثلاث، وكان كثيرون يختمون في كل يوم وليلة ختمة، وختم جماعة في كل يوم وليلة ختمتين، وآخرون في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وختم بعضهم في اليوم والليلة ثماني ختمات: أربعاً في الليل، وأربعاً في النهار.
وممّن ختم أربعاً في الليل وأربعاً في النهار، السيد الجليل ابن الكاتب الصوفي رضي الله عنه (1) ، وهذا أكثر ما بلغنا في اليوم والليلة.
= نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح، وهو ثقة عند أهل الحديث، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم في كبير شئ من الروايات ذكر الأسماء إلا في هذا الحديث، وقد
روى آدم بن أبي أياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر فيه الأسماء، وليس له إسناد صحيح، وانظر جامع الأصول 4 / 174.
(1)
قال ابن علاّن في شرح الأذكار: وابن الكاتب ذكره الشيخ القشيري في رالته، واسمه حسين بن أحمد = (*)
وروى السيد الجليل أحمد الدورقي بإسناده عن منصور بن زادان من عباد التابعين رضي الله عنهم أنه كان يختم القرآن ما بين الظهر والعصر، ويختمه أيضاً فيما بين المغرب والعشاء، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في رمضان ختمتين وشيئا، وكان يؤخر العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع الليل، وروى ابن أبي داود بإسناده الصحيح أنّ مجاهداً رحمه الله كان يختم القرآن في رمضان فيما بين المغرب والعشاء.
وأما الذين ختموا القرآن في ركعة، فلا يُحصون لكثرتهم، فمنهم عثمان بن عفان، وتميم الدّاري، وسعيد بن جبير.
والمختار: أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له كمال فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم، أو فصل الحكومات بين المسلمين، أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامَّة للمسلمين، فليقتصر على قدر لا يحصل له بسببه إخلال بما هو مرصد له ولا فوت كماله، ومن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثْر ما أمكنه من غير خروج إلى حدّ الملل أو الهذرمة في القراءة.
وقد كره جماعة من المتقدمين الختم في يوم وليلة.
303 -
ويدلّ عليه ما رويناه بالأسانيد الصحيحة (1) في سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرها، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرأ القُرآنَ فِي أقَلّ مِنْ ثَلاثٍ " وأما وقت الابتداء والختم، فهو إلى خيرة القارئ، فإن كان ممّن يختم في الأسبوع مرّة، فقد كان عثمان رضي الله عنه يبتدئ ليلة الجمعة ويختم ليلة الخميس.
= يكنى أبا علي، وأرخ وفاته بعد الأربعين وثلاثمائة.
قال الحافظ: أخرج هذا الأثر أبو عبد الرحمن السلمي في طبقات الصوفية عن أبي عثمان المغربي واسمه سعيد، كان ابن الكاتب
…
فذكره.
(1)
قال ابن علاّن في شرح الأذكار: قال الحافظ بعد تخريجه: حديث حسن غريب، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، ويتعجب من قول الشيخ - يعني النووي - بالأسانيد صحيحة، فإنه ليس له عندهم إلا الضعفاء عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن عبد الله بن عمرو، وهي رواية شاذة، ولم أره من حديث قتادة إلا بالعنعنة، وكأن الشيخ - يعني النووي - أراد أن له أسانيد إلى قتادة، أي فإن أحمد رواه عن عفان بن مسلم ويزيد بن هارون كلاهما عن عفان بن مسلم ويزيد بن هارون كلاهما عن همام بن يحيى، وأبو داود عن محمد بن المنهال وهما يرويان عن يزيدَ بن زريع، وأخرجه الترمذي والنسائي عن سعيد بن أبي عروبة، وكلاهما عن قتادة، والله أعلم.
(*)