الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركوع، فإن اقتصر على بعضها، فليقتصرْ على " سمع الله لمن حمده " ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شئ بعد "، فإن بالغَ في
الاقتصار اقتصر على " سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد "، فلا أقلّ من ذلك.
واعلم أن هذه الأذكار كلها مستحبة للإِمام والمأموم والمنفرد، إلا أن الإِمام لا يأتي بجميعها، إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يُؤثرون التطويل.
واعلم أن هذا الذكر سنّة ليس بواجب، فلو تركه كُرِهَ له كراهةَ تنزيه، ولا يسجدُ للسهو، ويُكره قراءةُ القرآن في هذا الاعتدال كما يُكره في الركوع والسجود، والله أعلم.
(بابُ أَذْكَارِ السُّجودِ)
فإذا فَرغَ من أذكار الاعتدال كبر وهو ساجداً ومدّ التكبير إلى أن يضع جبهته على الأرض.
وقد قدَّمنا حكمّ هذه التكبيرة، وأنها سنّة لو تركها لم تبطلْ صلاتُه ولا يسجد للسهو، فإذا سجد أتى بأذكار السجود، وهي كثيرة.
142 -
فمنها ما رويناه في " صحيح مسلم " من رواية حذيفة المتقدمة في الركوع في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، حين قرأ (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) في الركعة الواحدة، لا يمرّ بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استعاذ، قال: ثم سجد فقال: " سُبحان ربي الأعلى " فكان سجوده قريباً من قيامه.
143 -
وروينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ".
144 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها ما قدّمناه في الركوع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: " سُبُّوحٌ قُدُّوس، رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ ".
145 -
وروينا في " صحيح مسلم " أيضاً عن عليّ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد قال: " اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، ولَكَ أسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي للَّذي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تبارَكَ اللَّهُ أحْسَنُ الخالِقين ".
146 -
وروينا في الحديث الصحيح في كتب السنن، عن عوف بن مالك ما قدّمناه في فصل الركوع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعَ ركوعَه الطويل يقول فيه:" سُبْحانَ ذِي الجَبُروتِ والمَلَكُوتِ وَالكِبْرِياء والعظمة، ثم قال في سجوده مثل ذلك ".
147 -
وروينا في كتب السنن، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " وَإذا سَجَدَ - أي أحدكم.
فَلْيَقُلْ: سُبْحانَ رَبيَ الأعْلى ثلاثاً " وذلك أدْناهُ ".
148 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها قالت: افتقدت النبيّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ ليلة فتحسست، فإذا هو راكع أو ساجد يقول:" سُبْحَانَكَ وبِحَمْدِكَ لا إلهَ إِلَاّ أنْتَ ".
وفي رواية في مسلم: " فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد (1) ، وهما منصوبتان وهو يقول: " اللَّهُمَّ أعُوذُ بِرضَاكَ مِنْ سَخطِكَ، وبِمُعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكُ، وأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ، أنْتَ كمَا أثْنَيْتَ على نَفْسِكَ ".
149 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" فأمَّا الرُّكُوعُ، فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وأمَّا السجود، فاجتهدوا فيه بالدعاء فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُم ".
يُقال: قمن بفتح الميم وكسرها، ويجوز في اللغة: قمين، ومعناه: حقيق وجدير.
150 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" أقْرَبُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكْثِرُوا الدُّعاء ".
151 -
وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وأوّلَهُ وآخِرَهُ، وَعَلانِيَتَهُ وَسِرَّه " دِقه وجِلّه: بكسر أولهما، ومعناه: قليله وكثيره.
واعلم أنه يُستحبّ أن يجمع في سجوده جميع ما ذكرناه، فإن لم يتمكن منه في وقت أتى به أوقات، كما قدّمناه في الأبواب السابقة، وإذا اقتصر يقتصر على التسبيح مع قليل من الدعاء، ويُقدِّمُ التسبيحَ، وحكمه ما ذكرناهُ في أذكار الركوع من كراهة قراءة
القرآن فيه، وباقي الفروع.
فصل:
اختلف العلماء في السجود في الصلاة والقيام أيُّهما أفضل؟ فمذهب الشافعي ومن وافقه: القيام أفضل.
152 -
لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث في " صحيح مسلم ": " أفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القنوت " ومعناه: القيام، ولأن ذكر القيام هو القرآن، وذكر السجود هو التسبيح، والقرآن
(1) بفتح الجيم أي: وهو في السجود، فهو مصدر ميمي، أو في الموضع الذي كان يصلي فيه في حجرته، وفي بعض النسخ: في المسجد بكسر الجيم.
(*)