الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بابُ الأذْكَار في الاسْتسقَاءِ)
يستحبّ الإِكثار فيه من الدعاء والذكر، والاستغفار بخضوع وتذلل، والدعوات المذكورة فيه مشهورة: منها: " اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مُغِيثاً هَنِيئاً مَرِيئاً غدقا (1) مجللا (2) سحا (3) عامّاً طَبَقاً دَائِماً، اللَّهُمَّ على الظِّرَابِ (4) وَمَنابِتِ الشَّجَرِ:، وَبُطُونِ الأوْدِيَةِ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفّاراً،
فأرْسلِ السَّماءَ عَلَيْنا مِدْرَاراً اللَّهُمَّ اسقنا الغيث ولا تجعلنا مِنَ القَانِطِينَ، اللَّهُمَّ أنْبِتْ لَنا الزَّرْعَ، وَأدِرَّ لَنا الضَّرْعَ، وَاسْقِنا مِنْ بَرَكاتِ السَّماءِ، وأنْبِتْ لَنا مِنْ بَرَكاتِ الأرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الجَهْدَ وَالجُوعَ والعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ البَلاءِ ما لا يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ ".
ويُستحبّ إذا كان فيهم رجلٌ مشهورٌ بالصلاح أن يستسقوا به فيقولوا: " اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَسْقِي وَنَتَشَفَّعُ إِلَيْكَ بِعَبْدِكَ فُلانٍ ".
507 -
روينا في " صحيح البخاري " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا قُحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللَّهمّ إنّا كنّا نتوسلُ إليك بنبيّنا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنّا نتوسلُ إليك بعمّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم فاسقنا، فيُسقون.
وجاء الاستسقاء بأهل الصلاح عن معاوية (5) وغيره.
والمستحبّ أن يقرأُ في صلاة الاستسقاء ما يقرأ في صلاة العيد، وقد بيّناه، ويُكَبِّر في افتتاح الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمسَ تكبيرات كصلاة العيد، وكل الفروع والمسائل التي ذكرتها في تكبيرات العيد السبع والخمس يجئ مثلها هنا، ثم يخطب خطبتين يُكثر فيهما من الاستغفار والدعاء.
508 -
روينا في سنن أبي داود، بإسناد صحيح على شرط مسلم، عن جابر بن
(1) قال الأزهري: الغدق: الكثير الماء والخير، وقال ابن الجزري: المطر الكبار القطر.
(2)
بكسر اللام: أي يجلل البلاد والعباد نفعه ويتغشاهم بخيره.
قال ابن الجزري: ويروى بفتح اللام على المفعول.
(3)
بفتح السين وتشديد الحاء المهملتين: أي شديد الوقع على الأرض، يقال: سَحَّ الماء يَسحُّ: إذا سال من فوق إلى أسفل، وساحَ الوادي يَسيحُ: إذا جرى على وَجْهِ الأرْضِ، والعام: الشامل.
(4)
الظراب: الجبال الصغار، واحدها: ظرب بوزن كتف.
(5)
قال ابن علاّن في " شرح الأذكار ": في تخريج أحاديث الرافعي للحافظ حديث معاوية أنه استسقى بيزيد بن الأسود، أخرجه أبو زرعه الدمشقي في " تارخه " بسند صحيح، ورواه أبو القاسم اللاكائي في " السنة " في
كرامات الأولياء منه.
(*)
عبد الله رضي الله عنهما قال: أَتَتِ النبي صلى الله عليه وسلم بَوَاكٍ فقال: " اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مُغِيثاً مَرِيّاً سَرِيعاً نافعاً غَيْرَ ضَارّ، عاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ، فأطْبَقَتْ علَيْهِمُ السَّماءُ.
509 -
وروينا فيه بإسناد صحيح (1) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال: " اللَّهُمَّ اسْقِ عِبادَكَ وَبَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ، وأحْيِ بَلَدَكَ المَيِّتَ ".
510 -
وروينا فيه بإسناد صحيح (2) قال أبو داود في آخره: هذا إسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها قالت: " شكا الناسُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوطَ المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المصلى، ووعد الناسَ يوماً يخرجون فيه، فخرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم حين بَدَا حاجبُ الشمس، فقعدَ على المنبر صلى الله عليه وسلم، فكبَّرَ وحَمِد الله عز وجل، ثم قال: " إنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيارِكُمْ، وَاسْتِئْخارَ المَطَرِ عَنْ إبَّانِ زَمانِه عَنْكُمْ، وَقَدْ أمَرَكُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ أنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثم قال: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدَّينِ، لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ أنْتَ اللَّهُ، لَا إِلهَ أَنْت الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَراءُ، أنْزِلْ عَلَيْنا الغَيْثَ، وَاجْعَلْ ما أنْزَلْتَ لَنا قُوَّةً وَبَلاغاً إلى حِينٍ "، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوّل إلى الناس ظهرَه، وقَلبَ أو حَوّل رداءَه وهو رافع يديه، ثم أقبلَ على الناس ونزلَ فصلى ركعتين، فأنشأ اللَّه عز وجل سحابة، فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأتِ مسجدَه حتى سالت السيولُ، فلما رأى الكن (3) ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدات نواجذه، فقال: " أشْهَدُ أنَّ اللَّهَ على كُلّ شئ قَدِيرٌ، وأنّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ".
قلت: إبّان الشئ: وقته، وهو بكسر الهمزة وتشديد الباء الموحدة.
وقحوط المطر، بضم القاف والحاء: احتباسه.
والجدب، بإسكان الدال المهملة: ضد الخصب.
وقوله: ثم أمطرت، هكذا هو بالألف، وهما لغتان: مطرت، وأمطرت، ولا التفات إلى
مَن قال: لا يُقال: أمطر بالألف إلا في العذاب.
وقوله: بدتْ نواجذه: أي ظهرت أنيابه، وهي بالذال المعجمة.
(1) حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، إسناده حسن، وصححه بعضهم.
(2)
بل إسناده حسن.
(3)
قال ابن علاّن في شرح الأذكار: الكِنّ بكسر الكاف وتشديد النون، وهو ما يُردُّ به الحرُّ والبرد من المساكين.
(*)